ذكرت صحيفة "السفير" أن "البابا بينيديكتوس السادس عشر أرسل رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة المطران بولس الصياح زائراً رسولياً على الرهبانية اللبنانية المارونية في مهمة محددة الأهداف، تزامنت أيضاً مع التحضير لانتخاب خلف لرئيسها العام الآباتي الياس خليفه في 17 أيلول الحالي"، لافتة الى أن "محاولة الصياح أحبطت فلم يعد أمامه سوى رفع تقرير الى الفاتيكان أراده من قرابة 500 صفحة وضمّنه كل ما يمكن قوله عن الفساد والخلل داخل الرهبنة"، مشيرة الى أنه "تناول في تقريره إدارة الرهبنة المارونية من كافة جوانبها وقسّمه بحسب مصادر مواكبة الى مراحل ثلاث: الأولى، تضمنت تحقيقاً وتقريراً عن معالجة مكامن الخلل داخل الرهبنة. أما المرحلة الثانية، فركزت على التحضير للانتخابات وإجرائها. أما المرحلة الثالثة، فهي لمتابعة أوضاع الرهبنة مع السلطة المقبلة التي ستتولاها بعد الانتخابات، إلا ان الفاتيكان لم تأخذ راهناً إلا بالمرحلة الأولى من التقرير من دون التعليق على المرحلتين الثانية والثالثة أي أن الانتخابات المنتظرة ما تزال قائمة".
وإعتبرت أن "كثيرين هم المتضررون الذين عرقلوا مهمة المطران الصياح وذلك لأسباب عدة".
وفي هذا الإطار، يروي مصدر متابع أن الصياح كانت لديه نية في عدم إجراء انتخابات الرهبنة إذ أنه يعتبر أن الإصلاح داخلها يحتاج الى تعيين من قبل الفاتيكان لا إلى انتخاب خصوصاً وسط هيمنة فريق من الرهبان على مفاصل القرار في الداخل، الأمر الذي قد يؤثر على نتائج الانتخابات".
وذكرت المصادر أنه "لو نجح الصياح في مهمته، كان يحق له أن يقترح على الفاتيكان سلة أسماء يتم الاختيار منها رئيساً عاماً للرهبنة ويشمل الأمر أيضاً مجلس المدبرين"، لافتة الى ان "الرهبنة المارونية هي رهبنة حبرية أي أنها تتبع الى سلطة الفاتيكان مباشرة بعيداً من تأثير البطريركية المارونية في لبنان".
وذكرت الصحيفة أن كثيرين ممن تابعوا مهمة الصياح يرون أن البطريرك الماروني نصرالله صفير هو المستفيد الأول من عدم إجراء الانتخابات علّ التعيين الفاتيكاني يقع على أسماء مقترحة من قبل الصياح، وتكون هذه الأخيرة حاصلة على رضى البطريرك الأمر الذي يعطيه سلطة غير مباشرة عليها". لذلك، يكشف المتابعون أن المطرانين بولس مطر ويوسف بشاره توليا بمساندة رؤساء الرهبانيات الثلاث، المارونية، الأنطونية والمريمية، عرقلة مهمة مطران حيفا والأراضي المقدسة عبر محور الفاتيكان.
وتشير المعلومات أيضاً الى أن الهدف الإضافي من ذلك بالنسبة الى المطرانين، يكمن في ارتفاع أسهم الصياح لتولي منصب البطريركية المارونية حين يحين الوقت، فيما لو نجح الأخير في مهمته الرهبانية، وهي حسابات صارت مفصلية في حركة جميع الطامحين لوراثة.
وبحسب "السفير"، مرشحان اثنان ينتميان الى الفريق الشبابي، يتنافسان للفوز بمنصب الرئيس العام للرهبنة، وهما الأب طنوس نعمه، الرئيس الحالي لدير مار مارون عنايا، والأب نعمة الله هاشم. ويصل عدد الهيئة الناخبة الى 308 رهبان من أصل العدد الإجمالي الذي يقارب الـ370 راهباً، إذ أن المبتدئين و"الأخوة الدارسين" لا يحق لهم الاقتراع قانوناً.
وتشهد هذه المعركة الانتخابية، بحسب المراقبين، انقساماً حاداً بين الرهبان بعيداً كل البعد عن الزواريب السياسية إذ أن الفريقين المتنافسين يضمّان في صفوفهما رهباناً مناصرين للتيار الوطني الحر ولحزب القوات اللبنانية في آن معاً. الفريق الأول شبابي بامتياز وله أكثرية داخل الرهبنة، أحد رموزه رئيس جامعة الروح القدس ـ الكسليك الأب هادي محفوض يعاونه المدبّر الياس طربيه. أما الفريق الثاني، فيمثل الرعيل القديم أي الرهبان الذين تفوق أعمارهم الخمسين عاماً ويسوق لمعركته كل من الأب غسطين هاشم المعروف بـ"معلم المبتدئين سابقاً" في دير مار قبريانوس ويوستينا في كفيفان بالإضافة الى الرئيس السابق لجامعة الروح القدس الكسليك الأب يوسف مونّس.
ويشار الى ان هذا الفريق يدعم مرشحاً ثالثاً هو الأب أنطوان خليفة مدير مستشفى سيدة المعونات في جبيل. وعلى الرغم من أن الفريق الأول، أي فريق محفوض، يفضل وصول الأب نعمه الى رئاسة الرهبنة فما من مشكلة لديه مع الأب هاشم الأمر الذي أرجأ صدور قرار هذا الفريق المتعلق بدعم أحد المرشحين.
ولفتت الصحيفة الى ان البعض يشبّه انتخابات الرهبنة المارونية بانتخاب اللجان النيابية مع خرق وحيد هو صمدة القربان داخل كنيسة مركز الرئاسة العامة في دير مار انطونيوس خشباو في غزير كي يشهد الله على الانتخابات. فيتولى راهبان هما الأكبر والأصغر سناً عملية مناداة الرهبان بالاسم، ليتقدم كل واحد منهم ويحصل على ظرف يتوجه بعدها وراء العازل الذي يشبه كرسي الاعتراف ويضع الاسم الذي يريد داخل الظرف ثم يضع الظرف داخل الصندوق وفي ما بعد يوقع على لائحة الشطب.
وبحسب القانون الحالي المحدث، لكل راهب صوت واحد يدلي به بعدما كانت الانتخابات تتم بحسب النظام القديم على طريقة أن الرهبان في كل دير قانوني ينتدبون ممثلاً عنهم ينتخب باسمهم. حتى الرهبان الذين هم خارج البلاد يحق لهم الاقتراع عبر توكيل أحد إخوتهم من خلال ما يسمى بـ"الوكالة الرهبانية".
هذا الانقسام الرهباني على خلفية الانتخابات وصل في بعض الأحيان الى أعلى مستوياته، إذ يحكى عن خلاف حيالها بين المجمع الشرقي الذي كان يريد الأخذ بتوصيات المطران الصياح الداعية الى إجراء إصلاحات داخل الرهبنة، وأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال تارسيسيو برتوني. وفي المعلومات أيضاً أن اجتماع الصياح مع رئيس المجمع الشرقي الكاردينال ليوناردو ساندري تزامن مع لقاء يحكى أنه انتخابي بحت، جمع كلاً من الأب محفوض الكسليكي وبرتوني.
ولفتت "ألسيفر" الى انه تاريخياً لم يعين الفاتيكان زائراً على إحدى الرهبانيات إلا وفشل وهذا ما حصل مع المطران يوسف بشاره يوم عين زائراً على الرهبنة المارونية، كذلك مع زيارة المطران بولس مطر على الرهبنة المريمية، وزيارة المطران بطرس الجميل على الرهبنة الأنطونية، خصوصاً إذا تزامنت هذه الزيارات مع مواعيد انتخابية فيأتي الفشل في إطار إقفال الباب أمام التدخل الفاتيكاني وهذا ما يمكن أن يحصل مع الرهبنتين المريمية والأنطونية إذ أن الأخيرة تحضر لانتخاباتها المنتظرة في العام المقبل في حين أن الفاتيكان ينوي تعين زائر رسولي على كل من الأنطونية والمريمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق