أبي كان واحدا منهم‏/ بلقيس الملحم

تقول الكاتبة السعودية بلقيس الملحم:
في المدرسه علمونا بأن الذي لا يصلي جماعه في المسجد فهو: منافق
أبي كان واحدا منهم ..
...
و بأن شارب الدخان: فاسق ! أخي محمد كان واحدا منهم ..
و بأن المسبل لـ ثوبه: اقتطع لنفسه قطعه من نار ! أخي طارق كان واحدا منهم ..
و بأن وجه أمي الجميل: فتنه !
لكن لا أحد يشبه أمي
و بأن اختي مريم التي تطرب لـ عبدالحليم: مصبوب الحديد المذاب في اذنها لا محاله ! لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضا تحبه ، فهل ستحشر معه ؟ أظنهم سيحكمون بذلك ..
و بأن جامعتي المختلطه وكرا للدعاره !
رغم أنها علمتني أشرف مهنه و هي الطب !
و بأني أنا ، الساكته عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر: شريكة في الاثم و العقاب !
و بأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها: صديقة سوء !
و بأن جارتنا المسيحيه: نجسه !
*و زميلتي الشيعيه: أكثر خبثا من اليهود !
و بأن خالي المثقف: علماني !
لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم ، كان يقبلني كل ليله قبل أن أنام ، ويترك لي مبلغا من المال كلما سافر من أجل عمله.
/أخي محمد
و طارق كانا أيضا أكبر مما تصورته عنهما. محمد يرأس جمعيه خيريه في احدى جامعات استراليا. و طارق يعمل متطوعا في مركز أيتام المدينه كـ مدرب للكارتيه.
أما أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي حرمت نفسها الزواج من أجلنا.
*أمي ؟ يكفي أنها تلتحف التراب و أبي راض عنها !
جامعتي المختلطه ؟ كونت لي أسره سعيده بـ زواجي من رئيس قسم الجراحه. و من خلالها ربيت أطفاله الثلاثه بعد فقد والدتهم.
أما كيف اقضي وقت فراغي؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي ، لقد تعلمنا سويا كيف نغزل الكنزات الصوفيه ، و ندهن العلب الفارغه لـ بيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجه. أختي مريم أيضا كانت تدير هذا البزار السنوي.
ماذا عن جارتي؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقه. يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني و أخوتي بعد ان أصيبت هي ببعض الحروق ..
زميلتي الشيعيه !
هي من أسعفتني أثناء رحله لحديقة الحيوانات. يومها سقطت في بركه قذره للبط. فلحقت بي و كُسرت ذراعها في الوحل من أجلي.
عمي؟ هو من بنى مسجدا و سماه باسم جدتي
وأنا ؟
لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نكره الآخرين ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق