ما هكذا يجب أن يكون الكلام/ أنطوني ولسن

أستراليا

شاءت الظروف أن أستيقظ اليوم السبت 24 من شهر ابريل / نيسان /2010 مبكرا، وعند إستيقاظي مبكرا ، أول شيء أفعله متابعة المسلسل التركي " موسم المطر " . لكن اليوم حدث تأخير في عرض المسلسل ، فعرجت على قناة المحور لمشاهدة برنامج 48 ساعة . وكان سجالا بين مقدمي البرنامج والأستاذ موريس عهدي صادق حول بيان أصدره سيادته عن مدينة القدس " أورشليم " أنها مدينة يهودية وليست عربية واحتلها العرب الغزاة وأدعوا أنها عربية فلسطينية ، وأخذ يستشهد بالكتاب المقدس وذهاب السيد المسيح اليها للتبشير ، ولم يكن يوجد عرب هناك .وطبيعي مثل هذا البيان يثير جدلا وسخطا بين جميع الأطراف . وظهر هذا واضحا وجليا من تدخل الأستاذ مصطفي بكري عضو مجلس الشعب " النائب البرلماني " .
الحقيقة كانت فرصة ذهبية لسيادة النائب لأتهام الأستاذ موريس بالخيانة ، ولوم القائمين على البرنامج بالسماح لمثل هذا البيان بالعرض والمناقشة على شاشة التلفزيون .
وللحق أقول : ما هكذا يجب أن يكون الكلام ..!! .. القدس عربية ، أو أورشليم يهودية ، ماالذي سيعود على القضية القبطية في مصر خاصة ، والمسيحيين في العالم الأسلامي ؟! . الأجابة طبيعي لا .. لن يعود علينا الا زيادة لهيب السخط والغضب علينا ، وكما حدث من النائب مصطفي بكري أنه أتهم الرجل بالخيانة .. ونعلم جيدا معنى إتهام أحد بالخيانة بالنسبة للعالم العربي والأسلامي ، وهي مرادفة ومتساوية لكلمة كفر لغير المسلمين .
الفتح ، الغزو العربي الأسلامي حقيقة واقعة حدثت وسجلها التاريخ ومن حق الغازي ، الفاتح أن ينسب كل ما وضع يده عليه الى نفسه ويضيفه الى ممتلكاته . هكذا قال ويقول التاريخ منذ خلق البشرية ووجود الأنسان على الأرض . وعلى المتضرر أن يطالب بحقه وإجلاء الغازي أو الفاتح عن أرضه ، كما حدث مع طارق بن زياد واحتلاله ما أطلق العرب عليه " الأندلس " ، لأنهم وجدوا أنفسهم في مكان يختلف إختلافا جذريا عن الصحراء التي آتو منها .
إستمر الأحتلال 800 عاما . ومع ذلك لم يغير لا من لغتهم ولا من عاداتهم وتقاليدهم ، والأثر الذي تركه العرب بعد إجلائهم بصمات لا تذكر، لا في حياتهم ولا لغتهم وهذا هو الشيء المهم .
لكن مع كل الدول التي احتلها العرب قاموا بتغيرات جذرية في كل مناحي الحياة بما فيها اللغة والدين .
لن أستشهد بمصر كمثال ، لكن الأمبراطورية الرومانية الشرقية ، التي عرفت بأسم الأمبراطورية البيزنطية ، ماذا حدث لها بعد ، الفتح ، الغزو العربي ؟ الكل يعرف أن الأرض والأنسان تم أسلمته ، ولم يبق بها مسيحي واحد ، وأصبحت تعرف بأسم تركيا التي إرتكبت أبشع مجزرة بشرية ضد الأرمن المسيحيين .
لكن الشعب التركي نفسه " المسلم " أراد التغير والحياة بعد أن انتهت الخلافة العثمانية التي إتخذت الدين قوة أضافتها الى قوتها لأقماع ليس فقط الشعب التركي ، بل كل الشعوب التي كانت تخضع لها بما فيهم مصر طبيعي فقام مصطفى كمال باشا أتاتورك الضابط التركي بالتغير الجذري بما فيه حروف اللغة أعاد اليها حروفها اللاتينية ، وتركيا بعد ذلك دخلت عصر التقدم والحضارة ، وإن كنت أخشى عليها النكسة .
قد يسأل ساءل .. ما دخل كل هذا السرد التاريخي بالبيان الذي صدر عن الأستاذ موريس عهدي صادق المحامي ..؟
الحقيقة هناك إرتباط وثيق بين هذا السرد التاريخي والبيان ألخصه في الآتي :-
أورشليم يهودية أو غير يهودية ، هذا الأمر متروك للشعب اليهودي الذي أصبح له دولة تستطيع الدفاع عن حقوقها .
الفلسطينيون لهم حقوق وأرض مسلوبة ، ومن حقهم أن تكون لهم دولة وأن يتم الأتفاق العادل لقيام دولتهم عاجلا قبل آجلا . والتاريخ والكتاب المقدس يقول أنهما كانتا جارتين . وما قصة داوود النبي وجوليات الجبار وقصة شمشون ودليلة إلا تأكيدا لذلك .
لا أعرف ولا أحد أظن أنه يعرف سببا وجيها " وهذا رأي " في إصدار مثل هذا البيان وبقية الأقباط يحاولون ويبذلون جهود الجبابرة وسط هذا المناخ المشحون بالتطرف الديني وسيطرة الفئات الأسلامية المتشددة على جميع مناحي الحياة في مصر والعالم العربي .
لا نريد احراجا للكنيسة في الشأن السياسي المتعلق بالقدس ، وحقيقة أن قداسة البابا شنودة له رأيه الذي يجب إحترامه لكامل المعرفة الدينية التي لديه .
أخيرا .. كفانا مهاترات ومزايدات بالقضية القبطية التي تركز على حقوق المسيحيين في مصرالمسلوبة ، وأهمها حق الحياة والمساواة والمواطنة الكاملة . فهل يعتقد آي عاقل أن مثل هذه البيانات تخدم قضيتنا ؟؟!! .
رجاء لكل من يري أنه مسئول عن القضية القبطية من الأقباط المسيحيين أن يتم التواصل فيما بينهم لكي تكون لهم رؤية لما يطالبون به وخط واضح يسيرون عليه .. لأنه وأكرر القول " بلا رؤية يجنح الشعب " ، وهذا ليس قولي ، بل هو قول الكتاب المقدس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق