الأســـلامـــوفـــوبيـــا/ أنطــونــي ولســن

 أستــراليــا

الأسلاموفوبيا ، أو البعبع الأسلامي ، أو الخوف من الأسلام ، مصطلح بدأ يتداول بين الناس والشعوب والدول سواء في الغرب أو الشرق .وبدأ هذا التداول يعطي مؤشرا لا ترتاح إليه نفس المسلم أو غير المسلم . لأنه إن دل على شيء إنما يدل على أن هناك خوف ما يتوجسه الناس من تداول هذا المصطلح الذي تتخذ منه الميديا مادة مثيرة للجد ل إن كان ذلك عبر شاشات التلفزة أو الإذاعات أو الصحف والمجلات .ويأخذنا هذا إلى محاولة معرفة السبب أو الأسباب التي جعلت من هذا المصطلح " الأسلاموفوبيا " يطفو على سطح الأحداث ويشكل خوفا لدي الأنسان العادي في الغرب أو الشرق ويبحث عن الطريقة أو الطرق التي يمكن بها إزاحة هذا الخوف عنه .
بالنسبة للغرب الذي إنتشر منه هذا المصطلح " الأسلاموفوبيا " نتعجب لسبب تداوله لأن الغرب فتح ذراعية قبل أبوابه مرحبا بكل قادم من الشرق أو من أي مكان على وجه الأرض خاصة بعد الحرب العالمية الثانية والنقص الهائل في الأيدي العاملة وتعداد السكان وحاجة الدول الغربية إلى زيادة عدد السكان حتى يمكنهم مواكبة التقدم العلمي والتقني الذي بدأوه ولم يكن للدين أي دين دخل في إختيار وقبول هذا القادم إليهم . رحبوا بهم وتزاوجوا منهم وأنجبوا منهم دون النظر إلى اللغة أو الدين أو الجنس طالما القاد مون إليهم غير مدانين بجرائم مشينة قد تشكل خطرا على البلاد .
بل الأكثر من هذا وجد نا المملكة المتحدة " بريطانيا العظمى " رافعة شعلة الحرية والديمقراطية بعد أن كادت تخبو وتنطفيء في بلدها الأصلي الأغريقي اليوناني وبالتحديد في أثينا التي إنبعث منها شعاع الحرية والديمقراطية قبل التقويم المسيحي الجديد . نقول أن بريطانيا العظمى أعطت المطاردين والمجرمين والخارجين على القانون والمضطهدين بسبب الدين أو الجنس أو لأي سبب أو أسباب تجعلهم يفرون من بلادهم حق الإقامة والبقاء والعيش الكريم وضمان عدم تسليمهم لسلطات بلادهم لعدم وجود أي معاهدات موقعة بين بريطانيا ودول العالم بهذا الشأن . فنزح إليها كل هارب أو غاضب من بلاده ووجد الأمن والأمان ، وبدأ ما أطلق عليه التعدد ية الثقافية أو الحضارية ينتشر بين دول الغرب ونزح الكثير من شباب وشابات الشرق الذي غالبيته تد ين بالإسلام . بل لقد تم التزاوج دون النظر إلى الدين كعائق يعوق العلاقة الحميمة بين الزوجين وبين أبنائهم والمجتمع . ورأينا من أثرى ثراء كبيرا ومن نجح في تقديم أفضل الخد مات الصحية والإقتصادية والعلمية لبريطانيا وللعالم أجمع وتم تشجيعهم ومنحهم أعلى الأوسمة دون النظر إلى دينهم أو جنسهم أو لونهم ، وسمحوا ببناء دور العبادة من مسجد إلى كنيسة إلى معبد إلى كنيس ..وإلخ ...
إذن الغرب فتح أبوابه ومد يده إلى كل قادم إليه يبحث عن عيش كريم وحياة آمنة وإستقرار. ونظير ذلك عمل القادم إلى الغرب بكل همة وأمانة وأثمر وبدأ الغرب يوليه الثقة الكاملة ليس فقط عن طريق التزاوج بل منحه فرصة التجنس بجنسية البلد وأصبح له كافة الحقوق التي للمواطن الأصلي للبلد والتي قد لا يجدها في بلده الأم . ونعود ونقول دون النظر لا للد ين أو الجنس أو اللون ، ولعقود كثيرة . فما الذي جعل الغرب يطفو على سطح حياته هذا " الأسلاموفوبيا " أو الخوف من الأسلام وإعتباره خطرا يهددهم ونذيرا بحرب أهلية قد تجتاح شعوب الغرب ضد كل ماهو من الشرق عامة ، والمسلمين الذين أطلق عليهم صفة التشدد أو الأرهاب بصفة خاصة ؟؟!!
حدث بين الغرب وألأتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية شرخ كبير وبدأ ما سمي بالحرب الباردة . إستمرت تلك الحرب وأخذت شكل المنافسة وسمي الجزء الأوربي الذي خضع للأتحاد السوفيتي بأسم أوربا الشرقية وتم الفصل بين ألعاصمة الألمانية برلين بحائط فاصل بين أبناء بلد واحد وجنس واحد وشعب واحد . نال الشرق ما نال الغرب من إنقسام في الولاء للغرب أو للأتحاد السوفيتي وتكونت الكتلة الشرقية التي تتزعمها روسيا والكتلة الغربية التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية .
إنتصر الغرب على روسيا في حربهم في أفغانستان ضد الطالبان بعد أن إستعان الغرب بالمجاهد ين العرب وعلى رأسهم الشيخ أسامه بن لادن . وتولى الغرب حربه ضد الطالبان التي إحتدمت وإزداد وطيسها بعد أن إنقلب الشيخ أسامه بن لادن عليهم وإنضمام الدكتور الظواهري إليه وتشكيل ما عرف بالقاعدة .
عاد الإمام الخميني إلى إيران وتم الإطاحة بالإمبراطور الأيراني وتكوين مجلس الثورة وخضعت البلاد لحكم الخميني الذي بدأ بما يمكن أن يطلق عليه بالصحوة الأسلامية ..
لم يكن الغرب يتوقع من الخميني أن ينقلب عليهم بهذه الصورة لما أحدثه من تغيرات ملحوظة للشخصية المسلمة إن كان ذلك في بلاد الغرب نفسها أم في بلاد الشرق . فقد إنتشرت الصحوة الأسلامية بين المسلمين بغض النظر السنة أو الشيعة فقد بدأوا جميعا في تطبيق الشريعة الأسلامية على أنفسهم أولا بالمظهر الخارجي . بالنسبة للمرأة الحجاب أولا والإحتشام في الزي . وبالنسبة للرجال في إطالة اللحية وإرتداء الجلباب بل بدأ بن لادن بالتدخل وفرض الزي الأفغاني أو البكستاني على المسلمين من الرجال فأنا لا أستطيع أن أفرق بينهما وبدأ فرض النقاب على المرأة وإن لم يتخذ نفس قوة الحجاب إلا في الآونة الأخيرة كما نلاحظه في العالم كله .
لم تترك الدول الأسلامية التي تتبع المذهب السني الساحة لشيعة إيران والنظام الخوميني أن يهيمن على المسلمين وحده ، فبدأوا بالد خول بثقلهم في التشجيع على المظهر الخارجي للمسلم والمسلمة على إرتداء الحجاب والدفع بسخاء لمن تتحجب من رواتب بعضها شهري والأخر نقدي أو عيني وبدأ المد الوهابي يفرض نفسه فرضا في كثير من الدول الأسلامية العربية أو غير العربية . وتغير شكل الشارع الأسلامي سواء في الشرق أو الغرب ، في بلاد أسلامية أو غير إسلامية وبدأت المجاهرة العلنية تأخذ أبعادا وأشكالا متنوعة مما إضطر الغرب إلى تأليب صدام حسين ضد إيران في حرب بينهما إستمرت لأكثر من ثماني سنوات راح ضحيتها الكثير من العراقيين والإيرانيين مما إضطر إيران إلى تجنيد الصغار وتشجيعهم بضمان الجنة بوضع حول أعناق كل منهم مفتاحها ليمكنهم فتح بابها بعد الأستشهاد .
تم القضاء على الأتحاد السوفيتي وتربعت أميركا وحدها علي الساحة العالمية دون منافس وبدأ عصر العولمة . وهذا لن يخدم لا أميركا ولا العولمة ولا الغرب ، ولا أيضا الشرق الذي بدأ صحوته مع الصحوة الأسلامية التي فجرتها الثورة الخمينية .فكان لزاما إيجاد قوة أخرى مناهضة لأميركا والغرب حتى يستمر دولاب العمل في إنتاج أسلحة الحرب وتخويف دول الشرق بهذه القوة الجديدة كما أخافوهم من الشيوعية والأتحاد السوفيتي فينفقون ما يحصلون عليه من أموال طائلة العائدة من البترول والتي ينفقونها على عاهرات أورزبا وأميركا وفي أي مكان على وجه الأرض .
بدأ صدام حسين بعد فشله في تحقيق حلمه والقضاء على الأنقلاب الخوميني أن يتجه إلى بترول العرب لتكون له القوة المطلقة في المنطقة فبدأ بغزوته للكويت .
وتصدت له أميركا والعالم الغربي ووقفوا في وجهه وتحول صد يق الأمس إلى عدو اليوم وعرفوا نيته وباتوا ينتظرون الفرصة لصطياده والقضاء عليه فقد أصبح يشكل خطرا ليس عليهم فقط ، بل على حلفاءهم من عرب الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ، وتم بالفعل تحرير الكويت في عام 1991 ، لكن الخطر من صدام مازال قائما لأنه بأطماعه في دول النفط أوضحت لهم أهمية العراق الأستراتيجية بالنسبة لبترول الخليج .
لم يهدأ بال صدام حسين فبدأ بتجاربه بأستخدام أسلحة ممنوعة دوليا على الأكراد في العراق وبعض العاملين من دول أخرى ولم توجد الفرصة التي تساعد أميركا والغرب لإعادة الإغارة على العراق والقضاء على صدام ونظام صدام حسين .
على الجانب الأخر في أفغانستان بدأت قوة القاعدة تزداد وتشكل ثقل حربي وإن لم يكن بالشكل الحربي العسكري المنظم . لكنه كان على شكل هجمات إرهابية على شكل تفجير هنا وتفجير هناك ‘ إغتيال هنا وإغتيالات هناك وأصبح إسم بن لادن مرتبطا بالقاعدة ويشكل خطرا رأت فيه القوة العالمية الأمل الذي يبحثون عنه ليحل محل الأتحاد السوفيتي والشيوعية . فبدأوا في التضخيم من خطورته التي تشكل خطرا على أمن وأمان الغرب وحلفائه وخاصة أنه يعمل بأسم الأسلام ومن أجل المسلمين وهذا أيضا في صالحهم فالدين عكس الشيوعية " اللادين " . وصراع الأديان شيء موجود في دم البشرية منذ عبادة الطوطم .. أي الرمز الذي يخافونه مثل الثعبان أو القط ..إلخ .. إلى عبادة آلهة مجهولة صوروها على شكل تماثيل وأطلقوا عليها أسماء مثل الإله " أكبر " الذي نحتوا بأسمه تمثالا ليعبده العرب أيام الجاهلية . وحتى هذا الزمن وإلى المنتهى سيظل الدين ورقة رابحة يلعب بها السياسيون ورجال الحرب .
إزدادت قوة القاعدة وإنضم إليهم كل كاره للغرب وأصبحت أذرعتهم ممتدة في الأربع أركان المعمورة ، ولهم تنظيمات إرهابية في كل مدينة وضيعة وقرية وبلد . هذه التنظيمات تعمل بكل همة ودقة لنشر الفكر الأسلامي والدين الأسلامي الذي هو وحده الدين عند الله وبقية الأديان كافرة لاتعبد ما يعبدون ولا تؤمن بما يؤمنون ولا لهم فكر ما يفكرون . لذا لابد من أن ينتصر دين الحق وبسود العالم الذي أصبح في أشد الحاجة إلى التغير، والأسلام هو الحل لإيجاد وفرض التغير .
لعبت القاعدة على وتر الحرية والديمقراطية التي هي أساس الحياة والحكم في المجتمعات الغربية التي آمنت بها بعدما عانت بعض تلك الدول الكثير من عذابات النازية والفاشيستيه وواجهت حربان عالميتان فقدت تلك الدول الكثير من شبابها وبنياتها التحتية والأستراتيجية .
وبدأت القاعدة في تنفيذ أخطر مخطط للتواجد الرسمي لهم في عقر دار أعداء الله ورسوله والمؤمنين . واستخدموا نفس فكرة حصان طروادة في التواجد على أرض الأعداء بالطريقة الرسمية مستغلين إحتياج هذ ه الدول الى الأيدي العاملة والحرية فعملوا على الهجرة الشرعية وغير الشرعية وبدأ أعضاء منهم بث الفكر الأسلامي الرامي إلى تخليص هذا العالم من الكفر والإنحلال الواضح علنا في ملبس النساء وخنوثة الشباب وما يرتكب من فحشاء في وضح النهار .
وفي غفلة من الزمن استطاع من تشبع بروح الفكر الأسلامي المتشدد متضامنا مع الفكر الوهابي أن يفرض نفسه بكل وسيلة وطريقة فرضا على المجتمعات الغربية وشغل الوظائف الرئيسية أو ذات النفوذ حتى يكون لهم يد فاعلة متمكنة من الوصول إلى ما يصبون إليه في عقر دارهم .
ماحدث من إعتداء في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 والأهانة التي لحقت بأكبر دولة في العالم " أميركا " لم يمحوه حرب العراق التي شنها بوش عام 2003 . لأنها لم تحقق ما كان يتوقعه الشعب الأميركي خاصة والعالم الحر عامة من ردع الأرهاب والقضاء على القاعدة وزعيم القاعدة بن لادن .
فشل بوش في تلك الحرب زاد من قوة النفوذ الأسلامي المتشدد والرامي إلى فرض مبادئه وإعتبار الشريعة الأسلامية قانونا يعمل به في حكم البلاد الغربية . إزداد عدد المحجبات بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في زيادة عدد المتنقبات مما دعى بعض الدول مثل فرنسا منع إرتدائه في الأماكن العامة والمدارس والجامعات وطبيعي في أماكن العمل .
إزداد عدد الرجال ذوي اللحي والجلباب في جميع نواحي الحياة في البلاد الأوربية وأميركا ولا شك سيفرضونه في العمل مثل الحجاب بالنسبة للنساء .
لم ينجح إنتخاب أوباما على الرغم من خلفيته الإسلامية من ناحية والده ، وأيضا خطابه الذي ألقاه في القاهرة وإنحناءته للعاهل السعودي والكثير مما يقوله ويفعله لصالحهم ، من إعتماد المسلمين عليه فبدأوا بفرض أنفسهم في المطالبة بكثير من الحقوق والتي لا يعترض عليها قانون الحريات من بناء مساجد أو مراكز إسلامية وأهمها مسجد " قرطبة " والمركز الأسلامي ليس ببعيد عن " جروند زيرو " وما فيه من تحدي للمشاعر الأمريكية .
وبدأت أوروبا تتململ . وبدأت الشعوب ينتابها ذلك الزحف الأسلامي على كل مناحي الحياة التي دفعوا فيها الغالي والنفيس فوجدوا أنفسهم أمام إختيارين لا ثالث لهما . إما الخنوع والموافقة ، وإما التصدي ووضع بعض من تلك الحريات التي يستغلها المسلمون جانبا وفرض ما أكتسبوه على مر الزمان من حقوق وحريات على الجميع ممن يعيشون على أرضهم بغض النظر عن الدين . أو عودتهم إلى حيث أتوا .
ومما لاشك فيه لو فعلوا ذلك فلن يرضى عنهم المتشددين من المسلمين وسوف يثورون ويتحدون ويهددون متمسكين بما حصلوا عليه من مكاسب . وربما تزداد مطالبتهم بتطبيق الشريعة الأسلامية أو بعض منها خاصة السماح بالزواج من أكثر من إمرأة .. لأنه مطلب هام جدا بالنسبة لهم فبه ستزداد أعدادهم ويشكلون الغالبية وبصلون إلى الحكم ويتحقق الحلم .
لذا عندما نسمع عن الأسلاموفوبيا التي بدأ الحديث عنها يطفو إلى سطح الحياة في الغرب يتبادر إلى الأذهان سؤال جدهام وخطير. هل هي الصحوة الغربية للدفاع عن الحرية والديمقراطية التي بدأت الجماعات الأسلامية المتشددة في إستغلالها وتحقيق أطماعهم بتحويل تلك الدول التي فصلت الدين عن الدولة ، إلى دول دينية تحكم بالشريعة الأسلامية ؟؟!!
وهنا يجب علينا جميعا أن نحبس أنفاسنا . لأن القاعدة التي فشل الغرب وأميركا في القضاء عليها تشكل خطرا حقيقا على الغرب خاصة والعالم عامة . فهو إنقلاب السحر على الساحر . ونعرف جميعا مدى خطورة السحر إذا إنقلب على الساحر .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق