تكريت تدفن آثاراً مسيحية تحت إسفلت شارع

السومرية نيوز/ صلاح الدين
يبدي المواطن وليد المدني وهو من أهالي مدينة تكريت أسفه العميق نتيجة عدم اكتراث الإدارة المحلية في مدينته بآثار يعتقد بوجودها وتم العثور على بعضها تحت شارع الباشا الذي تعمل الآليات الثقيلة على تعبيده و إكسائه بالإسفلت.وسبق أن أعلنت إدارة محافظة صلاح الدين، في العامين الماضيين،

اكتشافها كهوفا ودهاليز وبوابات قديمة ومقابر للنساء نتيجة حفريات لاستخراج المياه الثقيلة في منطقة شارع الباشا بتكريت القديمة.
ويقول المدني 48 سنة وهو من سكان حي الباشا الذي يقع وسط مدينة تكريت القديمة المحاذية لنهر دجلة لـ"السومرية نيوز"، "إنني حزين جدا على خطوة بلدية تكريت الرامية إلى اكساء شارع الباشا بالإسفلت لما يحتويه هذا الشارع من كنوز وشواهد تاريخية تؤكد وجود حضارة إنسانية تمتد لفترة ما قبل الإسلام في مدينة تكريت".
ويطالب المدني: "بجعل حي الباشا وشارعه منطقة أثرية تضاف إلى المواقع السياحية في العراق، وان تدعى لزيارتها فرق التنقيب الأثرية لإظهار قيمتها التاريخية"، مقترحاً "إيجاد بديل لسكان حي الباشا وتعويضهم عن منازلهم التي تقع حاليا فوق مواقع أثرية وكنائس قديمة".

تكريت المسيحية
بدوره، يؤكد مدير مفتشية آثار محافظة صلاح الدين سعدون العزاوي "وجود مواقع أثرية هامة في حي الباشا وبخاصة تحت الشارع الرئيسي الذي تجري حالياً تهيئته لأعمال التبليط".
ويقول العزاوي لـ"السومرية نيوز": إن "مدينة تكريت مسيحية المنشأ تقريباً وتوجد فيها الكنيسة الخضراء وكنائس أخرى يقع اغلبها في قلعة تكريت القريبة من نهر دجلة"، مشيراً إلى "وجود أكثر من عشر كنائس وكذلك دير للراهبات في مدينة تكريت وفي قضاء الدور شرق المدينة"، وبحسب المصادر التاريخية فإن تكريت كانت مركزاً لكرسي المشرق للديانة المسيحية، وأقام "الرؤساء الروحيون" فيها حتى عام 1272 ميلادية، فيما تشير مصادر أخرى إلى العام 1164م.
ويضيف مدير مفتشية آثار محافظة صلاح الدين: أن "حي الباشا وشارعه يعد منطقة أثرية وتقع فيه حاليا ألف دار سكنية، وعملية إزالتها تحتاج إلى تكاليف عالية ولم يجر في المراحل السابقة أي تحديد للسكن أو منع للتوسع في البناء الذي يجري على حساب طمر المواقع الأثرية"، مشيراً إلى أن "أعمال الحفر التي تجري في شارع الباشا أسفرت عام 2008 عن العثور على نحو 26 قطعة أثرية بعضها يحمل علامة الصليب وتم تسليمها إلى المتحف الوطني ببغداد".

أعمال المجاري تكشف عن الآثار
ويلفت العزاوي إلى أن "أعمال تهيئة الشارع للتبليط من خلال الحفر أثناء قيام دائرة الماء والمجاري بمد الأنابيب كشفت عن وجود أنفاق تحت الأرض ظهرت"، مؤكداً أن "هذا الشارع يستخدم منذ الخمسينيات كشريان رئيس للنقل وكرابط بين المدن المجاورة ومدينة تكريت عبر جسرها الرئيس على نهر دجلة".
ويضيف: أن "العثور على مواقع أثرية تحصل في تكريت عندما تجري أعمال حفر أو تسرب المياه إلى باطن الأرض، لكن الأمر يحتاج إلى ترحيل سكان حي الباشا وتخصيص مبالغ مالية كبيرة، وهذا أمر تتداخل فيه صلاحيات وزارات ويحتاج إلى قرار حكومي"، معتبراً السماح للسكن في المناطق الأثرية" خطأ متراكما يصعب معالجته في هذه المرحلة".
وبشأن التخصيصات التي ترصد لحماية الآثار في عموم محافظة صلاح الدين، أوضح العزاوي ان "التخصيصات قليلة ولم نحصل في هذه المرحلة إلا على 267 مليون دينار لأغراض صيانة بوابة تابيرو التي تعود إلى العهد الآشوري وتقع في قضاء الشرقاط (120كم شمال تكريت)، فضلاً عن تخصيص نحو 300 مليون دينار لأغراض الأعمال البلدية التي تجري حاليا بقرب ملوية سامراء 40كم جنوب تكريت".

بوابات ومقابر للنساء تحت الأرض
إلى ذلك، قال رئيس قسم المتابعة والتخطيط في بلدية تكريت والمسؤول عن تبليط شارع الباشا المهندس عمر محمد الجراد إن "دائرة الماء والمجاري عندما سبقتنا لمد الأنابيب لتهيئة الشارع لمرحلة التبليط وحفرت لهذا الغرض بعمق تسعة أمتار اكتشفت إنفاقا وآثارا تاريخية، وقد جرت مخاطبات مع دائرة الآثار وحصلت الموافقة على ردم الحفريات ومعالجتها ثم الاستمرار بأعمال التبليط ولهذا نواصل عملنا اليوم".
ويضيف: أن "بعض المناطق في شارع الباشا والذي يزيد طوله على 1300متر احتاجت إلى حقن بمادة الاسمنت أو استبدال التراب وضغطه بالحادلات لكي يستطيع تحمل الشاحنات والسيارات"، مبيناً أن "المعضلة الرئيسية التي واجهت العمل هي أن المنطقة رخوة وأثرية وتعاني من تشققات وتخسفات".
ويؤكد الجراد لـ"السومرية نيوز"، أن "دائرة الماء والمجاري عثرت على إنفاق خلال أعمال الحفر"، ويلفت إلى احتمال "وجود سور قديم تحت الأرض"، مشدداً على أن "العمل نفذ منه نحو 35 بالمئة، حيث بدأ منذ الشهر الثامن من العام الجاري ويستمر لمدة ستة أشهر لاستكمال تبليط الشارع الذي يستخدم منذ عام 1958 كممر مهم".
وبرغم أن المسؤولين والمشرفين على تبليط شارع الباشا يعتقدون بضرورة المضي في انجاز العمل لأهميته في التنقل، يعتقد الأهالي أن أسرار المدينة ستدفن تحت الإسفلت وبرأيهم أن ذلك يشكل كارثة لابد من تلافيها وعدم طمس المعالم ودفنها.
وأعلنت محافظة صلاح الدين في شباط من العام الماضي 2009 عن اكتشاف آثار في مدينة تكريت، 180 كيلومتراً شمال بغداد، تعود حقبتها إلى القرن الأول الميلادي، وهي الفترة التي اعتبرها مكتشفو هذه الآثار البداية الأولى للتبشير المسيحي في العراق والشرق الأوسط، وتم اكتشاف الاثار نتيجة لأعمال الحفر لاستخراج المياه الثقيلة في منطقة شارع الباشا، وبعد الحفر بعمق 8 أمتار، ظهرت للعاملين بوابات قديمة أدت إلى كهوف ودهاليز، وقد تم العثور على بوابات قديمة أدت إلى دهاليز ومقابر للنساء، وأكد الخبراء أن الحقبة التي تعود إليها هذه الآثار، كانت النساء فيها يُدْفَنَّ في مقابر، والرجال في مقابر أخرى، كما تم العثور على مجموعة من الحُلي وجدت أيضاً بقرب هذه المقابر، التي أكد الباحثون أنها تعود إلى القرنين الأول والثالث الميلاديين، وهي الفترة التي عاش فيها الرومان والساسانيون في تكريت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق