أبو قتادة يرفض فرض الجزية على مسيحيي سوريا

عمان، الأردن (CNN)--

رفض "منظر التيار السلفي الجهادي" الأردني من أصل فلسطيني، عمر محمود عثمان، الملقب بـ"أبو قتادة"، فرض تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المعروف باسم "داعش"، الجزية على المسيحيين في سوريا، فيما اعتبر ان الترويج لتأييده للصحوات هو قول باطل وفاسد.

جاءت تصريحات أبو قتادة، خلال جلسة محاكمته السادسة الخميس، أمام محكمة أمن الدولة الأردنية، والتي تعاد فيها محاكمته في قضايا متعلقة بالإرهاب، بعد أن قامت السلطات البريطانية بتسليمه إلى المملكة الأردنية، في يوليو/ تموز الماضي.

في الأثناء، قال أبو قتادة رداً على استفسارات صحفيين، إنه يرفض ما فرضه تنظيم داعش على المسيحيين داخل مدينة الرقة السورية، التي سيطر عليها، دفع "الجزية"، وإقامة شعائرهم في أماكن خاصة، وأضاف أن "الجزية هي عقد بين طرفين، وهؤلاء لا يستطيعون الدفاع عن أعراض النصارى هناك، ولا يحق لهم أخذ الجزية."

وتابع أن "المجاهدين في سوريا ليسوا ممكنين بعد، ولا يستطيعون حماية أرواح النصارى وأموالهم في مثل هذه الأوضاع، ومن غير المقبول شرعاً أن نأخذ منهم الأموال، ولا نقدم لهم الخدمة."

وعلق أبو قتادة على من اتهمه بانتمائه للصحوات هو والجولاني، بأنه "قول فاسد وباطل." 

وأعلن تنظيم داعش قبل أيام عن "اتفاق" يضمن "حماية" المسيحيين، ودعا الجماعات المقاتلة إلى الالتزام به.

وفي سياق متصل، جدد أبو قتادة هجومه على تنظيم داعش، ملمحاً إلى تحملهم مسؤولية مقتل أبو خالد السوري، وهو قيادي في "الجبهة الإسلامية"، التي تعتبر إحدى الجماعات التي تقاتل داعش، وأعرب عن حزنه لمقتله قائلاً:" كنت أتمنى أن يقتل على أيدي أعداء الأمة، وليس على أيدي أصحاب فكر منحرف.. هو مجاهد منذ الثمانينيات، وقد التقيته عندما كنت في لندن."

واعتبر أن "مقتله أشبه بمقتل الصحابي علي بن أبي طالب، الذي قتل على يد ابن ملجم، كما شبه خسارته بفقدان "الشيخ المجاهد أسامة بن لادن"، بحسب تعبيره.

وقتل السوري الأحد الماضي، بتفجير سيارة مفخخة داخل مدينة حلب، بواسطة انتحاري قيل إنه من تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب تقارير اعلامية.

وفيما أشار أبو قتادة إلى مسؤولية أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش عن مقتل أبو خالد، أعلن عن تأييده لمهلة أعلنها الجولاني زعيم "جبهة" النصرة" الأربعاء، لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، مدتها 5 أيام للاحتكام إلى "شرع الله"، متوعداً حال رفضها، بقتالها في سوريا والعراق.

وعلق أبو قتادة بالقول على المهلة "إن "الهدف الأول بالنسبة لنا هو مقاتلة النظام المجرم في دمشق، لكن أوساخ الطريق يجب أن تزال.. أصحاب الفكر الضال المنحرف يجب أن يوقفوا عند حدهم."

وأضاف: "أستطيع التأكيد اليوم أن مسمى تنظيم الدولة في الشام غير حقيقي.. القريبون منهم أكدوا لي أن هذا التنظيم غدا مجموعات لا قيادة لها، ولا نظام يجمعها، هم جماعات لكل واحدة  سياساتها."

ورأى ابو قتادة أن "الجهاد في سوريا سيصل إلى غايته النهائية، عندما يأخذ بركته في غير سوريا"، على حد قوله .

وبشأن أوضاع عناصر التيار في سجن "الموقر"، الأردني الذي يحتجز فيه، أكد أبو قتادة للصحفيين امتناعه عن تناول طعام السجن، احتجاجاً على أوضاعه المعيشية، ومنع بعض أقربائه من زيارته.

كما لفت إلى تنفيذ 9 من المعتقلين من التيار داخل مهجعه إضراباً عن الطعام في شكل نهائي، مقابل امتناع اثنين آخرين عن تناول طعام السجن، واللجوء إلى شراء الطعام على نفقتهم الخاصة.

وواصلت هيئة المحكمة الاستماع إلى شهود النيابة العامة، في قضيتي ما يعرف بـ"الإصلاح والتحدي والألفية."

العجيبة 10 من عجائب القديسة مريم

قرّر العديد من أبناء روما، أيام أنوريوس وأركاريوس، أن يحفظوا عفّتهم، رجالاً ونساء، وكان من بين هؤلاء بنت عذراء، غنيّة جداً، وذات جمال خارق. 
ذات يوم زوّجها والداها، دون ارادتها، لشاب غنيّ أيضاً، ذي حسب ونسب، وبعد أن انتهى العرس، حاول أن يدخل عليها كما يفعل كل زوج مع زوجته، فوجدها راكعة أمام أيقونة السيدة العذراء تصلي، وتتضرع اليها بدموعها أكثر من كلامها، لتحفظ عذريتها من الفساد، فتعجّب العريس وسألها عن سبب ذلك، فقالت له:
ـ أنا أبكي يا أخي الحبيب لأنني وعدت أمنا مريم أن أحفظ عذريتي، وأن لا يتزوجني أحد، لأنني سأهب نفسي لابنها يسوع، وها قد زوجني أهلي غصباً عني، فماذا تريدني أن افعل؟ أأغضب العذراء وابنها يسوع لأرضيك أنت؟
وبكل المحبة والحنان راح يخبرها عن أناس كثيرين تزوّجوا وأرضوا الله، ومنهم من توّجتهم القداسة، ورفعت صورهم في الكنائس. ولكنها لم تقتنع بقوله، بل راحت تشرح له كيف أن يسوع ولد من مريم البتول، وكيف أن النبي إيليا ويوحنا المعمدان حافظا على عفتهما رغم الضغوط التي تعرّضا لها. وراحت تخبره قصصاً كثيرة عن فضائل العفة الى أن أقنعته، وأقسم أمام أيقونة العذراء أن لا يمسها أبداً.
وهكذا عاشا كأخوين صادقين مؤمنين دون أن يدري بقصتهما الأهل، بل اعتقدوا أن حياتهما الزوجية تسير على أحسن ما يرام. الى ان طلب المسيح الزوجة الطاهرة الى ملكوته السماوي، وفيما هم ذاهبون لدفنها، راح الزوج يصرخ بصوت عالٍ ويقول:
ـ أشكرك يا ربّ لأنك أعطيتني هذه الزوجة الطاهرة العفيفة الخالية من أي دنس، فلقد حافظت على بتوليتها كرمى لعينيّ خطيبها يسوع، وها أنا أسلمها لك كما أعطيتني إياها، بكراً، لا يشوبها عيب.
وما أن أنهى كلامه، حتى فتحت الزوجة عينيها وقالت لزوجها:
ـ لماذا كشفت سري، أيها الأخ الحبيب، في هذا العالم الغارق بالدنس.
فتعجب الحاضرون، وضربهم الذهول، وراحوا يمجدون الله على عجائبه الكثيرة.
وبعد أيام قليلة مات الزوج، فدفنه أهله في مقبرة بعيدة عن مقبرة حبيبة عمره، لأنه من بلدة غير بلدتها. وبعد أشهر بنوا له قبراً جديداً يليق به كغني، وأرادوا أن ينقلوا جثمانه إليه، فحفروا القبر فلم يجدوا الجثمان، فاحتاروا في أمرهم، واعتقدوا أن لصاً سرقه ليبتزهم مالياً، ولكن الكاهن ارتأى عليهم نبش قبر زوجته لعلّ الله قد فعل معهما عجيبة ثانية، وجمعهما بعد الموت أيضاً.
ولم يصدقوا أعينهم حين وجدوا الزوج والزوجة في قبر واحد، يحضنان بعضهما البعض والابتسامة تكلل ثغريهما. أجل، لقد رفض الله أن يفرّق بينهما، لا في الحياة، ولا بعد الموت.
**

مسيحيو الرقة: داعش يُخيرهم بين الجزية أو اعتناق الإسلام

بي بي سي

يقول مراسلون إن داعش يسعى لتطبيق تفسير متشدد لأحكام الشريعة في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا
طالب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" المسيحيين في مدينة الرقة، شمالي سوريا، بأن يدفعوا الجزية ويقبلون تقييد ممارسة شعائرهم الدينية وإلا واجهوا القتل أو قبلوا باعتناق الإسلام.
وقال "داعش"، في بيان نُشر على الانترنت، إنه سيمنح السكان المسيحيين "الحماية" إذا وافقوا على شرطيه المذكورين.
ويقول مراسلون إن التنظيم يسعى لتطبيق تفسير متشدد لأحكام الشريعة في المناطق التي يسيطر عليها.
وكانت الرقة، التي سيطر عليها التنظيم العام الماضي، هي أول مدينة تقع بالكامل في قبضة مسلحي المعارضة الذين يقاتلون نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
تهديد بالقتل
وطالب التنظيم في بيانه كل مسيحي من أثرياء الرقة بدفع جزية تساوي 14 غراما من الذهب الخالص، وأن يدفع كل مسيحي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة نصف تلك القيمة. أما المسيحي الفقير فهو مطالب بأن يدفع ربع هذه الجزية مقابل الحماية.
وأكد "داعش" أنه لن يسمح للمسيحيين بترميم الكنائس أو دق أجراسها أو الصلاة خارجها أو إظهار الصليب.
وقال البيان إن التنظيم التقى بممثلين عن المسيحيين في المدينة وعرض عليهم ثلاثة خيارات، إما اعتناق الإسلام، أو قبول شروطه، أو رفضها ومواجهة خطر القتل.
وهدد البيان بأنه إذا رفض المسيحيون الشروط فإنهم سيكونون "أهدافا شرعية"، ولن يكون بينهم وبين التنظيم إلا "السيف".
وكان يعيش في الرقة سابقا نحو 300 ألف شخص، أقل من 1% منهم مسيحيون، بحسب وكالة فرانس برس.
وفر العديد من المسيحيين من المدينة بعد أن بدأ التنظيم مهاجمة الكنائس وإحراقها.
وشهدت الرقة اشتباكات ضارية بين "داعش" وجماعات مسلحة منافسة تقاتل الجيش السوري.
ويعتقد أن أكثر من ألفي شخص قتلوا منذ أن بدأت جماعات إسلامية مدعومة من الغرب مهاجمة معاقل "داعش" في أوائل يناير/كانون الثاني الماضي.

الصوم الكبير/ نسيم عبيد عوض

يعيش المسيحيون جميعا –ماعدا بعض الطوائف- هذه الأيام فى حياة الصوم المقدس ‘ وأعتبر مقدسا لأن السيد نفسه قد صامه " فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع أخيرا."مت 4: 2‘ ويصوم الأقباط 7ايام قبل الأربعين يوما (بدلا من 7 سبوت لم نصوم فيها) وبعده أيضا 7 أيام وهو أسبوع الآلام(البسخة) ‘ثم الإحتفال بعيد القيامة ‘ والكنيسة لها طقوس وترتيبات بالقراءات والألحان خلال فترة الصوم تلهب المشاعر روحانية عالية حتى يسميه الآباء قدس أقداس السنة كلها ‘ لتميزه بالنسك والتخشع والتوبة وتبدأ القراءات فى التسلسل إعتبارا من الأحد الثانى من شهر أمشير كما يلى:

أولا- أسبوع اشباع الجموع بالخمس خبزات والسمكتين والمسمى باسبوع البركة(يو6: 5-14). وهذا الفصل من انجيل معلمنا يوحنا البشير يرجعنا فيه الى عناية الله بشعبه فى البرية أربعين عاما ويعولهم بخبز سماوى‘ وبالتأمل فى عرض يوحنا لهذه المعجزة بالوحى الإلهى تغوص فى أعماقنا دروسا روحانية 1- الشكر:  حياة المؤمن المسيحى هى حياة شكر لله خالقه ليل نهار ‘ كما فعل يسوع وقبل أن تخرج من يده البركة يقول الكتاب " وأخذ يسوع الارغفة وشكر .."يو6: 11 ‘ لكى يعلمنا أن نقدم لإلهنا ذبيحة شكر فى صلواتنا ‘ وأيضا يذكرنا بسر الشكر (الأفخارستيا) الذى نتناول فيه جسد الرب ودمه (يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه )‘ لأن الرب يسوع هوالخبز الحى النازل من السماء‘ حتى ان الرب يقول" فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم." يو6: 53 ‘والجموع التى عادت ثانية للبحث عن الخبز عرفت أنه بالشكر تتحقق المعجزات ‘ فيقول الوحى الإلهى" غير أنه جاءت سفن من طبرية الى قرب الموضع الذى أكلوا فيه الخبز إذ شكر الرب .""يو6: 23‘ ولعل بولس الرسول قد تعلم ذلك من معلمه ‘ فبعدما  صاموا فى السفينة المشارفة على الغرق ‘ وطالبهم الرسول بالأكل لتحمل المشاق المحتمله ‘ يقول الكتاب " ولما قال هذا أخذ خبزا وشكر الله أمام الجمع وكسر وإبتدأ يأكل."أع27: 35 ‘ والملاحظ فى رسائل القديس العظيم بدء كل رسائله بالشكر ويكتب أولا أشكر إلهى ‘ كما يطالبنا" نشكر الله بلا إنقطاع."2تس2: 13‘ وأيضا" اشكروا فى كل شيئ."2تس 5: 18‘ فالشكر ذبيحة نقدمها للرب على كل ما أعطانيه كقول المرتل" اللهم على نذورك أوفى ذبائح شكر لله." مز56: 13. وحقا صدق من قال " ليست عطية بلا زيادة إلا التى بلا شكر."

ثانيا: البركة: وهذا الفصل من الإنجيل يسمى انجيل البركة ‘ فإذا جاء شهر قبطى بخمس آحاد نصلى فى الخامس - لأنه بركه- بفصل البركة‘ على إعتبار ان هذه المعجزة هى حصاد بركة الله لطعامنا ولحياتنا كلها ‘ والله يحب أن يعطينا بركة‘ وأول من باركة الرب هو آدم حسب قول الكتاب " وباركه ودعا اسمه آدم يوم خلقه." تك5: 2‘ وبركة الرب لأبونا إبراهيم فى العهد القديم  تتمثل فى حب الله لإبراهيم وإختياره فيقول له " فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك . وتكون بركة. وابارك مباركيك ولاعنك العنه.وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض."تك12: 2-3. والبركة لمن يسمع وصايا الرب ويسير بها فى مخافة وخشوع ‘ وعلى أرض كنعان قال موسى لشعبه يذكرهم بوعد الرب" البركة إذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التى أنا أوصيكم بها اليوم."تث11: 27 ‘ وحياتنا كلها بطولها وعرضها المرضية أمام الله هى حصاد بركة الرب لنا ‘ ونأكل ونشبع ويفيض ‘ ولذلك يعلمنا أن لا نهتم بطعام أجسادنا ويقول " ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله."

ثالثا : الشبع : الشبع الروحى هو مايهم ربنا أولا ‘ وإشباعنا بالطعام فهو يتولاه كما يهتم بطيور السماء التى لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن ‘ هو يقوتها ‘ ومبدأ الله فى ذلك يشبعنا ويفيض عنا ‘ وهذا ماقاله إليشع النبى لتلميذه جيحذى عندما اعترض على طلب النبى بان يقدم عشرين رغيفا لمائة رجل فى ضيافته " فقال اعط الشعب فيأكلوا لانه هكذا قال الرب ياكلون ويفضل عنهم . فجعل امامهم فاكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب." 2ملو 4: 43و44. أما الشبع الروحى الذى يطوبه الله " طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون ."مت5: 6‘ وقول السيدة العذراء مريم " أشبع الجياع خيرات .."لو1: 53‘ وأيضا فسر الرب يسوع هذا الشبع " فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة .من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا. " يو6: 35 ‘ وهو الذى قال "اطلبوا ملكوت السموات وبره وهذه كلها تزاد لكم."  والشبع الروحى ببر المسيح هو غفران الخطايا وقداسة أرواحنا .

ثانيا: أركان العبادة المسيحية: الصدقة والصلاة والصوم ‘ وتم قراءة هذا الفصل فى أحد رفاع الصوم الكبيرمت 6: 1-18‘ والتأمل لذكر هذه الأركان الثلاثة قبل الصوم له أسبابه:  1- الصدقه يطوبها الله " طوبى للرحماء على المساكين فان الرحمه تحل عليهم والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم. ويعتبرها الله له المجد " الحق أقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتى هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم."مت25: 40. والصدقة نحيا بها الى الأبد وبها نخلد ونرحم. 2 - بالصلاة نفتح باب السموات ونرتقى فى النعمة الى القداسة.   3- وبالصوم نقفل باب الشهوات ونعطى فرصة للروح ان تنتصر على أغواء الجسد.

تعريف الصوم: كما ورد فى المجوع الصفوى" الصوم هو إمتناع الإنسان عن الغذاء وقتا معينا فى الشريعة ‘ وطاعة لمن شرعه ‘ لتمحيص الذنوب ‘وتعظيم الثواب ‘والقصد أن تضعف القوة الشهوانية فتنصاع للنفس الناطقة‘ كما ان قصدها بالصلاة طاعة القوة الغضبية للعقل والروح. ومثلنا فى ذلك أبونا آدم خلق على غير فساد وأعطى العشب وثمار الأرض ليأكل ولم يسمح له بأكل اللحوم ولا المنتجات الحيوانية ولهذا كانت حياته :  أ- نور وافر ينبهه بما يجب عمله . ب- معرفة كاملة بجميع الأمور الطبيعية.  ج- اتحاد بين النفس والجسد.  د- سلطان كامل على جميع الوحوش وطير السماء وسمك البحر . وعندما عصى آدم فقد نعمة البر الأصلى ومواهبها وأهمها وحدة النفس والجسد‘ وحدث إختلال بين الجسد والروح كما يفسرها معلمنا بولس الرسول" لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذا يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون. وهكذا غلب الشيطان آدم بالأكل وغلبه المخلص بالصوم.

الصوم المرفوض: يسأل بنى إسرائيل الله " لماذا صمنا ولم تنظر. ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ. فيجيبهم قائلا: ها انكم فى يوم صومكم توجدون مسرة. وبكل أشغالكم تسخرون .ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر.لستم تصومون كما اليوم لتسمع صوتكم فى العلاء"اش58: 3و4 .           والصوم الذى لا تتكامل فيه النفس بالصلاة والصدقة صوم مرفوض‘ والصوم الذى يهتم فيه الإنسان بما يأكل ويشرب صوم مرفوض‘ وإذا لم يقترن الصوم بالتوبة عن الخطايا وبصلاة مواظبة وبصدقة مقبولة لا يحسبه الرب صوما.

الصوم المقبول: يرد الرب على بنى إسرائيل لماذا لم يقبل أصوامهم بتعريفه الصوم المقبول عنده" حل قيود الشر. فك عقد النير (العبودية) وإطلاق المسحوقين أحرارا. وقطع كل نير .أليس ان تكسر للجائع خبزك‘ وأن تدخل المساكين التائهين الى بيتك ‘ وان رأيت عريانا أن تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.إش58: 6و7. ويهبنا الرب ثمار الصوم المقبول فيحددها " حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب.تستغيث فيقول ها انذا .. يشرق فى الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر . ويقودك الرب على الدوام ويشبع فى الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تقطع مياهه."اش58: 8-12.

وهكذا أصبح الصوم فى عهد النعمة والحق – العهد الجديد – هو حياة البذل والعطاء وهو حياة النسك لإقماع شهوات الجسد ‘ وهو حياة العبادة الروحية‘ وأصبحت العبادة من صدقة وصلاة وصوم هى حياة حب عميق يربطنا بالله أبينا بالمسيح يسوع ربنا. والتى هى الدخول الى حضن الآب السماوى ‘ ولذلك يعلمنا الرب" وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل."يو10: 10‘ وأصبح غاية الصوم فى المسيحية هو نقاوة القلب أو معاينة الله كأب يتقبل حبنا له‘وهو الذى قال " طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله. ولذلك يقوم عدو الخير بتوجيه ضرباته حتى ينحرف القلب بعيدا عن الله فيصير صومنا صيام شكلى يهتم بالأكل وليس بالروح .

أننا لا نصوم من أجل الصوم ذاته ولا لأجل الحرمان من الأكل ‘ إنما لأجل ضبط لنفس وأنطلاق القلب الى الحياة السماوية. فلنهتم أن يكون صومنا فترة عبادة روحية ‘ نرجع فيه لربنا مقبولة توبتنا ويعطينا ثمارها فنكون على الطريق الصحيح والوحيد للحياة الأبدية‘ وأهنئكم جميعا بالصوم المقدس . وكل عام وانتم بخير.

الصلاة خلف القرضاوى فاسدة/ الشيخ د مصطفى راشد

وصلنا على موقعنا الإلكترونى عبر الإنترنت سؤال من الأستاذ \ م – ع  يقول فيه : أنا مصرى أعمل بدولة قطر ، وتصادف حضورى صلاة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة ،وكان الخطيب وأمام المسجد هو الشيخ\ يوسف القرضاوى،  وللأسف الشيخ فى خطبته تطاول على مصر ، وحكومة مصر وجيشها، وايضا الشرطة  والإعلام ، ثم تمادى فى التحريض على الثورة داخل مصر، ودعوة المقاتلين لتحرير مصر ومقاومة الجيش والشرطة الكفرة ،كما تطاول ضمنا على الامارات والكويت والسعودية ، مما جعلنى أفكر فى ترك المسجد ، وعدم أداء صلاة هذه الجمعة ،ولكن الخوف من فوات الفريضة جعلنى أتحمل هذا التطاول المخجل ، فهل تصرفى  كان صحيح ؟   ------
نشكر ابننا  صاحب السؤال وللإجابة علية نقول :-
بداية بتوفيقً من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد  
خطبة الجمعة فرعاً من فروع الدعوة ، والأصل فى الدعوة  أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، كما ورد فى قوله تعالى فى سورة النحل آية 125 (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ  ) ص ق -- والدعوة العنيفة مرفوضة حتى لو كانت من النبى نفسه  كما قال تعالى فى خطابه لنبيه فى سورة آل عمران آية 159 (  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) ق ص 
مما يعنى أن القرضاوى شذ وخرج تماماً عن كلام الله، وشَرَعَ لنفسه ماليس موجوداً بشرع الله ، سعياً ورغبة لهوى فى نفسه ، وإرضاءاً لنوازعهُ العنيفة الإجرامية ، لأن النفس تحمل الفجور والتقوى ، ويفلح من يزكى نفسه كما ورد فى قوله تعالى فى سورة الشمس الآيات 7 – 10 (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ ص ق – وللأسف القرضاوى لم يسعى  لتزكية وتهذيب نفسه ( هداهُ الله )، وجعل من الشرع هو ماتمليه عليه نفسه من عنف وإجرام ومتبعاً لشريعة الشيطان، فتحرك لسانه بالتحريض على العنف والقتل والكراهية فى مراتٍ متعددة ، فكان الشيطان فى ثوب الواعظ – ( ولا أعلم ان كان يدرى أو لا يدرى لأن هناك من يقرأ ولا يفهم )
كما أن القرضاوى تحدى الله ، عندما دعانا الله لنشر دعوة السلم بين كل البشر  فى قوله تعالى فى سورة البقرة آية 208 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)  ص ق --- مما يوضح عصيان القرضاوى لكلام الله  وإصراره على تنفيذ شريعة الشيطان ( ولا أدرى إن كان مدركاً أو غير مدركاً لما يفعل) لأن الشيطان كما قال تعالى فى سورة الإسراء آية 53 (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًاً ) ق ص  
كما أن القرضاوى لا يحق له أن يكفر أحد أو يحرض على العنف ضده حتى لو تيقن أنه كافراً لقوله تعالى فى سورة يونس الآية 99 (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ق ص وهو إستنكار وتحذير من الله للنبى نفسه ثم يأتى القرضاوى ويتحدى الله والنبى ( ع )
ولأن شروط الإمامة وخطبة الجمعة سبعة قد  تعارف عليها الفقهاء ومنها 1 – أن يكون مسلماً  2 – أن يكون عاقلاً  3 – أن يكون سالماً من البدعة المكفرة  4 – أن يكون القوم وراءه راضين عنه --- 
وقد خالف القرضاوى هذه الشروط جميعاً، لأن القرضاوى حَرَضَ مسلم على قتل مسلم متحدياً الرسول عليه السلام حينما قال : - عن ابن مسعود  قال : قال رسول الله :( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) متفق عليه --، كما أن قتل النفس محرم شرعاً سواء مسلم أو غير مسلم – وبذلك يكون القرضاوى عاصى ومرتكباً لمعصيةً كبرى – كما أن العقل والحكمة أنتفيا عند الرجل ، وهو ماذكره العديد من أهل الطب النفسى فى وسائل الإعلام – ايضا ً القرضاوى لم يسلم من البدعة المكفرة ، ايضا هناك جمعً كبير من المسلمين يرفض فِكرَهُ وإمامته ، لأنهم فهموا الرجل وعرفوا أنه ممن يتكلم بأسم الإسلام وهو ألد الخصام وإساءةً للإسلام والمسلبمين كما ورد فى قوله تعالى فى سورة البقرة آيات 204 – 206 (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ  ) ص ق 
لذا يكون قد ثبت لدينا بالدليل الواضح ، فساد القرضاوى وعصيانه المعصية الكبرى ، لخروجه عن الإيمان وإتباعة لشريعة الشيطان ، فتكون الصلاة خلفه فاسدةً وليست باطلة، لأن الصلاة فرض عين تقدر بنية مؤديها، والأفضل شرعاً هو الإبتعاد عن خطبةَ وإمامة الفاسد العاصى الداعى للعنف ، بل على كل مسلم فرض عين محاربة هؤلاء لنشرهم شريعة الشيطان عن قصد، اما إذا كان بدون قصد لغياب العقل ، فعلينا حجزهم فى أماكن محددة لعلاجهم لدرء الناس شرهم ،وحتى تبرأ نفوسهم،ونحن من جانبنا نطلب الهداية للقرضاوى ونطالبه بالتوبة والندم قبل فوات الوقت .
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه   
الشيخ د\ مصطفى راشد   عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية 
رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو
إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية
والمنظمة  العالمية  لحقوق الإنسان    
E -  rashed_orbit@yahoo.com
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699  

مسيحيو حمص: الدولة تحمينا والهجرة غير موجودة في قاموسنا

 
ماهر الخطيب - خاص النشرة 
على الرغم من المعاناة الكبيرة التي مروا بها منذ بدء الأحداث السورية، لا يزال المسيحيون في حمص يؤكدون على الثبات في الموقف، ويعبّرون عن إنتمائهم الوطني الحقيقي وارتباطهم القوي بالأرض. بالنسبة لهم لا يمكن الحديث عن مخاوف، خصوصاً أن ما يتعرضون له تعاني منه مختلف فئات الشعب السوري دون أي تمييز في ما بينها.
خلال جولة قامت بها "النشرة" على بعض الأحياء المسيحية في حمص، أكد عدد من أبنائها أن الوجود المسيحي في سوريا من أساس البلد الثقافي والحضاري، فما هي مواقفهم وكيف يصفون الأوضاع الحالية؟

مواطنون أصيلون
ينطلق مطران حمص لطائفة الروم الأرثوذكس جورج أبو زخم في حديثه عن وضع المسيحيين في سوريا بالتأكيد أنهم عبّروا عن معنى إنتمائهم الحقيقي وعن معنى إرتباطهم بالأرض على مدى الأشهر السابقة، ويشير إلى أن العلاقة لا تنفصل على الإطلاق بين جميع أطياف المجتمع السوري، الأمر الذي يعطيهم الأمل بالنسبة إلى المستقبل.
ويوضح أبو زخم، في حديث لـ"النشرة"، أن جميع السوريين ينتمون إلى الوطن وثقافته وحضارته العريقة لا إلى طوائف أو أديان، ويشير إلى أن المسيحيين ليس لديهم عقدة الإستهداف المباشر، خصوصاً أن الإعتداءات تحصل على جميع المواطنين، بالرغم من أنّ بعض جوانب الأزمة أظهرت أن هناك من يريد أن يقول أنهم ليسوا من السكان الأصليين وغير مرغوب بهم.
بدوره، يؤكد نائب مطران حمص وحماه للسريان الأرثوذوكس الأب أنطون جرادة أن المسيحيين من أبناء سوريا موجودون في كل مفاصل الدولة، ويؤكد أنهم لم يشعروا في أي يوم بأنهم أقليات، لا سيما على صعيد محافظة حمص، التي يصف الوضع فيها بالجيد جداً، ويضيف: "لسنا مبعدين ولا درجة ثانية ونحن مواطنون نتمتع بكامل الحقوق على مختلف المستويات".
ويشدد الأب جرادة، في حديث لـ"النشرة"، على أن ما يهمه هو أن الدولة تنظر اليهم على أنهم مواطنون عاديون، أما بالنسبة إلى الفريق الآخر فيعرب عن قناعته بأنهم لن يصلوا إلى أهدافهم في أي يوم.

الدولة تحمينا
بالنسبة إلى المسيحيين في حمص، كلمة تهجير غير موجودة في قاموسهم، هذا الأمر يؤكد عليه المطران أبو زخم والأب جرادة بشكل جازم، ويشيران إلى أنهم حتى عندما اضطروا للنزوح من منطقة إلى أخرى داخل سوريا لم يفكروا بالهجرة أو السفر إلى الخارج.
ويوضح أبو زخم أنه مع ازدياد الضغط على المسيحيين أصبح لدى بعضهم مخاوف، لا سيما على مستقبل أبنائهم، لكنه يشير إلى أن الكنيسة في كل مواقفها كانت تؤكد أن الوجود المسيحي من أساس البلد، ويلفت إلى أن الأوضاع حالياً أفضل من السابق.
ويرى أبو زخم أن البلاد أمام عملية فعلية للبناء وأمام مصالحة حقيقية، ويشدد على أنهم سيبقون حاملين لواء التجدد والوعي والإدراك أن الإنسان هو الأساس.
وعلى الرغم من دفعهم ثمناً غالياً من خلال تدمير بعض الكنائس والإعتداء على الأديرة، بالإضافة إلى عمليات الخطف التي تعرض لها بعض رجال الدين، يشدد أبو زخم على أنه عندما يكون هناك من يريد أن يخرب منزلك ليس لديك إلا الدولة من أجل الدفاع عنك، ومن أجل إعادة إعماره من جديد.
من جانبه، يجزم الأب جرادة بأن القلق هو عبارة عن دعاية يقوم بها البعض، ويتابع: "نحن لن نهجر ولن نترك أرضنا"، ويلفت إلى أن المسيحيين مستهدفون كغيرهم من أبناء سوريا، لا سيما أن الجماعات التكفيرية المتطرفة تحارب كل من هو ليس مؤمناً بمعتقداتها، ولذلك يقف أبناء الوطن ضدها.
ويشير الأب جرادة إلى أن المسيحيين صامدون مع جميع أبناء الوطن، ويؤكد أنهم مع الدولة التي تحميهم في كل الظروف، ويضيف: "هذه ليست الحرب الأولى التي تمر علينا وربما لن تكون الأخيرة".

المطلوب من مسيحيي لبنان أكثر
على صعيد متصل، يتطرق أبو زخم إلى مواقف بعض الجهات الخارجية، ويعرب عن صدمته لعدم تحرك العالم العربي من أجل الدفاع عن سوريا، ويشير إلى أن المؤامرة كبيرة جداً، وبعض الدول العربية والاقليمية متآمرة على البلاد.
أما بالنسبة إلى موقف المسيحيين في لبنان، يؤكد أن الجميع يعلم بالأصوات التي تقف إلى جانبهم، لكنه ينتقد الأصوات التي تقول أنهم في سوريا لم يتعرّضوا لأي إعتداء، ويشير إلى أنه لا يطالبهم بالدفاع عنهم، لكن من غير الممكن أن يكونوا شركاء في تحوير الحقائق، من خلال القول أنه لم يحصل شيء.
أما الأب جرادة، فيعرب عن عدم رضاه عن دورهم، ويرى أن المطلوب منهم أكثر، خصوصاً أن عددهم كبير، ويدعوهم من قلب الأزمة إلى التمسك بأرضهم كما يفعل المسيحيون في سوريا.
في المحصلة، يؤكد المسيحيون في سوريا تمسكهم بالأرض أكثر من أي وقت مضى، ويشددون على أن كل مشاريع التهجير التي يتم الحديث عنها لن تحقق هدفها بأي شكل من الأشكال.

معجزة للعذراء في بيت مبشر ينكر شفاعتها و تأملات خاصة/ فراس الور

كتبت هذه الخواطر بعد حادثة مؤسفة وقعت منذ عشرة سنين في بيت ينتمي الى طائفة من طوائف البروتستنت الإنجيلين، فكثروا مؤخرا في المنطقة التي أسكن بها و كثر نشاطهم التبشيري، و رب هذا البيت التي وقعت به الحادثة مبشر نشيط كان قد تتلمذ في علوم الكتاب المقدس علي يد قساوسة كبار أهلوه للوعظ بصورة عميقة و للتبشير في بيوت المؤمنين بكنيستهم، و هذا البيت كان ينتمي الى طائفة الكاثوليك قبل ان يتحول أيمانهم الى الإنجيلين، و كان هنالك فرد من أفراد هذه الأسرة قد أخفى في خزانة ثيابه تمثال للعذراء عليها السلام منذ فترة طويلة من الوقت، و لم يكترث له طوال هذه المدة لأن ايمانه أصبح يوالي لمن لا يكرموها مع كل أسف، و لكن في يوم من الأيام فتح باب خزانته ليأخذ ملابسه من أرفف الخزانة، و حين مد يده تفاجئ بوجود مادة لزجة على ملابسه، فتفحص الأمر ليكتشف ان تمثال العذراء بخزانته مصدر هذه المادة اللزجة، فأخذه و تفحصه بصورة أدق و راى أنها مادة الزيت، فلم يكترث الى هذه الحادثة من شدة الحقد و قساوة القلب الذي ربته بداخله طائفته تجاه العذراء و إكرامها، فتناول التمثال و رماه بسلة القمامة أمام بيته على طرف الشارع العام، و لكن...في اليوم التالي شعر برغبة فجأة بتفقد الأمر فتفاجئ أن تمثال العذارء مازال يسيل منه زيت و كمية الزيت كانت أكبر من التي سالت منه في خزانته، رق قلبه أخيرا لهذه الحادثة و عاد برشده الى ايمانه القديم و أخذ التمثال و صنع له بيت زجاجي و وضعه في منطقة لائقة في صالة بيته...بل عاد جميع أهل هذا البيت الى سابق عهدهم من الأيمان و الحمدلله، و أصبح بيته مزارا يقصده العديد من الناس في كل اسبوع للصلاة و لترتيل الأناشيد إكراما للسيدة العذراء، قمنا أنا و أهلي بزيارة هذا البيت أكثر مرة و ظهرت قطرات من هذا الزيت المبارك على التمثال اثناء الصلاة لنأخذ بركة روحية من هذه المعجزة المباركة، السلام لإسمك ايتها العذراء الطاهرة فتجلى إكرامكِ بِوَسَط مَنْ كانوا ينكروا شفاعتكِ لتكونِ كالنجمة الوضاءة في سواد جهالة هذا البيت،          
عندما بشر الملاك السيدة العذراء بالبشارة السارة كانت الإرادة السماوية ان يبين للبشر خلاص قريب سيمجد اسم الله الطاهر الى الأزل، فهذا الخلاص سيغير علاقة البشر بالله الى مجيئ المسيح كسيد للخليقة و ديان بسلطان إلهي لا مثيل له ليدين خليقته حسب الكتب السماوية، و لكن قليلون يدركوا ان في خلال احداث البشارة و اسطر الإنجيل التي رَوَت الأحداث التي تبعت البشارة اشار الله بصورة جلية و واضحة عن مكانة العذراء الطاهرة عنده له المجد، فنحن نؤمن ان الإنجيل كُتِبَ بوحي إلهي إختلج مع ابداع الإنجيلين الروائي و هم يبشروا به حول العالم كل انجيلي على حدى لذلك الكتاب المقدس هو موحى به من الله بالحرف و السطر و معانيه جميعها، و بغير ذلك سيكون ايماننا مبني على شهادات لإنجيلين كبشر قد يصيبهم الخطئ بما كتبوه، و حاشا للكتاب المقدس ان يُشَكًكْ بأمره و الحال ان إتفاق الأحداث بصورة مطلقة بالاربعة اناجيل له عمل الروح القدس لصيانة دقة الأحداث ة تأيد صحته للكنيسة الجامعة، فإذا تتبعنا زيارة العذراء الى آليصابات و بالذات حينما سَلًمَتْ العذراء عليها يقول الكتاب المقدس عن لسان اليصابات "فلما سَمِعَتْ اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، و امتلأت اليصابات من الروح القدس و صَرَخَتْ بصوت عظيم و قالت "مباركة انت في النساء و مباركة هي ثمرة بَطْنكِ! فمن اين لي ان تأتي ام ربي الي"، توقفت كثيرا عند هذه الكلمات التي نطقتها اليصابات بإيحاء من الروح القدس و قالت للعذراء انها مباركة و كرمتها إذ قالت "من اين لي ان تاتي ام ربي الي،" فبهذا يكون قد كَرًمَ الروح القدس الذي هو الأقنوم الثالث من الثالوث الاقدس العذراء على لسان أليصابات البارة امام الله...و بقي ان نتأمل بكلمة ام ربي...اي ام الله الذي سيتجسد من احشأها ليكرز بملكوت الآب السماوي و يفتدينا بواسطة آلامه على الصليب، اقول هذه الكلمات كي لا يكونوا اولادنا فريسة سهلة لبعض من القوم الذين يريدون الإنتقاص من هيبة تكريم الروح القدس للسيدة العذراء و لا يكرموا مَنْ وَلَدَة الرب بالجَسَد ناكرين حقها بكل تطاول على شخصها المقدس، لا يجب ان يتم انتقاد سيادة الروح القدس الذي هو الله عندما يختار ان يكرم قديسيه فحينما يتكلم الله يجب ان يصمت البشر لكي يصغوا له، كما ان الله هو الذي انزل اية "أكرم اباك و امك" فهل سيسير الله بعكس الناموس الذي وضعه و بعكس ألأخلاقيات العالية و يتجاهل بالتالي المسيح والدته؟ بل اين ذهبت هذه الآية من رسالة غلاطية التي تقول : 4: 4  "و لكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امراة مولودا تحت الناموس،" و حاشى لله ان يناقض البُعْدْ الأخلاقي Moral  بالناموس إذا هو قِمًة الأخلاق و الكمال، 
استعجب من هؤلاء القوم الذين يُنْكِروا قُدْسِـيَة الايقونات المقدسة متمسكين بأيات من العهد القديم ايام كانت الديانة اليهودية سائدة بتعاليم المُحْرَقات و الذبائح متجاهيلن المستجدات التي يرويها الإنجيل بعد سفر الخروج و التثنية و متجاهلين التطور الفكري الذي شهدته الديانة اليهودية من خلال تجسد الرب في العهد الجديد، فكيف يتمسكوا هؤلاء القوم بِحَرْفِـيَة الوَصِـيَة التي تروي "لا تصنع لك تمثالا و لا منحوتا الخ" و يتجاهلوا ان الرب قد تجسد، آخذا صورة عبد او إنسان و اصبح من خلال هذا التَجَسُد مرئي للبشر و له سِمَات بشرية و قد تفاعل على المستوى الجسدي مع المجتمع الإنساني، فكيف يناقد الله ذاته؟ يطلب منا عدم صنع تمثالاً و لا منحوتً مما في السماء من فوق و على الأرض من نحت او من تحت المياه و في العهد الجديد يتجسد؟ يأمرنا بِعَدَمْ رَسْم ذاته و عند هذا التجسد إذ آخذ صورة عبد يستمر قانونية هذا القِسْم من الوصية؟ الله لا يناقد ذاته بل رَسْمْ صُوَر الرب لم تعرفها الكنيسة إلا بعد سر التجسد الإلهي متخذةً من التجسد قانونية الأيقونات و رسم الذات الإلهية المتجسدة،
إن هذه الظائف بالحقيقة التي تبشر بعكس التعاليم الأرثودكسية و الكاثوليكية ينطبق عليها ما ينطبق على الدولار المزيف، بل إنها كمحلات البقالة تسوق فكرها الخاص الذي غالبا ما يكون ناقص عن فكر الكنيسة الأم و لا يخدم إلا اجنداتها الخاصة التي تسعى لتفتيت وحدة الكنيسة الكاثوليكية الجامعة...و لكن الكنائس الأرذودكسية و الكاثوليكية هي كنائس رسولية يعود تعاليمها الى عهد الرسل منذ ألفي عام و اذكر هنا مقولة الرب يسوع "كنيستي لن تقوى عليها ابواب الحجيم"...لذلك مهما فعلوا هؤلاء القوم لن يزعزوا ما أسسه الرب بيديه، فالكنائس الرسولية قوية متنية راسخة بتعالمها و قد قاومت فكر شتى التيارات الفلسفية التي حاولت زعزعتها عن الإيمان القويم، لأن تعاليمها راسخة مبنية على تعاليم الرب يسوع و الإنجيل و الرسل الذين اسسوا اولى الكنائس حول العالم، المجد لك يا إلهنا المتجسد و السلام لإسمك ايتها العذراء الطاهرة،  

العجيبة 9 من عجائب القديسة مريم

كان في مدينة روما رجل غني وفاضل جداً، أدرك بإيمانه القوي أن الدنيا وما فيها من أملاك وملذات تزول مثل المنام، لذلك قرر الترهّب في أحد الأديرة، فطلب من زوجته صفحاً، بعد أن ترك لها ابناً، وراح يكمل حياته في خدمة الله.
أما زوجته فبقيت في بيتها مع الصبي، وكانت تحبّه وتعانقه وتقبّله على مدار الساعة، ولكنها لم تتوقّف عن حبها الغريب هذا عندما أصبح شاباً، كامل الرجولة، فأوقعها الشيطان في فخ الخطيئة، فراحت تنام معه وتعاشره كما كانت تعاشر زوجها، ضاربة عرض الحائط بالوصية القائلة: لا يجب أن يعاشر الأخ أخته، ولا الأم ابنها، لأن غضب الله سيكون عظيماً.
ولكي يضاعف الشيطان من خزيها، حبلت من ابنها، فقررت الانتحار، ولكنها فكّرت برحمة الله، وراحت تصلي لأم الإله، وتطلب المغفرة والرحمة، إلى أن حان وقت ولادتها، فرمت الطفل في مكان نجس ليموت دون أن يدري بخطيئتها أحد.
ولكن الشيطان لم يكتفِ بما فعله بها من زنا المحارم، بل أراد أن يلطّخ شرفها أكثر فأكثر، فظهر للناس بشكل شيخ تقي، وراح يعظهم، ويخبرهم عن أشياء كثيرة من سرقات وقتل وما شابه، حتى آمن به كثيرون، ومن جملتهم حاكم المدينة. 
وذات يوم، وقف في الساحة أمام جمع غفير وقال:
ـ هناك امرأة منافقة تعيش بينكم، عملت كذا وكذا من الخطايا، وأنا متعجب كيف لم يحرق الله روما وشعبها، مثل صادوم وعامورة، بسبب وساخة هذه المرأة؟!
فصاحوا بصوت واحد:
ـ من هي، قل لنا من هي كي نرجمها.
وبصوت خبيث قال:
ـ إنها زوجة ذلك الغني الذي تركها وترهّب، لقد نامت مع ابنها فحبلت منه ورمت جنينها في مكان نجس حتى مات.
فلما سمعوا قوله صاحوا بغضب شديد:
ـ أنت تكذب، أجل تكذب، فالمرأة التي ذكرت فاضلة، ورعة وقديسة، ولن نصدقك بعد اليوم.
فقال لهم:
ـ أضرموا ناراً قوية، واجلبوا تلك المرأة الى هنا، ومن منا كان كاذباً ارموه في النار.
وللحال أتوا بتلك المرأة وقالوا لها:
ـ هذا الشيخ التقي اتهمك بأمور كثيرة، فإما أن تثبتي طهارتك وإما أن نرميك في النار.
فجاءها إلهام من عند الله بأن يعطوها مهلة ثمانية أيام، فكان لها ما أرادت. فذهبت الى لوكيانوس بابا روما، وارتمت تحت قدميه، واعترفت له بكل خطاياها، وهي تبكي وتندب حظها التعيس.
فقال لها قداسته:
ـ لا تخافي يا ابنتي، ربنا غفور ومحب، ألم يغفر خطايا بولس وبطرس، فالأول اضطهده، والثاني نكره، ومع ذلك جعله أول الرسل. ألم يقل لذلك الجمع الذي أراد أن يرجم امرأة زانية: من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر. تضرعي يا ابنتي لوالدة الاله فهي قادرة على كل شيء، اذهبي الآن وكفّري عن خطاياك، وأنا واثق من ان الله سيرحمك.
رجعت المسكينة الى بيتها فأغلقت الباب، ورفعت يديها وعينيها نحو السماء، وراحت تصلي وهي تبكي وتطلب من أم الرحمة أن تنقذها من هذا العار، وتعينها، وتسترها أمام أهل روما.
وحين جاء اليوم الثامن، ذهبت مع أقربائها الى مجلس الحكم، وكانت برفقتها السيدة العذراء دون أن يراها أحد، أو تدري هي بها.
وفي نفس الوقت وصل ذلك الشيطان الماكر، المتظاهر بمعرفة الأسرار، فقال له القاضي:
ـ هذه هي المرأة واقفة أمامك، بيّن لنا ما فعلت من خطايا، وإلا سيكون مصيرك أنت في النار.
فنظر اليها مدة طويلة دون أن يتمكن من النطق، بل ظلّ واقفاً ومتحيّراً أمام القاضي والناس.
فصاح الجمع:
ـ ما بك صامت، ألست تتهمها كما اتهمتها في السابق؟
فقال:
ـ هذه ليست المرأة الساقطة، التي قتلت ابنها، هذه هي مريم القديسة، الطاهرة وسط بنات أورشليم، وليس بإمكاني أن أتهمها بشيء.
وللحال اضمحل من بينهم كالدخان، فركع الجميع أمام سيدة السماء والارض، ومجدوا الله كثيراً.
أما زوجة الغني فقضت باقي حياتها تمجد الله، وتقوم بأعمال البر والاحسان، وبيّنت لأهل مدينتها أنها فعلاً ابنة العذراء مريم.
**

العجيبة 8 من عجائب القديسة مريم

إمرأة وثنية حبلى، جاءها الطلق عدّة مرات دون أن يخرج الجنين من أحشائها، لقد كانت ولادتها عسيرة للغاية، فتألمت كثيراً وكادت أن تزهق روحها. فأشفقت عليها جارتها المسيحية المؤمنة، وهمست بأذنها:
ـ إن أردت الخلاص، آمني بالسيدة العذراء، واستغيثي بها كي تحدث الولادة.
فصاحت للحال بصوت متوجّع:
ـ أيتها الأم المباركة مريم الدائمة بتوليتها، أتضرّع إليك أنا الوثنية النجسة التي لا تجوز عليها الشفقة، ولكن ابنك الحبيب يسوع المسيج نزل من السماء من أجل خلاص جميع الناس، ولقد أخبروني عن رحمتك وتحننك، فأطلب منك أن تخلصيني من هذه الشدة، وأعدك متى ولدت أن أعمد طفلي.
وما أن نطقت العبارة الأخيرة، حتى ولدت طفلاً ذكراً، وبعد أيام ذهبت الى الكنيسة وطلبت من الكاهن أن يعمّدهما، هي وطفلها، في وقت واحد، وميرون واحد.
حصل كل هذا وزوجها كان في سفر، وعندما عاد وعلم بما حدث، ذبح الطفل أمام أعين جيرانه، كي يغيظهم ويحرق قلب زوجته على طفلها، فلحقوا به كي يمسكوه ويسلموه للحاكم، فهرب منهم واختبأ داخل إحدى الكنائس. هناك وجد نفسه وجهاً لوجه أمام أيقونة السيدة العذراء، وبدون إدراك منه ركع أمامها وراح يبكي ويطلب المغفرة، ويقول:
ـ أيتها الأم القديسة، أنا لا استحق رحمتك، ولا معونتك، كوني ملحداً، وها قد قتلت ابني دون شفقة، فأرجوك أن ترحميني كما رحم ابنك بولس الرسول الذي اضطهد أبناءك، وأن تغفري خطاياي، لكي أستحق الاعتراف بك وبألوهية ابنك يسوع، مخلص العالم.
وبينما هو يصلي بحرارة، دخل جيرانه وأمسكوه، وقبل أن يسلموه للحاكم كي يقطع رأسه، كما قطع هو رأس ابنه، طلب منهم أن يسمحوا له بتقبّل سر المعمودية، وبعدها افعلوا بي ما شئتم، على حد قوله.
وبعد أن اعتمد، كما طلب، جرّوه الى قصر الحاكم، ليحكم عليه بالعدل، فحوله الى السجن لينظر بأمره في الغد.
وعندما سمعت الزوجة أن الحاكم مزمع على قتل زوجها، راحت تبكي وتستغيث بأم الرحمة، مريم العذراء، وتطلب منها أن تحيي ابنها، كي تخلّص زوجها من الموت المحتم.
ويا لها من عجيبة، فإذا بالطفل يتحرّك بين يديها، وتدب الحياة في جسده الصغير، فما كان منها إلا أن حملته، وركضت به الى قصر الحاكم وهي تصيح:
ـ اطلقوا سراح زوجي.. ابني حي.. ابني حي.
فتعجّب الجميع عندما رأوا الطفل يضحك، بعد أن أحيته أم المخلص، فمجّدوا الله وشكروه على عجائبه الكثيرة.
وما أن أطلقوا سراح الوالد حتى ركض نحو طفله، وراح يمرر يديه على الجرح الباقي حول رقبته، وهو يبكي ويشكر الله.
ولكي تزيد أم الرحمة من عجائبها، أعطت الطفل نعمة الكلام الفصيح، كابن عشرين سنة، فراح يخبر الجمع عن عظمتها ويقول:
ـ والدة الإله مريم هي التي أحيتني من الموت، بعد أن آمن والدي وتقبّل سر المعمودية.
وبسبب هذه العجيبة اعتمد الكثير من الوثنيين، وراحوا يبشرون بفضائل وعجائب السيدة مريم العذراء.
**

العجيبة 7 من عجائب القديسة مريم

كان لأحد الأغنياء ابنة تقيّة اسمها أوفيميا، ندرت عفّتها للسيدة العذراء، وكانت مستنيرة بالفضائل وبنعمة الله منذ طفولتها، فتعجّب كل من عرفها من حسن سيرتها، ومن مواظبتها على زيارة الكنائس. وكانت كلما نمت بالجسد، ازدادت فضيلة وتقوى.
دبّت الغيرة بقلب الشيطان، فحسدها على عفّتها، فتلاعب بعقل أحد الأكابر الأغنياء، وصوّر إليه أنه مغرمٌ بها، وأن لا حياة له بدون أوفيميا، فذهب الى قصر أبيها وطلبها منه زوجةً، وأنه سيكون سعيداً لو أصبح صهراُ له.
لم يصدق الوالد أذنيه وهو يسمع كلام أحد أشهر أغنياء البلاد، وهو يشرح له حبّه لابنته وفخره بمصاهرته، فوعده بها دون أن يسألها، فجنّ جنون أوفيميا حين علمت بالوعد الذي قطعه أبوها للطامع بعذريتها. وأخبرته وهي تبكي بأنها أقسمت للعذراء مريم أن تهبها بتوليتها، وأنها اختارت المسيح خطيباً لها.
فلم يصغِ لها بل قال:
ـ هذا الرجل من أشرف العائلات، وأغنى الأغنياء، وكل فتاة تحلم بقربه.. لذلك ستتزوجينه مهما كان، وإلا سأغضب منك وأعاقبك بشدة.
وعندما رأت أوفيميا إصرار والدها على تزويجها من ذلك الغني، وأن وعدها لأم الاله سيذهب أدراج الرياح، دخلت الى الكنيسة، وراحت تبكي وتتضرّع لشفيعتها كي تعينها في مصيبتها هذه.
وفجأة صاحت:
ـ يا أم الاله، اذا كان جسدي سيكون حجر عثرة في تحقيق حلمي المقدّس، سأشوّهه، ولن أكذب عليك أو على سيدي يسوع المسيح، وأحنث بوعد قطعته لكما.
ثم بدأت بتقطيع شفتيها وجدع أنفها، وهي تردد: مع آلامك يا يسوع.
وعندما شاهدها والدها على هذه الحال، والدماء تسيل من وجهها، تملكه حقد شديد عليها، وقرر إذلالها بدلاً من أن يقطع رأسها، فدفعها الى فلاحه البربري، عديم الانسانية والشفقة، وأمره أن يقوم بضربها وتعذيبها، والويل له ان أشفق عليها، فسيقطع رأسه هو بدلاً منها.
خاف الفلاح من سيده، فراح يذيق أوفيميا العذاب المر، ويتفنن بضربها ويعيّرها بالبشاعة التي اختارتها لنفسها، دون أن تتأفف، لا، بل كانت فرحة جداً لأنها حفظت عذريتها وعفّتها من الفساد من أجل عينيّ أمها مريم العذراء.
وفي ليلة عيد الميلاد المجيد، تناول ذلك الفلاح البربري عشاءه، وراح يفتّش عن ابنة سيده، فوجدها تصلي في الاسطبل، وتشكر السيد المسيح على تجسده انساناً من اجل خلاص البشرية، فبدلاً من أن يشفق عليها، تناول عصاه كي يضربها، فإذا بنور شديد يظهر له من بعيد، فاعتقد أن بيته يحترق، فإذا بالسيدة العذراء تخرج من ذلك النور وحولها رهط من الملائكة، وتقول لأوفيميا:
ـ أوفيميا، أوفيميا.. لقد تحمّلت الكثير من العذاب من أجلي وأجل ابني مخلص العالم، وآن الأوان كي تستريحي وتعودي كما كنت جميلة الجميلات.
وللحال، عادت شفتا أوفيميا أجمل مما كانتا، وشمخ أنفها الجميل في مكانه، فهرب ذلك الفلاح البربري بعدما رأى هذه العجيبة، وأحضر جيرانه، كي يشاهدوا ما شاهد، فخروا ساجدين تحت قدمي السيدة العذراء، التي كانت تحضن أوفيميا وتضمد جراحها.
وعندما وصل أبوها، ورأى ابنته الوحيدة أجمل مما كانت، شكر الله، وطلب منها المغفرة، وأمر ببناء دير كبير مكان الاسطبل، يحمل اسم السيدة العذراء، كي تترهب فيه ابنته، وتقدّم ذاتها لحبيبها السماوي. فانضمت اليها العذارى من كل مكان، فكانت لهن الرئيسة القديسة، الى أن طلبها السيد الى ملكوته السماوي. بعد أن عطّرت الكتب بقداسة حصلت عليها عن جدارة.

قباني يردّ على الحملة: ابني لم يتزوّج مدنياً... والزواج المدني حرام

رد المكتب الاعلامي لمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على "ما يشاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الاعلام من دون التحقق، ان نجل مفتي الجمهورية تزوج زواجا مدنيا"، فأكد المكتب الاعلامي في بيان، ان "المفتي أفتى بحرمة عقد الزواج المدني لأن احكامه مخالفه لأحكام الشريعة الاسلامية الواجبة التطبيق على المسلمين في احوالهم الشخصية، ويناقض احكام القران الكريم والسنة النبوية، ونجله الشيخ راغب قباني عقد قرانا شرعيا في مسجد ومركز رابطة الشباب المسلم في البرازيل لضرورة حضور والد العروس ولي امرها المقيم مع اسرته في البرازيل بمعرفة اهل العروسين وليس زواجا مدنيا حسب ما يروج له البعض، وما ينشر خلاف ذلك هو كذب وافتراء وتشويه للحقائق التي تمارس على مفتي الجمهورية ضمن الحملة السياسية والاعلامية المبرمجة والمنظمة ضده حقدا من جهات لا تخفى على احد، ويهم المكتب الاعلامي ان يوضح للرأي العام هذه الحقيقة لعدم تضليله بإشاعات الغرض منها النيل من شخصية مفتي الجمهورية الدينية والوطنية".

ودعا الى "أخذ المعلومات الصحيحة الأمينة والصادقة من المرجع المختص في المحكمة الشرعية السنية، حيث اجرى قاضي بيروت الشرعي الشيخ بهيج غزاوي محضر اثبات عقد الزواج الشرعي الذي تم في مسجد ومركز رابطة الشباب المسلم في البرازيل تحريا للصدق والحقيقة كما أمر الله تعالى بقوله في القران الكريم: يا ايها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فنبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".

ليس بالخبز وحده/ نسيم عبيد عوض

فى رحلة خروج شعب بنى إسرائيل من أرض مصر التى هى رمز العبودية خلصهم منها الرب الإله ‘ بذراع قوية وآيات وعجائب ‘ وشق لهم البحر الأحمر وعبروا فيه كأرض يابسة ‘ولكن لم يتوقف هذا الشعب عن التذمر حتى وصفهم الله بشعب غليظ الرقبة قساة القلوب‘ وكان أهم تذمر لهم على موسى وهرون وبالتالى على الرب نفسه هو موضوع الأكل والشرب رغم علمهم أنهم فى حماية الله الذى يتبعهم من فوق بسحابة فى الصباح وعمود نور فى الليل ‘ ورغم رؤيتهم للضربات العشر التى عملها الله فى فرعون حتى يخرج شعبه ‘ إلا أنهم تذمروا على مياه الشرب فى بلدة اسمها مارة "فتذمر الشعب على موسى قائلين ماذا نشرب؟خر15: 24‘ فصرخ الى الرب فأراه الرب شجرة فطرحها فى الماء فصار الماء عذبا‘ وبعد قليل صرخوا فى وجه موسى عن الطعام والخبز وقالوا " ليتنا متنا بيد الرب فى ارض مصر اذ كنا جالسين عند قدور اللحم ناكل خبزا للشبع ." خر16: 3‘ وأمطر الرب لهم خبزا من السماء(المن) طوال 40 عاما فى برية سيناء حتى دخلوا الأرض التى تفيض لبنا وعسلا كما وصفها الرب. ومن هنا جائت وصية موسى للشعب ‘ وهم على مشارف الدخول لأرض كنعان التى وهبها الله لهم " انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل مايخرج من فم الرب يحيا الإنسان." تث.8: 3 ‘ وهو نفس مارد الرب به على إبليس فى البرية عندما حاول أن يجربه ليعرف هويته " إن كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا .فأجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله." مت4: 3و4.

وفى إنجيل قداس الأحد الأول من شهر أمشير اصحاح 6: 22-27 ‘ واجه الرب يسوع هذا الشعب بعد أكثر من 1500 سنة على خروجهم من مصر ‘ ووجدهم فعلا يبحثون عن الخبز ‘ فبعد أن رأوا بعيونهم معجزة إشباعهم وهم خمسة الاف رجل بخلاف النساء والأطفال ‘ ليذكرهم أنه سبق وأشبعهم فى البرية 40 سنة ‘ والذى قصدة الرب انه هو الذى يفتح يداه فيشبع الجميع خيرا ‘ ولكن وهم نسل الآباء الذين تذمروا فى برية سيناء ‘ وجدهم الرب وقد جاؤا لمكان صنع المعجزة يبحثون عن شبعهم من الخبز مرة أخرى ‘ وعندما رأوا الرب فى وسط البحر بعد أن مشى على المياه لينقذ سفينة التلاميذ من الغرق ‘ وهذه آية تهز الوجدان من الله خالق الكون يمشى على المياه‘ ولكن الرب كشف قصدهم وقال لهم" الحق الحق أقول لكم  أنتم تطلبوننى ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم." يو6: 26 . يطلبونه ليس لشخصه كمخلص وفادى بل من أجل عطاياه وخيراته ‘ فلم يروا آية اشباعهم من خمسة خبزات وسمكتين‘ ولا آيات شفاء مرضاهم مثل مريض بركة حسدا المشلول 38 عاما (يو5)‘ ولا تحويل الماء الى خمر(يو2) ‘ لم يروا ذلك بل جاؤوا يبغون الطعام والخبز لكى يشبعوا جسديا ‘وليس الشبع الروحى الذى طوبه الله عندما قال" طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون."مت5: 6‘ كل هذه المعجزات غابت عنهم ‘وكل هذا تعبير عن فقدان الإيمان بإبن الله المنتظر.

والسيد المسيح كان يرى فى كل مايقدمه لهم من أعمال الرحمة والمحبة والعطف أنها قد تثير عقولهم وقلوبهم ‘ ليؤمنوا بحقيقة شخصه ‘ لأنه بالإيمان به تكون لهم الحياة الأفضل والنعمة الدائمة الأبدية ‘ فالشبع الحقيقى هو مالأرواحهم وليس لأجسادهم‘ وهذا يفهم من تنبيهه لهم " اعملوا لا للطعام البائد (خبز الشبع الجسدى) بل للطعام الباقى للحياة الأبدية (جسد المسيح نفسه) الذى يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه."يو6: 27و28. ونلاحظ ان كلمة ( البائد) أو الذى يباد هى نفس الكلمة التى قالها الرب (اجمعوا الكسرالفاضلة لكى لا يضيع شيئ." يو6: 12

وأيضا ليقول لهم ان  الخبز الذى كسره ووزعه عليهم هو رمز لعطية الرب فيما سيعطينا ليس من نوع الخبز البائد بل خبز الحياة لأنه فيه سر الحياة والديمومة ‘ واذا بلغوا الى قوة الإيمان بالمسيح فهموا ذلك "أن الذى باركه الله وقدسه وأعطاه لا يباد منه شيئا ‘ بل يظل بركة دائمة. وهذا هو الفرق بين الذى يأخذ أعمال وآيات الرب أنها لغرض الإشباع المادى والجسدى عن الذى بالإيمان بيسوع المسيح تؤخذ وتفهم على انها باقية وحية وأبدية ‘ لأن فيها سر إيماننا بالمسيح.

أن العطايا التى يمنحها لنا الرب ‘ يستحيل ان تعمل معنا للحياة الأبدية أو يكون لها نفع روحى إذا لم يكن السيد المسيح هو غرضها وقصدها وغايتها‘ فالذى يطلب من المسيح أن يشفيه لن ينتفع من شفائه شيئا إذا لم تكن الصحة المعطاة له هى آية مجد لذاتها تعمل لحساب المسيح‘ وإلا كان الشفاء الجسدى مثل ملء بطون الجليليون من الخبز والسمك.

وقد أورد معلمنا بولس الرسول أمثلة عن الطعام البائد أو الذين يبحثون عنه ‘ ومثل هؤلاء لا يرثون ملكوت الله‘ فهناك الزناة ‘ عبدة الأوثان (الطمع فى ذلك الزمان عبادة أوثان) ‘الفاسقون والمأبونون ومضاجعى الذكور والسارقون والسكيرون والشتامون والخاطفون ‘ وأما الطعام الباقى للذين إغتسلوا (إعتمدوا) وتقدسوا وتبرروا باسم يسوع المسيح وبروح إلهنا‘ والطعام الباقى للحياة الأبدية الذى يعطيكم ابن الإنسان هو عطية من الله للحياة الأبدية ‘ وهو شخص السيد المسيح الذى ختمه الله الآب "هذاهو إبنى الحبيب الذى به سررت" وأيضا ختم المعمودية "إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس."أف1: 13.

يقول لنا السيد المسيح اليوم : - لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون ولا لأجسادكم بما تلبسون."لو12: 22 ‘ وقال أيضا " الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس ‘ فالرب يطلب منا نحن المؤمنين ‘ الواثقين فى قدرته والمتكلين عليه وحده ألا نطلب مانأكله أو مانشربه فقط ‘ لأن هذه كلها تطلبها الأمم بل نطلب نحن الطعام الباقى للحياة الأبدية وملكوت الله الذى هو" لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح فى الروح القدس."رو14: 17 ‘ وفى هذا نكون قد سلمنا أنفسنا لله وهو سوف يرعانا فى كل شيئ حتى فى الطعام الجسدى "الرب يرعانى فلا يعوزنى شيئ.."مز23: 1.

وقد فسر الرب لهم هذا فى نفس الإصحاح فقال لهم" لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له ياسيد أعطنا فى كل حين هذا الخبز . فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة .من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش أبدا."يو6: 23-25‘ فقال لهم يسوع" الحق الحق اقول لكم ان لم تاكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة ابدية وانا اقيمه فى اليوم الأخير. لان جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق." 53-55. والحكيم سليمان يعطينا النصيحة" فلنسمع ختام الأمر كله.أتق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله. لان الله يحضر كل عمل الى الدينونة على كل خفى ان كان خيرا أو شرا."جا12: 13و14.

والله اليوم يقوينا ان نحارب حب المادة وطغيانها علينا ‘ ويحرك فينا الشوق الى السماويات ‘ لأن سيرتنا نحن فى السماويات‘ وليعرفنا ان الجسد يشتهى ضد الروح ‘ ويحارب فينا أن يطغى سلطان الجسد وتطغى الغرائز الجسدية على مطالب الروح ‘ ونجد أنفسنا بين أنياب إبليس. "ان العالم ليس فيه الا شهوة العين‘ وشهوة الجسد وتعظم المعيشة‘ والعالم يمضى وشهوته ." 1يو16و17

فليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. ومع صيام يونان الذى سيبدأ اليوم نسأل الهنا الصالح ان يعطينا غذاء الروح – كلمته الحيه الفعالة – ليقوى النفس ويحييها ويشفى أمراضنا ويطهرنا من خطايانا ‘ ويجعلنا ثابتين غير متزعزعين  واقوياء غير مغلوبين فى جهادنا الروحى .أمين.

قداس عيد مار مارون في طرابلس





المطران بو جوده للسياسيين: الى أي مراكز ستصلون اذا لم يعد هناك بلد
طرابلس ـ الغربة
تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداسا احتفاليا في كنيسة مار مارون في طرابلس، لمناسبة عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون، بمشاركة راعي ابرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الملكيين الكاتوليك المطران ادوار جورجيوس ضاهر، عاونه في القداس خادم رعية مار مارون المونسنيور نبيه معوض، خادم رعية مار مخائيل الزاهرية طرابلس المونسنيور بولس القطريب، والكهنة ايلي نصر، حنا حنا، جوزيف فرح، سيمون ديب.
حضر القداس الاستاذ طوني ماروني ممثلا رئيس كتلة التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون، الاستاذ ايلي عبيد ممثلا الوزير السابق جان عبيد، السيد رشاد ريفي ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، الدكنور جميل حرب رئيس رابطة ال حرب، المحامي  جورج جلاد ممثلا بلدية طرابلس، الاستاذ جورج شبطيني، الدكتور البير عازار، الى حشد كبير من ابناء مدينة طرابلس ومؤمنين. 
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها :" عندما قُدِّم يسوع إلى الهيكل أربعين يوماً بعد ولادته، وعندما حمله سمعان الشيخ ومجّد الرب، قال عن هذا الطفل أنّه سيكون علامة للتناقض والخصام، وهكذا كان في الواقع عندما بدأ يسوع حياته العلنيّة وبدأ بالتعليم، فقد صدم الناس مرّات كثيرة وأثار عندهم ردّات فعل سلبيّة. فقد طوّب الفقراء والمساكين والحزانى والمضطّهدين ووعد بالملكوت السماوي الخطأة والعشّارين والمهمّشين والمنبوذين في المجتمع وقال إنّه لم يأتِ من أجل الأصحاء والمعافين بل من أجل المرضى.
وقال :" وها هو اليوم يؤكّد على هذا التعليم وهذا التناقض ويقول إنّ حبّة الحنطة إن لم تقع في الأرض وتمُت تبقى مفردة. كما أنّه قبل موته على الصليب كالمجرمين قال أنّ من يموت ينتقل من الموت إلى الحياة وأكّد أنّه هو القيامة والحياة وأنّ كل من يؤمن به، وإن مات فسوف يحيا،  وينتقل من حياة الشقاء والألم إلى الملكوت حيث لا عذاب ولا ألم ولا موت. على هذه الأُسس بنى المسيح تعليمه وعليها سار الكثيرون من أتباعه والمؤمنون به عبر الأجيال وقد فضّلوا الموت على الحياة كي يربحوه. وقد تعرّضوا للمضايقات والإضطهادات، وما زالوا يتعرّضون حتى اليوم حبّاً به. قبل صعوده إلى السماء طلب منهم أن يكونوا له شهوداً في اليهوديّة والسامرة وحتى أقاصي الأرض. ولأنّهم قاموا بهذه المهمّة تحوّلوا من شهود إلى شهداء فسفكت دماؤهم وقطعت أوصالهم ولم ينكروه.
اضاف :" تاريخ الكنيسة منذ نشأتها كان تاريخ شهادة وإستشهاد، سُفك فيه دم الملايين من أتباع المسيح، وبدلاً من أن يكون هذا الدم سبباً لموت الكنيسة فإنّه كان، كما قال ترتليانوس، زرعاً لمسيحيّين جدد.  في القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الكنيسة، ومنذ أيام نيرون في خمسينيّات القرن الأوّل، وحتى أيام ديوقلسيانوس في بداية القرن الرابع تعرّض المسيحيّون لإضطهادات عنيفة وإستشهد منهم الكثيرون. وعندما وصل قسطنطين إلى الحكم، وآمن بالمسيح، سمح للمسيحيّين بممارسة إيمانهم بحريّة وببناء الكنائس والأديار ودور العبادة. لكنّ أموراً خطيرة قد حصلت داخل الكنيسة إذ إنتشرت فيها الخلافات والصراعات اللآهوتيّة حول ألوهيّة الإبن وحول كونه من طبيعة الآب وهو مساوٍ له وللروح القدس في الجوهر. كما أنّ الحريّة التي تمتّع فيها المسيحيّون أعادت الكثيرين منهم إلى اللآمبالاة والفتور في ممارسة الإيمان، فصحّ فيهم يومذاك ما قد يصحّ فيهم اليوم بسبب الخلافات المستشرية فيما بينهم ما قاله المسيح إنّ كل مملكة تنقسم على نفسها تخرب وكل مدينة أو بيت ينقسم على نفسه لا يثبت (متى12/25).
وتابع:" لكن، وكردّة فعل على اللآمبالاة والفتور في الإيمان نشأ تيّار بين المؤمنين أعاد عند الكثيرين منهم الحماس الديني والإلتزام. وكان أنطونيوس الكبير رائداً لهذا التيّار التقشّفي والنسكي الذي ما لبث أن عمّ معظم البلدان الشرقيّة منطلقاً من مصر إلى فلسطين وجبال لبنان وسوريا. وكان من بين الذين نهجوا هذا السبيل القديس مارون الذي عاش في العراء في جبال قورش وحوّل هيكلاً للأصنام معبداً لله فأصبحت حياته مثالاً وقدوة للكثيرين الذين تتلمذوا على يده. وقد ربطته بالقديس يوحنا فم الذهب، البطريرك المنفي، علاقات الصداقة والمودّة، فأرسل إليه يوحنا كتاباً من منفاه يقول له فيه إنّ عيون المحبّة تخرق من طبعها الأبعاد ولا يضعفها طول زمان. وإنّنا نهدي إليك أطيب التحيّات ونحن لا نفتر عن ذكرك أينما كنّا لما لك في ضميرنا من منزلةٍ رفيعة، وجلّ ما نسألك أن تصلّي إلى الله من أجلنا.
واردف:" في جو الخلافات اللآهوتيّة التي إنتشرت في أيامه عاش القديس مارون لكنّه لم يتأثّر بها بل بقي ثابتاً في الإيمان ولم يدخل في هذه الصراعات. فإستقطب حوله الكثيرين من التلاميذ والنسّاك الذين حوّلوا جبل قورش إلى جبل مقدّس عاش الكثيرون منهم في المغاور وجذوع الأشجار وإرتفع البعض منهم على العواميد كالقديس سمعان، كي يبتعدوا عن كل المغريات. وعلى إسمه شُيّد الدير المعروف بدير مار مارون على شواطئ العاصي والذي أصبح معقلاً للإيمان المدافع عن المجمع الخلقيدوني، ورأساً للكثير من الأديار. وبسبب مرور زمن كبير لم يعد فيه في إنطاكيا بطريرك، وبعد أن إستشهد ثلاث مائة وخمسون من تلاميذ مارون، إنتشر أتباعه من جبال قورش وسهول سوريا الخصبة إلى جبال لبنان الوعرة كي يبقوا أحراراً في ممارسة إيمانهم ويبقوا ثابتين في هذا الإيمان، ثمّ إنتخبوا لهم بطريركاً في القرن الثامن هو القديس يوحنا مارون.
وتابع:" إنّنا بإحتفالنا اليوم بعيد القديس مارون، مدعوّون للثبات في هذا الإيمان بالرغم من كل ما يعترضنا وما سوف يعترضنا من مضايقات وإضطهادات، فلن تكون هذه الإضطهادات سبباً لضعف الكنيسة كما يتخوّف من ذلك الكثيرون من أبناء هذه البلاد وأبناء البلدان المجاورة. فإنّ قول ترتليانوس يبقى صحيحاً اليوم إذ أنّ دم الشهداء الذين يقتلون اليوم سيكون دون أي شك زرعاً لمسيحيّين جدد يساهمون في إعادة نشر الإنجيل في هذا الشرق الذي كان مهداً للإيمان المسيحي والذي منه إنطلق المبشّرون والرسل إلى مختلف أصقاع الأرض. لكنّ الذي يهدّد الكنيسة اليوم هو هذه الإنقسامات الخطيرة بين أبنائها وليس على أمور إيمانيّة ودينيّة، بل على أمور سياسيّة وعلى السعي إلى المراكز والمصالح الشخصيّة. إذ ليس من الطبيعي أن يهدّدوا مصير الوطن ووجوده بسبب خلافاتهم على هذه المراكز والمناصب. ولذا فإنّنا نطرح عليهم السؤال المصيري: إلى أي مراكز ستصلون إذا لم يعد عندكم بلاد وماذا ستجنون من أرباح من بلاد قتلتم فيها كل مقوّمات الحياة؟ إنّنا ندعوهم للعودة إلى الثوابت المارونيّة وإلى المذكّرة الوطنيّة التي أصدرها مؤخّراً غبطة البطريرك مع مجمع الأساقفة والتي تعيد التأكيد على هذه الثوابت وتطرح الهواجس التي تراود الشعب، وترسم أُسس المستقبل وتحدّد الأولويّات التي يتمسّك بها اللبنانيّون من أجل مستقبل أفضل. فيا أبناء مارون، عودوا إلى رشدكم وأصالتكم وضعوا أيديكم في أيدي بعضكم البعض، ويا أبناء لبنان، مسيحيّين ومسلمين، عودوا إلى تاريخكم وإلى ما ميّزكم منذ القديم في حياتكم مع بعضكم البعض عندما أوجدتم هذا الوطن المثال والقدوة بين كل بلدان الأرض، وإسمعوا ما تقوله المذكّرة الوطنيّة بأنّ لبنان هو تجربة إنسانيّة فريدة في هذا العالم، والكنيسة المارونيّة لن تحيد أبداً عن هذا الرهان الذي تعتبره من صميم رسالتها الوطنيّة، وهي تحثّ الجميع على أن يجعلوا من هذه التجربة رهاناً ناجحاً عبر بناء فعلي للدولة القائمة على الميثاق والإنتاجيّة وتعطي وطننا القاعدة الصلبة لينطلق منها في تحقيق رسالته، عملاً بقول البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني (القديس قريباً): إنّ لبنان هو أكثر من بلد، إنّه رسالة حريّة ونموذج في التعدّديّة للشرق كما للغرب.
بعد القداس ازيحت الستارة عن النصب التذكاري للمونسنيور الراحل ميشال واكيم، الذي خدم رعية مار مارون لمدة طويلة، واقيم احتفال خطابي في المناسبة في العة الكبرى للكنيسة قدم له الخوري جوزيف فرح، من ثم القى المونسنيور نبيه معوض كلمة قال فيها :"  لقد اتخذ لنفسه نهجاً رعائياً درج عليه عهد خورنيته. فكان يزور أبناء رعيته فيحل في كل مكان حلول الأب بين أبنائه، يعايش الجميع ويؤاكلهم ويؤانسهم ويحنو ويعطف عليهم، ويعالج حاجاتهم الروحية والزمنية، فلا يخرج إلا وقد أنهى المهمة على أكمل وجه. وكان أحياناً يُنتدب من قبل راعي الأبرشية، وهو نائبه العام، لحسم الخلافات وفض المشاكل وحل الأزمات المستعصية في مختلف الرعايا. فكان الناس ينقادون له لما يرمي في نفوسهم من مهابة وما يرون فيه من صدق وتفان في سبيل الخير العام. فأنست له الرعية وأحبته وشهد له الكل انه لم يطلب لنفسه كسباً ولا جاهاً، لم يدخر مالاً ولا متاعاً. وظل في كل حال أنوفاً، مترفعاً عن الربح المريب. ما لبث، وهذه حاله، ان كسب الإجلال والمحبة، وارتفع قدره وسط أبناء رعيته خاصة، وعموم أهالي طرابلس عامة. ملقاه دوماً سهل أليف ويده مبسوطة للمساعدة بلا حساب، على صمت وخفر. فهولا يحسب أي حساب لنفسه ولا لدنياه. لا يملك شيئاً ولا يعلق في راحتيه شيء. ما يُعطاه، من أي مصدر كان، لا يستقر في يده ولا في جيبه، بل يهبه بدافع عفوي لأول طالب يلقاه. فالسعادة عنده في العطاء لا في الأخذ".
تحدث بعده الاستاذ جاك واكيم فالقى كلمة العائلة وقال :" إن محبته إلى طرابلس ورعيته لا ترسمها حدود، فأصبح اسم المونسينيور ميشال واكيم مرتبطاً بكنيسة مار مارون وبطرابلس فكأنه توأم ثالث لهما. وهذا ما دفعه إلى طلب نقل سجل نفوسه من قريته كفرياشيت إلى عاصمة لبنان الثانية طرابلس. تعلمت منه الموقف الصريح وعدم المساومة على الحق و"لعل صراحته" كما قال غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في رقيمه "عادت عليه بعض الأحيان بما كان يكره، لكنه آثر تحمّل المكروه على المساومة على الحق. لم يخطىء المونسينيور واكيم منذ السبعينات عندما كانت رؤيته ترسيخ العيش المشترك في مدينة طرابلس وبين أبناء رعيته، والمحافظة عليه وتمتينه لكي لا يتغير وجه طرابلس الفيحاء التي تحتضن سائر العائلات الروحية المقيمة فيها، فكان له دور أساسي في الحفاظ على الوجه المسيحي والماروني في هذه المدينة رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها".
ثم تحدث الدكتور البير عازار باسم ابناء رعية مار مارون فقال :" أنت الذي جمعت تحت جناحيك وتحت جناح رعيتك العديد من المؤسسات، متخطياً العقيدة الدينية والإنتماء السياسي لهدف واحد خدمة لأخيك الإنسان. شكراً لك، كنت الرجل الثابت وراء هذه الإبتسامة التي زرعت الفرح والحب في قلوب إخوانك الفقراء ووزعتها على كل أبناء الرعية. كنتَ الرجل الصلب في أيام كانت العاصفة تضرب بالمركب من كل حدب وصوب. كم نفتقدك بأيام قلّت فيها الرجال وكثُرت فيها المناصب. اشتقنالك أيها الصديق الصدوق، كيف لا وكنتَ كل "19 آذار" أول الوافدين إلى منزلنا لمعايدة صديقك الذي تلتقيه في الفردوس السماوي. تخليدك ليس إلا شيء بسيط لنقول للجميع أن من ينسى ماضيه لا يعيش حاضره ولا يبني مستقبل، كيف وإذا كان هذا الماضي شخصك الكريم.
وختم راعي الابرشية المطران جورج بو جودجه الكلمات فقال :" أن يُرفع له تمثال على مدخل كنيسة مار مارون، فذلك أمر طبيعي، لا بل هو واجب لأنه كان الحاجز الدائم والحارس الأمين لهذه الكنيسة التي خدمها طوال إثنتين وأربعين سنة. أن تكرمه أبرشية طرابلس المارونية في عيد مار مارون، شفيع الكنيسة، فذلك أمر طبيعي، لا بل هو واجب، لأنه طوال تسعة وأربعين سنة، كان نائباً أسقفياً عاماً خدمها بأمانة ومحبة بالتعاون مع أربعة أساقفة. أن تساهم الجمعيات والحركات القائمة في كنيسة مار مارون فذلك أمر طبيعي لأنه أسّس البعض منها، ورافق البعض الآخر منها كمرشد روحي على جميع الأصعدة الرسولية والخيرية والإجتماعية والثقافية.
وقال :" الكثيرون ما زالوا يتحدثون اليوم عن دوره الرائد في نادي الشبيبة الكاثوليكية  C.J.C. الذي شهد أنشطة ثقافية لامعة دخلت في ذاكرة مدينة طرابلس والأبرشية وكل الشمال. فقد كان مركزاً لنشاطات عديدة ذات أهمية بارزة في التأكيد على العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين. اهتمام كبير ومميّز أعطاه للأحداث وللشبيبة من خلال جمعية حماية الأحداث ومن خلال جمعية كشافة لبنان التي ما زالت حتى اليوم تساهم في كل نشاطات الرعية وتستقطب الفتيان والفتيات من كل أحياء المدينة والضواحي.  أما عن أعماله الإجتماعية، فحدّث ولا حرج. فلقد كان مرشداً لجمعية القديس منصور دي بول وجمعية السيدات المارونيات لإغاثة الفقراء، ولأرض البشر وفرسان مالطة ورابطة كاريتاس. ومن أجل تنسيق العمل بين كل هذه الجمعيات أسس المركز الإجتماعي ومستوصف مار مارون الخيري لمساعدة العجزة والأيتام".
اضاف :" ولم ينسَ النشاط الرعوي والروحي إذ أنه جعل من كنيسة مار مارون مركزاً روحياً هاماً يقيم فيها الإحتفالات الليتورجية المنظمة في مناسبة الأعياد ويحتفل فيها بالقداس اليومي الذي يشارك فيها الكثيرون من أبناء الرعية. يده كانت ممدودة ومكتبه مفتوح للجميع، يأتي إليه المحتاجون ليطلبوا المساعدة فيُلبي طلبهم في الحال، إما بِمدّ يده إلى جيبه أو بالإشارة إليهم أن يأخذوا ما هم بحاجة إليه من المال الذي كان يتركه على مكتبه والذي كان يأتيه من خدمته الرعوية أو من تفسيحات الزواج التي كان يعطيها. هكذا عرفت المونسينيور ميشال واكيم يوم عُيّنت رئيساً لدير مار يوسف في مجدليا للقيام بأعمال الرسالة، إذ كنت أزوره لأُنسّق معه نشاطي الرسولي في الأبرشية التي كان المثلث الرحمات المطران أنطون جبير قد كلّفني، مع آباء الدير، للقيام بها".
وقال :" المونسينيور ميشال كان يعرف الأبرشية ورعاياها عن ظهر قلب ويعطيني الإرشادات اللازمة والمعلومات الضرورية كي أستطيع، مع إخوتي الكهنة اللعازاريين القيام بها على أكمل وجه. وهكذا فقد ربطتني به علاقات وثيقة إذ كنت أزوره عدة مرات في الاسبوع كي نضع معاً خطة عمل رسولي ونحضِّر نشرة رعوية نضع فيها تصميماً للعظات التي تساعد كهنة الأبرشية على توحيد مواضيع الوعظ في كل الأبرشية. لكل هذه الأسباب أعود وأكرر القول بأنه من الطبيعي لا بل من الواجب أن يوضع له تمثال على مدخل كنيسة مار مارون، لأنه كان في الحقيقة الحاضر الدائم فيها، والحارس الأمين لها من يوم سيامته الكهنوتية وحتى إنتقاله إلى بيت الله". 

العجيبة 6 من عجائب القديسة مريم

في قديم الزمان، يوم آمن الشعب الانكليزي بالسيد المسيح في بلاد بريطانيا، وتسمى انكلترا أيضاً، كان فيهم أناس أفاضل ورعون، وفي نفس الوقت أغنياء جداً، وكانوا لا يرغبون بتزويج بناتهم، بل ارسالهن الى أديرة يبنونها بأموالهم، ليترهبن فيها. 
ومن هؤلاء، كان رجل غني محب للفضيلة، وكان له ابنة وحيدة ذات جمال نادر، عمرها اثنتا عشرة سنة، اسمها مريم، وكانت تحلم بأن تصبح راهبة، فسألها أبوها يوماً كي يمتحن عزمها:
ـ كم تمنيت لو رزقني الله ولداً غيرك، كي اندره للسيد المسيح، أما الابن الثاني فأزوجه كي تنمو وتكبر عائلتي، ولكن الله لم يرزقني غيرك، ولست أدري ماذا أفعل يا ابنتي.
فهمست في أذنه:
ـ لا مطمع عندي يا أبي سوى ان يصبح المسيح خطيبي، لأنه أغنى الأغنياء، وحبيب الفقراء ومسعفهم، فلا تحرمني من نعمة الترهب.
فربّت على كتفها بعد أن استعذب قولها، وقرر ارسالها الى دير العذراء الذي بناه من ماله الخاص، لتتنسك مع غيرها من البنات.
وبعد سنوات، قرر قائد المدينة ريكاردوس، وضع ابنته اليتيمة من أمها، في ذلك الدير، وكان شريراً ونجساً، فقبلتها الرئيسة بفرح، وطلبت من سائر الأخوات معاملتها بالحسنى، وكانت مريم بينهن، فلاحظ القائد أنها تطيل التأمل بزيه العسكري، فاعتقد أنها معجبة به، وأنها ترغبه، كما هو يرغبها. 
وعندما رجع الى قصره، أرسل الى الدير من يأتيه بها، فحزنت الرئيسة كثيراً، وقالت للخادم الذي أرسله:
ـ قل لسيدك أن لا يفعل بالدير هذ الفعل الشنيع، إذ عليه ككقائد أن يحمينا، لا أن يعرّض شرف راهباتنا للوساخة.
فلم يأخذ القائد بكلامها، بل أصر على أن تأتيه مريم الى قصره، لأنها معجبة به كما هو معجب به، على حد قوله. واذا لم ترسلها الرئيسة سيأتي هو بنفسه ليأخذها، وستحدث في الدير مصيبة كبرى.
طلبت الرئيسة مريم، وسألتها عن اعجابها بالقائد، وسر تطلّعها الطويل به، متناسية أن أباها أرسلها الى الدير كي تترهب لا كي تتزوج. 
ـ فلماذا ارتكبت تلك المعصية يا ابنتي؟
فأجابتها مريم وهي تبكي:
ـ تطلعت به بعد أن أشفقت عليه بسبب خبثه، والشر الذي يغلّفه أكثر من ملابسه البراقة، ونياشينه الكثيرة المتدلية على صدره. لذلك أرجوك يا رئيستي أن تتركي لي الجواب، ليعرف ذلك المغرور قيمة عفّتي وشرفي ورهبنتي عندي.
فطلبت منها الرئيسة أن لا تكلمه بفظاظة، مخافة ان يرتكب جريمة في الدير. فوعدتها مريم بأن تكون لطيفة معه، شرط أن ترافقها الى الكنيسة من أجل الصلاة أمام أيقونة مريم العذراء، وطلب شفاعتها.
وبصوت ملائكي، طلبت مريم من امها مريم أن تنقّي جسدها من كل دنس.
في تلك الأثناء وصل الخادم لاصطحاب مريم الى قصر القائد، فوقفت بوجهه الرئيسة وقالت له:
ـ أنا لا أرسل راهبتي مع أحد، فما على القائد سوى المجيء بنفسه لاصطحابها. وما عليك إلا أن تسأل الراهبة مريم بنفسك.
فالتفت الخادم الى مريم وقال:
ـ حين رآك سيدي أعجب بجمال عينيك، ومن يومها فارقه النوم، فإذا لم تذهبي معي، سيأتي بنفسه ليأخذك غصباً عنك، وسيفضحك في كل بلاد انكلترا.
فقالت له:
ـ انتظرني لحظة كي أزور الكنيسة، ومن ثم اعطي سيدك ما قد أعجب به.
فرح الخادم من جوابها، واعتبر أن المسألة حلّت على خير، وأن سيده سيكافئه متى رأى مريم بصحبته.
أما مريم فلما دخلت الكنيسة ارتمت تحت أقدام شفيعتها وهي تبكي وتقول:
ـ لقد أحببتُ عينيّ يا سيدتي كي أستمتع أكثر فأكثر برؤية وجهك المقدس، أما وقد أصبحتا عثرة في طريق ترهّبي، لأن القائد الشرير افتتن بهما والتهب بالشوق الشيطاني، لذلك أرجوك يا أم الرحمة أن تساعديني في اقتلاعهما، كي لا أنجس شرفي وعفّتي، فللضرورة أحكام يا شفيعتي، فسامحيني.. سامحيني.
وبشجاعة لا توصف، اقتلعت عينيها بالسكين، ووضعتهما في وعاء، وصاحت بأعلى صوتها:
ـ تعال ايها الخادم، وخذ لسيدك هاتين العينين اللتين افتتن بهما. فأنا لست بحاجة اليهما بعد اليوم.
حمل الخادم العينين وهو يرتجف، ورماهما أمام قائده، وأخبره بما فعلت مريم. وللحال تغيّر القائد من شرير الى ملاك، وحلت النعمة الالهية عليه، وتملكه ندم قوي مفعم بإعجاب شديد بتلك الفتاة التي احتقرت جمالها الجسدي كي لا تشوه جمالها الروحي، فذهب الى الدير وهو يحمل عينيّ مريم، ومن دون أن يتكلّم مع أحد، دخل الكنيسة وارتمى تحت أيقونة أمنا مريم، بعد أن وضع العينين تحت الأيقونة، وراح يبكي ويسألها السماح والغفران. وكانت مريم العمياء تستمع الى كل كلمة ينطق بها.
فجأة، دعا الرئيسة وباقي الراهبات وأمرهن أن يركعن ويطلبن بايمان حار من مريم العذراء ومن ابنها يسوع المسيح إعادة عيني مريم الى محجريهما.
ولكي يشجعهن على الصلاة بحرارة، خلع عنه لباس الأبهة وذر الرماد على رأسه، وراح يبكي ويقول:
ـ أنا لا أستحق التطلع بأيقونتك المقدسة، فلقد دنست نفسي كثيراً، ولم أترك معصية الا ارتكبتها، ولكن السيد المسيح الذي تجسد منك لم يرفض اللصوص والعشارين التائبين، فساعديني يا ام الرحمة كي أغسل نفسي من أوساخ الماضي، واتخلص من أسر الشيطان الخبيث. أنت القديرة على كل شيء.
وفي منتصف الليل أضاء نور غريب مذبح الكنيسة، وسمع صوت يقول:
ـ خذي يا مريم عينيك من نعمة ابني يسوع.
وللحال عادت عينا مريم كما كانتا من قبل، وأول ما رأت كانت أمنا العذراء واقفة في باب الكنيسة، فصاحت مريم:
ـ ما أعظم اسمك، وأمجد نعمتك، وأكثر عجائبك.
أما القائد والراهبات فلما سمعوا ذلك الصوت نهضوا من سجودهم، ولكنها لم يشاهدوا العذراء كما فعلت مريم، بل تطلعوا بعينيها، وقدموا الشكر والمديح لأم الاله.
وبعد وفاة رئيسة الدير، انتدبتها الراهبات رئيسة جديدة عليهن، فرعتهن، ودبّربتهن بحكمتها وقداستها، الى يوم انتقالها الى الملكوت السماوي.
**

ملاحظات ليوحنا بولس الثاني كان أوصى بإتلافها أشعلت الجدل بعدما نشرها أمين سره

صدر امس في بولونيا كتاب يحتوي على ملاحظات شخصية للبابا الراحل الطوباوي يوحنا بولس الثاني احتفظ بها سكرتيره الشخصي السابق ستانيسلاف دشيفيتز، بخلاف ما اوصى به البابا، مما أثار جدلا حول موقف دشيفيتز، الكاردينال ورئيس اساقفة كراكوف حالياً.
في وصيته المعلنة بعد وفاته في 2 نيسان 2005، طلب البابا البولوني حرق ملاحظاته الشخصية، غير ان دشيفيتز قرر خلاف ذلك عبر إعطائه دار النشر المحلية ZNAK جزءاً من هذه المذكرات. وقد جُمعت الأفكار اللاهوتية للبابا بعنوان: "أنا في يدي الله - ملاحظات شخصية 1962-2003"، ضمن مجلد من 640 صفحة.
"البابا يكشف فيها القليل من روحه، لقاءه والله، تأمله وتفانيه. وهنا تكمن أكبر قيمة لهذا الاصدار"، قال دشيفيتز خلال اعلانه في كانون الثاني الماضي نشر الكتاب، وذلك بالارتكاز على دفترين كان البابا يسجل فيهما تأملاته خلال الخلوات الروحية وهذه الملاحظات كتبت بالبولونية، مع مقاطع باللاتينية، بأسلوب حر ومنوّع، يراوح بين تعابير منعزلة وتأملات غنية بالمراجع. وتولى المؤلف تصنيفها وتأريخها بعناية. وكان مجمع دعاوى القديسين دقق فيها، في اطار دعوى تطويب البابا.
أضاف دشيفيتز: "لم يكن لدي أي شك. انها أمور مهمة للغاية، وتتكلم على روحانية إنسان، بابا كبير، الى درجة ان تدميرها بمثابة جريمة". غير ان رأيه هذا لم يحقق إجماعا في بولونيا. "إنها ملاحظات شخصية. وكان يجب أن تُحرق تنفيذاً لوصية البابا، أو ان تودع محفوظات الفاتيكان او المطرانية"، وفق عالم الاجتماع الاختصاصي بالاديان باول بوريجفسكي. ووفقاً للاب تاديوش ايزاكوفيتش زاليفسكي، فان "قرار نشر مذكرات شخصية للبابا ضار. انه انتهاك لوصيته. وفي الثقافة الأوروبية، الوصية الاخيرة ملزمة".
وردّ دشيفيتز على منتقديه، فأكد ان "المذكرات والمراسلات التي يجب أن تُحرق أُحرِقت ودمرت". وكشف ان في حوزته مخطوطات أخرى للبابا.
وتتهمه وسائل الاعلام البولونية بتحقيق ارباح من ذكرى البابا عبر نشر ذكرياته الخاصة أو توزيع ذخائر له. ويشار الى ان حصة من أرباح نشر ملاحظات البابا الراحل ستخصص لتمويل بناء مركز يوحنا بولس الثاني قرب مزار "الرحمة الإلهية" في لاجيافنيكي في ضواحي كراكوف. ويهدف المركز الى "تخليد التراث الهائل" للبابا ولعهده الذي استمر 27 عاماً.

المطران جورج بو جوده تراس قداسا في بلدة ايطو قضاء زغرتا

زغرتا ـ الغربة
لمناسبة عيد سمعان الشيخ وحنّه النبيّة، تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس في  كابيلا سمعان الشيخ التاريخية في بلدة أيطو في قضاء زغرتا، عاونه فيه خادم رعية ايطو الخوري عزت الطحش، وشارك في القداس عدد من راهبات الصليب في ايطو، وحشد من ابناء البلدة. 
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" نحتفل في الثاني من شباط كل سنة بعيد تقدمة يسوع إلى الهيكل أربعين يوماً بعد ولادته، حسب الشريعة، ويرتبط هذا العيد إرتباطاً وثيقاً بعيد الفصح الذي كان اليهود يحتفلون به تذكاراً لتحرّرهم من العبوديّة في مصر وعودتهم إلى أرض الميعاد، وقد أمضوا قبل دخولهم إليها أربعين سنة في الصحراء. يروي لنا الكتاب المقدّس في سفر الخروج أنّ الشعب اليهودي الذي أمضى أربع مائة وثلاثين سنة في مصر بعد أن إستقدمهم إليها يوسف إبن يعقوب الذي باعه إخوته ليتخلّصوا منه حين قال لهم أنّه رأى في الحلم أن الحزم التي كان يجمعها مع إخوته في الحقل سجدت لحزمته، وأنّ الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً تسجد له. في مصر تعرّض يوسف أولاً للمضايقات فوُضِعَ في السجن، لكنّ الرب نجّاه لأنّه شرح لفرعون الحلم الذي رآه والذي يقول بأنّ سبع سنوات سوف تمر على الشعب تعطيه فيها الأرض خيرات كثيرة، ثمّ تليها سبع سنوات أخرى عجاف لا تعطيه الأرض فيها شيئاً. يومها كافأه فرعون وعيّنه قيّماً على كل خيرات مصر وبدلاً من أن ينتقم من إخوته عندما جاؤوا ليبتاعوا القمح من مصر، طلب إليهم أن يأتوا إليه بأبيه وأُمّه فيعيشوا مرتاحين في أرض مصر".
اضاف:" لكنّ نظام الحكم في مصر تغيّر وتغيّرت معه العلاقة مع العبرانيّين فإستعبدهم وفرض عليهم القيام بالأعمال الشاقة وفرض عليهم أن يقتلوا كل طفل ذكر يولد فيها. فإختار الله موسى وجعله رئيساً عليهم وطلب منه أن يخرج الشعب من أرض مصر ويعود به إلى أرض آبائه. وبما أنّ الفرعون رفض أن يتركهم يذهبون فقد حلّت في مصر ضربات عشر كان آخرها، كردّة فعل على قتل الذكور من بينهم، موت كل الذكور فاتحي رحم أمهاتهم، من البشر والحيوانات في الشعب المصري. يومها قال الرب لموسى: كرّس لي كل بكر فاتح رحم من الناس والبهائم، وأذكروا هذا اليوم الذي خرجتم فيه من مصر، من دار العبوديّة، إذ بيد قديرة أخرجكم الرب... وإذا أدخلكم الرب أرض كنعان وأعطاها لكم، فخصّصوا للرب كل ذكر فاتح رحم وكل أوّل ذكر تلده بهائمكم (خروج13/2-3 و11-13). يوسف ومريم تقيّدا بهذه الشريعة وقدّما يسوع للرب في الهيكل، وقدّما فداء عنه تقدمة الفقراء: زوجي يمام، وكما كان الشعب في العهد القديم يسعى إلى الخلاص من العبوديّة في مصر، كذلك كان الشعب ينتظر فداء إسرائيل عندما ولد يسوع، خاصة وأنّ أرض فلسطين كانت تحت حكم المستعمر الروماني الجائر". 
وقال:" كانت كل العلامات تدل، عندما ولد يسوع، بأنّ حدثاً هاماً سوف يحصل. هذا ما سيعبّر عنه سمعان الشيخ الذي، كما يقول عنه لوقا في إنجيله، كان ينتظر الفرج لإسرائيل، والروح القدس نازل عليه وقد أوحى إليه أنّه لن يرى الموت قبل أن يعاين مسيح الرب. وقد حمل الطفل يسوع على ذراعيه وبارك الرب وقال: 
"الآن أطلق عبدك بسلام يا رب، وفقاً لقولك. فقد رأت عيناي خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلّها، نوراً يتجلّى للوثنيّين ومجداً لشعبك إسرائيل" (لوقا2/25-33).
وتابع:" سمعان الشيخ يمثّل العهد القديم، زمن إنتظار المسيح الموعود. إنّه يستقبل الطفل يسوع، العهد الجديد، زمن تحقيق وعد الله الخلاصي. النور الذي سوف ينجلي لجميع الأُمم، لكنه سوف يتنبّأ كذلك بما سيحصل لهذا الطفل فيما بعد، إذ أنّه سيكون سبب عثرة وشقاق لأنّ الكثيرين لن يقبلوا به، فيعارضونه ويرفضونه ويصل بهم الأمر إلى قتله على الصليب، وهذا ما سيقوله سمعان الشيخ لمريم أُم يسوع: "ها إنّه جعل لسقوطه كثير من الناس وقيام كثير منهم، وآية معرّضة للرفض، وأنتِ سينفذ سيف في نفسك، لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة" (لوقا2/34-35). وأنّ حنّة النبيّة التي كانت لا تفارق الهيكل، بعد ترمّلها، تصوم وتصلّي في الليل والنهار، فقد أخذت تحمد الله وتحدّث بأمر الطفل كل من كان ينتظر إفتداء أورشليم.
وختم:" سمعان الشيخ وحنّة النبيّة يمثّلان البشريّة ويعبّران عن تطلعاتها وبإمكاننا أن نجد فيهما مثالاً لنا جميعاً، نحن المؤمنين الذين نسعى إلى الخلاص. فإنّنا على مثال البشريّة في علاقتها مع الله نعاديه مرّات كثيرة ونرفضه ونتصرّف كأبوينا الأولين فنسعى إلى أن نجعل من أنفسنا آلهة لأنفسنا، فنرفض أن نبقى على علاقة معه وأن نتقيّد بوصاياه وشرائعه، ونضع لأنفسنا شرائع خاصة غالباً ما تتناقض جذرياً مع شريعته فيصبح المسيح بالنسبة لنا علامة للخصام. أليس هذا ما نراه حاصلاً اليوم في مجتمعنا المعاصر الذي أصبح الكثيرون من أبنائه يرفضون الله وقوانينه وشرائعه ويسنّون لأنفسهم شرائع خاصة تشرّع أموراً خطيرة كمثل الإجهاض وقتل الأجنّة في الأحشاء والقتل الذي يسمّى رحيماً، ويرفضون الزواج ويزوّجون مثليّي الجنس، ويسمحون لهم بتبنّي الأولاد؟ أليس هذا ما نراه ونسمعه في عدد من وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، والتي تدّعي أنّها مسيحيّة.  المسيح، كما قال سمعان الشيخ هو علامة للخصام. فأي مسيح نقبل ومع أي مسيح نسير؟ فلنسع للسير مع المسيح المخلص الذي حمله سمعان الشيخ وقدّمه للرب في الهيكل بإسمنا وبإسم البشريّة جمعاء، ولنهتف معه اليوم قائلين:  "إنّ عيوننا قد رأت الخلاص الذي أعددته لنا يا رب، فليكن نوراً لنا ولكل شعبك كي تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة". 

العجيبة 5 من عجائب القديسة مريم

توفيت زوجة أحد ملوك بلاد الافرنج، بعد أن ولدت له بنتاً ذات جمال ساحر خلاّب، أسمتها مريم. 
وبعد سنوات على وفاتها، تزوج الملك من امرأة جميلة جداً، تغضب ان عرفت ان هناك امرأة أجمل منها في المملكة، لذلك بدأت الغيرة تدبّ في قلبها عندما رأت جمال ابنة الملك مريم، وراحت تضمر لها الشر كي تتخلّص منها.
وذات يوم قرر الملك الذهاب الى بلاد أخرى، فوجدت الزوجة الشريرة ان الوقت قد حان للتخلص من غريمتها مريم، فطلبت من عبد تثق به جداً، أن يصحب الفتاة الى مكان بعيد، ويتخلّص منها، مقابل مال كثير ومركز أعلى بين خدّام القصر.
ولكي تزيد من إجرامه في القتل، أخبرته أن ابنة الملك قامت بأفعال شنيعة، تسيء الى شرف الملك والمملكة، ويجب التخلص منها حالاً، وما عليه سوى أن يأتيها بيديها بعد أن يقطعهما، كي تتأكد من موتها.
وفي منتصف الليل أيقظت الملكة الشريرة ابنة زوجها مريم وطلبت منها الذهاب مع عبدها في رحلة قصيرة وستلحق بها بعد قليل.
استعان العبد ببعض أصدقائه الأشرار لتنفيذ عملية القتل، فاصطحبوا الفتاة المسكينة الى مكان بعيد، فعرفت أنهم يريدون بها سوءاً، فتطلعت نحو السماء وقالت وهي تبكي:
ـ ايتها الأم مريم، يا من شرّفتني أمي بحمل اسمك، ما لي غيرك يا حبيبتي، وشفيعتي، من معين.. فكوني أمي مكان أمي وخلّصي ابنتك مريم من الشر المحدق بها.
وعندما رآها العبد الشرير تبكي أشفق عليها وقال:
ـ لا تبكي، لن يمسّك سوء.
فقالت له مريم:
ـ زوجة أبي كذبت عليكم، ورمتني بين أيديكم لتقتلوني، وها أنتم ترتكبون خطيئة امرأة شريرة، لذلك أرجوكم أن لا تقتلوني قبل أن أعترف، وأستودع روحي بين يدي سيدتي العذراء مريم.
فقال العبد:
ـ زوجة أبيك أمرتنا بقتلك، ونحن وعدناها بذلك.
فقالت لهم:
ـ أما تخافون الله، أما عرفتم بأن نعمته الالهية لن تتخلّى عني، لذلك اتركوني هنا في هذه الغابة، دون أن تنجسّوا أيديكم بدمي.
فقال العبد:
ـ لقد طلبت منا الملكة أن نقطع يديك كي تصدّق أننا قتلناك، فماذا نفعل؟
فصاحت وهي تبكي:
ـ اقطعوا يديّ، واتركوني حيّة لتأكلني الوحوش الضارية، وهكذا لن يصيبكم أي أذى من زوجة أبي.
وهكذا صار، قطعوا يديها، وتركوها في الغابة تتوجع وتتألم وتحاول تضميد جراحها بشتى الوسائل. وفي نفس الوقت، كانت تستغيث بشفيعتها مريم، وتطلب منها المعونة.
وبينما هي تبكي وتصلي وتصيح: 
ـ ساعديني يا أمي الكلية الطوبى.. أنقذيني يا أم المخلص..
سمعها ابن أحد الأمراء الأغنياء، بينما كان يصطاد في الغابة، فأهداه الله إليها، فراح يفتّش عن مصدر الصوت الى أن وجدها، فصاح برفاقه:
ـ احملوها بطريقة تخفف من آلامها، كي نذهب بها الى مدينتنا، ونعرضها على أعظم الأطباء هناك. مشيئة الله قادتنا إليها وعلينا إتمامها.
وبعد أن خفف الاطباء من ألمها، سألوها عن المجرم الذي قطع يديها.. وما اسمها؟ وابنة من؟ ولماذا فعلوا بها هذا العمل الوحشي؟، فلم تخبرهم شيئاً، بل فضلت كتمان سرّها عنهم.
وكان ابن الأمير قد وقع بغرامها من النظرة الأولى، فطلب من ابيه أن يزوّجه إيّاها قائلاً:
ـ أنا أعرف يا ابي بأنك تحبّني، وتريد كل شيء حسن لي، وأن الله قد وهبنا المال الكثير، ولسنا بحاجة الى شيء، لذلك أطلب منك أن تزوّجني هذه البنت المقطوعة اليدين التي وجدتها في الغابة.
فبهت الأمير من كلام ابنه وقال:
ـ بإمكانك أن تتزوّج أي بنت من بنات الأمراء، فكيف تطلب مني أن أزوجك فتاة معاقة قد تكون ابنة أحد الأردياء؟
فقال الابن:
ـ إما أن تزوجني إياه، أو لن أتزوّج ما حييت.
فرضخ الأمير عند رغبة ابنه وزوجه فتاة الغابة، وأقام له عرساً لا مثيل له.
أما الملك، والد مريم، فتملكه حزن شديد على ابنته، ولم يعرف ماذا أصابها، سوى أن الملكة الشريرة أخبرته بأنها هربت سراً من المملكة، ولا أحد يعرف مكانها. ولأنه كان يشك بكلام زوجته، أرسل خدمه للتفتيش عن ابنته في كل مكان دون جدوى.
ولكثرة حزنه على فقدان مريم، قرر دعوة جميع الأمراء الذين في مملكته، للمشاركة في أكبر سباق للخيل أمام قصره، عله يروّح عن نفسه ويخفف من ألمه النفسي. وكان من بين المتبارين زوج ابنته مريم، فأبدع في السباق، وبركوب الخيل والمبارزة، فأعجب به الملك ومدحه أمام الجميع.
أما الملكة الخبيثة، فدعت عبده وسألته عن سيّده، من هو؟ وهل هو متزوج؟ فأخبرها بقصة زواجه بفتاة مقطوعة اليدين، كان قد وجدها في الغابة.
وبينما هو يخبرها عن سيده، وصل لزوج مريم خبر من أبيه الأمير بأن زوجته ولدت توأمين ذكرين، هما بصحة تامة. فجن جنون الملكة الشريرة، وقررت القضاء على مريم وطفليها، فطلبت من العبد أن يأتيها بجواب الابن لأبيه، وستنعم عليه بالمال الكثير.
وبعد ساعات، جاءها العبد بالرسالة، التي يطلب فيها الابن من أبيه اكرام زوجته وولديه، فأخذتها منه، واستبدلتها بأخرى بعد أن أعادت الختم كما كان بطريقة مدهشة، وكتبت فيها:
"أريد أن أخبرك يا أبي بأن زوجتي ابنة انسان شرير، وقد ارتكبت خطيئة مميتة استحقت بسببها قطع يديها، لذلك أرجوك أن تخلصني منها ومن طفليها، فإن لم تقتلهم لن أعود الى مدينتك".
حزن الأمير كثيراً لدى قراءته رسالة ابنه، وكان قد تعلّق قلبه بحفيديه الصغيرين، فقال له كبير مستشاريه:
ـ لا ترتكب هذه الجريمة يا سيدي، أرجعها الى الغابة التي جاءت منها، وارسل الى ابنك رسالة تخبره فيها بأنك نفذت طلبه.
أما مريم، وبعد أن رموها في الغابة، حملت ولديها بما تبقى من يديها، وراحت تمشي الى أن وصلت الى مغارة يسكنها أحد النسّاك، فلما رآها جائعة جمع لها بعض الحشائش وأطعمها اياها، وتركها هناك، وانتقل الى مغارة أخرى، كي ترضع طفليها.
وبعد أسبوع عاد الابن الى مدينته، فلم يجد زوجته وابنيه، فجن جنونه وأمر خدمه بمرافقته للتفتيش عن عائلته. وفي نفس الوقت، ظهرت السيدة العذراء لمريم، وقالت لها:
ـ لا تخافي يا ابنتي، زوجك آتٍ ليرجعك الى البيت، ومن الآن فصاعداً ستتلاشى جميع أوجاعك، ولن تمري بمحنة أبداً، لأن ايمانك لم يتزعزع رغم المصائب التي مررت بها.
بكت مريم من شدة فرحها وقالت:
ـ أشكرك يا أمي، يا شفيعة اليتامى والمعذبين، لأنك لم تتخلي عني، ولكن كيف لي أن أفرح وأنا مقطوعة اليدين، غير قادرة على حمل أطفالي كما حملت أنت طفلك يسوع الممجد. ارحميني يا أمي.
قالت لها العذراء:
ـ إذن، خذي يديك من ابني يسوع.
فحسبت مريم أنها في حلم، ولم تعلم أنها في يقظة إلا عندما تطلعت بيديها، فوجدتهما أجمل مما كانتا قبل قطعهما. وأول شيء فعلته بهما هو تمشيط شعر طفليها، وملامسة وجههما بأصابعها، وهي تبكي وتشكر السيدة العذراء وابنها المخلص.
وفجأة، سمعت أصوات رجال، وصهيل أحصنة، فخرجت من المغارة لتجد زوجها، فركضت نحوه واحضنته بيديها، فراح يقبلهما وهو يبكي ويشكر الله على عجائبه.
أما والده الأمير، فأمر سكان المدينة بأن يعيّدوا ثمانية أيام تكريماً للسيدة مريم العذراء. وفرحاً بعودة كنته وحفيديه، ثم انفرد بابنه وكنته وأطلعهما على رسالة الغش التي وصلته من الملكة لشريرة. عندئذ، كشفت مريم سرها، وأخبرتهما بأنها مريم ابنة ملكهما، وأن زوجة ابيها دبرت لها تلك المكيدة بغية التخلص منها، ولكن شفيعتها مريم، ومخلصها يسوع، لم يتركاها لحظة، وأعاناها على مصيبتها وألمها. فأخفيت عنكما أمري كي لا يعرف والدي بما حصل لي ويموت كمداً. أما الآن فأنا مستعدة للذهاب الى حضن أبي.
فرفع زوجها يديه نحو السماء وقال: 
ـ أشكرك يا رب، لأنك جعلت مولاتي، ابنة الملك، زوجة لي دون علم مني، فلكم أنت عظيم يا ألله.
عندئذ سجد أمام زوجته مريم، وتبعه كل من كان في القصر، بما فيهم الأمير والده، كيف لا وهي ابنة ملكهم الاعظم.
بعد يومين، وصلت منها رسالة الى أبيها الملك، تعلمه بمجيئها مع زوجها وطفليها، شرط أن لا يسألها شيئاً عن قصتها إلا على انفراد.
خرج الملك مع عساكره لاستقبال وحيدته مريم، وعندما وقفت أمامه رفعها عالياً وراح يقبّلها كالمجنون، وهي تقبّل رأسه كما كانت تفعل وهي طفلة، وفي نفس الوقت تهمس في اذنيه ماذا فعلت بها زوجته الشريرة.
وللحال اختفت زوجة الملك عن الانظار، فأمر بإحضارها، بعد أن أشعل ناراً عظبمة في وسط المدينة، وأحرقها أمام أعين الجميع، كي تكون عبرة لمن اعتبر. بعدها، توّج صهره ملكاً، وأمر بأن تبنى كنيسة على اسم "مريم" سيدة العالمين، وأن يصبح يوم رجوع ابنته عيداً وطنياً.
كل هذا يحدث، ومريم توزّع الصدقات على المحتاجين والفقراء والمعدمين، وكانت تقول لكل من يشكرها على أفعالها:
ـ ليست يداي من تعطيانكم الخير والنعمة والرحمة، بل يدا سيدي ومخلصي يسوع المسيح.
**