سمه ما شئت، تمردا، خطوة شجاعة، بحثا عن التجديد، بحثا عن الذات، ملئا للفراغ، صحوة إنسانية، أم عودة إلى الجوهر. ومهما اخترت له من اسم ستجدك واقفا أمام أمر في غاية الدهشة والغرابة حيث تتلاشى النظريات التخريبية التي سنوها ومنطقوها لجعل الحياة تسير وفق مشتهاهم وتصوراتهم ورغباتهم، تلك النظريات التي غزتنا في عقر دارنا بعد أن وجدت بيننا من يرحب ويطبل ويزمر لها، والتي وقفنا أمام مدها وانتشارها عاجزين، تجدها تنهار من تلقاء نفسها أمام عينيك، وبشكل عملي لا يترك مجالا للاحتمال والتأويل.
وتقودك الدهشة لتعرف أنت المسلم الذي تخلى عن جوهر إسلامه، والعاجز عن أداء شعائره، والباحث عن البدائل في مناهج الغرب ونظرياتهم، أن النظرية الفكرية والسلوكية الإسلامية بنقاء جوهرها وعظمة منهجها هي التي أسهمت في تدمير نظرياتهم المضادة وليس المسلمين!
هذا الإسلام الذي طالما اتهموه بأنه يصادر الحريات ويرفض المساواة ولا يعطي المرأة حقوقها ولا يؤمن بالتعددية، ولا بتعدد الثقافات وتنوعها، هو الذي جعل فوهات سلاحهم ترتد عليهم وتصيبهم في الصميم فأدركوا كما صرح بذلك (كاميرون) رئيس الوزراء البريطاني: أن نهج تعدد الثقافات أحد المشاكل الأساسية في انتشار الإسلام أو كما يسميه (التطرف الإسلامي) في بريطانيا.
هذا الإسلام الذي اتهموه بأنه معاد للمرأة ومصادر لحقوقها ورافض لمساواتها مع الرجل مساواة تامة غير منقوصة، أظهر لهم كذبهم يوم سحر الفتيات اللواتي وجدن أنفسهن تحت شريعة قوانين المساواة الزائفة التي يرفعها الغرب قد تحولن إلى ملهاة رخيصة تتقاذفها أمواج الشباب الداعر والخمور والمخدرات والرذيلة والشذوذ والمثلية لدرجة أنها فقدت إنسانيتها وتحولت باسم التحرر المزعوم إلى سلعة رخيصة لا تجد شاريا حتى ولو بدون ثمن. فتمردن وبدأن بالبحث عن الخلاص في أي مكان محتمل ينقذهن من الواقع المهين المزري، ووجدن الإسلام ملاذا وحصنا، فلم يكتفين بالتفرج عليه بل أسرعن لاعتناقه والإيمان به،وما كنّ وحدانا بل زرافات ومجاميع حتى بلغ عدد الفتيات البريطانيات اللواتي اعتنقن الإسلام في عام 2010 أكثر من 100 ألف فتاة، قالت إحداهن بعد أن تذوقت حلاوة الإيمان لأشهر عديدة: (باعتناق الإسلام تبدأ الرحلة الحقيقية)
ويقول المختصون والسياسيون والمتخوفون من الانتشار الإسلامي: أن الفقر المتنامي في شمال بريطانيا، وفقدان الديانة المسيحية لكل أنواع الإيمان، وفقدان المسيحية لاحترامها لأن الناس لم يعودوا يحترمونها دفع الفتيات إلى اعتناق الإسلام!!
لكن، لماذا الفتيات فقط ؟ لماذا لم يندفع الشبان مثلهن، الفقر حالة عامة ولا تخص بالنساء وحدهن؟ وهم جميعا مسيحيين فتيانا وفتيات، ولديهم جميعا فقدت المسيحية احترامها، فلماذا يحجم الشباب وتتقدم الفتيات؟
الجواب، أن هذه البلدان فقدت تقريبا معنى الأخلاق والدين، أي فقدت جوهر الحياة، ولم تعد الحياة عندهم على علاقة بالموروث الإنساني وبذلك شعر المجتمع ولاسيما الفئات الشابة منهم وبالأخص الفتيات، أنهم بعيدون عن إنسانيتهم الحقيقية، وان التفكك والانحلال الذي أصاب مدنهم ومجتمعاتهم حيث الشباب يدمرون أنفسهم بأنفسهم، ويغرقون ولاسيما أيام العطل (الجمعة والسبت) في بحور من الجنس والمخدرات والشراب الذي باتوا يطلقون عليه اسم (الشراب الحزين) جعل الفتيات يؤمن أنهن بحاجة إلى القواعد الحازمة التي تحميهن من أنفسهن ومن مجتمعهن فبدأن بالبحث عن الجوهر المفقود، ولأن الدين الإسلامي يرى أن البشر بحاجة إلى قواعد وشعائر ثابتة أكثر من أي دين آخر، ولأنهن أدركن: أنك حينما تراقب أعمالك وتشعر أن هناك من يراقبك فذلك معناه التواصل الحقيقي مع الذات الإنسانية، لهذه الأسباب اندفعن بعنف لاعتناق الإسلام بعدما أدركن أن الدعوة إلى حرية المرأة إنما وضعها الرجال لتوفر لهم المتع التي يحتاجونها مجانا وبدون ثمن!
أما الصرخة العظيمة التي أطلقوها والتي تدعوا المجتمعات الغربية إلى الحذر من الإسلام والخوف منه، فلم تكن دفاعا عن معتقد ديني، ولا عن حرية المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل، ولم تكن دفاعا عن مبدأ تعدد الثقافات، بل لأنهم شعروا أمام موجة التأسلم العاتية التي اجتاحت حصونهم، أنهم الخاسر الأكبر، الذي سيضطر مستقبلا إلى دفع الكثير من المال لإشباع رغباته الجنسية بعد أن كان يشبعها مجانا تحت ظلال المساواة والحرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق