أصدرت هيئة كبار العلماء، التي تعتبر أعلى مرجعية دينية في السعودية، بياناً نهت فيه بشكل قاطع عن القيام باحتجاجات، واعتبرت أن المظاهرات "محرمة،" وذلك في أول رأي فقهي من هذا المستوى في المملكة التي شهدت مناطق فيها تحركات احتجاجية محدودة، مع دعوة لمظاهرات أكبر الأسبوع المقبل في عدة مدن، ما دفع وزارة الداخلية لإصدار بيان تحذيري.
وقالت هيئة كبار العلماء إن ما وصفته بـ"المحافظة على الجماعة" هو "من أعظم أصول الإسلام،" وذكرت بالعديد من الأحاديث التي أشارت إلى أنها تدل على رفض الثورات و"خلع اليد من الطاعة."
وأضاف البيان، الذي نقلت تفاصيله وكالة الأنباء السعودية: "لقد حافظت المملكة على هذه الهوية الإسلامية فمع تقدمها وتطورها، وأخذها بالأسباب الدنيوية المباحة، فإنها لم ولن تسمح - بحول الله وقدرته - بأفكار وافدة من الغرب أو الشرق تنتقص من هذه الهوية أو تفرق هذه الجماعة."
كما دعت هيئة كبار العلماء الجميع إلى "بذل كل الأسباب التي تزيد من اللحمة وتوثق الألفة، وتحذر من كل الأسباب التي تؤدي إلى ضد ذلك،" وحذرت مما وصفته بـ "ارتباطات فكرية وحزبية منحرفة."
وأضافت: "الهيئة تؤكد أن للإصلاح والنصيحة أسلوبها الشرعي الذي يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة، وليس بإصدار بيانات فيها تهويل وإثارة فتن وأخذ التواقيع عليها، لمخالفة ذلك ما أمر الله عز وجل به.. وبما أن السعودية قائمة على الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة فإن الإصلاح والنصيحة فيها لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة، وهذا ما قرره علماء هذه البلاد قديماً وحديثاً من تحريمها والتحذير منها."
وختمت الهيئة موقفها الفقهي بالقول، إنها "تؤكد على حرمة المظاهرات في هذه البلاد،" ودعت لاستبدال هذا الأسلوب بأسلوب آخر يقوم على "المناصحة،" وحضت في الوقت عينه على "أهمية اضطلاع الجهات الشرعية والرقابية والتنفيذية بواجبها كما قضت بذلك أنظمة الدولة وتوجيهات ولاة أمرها ومحاسبة كل مقصر."
وحمل البيان توقيع مفتي السعودية، عبدالعزيز آل الشيخ، وعدد من كبار رجال الدين في المملكة، بينهم عبدالله اللحيدان وصالح الفوزان وعبدالله بن محمد آل الشيخ.
ويأتي هذا الموقف الديني بعد يوم من تحذير اصدرته وزارة الداخلية السعودية من تنظيم أي مظاهر احتجاجية في المملكة، وشددت على أن الأنظمة المعمول بها تمنع القيام بهذه الأعمال، كما اعتبرت أن الدعوة لتنظيمها "يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية."
وحذرت الداخلية السعودية، في بيان السبت، يأتي رداً على الاحتجاجات التي شهدتها عدة مناطق في شرق المملكة خلال اليومين الماضيين، مما أسمته "محاولة البعض للالتفاف على الأنظمة والتعليمات والإجراءات، لتحقيق غايات غير مشروعة." وشدد البيان على أن "قوات الأمن مخولة نظاماً، باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بشأن كل من يحاول الإخلال بالنظام، بأية صورة كانت، وتطبيق الأنظمة بحقه."
وكانت محافظة "الإحساء"، شرقي المملكة السعودية، قد شهدت مظاهرة شارك فيها المئات بعد ظهر الجمعة، ضمن ما يُعرف بـ"يوم الغضب"، للمطالبة بإطلاق سراح عدد من السجناء الشيعة، يقول محتجون إنهم تعرضوا للسجن "دون محاكمة عادلة."
وفيما ذكرت مصادر بالمعارضة أن أجهزة الأمن السعودية اعتقلت 22 شخصاً ممن شاركوا في احتجاجات الخميس.
كما وجه مئات من الناشطين السعوديين رسالة إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تحت عنوان "نحو دولة الحقوق والمؤسسات" دعوه فيها إلى إصلاحات سياسية وانتخابات حرة وإطلاق سجناء الرأي، محذرين من أن الدول العربية التي لن تسلك هذا الطريق "مرشحة لعواقب وخيمة واختلال أمني."
وتوجهت الرسالة التي عرض القائمون عليها موقعاً إلكترونياً خاصاً للراغبين في التوقيع عليها إلى العاهل السعودي بالتهنئة بسلامة صحته، متمنين له التوفيق في "تحقيق ما وعدتم به من الإصلاح والعدل ورفع الظلم واجتثاث الفساد،" وقد وقع الآلاف بأسمائهم تأييداً لها، قبل ورود أنباء عن حجبها من على الانترنت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق