الدكتور مصطفى راشد: لا وجود لحد الردة فى الاسلام

النهار المصري

مازال أهل الجهل والتشدد يوصمون الاسلام بفرض حد الردة وهو القتل بعد الاستتابة لمن يترك الاسلام والردة لفظ عربى ولغة:- هى الامتناع والرجوع عن الشىء وتركه فيقال عن تارك الاسلام مرتد

ولان الاسلام قد ابتُلى ببعض رجاله فأساؤا اليه أكثر من غيرهم وذاك لأفة عقلية او رؤية ظلامية او لغياب النظرة التحليلية المنطقية عندهم – فوجدناهم يشرعون حدا جديدا لم يأت به الاسلام وهو حد الردة لذا رأينا ان ندفع هذه الاساءة عن الاسلام بأن نفند كل ماذُكر عندهم كدليل وحجة بأسلوب علمى قائم على الحجة والمنطق على اربعة محاور وهى القراَن والاحاديث والسيرة الاسلامية والعقل

المحور الاول القراَن :- بالبحث فى القرأن الكريم لم نجد اى دليل على حد الردة ( اى قتل المرتد عن الاسلام ) بل وجدنا كل ماجاء به القراَن هو محاسبة ومعاقبة المرتد من قِبل الله فى الاخرة كما ورد بسورة البقرة 217 قوله تعالى ( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاؤلئك حبطت اعمالهم فى الدنيا والاخرة واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ) هذا بالاضافة للايات التى ترفض قطعا ً وصراحةً الاكراه فى الدين مثل قوله تعالى فى سورة المائدة 54 ( لا اكراه فى الدين ) وايضا حرية العبادة والاعتقاد الواضحة فى قوله تعالى فى سورة الكهف الاية 29 ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )--- ايضا تعلمنا من الايات الوضوح اللفظى المحدد خصوصاً اذا كان الامر يتعلق بحد مثل حد الزانى والزانية فى سورة النور ايه 2 اذ كان بالجلد وعدد الجلدات وكذا حدث مع شهود الزور فى سورة النور ايه 4 فكيف يكون حد الردة المزعوم الذى يزهق الروح بالقتل لا يُنص عليه صراحة وبوضوح .

المحور الثانى الاحاديث النبوية :- نجد استناد من يقول بفرض حد الردة الى حديثين شهيرين نسبا للرسول—الاول—قول الرسول (ص) (من بدل دينه فأقتلوه) وقد رواه البخارى – والثانى – قول الرسول (ص) ( لايحل دم امرىء مسلم يشهد ان لا الله الا الله وانى محمد رسول الله الا بأحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزانى والتارك لدينه المفارق للجماعة ) وقد رواه البخارى ومسلم--- ومع كل احترامى للبخارى ومسلم الا ان هاتين الحديثين غير متواترين اى منقطعى السند الناقل عن الرسول (ص) اى غيرُ صحيحين ولا وجوب للاخذ بهما مما يعنى انه لايصح ان نجعلهما دليلين على فرض حد الردة الذى يزهق الروح

المحور الثالث السيرة الاسلامية: - استند الفريق الراغب فى فرض حد الردة الى ماذكر فى بعض كتب السير الاسلامية عن قيام ابو بكر بمحاربة المرتدين بداية توليه الخلافة --- فنقول لهم مالكم تلبسون الحق بالباطل فأبو بكر لم يقاتل المرتدين عن الاسلام بل المرتدين عن دفع زكاة المال لبيت المال وكانوا على اسلامهم واصدق دليل على ذلك قصة مالك ابن نويره الذى قبض عليه جنود خالد ابن الوليد على اعتبار انه مرتد فذكر الجنود انهم وجدوا مالك يصلى صلاة الاسلام لحظة القبض عليه – اما الدليل الاكبر على مانقول هو قول عمر لابى بكر :- كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله اُمرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فمن قال لا اله الا الله فقد عصم منى نفسه وماله الا بحقه وحسابه على الله فقال ابو بكر :- والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فاءن الزكاة حق المال :- والله لو منعونى عناقا ( الماعز الصغيرة) لقاتلتهم على منعهم ) وكان هذا الحوار بخصوص مايدعونه حروب المرتدين مع ان الامر واضح لا لبس فيه .

المحور الرابع العقل :- وهو المحور المهم فى نظرنا لغيابه عند الاخرين لان المنطق العقلى يرفض تماما فكرة القتل فى وجود الحساب ويوم القيامة ولان القتل يمنع فرصة للمرتد ان يعود ويتوب ويكون افضل مما سبق ويحضرنى هنا مثال الراحل العظيم دكتور\ مصطفى محمود الذى اِلحد وارتد عن الاسلام ثم عاد افضل من مسلمين كثر كما ان العقيدة معناها الاعتقاد اى الاقتناع فهل الاقتناع يكون بالقوة والجبر ام الاقناع والاختيار—والعقل يقول ايضا ان العقيدة لا يعلمها الا الله فقد يذكر الانسان الاسلام بلسانه وقلبه مطمئن بعقيدة اخرى – فهل مثل هذا المنافق مانريده وهل النظرة الالاهية تكون بهذا الشكل السطحى حاشا لله – لذا نناشد هؤلاء ان يعودوا لرشدهم ليعرفوا انه لا وجود لحد الردة فى الاسلام

الشيخ الدكتور\مصطفى راشد
استاذ الشريعة وعضو اتحاد الكتاب الافريقى الاسيوى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق