السلفيون بمصر يطلقون حزباً سياسياً يقبل التعددية ويساوي بين الأقباط والمسلمين

العربية ـ دبي - نهى عمر
أطلق التيار السلفي المصري حزب "النور"، والذي يعد أول حزب سياسي سلفي. وأكد عادل عبدالغفار، وكيل المؤسسين، الالتزام بالمرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وتأمين الحرية الدينية للأقباط، وإثبات حقهم فى الاحتكام إلى ديانتهم، ودعا إلى إقامة دولة عصرية على الأسس الحديثة، وأعلن رفضه نموذج الدولة الدينية. حسب ما جاء في جريدة "المصري اليوم" الثلاثاء 31-05-2011.

يقع برنامج الحزب فى ٤٣ صفحة، ويضم ٧ فصول هى: الهوية والبرنامج السياسى، البرنامج الاقتصادى، المجال الاجتماعي، السياسة الخارجية، المجال الأمنى، التعليم والبحث العلمى.

وفي حديثه مع "العربية.نت"، علق الدكتور عماد جاد، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسة والاستراتيجية، على تأييد السلفيين لقيام دولة مدنية يتم الحكم فيها من خلال الدستور، قائلا: "يقصد السلفيون بهذا إنشاء دولة مدنية ذات مرجعية دينية، وستكون جميع القوانين فيها وفق الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي لا يختلف كثيرا عما فعله الإخوان المسلمون من قبل".

وأكد جاد أن إنشاء مثل هذا الحزب ليس كافيا لتغيير نظرة الناس المتخوفة من التيار السلفي، مشيرا إلى أنه لم يظهر أحد السلفيين للتكلم عن المواضيع الحساسة التي تهم المجتمع المصري باختلاف أديانه وطوائفه، منها الإجراءات الخاصة بتطبيق الحد، كما حدث في محافظة قنا (مشيرا إلى حادثة قطع أذن قبطي تردد أنه ضبط في شقة مع إمرأة)، مؤكدا أن المخاوف مازالت موجودة، ولن تنتهي بمجرد صدور بيان من هذا النوع، مضيفا: "لن نستطيع القول أن هناك تغييرات فعلية حتى نراها على أرض الواقع".

الهدف الأساسي هو الوصول للحكم
وعبر نجيب جبرائيل، مستشار البابا شنودة ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، لـ"العربية.نت" عن رأيه في حزب النور السلفي، قائلا: " أعتقد أن حزب "النور" هو نوع من إعادة صياغة الدولة الدينية، بمعنى، أن التيار السلفي يهدف للوصول إلى الحكم من خلال إنشاء مثل هذا الحزب القائم على مرجعية دينية بحتة، وبالتالي فإن قيامه أو قبول إنشائه، يتعارض مع الإعلان الدستوري الذي نص على منع إنشاء أحزاب سياسية على أسس دينية، كما أنه من الممكن أن يؤدي لصراع ديني بين المواطنين، أقباط ومسلمين، نتيجة لدفع باقي التيارات الدينية لإنشاء الأحزاب الخاصة بها والتي قد تتعارض فيما بينها، لذا أرى أنه يجب الطعن في هذا الحزب كي لا يرى النور، اعتمادا على أنه ذو أساس ديني ومخالف للقوانين الدستورية".

وأضاف جبرائيل: "لو كان الحزب يهدف بالفعل لمنح الأقباط الحرية الدينية وحقهم في الاحتكام إلى عقيدتهم، لكانوا أدانوا ماارتكبه زملاؤهم السلفيون في حق الأقباط في قنا، والذين اعترضوا أيضا على القرار السياسي بتعيين محافظ قبطي هناك، كما كانوا قد وقفوا أيضا في وجه من قال منهم أنه لا يجوز بناء كنيسة جديدة، أو إعادة بناء كنيسة تم هدمها، فكلامهم شئ والواقع شئ آخر".

وأشار إلى أن السلفيين يصرون على وجود المادة الثانية من الدستور بأكملها، ويهدفون لجعل الدولة ذات مرجعية دينية، وأن الشريعة الإسلامية لابد أن تسود، وأن يأتي تطبيق الحد كمرحلة ثانية بعد ذلك، كما أنهم يريدون نشر الثقافة الإسلامية في البلاد، وبالتالي هم يريدون أن يسيطروا على اقتصاديات مصر، من خلال آليات، الهدف منها إقامة دولة دينية.

وأكد جبرائيل على أن حزب "النور" لن يغير شيئا من نظرة الناس للسلفيين، ولن يجعلهم أكثر قربا من الشعب، فالغرض الأساسي من إنشاء هذا الحزب هوإعادة عهد الخلافة الإسلامية، عبر إنشاء إمارات ذات مرجعية دينية.

إضافة جديدة للحياة السياسية
وفسر الكاتب الإسلامي المحسوب على التيار السلفي، جمال سلطان، في حديثه مع "العربية.نت"، إنشاء حزب "النور"، بقوله: "ما حدث للتيار السلفي في مصر من تطور في الفكر السياسي، يؤكد أن الأزمة الحقيقية لم تكن أزمة فكر، بقدر ما كانت أزمة واقع، وأن نمط الاستبداد الذي اتبعه النظام السابق كان هو الأساس في إحباط أي تطور فكري".

وأشار سلطان إلى أن المادة 2 من الدستور المصري (والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع) لا تحتاج لأي تعديل كي تكفل حقوق الأقباط وغيرهم، ذلك لأن الإسلام في حد ذاته يعطي أصحاب الديانات الأخرى الحق في الاحتكام إلى دياناتهم، مؤكدا أن الإلتباس الذي حدث في هذه المسألة هو التباس إعلامي أكثر منه فكري، لأن الدعوة السلفية لم تأت بجديد في هذا الأمر، وإنما تعيد إبراز الرؤية الإسلامية الأصيلة في التعامل مع الأقليات الدينية.

وقال سلطان إن اعتراف السلفيين بدور الأزهر وأهميته، يشكل جزءا من روح المصالحة الوطنية الشاملة، التي نريدها في مصر بعد الثورة، فالخصومة المفتعلة بين الأزهر والتيارات الإسلامية الشعبية لم يعد لها وجود، لأن النظرة السائدة للأزهر قبل الثورة اعتبرته وجها آخر للقمع السلطوي، وبسقوط القمع السياسي مع نظام مبارك، تحرر الأزهر من تبعيته لهذا القمع، وبالتالي قدم فضيلة الشيخ أحمد الطيب صياغة جميلة في الانفتاح على القوى الدينية الشعبية.

وأكد جمال سلطان أن نجاح التيار السلفي في تشكيل حزب "النور" سيمثل إضافة إيجايبية للحياة السياسية المصرية، حيث أن التيارات السياسية ستتعارف في مناخ صحي مفتوح، من خلال الحوار السياسي، وهو الأمر الذي سيخفف الكثير من التوترات، مضيفا: "يمكن للتيار السلفي أن يقدم مفاجآت للمجتمع المصري في المستقبل، من خلال التحالف مع بعض القوى غير الإسلامية التي تدافع عن المظالم و تحفظ الحريات".

أسئلة ضرورية تحتاح لإجابات
الخبير في الحركات الإسلامية هاني نسيرة يرى أن حزب النور الإسلامي لا يمثل الدعوة السلفية بالإسكندرية وإن نال مباركتها، التي لم تنلها حركة أخرى سابقة عليها أرادت تسييس السلفية وهي حركة "حفص" التي أسسها رضا صمدي- من أبناء الدعوة السلفية- وعدد من السلفييين، فالحزب نال مباركة ولكنه لا يمثل الدعوة التي أوصت شيوخها بعدم الترشح على قوائم أي حزب حتى لا ينشغلوا عن الدعوة، واكتفت بتأسيس مجلس أدارة لها، الذي كان تم حله عام 1994.

ويضيف أن قراءة البرنامج- حسب عرض جريدة المصري اليوم وعلى مسؤوليتها- يحضر فيها النهج السلفي والانتماء للحركة الإسلامية كما يتضح في الفصل الأول الذي أكد على الهوية العربية الإسلامية لمصر، وليس على مبدأ المصرية فقط، وفق منطق الفرقة الغالبة الذي يلح عليه دائما، واتضح في معركة التعديلات الدستورية.

ويري نسيرة أن برنامج الحزب لم يطور شيئا من الموقف من الأقباط فقد ركز على المبادئ التقليدية: لهم ما لنا وعليهم ما علينا.. وبقي تصور الشريعة كمرجعية عليا- بمعنى حاكمة- هو الشرط الحاكم لكل شئ، ومنه الحرية الدينية للأقباط، فالقضية ليست الحرية الديينية للأقباط ولكن القضية هي ولاية القبطي على المسلم – كما تجلى في موقف محافظ قنا- والقضية هي موقفهم من بناء دور العبادة التي ننتظر قانونا جديدا بها قريبا والقضية من حرية الاعتقاد.

وتساءل: هل يقبلون أن يتنصر مسلم كما يقبلون أن يسلم متنصر.. وما الموقف كذلك من حقوق المرأة وفق المواثيق الدولية والقوانين الوضعية أم وفق التصور السلفي لحقوق المرأة؟.. هذه هي الأسئلة التي تثبت أن هذه المجموعة لم تغادر سلفيتها وإن تمتعت بقدر من المرونة عن ذي قبل، ومن ثم لم تفاجئنا في الكثير إلا قيامها بتأسيس حزب.

ويعتقد هاني نسيرة أنه ما زال أمام السلفيين الكثير، فهم يقتربون من الإخوان وسينافسونهم، ولكن لا يقتربون من المدنية بشكل كبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق