شهود عيان: تفاصيل "موقعة عبير" بين السلفيين والأقباط في مصر

العربية - القاهرة - مصطفى سليمان
قدّم عدد من شهود العيان روايتهم عن "موقعة عبير" التي دارت رحاها بين السلفيين والأقباط أمام كنيسة مارمينا في إمبابة بمصر يوم السبت الماضي وأوقعت 12 قتيلاً وأكثر من 200 مصاب من الجانبين.

وفي الروايات التي قدمها الشهود للجنة تقصي الحقائق التي أوفدتها مبادرة بيت "العيلة"، وكذلك ما رواه شاهد آخر لـ"العربية.نت" كانت "عبير" هي المحور المشترك الذي تسبب في أعنف مواجهات طائفية تشهدها الساحة المصرية، استخدمت فيها الذخيرة الحية.

خالد المصري، منسق عام المركز الثقافي للحوار، أوضح في شهادته لـ"العربية.نت" أن عبير سيدة كانت مسيحية ثم اعتنقت الإسلام، حسب ما أخبرنا زوجها ياسين ثابت الذي ألقي القبض عليه الاثنين، واختفت منذ شهر مارس/آذار الماضي واسمها "عبير طلعت" ثم أطلقت على نفسها اسم "أسماء".

وأضاف أن ثابت حرر محضراً في قسم الشرطة عن اختفائها في محافظة أسيوط بصعيد مصر، ويوم السبت الماضي جاء إلى مسجد "الهداية" في إمبابة، الذي من أكبر المساجد في هذه المنطقة، طالباً الاستغاثة ومدعياً أن زوجته اختفت منذ 3 أشهر، وأنه تلقى منها اتصالاً تخبره بأنها محتجزة في أحد المباني الخدمية التابعة لكنيسة مارمينا بإمبابة التي جرت أمامها المعركة بالرصاص الحي وأوقعت 12 قتيلاً من الجانبين وما يزيد على 200 مصاب.

ويضيف المصري: فور علمي بهذه الوقائع ونظراً لاهتمامي بهذا النوع من القضايا توجهت إلى المسجد والتقيت بالزوج، وبعد تأكيده أن زوجته موجودة في ذلك المكان، اصطحبنا شيخ المسجد ومجموعة من أهالي المنطقة وتوجهنا إلى الكنيسة وطلبنا مقابلة أحد الكهنة، فالتقينا بأحد مشرفي الكنيسة الذي سمح لنا بالدخول والبحث عن السيدة أسماء، وطلب منا أولاً أن نختار اثنين فقط، ولكننا طلبنا أن نكون 5 أشخاص فوافق.

شيخ سلفي: رواية عبير كاذبةويستطرد المصري: حتى لحظة الدخول كنا متشككين في رواية الزوج عن وجود زوجته بداخل الكنيسة، وفي ذات الوقت أبلغنا الجهات الأمنية بالواقعة، وقبل وصول أي مسؤول أو شرطي إلى المنطقة بدأت مجموعات من الأقباط في التجمع، خاصة أن المكان الذي تقع فيه الكنيسة محاط من جميع الجوانب بمنازل يمتلكها أقباط.

ويشرح كيف تأزم الموقف رغم أنه كان في سبيله للحل قائلاً: "لاحظنا تزايد التجمعات خارج الكنيسة وشاهدنا من فوق منازل الأقباط الأسلحة الآلية تشهر، وكان المنزل الذي أطلقت منه أول رصاصة ملاصقاً للمبنى الخدمي التابع للكنيسة وبأسفله مقهى يمتلكه قبطي ألقي القبض عليه أيضاً، وقبل بدء إطلاق النار شاهدنا جموعاً من الأقباط تقف على أبواب الكنيسة ترفض دخولنا رغم موافقة مشرف الكنيسة على ذلك.

ويتابع: في نفس الوقت تجمّع المئات من المسلمين خلفنا من أهالي إمبابة، ولم يكن بينهم أي سلفي بل هم أناس عاديون، ووسط هذه التجمعات كان من الطبيعي أن تنتشر الشائعات التي تثير حفيظة المسلمين والأقباط على حد سواء، ومع إصرارنا على دخول الكنيسة تم إطلاق النار من فوق المنزل الملاصق للكنيسة فاشتعل الموقف، الأمر الذي دعا الشيخ محمد علي، شيخ السلفيين في إمبابة، لتهدئة الوضع وبادر بإبلاغ مدير أمن الجيزة فحضر بنفسه.

ومع تزايد احتقان الوضع وقف الشيخ محمد علي خطيباً في الجماهير التي احتشدت قائلاً: "أشعر بالكذب في رواية زوج السيدة حول وجودها بالكنيسة وأنتم على أبواب فتنة، فاتقوا نارها وعليكم بالرحيل "، وبالفعل استجاب المئات لدعوة الشيخ محمد علي وانسحبوا من المكان، لكن الأحداث تطورت إلى الأسوأ، حتى إن الشيخ محمد علي أصيب أيضاً.

شهادات مبادرة "بيت العيلة"وفي ذات الإطار توجّهت لجنة من مبادرة بيت العيلة، التي أطلقها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لمواجهة الفتنة الطائفية، إلى كنيستي إمبابة.

وضمت اللجنة كلاً من الدكتور محمود العزب مستشار الإمام الأكبر لحوار الأديان والمتحدث باسم المبادرة عن الأزهر، واللواء محمود العشماوي نائب محافظ الجيزة، وعدداً من رجال الكنيسة والقمّص فريج فهمي كاهن كنيسة مارمينا، وعدداً آخر من رجال الكنيسة.

وزارت اللجنة شارع الأقصر بإمبابة وعقدت لقاء داخل الكنيسة استمر نحو ساعة ثم التقت بعدد من المواطنين الذين تضرروا من أحداث الفتنة بحرق منازلهم ومحالهم التجارية المجاورة للكنيسة.

ورصدت تقريراً مفصلاً سيتم رفعه إلى كل من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة، للبدء في حل الأزمة عبر المؤسسات الدينية، وذلك بعيداً عن التحريات والتحقيقات التي تجريها النيابة.

واستمعت اللجنة إلى شهادات حية من المواطنين المقيمين بجوار الكنيسة، بالإضافة إلى رجال الكنيسة، وجاءت معظم الآراء في التقرير متشابهة في رواية تفاصيل الأحداث وتسير في وتيرة واحدة، تبدأ من تأكيد المواطنين على قدوم شخص وهو "زوج عبير" بدأ ينشر شائعة أن زوجته مختطفة، وهو يعد المسؤول الأول عن الأزمة، ثم قام بجمع عدد ممن وصفهم الشهود بأنهم سلفيون.

وأثناء ذلك شكّل الأقباط دروعاً بشرية لحماية الكنيسة من زوج عبير ومن معه، وهنا بدأ إطلاق النيران بين الطرفين، إلا أنه حتى الآن لم يعرف أحد مصدر هذه النيران التي خرجت هل هي من زوج عبير والذين كانوا معه، أم من المنازل المجاورة للكنيسة والتي يسكنها الأقباط.

ويؤكد الدكتور عمار علي حسن، خبير علم الاجتماع السياسي، في حديث لـ"العربية.نت" أن "هناك تقصيراً من الحكومة المصرية الحالية، فكان يجب عليها أن تدرك هذا الخطر، حينما تركت السلفيين يحاصرون مبنى الكاتدرائية المرقسية وما كان يجب عليها أن تسمح بذلك تحت دعوى حرية التعبير، فالنظام السابق يدفع بهذه المشاعر الطائشة من خلال عناصر معينة تابعة له لاستغلال ورقة الأقباط والفتنة الطائفية، وهي أضعف نقطة في الجسد المصري يمكن أن تنفذ منها الثورة المضادة لإجهاض ثورة 25 يناير، وهي الورقة الأخيرة في إحراق الوطن كله خاصة بعد صدور أول حكم ضد حبيب العادلي بالحبس 12 عاماً.

ويطالب د. عمار حسن المجلسَ الأعلى للقوات المسلحة بتحمل أمانته كاملة كما يقتضي الأمر في حماية الثورة لا أن يترك فلول النظام السابق أو تيارات بعينها تجهض الثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق