صدور كتاب "نظرية فارسية التشيع بين الخديعة والخلط التاريخي والمؤامرة"/ صالح الطائي


عن دار العارف للمطبوعات في بيروت صدر للباحث والكاتب في الشؤون الإسلامية صالح الطائي كتاب بعنوان (نظرية فارسية التشيع بين الخديعة والخلط التاريخي والمؤامرة) يقع الكتاب في 440 صفحة، قياس 17؛ 24 بتجليد فني.
والكتاب عبارة عن دراسة تاريخية نقدية تحليلية مقارنة تتناول مسألة التشكيك بهوية المذهب الشيعي، والطعن بعروبته النقية، وهو التشكيك الطائفي الممجوج الذي تحول فيما بعد إلى نظرية كاملة قائمة على عدة مبان تاريخية متواتر الحديث عنها وعن صفحاتها منذ حدوثها الأول ولغاية ساعة حاجتهم إليها ليدعموا بها موقفهم المعادي للتشيع، حيث أزيحت المباني الحقيقية من الطريق وحلت محلها سفاسف وترهات وأساطير وخرافات جديدة بنيت أساسا على ذلك الأصل المتين لتستقي متانتها وقوتها منه، وهو ما جعلها قادرة على تلوين العقول، ولي الفكر، لتلقى قبول المتلقين دون حاجة للسؤال عن الأصل والجوهر، ولاسيما بعد أن نسى المسلمون مخافة الوقوع في الشبهات، وبعد أن تآخى في ربوع عقولهم الحلال مع الحرام فاكلأ في إناء واحد.

إن الحديث عن نظرية فارسية التشيع يبدو للوهلة الأولى وكأنه حديث عابر لا يحتاج سوى بضع جمل وربما بضع صفحات لتتضح الصورة وتنجلي الفكرة ويختفي الإبهام والإيهام، وهذا هو قليل ظاهرها المرئي، أما من يبحث عن أصولها، وحيثيات قضيتها، ومبانيها، وأطرها، ودوافعها، وموجباتها، وما خفي عن النظار من عظيم جبلها ومبدئها ومنتهاها، سيجد الموضوع أكبر وأخطر من ذلك بمئات المرات. يجد استغفالا حقيقيا للعقل المسلم، وضحكا على الذقون العربية، وتلويثا للفطرة الآدمية، وتشويها لعقل الناشئة، وإحياء للمواريث الجاهلية التي حاربها الإسلام، وإثارة للنعرات الطائفية التي نهى عنها الدين، وبعدا عن الروح الإسلامية التسامحية، وتلويثا لمعنى الجمعية الروحية، وتقويضا لمفهوم البناء الإسلامي المرصوص الذي يشد بعضه بعضا.
وإذا ما كانت واحدة من هذه المفردات كافية لوحدها لتؤجج نار الكره والحقد بين المسلمين، فكيف بها إذا اجتمعت سوية تحت سقف واحد، وكيف بها إذا استخدمت لهدف واحد؟ وكم من دمار تحدث، ومن تخريب توقع، ومن مآسي تجر خلفها؟ ومن هو أولى بإطلاقها لتعيث في دنيا الإسلام فسادا وتوقع فيها خرابا، المسلمون أم أعداؤهم الذين يتربصون بهم الفرص؟
لقد ثبت من خلال البحث الدقيق أن هذه الأمور كلها جمعت ووظفت توظيفا سليما وصيغت بشكل نظرية قام الأعداء والطائفيون بتسويقها من خلال البحوث والدراسات والإعلام والفضائيات المسمومة لتنخر وحدة المسلمين، وتهدم بناءهم الشامخ، وتخرب بيوتهم العامرة، وتفرق كلمتهم الواحدة. ولأن المسلمين مختلفون، ولأن كلهم بفرقهم فرحون، وللآخر قالون ومكرهون، فقد وجدت النظرية في عقولهم حاضنة، وفي صدورهم دفئا، وفي فكرهم ملاذا، فانطلقت، كما هو الوباء المميت تغزو المجالس والمنتديات، وتسيطر على الأحاديث والحواريات، وأحدثت من الدمار والخراب ما عجزت الأسلحة الفتاكة عن فعله، فنالت رضا الأعداء الذين رسموا للإسلام أن يحارب بعضه بعضا بعد أن انكسرت شأفة جيوشهم على أعتاب مدنه وصمود أهله مرات ومرات، فأيقنوا بأن تفريق وحدة المسلمين، وتشتيت رأيهم وزرع البغضاء في صفوفهم، هو السلاح الأجدى لتحقيق النصر عليهم، ولم يجدوا من سلاح أمضى من هذه النظرية ليستخدموه بعد أن رأوها تتضخم وتتضخم كورم سرطاني لن يلبث أن يسيطر على الجسم كله فيشل حركته ويوقف عمل أجهزته ويقوده إلى الموت والهلاك.
لقد قادني هذا الفهم الذي يبدوا متشائما ومضخما إلى البحث عن جذورها التاريخية وتأثيراتها النفسية وحقيقتها المنسية، فوجدتها مبنية على محاور ثلاث، المحور الأول: الخديعة والغش، المحور الثاني: الخلط التاريخي المتعمد والمقصود والهادف، المحور الثالث: المؤامرة التي حرفت الإسلام عن مسيرته وحرفت العقل الإسلامي عن منابع تغذيته، فحولت المسلم إلى فرد في القطيع، لا رأي له، ولا مشورة. ووجدتُ أن من يؤمن بها، ويرتضيها، ويعمل بهديها، ويروج لها، لا يقل عداء وكرها للإسلام من أعدائه الحقيقيين، وعلى المسلم، إذا ما كان حريصا على إسلامه وعلى نفسه، أن يتخلى عن نهج هذه النظرية، ويعود إلى جادة الصواب، ويبحث عن الوشائج والمشتركات التي توحد المسلمين وتلم شملهم.
لا أدعي أني وصلت الكمال في هذا البحث ولذا أتمنى من الأخوة الأدباء والمفكرين والباحثين أن يرشدوني إلى مواقع خطأي ومواطن وهني لنسهم كل من موقعه في توحيد كلمة مليار ونصف من المسلمين اعتادوا الفرقة فلا تجد منهم أثنين متفقين على رأي واحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق