استغرب المسلمون عمل القس المجنون "تيري جونز" الإرهابي وإقدامه على حرق القرآن الكريم، لمجرد أنه يعتقد بأن القرآن كتاب يدعو إلى الكراهية، مع أن الرجل من شدة غبائه لا يمكن أن يدرك قيمة ما ألقاه إلى النار طعاما، لأنه لا يمكن أن يفهم قيمة القرآن وقدسيته، كما الحمار لا يدرك قيمة ما يحمله على ظهره {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا} والرجل لم يدرك أن النار التي أبت ملايين المرات من قبل أن تتجرأ على أكل حروف القرآن، قد أكلته هذه المرة لكي تزين له سوء عمله {ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم،إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}
وأستغرب العراقيون قيام بعض أفراد جيش الاحتلال الأمريكي بوضع القرآن الكريم شاخصا للرمي، أو إلقائه فوق أكوام نفاياتهم وبقايا ما يأكلون، مع أن الجنود بسبب عدم نقاء أصولهم وجهلهم بأنسابهم، وشدة اختلاط المياه التي أنجبتهم، لا يمكن أن يدركوا قيمة المقدس وأهميته للآخرين، لأن ما يأتون به من فعل قبيح إنما هو طبع تطبعوه {فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث}
ولكن كيف للعالم، كيف للبشرية، أن تدرك أن ما تعرضت له الكتب، كل الكتب، عبر التاريخ من أعمال حرق وتخريق وتدمير همجية، إنما كان بسبب جهل المجرمين بأهمية ما تحويه الكتب من علم ومعرفة؟
نحن لا نعجب من أفعالهم من حيث الجوهر، فجوهر المرء ينعكس على سلوكه ويحدد طرائق تعامله مع الآخر ورموزه ومقدساته، ولكننا نتعجب ونصدم من أفعالهم من حيث المخبر، كونهم رغم التقدم الذي يدعون، والثقافة التي بها يتشدقون، والحضارة التي بها يتبجحون، وقصصهم الخرافية عن حرية الفكر وحرية المعتقد والدين، يأتون بأعمال من عين الأعمال الشريرة التي قامت بها الشعوب البدائية الهمجية التي لم تعرف التحضر، ولم تعش التمدن، كالمغول والتتار الذين احرقوا مكتبات بغداد والقوا بمحتوياتها في نهر دجلة. فيقدمون بجرأة على الله سبحانه ليلقوا كلامه الموجود بين دفتي القرآن الكريم طعاما للخنازير، إمعانا في التنكيل بالمسلمين ورسالة الإسلام. وهم بعملهم الشرير الدنيء هذا إنما يؤكدون جهالتهم وانحطاطهم وسوء خلقهم وقلة معرفتهم وهمجيتهم، وألا فإن الخنزير المسكين لا يعرف قيمة ما يأكله سواء كان ما يقدم إليه، كلام الله المكنون في كتاب المسلمين المقدس، أو سلة من التفاح والموز، أو حتى مجرد أوراق جريدة قديمة، أو غيرها، وراعي الخنازير هو المسؤول الأول والأخير عما يقدمه لخنازيره من طعام، لتربوا عليه فيستلذ بأكلها.
وبالمناسبة سألني أحد الأخوة المسيحيين عن سبب تحريم الإسلام لتناول لحم الخنزير وأراد إجابة علمية مقبولة لا علاقة لها بآيات التحريم القرآنية لأن قرآن المسلمين ليس حجة عليه، ورغم علمي بموضوع الدودة التي تعيش في جسم الخنزير والتي تقاوم درجات الغليان، إلا أني وجدتها غير مقنعة لأنه قد يتعلل بأن الفحص الطبي للخنازير قبل ذبحها يمكن أن يجنبهم مخاطرها. وفي معمعة بحثي عن الجواب المقنع، أوقع الله سبحانه بين يدي نسخة من نشرة إخبارية قديمة تصدرها (الوكالة الدولية الجديدة للصحافة) في باريس، باللغة العربية، وتحمل نفس الاسم، يعود تاريخ إصدارها إلى سبعينات القرن الماضي، وتتحدث عن موضوع علمي مهم خلاصته: أن للأكل الذي يتناوله الإنسان أثرا على نوع غرائزه وسلوكياته، أي أن لأنواع الأطعمة تأثيرات جانبية أخرى غير جوانب التغذية وإشباع الجوع، والتلذذ بتناول الأطعمة الشهية، تمتد إلى التحكم بسلوكيات البشر، فتظهر الجانب الذي كان يطغى على طباع المأكول في طباع الآكل، فإن كان المأكول سمك القرش مثلا، يتحول الآكل تدريجيا إلى قرش بشري لا مانع عنده من نهش لحم أخيه الإنسان حتى من دون سبب.
ولما كان الخنزير هو الحيوان الوحيد من بين الحيوانات كلها، وبكل أصنافها وأنواعها ـ وبعض البشر الشاذين طبعا ـ حيوانا "ديوثا" يستمتع بجلب الذكور الآخرين لمعاشرة زوجته، فمن المؤكد حسب هذه الدراسة العلمية بأن طباعه هذه تنتقل إلى من يتناول لحمه، ويحلل أكله، فيصبح ديوثا رغما عنه. ولهذا السبب حرم الله أكل لحم الخنزير، وأظن أن صديقي المسيحي، أقتنع بهذه النظرية لأنه ترك أكل لحم الخنزير بعد سماعه الخبر.
أما القس تيري جونز، وجنود الاحتلال، وبعض الكنائس، التي تلقي بكتاب الله القرآن، إلى الخنازير لتأكله، فهم من أكثر الناس استمتاعا بأكل لحم الخنزير، وأكثر الناس تأثرا بطباعها وسلوكياتها وديوثيتها، فلا عجب من حرقهم القرآن، أو إلقائه طعاما للخنازير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق