شيوخنا وقساوسهم/ وفاء سلطان

القس الإنجيلي ريك وارين واحد من أشهر رجال الدين المعاصرين في أمريكا. عام 1980 أسس كنيسة Saddleback في مدينة سييل بيتش في ولاية كاليفورنيا، وهي تبعد 65 ميلا جنوب شرق لوس أنجلوس.

ألف عام 2006 كتابا بعنوانThe Purpose Driven Life يجيب فيه على سؤال: لماذا أنا خلقت؟

من عام 2002 وحتى عام 2006 بيع من الكتاب أكثر من ثلاثين مليون نسخة، وهو واحد من أعلى معدلات بيع الكتب في العالم، ويعود معظم ريع الكتاب لدعم المشاريع الخيرية لكنيسته.

حوالي خمس وعشرين ألف شخص يتردد على كنيسته كل اسبوع.

الغاية من تطرقي لهذا الموضوع هو النبأ الذي قرأته البارحة، والذي يتناول هذا القس.

في الكلمة التي ألقاها في نهاية العام الماضي أعلن أن 10% من رواد الكنيسة قد فقدوا أعمالهم في ذلك العام، نظرا للإنهيارات الإقتصادية في أمريكا وفي العالم كله، وأعلن بأن الكنيسة لم تتلق التبرعات الكافية لإعانة تلك العوائل، وهو يسعى الآن لجمع على الأقل مبلغ 900.000 دولارا في السنة الجديدة لسد النقص في ميزانية الكنيسة.

بعد إعلانه هذا وخلال 24 ساعة تم جمع 2,4 مليون دولار.

لم يكن النبأ وحده الغاية من تعليقي على ذلك الأمر، لكن ـ وبالصدفة ـ تزامن النبأ مع مقابلة أجراها معي صحفي فرنسي Antoine Flandrin لكي ينشرها في المجلة الفرنسية le Courrier de l'Atlas.
باختصار، وللذين لا يجيدون الإنكليزية انصب سؤاله حول الأعمال الخيرية في الإسلام مدعيّا أنها جزء هام من تعاليمه، فما تعليقي على ذلك؟

وكان جوابي باختصار: إن الدين هو سلوك المتدينين به، أين تلك الأعمال ولماذا لم نر آثارها على أرض الواقع؟

حكام المسلمين هم أغنى أغنياء العالم، ومواطنيهم يعانون من أبشع أشكال الفقر. وتساءلت: هل تعرف مستوى الرفاهية الذي تعيش به العائلة المالكة في السعودية؟ هل تعرف بأن مئات الآلاف من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر؟

لا شيء في عصرنا هذا يستطيع أن يُخفى، فإمكاننا أن نعرف بسهولة مقدار التبرعات التي تتلقاها الجمعيات الخيرية في أمريكا، وبإمكاننا أن نعرف مقدار الأموال التي يتبرع بها أغنياء أمريكا بكبسة زر، ومن أمثالهم بيل غييت ووارين بافيت والدكتور فيل، فأين هي الأموال التي يتكرم بها أغنياء المسلمين على فقرائهم؟ وأين هي المشاريع التي تم بناؤها بناء على تلك التبرعات؟

ألم تقرأ عن رحلة ملك السعودية إلى اسبانيا في تموز عام 2008 لحضور مؤتمر "حوار الأديان"؟ هل قرأت عن الملايين التي صرفت على تنقلاته وحقائبه وحراسته و.....؟!

......

وبعيدا عن المقابلة!

قص عليّ صديق لبناني مسيحي عقب عودته من زيارته إلى لبنان وفي سياق حديثنا الذي تناول نفس الموضوع قصة، فقال:

كنت أقف في محطة في منطقة لا يسكنها إلا المسيحيين، فرأيت طفلا يقطّع أوصال القلب، يقف على مفترق طرق ويمد يده للمارة طالبا بعض النقود.

كنت على ثقة من أنه ليس مسيحيا، لأنني أعرف بأن الأعمال الخيرية في الكنائس لا تترك محتاجا يتسوّل وخصوصا الأطفال. تقدمت منه وسألته عن اسمه، فردّ: محمد!

قلت: أين تعيش؟

فأشار إلى حيّ اسلامي، وتابع يقول: أبي يأتي بي كل صباح إلى هنا، ثم يعود في المساء ليأخذني ويضربني إذا لم أحصل على المبلغ الذي يحدده.

تابع صديقي: اشتريت له سندويشة وزجاجة ماء وقطعة حلوى وانتظرت حتى تأكدت من أنه أكلها، ثم تركته دون أن أعيطه فلسا من شدة غيظي من والده.

.................

ويبقى السؤال: هل نستطيع أن نعثر على شحاذ مسيحي واحد في أي بلد اسلامي؟

أين مشاريع شيوخ الإسلام؟ وأين الآثار الإيجابية للأعمال الخيرية التي يقوم بها هؤلاء الشيوخ؟ هل سمع أحد بها؟

هل سمعتم وعظة لرجل دين سعودي يحض بها الناس على التبرع لإطعام ومساعدة الذين خسروا أعمالهم؟

ماهي النسبة المئوية من عظاتهم والتي تتناول الحض على التبرعات، مقارنة بالنسبة المئوية من عظاتهم التي تتناول الحض على القتال؟

هل قرأتم كتابا لشيخ سعودي تبرع بريعه لجمعية خيرية؟

هل لدى أي شيخ سعودي إحصائية عن عدد الجياع في الأمة الإسلامية؟

ليخبرني، مشكورا، من يعرف الإجابة على هذه الأسئلة....!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق