ملبورن- استراليا
منذ اكثر من اسبوع والعالم مشغول بقضية الفلم المسيء للاسلام والنبي محمد الذي جرح مشاعر ملايين المسلمين في العالم حول الصور القذرة التي ظهرت في مقاطع الفلم. هذا الفلم الذي لاقى شجب من كافة القادة الروحانيين المسيحيين قبل رجال الدين المسلمين لاسيما الفاتيكان والكنيسة القبطية والكلدانية .
كما ادانه السياسيين البارزين ورؤساء الاحزاب من ابناء شعبنا المسيحي ، بالاضافة الى المقالات الكثيرة التي كتبها الكتاب في الوسائل الاعلام والمواقع الالكترونية ،اوالادانات التي جاءت عن طريق مقابلات محطات التلفزيونية والراديو.
ان ما عمله هذا الفلم بالحق بعيد جدا عن اخلاق اي مجتمع انساني متحضر، ومؤمن بالقيم الانسانية والديانات السماوية، التي دوما تحرص في تعاليمها على التاخي والمحبة والتعاون والتسامح. ان احوج ما تكون اليه شعوب العالم اليوم هو التفاهم والتعاون، من اجل حماية حياة الانسان على هذا الكوكب الجميل الذي هيأه الله تعالى للبشر مع اثمن هدية، هي خلقنا لنعيش عليه واعطائنا الوجود من العدم. ان الله سبحانه تعالى اكرم الانسان من دون الخلائق بفضائل ونعم، لكن مع الاسف الكثير منا لا يدركها ولا يعرف، انه بدونها لا معنى لحياته في هذا الوجود بل سيعيش مثل بهائم!.
كل انسان له حق في هذا الوجود ما دام الله هو خالقه، وما دام لا يختلف عن غيره بأي شيء، كل انسان له كرامته وقيمه، له مشاعره الخاصة التي تحرك عواطفه برؤية لوحة جميلة مثلا او سماعه قطعة موسيقية نادرة، سماعه كلمات قصيدة ذات ذكريات لها وقع خاص في حياته. الانسان الحقيقي يجب ان يكون مجموعة احاسيس ومشاعر، الانسان الحقيقي لا بد ان يحب الجمال والموسيقى ، لانهما من صفات الكمال التي يمتلكها الله سبحانه وحده. كذلك لكل انسان حقيقي مقدساته و رموزه التي عن طريقها يعرف الله ويتصل به او يتحدث اليه عن طريق صلاته!!
ان الاسلام والمسيحيين واليهود، يؤمون بالله الواحد، لذا يجب ان نحترم قوانينه، ارادته اواعماله ونتائجها في هذا العالم، انه لا زال يخلق، لازال يراقب ويعمل معنا ومن خلالنا في بناء هذا العالم، خلالنا حينما نسلم له ارادتنا، نعمل اعمال التي ترضيه والتي هي الخير دائما، بعيدة عن الاخلال في الطبيعة التي خلقها، مبنية على منطق العقل، ففكر او عقل الانسان ليس جامد مثل صخرة (لانه مجموعة احاسيس) ، ولا يمكن يتوقف العقل من التفكير حتى اخر لحظة من الحياة، وهذا ما كان يعنيه الفيلسوف الفرنسي الكبير رينه ديكارت في عبارته المشهورة " انا افكر، فإذن انا موجود" . ثم استنتج منها " لاننا موجودين، اذن الله موجود " . هذه كانت خلاصة فكر احد اعظم الفلاسفة والرياضيين في تاريخ قاطبة ، واحد مؤسسي حركة العصر التنوير في العصر الحديث (1)، لاننا نفكر ونعمل لكي نعيش،إذن نحن في حالة صيرورة وتغير مستمرة، إذن الله يراقبنا ويراقب اعمالنا كم هي بإتجاه اراته. هل جعلنا انفسنا ادوات في يده لعمل الصالحات والخير؟!!
الله هو الخالق الجميع، وهذا مبدا تعترف مسلم به كل الديانات السماوية، فإذن هل من المعقول الله يخلق شيء لايريده او لا غاية له فيه. إذن لله غلية في وجود كل واحد منا ،إذن الله اعطى الحق لكل انسان في الوجود. لكن لكل واحد شيء خاص به ، يختلف عن غيره في اللون والشكل والطول وقابليات الذهن والعمل والمشاعر التي كلها من عمل الله فينا والا كانت الحياة جامدة وغير معقولةّ!، لهذا يجب ان نحترم واحد الاخر، لان الله يريدنا او خلقنا هكذا، الله اعطنا العقل كي ينور طريقنا في عملية اتخاذ القرار الصحيح والصائب المرشد له ،الذي يوافق او يواكب او يوازي فكره (اعني الله) او ارادته.
ان علومنا وثقافتنا ومبادئنا ونواميسنا ودساتيرنا كل منتوجات ونشاطات عقلنا كلها ناقصة وربما ردئية وشرسرة احيانا، غير كاملة ولن تبلغ الكمال في اي لحظة، لهذا يجب ان نكون يقضين على مسار الذي يريده الله منا، نعم مسارنا الى الله يتعرج ويصعد وينزل لا نعرف احينا لماذا؟!، لاننا بشر لم ولن نستطيع ان نعرف ذلك، ولن نعرف اراته الكاملة او التامة، لان لله في خلقه شؤون.!!
انا بدوري ايضا ادين هذا الفلم الذي لا يعبر سوى عن قرف فكر مخرجه ومن وراءه، بلا شك يريد يخلق فتنة بين الاسلام والمسيحيين في كل مكان من العالم. املنا ان يكن الا سبباً لجعل الانسانية جمعاه ان تستيقظ على الخطر المحدق لمصير الجميع، ان يكون سبباُ لزيادة الاحترام المقدسات والقيم والرموز الدينية الخاصة بكل واحد حتى وان كانت مقبولة عند الاخر.
انا احي غبطة البطريرك عمانوئيل الثاني دلي بطريرك الكنيسة الكلدانية لاصداره ادانة واضحة باسم الكنيسة الكلدانية وجميع المسيحيين في العراق، كما احي سيادة المطران لويس ساكو وبشار وردة الذين ادانوا الفلم بأشد العبارات. ونتمنى ان نجد حوارا بناء لبناء الجسور وازالة الفواصل والحواجز التي تحدث عنها الاب الكتور يوسف مي مقابلتنا له قبل عرض لقطات هذا الفلم والموجودة بين الانسانية وديانتها وفلسفاتها المختلفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق