في كل عام يصدر عن لجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكي وكذلك المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان تقريرا سنويا عن الانتهاكات والقيود المفروضة علي غير المسلمين في بلاد المسلمين . وللأسف الشديد فهي تقارير لا تتصف بالعدل والحيادية لأنها تتجاهل الانتهاكات والقيود المفروضة علي المسلمين في بلاد الغرب ولو أنصفت لذكرت كل الانتهاكات التي تحدث لجميع الأقليات الدينية في جمع أنحاء العالم .
سأبدأ بعرض الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمين في الغرب العلماني - حيث حرية العقيدة المزعومة - في مجال بناء دور العبادة وسيتضح بعد قليل أنه لا فرق بين الغرب العلماني المتقدم صاحب السبق في الحريات عامة وحرية العقيدة خاصة وبين مصر ممثلة للشرق حيث الأغلبية المسلمة .بل وسيتضح من المقارنة أنه في الواقع العمل تتقدم مصر علي أوروبا في هذاالمجال.
ثم أذكر الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب في الحياة اليومية ومقارنتها بالحالة في مصر.
وأخيرا سأقدم اقتراحا لحل مشكلة الأقليات والحريات الدينية في العالم .
أولا : انتهاكات في مجال بناء دور العبادة
1) المانيا : تحت عنوان (تصريحات ميركل عن المآذن تثير انتقادات المسلمين) كتب الأخبار في 8 ديسمبر 2007 تصريحات رئيسة الوزراء الألمالية التي طالبت فيها بألا تعلو مآذن المساجد عن أبراج الكنائس. أعكسوا الخبر دكتور نظيف يطالب بألا تعلو أبراج الكناس مأذن المساجد .. ماذا سيحدث ؟ سيتم عزله فورا.
وفي المانيا أيضا : تحت عنوان (حيلة ألمانية لاضطهاد المسلمين) كتبت الاهرام في 9/8/2007 : لا نتكلم عن موقف رسمي للسلطان الألمانية وإنما عن اقتراح لاحد الصحفيين هناك تدعمهم بعض وسائل الإعلام لوضع مسلمي مقاطعة كولونيا الألمانية في مأزق وليصبحوا محاصرين بين اختيارين احلاهما مر!
الرابطة الإسلامية التركية في المقاطعة التي تضم مئات الألاف من المسلمين أصبحت في حيرة من أمرها أمام اقتراح تقدم به الصحفي الألماني جونتر فالراف يقضي بقراءة كتاب (آيات شيطانية) للكاتب البريطاني سلمان رشدي في مسجد كولونيا!.
وفي حالة رفض الاقتراح ستواجه الرابطة باتهامات دعم التطرف وعدم الدفاع عن حرية الرأي والتعبير وفي حال الموافقة فإن ذلك سيثير غضب الاف المسلمين الذين يرون في الكتاب إهانة واضحة للرسول صلي الله عليه وسلم ويزيد من صعوبة موقف الرابطة تلك المعارضة الكبيرة التي يلقاها مشروع بناء مسجد كبير لها في المدينة التي ستزداد بلا شك إذا سقطت الرابطة في الاختبار ! .
2) فرنسا : أكد مسلمو فرنسا أن هناك عراقيل عديدة يتم فرضها في الوقت الراهن، على بناء المساجد الجديدة.
3) النمسا : هايدر يعتزم حظر بناء المساجد في مقاطعته بالنمسا.
4) الدنمارك :حزب الشعب اليميني يشن حملة لمنع بناء مساجد (العربية نت 9سبتمبر 2009 ).
5) سويسرا: أقيم استفتاء في سويسرا لمنع بناء الماذن وتم الموافقة عليه. ( لو طالب بذلك أحد في مصر بالنسبة لأبراج الكنائس لتم اعتقاله بتهمة تهديد الوحدة الوطنية).
6) ايطاليا : أعلنت مصادر فى حزب رابطة الشمال، المشارك فى الائتلاف الحاكم فى إيطاليا، أن وزير الداخلية، روبرتو مارونى، يستعد لإصدار مشروع قانون لتنظيم بناء المساجد يشترط الاستفتاء العام المسبق على إقامتها .المصري اليوم 20 سبتمبر 2009.
ولو طبق هذا الاقتراح في أي بلد من العالم ما أقيمت دور العبادة للأقيات.
7) أثينا : أحرق مجهولون مسجدا تابعا للجالية البنغالية في منطقة آتيكي وسط العاصمة اليونانية أثينا( الجزيرة نت 23 مايو 2009 ).
8) أف.بى. آى: أمريكى يعترف بتورطه فى حريق مركز إسلامى (المصري اليوم 25 سبتمبر 2009(.
9) بريطانيا : ودفعت ضغوط المسلمين في القاره لبناء المساجد إلي توقيع التماس ضم 275 الف شخص علي موقيع رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون علي الانترنت في يوليو الماضي لبناء مسجد بالقرب من الموقع الذي سيتضيف دورة الألعاب الأوليمية 2012.(اهرام8/8/2007)
وفي بريطانيا أيضا : وقعت اشتباكات بين متظاهرين يرفضون بناء مسجد فى العاصمة البريطانية لندن وشبان مسلمين(المصري اليوم 13 سبتمبر 2009 ). كما يحدث تماما في مصر رغم أنف حرية العقيدة والعلمانية البريطانية .
10) الدانمارك : الدانمارك تعيد التصويت حول بناء أول مسجد (الأهرام 6 سبتمبر 2009) . لاحظ كلمة ( أول مسجد) فلماذا الفوبيا من الإسلام .
ومن هذا السرد نطرح التساؤل الآتي : هل عدد المساجد في أوربا مجتمعة أكبر أم عدد الكنائس في مصر فقط ؟
ثانيا : انتهاكات في الحياة اليومية :
صحيح أنه ليس من العقلانية ولا العدل ولا المنهج العلمي السليم أن يخلو تقرير الحريات الدينية الصادرعن لجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكي أو الصادر عن محكمة حقوق الإنسان في أوروبا من الاضهطادات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب ولكن الفضيحة أن يتقاعس الأزهر أو منظمة الدول الإسلامية أو اتحاد علماء المسلمين أو أي جهة ما عن حصر وأعلان ومواجهة وفضح الاضهطادات التي يتعرض لها المسلمون في دول الغرب .
والآن أعود إلي سرد مجموعة من الأخبار التي تبين التمييز الديني الذي يتعرض له المسلمون في الغرب ومقارنتها بما يحدث في مصر وسيتبين منها أن مصر – رغم ما بها من مشاكل طائفية -هي جنة الحريات الدينية في العالم .. علي الأقل مقارنة بما يحدث في الغرب .
1) المانيا : قضت المحكمة الدستورية بالعاصمة الألمانية برلين يوم الأربعاء بالسماح للطلبة المسلمين بأداء صلاه الظهر في المدرسة وذلك بعد أن رفع طالب ألماني مسلم دعوى ضد إدارة مدرسه "ديسترفيج جيمنازيوم" لمنعه أداء فريضة الظهر داخل المدرسة . (الشروق 30 سبتمبر 2009) وفي مصر يحضر المسيحيين يوم الأحد إلي أعمالهم متأخرين ساعتين مدفوعة الاجر حتي يتمكنوا من أداء الصلاة.
ومن المانيا أيضا : منحت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا جزارا مسلما من ولاية هيسن، الحق في ممارسة الذبح على الشريعة الإسلامية، في اطار جولة من نزاع قضائي دام أعوام عدة. (المصريون 5أكتوبر 2009). وفي مصر يربي المسيحي الخنزير ويذبحه ويبيعه بكل حرية.
2) اصدرت محكمة كازاخية حكمًا بمنع جلب وترويج مئات الـ"مواد الإعلامية" بينها سور من القرآن الكريم بحجة ترويجها لـ"الفكر المتطرف". ( المصريون 7 أكتوبر 2009). وفي مصر تطبع وتباع الأناجيل بكل حرية ..
3) تحالف جديد بين التيارات الدينية والمحافظين الجدد فى أوروبا وأمريكا ضد الوجود الإسلامى فى القارتين(المصري اليوم 24 سبتمبر 2009) .
4) فرنسا : كشف الائتلاف الفرنسي لمناهضة كراهية الإسلام عن ارتفاع عدد الأعمال المعادية للمسلمين بفرنسا في سنة 2008. ( الجزيرة نت 15 سبتمبر 2009).
وبينما تتمتع المرأة المسيحية في مصر بحرية ارتدائها ما تشاء من ملابس وإن خالف ذلك دينها ذاته ولا يجبرها أحد علي الاقتداء بالسيدة مريم العذراء التي تعلق صورها محجبة . فإن المرأة المسلمة في الغرب تواجه حربا ضروسا لأجبارها علي خلع حجابها وإليكم قليل مما نشر في الصحف والمواقع الإليكترونية.
5) قاضي أسباني يطرد محامية مسلمة من المحكمة لارتدائها الحجاب (الشروق 11/11/2009). تخيلوا معي الخبر التالي قاضي مصري يطرد محامية مسيحية لعدم ارتدائها الحجاب .. لانقلبت الدنيا عقبا علي رأس .
6) بلجيكا : أعلى هيئة دستورية في بلجيكا ترفض اعتراض طالبة محجبة
7) الدنمارك : كشف ثلاثة أعضاء من البرلمان الدنماركي أن حزب المحافظين طرح مشروع تحريم النقاب والحجاب في الأماكن العامة.
8) سدني : أثارت امرأة مسلمة استرالية جدلا في بعدما قالت ان سائق حافلة في سيدني طلب منها عدم الصعود الى الباص لانها كانت ترتدي الحجاب .
9) إيطاليا: مشروع قانون لإعتقال المنتقبات في الأماكن العامة (المصريون 9 أكتوبر 2009)
وختاما فقد قالها صراحة وزير العدل الأمريكي: من الصعب أن تكون مسلماً في بلدنا (المصريون 21 أكتوبر 2009 ) . مغلقا الباب تماما في وجهة القبول بالأخر . وسلام علي الحريات الدينية المزعومة .
ثالثا : مشكلة عالمية تحتاج لحل دولي :
من العرض السابق يتضح إننا أمام مشكلة عالمية تتساوي فيها دول العالم الغربي العلماني مع دول العالم ذو الأغلبية المسلمة لذلك فعلي المؤمنون حقا بالحريات الدينية أن يبحثوا عن حل دولي لهذه المشكلة وبدوري أقترح الأتي :
شاءت حكمة الله تعالي أن يكون أتباع أي دين أقليات في عشرات الدول وأغلبية في عشرات من الدول الأخري . فما الحكمة من ذلك ؟ الحكمة هي إطلاق الحريات الدينية في العالم أجمع ... كيف ؟
لا خلاف علي أن الإنسان (أيا كان دينه) إذا سمع بظلم لأخيه في الدين فإنه يغضب والعاقل هنا يسأل نفسه كيف تغضب من شيء تقوم أنت به ضد غيرك؟ . كيف تضطهد أنت المخالف لدينك في بلدك لأنك أغلبية ولو كانت ساحقة؟ . إن ما لا ترضاه لأخيك عندما يعيش ضمن أقلية في بلد أخر لا يجب أن ترضاه لمن يخالفك الدين عندما يعيش في بلدك كأقلية ... وهكذا ينتشر العدل وتنطلق الحريات الدينية في العالم كله فالأرض تتسع لجميع الأديان ويوم القيامة يحاسبنا الله علي ما نختلف فيه .
هذا الفكر يقبله عقل أي إنسان ولا يرفضه إلا المتعصبين ذوي النظرة الضيقة الذين يتوهمون إمكانية القضاء علي دين عمره ألف أو آلاف الأعوام!! وهم بحمد الله أقلية في أي دين – رغم صوتهم العالي - .
المشكلة الحقيقية التي تواجه هذا الفكر أن العالم حاليا واقع تحت سيطرة الإلحاديين وللتدليل علي ذلك فإن الحرب للدين في العالم الغربي كمثال ليست ضد الإسلام فقط كما يظن الكثيرين بل ضد المسيحية أيضا !! ويتصح ذلك من الأتي :
1) فكما أنه صدر في فرنسا قانون بمنع الحجاب في مدارس فرنسا باعتباره من الرموز الدينية فقد أصدرت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان حكما بإزلة الصلبان من المدارس الإيطالية (المصري اليوم 6/11/2009). وذلك بحجة حرية الأسرة والطفل في اختيار الدين الذي يريدة . إذا كانت حجتهم هذه صحيحة فلماذا لا يدرسون للطفل الأديان جميعا سماوية كانت أو أرضية بجانب فكرهم الإلحادي ثم يتركون للطفل حرية الاختيار بين أي دين أو الإلحاد .. هذا هو الفكر السليم الذي يجب أن يتمتع به الذين ينادون بالحريات . ولكنهم للأسف يتخذون الحريات وسيلة لمحاربة الدين أي دين .
2) وأيضا نشرت كثير من المواقع الإلكترونية الخبر التالي ((وطالب اتحاد الحريات المدنية الأمريكى أكبر المنظمات الحقوقية فى الولايات المتحدة، فى خطاب بعث به إلى مكتب المعلومات والخصوصية بوزارة العدل، بأن يكشف مكتب السجون عن كل السجلات التى بحوزته والمتعلقة بمحاولات مسئولى السجون الأمريكية منع وجود نسخ من القرآن الكريم والكتاب المقدس فى مكتبات دور العبادة فى السجون)) والنص من المصريون بتاريخ 16 /11/2009) . إنها الحرب علي الدين (إسلامي أو مسيحي) تحت زعم مكافحة الإرهاب .
3) وفي النرويج طالب خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ البلجيكي بتشريع قانون يحظر استخدام الصليب على قباب الكنائس، أو استخدامه كرمز ديني على صدور القسس، أو الراهبات، أو في المستشفيات الكاثوليكية، ودور التمريض والمدارس المسيحية، بجانب حظر حضور الساسة لأي من المحافل الدينية المسيحية، للفصل بين الدين والدولة، وعدم تدخل الساسة في الدين. كما يجب أن يشمل القانون الجديد - وفقا لأعضاء مجلس الشيوخ، وهم أعضاء بلجنة تشريعات القوانين - حظر مشاركة الساسة في أي محافل دينية مسيحية، سواء كان قداسا، أو ندوات دينية، والعمل على تنفيذ المادة الخامسة من القانون البلجيكي، التي تؤكد على عدم ارتداء الجمهور للرموز الدينية. وقد أثار الطلب جدلا وتخبطا كبيرا داخل الحكومة البلجيكية، التي ستضطر لبحث طلب التشريع وإبداء الرأي حوله. (المصريون /12/2009)
4) بدأ حزب الشعب السويسري الذي أطلق الحملة ضد المآذن في العمل من أجل المطالبة بمنع دق أجراس الكنائس باعتبارها ازعاجا.
والحجة المقدمة في هذا الإطار أنها تدق عدة مرات يوميا خاصة يوم الأحد, وعلي نفس الطريق بدأوا في المطالبة بمنع غناء وانشاد الأغاني الخاصة بالكريسماس في المدارس (الاهرام 5/11/2009) .
والملاحدة يدركون أنهم يحاربون الفطرة الإنسانية فكل إنسان حتي الملحد في فطرته الميل إلي الدين فنجدهم في الدول الشيوعية ينحنون أمام تماثيل زعمائهم !! رغم أنهم لا يركعون ولا يسجدون لله!!!.
وهم مدركون أنه لا سبيل لنشر إلحادهم في العالم إلا بالوقيعة بين أصحاب الأديان وبالأخص المسلمين والمسيحيين باعتبارهم أصحاب الأغلبية في العالم كله باستثناء بلدان قليلة .
فهل يجتمع قادة المسلمون والمسيحييون في العالم ويوقعوا اتفاقية دولية لحماية الأقليات الدينية وأقرار حقهم في بناء دور العبادة الخاصة بهم ويقرروا مقاييس موحدة للبناء تطبق علي جميع الأقليات في كل دول العالم. وتقر أيضا بحقهم في التمسك بأحكام وشرائع دينهم ما دامت لا تضر بغيرهم فلتردي المسلمة الحجاب ولتعلق المسيحية الصليب. وليذبح المسلم ذبيحته كما يشاء وليأكل المسيحي الخنزير إذا شاء. فمثل هذه الأمور لا تضر بأمن المجتمع. وبذلك نقطع الطريق علي الإلحاد والملاحدة .
وجدير بالذكر أن بديل الحريات الدينية هي الحروب الدينية, ولا يظن أحد أنني أقصد حروبا كالتي وقعت في الماضي حيث تتقاتل الجيوش بعشرات ومئات الألاف. بل هي حروب يومية فلا يكاد يبني دور عبادة لإحدي الأقليات إلا ووقعت اشتباكات بين الأغلبية والأقلية تتساوي في ذلك لندن والقاهرة . ولا يرتبط شاب وشابة من دينين مختلفين إلا ووقعت الفتنة... إلخ . وكل هذه المشاكل اليومية تزيد من الاحتقان اليومي والكراهية من أبناء الشعب الواحد فيجد الملاحدة والملحدون أرض خصبة لمحاربة الدين .. أي دين .
Ma_elshamy@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق