فتوى حرمة سب الميت أياً كانت ديانته/ الشيخ د \ مصطفى راشد

 إستمراراً لمسيرة تصحيح التفسيرات والرؤى الخاطئة لنصوص القرآن الكريم ومقاصد الشريعة ، لعدم وجود رؤية شاملة لمجمل الكتاب عند البعض ، أو لفهم قاصر ، أو نابع عن رأى شخصى ، لمزاج أو هوى من مشايخنا القدامى أو المعاصرين أو الدعاة الجدد غير الدارسين ، وكذا لمواجهة من يتاجر بالدين عن جهل ، أو بغرض الوصول للسلطة وتحقيق مصالح ،أو رغبة شخصية، أو لطبيعة الشر والعنف الموجودة بداخله ، لذا نجتهد فى تقديم الرأى والفتوى ، ورداً على السؤال الوارد إلينا على موقعنا ، من الأستاذ\ محمد العمرى من السعودية والذى يسأل فيه ويطلب الرأى و الفتوى عما صدر مؤخراً من أحد الدعاة الجدد من سب بصورة مقززة فى حق البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط بمصر بعد وفاته ، وماهو موقف الإسلام من كلام هذا الداعية .
فى معرض ردنا ، نقول وإن كنا إختلفنا الرأى فى بعض المواقف السياسية للبابا شنودة رحمة الله عليه ، إلا أننا نعلم كما يعلم الجميع بالوطن العربى ، بوطنية هذا الرجل وعروبته ، وانه عاش طوال حياته يدعو للمحبة والسلام ، اما بخصوص موقف الإسلام مما قاله هذا الداعية ، فنقول فى البداية علينا ألا نستمع لهؤلاء الدعاة ،لأن الأغلبية منهم غير متخصصين وغير دارسين ، ويجهلون من مقاصد الشريعة أكثر مما يعلمون ، إيضا نقول لهذا الداعية ألم تقرأ قوله تعالى فى الآية 104 من سورة آل عمران ( ولتكن مِنكُم اُمة يَدعُوِنَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعَروُفِ وَينَهَونَ عَنِ الُمنكَرِ وَأولائكَ هُمُ المُفلِحوُنَ ) ص ق ، وايضا قول الرسول (ص )
( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ) ،
ألا يعلم الأخ الداعية أن البابا توفى عن عمر يناهز 89 عاما ،فأين هو من توقير الكبير – ايضا ألم يقرأ الأخ الداعية قوله تعالى فى سورة النحل آية 125 ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ) ص ق .
فأين هذا الداعية من الحكمة والموعظة الحسنة ، وكيف يسلب من الله حقه ، ويقرر هذا الداعية من ضل ومن إهتدى ، فمن أعطاه هذا الحق ، ليكون وكيلاً عن الله ، فوكالة الله لم تُعطَ إلا للأنبياء فقط ، وليس منها العلم بمن ضل ومن إهتدى ، فهل هو أعلى من الأنبياء درجة .
أولم يقرأ هذا الداعية قول الرسول ( ص ): (اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم) ذكره أبو داود في الأدب والترمذي في الجنائن من حديث معاوية بن هشام عن عمران بن أنس المكي عن ابن عمر ، وموتاكم لم تقترن هنا بشرط الإسلام بل جاءت بلفظ العموم ،وقد قال الحاكم: أنه صحيح الاسناد ، --- وايضا في البخاري عن مجاهد عن عائشة مرفوعاً ( لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ) .
لكل ما تقدم وغيره كثير ، وهو قليلً من فيضً غزير ، نفتى بقلبٍ مطمئن بحرمة سب الميت دون النظر إلى ديانته ، ونقول للأخ الداعية ، هون عليك يا أخى ، واعتذر واستغفر لربك ، لانك أسأت لنفسك ولصورة الإسلام ، وأغضبت السماء عليك .
والله من وراء القصد والابتغاء—والله المستعان

الشيخ د \مصطفى راشد استاذ الشريعة والحاصل على
العالمية من جامعة الازهر كلية الشريعة فرع دمنهور عام 87
Email= rashed_orbit@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق