بي بي سي الأخبار- نيويورك
أمضى شريف الجمل ثمانية أشهر سوريالية. ويقول هذا المقاول العقاري الذي يبلغ من العمر 37 سنة إنه لم يتخيل أبدا الجدل الذي سيثيره مشروعه لإقامة مركز إسلامي وفضاء للصلاة قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين انهارا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.
وبسبب أقامته في القطاع الغربي من جزيرة مانهاتن، تمكن من زيارة مركز الطائفة اليهودية، فتولدت لديه فكرة مركز مماثل يمكن أن يؤدي مفس الخدمة لسكان القطاع السفلي.
وهاهو الآن يوصف بالإسلامي القومي الذي يسعى إلى بناء مسجد يخلد به النصر في نفس الموقع حيث لقي حوالي 3 آلاف شخص مصرعهم على يد القاعدة.
لقد وجد الرجل الذي كان يحسب نفسه ابنا من أبناء نيويورك وقد تقلد دور سفير المسلمين الأمريكيين في حلبة مشحونة ومسيسة ومحتقنة عاطفيا.
"لم أعتبر نفسي ولا عقيدتي يوما ما مسؤولين عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة،" يقول شريف الجمل، خارج مبنى كائن في 51 ساحة بارك، لا يشد الانتباه ويبعدُ بحوالي شارعين ونصف عن الـ"جراوند زيرو".
"الآن أحس أنني تعرضت للسرقة. لقد سرق أسامة بن لادن والقاعدة مني هويتي كمسلم."
"لقد حاولت أن أفهم كل هذا الجهل، والكراهية، والتزمت والخوف مما نحاوله. إننا نقترن بهم في أعين الناس، ولكن لا علاقة لنا بأولئك المتطرفين."
وسط المكتب الأنيق والجديد، يبين الجمل لنا أحدث تصاميمه لبارك 51.
فقط حوالي 20 في المئة من البناء سيخصص للصلاة. أما معظم البناية فستشمل حوض سباحة، وفصولا دراسية، ومرافق للمسنين، بل حتى مدرسة الطهي.
لكن بعض التقارير الصحافية ألمحت إلى أن المبنى سيكون مقرا لمسجد ضخم.
ويرد الجمل قائلا:"إنه ليس مسجدا، وليس ضخما. بل سيحتوي على عنصر متعدد الديانات قوي ومتين. كما سيخدم سكان مانهاتن السفلى."
ويضيف قائلا إن المُصلى سيساعد المسلمين المقيمين أو الذين يعملون في الحي المالي على أداء شعائرهم خمس مرات في اليوم.
لكن الاعتراض على المشروع كان صريحا. باميلا جيلر مدونة محافظة قادت تظاهرة ضد المركز الإسلامي في الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
تقول بعد يوم حافل بمقابلات إعلامية بشأن هذه المسألة: "اعتقد انها شبيهة بأن يبصق أحدهم في وجهي ويقول لي انها تمطر. انظروا إلى هذا الانقسام. انها قضية لياقة، وتعاطف إنساني، وينبغي عليهم نقله. هل بناء ضريح يمجد نفس الأيديولوجية التي ألهمت الهجمات شفاء؟ كيف؟ "
ويزعم الجمل أنه كانت هناك حملة التضليل التي تنطوي على المغالطات والافتراءات حول المركز الإسلامي المقترح.
ويقول في هذا الصدد: " إن الرواية المتداولة خداع، وما أجج النار سوى التضليل حول المشروع". ولعل هذا هو السبب الذي دفع بهذا المقاول الشاب إلى تكثيف مقابلاته مع وسائل الإعلام هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ اندلاع الجدل.
لكن مجموعة من أقارب ضحايا الحادي عشر من سبتمبر تعتبر أن إقامة المركز في المنطقة عمل يدل على "تبلد الشعور".
ويقول الجمل إنه "يدرك الألم" الذي يحسونه بسبب ما حدث.
"لكن مرة أخرى أود أن أذكرهم بأن سوق العقارات هنا هي الأكثر تنافسية في العالم، وقد استرقتنا حيازة هذا الموقع 4 سنوات."
ويضيف الجمل مؤكدا أن المركز لن يتلقى أي تمويل من حماس أو من أي جماعة مماثلة لا "تعتنق المثل التي يؤمن بها بارك 51".
ويمضي الجمل قائلا: "لدينا كأميركيين الحق في أن نكون هنا، كما لدينا مسؤولية بناء جسور المصالحة مع عائلات الذين لقوا حتفهم في 11 سبتمبر".
"ليس ثمة ما يمكن أن تقول أو تفعل لتختفي آلامهم، ولكن واحدة من الحقائق التي لا يمكن التغاضي عنها هي أننا جزء من هذا المجتمع."
يؤدي ستمئة شخص في الأسبوع الصلاة بالفعل في الطابق الأول من 51 ساحة بارك، قبل خروج المشروع إلى الوجود.
مصلى جراوند زيرو حقيقة حتى ولو كان الجدل حول حقه في الوجود لا يزال مستمرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق