عندما نتعلم لغة الشيطان/ عـادل عطيـة


 
عندما اجتاحت عاصفة الصحراء القادمة من شبه الجزيرة العربية ، مصرنا الحبيبــة .. كانت عازمة على اقتلاع لغتنا القبطية من على لساننا الوطني ، تمهيداً لمحو تاريخنا .
قد نقول في تفاؤل : ان لساننا لا يزال يتنفس ببعض مفرداتها في حياتنا اليومية . وانها على عظمتها ستبقى بلغة الأرض : زمنية .
لكن الذي يجب أن نقوله محذرين : أن العاصفة تركت رمالها المتحركة ، التي تحاول جاهدة طمر لغتنا السمائية التي تنتمي إلى الروح المسيحية .
وانه ليبكيني أن اجد كثرة منا ، بدأت تتخلى عن مناصرة لغتها القلبية ، وكأنها تريد أن تضيع من الأرض ومن السماء !
أنظروا إلى خطابهم اليومي وهو يأخذ مفرداته من لغة الشيطان ، التي تتنامى ، وتنتشر انتشار سلطانه في قلوبهم على كوكبنا الافتراضي ، واقرأوا بأنفسكم سطور تعليقاتهم على خبر أومقال في مواقع الانترنت .. وهي تحمل ألفاظاً قادمة من طين الأرض ، قادرة على تحويل بعض الناس إلى حيوانات عجماء ، والبعض الآخر إلى احذية من النوع الذي عفى عليه الزمن !
كاتب هذه السطور منحه أحدهم ، لقب : " قرد" ، تقديراً منه على قراءته لمقال من مقالاتي !
وآخر كان مهذباً كفاية ، فقال عني : " هو ده مسيحي ؟!.." ، ثم خاطبني ساخراً بياء النداء مرتين : قبل اسمي الأول . وقبل اسمي الثاني . بدلاً من أن يقول لي : يا أخ فلان ، تعبيراً عن رأيه في مقال كتبته ويتحدث عن المرأة ونظرة الكنيسة لها في فترة حيضها .. ناسياً أنه رجل وليس أمرأة ، وهي القادرة على الاحساس بقضيتها ، ومعاناتها ، تماماً كما يشعر القبطي وحده بمعاناته ، التي لا يستطيع المسلم أن يشعر بها ، بل وينكر وجودها .. بينما الذين منحهم الله موهبة الكتابة ، هم القادرون على التقاط انات الناس ، واعادة اطلاقها في موجات صارخة ، تمهيداً لرفع المعاناة عنـهم !
فهل يلقون بسلة سبابهم أرضاً، ويتمسكون بلغتهم الحضارية ، عارفين بأن محاولة ابادة لغة قومية ، لهي محاولة للقضاء على تاريخ شعب وثقافته ، بينما محاولة القضاء على لغته الروحية لهي قضاء على مجده وابديته ؟!...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق