شهر رمضان .. هل، هو شهر" النفاق" ؟ا/ علي مسعاد


144 ساعة ،هي ما تبقى من شهر شعبان ، ليطل علينا شهر رمضان، بروحانيته التي ضلت طريقها إلى كثيرين ، بحيث أن العديد ممن ، أدمنوا شرب " الخمر "، مازالت علاقتهم ، ب" البيرة " و " الفودكا " ، على أشد وقعها .
والمار، بأهم الشوارع الرئيسية ، للعاصمة الاقتصادية ، سيجد أن الحانات و الكباريهات ، مازالت مليئة بالسكارى و العاهرات وتعيش على إيقاع ،"المجون" ، "الفساد" و" الإدمان" ، دون اكتراث بقدسية شهر " رمضان " و روحانيته .
وقد تختلف وجهات النظر، من شخص لآخر ، هناك من سيرى ، أن " شرب الخمر ، حرام سواء في شهر شعبان أو رمضان " ، وأن الظاهرة في حد ذاتها ، لا تستحق ، أن تأخذ من اهتمامنا ، أكثر من حجمها الطبيعي .
وأن هناك ، من سيرى ، أن على هؤلاء " السكارى "، على الأقل ، الإقلاع عن شرب الخمر أربعين يوما قبل حلول شهر رمضان ، إن لم يجدوا بدا ، من شرب " الحرام " ، في ما يبقى من شهور السنة .
و هناك ، رأي ثالث ، قد يرى إلا أن " الحرام " بين و " الحلال " بين ، ومن شاء أن يؤمن ومن شاء فليكفر ، وأنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .
وشخصيا ، أعتقد أن مشكلتنا ، ليست في شرب الخمر من عدمه ، لكن مشكلتنا في " الازدواجية " التي نقابل بها ، شهر رمضان ، شهر العبادة وقراءة القرآن .
" الازدواجية " في كل شيء ، التقوى الزائد عن حده ، المساجد تملأ عن آخرها ، الفتيات متحجبات ومحتشمات ، إلى غيرها من التصرفات والسلوكيات التي تظهر، بظهور " هلال " شهر رمضان ، وتختفي باختفائه .
" الازدواجية " التي لا أجد لها ، مبررا ، غير " النفاق " العملة الأكثر رواجا ، خلال هذا الشهر المبارك ، وإن كان حضورها ، فيما تبقى من شهور السنة ، ليس بأقل نسبة .
وما " النفاق " إلا وجه ، من أوجه متعددة ، لزمن توارت فيه " الأخلاق " و " المبادئ " لتبرز "المصالح المادية " في كل المعاملات والعلاقات ، وتسللت ، في غفلة من زمن " النفاق "حتى بين الزوج و رفيقة دربه .
وفي الوقت ، الذي شكل شهر رمضان ، للسلف فرصة ، لتجديد الإيمان وتثبيته في القلوب والجوارح ، أصبح لدينا شهر " التظاهر " بما ليس فينا وليس من شيمنا .
فالكثيرون ، وإن حاولوا جاهدين ، تلميع " صورهم " ، خلال هذا الشهر ، من خلال موائد " الرحمان " ، توزيع " الإعانات الرمضانية " ، الالتحاق مكبرا بالمساجد ، البكاء جهرا أثناء الصلاة ، و وو كل ما من شأنه ، إظهار الورع والتقوى ، تبقى أنه ، بقدر اهتمامنا بالشكليات و المظاهر ، بقدر ابتعادنا عن جوهر الإسلام و عمقه .
الإسلام ضد الخوف ، ونحن نخاف من الفقر و الموت ، وبقدر هرولتنا وراء " المال " أصبحنا نعيش في " فقر " و بقدر تشبثنا ب" الحياة " أصبحنا ، نعيش على هامشها .
الإسلام ضد الجبن ، ونحن " جبناء " أمام أهوائنا وشهواتنا وكل ما هو حيواني فينا و "أقوياء " في حب الشهوات ما تحت وفوق البطن ، و مندفعين ، لدرجة الجنون ، وراء حيوانيتنا البدائية .
الإسلام ضد الظلم ، ونحن أبعد من أن نعطي ، لكل ذي حق حقه ، وأن نكون منصفين لأنفسنا ، حبا في الحق و كرها في الظلم لذاته .
الإسلام مع " الشهامة " و" النخوة " ونحن بتصرفاتنا وسلوكياتنا ، أصبحنا " كيف كيف " ، أمام انتشار العديد من الظواهر الدخيلة ك" أنا ومن بعدي الطوفان " و " لا أرى ..لا أسمع ..لا أتكلم " ، فيما تتناسل مظاهر " العري " ، " الفساد " و " الغش " إلى بيوتنا ..إلى فراشنا ..دون احتجاج أو تنديد .
الإسلام مع قول " الحقيقية " وليس غير الحقيقية، وليس التواري خلف " الكذب " ، " التملق " ،" البهتان " وكل ما من شأنه ، أن يقرب إلينا " حقا " هو من صلب حقوقنا و لكن بجهلنا "المركب" ، اعتقدنا للحظة ، أنه امتياز وحظوة .
الإسلام مع أن نكون "نحن " نحن وليس ك " الغراب " الذي فقد مشيته بتقليده لمشية " الحمامة "، ونحن قلدنا الغرب في كل شيء ، إلا في أسلوب تفكيره وتدبيره لأمور حياته .
مشكلتنا ، أن اهتمامنا ، بتوافه الأمور ، أخد منا كل مأخذ ، في الوقت الذي يجتهد فيه الآخرون ، عبر تطوير مناهج البحث والعلم والدراسة ، فيما أصبحنا ، نحن " عباقرة " في "الاستهلاك" و حب " التظاهر " بما ليس فينا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق