والله العظيم أقول الحق/ يسرية سلامة


أشهد أني طيلة حياتي ومنذ طفولتي إلى الآن، لم أرى أو أسمع عن عُنف نسب إلى الأقباط، بل أحيانًا ما يسافر خيالي لمساحات بعيدة لأعود بذاكرتي للمرحلة الإبتدائية حيث جارتي في المسكن وصديقتي ورفيقة البراءة "جاكلين لمعي"، كنا نعيش كامل يومنا سويًا، نذهب ونعود من المدرسة معا، ونكمل يومنا في بيتها ليذاكر لنا والدها "عمو لمعي"، ثم وصلنا للمرحلة الإعدادية مع رفيقات أخريات، وكانت لي منافسة رقيقة مميزة في مادة الرسم تدعى "إيفيت"، وبرغم ذلك كنت استشعر معها معنى "الله محبة"، وفي المرحلة الثانوية لا أتذكر سوى صديقاتي المسلمات وتلك كانت مرحلة حرجة بطبيعتها، أما في الجامعة فنظرًا لأن إسمي يبدأ بحرف الياء، فكان الإسم الذي يليه مباشرة لصديقي الصدوق والذي أحفظ إسمه كاملاً عن ظهر قلب كما أحفظ ابتسامته الدائمة وعلاقتنا الطيبة، وهو "يوحنا عاذر أمر الله شنوده"، في الحقيقة لا أعرف أين استقرت بهم الحياة الآن؟ وكيف هي أحوالهم؟ لكن كل ما يمكنني قوله أني أشهد لهم بالأخلاق الدمثة والتسامح وحسن المعاملة، وصوتهم الهادئ الذي يعكس نفسيتهم السوية، ولا أذكر غلي الإطلاق أن علاقتي معهم قد شابها أية شائبة أو حتى خلاف، الشيء بالشيء يُذكر، طبيب عائلتنا وهو محل ثقة جمة هو أيضا مسيحي.
هكذا حال الكثير والكثير من الشعب القبطي المصري الطيب، فأنا لا أعلن عن جديد، بل أكشف عن حالة موجودة بالفعل ومتأصلة منذ التاريخ، وكل ما أسمع عن شئ هنا أو هناك أتساءل من أين؟ وكأنه عالم بعيد عني تمامًا لأنني لم ألمسه يومًا أو أعايشة لا أنا ولا الفئات المحيطة بي .
لذا فإن أبناء هذا الوطن المخلصين كانوا وسيبقون محط أنظار الحاقدين، ومن الأمثلة المشرفة للوطن الدكتور مجدي يعقوب، كما الدكتور أحمد زويل، فلا ينكر وحدة الوطن إلا كل مريض بالآفات الرجعية المتخلفة، إذا كنا كشعب غدونا مصابين بالأنيميا السياسية والاقتصادية، فلن يتبقى لنا سوى محبتنا والتي أصبحت مستهدفة من أعداء مصر الإرهابين الذين لا دين لهم، لأنه لا يوجد دين يأمر بقتل الإنسان لأخيه الإنسان، ويذكرنا ذلك بالقول الجلل "إن هدم الكعبة حجرا حجر، أهون من قتل نفس"، وما هذه الدماء التي سالت في كنيسة القديسين إلا دليل جديد على استهداف بلدنا وشعبنا، ومحاولة طعنه في أعز ما نملك ألا وهي وحدتنا ومحبتنا.
إن شعبنا يقولها بأعلى صوته، إن المسلمين والمسيحيين في أرض مصر هم شعب واحد، ولا يمكن لكل المؤامرات النيل من وحدتهم ومحبتهم، فدماء إخواننا التي سالت على مذبحة الجريمة الأخيرة بالإسكندرية أدمت قلوب المسلمين جميعًا قبل إخوانهم المسيحيين، وستبقى دافعًا جديدًا من أجل وحدة وتآخي وتعاضد كل أبناء شعبنا المصري بغض النظر عن انتماءاته السياسية أو الاجتماعية أو الدينية. وسيبقى لسان حالي يقول دائمًا وابدًا ..

أومن بالإبتسامة..وهي لغتي
أومن باليهوديـة..وهي توبتي 1
أومـن بالمسيحية..وهي محبتي
أومن بالإســلام..وهو ديني وفطرتي
أومن بالإنســانية ..كلها وطني
أومن بالســلام ..هو ديدني، وإليه دعوتي
أنا المصرية..ولو شَّرحتُم جسدي، لسالت منه المحبة والسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]/ عن علـيّ كرم الله وجهه، قال: إنـما سميت الـيهود لأنهم قالوا { هُدْنا إلَـيْكَ }، أي تبنا ورجعنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق