لقاء عجائبي في بكركي ... والبابا يحيي شباب سوريا ويحمّلهم وصية

ام تي في
أكثر من 20 الف شاب وشابة من لبنان ودول الجوار خصوصا الاردن والعراق وفلسطين وسوريا ومصر تقاطروا الى باحة بكركي وفي قلبهم سلام ومحبة المسيح وفي نفوسهم شوق للقاء السيد الأبيض، حامل البركة الى المنطقة العطشى لرعاية الله، البابا بنديكتوس السادس عشر.
الباصات امتلأت والطرقات غصت بالوافدين ففاقت الاعداد كل التوقعات، فيما كانت وفود الشبيبة تمهد لقاءها مع البابا بالترانيم والصلوات التي استمرت ساعات، اما اللافت والفريد من نوعه فكان تنوع طوائف المشاركين في هذا الاحتفال فلم تقتصر على المسيحيين دون غيرهم.
وفي تمام الساعة السادسة من مساء السبت، قرعت الاجراس في بكركي تبشيرا بوصول قداسة البابا الذي أطل في البابا موبيلي وتقدم بهدوء بين الحشود ملقيا السلام عليهم ومباركا اياهم.
البابا وفي كلمة له توجه الى الشباب فقال لهم "رسالة بطرس الثانية تعبر عما احمله في قلبي واشكر الحشود الغفيرة التي توافقدت وشكر البطريرك الراعي على هذا الاستقبال ومطران طرابلس ورئيس مجلس المطارنة في لبنان ومطران الروم الملكيين والشاب والشابة اللذين تحدثا باسم الشباب، سلامي اعطيكم يقول يسوع المسيح"، ثم استرسل في الحديث عما يعيشه الشباب اليوم في هذه البقعة "التي شهدت ولادة المسيح والتطور المسيحي وهي تشهد على رسالة يسوع المسيح التي نشرها الرسل"، واكد انه يدرك الصعاب التي يعيشونها في حياتهم في هذه المنطقة وعدم توفر فرص العمل والشعور بالتهميش ففي هذا العالم المتغير تواجهون التحديات الخطرة وانتم في قلبي وفي قلب الكنيسة كلها فاحترموا كرامتكم وكرامة جسدكم الذي هو من خلق الله وكونوا اطهراء القلوب ولا تخافوا وافتحوا ابواب قلوبكم للمسيح فاللقاء معه يعطيكم افقا جديدة، في المسيح تجدون الفرح وهو يقول لكم "سلامي اعطيكم"، على حد تعبيره.
وشدد البابا على اهمية ان لا تدفع كل الصعاب الشباب الى عوالم بعيدة عن الدين والمسيح فقال "لا تضيعوا بين الحياة الفعلية والحياة الوهمية على الانترنت وتذكروا ما هو معنى الحياة وحاربوا الامور التافهة والاستهلاك السريع، المال يمكن ان يستعبد قلوبكم واجسادكم، امشوا في الطريق الصحيح نابذين الكذب والفساد والجأوا الى الله وتعلموا منه ما هو حسن وفكروا في كلمة الله، ستصبحون شهودا عن محبة المسيح وكل البشر اخوة والاخوة العالمية التي ورثناها عن الصليب هي الثروة واحبوا بعضكم بعضا فهذه هي ثورة المحبة، احترموا الآخر وخذوا من انسانيته والكثير منكم يشارك في النشاطات الرعاوية فانتم يجب ان تلتزموا الى جانب الآخرين هكذا تتصدون للنزاعات".
"نحن الخميرة في العجين كما قال المسيح"، تابع الحبر الاعظم "فكونوا بعيدين من العنف ورفض الآخر والحروب وانعدام العدالة وازرعوا السلام من حولكم، لان السلام هو ما تبحث عنه البشرية باكملها ويسوع المسيح انتصر على الشر ليس بالشر انما على الصليب بالمحبة حتى النهاية وهكذا اكتشفنا غفران الله ورحمته لنبدأ حياة جديدة وابحثوا عن المسيح الذي يقف الى جانب كل منا فتصلون الى فرح داخلي لا تعرفونه وهذا هو سر السلام الحقيقي".
البابا تطرق ايضا الى الارشاد الرسولي، فقال "وقعت امس الارشاد الرسولي وهذه رسالة موجهة ايضا للشباب فاقرأوها وفكروا فيها لتطبقوها في حياتكم اليومية كما قال القديس بولس "انتم الكلمات انتم الاحرف انتم رسالة يسوع المسيح كتبت ليس بالحبر انما بالروح القدس الحي" يمكنكم ان تفهموا ان الله يريد الفرح للجميع من دون اختلاف وانتم لديكم قدرة غير مسبوقة على التكيف فالآن لا يمكننا ان ننسى كل اللبنانيين في العالم الذين يحنون الى بلادهم الى لبنان".
كلمة اخيرة وجهها قداسته الى الشباب المسلم عموما والسوري خصوصا فقال " اشكر الشباب المسلم الموجود معنا اليوم واؤكد انه يمكن للاسلام والمسيحية ان يبنوا معا مجتمعا مسالما وسالما واحيي السوريين الموجودين معا واحيي شجاعة الشباب السوري والبابا لا ينساكم وكونوا لجميع من حولكم وانا حزين لما تعيشونه من آلام وانتم في صلاتي ومخاوفي".
البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كانت له كلمة ايضا أكد فيها ان "الشباب متعطشون للامل في إطار تسارع الاحداث، ما يطلب منا الرجاء والامل"، لافتا الى ان ما يريده الشباب هو "حياة السلام وحق وإستقرار من أجل ان يتمكنوا من تحديد ذاتهم في بلادهم وعدم الهجرة".
كما اعتبر ان هواجس الشباب في ما يتعلق بالمستقبل تتطلب لقاء شخصياً مع المسيح الذي وحده يستطيع إعادة إحياء شهادتهم بالمحبة"، لافتا الى ان الشباب يعانون من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ومخاوفهم تزداد أمام إزدياد نمو ظاهرة التطرف الديني التي تشجع العنف".
البطريرك الراعي قدم كذلك للبابا متحجرة يبلغ عمرها 100 مليون عاما تحمل اسم "رينوباتوس مارونيتا".
الشباب المتحلقين حول قداسة البابا، كانت لهم كلمة ايضا تلاها كل من الشابة رانيا ابو شقرا والشاب روي جريج، جار فيها:
"ممتنون لزيارتك فنحن اليوم اكثر من اي يوم بحاجة لهذه الزيارة ووجودكم بيننا على الرغم من هذه الظروف هو تحد لمنطق الحرب وفقدان الامل وعلامة سلام ورجاء ونشكر كلماتكم ودروسكم التي نتنظرها وتوجهنا في الاتجاه الصحيح فنحن نعيش في محيط من المخاوف والقلق والعديد من الشباب يواجه الفساد ويختبر فقدان الامل والصعاب التي نواجهها جمة ونحاول تجاوزها ونلتزم العمل في القطاع العام للعيش مهمتنا في هذه البقعة من العالم لكن لا قدرة لدينا في الدفع باتجاه التغيير ونحن نريد ان ينبقى متجذرين في الشرق الاوسط وفي ارضنا ليس بداعي التعصب انما للحفاظ على بلادنا ولا تتمزق ولا تتحول الى مقاطعات دينية وطائفية".
واضافا "نحلم بمستقبل لا يعرف الحرب ونعمل فيه مع اخوتنا في الطوائف الاخرى من اجل بناء حضارة المحبة والاوطان التي تحترم فيها حقوق الانسان وحرياته ونحن لا نخاف الآخر المختلف انما نخاف الآخر المتطرف الذي يستهوي البعض ويعوق حوار الاديان واللقاءات بين الشباب والنشاطات المشتركة ونريد من الكنيسة ان ترشد الشباب نحو الطريق الصحيح ونؤمن بوحدة الكنيسة لكي نصبح كنيسة واحدة بحسب مشيئة الله وتوحيد يوم الفصح لنقول في يوم واحد المسيح قام، نريد ان نكون فاعلين في خطة الاصلاح ونكون رسلا للمسيح بكل قوتنا ونتعمق في الانجيل
دور الكنيسة في هذه الظروف يجب ان يكون فاعلا، نعبر لكم حضرة القداسة عن محبتنا وتقديرنا ونطلب من الآب في هذه اللحظة ان يشهد على قيامة ابنه في بهجة الروح آمين".
الشباب أبوا ان يعود قداسة البابا الى الفاتيكان من دون ان يحمل معه تذكارات من شباب لبنان، عربون تقدير ومحبة، فقدموا اليه :
ذخائر القديسين اللبنانيين (شربل، رفقة، نعمة الله، اصطفان، ابونا يعقوب والاخوة المسابكيين)، منحوتة على شكل ارزة (رمز الحياة الرهبانية)، طبعة خاصة من كتاب الانجيل باللغة العربية (وهو اول واكبر انجيل عربي مطبوع في روما سنة 1590)، متحجرة (رينوباتوس مارونيتا) ولها من العمر مئة مليون سنة، الايقونة المشتركة لبشارة العذراء، ايقونة سيدة المنطرة، فسيفساء تمثل قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، منحوتة الفينيق (رمز لقيامة شرقنا الحبيب)، النسخة الاولى باللغة العربية من كتاب تعاليم الكنيسة الكاثوليكية للشبيبة (يوكات).
لقاء السلام والمحبة، اختتم بصوت ملائكي اضاء سماء بكركي وكلل امسية الايمان، حيث انشدت الفنانة ماجدة الرومي ترتيلة ختامية، كانت كافية لتجعل اللقاء مع سيد الفاتيكان، مملوءا بسحر عجائبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق