خلاف بين الحقوقيين والأزهريين حول شرعية الزوجة المسيحية في ميراث زوجها المسلم

كتب شيماء على - نشوي يوسف
أثار المجلس القومي للمرأة مؤخرا قضية نسائية جديدة، لكن هذه المرة حملت القضية بعدا عقديا وشرعيا حيث طالب المجلس بضرورة المساواة بين الزوجة المسيحية لزوج مسلم وبين الزوجة المسلمة في حالتي الحضانة والميراث ، خاصة بعد مطالبات بعض الحقوقيين بحصول المرأة المسيحية علي إرث زوجها المسلم فضلا عن حضانة ابنائها كاملة أسوة بالأم المسلمة.

القضية لم تكن جديدة حيث يشهد القضاء المصري قضية اندرو وماريو المثارة منذ اكثر من 10 سنوات والتي لم تنته حتي الآن ، حيث أقامت الام (مسيحية الديانة) كاميليا لطفي جاب الله برفع 25 دعوي قضائية حتي الان لاخذ حضانة طفليها وعدم تغيير ديانتهما من المسيحية الي الاسلام وذلك بعد اعلان ابيهم مدحت رمسيس لبيب اسلامه .

مطالبة المجلس القومي للمرأة أوجدت حالة من الجدل بين الحقوقيين والأزهريين لا سيما فيما يتعلق بمسألة الميراث ، بينما اتفق الجميع علي أحقية الأمة في حضانة أبنائها بصرف النظر عن مغايرة ديانتها لديانة الأب المسلم .

روزا ليوسف فتحت هذا الملف الذي اعترف الجميع انه شائك لارتباطه بالدين والعقيده خاصة بعد انتشار حالات الطلاق بين المسلمين والمسيحيات وشيوع قضايا الحضانة.

في البداية كان للحقوقين والناشطين في مجال قضايا المرأة وجهة نظر في قضيتي الإرث والحضانة للزوجة المسيحية من مسلم حيث توضح عزة سليمان رئيس مؤسسة قضايا المرأة ان ضمان حق الزوجة المسيحية في حضانة أبنائها عند الانفصال من زوجها المسلم، وكذلك حقها في أن ترث من هذا الزوج إذا ما توفي هو مطلب عادل، وقالت : لقد طالبت المؤسسةبهذا الأمر منذ سنوات ضمن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، إلا أن المطالبة واجهت انتقادات من جانب الكنيسة والازهر علي اعتبار أن ذلك يروج لافكار غربية، ويشجع علي زواج المسيحيات من مسلمين، مع أن الأمر كله هو دعم لحقوق المرأة التي يجب ان تتساوي بين كل الاديان.

وأضافت أن من يرفضون إعطاء المسيحية حقها في ميراث زوجها المسلم يستندون إلي أن الاسلام هو الدين الخاتم، وأن المسيحيات لا يستحققن ان يرثن اموال المسلمين لاختلاف العقيدة ، لافتا إلي أن هناك اليوم العديد من التظلمات بسبب منع الزوجة من ميراث زوجها بسبب اختلاف العقيدة ، حيث يوجد ازواج مسلمون ارتدوا عن الاسلام لديانات جديدة كالبهائية، ووفقا للقانون حرمت الزوجات من الميراث، وهو ما يولد مأساة هي سقوط المواريث من شريحة نساء عديدة، مؤكدة أن الحل يكمن في سن تشريع يبيح للزوجة الحصول علي ميراثها أيا كانت ديانتها او من غير ديانة الزوج .

كما تري سحر منصور باحثة اجتماعية وناشطة في مجال المرأة أنه طالما أباح الإسلام زواج المسلم من مسيحية دون شروط أو تقييد فلا يعقل أن يسمح هذا الوضع الاجتماعي أن يخلق حاله من الحقد الاجتماعي المتولد علي حرمان ميراث المسيحية من زوجها بينما يستمتع أبناؤها بالميراث .

وتؤكد أن الحضانة تعد من حقوق الام أيا كانت ديانتها، فلا يعقل أن تحرم من أولادها بينما ترعاهم زوجة أبيهم الجديدة مثلا لكون الأم مسيحيه مع أنها أقدر الناس علي مصلحة الأطفال ، مشيراً إلي أن ذلك أدي إلي ظهور حالات هروب لزوجات مسيحيات مع أطفالها خيفة أن تجبر علي تركهم لوالدهم أو زوجته الجديدة .

رؤية قبطية

ويعتبر الدكتور نجيب جبرائيل المستشار القانوني للبابا شنودة ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان أن حرمان الزوجة المسيحية من حق حضانة أبنائها أو ميراثها من زوجها المسلم يتنافي مع الدستور المصري والمواثيق الدولية والمطالبة بدولة مدنية، ويؤكد أنه لابد أن يعطي للزوجة المسيحية من مسلم حق حضانة الأبناء مستندا إلي فتوي مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة والذي قال فيها : إن الحضانة لا تتوقف علي الديانة فالأم حاضنة دون النظر لديانتها لان مصلحة الصغير هي الباقية.

ووصف نجيب من يرفضون حضانة المسيحية لأولادها بأنهم أصحاب نظرة قصيرة تخشي تردد الأطفال علي الكنائس والاديرة وتناول لحم الخنزير وما شابه من أمور واردة في الكنيسة ، ولم ينظروا إلي أن الكنائس أماكن عبادةمعترف بها في الإسلام كذلك لن يتأثر الطفل بها حتي يصل علي الأقل لسن 16 سنة ويحدد دينه وفقا لاختياره الحر.

وكشف نجيب جبرائيل عن إعداده حاليا مشروع قانون لتعديل القانون 100 لسنة 1985 والذي يطالب بتطبيق ما يسمي شريعة الزواج في حضانة الأطفال اي انه في حالة اختلاف الديانة ويفاجئ الزوج زوجته المسيحية بإشهار إسلامه يقر القانون باستمرار ديانة الأطفال الاصلية عند زواج الوالدين، ولا يسمح للأب بتغيير ديانة أطفاله أو أسمائهم حتي يبلغوا سن الرشد أو 16 سنة لان ما يحدث هو افتراء علي حق الأطفالا وكبت لإرادتهم ويخلق أطفال تجهل الدين الاسلامي، مطالبا بتعديلات تشريعية تدعم الاستقرار الاجتماعي بين أبناء الاسره الواحدة، وتحقق العدالة للزوجة المسيحية في حالتي الحضانة والميراث من زوج مسلم.

مواقف أزهرية

وعن الرؤية الشرعية في تلك المطالبات ، وموقف الأزهر منها يري الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية ان هذه المطالبات شائكة شغلته لسنوات طويلة واستغرقت قيامه بالعديد من الدراسات وأضاف أن الجدل حول ميراث الزوجة المسيحية من زوجها المسلم حسمتها الماده 7 من قانون المواريث بعدم ارث اي طرف من اصحاب الديانات المختلفة، مؤكدا أن هذه المادة ليست تمييزا ضد المرأة المسيحية لان المسلم ايضا لا يرث زوجته .

ومع ذلك يري النجار من وجهة نظره الشخصية ان الزوجة تستحق الميراث بعد طول العشرة التي تستمر لسنوات طويلةمن الخدمه والكفاح والادخار والتي تكاد تكون شريكة في كل ثروات الزوج ، ويؤكد ان جعل الثمن لذلك كله في حقها بالميراث ليس بالكثير لانها قد تحتاج أكثر من ذلك ، ولذلك فلابد من تعديل تشريعي في هذه القضية.

واستنكر النجار حرمان الزوجة المسيحية كذلك من حضانة اطفالها من زوج مسلم وقال : لا توجد فروق بين الام المسيحية والمسلمة ولا يجوز حرمان الطفل من حنان والدته لدواع دينية لا يفقه الطفل عنها شيئا«، مؤكدا أن الأزهر هو صاحب الدراسة التي اكدت ان السن المناسبة لانتقال الحضانة للوالد هي 15 عاما، وهي السن الدنيا لذلك .

وأضاف أن ذلك يراعي المصلحة الفضلي للطفل دون تفرقة بين الديانات ولذا لابد ان تمنح الكتابية حقها كاملا في احتضان اطفالها ليتمتعوا بطفولتهم ويتشبعوا من حنانها ، موضحا هذا يحتاج لسن قانون يوحد بين حقوق الزوجات والمطلقات المسلمات والمسيحيات.

وصية لا إرث

علي الجانب الآخر اتفق كل من الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية والدكتورة أمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر في أحقية الأم غير المسلمة والمتزوجة من أب مسلم في حضانة أبنائها خاصة إذا كانت كفئا لتلك الحضانة ، كما انه لايوجد في الدين مايمنع ذلك إلا أنهما في ميراث الزوجة الكتابية لزوجها المسلم فأكدا عدم جواز ذلك جائز شرعا وعلل الجندي ذلك بان هناك حديثاً عن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لا يتوارث أهل ملتين شتي وحديث آخر لا توارث بين المسلم وغير المسلم ، إلا أنه يري أن الحل لذلك هو ما أباحه الشرع في أن يوصي الزوج لزوجته في ماله بعد وفاته.

بينما تؤكد الدكتورة أمنة أن سبب عدم جواز ان تأخذ المرأة الكتابية ميراثا عن زوجها المسلم خاصة الذي أعلن اسلامه بعد الزواج هو أن الزوج عندما اختار عقيدته فانه اختارها منفردة دون أن يتشاور مع احد واختارها بمحض إرادته الذكية لذلك فعليه أن يتحمل هذا الاختيار ، مشيرة إلي أن هناك حلا لهذه المسألة وهو أن يؤمن الزوج زوجته ويكافئها بأن يكتب لها جزءا من ممتلكاته .

وأضافت أنها تعرضت قريبا لمشكلة تخص هذا الموضوع حيث لجأ إليها احد المسلمين المصريين لكي تساعده في حل المشكلة التي حدثت بينه وبين زوجته الايطالية بعد أن علمت أن الدين الاسلامي يحرم أن ترث منه خاصة وأنها ساعدته كثيرا في جمع ثروته ، فقمت بالفعل بالتحدث معها وبدأت بالتجاوب معها وتفهمت الأمر ، إلا أن الدكتورة أمنة اقترحت عليه أن يكتب لها جزءا من الثروة لتأمين حياتها وكمكافأة لها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق