لأنه الصوم مرة أخرى، تتخلى النفس عن أوراق مشتهياتها الجافة، وتتحلى بإخضرار الخير في موكب إنتظارات المحبة!
لأنه الصوم المقدس، ينضم كثيرون روحياً إلى هذا الحدث في كل مجيئاته، ويصعدون على درجاته اليومية بإخلاص ودأب وخشوع إلى أن يصلوا إلى قمته، وهناك يتخلصون من كل رغباتهم الدنيوية!
وينضم آخرون سيمونياً، فيتاجرون به، جاعلين الصوم عرقياً، وخطراً على الآخر، وكأنهم يريدون من هذا الآخر أن يخفي إيمانه، أو هويته، خوفاً على حياته.. ولتحقيق هذه الرغبة السادية، يساهمون في تجفيف المشاعر الطيبة تجاه الآخر، تمهيداً لإضرام النار بالموقدة، وهم لا يدركون أن العنف لا ينبثق أبداً من الله، ولا يساعد أبداً على القيام بالصالحات!
الصوم، ليس لقباً لمن يحج إلى أيامه، طمعاً في ثواب مفيد، أو خوفاً من عقاب مقيت!
الصوم، ليس عنواناً لهؤلاء الذين يصومون دون أن يكونوا متدينين، بل ليقوموا بالحمية..، ولا لهؤلاء الذين ينتظرون انتهاء النهار وقد نفذ صبرهم، ولا يرتاحون حتى يتركون الأطباق الشهية فارغة!
الصوم، ليس حافزاً للبعض على الاعتداء على الحياة، وعلى الحرية، وعلى اجبار الآخرين على العيش في سجن دينى، ومجتمعاً لا يعطش أحد فيه إلى الدموع!
الصوم، هو إقتراب مجيد من الشرائع السماوية، التي تجدد القلب، وتشفي الضمير، وتطلق الروح السجينة؛ لتحلق، وتبشر بإشتياقات المحبة: محبة لله، ومحبة لكل الناس على تنوعاتهم، وإيمانياتهم!
وبهذه المحبة أقدم ولائي للصوم الحقيقي، الذي له كل أوقاتي، وكل صياماتي القادمة!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق