زغرتا ـ الغربة
دشن رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، كنيسة سيدة الانتقال في بلدة كفرحورا في قضاء زغرتا، وذلك بعدما تم تاهيلها وترميمها بحلتها الجديدة، وتراس قداسا للمناسبة في الكنيسة عاونه فيه خادم الرعية الخوري جورج خليل، الخوري طوني بو نعمه، والخوري انطانيوس يزبك، وبحضور حشد من المؤمنين من ابناء البلدة.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" "على هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" كلام يسوع جواباً على إعتراف بطرس بأُلوهيّته يدعو إلى الثقة والرجاء، إذ أنّه يعبّر عن المسيح، إبن الله، كما إعترف بطرس بذلك، هو الضمانة لبقاء الكنيسة وإستمرارها بالرغم من كل ما سيعترضها من صعوبات وإضطهادات. المسيحي الحقيقي ليس ذلك الذي ينتمي إجتماعيّاً وعدديّاً وسياسيّاً إلى الكنيسة، بل هو ذلك الذي يسمع كلام الرب ويعمل بمقتضاه، كما يقول المسيح في الفصل السابع من الإنجيل حسب متّى، في العظة على الجبل. مثل من يسمع كلامي فيعمل به كمثل رجل عاقل بنى بيته على الصخر، فنزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح، فثارت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنّ أساسه على الصخر. ومثل من يسمع كلامي ولم يعمل به كمثل رجل جاهل بنى بيته على الرمل، فنزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح، فضربت ذلك البيت، فسقط وكان سقوطه عظيماً(متى7/24-27)".
وقال :" الكنيسة هي بيت الله، فيها يسكن في القربان المقدّس، كما كان يسكن في الهيكل في العهد القديم، في هيكل أورشليم، كما وصف ذلك كاتب الرسالة إلى العبرانيّين التي سمعنا مقطعاً منه، كان يوجد تابوت العهد، في قدس الأقداس، وهو الذي كان يحتوي على عصا هارون ولوحيّ الوصايا والمنّ الخفي الذي أعطاه الرب طعاماً للشعب وهو ينتقل من أرض العبوديّة إلى أرض الميعاد. بيت الله اليوم هو الكنيسة التي يحتوي قدس الأقداس فيها، بيت القربان، جسد المسيح تحت شكل الخبز وهو الوجود الدائم والفعلي للرب الذي قال إنّه خبز الحياة وأنّ من يأكل من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. كما أنّه بيت كلمة الله الذي تتلى فيه بصورة رسميّة وعلنيّة، بيت الكلمة المتجسّد يسوع المسيح الراعي والقائد لشعبه.
هذا البيت هو الذي نكرّسه اليوم مجدّداً بعد أن رمّمتموه، أيها الأحباء، ليكون لآئقاً لإستقبال المسيح للسكن فيه، وهو لا يحب أن يبقى فيه لوحده، محبوساً في بيت القربان، بل يحب أن يلتقيكم دائماً وأن يستقبلكم كما كان يستقبل القديس جان ماري فيانيّه، خوري آرس، الذي كان يمضي الساعات الطوال أمامه، يناجيه ويتحدّث إليه، وعندما كان الناس يسألونه ماذا يفعل وهو جالس في الكنيسة كان يقول: أنظرُ إليه وينظر إليّ، أحدّثه وهو يحدّثني".
واضاف بو جوده " ونحن ندشّن هذه الكنيسة من جديد بعد ترميمها ترد إلى فكري حادثة بناء هيكل الرب كما يرويها الكتاب المقدّس في سفر صموئيل الثاني في الفصل السابع الذي يقول إنّه عندما سكن داود في قصره وأراحه الرب من كل أعدائه قال لناثان النبي: أنظر! أنا مقيم في بيت من أرز وتابوت العهد مقيم في خيمة، فأجابه ناثان: إذهب وإفعل كل ما في بالك لأنّ الرب معك. لكنّ الرب قال لناثان: إذهب وقل لداود عبدي: أ أنت تبني لي بيتاً لسكناي؟ بل أنا سأُقيم لك ذريّة، وأبني لك بيتاً، وسأُقيم خلفاً لك من نسلك، فهو يبني بيتاً لإسمي وأنا أثبّت عرش مُلكه إلى الأبد. (صموئيل الثاني فصل7). بهذا الكلام كان الرب يقول بأنّه لا يريد بيتاً من حجر ورخام، ولا حتى من خشب الأرز، بل يريد بيتاً بشرياً، أي أُناساً يعبدونه بالروح والحق لأنّ كل الأرض وما عليها هو له إلاّ الشعب في غالب الأحيان الذي يرفضه ويحاول أن يبني ذاته بذاته، بدونه وضدّه. ولذلك فهو يقول لهذا الشعب: يا بني أعطني قلبك.
وتابع بو جوده :" هذا الكلام يقوله لكم اليوم، أيها الأحباء، أبناء هذه الرعيّة المحبوبة الذين بمجهودكم وبمساهمتكم جميعاً أعدتم ترميم بيت الرب، وقد جعلتموه جميلاً لآئقاً بسكنى الرب فيه. لكنّ الكنيسة، كما تعرفون ليست بناء حجرياً فقط بل هي أكثر من ذلك بكثير إنّها بناء بشري مكوّن منكم جميعاً ولكل واحد منكم هو خجر في هذا البناء الذي لا يتمّ ولا يكون جميلاً إلاّ إذا كان كل واحد منكم هو حجر فيه وفي مكانه، وهو يبقى ناقصاً إن لم يأخذ كل واحد منكم فيه مكانه. لقد ساهمتم جميعكم في هذا المشروع الروحي الحيوي، ولم تطلبوا من أحد أن يبني لكم هذا البيت وهذه الكنيسة. لأنّه لو حصل ذلك لكان بإمكانكم القول أنّكم غرباء عنه وهو غريب عليكم. ولكن وبما أنّكم جميعكم ساهمتم كلّ حسب إمكانيّاته، في هذا الشروع فقد صار بإمكان كل واحد منكم أن يقول إنّ هذا البيت هو بيته، ولا أحد يعيش خارج بيته، بل في بيته يجد الراحة الحقيقيّة. وكلّنا نذكر الأغنية التي تقول: يا بيتي يا بويتاتي، يا مستّرلي عويباتي، فيك خلقت وفيك ربيت وفيك بمضّي حياتي".
وختم:" فإلى هذا البيت تعالوا بإستمرار جميعكم لترسّخوا علاقتكم بالرب وعلاقتكم مع بعضكم البعض، فلا تتركوه فارغاً، خاصة في أيام الآحاد والأعياد، لأنّ الرب ينتظركم فيه. لقد بلغني أنّ عدد الذين يأتون ليشاركوا في الإحتفالات الدينيّة قد خفّ، وأنّ عدداً منكم لم يعد يشارك بصورة دائمة فيها، كما كان يحصل في السابق، وكما إختبرت ذلك أنا بنفسي عندما كنت آتي لأعظ الرياضات في هذه الرعيّة التي أحببت. لذلك أودّ أن أقول لكم ما قاله الأمين في سفر الرؤيا إلى كنيسة لأودكيه: أنا أعرف أعمالك وأعرف أنّك لا بارد ولا حار وليتك كنتَ بارداً أو حاراً، سأتقيّأك من فمي لأنّك فاتر، لا حار ولا بارد (رؤيا3/15-17). وها أنا اليوم أقول لكم أيّها الأحباء، أبناء كفرحورا، لا تكونوا فاترين في إيمانكم، ولا تكونوا باردين، بل بالأحرى كونوا حارين، ثابتين راسخين في إيمانكم، خاصة في هذه الأيام الصعبة التي نعيشها في هذه البلاد. فإذا كان المسيح قد أرادنا أن نكون هنا، في هذه المنطقة من العالم وفي هذه البلاد بالذّات، فلأنّه أرادنا أن نكون له شهوداً، كما طلب ذلك من الرسل. وأرادنا أن نحمل إسمه إلى إخوتنا البشر، فيتعرّفون عليه من خلالنا، فيكون هو إلهنا ونكون نحن شعبه الحقيقي، نمجده بحياتنا وأعمالنا ونبقى أعضاء فاعلين في جسده السّري، الكنيسة حيث نمجّده مع أبيه وروحه القدوس إلى الأبد".
بعد القداس اقيم حفل كوكتيل للمناسبة في قاعة الرعية، شارك فيه ابناء الرعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق