العلامة الحسيني: القتل حرام في جميع الاديان السماوية


القى سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني خطبة الجمعة في مصلى بني هاشم في الضاحية الجنوبية لبيروت وتناول فيها حرمة القتل في جميع الاديان وخصوصا في الاسلام . واستهلها بالاشارة الى قوله تعالى :( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).
واضاف : هذه الآية الكريمة تثبت كيف ان الشريعة الإسلامية السمحاء اتخذت في مسألة القتل كما في سائر الأعمال الحساسة والخطيرة ، أحكاما صريحة بالعقاب ، فالقتل بغير حق والذي فيه الفساد الاجتماعي ويمس في أمن وأمان المجتمع . وقد حرم الله القتل في جميع الشرائع السماوية إلا بأربعة خصال : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس ظلما وتعديا . أو فساد في الأرض أي ، شرك .
لقد احتاطت الشريعة الإسلامية جدا في الدماء وحرمة القتل بأدلة شرعية مشهورة ومعروفة ، وبالرجوع لما جاء في الكتاب والسنة من آيات وأحاديث نجد أن هذا القتل بغير حق من كبائر الذنوب وقد توعد الله تعالى مرتكبه بعقوبات عظيمة ومنها:
قال الله تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) فتأمل هذه العقوبات التي ذكرها الله جل جلاله ( خلود في جهنم - وغضب الجبار عليه -ولعنه له – والعذاب العظيم ) إن هذه العقوبات لا تكاد تجدها مجتمعة في ذنب واحد إلا القتل العمد مما يستدل على انه من الكبائر ومن المفاسد.
قال تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) نستدل في هذه الاية على النهي والحرمة الواضحة في قتل النفس التي حرم الله وهذا من صفات المتقين ونجد عقاب القتل الاثم والعذاب المضاعف والخلود في جهنم بشكل مهين .
وأما الأحاديث الواردة عن رسول الله{ص}: قال {ص}:( اجتنبوا السبع الموبقات ) قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال ( الشرك بالله والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق). فقتل المسلم من الموبقات والمهلكات. وقال {ص}:( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ).
وقال {ص}: (من حمل علينا السلاح فليس منا ) فهذا الوعيد من رسول الله {ص} لمن حمل السلاح فكيف بمن باشر القتل .
بعد هذا الاستدلال الواضح من الكتاب والسنة على حرمة القتل وعقابه نقول من المؤسف تقع حوادث قتل في امتنا منكرة محرمة ،لا بل ان ما نشهده هو حروب ابادة تحت عناوين سياسية لا تميز بين الحق والباطل .
ان العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني هو القتل الحرام بعينه لانه صادر عن كيان غاصب ومحتل ، لا يستند في وجوده الى اي اساس قانوني او تاريخي ، وانما هو مؤامرة دولية على امة العرب والمسلمين .
ان ما يجري في ليبيا ليس باي حال من الاحوال ثورة او انتفاضة ، وانما اقتتال اعمى بين ابناء الشعب الواحد ، بتحريض من دول الغرب التي تساهم في عملياتها الحربية في تأجيج النزاع وسفك المزيد من دماء المسلمين ، عدا عن التدمير التشريد والتهجير ، ورهن ثروة ليبيا النفطية للبازار الدولي. وقد اقترحت منظمة المؤتمر الافريقي مبادرة للسلام في ليبيا ودعوتنا التي نكررها اليوم هي لجميع الفرقاء للقبول بها لوقف حمام الدم فورا .
وان ماجرى من اعمال قتل في البحرين تحت شعار مطلبي ، او تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار ، هي اعمال مرذولة ومحرمة شرعا ، وخصوصا انها تجري داخل الصف الاسلامي العربي الواحد ، الذي يجب ان يبقى موحدا ليستطيع مواجهة الاخطار الخارجية والتحديات التي تواجه المملكة والامة .هذا ما يملي على الجميع التمعن في حقائق هذه المخاطر والتوجه فورا الى الحوار لمعالجة اي مشكلة داخلية .
أما في اليمن فان ما بدا تحركا شعبيا اول الامر سرعان ما ظهر انه مؤامرة أخرى على بلد عربي آخر ، ليقع ابناؤه شر قتل بعضهم البعض ، ويتحول اليمن الى ساحة حرب بالمفرق على حساب وحدته واستقراره ، وبطبيعة الحال على حساب دم بنيه .


لقد ارتكبت القوات العراقية التابعة لنوري المالكي في الايام الاخيرة مجزرة مريعة ووحشية ضد سكان مخيم أشرف للاجئين الايرانيين داخل الاراضي العراقية . وهؤلاء السكان هم مسلمون يحرم دمهم وعرضهم واموالهم ، وقد ضمن لهم الاديان السماوية كما المواثيق والمعاهدات الدولية الحق في الحياة الحرة والكريمة الامنة.
ان الفعل الذي ارتكبه المالكي هو جريمة تخالف الشريعة الاسلامية اولا ، وتتناقض مع كل المبادىء التي كرستها الاديان الاخرى ، عدا عن انها تخالف القانون الدولي . وهذا ما يستدعي احالة مرتكبيها ، من مقررين ومنفذين ومساعدين الى المحكمة الجنائية الدولية ، في اسرع وقت ممكن ، خصوصا انها ليست المرة الاولى ، وهناك نوايا بتكرارها .
وختاما ايها الاخوة ، لا بد من التذكير بالماساة المستمرة والمنزمنة لابناء الاحواز العربية والذين يتعرضون للقتل الحرام على أرضهم ، فاذا ما غادروها طلبا للامان تقطعت بهم السبل في بلاد العرب وغيرها من دون أن يجدوا لهم نصيرا او داعما .
لقد سمعنا في الآونة الاخيرة صوتا عربيا ينادي داخل مجلس التعاون الخليجي لتبني قضية الاحواز العربية ، وهذا التطور الذي يأتي بعد طول انتظار ، امر ايجابي ، فان يأتي متأخرا افضل من ان لا يأتي . لذلك نلفت انتباه قادة الامة ومسؤوليها الى ان نجدة الشعب الاحوازي وباسرع وقت ممكن لهو واجب شرعي وقومي وانساني على حد سواء .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق