عندما تصوم فاطمة وتيريز

 المستقبل ـ هيام طوق

فاطمة وتيريز، جارتان منذ أكثر من 25 عاماً، لكن كما تقولان "أصبحنا عائلة واحدة"، نتشارك أحزاننا وأفراحنا والأعياد الدينية من دون حسابات ضيّقة ورجعية نسمعها من هنا وهناك، حتى أن البيتين تحوّلا الى بيت واحد، فيه الكثير من المحبة والسلام والاحترام المتبادل".
العائلتان تجسدان التعايش اللبناني الحقيقي الذي يتجلى بأبهى حلله في شهر رمضان وفترة للصوم قبل عيد الفصح عند المسيحيين، إذ أن العائلتين تعيشان وتتبادلان عادات وتقاليد الأعياد بانفتاح وانسجام لافت.
وتروي تيريز لـ"المستقبل" عن عِشرة العمر والخبز والملح بين العائلتين،: "فاطمة ليست جارتي بل أختي وصديقتي الحميمة، وتعرف أسرار بيتي كما أنا أعرف أسرار عائلتها".
وتتحدث عن قوة العلاقة التي تربط أولادهما ببعضهم، وعن حياتهم اليومية "الجميلة التي لن تؤثر عليها الخطابات السياسية المحرّضة التي يطلقها بعض المسؤولين لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، لكن نحن نطمئنهم أن علاقتنا أقوى بكثير من خطاباتهم وما يربطنا أعمق بكثير من مواقفهم، ومهما حصل سنبقى أهل ونعيش تحت سقف واحد".
وتتابع تيريز، وإلى جانبها فاطمة تستمع بإصغاء وتهزّ برأسها، موافقة على كل كلمة نقولها: "أنا مسيحية وصائمة في هذا الشهر الرمضاني مسايرة لجيراني، وربما هذا لن يصدقه الكثيرون، لكن الى هذا الحد تصل علاقتنا المتينة. كل ليلة نفطر مع أولادنا على مائدة واحدة، وأنا أطهو بعض المأكولات وفاطمة البعض للآخر كما أن أولادي يذهبون مع أولاد فاطمة الى السهرات الرمضانية ويتشاركون معهم كل تقاليد هذا الشهر الفضيل".
بدورها، تروي فاطمة الكثير الكثير من القصص التي تدل على متانة العلاقة بين العائلتين، وتقول: "أنا وتيريز عشنا الحرب والسلم مع بعضنا، أكملنا المسيرة ولم نفترق يوماً، فأصبحنا أخوة ليس برابط الدم بل انطلاقاً من رابط المحبة والاحترام، الأقوى والأمتن".
وتضيف: "نعيش مع بعضنا صحيح، لكن أيام الأعياد لها نكهتها الخاصة في هذين المنزلين لأن العائلتين تتحضران للأعياد من دون التمييز بين عيد وآخر، فأنا مثلاً أعيش عيد الفصح والميلاد تماماً كما أتحضّر لعيد الفطر حتى أنني أصوم عن اللحم وأطهو المأكولات من دون لحم في فترة الصيام قبل عيد الفصح، وهذه العقلية أغرسها في نفوس أبنائي الذين يذهبون الى الكنيسة مع أبناء تيريز الذين يقصدون الجامع مع أولادي".
وتؤكد إن "العلاقة بين العائلتين تنطبق على الكثير من العائلات لأن الشعب اللبناني بفطرته محب ويرغب في العيش كشعب واحد لا فرق بين مسيحي ومسلم، لكن للأسف، بعض الكبار في البلد يجرّون الناس الى خلافات هم بغنى عنها، ثم يعودون ويتّفقون علينا ويتركوننا نتخبّط بالمشاكل ونتقاتل مع بعضنا".
وتناشد "اللبنانيين أن يتكاتفوا ويتضامنوا ويعيشوا مع بعضهم بمحبة، ويتركوا المسؤولين الذين يلعبون على وتر الطائفية، في عالمهم البشع لنعيش مع بعضنا لأن هذا ما نرغب به وهذا ما سيوصل البلاد الى بر الأمان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق