عيدُ القيامةِ هو عيدُ الحياةِ، في تَجدّدِها وتحوّلِها من حياةٍ بشريّةٍ زائلةٍ إلى حياةِ النعمةِ، وقد أرادَها لنا الربُّ وقدّسَها بدم ابنِه وجعلَها أقوى من الموت...
هذه الحياةُ التي صنعَها اللهُ وجعلَنا مؤتَمَنينَ عليها تبقى في صميمِ عنايتِه وتدبيرهِ، وقد ترجمَ محبّتَه هذه من خلالِ تَجسُّدِ وَحيدِه، فكان عمانوئيلُ ، وبَلغتْ ذروتَها مع قيامةِ المسيح، بقوّةِ الروحِ القدّوس، وقد تماهَتْ مع القيامةِ حياةُ البشريّةِ جمعاءِ، وهو القائلُ: "أنا القيامةُ والحياة".
إنّهُ العيدُ الكبير - كما يَحلُو لنا أن نسمّيَه... لأنّه عيدُ الحياةِ المسيحيّة التي أعطاها إلهُ الحياةِ معناها الخلاصيَ وفجّرَ فيها ينابيعَ روحيّةً جَدّدتْ وتجدّدُ جنسَنا البشريَ في تاريخِه ومَسارِه الدائمِ نحو الملكوت. وهو عيدُ الإيمانِ المسيحي الذي لولاهُ لكانَ إيمانُنا باطلاً– كما يؤكّدُ لنا بولسُ الرسول.
ومع الخليقةِ التي تُجدّدُها قيامةُ المسيح، ننهضُ كلُّنا إلى حياةٍ جديدةٍ، فنُعيدَ اكتشافِ إيمانِنا مؤكّدين هويّتَنا والانتماءَ، ومجدّدينَ التزامَنا في قلبِ الكنيسةِ وفي مسارِ الزمنِ المسيحاني الذي نعيش.
ولَئنْ شاءَ تدبيرُ اللهِ أن يقعَ عيدُ القيامةِ هذا العامَ في قلبِ "سنةِ الايمانِ" التي أرادَها لنا البابا بندكتوس، ففي ذلك نعمةٌ مُضافةٌ تَحمِلَنا على عيشِ إيمانِنا اليومَ انطلاقًا من حدثِ القيامة، وهو الحدثُ الذي تأسّستْ عليه المسيحيّةُ في جوهرِها وهو الذي يجعلُها حيّةً ومنتصرةً عبرَ التاريخ.
إنّ قيامةَ ربِّنا يسوعَ تحملُ إلى كلٍّ منّا، وإلى كلِّ إنسانٍ في زمنِنا هذا، معانيَ وأبعادًا حسبُها أنّها تجعلُنا نعيشُ مناخَ التجدّدِ والعبورِ. فتنقلُنا مِن اليأسِ إلى الرجاء، ومِن التردّدِ الى الإقدام ، ومِن الظلمةِ إلى النور، ومِن الحقدِ إلى الحبّ...
إنّ قيامةَ ربِّنا يسوعَ تحملُ إلى كلٍّ منّا، وإلى كلِّ إنسانٍ في زمنِنا هذا، معانيَ وأبعادًا حسبُها أنّها تجعلُنا نعيشُ مناخَ التجدّدِ والعبورِ. فتنقلُنا مِن اليأسِ إلى الرجاء، ومِن التردّدِ الى الإقدام ، ومِن الظلمةِ إلى النور، ومِن الحقدِ إلى الحبّ...
إنّها الحياةُ التي من أجلِها جاءَ المسيح: "جئتُ لتكونَ لهم الحياةُ وتكونَ أفضلَ..." (يو10/10). وهل هناك أفضلَ من ابتسامةٍ نزرعُها على مُحيّا متألّم؟ ومن فعلِ محبّةٍ ومسامحةٍ نزرعُه في عالمٍ قائمٍ على العنفِ والكراهية؟ ومن عطاءٍ نملأُ فيه قلبَ محتاج؟
إنّها مفاعيلُ الحياةِ المتجدّدةِ بالقيامة.
إنّها مفاعيلُ الحياةِ المتجدّدةِ بالقيامة.
أيّها الأعزّاء،
إنّ قيامةَ المسيحِ هي أبعدُ من احتفالٍ وإطارٍ، إنّما هي حالةُ رجاءٍ ومحرّكٍ لحياةٍ جديدة، وهي تلحُّ على كلّ إنسانٍ منّا كي نعيشَها في عمقِ ذواتِنا، وفي عيالِنا وأعمالِنا، وكي نشعَّها في رعايانا وأبرشيّتِنا والكنيسة، فنحنُ نتجدّدُ في الكنيسةِ وبها ومعَها، وهي عروسُ المسيحِ الدائمةِ التجدّد.
أمّا البابا الجديدُ، فرنسيس، الآتي إلينا بإلهامِ الروح، الذي يخلفُ حبراً عظيمًا في تاريخِ الكنيسة، ومعلّمًا في الإيمانِ بالعلمِ وبالممارسةِ، ومثالاً في التواضعِ والبساطة. فإننا نصلي لقداسةِ البابا الجديد لأنَّ على همّتِه مسؤلية قيادةِ كنيسةِ "الأزمنةِ الجديدة". كما نصلي لمطرانِنا العتيد الذي نرتقبُ مجيئه – وقد طالَ بنا الانتظارُ- وكلُّنا مدعوّونَ للسيرِ وراءَ رعاتِنا الجددِ في انطلاقةٍ جديدةٍ وفي سبيلِ التزامٍ متجدّدٍ ونهضةٍ روحيّةٍ نحتاجُ إليها باستمرار.
بهذه الروحيّةِ الجديدة نحيا قيامةَ الربّ. وبرجاءِ الحياةِ الحقّةِ والدائمةِ التجدّدِ التي يستحقُّها أبناءُ الايمان، أعايدُكم وأدعو لكلِّ واحدٌ منكم ولعائلاتِكم ورعاياكم والأبرشيّة الحبيبة بكاملها، وكلِّ مؤمِنيها بتجدّدٍ روحيٍ وراعويٍ وإيمانيِ عميقٍ نُطلُّ من خلالِه على "الآفاقِ الجديدة".
المسيح قام... حقاً قام!
المسيح قام... حقاً قام!
+ المطران عـاد أبـي كـرم
راعي أبرشية أوستراليا المارونيّة
راعي أبرشية أوستراليا المارونيّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق