جرس إنذار/ مجدى نجيب وهبة

** محمود طه سويلم "54 عاما" ، سائق بشركة "المقاولون العرب" .. فجأة وبدون مقدمات أخرج بندقية ألية كان يخفيها خلف مقعده ، وأطلق النار بصورة عشوائية على العاملين ، وذلك قبل الوصول إلى مقر الشركة بـ 300 متر ونتج عن هذه الجريمة 6 قتلى و6 مصابين فى حالة حرجة والبعض فقد القدرة على النطق والبعض قفز من الأتوبيس للنجاة بحياته ، وبعد إتمام الجريمة عاد المتهم وواصل مسيرته حتى مدخل الشركة .. وفى تحقيقات النيابة إعترف المتهم أن دواعى إرتكاب الجريمة هو سخرية بعض زملائه منه بسبب رفضه موافقتهم على التنقيب على الأثار أسفل منزله ، وقد أفاد المتهم أنه حصل على السلاح الألى من أمين شرطة بمبلغ 7 ألاف جنيه وظل يحتفظ بهذا السلاح أكثر من عامين للدفاع عن نفسه ضد ما أسماهم بـ "مافيا الأثار" ، ورغم قيامه بإبلاغ الشرطة إلا أن الشرطة وقفت عاجزة عن وقف هؤلاء اللصوص أو حماية "طه سويلم" وقد صرح فى تحقيقات النيابة بأنه "صعيدى دمه حامى .. وماينفعش حد يهزئنى ويضحك عليا" .
** ولأن الجريمة هزت المجتمع المصرى فهى غريبة على مجتمع مسالم ، يسير فيه المواطنين دون اللجوء لحمل السلاح ، لذا فقد طلب النائب العام سرعة إنهاء التحقيقات فى النيابة وإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات فى غضون ساعات قليلة .
** لقد ذكرتنا هذه الجريمة بسيناريو أحداث مجزرة نجع حمادى ومقتل 6 شباب أقباط فى عمر الزهور وهم خارجون من قداس عيد الميلاد فى 6 يناير 2010 ومعهم مجند مسلم .. ولكن هناك فرق فى السيناريو والهدف ، ففى جريمة الكمونى لم تكن بهدف الثأر ولكنها جريمة طائفية إرهابية تضاف إلى جرائم الترويع ضد الأقباط ومازال التحقيق فيها مستمر ... جريمة لم يكن فيها علاقة بين الإرهابى الكمونى وبعض المواطنين الاقباط يستعدون للإحتفال بالعيد مع أسرهم .. جريمة نفذها بلطجى إرهابى حيث أعطى له السلاح الألى والمال لتنفيذ جريمته وللأسف يبدو أن هناك محاولات لطمس الجريمة لأن البعض يريد ذلك ؟!! .
** سبعة أشهر ومازالت الجنحة منظورة أمام القضاء ورغم ثبوت الأدلة وأداة الجريمة إلا أنه حتى الأن لم يبث فى دواعى الإتهام بل أنه وصل لبعض البلهاء بمحاولة تصوير أن هذه الجريمة جنائية وليست طائفية لتضليل الرأى العام فى العالم كله .
** الجريمة الثانية نفس العدد الذى قتل فى الجريمة الأولى بل ويزيد "اللهم لا شماتة" ولكننا ننتظر ماذا سيسفر عنه حكم القضاء المصرى رغم أن الجريمة الثانية ربما يجد بعض السادة المحاميين مبرر لإرتكابها وهو هياج المتهم والحالة التى أصابته من جراء سخرية بعض الزملاء به .. أما الجريمة الأولى لا يوجد سوى مبرر واحد لإرتكابها وهو السفالة والحقارة والإرهاب والكراهية والهجوم السافر على الأقباط فى مصر دون عقاب أو محاسبة .
** ولكن لنا بعض الملاحظات على جريمة السائق سويلم فقد أغلق الأتوبيس وفجأة أوقفه وأخرج السلاح الألى ، وأطلق الرصاصات فى عدة إتجاهات بعد أن فقد السيطرة على نفسه وكاد أن يودى بحياة الجميع لولا القدر الذى كان رؤوفاً بهم .. ومهما قيل من مبررات لإرتكاب السائق هذه المجزرة فكل هذه المبررات لن تعيد أرواح الذين سفكت دمائهم بل أن هذه التبريرات ربما تفتح المجال لمزيد من الجرائم الغريبة على المجتمع المصرى .
** هذه الجريمة جعلتنى أدق جرس الإنذار لجميع الكنائس فى مصر المحروسة فقد تلاحظ عند قيام أى رحلة للكنائس لزيارة الأديرة هو تواجد سائق مسلم يقود الأتوبيس وهنا أرجو ألا يساء فهمى فهؤلاء هم إخواتنا ولن ينجح الإرهاب فى التفريق بيننا بل أن بعض الإخوة المسلمين يجدوا فى زيارة الأديرة راحة نفسية ومكان أمن للصلاة وحل مشاكلهم ، كما أن هؤلاء السائقين يلاقون ترحيب من جميع الإخوة بالرحلة بل ومن الرهبان القائمين على رعاية الدير .
** ولكن من يضمن أن كل هؤلاء على نهج وفكر وسلوك غير عدائى ضد الأخر .. وهل من المستبعد أن لا يدس سائق "إرهابى" متطرف ليقود أحد رحلات الكنيسة إلى الدير ويكرر نفس السيناريو ، فكم يكون عدد الضحايا ومن يمكن أن يحول دون إرتكاب الجريمة بل والإفلات والهروب من العقاب ، ثم نعود ونلطم الخدود ونشق الصدور ونطالب بالثأر وحتى لو تم القبض على الجانى سيهرول محامى الكوسة والقرع للدفاع عنه بل وسيكون الدفاع جاهز لإدانة مشرف الرحلة أو الأب الكاهن المرافق للرحلة وهو إزدراء الإسلام !!! ، وفى النهاية سيوضع الجانى فى مستشفى الأمراض العقلية ثم يتناسى الجميع المأساة ويغلق الملف .
** أرجو ألا يستاء أى أحد من هذه النظرة التشاؤمية .. لماذا لا توفر كل كنيسة أتوبيس خاص بها وسائق من أبنائها وإذا كانت موارد الكنيسة لا تسمح لها بشراء بعض الأتوبيس أو الباصات للرحلات فأين رجال الأعمال الذين ملئوا الدنيا فخراً بأرصدتهم فى البنوك وملياراتهم .. هل هؤلاء يعجزون عن التعاون مع الكنيسة ، وهل هذه الدعوة ضد المواطنة .
** إن كل الأحداث يجب أن نتوقعها فليس بغريب أو مستبعد أن تمارس تلك الأعمال الإرهابية فى الوقت الذى يقتل الأقباط وهم خارجون من الكنائس .. إنها دعوة للحذر بعد سيناريوهات الفوضى التى عمت أرجاء المحروسة ... أخيرا تعازينا لجميع أسر الضحايا فى هذا الحادث المؤسف وفى إنتظار كلمة العدالة .
رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email : elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق