عيد قطع رأس القديس يوحنا في بلدة عيمار الضنية



زغرتا ـ  الغربة
احتفلت رعية عيمار في قضاء الضنية، بعيد قطع رأس القديس يوحنا، وذلك خلال قداس احتفالي ترأسه راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، في كنيسة مار يوحنا المعمدان في البلدة، عاونه المونسنيور نبيه معوض، خادم الرعية الخوري ريمون الباشا، والاب بدوي حنا، بمشاركة لفيف من الكهنة، وحضور حشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" لن يكون في مواليد النساء أعظم من يوحنا، كما سيقول عنه المسيح، لكن الأصغر في ملكوت السماوات سيكون أعظم منه، لأنّه سيكون صلة الوصل بين العهدين القديم والجديد. إنّه النبي بالمعنى الحقيقي للكلمة، حامل كلمة الله وشاهد لها حتى الموت، فهو لم يكتف كغيره من الأنبياء أن يتكلّم عن المسيح المزمع أن يأتي، بل هو الذي سوف يعلن مجيئه ويدل عليه ويقول: "هذا هو حمل الله، هذا هو الحامل خطيئة العالم". النبي، بالمفهوم الكتابي للكلمة، هو ذلك الذي وضع الله كلامه على لسانه، لكي يذهب إلى من يرسلهم إليه الله، فيهدم ويقلع، كي يغرس ويبني. وهو الذي مطلوب منه أن يكون شاهداً للحقيقة ولو أضطر أن يكون شهيداً في سبيلها. وعلى النبي أن يتميز بالجرأة والشجاعة وألا يخاف من الكبار والعظماء إذا ما أخطأوا، بل عليه أن يلفت إنتباههم إلى أخطائهم، ويؤنّبهم ويوبّخهم عليها، علّهم يعودون عنها".
اضاف المطران بو جوده:" هكذا كان النبي ناتان عندما أخطأ الملك داود وأرسل أحد قواد جيشه إلى الصفوف الأولى في جبهة القتال كي يُقتل ويتزوج هو إمرأته. فأعطاه مثلاً عن رجل غنيّ أراد أن يكرّم ضيفه فأخذ نعجته الوحيدة وذبحها من أجل ذلك، بينما كان هو يمتلك قطعاناً من النعاج. وعندما إحتجّ الملك على مثل هذا التصرف، لم يخف ناتان بأن يقول له: إنّ هذا الرجل هو أنت. فإنّك خالفت شريعة الربّ. وهكذا كان النبي إيليا عندما إنتقد باستمرار تصرفات الملك آحاز وزوجته إيزابيل لأنّهما قادا الشعب نحو عبادة الأوثان والإبتعاد عن عبادة الإله الحقيقي، وخاصة عندما إتّهمت زوجته نابوت زوراً بأنّه كفر بالله وحكمت عليه بالموت كي يستولي زوجها على كرم نابوت. فقال إيليا أنّ الكلاب التي لحست دماء نابوت سوف تلحس دماءك، أنت وزوجتك. وهكذا كان يوحنا المعمدان مع هيرودس الملك الذي تزوج إمرأة أخيه، فوبّخه على ذلك، وإستحق أن يوضع في السجن، ثمّ أن يقطع رأسه تنفيذاً للقسم الذي قطعه لإبنة هيروديا التي أغرته برقصها وطلبت منه رأس يوحنا المعمدان على طبق". 
وتابع المطران بو جوده:" النبي هو الذي يختاره الربّ، حتى قبل أن يتكونّ في الحشا، كما قال عندما إختار النبي إرميا. ويوحنا المعمدان هو النبيّ الذي جاءت ولادته تتميماً لوعد الله لأبيه زكريا. وهو الذي سوف يقبل بأن تسفك دماؤه كي يبقى أميناً للشهادة التي إئتمنى عليها، دون أن يقبل أن يخالفها كي يخلّص نفسه. إنّ تاريخ البشرية والكنيسة مليء بأخبار أشخاص فضّلوا الموت على الكفران بالمسيح. فمنذ فجر المسيحيّة كانت القرون الأولى، على ما قال عنها أحد المؤرخين، كنيسة الرسل والشهداء، الذين تعرّضوا لشتى أنواع المضايقات والإضطهادات لأنّهم آمنوا بالمسيح، ورفضوا أن يتخلّوا عنه. قطعت أوصالهم وسملت عيونهم وأحرقوا بالنار وطرحوا أمام الحيوانات المفترسة، ولم يقبلوا أن يتخلوا عن إيمانهم. وأيامنا المعاصرة مليئة بأخبار الشهداء، إذ إنّنا كل يوم نسمع أخبار مسيحيين يقتلون لأنّهم آمنوا بالمسيح، كما هو حاصل بالقرب منّا في العراق، في سهل نينوى وقراقوش والموصل وفي الهند والباكستان وعدد من بلدان آسيا منذ سنوات، وما يحصل حتى في بلدان مسيحيّة كبلدان أميركا الجنوبيّة لأناس يدافعون عن الفقراء والمساكين على يد أبناء شعبهم ودينهم لأنّهم يزعجونهم ويعرقلون سيطرتهم على مقدرات البلدان دون وجه شرعيّ.
وختم المطران بو جوده:" خطيئة العالم اليوم، وخطيئتنا الكبرى غالباً هي في إهمالنا لمسؤولياتنا وعدم جرأتنا على قول الحقيقة خوفاً من إتهامنا بالرجعية والعقلية المتأخرة، فنقبل بكل ما يحصل حولنا من أمور تتنافى مع الآداب والأخلاق. فلنسمع اليوم كلام يوحنا المعمدان الموجّه إلى الذين جاؤوا ليعتمدوا على يده وليكن عندنا الشجاعة كي نكون مثله صوتاً صارخاً في البرية: أعدّوا طريق الربّ، وإجعلوا سبله قويمة. كل وادٍ فليمتلئ وكل جبلٍ أو تلٍ فلينخفض، والسبل الملتوية فلتصر قويمة ومتوعر الطرق فليصر سهلاً، فيعاين كل إنسان خلاص الله".   

ذخائر القديسة رفقا تعود الى دير مار سمعان أيطو




زغرتا ـ  الغربة
استقبل دير مار سمعان القرن في بلدة ايطو في قضاء زغرتا، ذخائر القديسة رفقا، التي عادت بالامس الى الدير الاول الذي انطلقت منه وابرزت نذورها، وجرى احتفال ديني حاشد للذخائر، واستقبال ضخم يليق بالقديسة رفقا على طول الطريق الذي سلكته الذخائ، حيث اصطف المؤمنون على جانبي الطريق المؤدي الى مفترق الدير ينثرون الارز والزهر على الذخائر، وعند مفترق الدير انطلقت مسيرة صلاة سيرا على الاقدام، وصولا الى الدير حيث تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده قداسا احتفاليا، بمشاركة المطران حنا علوان، ولفيف من كهنة الابرشية، وحشد من الرهبان والراهبات وجمهور واسع من المؤمنين. حضر القداس قائمقام زغرتا السيدة ايمان الرافعي، رئيس اتحاد بلديات زغرتا زعي مخايل خير، رئيسة وجمهور راهبات دير مار سمعان القرن، الى حشد من الفاعليات البلدية، والنقابية، والثقافية، والتربوية، ومؤمنون. 
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:": اليوم تعود القديسة رفقا إلى البيت الذي عاشت فيه طوال أكثر من ست وعشرين سنة، والذي فيه، وعلى قمّة هذا الجبل المشرف على وادي قنوبين، وادي القدّيسين تدرّبت على القداسة، لتنطلق بعد أن ضربها المرض إلى دير مار يوسف جربتا حيث فارقت الحياة لتعود إلى البيت الأبوي، إلى البيت الذي هو مآلنا النهائي جميعاً بعد حياتنا على هذه الأرض. إنّها تعود إلينا بجسدها المائت لكنّ روحها وروحانيّتها لم تفارق هذا الدير، بل إنّها ترّسخت فيه وما زالت تشعّ منه على هذه المنطقة".
وقال:" نستقبلها اليوم بالفرح الروحي الذي هو، ولو بدا في الأمر تناقض، نتيجة للألم والعذاب الذي عانت منهما سنوات طويلة، واللذين كانا بمثابة النار التي تطهّر التراب ليخرج منه الذهب الأصفر والرنّان. العذاب والألم الذي يقول عنهما القدّيس بولس في رسالته إلى أهل كولوسي: إنّي أفرح الآن في الآلام التي أقاسيها لأجلكم، وأُتمّ في جسدي ما ينقص من آلام المسيح، من أجل جسده الذي هو الكنيسة(كولوسي1/24). بهذه الكلمات يُعبِّر بولس الرسول عن القيمة الخلاصيّة للألم، الذي تحوّل، مع آلام المسيح وموته من سبب لليأس إلى وسيلة للخلاص. فالكثيرون كانوا يعتقدون ويؤكّدون أنّ الألم والعذاب هو عقاب من الله يفرضه على الذي يخالف إرادته، بينما نرى على العكس ونسمع المسيح يقول لنا أنّ الله لا يريد موت الخاطئ بل توبته وعودته إليه ليحيا. إذ ليس الله من يفرض العذاب والألم على الإنسان، بل هو الإنسان من يفرض ذلك على نفسه، عندما يعتقد أنّ بإمكانه تحقيق ذاته ومبتغاه بالإبتعاد عن الله ورفضه، لكنّه لا يلبث أن يكتشف عريه ومحدوديّته، ويبتعد عن الله ويختبئ من وجهه خوفاً منه، على ما يقول سفر التكوين، بعد خطيئة أبوينا الأولين".
وتابع:" العذاب والألم هو نتيجة موقف الإنسان الرافض لله، الذي هو بنفسه يحكم على نفسه لكنّ الله الذي بفعل محبّة خلقه، بفعل محبّة كذلك يريد أن يخلِّصه، وهذا ما يقوله يسوع بذاته لنيقوديموس في حواره معه: هكذا أحبّ الله العالم حتى أنّه بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة، ثم يعود فيؤكّد على ذلك فيما بعد عندما يقول بأنّ الحب الحقيقي يُبنى على التضحية حتى بالذات، إذ ليس من حب أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل من يحب. القديس بولس، يُعبّر عن القيمة الخلاصيّة للآلام في فاتحة رسالته إلى أهل كولسي حين يقول إنّه يُتمّم في جسده ما ينقص من آلام المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة.  وهو في رسالته الثانية إلى أهل قورنثيّة يتكلّم بإسهاب عن الآلام التي تحمّلها من أجل المسيح، هو الذي كان في بادئ الأمر عدواً لدوداً للمسيح. وهو يصف هذه الآلام التي تحمّلها ويقول: جَلَدني اليهود خمس مرّات أربعين جلدة إلاّ واحدة، ضُرِبْتُ بالعصي ثلاث مرّات، رُجمْتُ مرّة واحدة، إنكسَرَت بي السفينة ثلاث مرّات، قضيْتُ نهاراً في اللّجة، كثيراً ما كنتُ في الأسفار في أخطار السيول، وفي أخطار اللصوص، في أخطار من أُمّتي وأخطار من الأُمم... أُعطيت شوكة في الجسد، ملاكاً من الشيطان لكي يلطمني، لئلا أستكبر. ولذلك طلبت إلى الرب ثلاث مرّات أن تفارقني فقال لي: تكفيك نعمتي. فبكل سرور أفتخر بأوهاني، لتستقرّ عليّ قوّة المسيح. أجل! إنّي أُسرّ بالأوهان والإهانات والضيقات والإضطهادات والشدائد من أجل المسيح لأنّي متى ضعفْتُ فحينئذٍ أنا قوي (2قور11/23-26 و12/7-10).
اضاف:" القديس بولس لا يبحث عن الألم من أجل الألم، ولا عن الإضطهاد من أجل الإضطهاد. إنّه يقبل بذلك ويعتبرها وسيلة لتقديس ذاته والتكفير عن ذنوبه وخاصة عن كونه قد حارب المسيح، فالإيمان المسيحي لا يبني على ما يسمّى مرض المازخيّة، أي مرض حب الألم في سبيل الألم، بل على العكس، فإنّه يبنى على القبول بما يرسله الله لنا من آلام من أجل تطهير ذاتنا وتنقيتها. المسيح بالذات لم يسعَ إلى الصليب من أجل الصليب، ولا إلى الألم من أجل الألم، بل على العكس فإنّه طلب من أبيه أن يُبعد عنه هذه الكأس إذا كان ذلك بالإمكان... ثمّ أضاف بقول: لتكن مشيئتك أيها الآب.  فالصليب والموت كانا بالنسبة له وسيلة للإنتصار النهائي على الموت، على ما تنشده الليتورجيّة البيزنطيّة: وطئ الموت بالموت، ووهب بذلك الحياة للذين في القبور. والقديسة رفقا التي نحتفل اليوم بذكراها، قبلت الألم والعذاب بهذا المعنى إذ كانت آلامها آلاماً خلاصيّة، لم تسعَ إليها حباً بها، بل مشاركةً منها في آلام المسيح. والآلام التي عانت منها رفقا لم تكن فقط آلاماً جسديّة، بل كانت قبل ذلك أيضاً آلاماً نفسيّة وعائليّة وإجتماعيّة، ولربما تكون هذه الآلام مرّات كثيرة أشدّ إيلاماً من الآلام الجسديّة. ومن أهمّها موت والدتها وهي في السابعة من عمرها، وإضطرارها للعمل كخادمة في إحدى العائلات في دمشق مدّة أربع سنوات، ثمّ زواج والدها من إمرأة ثانية والخلاف بين خالتها، أُخت أُمها، التي كانت تريد تزويجها بإبنها، وزوجة والدها التي كانت تريد تزويجها بأخيها، وسماعها للمشادة التي حصلت بين الإثنتين وهي عائدة من العين إلى البيت، حاملة جرّة الماء، وإستياءها من ذلك وحزنها. والذي عانت منه أيضاً وبصورة كبيرة هو ما رأته من مجازر في دير القمر سنة1860 عندما حصلت المجازر الشهيرة ضد المسيحيّين ورؤيتها بعض الجنود البرابرة يطاردون بخناجرهم المسنّنة طفلاً صغيراً ليذبحوه.
أما الآلام الجسديّة التي عانت منها، فقد طلبت من الرب أن يجعلها مشاركة منها معه في آلامه. فقد بدأت بوجع في رأسها أخذ يمتدّ فوق عينيها كشهب نار، ورافقها وجع العينين أكثر من إثنتي عشر سنة، وإنتهى بالعمى الذي لآزمها ست عشرة سنة أخرى، بعد أن إقتلع الطبيب عينها وهو يُجري لها عمليّة جراحيّة. وبعد ذلك أُصيبت بالمرض في عظامها ووركها وإنفكّ عظم رجلها وبقيت في حالة تفكّك لا مجال لوصفها. وكانت ردّة فعلها الدائمة عبارة: مع آلامك يا يسوع".
وختم:" بهذه المشاركة في آلام المسيح تقدّست القديسة رفقا، إذ إنّها تحمّلت العذابات الجسديّة المبرحة فمجّدها الله مع إبنه يسوع ورفعها إلى درجة القداسة لتكون مثالاً وقدوة لجميع المرضى ولجميع المسيحيّين وبصورة خاصة لمسيحيّي الشرق الذين يتحمّلون في هذه الأيام الآلام الكبيرة والإضطهادات القاسية كما هو حاصل في سوريا والباكستان والعراق، وبصورة خاصة في الموصل وقراقوش وغيرها من البلدات والقرى حيث طُردوا من مناطقهم ومنازلهم ودُمّرت أديارهم وكنائسهم وشوّهت مقدّساتهم ودنّست صلبانهم وأيقوناتهم. لكنّنا واثقون بأنّ آلامهم لن تذهب سدى وأنّ دماءهم ستكون زرعاّ لمسيحيّين جدد كما يقول ترتليانوس. إنّ الدعوة موجّهة إلينا جميعاً أيّها الأحباء، كي لا نخاف بل نبقى ثابتين في إيماننا بالمسيح الذي قال لنا: لا تخافوا، أنا معكم إلى منتهى الدهر. فلتكن هذه العذابات والآلام التي تصيبنا آلاماً شبيهة بآلام المسيح، آلاماً خلاصيّة تجعلنا ننتصر على الموت، فنتحوّل إلى شهود حقيقيّين للمسيح مردّدين مع القديسة رفقا: مع آلامك يا يسوع. إنّنا نقبل منك ومعك كل ما ترسله إلينا من صعوبات ونتّكل عليك أنت الذي وعدتنا بأنّك ستبقى معنا إلى منتهى الدهر.  فلنطلب من الرب اليوم نعمة الثبات في الإيمان والقبول بما يرسله لنا من صعوبات في حياتنا قد تُسبّب لنا الإزعاج مرّات كثيرة، ولكنّها بالتأكيد توصلنا إلى الخلاص إذا ما قبلنا بها وقلنا مع أيوب البار: الرب هو الذي يعطي وهو الذي يأخذ، فليكن إسمه مباركاً... وإنّنا كما نقبل منه الخير نقبل منه كذلك الألم والعذاب، كي نستحقّ الخلاص والعيش معه في السماء. 

حَوَالِى 60% مِن أحَادِيث الٌبُخَارِى غير صحيحة/ الشيخ د مصطفى راشد

تلقينا على موقعنا عبر الإنترنت سؤال من الدكتور \عمار على     يسأل فيه عن مدى صحة كل ماورد من أحاديث فى كتاب صحيح البخارى ؟  
وللإجابة على هذا السؤال : - 
بدايةً بتوفيقً مِن اللهِ وإرشاده وسَعياً للحق ورِضوَانه وطلباً للدعم من رُسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم   ---------------   اما بعد  
فصحيح البُخارى يُنظر لهُ على أنهُ أصح كُتب الحديث النبوي عِند أهل السنة والجماعة.واسم جامعه هو\ جمعه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المولود فى  (13 شوال 194 هـ - 1ومتوفى شوال 256 هـ) و(20 يوليو 810 م - ومتوفى1 سبتمبر 870 م)، بمدينة بخارى في خراسان الكبرى ( أوزبكستان حاليا ) وقد  أسماه" الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله(ص) وقد توفى والده وهو صغير، وتولت أمه تربيته ،وقد أدى البخارى فريضة الحج وهوفى الثامنة عشر من عمره ،وتردد كثيراً على البلاد العربية، إلا أنه كان لا يجيد اللغة العربية ،وقد مات ودفن فى قرية «خرتنك» قريبًا من سمرقند فى أوزبكستان إحدى دول الإتحاد الروسى،
وقد أخرج البخاري في كتابه الجامع الصحيح والمشهور اليوم باسم (صحيح البخاري) أحاديث كثيرة عن بعض الرواة الذين ووصفوا بالضعف تارة وبالكذب تارة أخرى وبالتدليس والسرقةأو الرواية بالأجر تارة ثالثة،ومن الأمثلة على ذلك -- إسماعيل بن أبي أويس، والذي اخرج له البخاري أكثر من ستة عشر حديثا في كتابه صحيح البخاري،وفي كتاب إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال عن سلمة بن شبيب: قال (سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم). (إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال لعلاء الدين مغلطاي ج 2 ص 184 ــ 185)
فإسماعيل بن أبي أويس على وفق هذه الشهادات يصح وصفه بالضعف وبتعمد الكذب على الرسول(ص) ومثل (أسباط أبو اليسع البصري) الذي شهد بجهالته عدة من علماء أهل السنة مثل الرازى والباجى وابن حجروغيرهم --، بل شهد بعضهم بضعفه مع جهالته، ايضاً قد اخرج البخاري ليعقوب بن إبراهيم، واخرج كذلك لأبي نعيم الفضل بن دكين خمسة أحاديث في صحيحه، واخرج كذلك لهشام بن عمار ، واخرج كذلك لعفان بن مسلم في عدة مواضع أيضا، وكان كل واحد منهم يأخذ الأجرة في مقابل تحديثه بالرواية.رغم أن الفقهاء إتفقوا على أن من يأخذ الأجر فى رواية الحديث تسقط عنه الثقة ،ايضاً روى البخاري لأشخاص عرفوا بالتدليس، عدهم البعض بسبعة وخمسين راويا، اخرج لهم ما يقارب ثلاثة آلاف ومائتين وستين ما بين رواية أو تعليق، وهي نسبة مهولة، تعني ان أكثر من ستين بالمائة من أحاديثه ورواياته قد تم نقلها من أناس اشتهروا بالتدليس.والتدليس مرادف للكذب ، وهو ما أراد ابن حجر معالجته فى كتابه مقدمة فتح الباري ص 382 -- وهو ما يضع علامة استفهام على جميع ما قيل من تمجيد وتضخيم لهذا الكتاب الذي ادعى كاتبه مع كامل الإحترام له  بأنه لم يضع فيه إلا الصحيح الذي يراه حجة فيما بينه وبين الله سبحانه، ومن الأحاديث التى رواها عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ 
‏أن رجلا سأل النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال متى تقوم الساعة قال فسكت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هنيهة ثم نظر إلى غلام بين يديه من ‏ ‏أزد شنوءة ‏ ‏فقال ‏ ‏إن عمر هذا لم يدركه ‏ ‏الهرم ‏ ‏حتى تقوم الساعة  )
والغلام هرم ومات وشبع موت ومر على موته 1400 سنة ولم تقم الساعه .
ايضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقدت أمة من بنى إسرائيل، لا يدري ما فعلت، ولا أراها إلا الفأر، ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه، وإذا وضع لها ألبان الشاء شربته، قال أبو هريرة: فحدثت هذا الحديث كعبا فقال: آنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: نعم، قال ذلك مرارا، قلت: أقرأ التوراة؟ قال إسحاق في روايته: لا ندري ما فعلت"(متفق عليه، رواه البخاري ومسلم ) -- فهل هناك فئران متدينة لا تشرب ألبان الإبل لأنها ملتزمة بتعاليم التوراة ؟؟؟  -- ايضا مارواه ‏عن ‏ ‏عمرو بن ميمون ‏ ‏قال :" رأيت في الجاهلية قِرْدَةً، اجتمع عليها قِرَدَةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها معهم" ( رواه البخاري) !!! وغيرها  مئات الأحاديث التى لا يقبلها عقل ولامنطق بالإضافة للأحاديث التى تختلف مع نصوص القرآن الصريحة القاطعة  والأحاديث التى تناقض بعضها بعضاً. 
لذلك تقدمنا وطالبنا منذ أكثر من عشرين عاماً وما زلنا من المؤسسة التى نتشرف بالإنتماء لها  الأزهر الشريف أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم ، أن تبدأ فى تنقية هذا الكتاب وغيرة من كتب التراث حِسبَةً لله تعالى ، لتطهيرهم مما علق بهم من أكاذيب أو تدليس بقصد أو دون قصد ، لأن هذا الجمع عمل بشرى وهو غير مقدس - ، دون مجيب--- لكن فى ظل وجود العالم المستنير الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب  نُجَدد عليه الطلب حِسبَةً لله تعالى .
هذا وعلى الله قصد السبيل ولا نبغى غير وجهه.--- 
الشيخ د \ مصطفى راشد   أستاذ الشريعة 
وعضو نقابة المحامين  وإتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى 
من  علماء الأزهر كلية الشريعة  بدمنهور  عام 87 وسفير 
السلام العالمى للأمم المتحدة  ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان 
E -  rashed_orbit@yahoo.com
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699 

العجيبة 24 من عجائب القديسة مريم

من بعد تجسّد ربنا يسوع المسيح بخمسمئة وسبعة وثلاثين سنة، توفي في أبرشية "ليليكيا" في مدينة "أدنه" أسقف متعبد، حسن السيرة، أدار كنيسته بما يرضي الله، فأسرع أهل المدينة إلى مطرانهم، مطران "طرسوس"، طالبين منه أن يعيّن "توافيلس" أسقفاً يعوّض عليهم خسارتهم بوفاة أسقفهم المحبوب، نظراً لكثرة فضائله. ولكن "توافيلس" رفض أن يصبح أسقفاً، وأوصى أن يعيّن وكيله بدلاً عنه.
مرت الأيام و"توافيلس" يظهر طاعة عمياء للأسقف الجديد الذي اختاره بنفسه، إلى أن بدأ الشيطان اللعين يعزف على أوتار الحقد والحسد، كي يرمي الاسقف في هوته السحيقة، كما فعل بالكثيرين قبله، ويطرد "توافيلس" من الكنيسة ظلماً.
هنا، راح الشيطان يؤجج نيران الحقد والغيظ في قلب "توافيلس"، على هذا الأسقف الجحود، الذي احتقره بشدة بعد أن كان السبب في تعيينه.
ولكي يستعيد كرامته الضائعة، ومرتبته الأولى، التجأ المسكين الى التنجيم والسحر، فتعرّف على ساحر شرير، طلب منه أن يعيده الى سابق مجده، ويعيّنه أسقفاً نكاية بالأسقف الذي طرده، فطلب منه الساحر أن لا يرسم الصليب أبداً، كي تتحقق كل مطالبه، فوافق "توافيلس" على ذلك.
وفي المساء، دعاه الساحر الى اجتماع هام، فإذا به أمام مجموعة من الوجوه البشعة، وفي مقدمتهم شخص يعاملونه بإكرام وتمجيد. فطلب منه الساحر أن يسجد لذلك الشخص، فما أن سجد له، حتى قال الساحر:
ـ يا سيدي هذا عبدك "توافيلس"، وقد ظلمه أسقفه، وها هو الآن يطلب مساعدتك كي تعيد له مرتبته وكرامته.
فإجابه الشيطان:
ـ أساعده بشرط واحد، أن يكتب بخط يده أنه ينكر المسيح ابن مريم. فإن فعل، فسأعطيه كل ما تشتهيه نفسه من مراكز وخيرات.
فوافق "توافيلس" على كتابة ما طلب منه الشيطان، وشهد على نكرانه للسيد المسيح كل من حضر ذلك الاجتماع المخزي.
وللحال، اقترب منه الشيطان وقبّله وعانقه، وهمس في أذنه:
ـ الآن، ستعرف يا "توافيلس" مدى قوتي.
وعندما رجع "توافيلس" الى المدينة، استقبله الأسقف الذي طرده استقبالاً عظيماً، وطلب منه الغفران، وانتدبه أسقفاً، وأصبح الناس يخافونه ويكرمونه. إلى أن رجع عقله الى رأسه، وراح يتذكر العذاب الأبدي، وكيف أنه خسر ملكوت السموات، من أجل مجد باطل، وراح يبكي بكاء مراً ويصيح:
ـ الويل لك يا "توافيلس" كيف أنكرت المسيح؟ وكيف سلّمت بخط يدك هذا النكران المميت للشيطان؟ كيف أسترد تلك الورقة اللعينة؟ يا أرض انشقي وابلعيني، فليس لي رحمة عند الله.
وذات يوم، دخل الى كنيسة والدة الله، وارتمى أمام أيقونتها الطاهرة، وراح يبكي ويقول:
ـ يا أمي، يا أم الرحمة، أنا لا أستحق رحمتك، ولكني أعدك بأن لا أذوق طعاماً أو ماءً مدة أربعين يوماً كفّارة عن خطاياي، لتعلمي مدى حزني وألمي جرّاء نكراني لابنك، مخلصي وإلهي.
حاول الشيطان أن يمنعه من الصوم، ولكنه عجز عن ذلك، وما أن انتهت مدة الأربعين يوماً، نام "توافيلس"، فظهرت له في المنام سيدة العالم، وقالت له:
ـ كيف تريدني أن أساعدك وقد أنكرت ألوهية ابني يسوع المسيح؟
فأجابها بصوت مخنوق:
ـ خطيئتي عظيمة يا أمي، ولكني أعلم أن سيدي والهي يسوع كثير التحنن، ومحبته للبشر لا تحصى، وأنه صلب ومات من أجل مغفرة خطايانا. أرجوك يا سيدة العالم أن لا تديري وجهك عني، وأن تقبلي توبتي كي أغيظ الشيطان الذي أفرحته وأنا غارق في حقدي. وها أنا أعترف الآن، وكل لحظة، أن المسيح هو إلهي ومخلصي.
وقبل أن يستسقظ من نومه، سمع العذراء مريم تقول:
ـ إن كنت حقاً تؤمن بأن ابني هو الاله الحق، فلسوف أتشفـّع لك عنده كي يقبل توبتك.
وبعد ثلاثة أيام، جاءته السيدة مريم في المنام وقالت له:
ـ لقد قبل ابني توبتك، ولكن إياك أن تقع في الكفر مجدداً.
وعندما استيقظ، وجد الورقة التي كتبها للشيطان بين يديه، ففرح فرحاً عظيماً وراح يرتل بصوت عال:
ـ المجد لله في العلى وعلى الارض السلام.
ومن يومها، تخلّى عن العالم أجمع، وكرّس نفسه لخدمة كنيسة والدة الله الى آخر يوم من حياته. وعندما توفاه الله فاحت من جثمانه الظاهر رائحة ذكية، وصنع الكثير من العجائب. وقد كتب هذا الخبر تلميذه "أفتيثانوس" الذي لازمه طوال مدة تنسكه في الكنيسة.
**

المطران بو جوده يرأس احتفال تكريس اخوية في حرف مزيارة قضاء زغرتا


الغربة ـ زغرتا 
احتفلت أخويّة  وطلائع وفرسان العذراء في رعيّة مار سركيس وباخوس في بلدة حرف مزيارة في قضاء زغرتا، برتبة تكريس 13 شخصًا من أخويّة فرسان العذراء و13 من أخويّة طلائع العذراء و14 من أخويّة شبيبة العذراء، احتفل بالذّبيحة الإلهيّة ورتبة التّكريس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، عاونه خادم الرّعيّة الخوري حنّا الباشا والمرشد الإقليمي للأخويّات في الشّمال الخوري شارل قصاص والخوري ميشال شموني والأب إيلي نصر المرسل اللبناني والخوري بطرس ضوميط.
بداية القداس كلمة ترحيب من فيليب نعّوم، رئيس أخويّة الحبل بها بلا دنس بصاحب السّيادة واللجنة المركزيّة واللجنة الإقليميّة والمشاركين بالاحتفال. وبعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة استهلها بالتحدث عن زيارة قداسة البابا الى كوريا الجنوبية الّتي تتميّز بالوجود المسيحيّ، وان الإيمان المسيحي لم يدخل إليها من خلال الإرساليّات والرّهبان والرّاهبات بل من العلمانيّين الّذين كانوا يعيشون في الصّين وقد أتوا إلى كوريا. وكانوا يحتفلون بدخول الإيمان المسيحيّ لا بالاحتفالات الدّنيويّة بل سعيًا لضمّ شخص آخر إلى الكنيسة".
اضاف بو جوده:" الّذين آمنوا بعد أن حلّ الرّوح القدس عليهم هم من بدأوا بالتّبشير وهيّأوا الأرض للرّسل. فدور العلماني أن ينقل البشارة إلى العالم وليست حكرًا على الكهنة والرّهبان والرّاهبات بل هي مسؤوليّة كلّ مسيحيّ مؤمن، هم حاضرون دائمًا للشّهادة للمسيح بتصرّفاتهم ، بأقوالهم وبأعمالهم، فلا تخافوا، لان الكنيسة منذ تأسيسها تتخبّط وتتعرّض للمخاطر والاضطهادات، ولم تكن يومًا ضعفًا للكنيسة، لان دم الشهداء هو ذخيرة للمسحيين الجدد".
وتابع بو جوده:" نحن المؤمنون، نضعف الكنيسة من خلال عدم التزامنا وبسبب خلافاتنا بعضنا البعض. علينا أن نعيش الرّوح المسيحيّة والتّضامن الاجتماعيّ، لان دور الحركات الرّسوليّة أن تحمل لواء المسيح، أن نشهد له. الأخويّات هي جماعات مصلّية، رسوليّة، والعائلة، كما قال القديس يوحنا بولس الثاني، هي كنيسة مصلّية صغيرة، فالأخويّة هي مدماك لبناء الكنيسة، والرّعيّة هي مجموعة عائلات، فكونوا مرسلين في مجتمعاتكم، لا تستخفّوا بانتمائكم ومسيحيّتكم".
وختم بو جوده:" غذّوا حياتكم الرّوحيّة بالكتاب المقدّس، بتناول القربان المقدّس، بالتزامكم الكنسيّ. لقد كرّستم ذاتكم للرّبّ على مثال أمّنا مريم العذراء "تعظّم نفسي الرّبّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي، لأنّه نظر إلى تواضع أمته". لقد اختاركم الرب لتكونوا فرسانًا وطلائعيّين وشبيبة في أخويّة الحبل بها بلا دنس. أنتم مستقبل العائلة والرّعيّة والأبرشيّة والكنيسة، لان تجديد الأخويّات والالتزام في الأبرشيّة هي انطلاقة جديدة بسعي المرشد الإقليميّ واللّجنة الإقليميّة وكهنة الرعيّة".
من ثم انتقل المحتفلون والكهنة والمدعوّين إلى صالة الرّعيّة لقطع قالب الحلوى في هذه المناسبة.

رودريغ خوري يرد على خطيب جامع طينال: لولانا لكان طعامكم تمراً وبول بعير

توجّه رئيس حزب المشرق المحامي رودريغ خوري برسالة لفَضيلِة الشّيخ عبد القادر عبدو رداً على خطبة الجمعة التي القاها في مسجد طينال في طرابلس، وتضمنت هجوما لاذعا على الطائفة المسيحية والمطارنة والآباء الاجلاء جاء فيها:

برسم "خطيب جامع طينال" : 

هل تعلم ، "فضيلتك"، أن المسجد الذي انت اليوم واقف تشتم منه المسيحيين بناه المسيحيون" أصلاً؟ 
هل تعلم ، "فضيلتك"، أن هذا المسجد بالذات ، وغيره الكثير من مساجد طرابلس والمنطقة كانت في الأصل كنائس للمسيحيين ؟ 
هل تعلم، " فضيلتك"، أن فنّ العمارة من قبب وغيرها هي ما أخذتموه من عمارة الروم في كنائسهم؟ 
هل تعلم ،"فضيلتك"، أن طرابلس كانت مسيحية رومية قبل أن ترميكم إلينا رمال الصحراء وتحتلوا "ولاية المشرق" من "بلاد الروم" كما كتب "علماؤكم" و"مؤرخوكم" ومنهم "الإمام الواقدي" الذي يؤكد في كتابه "فتوح الشام" أن العرب المسلمين احتلوا المشرق احتلالاً بعدما حاصروا مدنه ودكوا قلاعه وسبوا سبياً وقتلوا قتلاً وذبحوا ذبحاً ليقول في النهاية :" “وملك المسلمون أقاصي البلاد ، وسكنها العرب وتفرقوا في البلاد والمدن، ودانت لهم العباد ، فكل يوم يزدادون … ولم يبق في الشام وأعمالها مركز من مراكز الروم إلا أخذه المسلمون، وتوالدوا وتناسلوا وكثروا “( فتوح الشام، الإمام الواقدي ، أول مؤرخ للمسلمين كتب عن احتلال العرب للشام، بعد سنوات قليلة على حصولها، صفحة 21 الجزء الثاني) .

هل تعلم، "فضيلتك"، أن "نبيك" يوم هرب من قريش ، حماه وأواه أجدادنا من "مسيحيي الحبشة" الذين لولاهم لما بقي "محمد" ولا بقي "إسلام" يسلم من سيوف قريش؟ 

هل تعلم،" فضيلتك"، أن مسيحيي المشرق ، سكان المشرق الأصليين، لم يبادروا بالهجوم على "صحاريكم" وموطنكم الأصلي في شبه الجزيرة العربية ، ورغم ذلك هاجم "خالد بن الوليد" وغيره بلادنا "المشرقية" حاملين سيوفهم لأسلمة أرضنا بالقوة ، وأنت تعرف طبعاً مقولته الشهيرة :" لن أرفع السيف عن رقابهم حتى أبيدهم عن بكرة أبيهم"؟ 

هل تعلم،" فضيلتك"، أن كل ما في الحضارة العربية من جمال ،مأخوذ من "إنجازات المسيحيين الحضارية"؟ "العمارة والهندسة" من الروم ، "الألحان" من الروم والأرمن والسريان ، الطعام من الروم والأرمن والسريان ؟ هل تعلم أنه لولانا ، لبقيت عمارتكم "خياماً تبددها الرياح" ، و"ألحانكم نشازاً تتقيّأه الأذن" ، وطعامكم "تمراً وبول بعير"؟ 

هل تعلم "فضيلتك" الذي تقول إن "عنجر" وقف إسلامي للأمويين ، هل تعلم أن هذه البلاد ، عنجر وبعلبك وسائر المشرق كان كله مسيحياً ، قبل أن يولد "أمية" و"معاوية بن أبي سفيان" بخمسة قرون على الأقل؟ 
وهل تعلم أن "العرب المسلمين" يوم احتلوا المشرق تحدثوا مع الكثير من السكان الأصليين لشمال سوريا ب"اللغة الأرمنية"؟ 

هل تعلم فضيلتك أن "الترجمة" إلى العربية التي نقلت إليكم كل علوم "الطب" و"الفلسفة" و"الرياضيات" و"الجغرافيا" وسائر العلوم صنعها لكم "رهبان" مسيحيون من "أصحاب اللحى الطويلة" ؟ 

هل تعلم فضيلتك أن "الفضيلة" الأولى لأي رجل دين هي "الوفاء" لا "نكران الجميل" ، ويجب أن تتمتّع بهذه الفضيلة حكماً لتستحق لقب "فضيلة الشيخ"؟ 
واعلم "فضيلتك" أننا نحب إخوتنا المسلمين، وندعو إلى أن ننسى الماضي الأليم لنبني معاً "مشرقاً " متعدداً ، تسوده "الحرية الدينية" و"المحبة" و"الاحترام المتبادل" ، وليس بياننا هذا إلا لوضع النقاط على الحروف سائلين منك توضيحاً أو نكراناً لما قلت ، كوننا نحترمكم ونعرف أنك "عالم بالحقائق التاريخية " "وفيّ لمن صنع البرّ" مع المسلمين.

المحامي رودريك خوري رئيس حزب المشرق.

المطران بو جوده يدشن كابيلا السيدة في اجبع قضاء زغرتا



زغرتا ـ الغربة
دشن رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، كابيلا سيدة الانتقال في بلدة اجبع في قضاء زغرتا، لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، وذلك خلال قداس احتفالي عاونه فيه خادم الرعية الخوري جورج خطار، والخوريان جوزيف غبش، ويوسف المختفي، ومشاركة السفير البابوي في لبنان غابريال كاتشيا ولفيف من كهنة الابرشية.
حضر القداس الوزير السابق ابراهيم الضاهر، رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني مخائيل خير، وعدد من رؤساء بلديات القضاء، ومختاريها، وحشد من الشخصيات الاجتماعية والثقافية والنقابية ومدعويين. بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" نحتفل اليوم بعيد إنتقال السيدّة العذراء إلى السماء بالنفس والجسد، وهو من أهم الأعياد المريميّة الذي يكلّل حياتها على الأرض ويشركها بالمجد السماوي مع إبنها المنتصر على الموت والذي لم يقبل بأن يرى جسم أُمّه الفساد هي التي قالت عنها إحدى النساء إلى يسوع بعد أن سمعت تعليمه: " طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين أرضعاك". 
واضاف :" لهذا العيد أبعاد لآهوتيّة مهمّة إذ أنّه ليس مجرّد تذكار عابر، ولا هو إحتفال عاطفي. فتكريم العذراء في الكنيسة يدخل في إطار التدبير الخلاصي، ويُعيدنا إلى بداية خلق الإنسان وعلاقته بالله، كما رواها سفر التكوين الذي يقول لنا أنّ الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، ونفخ فيه روحه وجعله سيّداً على كل الكائنات بعد أن وضعه في الفردوس. لكنّ الإنسان تكبّر على الله وإستُعبد للشيطان الذي أغراه وأقنعه بأنّه إذا خالف أمر الرب صار إلهاً لنفسه ولم يعد لله أي سلطة عليه. بموقفه هذا لم يحقّق الإنسان مبتغاه، بل على العكس فإنّه إكتشف عريه ومحدوديّته وإختبأ من وجه الرب الذي ذكّره أنّه من التراب أُخذ وإلى التراب يعود".
وتابع :"  لكنّ الله الذي خلق الإنسان بمحبّة لم يرد أن يتركه فريسة بأيدي الشيطان، بل وعده بمخلّص يرمّم صورة الله فيه ويُعيده إلى الفردوس. الإنسان حكم على نفسه بالموت، لكنّ الله حكم له بالحياة، وعاقب الشيطان على فعلته وقال له بأنّه سيضع عداوة بينه وبين المرأة حواء، ممثّلة الجنس البشري مع زوجها آدم، فهو يرصد عقبها أمّا هي فسوف تسحق رأسه، وكان هذا الكلام ما سمّاه علماء الكتاب المقدّس الإنجيل الأوّل، أو بشرى الخلاص الأولى. وهكذا بدأت مسيرة الخلاص التي بلغت ذروتها مع ولادة المخلّص يسوع المسيح الذي قال عنه يوحنا الرسول في إنجيله:" إنّ الله هكذا أحبّ العالم حتى أنّه بذل إبنه الوحيد في سبيل خلاص العالم". 
واردف يقول:" هذه المسيرة الخلاصيّة إستمرّت إلى أن بلغ ملء الزمن، كما يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية، حين أرسل الله إبنه الوحيد مولوداً من إمرأة، هذه المرأة هي مريم العذراء التي خلقها الله، على مثال المرأة الأولى، بريئة من الخطيئة، نقيّة طاهرة كي تستطيع أن تأخذ الموقف المتجاوب مع إرادة الله بكامل حريّتها. فالمرأة الأولى حواء، التي خلقها الله نقيّة طاهرة، قد رفضته وإستسلمت لإغراءات الشيطان فحكمت على نفسها وعلى نسلها بالموت، أمّا مريم، حواء الثانية، كما دعاها آباء الكنيسة فعملت بإرادة الرب وقالت للملاك الذي بشّرها بأنّها ستكون أُمّاً للمخلّص الموعود: ها أنذا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك. يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل روما أنّه "كما أنّ الخطيئة دخلت في العالم على يد إنسان واحد، وبالخطيئة دخل الموت، فكذلك سرى الموت إلى جميع الناس لانّهم جميعهم خطئوا... لكنّ هبة الله غير خطيئة آدم. فإذا كان الموت ساد البشر بخطيئة إنسان واحد فبالاولى أن تفيض عليهم نعمة الله والعطية الموهوبة بنعمة إنسان واحد هو يسوع المسيح .فخطيئة إنسان واحد قادت البشر إلى الهلاك، أمّا هبة الله، بعد كثير من الخطايا فقادت البشر إلى البر. فإذا كان الموت بخطيئة إنسان واحد ساد البشر بسبب ذلك الإنسان الواحد، فبالأولى أن تسود الحياة بواحد هو يسوع المسيح أولئك الذين ينالون فيض النعمة وهبة البر" (روما5/12-17)".
وتابع :" بآدم الأوّل وحواء الأولى دخلت الخطيئة إلى العالم ومعها الموت، وبآدم الثاني يسوع المسيح وحواء الثانية مريم العذراء نالت البشريّة الخلاص. وبذلك نفهم الدور الأساسي الذي لعبته مريم في هذا التدبير الخلاصي. إذ إنّها على خلاف حواء الأولى التي إستسلمت لإرادة الشيطان، قد إستسلمت هي بملء إرادتها للرب كخادمة له عاملة بإرادته. بآدم الثاني وحواء الثانية إنتصرت البشريّة على الموت بقيامة المسيح من بين الأموات، هو الذي وطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور، كما تقول الليتورجية البيزنطيّة. العذراء مريم التي خلقها الله على مثال حواء الأولى بريئة من الخطيئة الأصلية والتي بقيت على علاقة صحيحة مع الله ولم تخالف إرادته، نجّاها الله من الموت الأبدي، ولم يترك جسدهاً يرى فساداً بعد إنتقالها من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى. وقد آمنت الكنيسة منذ القديم بهذه العقيدة، التي عاد فأكّد عليها البابا بيوس الثاني عشر في الخامس عشر من آب1950، بإعلان عقيدة إنتقالها بالنفس والجسد إلى السماء. وهذا ما أكّده كذلك المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني حين قال: إنّ مريم، بعد أن كمّلت حياتها الزمنيّة، إنتقلت بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، وعظّمها الله كملكة للعالمين، لتكون أكثر مشابهة لإبنها ربّ الأرباب المنتصر على الخطيئة والموت. وقد آمن المسيحيّون في الشرق منذ الأجيال الأولى بهذه العقيدة وبصورة خاصة الشعب الماروني الذي ينشد بإستمرار في زياح السيّدة العذراء: "وإن كان جسمك بعيداً عنّا فصلاتك معنا وتصحبنا".
وقال :"في كل  واحد منّا، أيها الأحبّاء، حواء الأولى وحواء الثانية. فنحن الذين نقّانا الله وطهّرنا من الخطيئة بالمعموديّة، أصبحنا أحراراً في إتخاذ الموقف الذي نريد في علاقتنا بالله. فبإمكاننا أن نرفضه ونستسلم لإرادة الشيطان ونعمل الخطيئة ونضع الله جانباً ونبني حياتنا بدونه وضدّه كما هو حاصل مرّات كثيرة كما فعلت حواء الأولى. وبإمكاننا أن نبقى على علاقة صحيحة معه على مثال مريم ونقول:"نحن خدّام لك يا رب، فليكن لنا بحسب قولك"، فنستحقّ بذلك الخلاص". هذا ما يمكن أن يحصل على صعيد حياتنا الشخصيّة كما على صعيد حياتنا الجماعيّة. إنّها التجربة التي يتكلّم عنها بولس الرسول في رسالته إلى أهل روما حين يقول:" إنّي أعلم أنّ الصلاح لا يسكن فيّ، أي في جسدي. فإرادة الخير هي بإمكاني، وأمّا عمل الخير فلا. فالخير الذي أريده لا أعمله والشّر الذي لا أريده أعمله... ما أتعسني من إنسان فمن ينجّيني من جسد الموت هذا؟ الحمد لله بربنا يسوع المسيح. فأنا بالعقل أخضع لشريعة الله، وبالجسد لشريعة الخطيئة" (روما 7/14-25).
وختم :"هذا ما نعيشه شخصياً  مرّات كثيرة وهذا ما تعيشه البشرية برمّتها اليوم، إذ أنّها غالباً ما تتصرّف وكأنّ الله غير موجود، وإذا كان موجوداً فلا علاقة له بها، وهي غالباً ما تقول له ما قاله أحد المتفلسفين المعاصرين، مشوّهاً الصلاة الربّية:" أبانا الذي في السماوات، إبقَ فوق، حيث أنت". وهذا ما يوصلنا إلى الموت والفناء. فلنطلب اليوم من الرب النعمة والشجاعة لنقول له مع مريم إنّنا خدّام له، وإنّنا مستعدّون للعمل بمقتضى الكلام، كي نستحق الخلاص ويتمجّد جسدنا مع المسيح القائم من الموت، على مثال مريم، فنعيش معه حياة السعادة الأبديّة في ملكوته السماوي إلى أبد الآبدين.

البابا فرنسيس يطوب 124 في كوريا الجنوبية بحضور مئات الالاف

بي بي سي
قاد الباب فرانسيس بابا الفاتيكان قداسا في العاصمة الكورية الجنوبية سول لتطويب 124 من "شهداء الكاثوليكية" في كوريا.
وكان عدد من الكوريين الكاثوليك قد قتلوا من اجل دينهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
ويأتي ذلك في ثالث ايام الزيارة التى يقوم بها البابا لكوريا الجنوبية حيث التقى الجمعة الناجين من حادث غرق العبارة "سيول" والقى اول عظاته في جمع من الكوريين الجمعة.
وعقد القداس السبت في ميدان غوانغاومين أحد اكبر ميادين العاصمة سول بحضور ما يقرب من مليون شخص.
ويعد التطويب في الكاثيوليكية اعلانا عن أن المتوفى مبارك وهو مرحلة انتقالية ضرورية لاعلانه "قديسا".
ويقضي البابا 5 ايام في زيارته للبلاد التى يتنامى تعداد الكاثوليك فيها خلال الاعوام الاخيرة حيث بلغ عددهم نحو 5 ملايين ونصف المليون شخص وهو ما يمثل نحو 10 في المائة من تعداد السكان في كوريا الجنوبية.
وكان يتم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر استعراض المسيحيين الكاثوليك في الميدان نفسه الذي اقيمت فيه الصلاة قبل اعدامهم علنا.
وهذه هي أول زيارة للبابا لآسيا منذ توليه كرسي البابوية.
كانت كوريا الشمالية قد رفضت دعوة قدمتها بطريركية سول لعشرة من مواطنيها الكاثوليك لحضور قداس البابا الأخير، بحسب ما يقول مسؤولون في كوريا الجنوبية.

مولود في لبنان هو مؤسس اليزيدية وزعيمها الروحي

معبد ومزار لالش، حيث يحج اليزيدي طوال 6 أيام من الشعائر، ولو مرة في الحياة
العربية ـ لندن - كمال قبيسي
قبل 940 سنة ولد بجوار مدينة بعلبك في الشرق اللبناني رجل أصبح فيما بعد الزعيم الروحي الأكبر لليزيديين ومجدد ديانتهم التي يقولون إنها من زمن البابليين، وهو الأهم لهم بين بني البشر، لأن الشيخ عدي بن مسافر، المتحدر مباشرة من باني المسجد الأقصى في القدس، عبد الملك بن مروان، عاش ودفن في أقدس مكان لهم، وهو "لالش" البعيد 60 كيلومترا عن الموصل، بشمال العراق "ففيه ولد آدم وحواء" على حد ما يقولون.
ابن مسافر، الذي ألمت "العربية.نت" بكثير مما تيسر عنه من معلومات صحيحة من أمير الطائفة اليزيدية في العالم، المقيم حاليا في ألمانيا أنور معاوية، توفي بعمر 87 سنة في "لالش" التي قضى فيها معظم حياته، إلا أن قلة تعرف لماذا غادر لبنان إليها بالذات في شمال العراق.
ضريح الشيخ عدي بن مسافر في لالش بشمال العراق

ولد في قرية ليس لها وجود
من مدينة دوسولدورف شرح الأمير أنور عبر الهاتف أن مسافر المدفون هو وزوجته قرب بعلبك، أي والد الشيخ عدي، رأى رؤية قبل مولد ابنه، وفيها سمع صوتا يخبره بأنه سيرزق بطفل، وطلب منه أن يسميه عدي، ففعل حين أبصر الابن النور في العام 1075 بقرية "بيت فار" أو "بيت الفار" قرب بعبك، علما أنه لا توجد في لبنان قرية بهذا الاسم حاليا، ولا كان لقرية بهذا الاسم وجود هناك في الماضي أيضا، وهو ما يجهله معظم اليزيديين.
وقد لا يعلم معظمهم أيضا أن قرية شبيه اسمها ببيت فار كانت موجودة فعلا على وجه الأرض، ولكن في قضاء الرملة بفلسطين، واسمها "خربة بيت فار" التي كان يسكنها 300 نسمة حين احتلها الإسرائيليون في 1948 وجعلوها اسما على مسمى، فعمها الخراب حين دمروها بالكامل وطردوا أهلها، ومكانها بنوا بعد عامين مستعمرة سموها "تساليون" بحسب ما راجعت "العربية.نت" تاريخها في أرشيف القرى الفلسطينية التي ابتليت بالخراب الإسرائيلي.
أما "بيت فار" قرب بعلبك، فملخص شرحها أن الشيخ عدي رأى رؤية أيضا سمع فيها صوتا يطلب منه مغادرة مكان مولده الى "لالش" بالعراق، فغادره فارا من العباسيين الى منطقة الحكارية في كردستان، وتعرف الى الشيخ عبد القادر الجيلاني وأخذ عنه التصوف، وحين بقي البيت بلا ساكنه الشهير، راح سكان بعلبك يسمونه "بيت الفار" في إشارة منهم الى فرار ساكنه الى "لالش" حيث توفي عام 1162 في خلوة بناها هناك، وسكنها مريدوه بعده، فأصبحت كالمحجة لليزيديين في جبال "سنجار" الشهيرة.

مربوع القامة، شديد السمرة، ولم يتزوج
والشيخ عدي "الذي لم يتزوج في حياته بسبب تفرغه للعبادة، ليس قديسا لليزيديين كما يظن بعضهم، ولا هو نبي أيضا، انما ولي من أولياء الله، ورجل من أصحاب الكرامات، وهو من حفر آية الكرسي التي يراها الزائر عند مدخل لالش" على حد ما ذكر الأمير أنور لـ "العربية.نت" التي سألته عما فعله الرجل ليكون مهما لليزيديين.
شرح الأمير أنور، المولود في 1968 بقصر الإمارة بجبل سنجار، أن ديانتهم مرت بمرحلتين: "قبل عدي وبعده، فقبله امتدت روتينيا من عصور البابليين الى زمنه، فجددها حين تعرف اليها وقام بتطعيمها بالاسلام ووضع أسسها الحديثة. كما أن مكارمه وأهميته مستمدة من كونه مدفونا في مكان مقدس مع أولياء الله الصالحين" بحسب ما قال عن الشيخ الذي يذكرون بأنه كان مربوع القامة وشديد السمرة.
أما "لالش" التي يحج اليزيدي إليها في 6 أيام من الشعائر، ولو مرة بحياته، فحكايتها مختلفة وغريبة لغير اليزيديين، بدءا من اسمها بالذات، فمعناه "القالب" أي قالب الطين الذي خرج منه آدم "فمن تراب تلك المنطقة خلقه الله هو وحواء" على حد ما يقول الأمير أنور، علما أن آخرين يفسرون الاسم بقولهم انه "كلمة كردية تعني المكان المقدس" طبقا لما قرأت "العربية.نت" لأحدهم اسمه خضر دوملي، وكتب عن "لالش" في موقع "الشبكة العراقية" بالانترنت ما يحتاج الى كثير من التدقيق.

ثيئُوطوكوس/ مهندس عزمي إبراهيم

"ثيئوطوكوس" هي كلمة تعني "والدة الإله" باللغة القبطية، أي باللغة المصرية قبل فرض اللغة العربية على مصر باستعمار العرب لها. وهذا اللقب واحدٌ من عشرات الألقاب المُمَجِّدة لسيدتنا وأمنا القديسة كاملة الطهر، دائمة البتولية، العذراء مريم. وهو اللقب الذي أطلقه عليها المجمع المَسكوني المقدس المنعقد في أفسس سنة 431م. وهو أيضاً اللقب الذي دَخَّضَ به القديس كيرلس الكبير البدعة النسطورية.
وأصل هذا اللقب "أم ربي" هو أنه اللقب الذي خاطبتها به القديسة أليصابات، زوجة زكريا النبي، عندما استقبلتها قبل ولادة السيد المسيح بتسعة أشهر تقريباً. وذلك من واقع الكتاب المقدس:
"فدخل اليها الملاك وقال سلامٌ لك أيتها المُنعَم عليها، الرب معك، مباركة أنت في النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وإبن العَليّ يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكِه نهاية. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا. فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك، وقوة العَليّ تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يُدعى إبن الله. وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضا حُبلى بإبن في شيخوختها، وهذا هو الشهر السادس لتلك المَدعوَّة عاقراً، لانه ليس شيءٌ غير ممكن لدى الله. فقالت مريم هوذا أنا أمَة الرب، ليكن لي كقولك، فمضى من عندها الملاك.
فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال، إلى مدينة يهوذا. ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات. فلما سَمِعَت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات أليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم، وقالت مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتي أمّ ربي إليّ. فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قِبَل الرب.
فقالت مريم تُعظّم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لأنه نظر الى اتضاع أمَته، فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تُطوبُني. لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس. ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه، شتت المستكبرين بفكر قلوبهم، أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين." (لو 1 : 28-52)
***
بناء على إيماني الكامل بأن الله "صنع قوة بذراعه، شتت المستكبرين بفكر قلوبهم، أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين." أؤمن أن مصر العظيمة العريقة بشعبها الطيب البسيط ستظل إلى الأبد مصونة ومباركة، فقد زارتها العذراء القديسة مريم بطفلها القدوس. وسيكتب لها النصر والازدهار والاستقرار عبر كل الشدائد والتجارب، رغم تآمر المتآمرين والمغتصبين وغلاظ القلوب.
ويسعدني أن أهنئ كل أبناء مصر، مسيحيين ومسلمين، بمصر وبالخارج، بعيد سيدتنا القديسة العذراء القديسة مريم الذي تحتفل به الكنيسة وأبناؤها في أنحاء العالم، في مثل هذه الأيام من كل عام.
كل عام ومصر والمصريين بخير.
***
أمُّ النـــور
أطهَـر من الفَجْـر وأبهَج من الصباح فى بَهـاه
فيكى الغِـنىَ والبساطة من غير دهب ولا جـاه
التقـوى عندك إيمــان خَـلاّ الإلــــه فى سَـمـاه
يرســل ملاكــــه إليــكى يبشــَّــرك بالنــــُــــور
صبحتى أمّ الإلــــه.. حـاملـة نعمتــه ورضــاه
***


البــِــرّ فيــكى... وقـلبـِـــك مَنبَعُــــه ومَجـــراه
وإحنــا خطـــاة.. والشـفـاعـة أمـــل بنترجــاه
ياما شـفيـتى المريـض وكانت شـفاعتـك دواه
أمّ الإلـــــه.. إشـفعيلنـا.. يغـفـــــــر خطـايـــانا
إللى رجــــاكى كسـب... واللى جفــاكى تـــــاه
***
إبنــك حبيـبك جمع شـعبــه برحمتـه ورَعـــاه
غفــر ذنوبـــه وشـال عنـه عبوديتــه وأســاه
الأعـمى فتَّــح عينيــه.. واللي مــات.. أحيـــاه
وانتى بحُبـِّـك يامريـــم كنـــتي الأم بحنــــانها
إللى بيطلـب شـفـاعتــك، ينـــول ما يتـرجـــاه
***
يا عـدرا لإبنـك يسـوع مذبـح في مصـر بَنــاه
من بـدء عهـد الطفـولـة بارك أرضـها بخطـاه
يا عـدرا شعبك في مصـر بيرفع صيام وصلاه
اتشـفعي لشعـب مصـر يحـوش الظــلام عنهم
ينشــر سـلامـُـه عليـهم. ويضُمُّـهم في حِمــاه
***
يا عـدرا شعبك في شـدة اقـفي يا عـدرا معــاه
*******
مهندس عزمي إبراهيم

العجيبة 23 من عجائب القديسة مريم


عاقب الملك لاون الايصوري الكثير من القديسين الذين يسجدون للايقونات المقدسة، وكانت العقوبات مختلفة ومؤلمة ومهينة، فعلم بذلك القديس يوحنا الدمشقي، الذي كان من مستشاري أمير دمشق ابن يزيد الخليفة، فكتب عدة رسائل الى المسيحيين في مدينة القسطنطينية يحثهم فيها على التعبّد والسجود للايقونات المقدسة، وأرسل للملك الظالم عدة رسائل يوبّخه فيها على اضطهاده وتعذيبه للقديسين.
غضب الملك من رسائل يوحنا، وقرر الايقاع به، فدعا الى قصره أحد أهم علماء الخطوط في المملكة، وأمره أن يكتب رسالة، يكون الخط فيها مشابهاً لخط وتوقيع القديس يوحنا.
فكتب ما يلي:
"أيها الملك الجزيل الاحترام..
أنا عبدك يوحنا من دمشق، أخبرك أن بلادنا ضعيفة الآن، وخالية من العساكر، فإن أرسلت من عندك عسكراً، فبإمكانك أن تظفر بهم، وتستولي على بلادهم، وأنا سأساعدك قدر أمكاني.
الامضاء يوحنا الدمشقي".
ومن ناحية ثانية كتب رسالة الى أمير دمشق، جاء فيها:
"أيها الأمير الحبيب، أمير دمشق..
لا أجد أجمل من المحبة والصراحة سبيلاً لمخاطبتك، لذلك جئت أطلعك على رسالة وصلتني من ابن بلدكم مستشارك الأقرب يوحنا، يطلب مني فيها مهاجمة حدودكم، والاستيلاء على امارتكم، وهذا ما أغاظني فعلاً، لأني لن أفرّط أبداً بصداقتك ومحبتك، وها أنا أرفق رسالته مع رسالتي لتتوضح عندكم الحقيقة.
الملك لاون".
وعندما استلم أمير دمشق الرسالتين المرسلتين مع أحد عبيد الملك المنافق لاون، استدعى يوحنا، وأمر بقطع يده اليمنى، دون الاستماع الى أية كلمة يمكنه أن يدافع بها عن نفسه.
وعند المساء أرسل يوحنا بعض الوسطاء الى الامير كي يسلمه يده المبتورة، بغية دفنها، فسلمهم اياها، فما كان من يوحنا الا أن حملها بيده اليسرى، ودخل الى بيته، وارتمى أمام أيقونة السيدة العذراء، وراح يصلي بدموعه، الى أن نام، وعندما استفاق، وجد أن يده اليمنى قد رجعت سليمة كما كانت، فلما رأى أمير دمشق ما حصل، سأله عن اسم الطبيب الذي طببه، فصاح يوحنا بصوت جهوري:
ـ إلهي هو طبيبي..
عندئذ أدرك الأمير أن الملك لاون قد غشّه بغية التخلص من يوحنا، فالتفت اليه قائلاً:
ـ لقد قطعت يدك ظلماً، فأرجوك أن تصفح عني، وأن تعود كما كنت أحد أكبر المستشارين في قصري.
شكره القديس يوحنا على صدق محبته، ولكنه طلب منه إجازة طويلة كي يتفرغ للعبادة، وكتابة الترانيم للسيدة العذراء.

ومن مريم العذراء نتعلم/ نسيم عبيد عوض

القديسة العذراء مريم تتمتع بصفات وأسماء وألقاب تطويبها فى الكنيسة تفوق الوصف ‘ ومنها القديسة الممتلئة مجدا‘ العذراء كل حين‘ والدة الإله‘ أم المسيح ‘أم النور الحقيقى‘ القديسة الشفيعة لجنس البشر‘ الشفيعة المؤتمنة ‘ الملكة الحقيقية الحقانية‘فخر جنسنا‘ أم النور المكرمة‘ السماء الثانية‘ الزهرة النيرة غير المتغيرة‘ باب السماء‘ الكرمة الحقيقية الحاملة عنقودالحياة‘ الممتلئة نعمة ‘أم الرحمة والخلاص ...وإلى آخر الألقاب المتعددة حسب تسابيح الكنيسة.

مريم هى العذراء الوحيدة دون جنس البشر إختارها الله لتكون أما لمخلص العالم ليأخذ منها جسدا‘ وكما يقول الكتاب " ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى."غل4: 4‘ ونجد ان الكتاب المقدس أورد نبوة الميلاد من العذراء 750 عاما قبل الميلاد على فم إشعياء النبى"ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعوا اسمه عمانوئيل." إش7: 14‘  ومن زمن هذه النبوة وكانت جميع عذارى اسرائيل ينتظرون أن يأتى يسوع من واحدة منهن‘ ولكن الملاك جبرائيل إرسل من الله الى مدينة من الجليل اسمها ناصرة‘ الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف."لو1: 26و27‘ ودعونا نستعرض كيف تكلم عنها أو تكلمت هى فى القليل الذى قالته فى الكتاب المقدس:

فى انجيل القديس متى 1: 18" أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا.لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس.. وفى انجيل متى البشير لم يرد ذكر اسم مريم إلا 4 مرات فقط ولفظة أمه أو امك مرات معدودة فى الإنجيل كله‘ ولم يذكر اسمها فى انجيل معلمنا مرقس الرسول.وفى انجيل القديس يوحنا ذكرت القديسة مريم فى اصحاح 2 " فى عرس قانا الجليل .. وكانت أم يسوع هناك .. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر..قالت أمه للخدام مهما قال لكم افعلوه." وانجيل القديس يوحنا هو الوحيد الذى ذكر فيه وجود مريم عند صليب ابنها‘ .." وكانت واقفات عند  صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ‘ وأيضا لما رأى يسوع أمه والتلميذ الذى كان يحبه واقفا قال لأمه ياإمرأة هوذا ابنك..." يو19: 25-27.

وفى انجيل معلمنا لوقا البشير ذكرها فى أحداث البشارة ودخول الهيكل ‘ والهروب الى مصر‘ وسعيها للبحث ابنها فى أورشليم ووجدته وهو يجلس بين المعلمين ...‘ ولكن جاءت كلماتها نادرة فى الكتاب المقدس ‘ فمثلا قالت لملاك البشارة ..كيف يكون لى هذا وانا لست أعرف رجلا..‘ هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك ‘ وقالت تسبحتها أمام اليصابات‘ وقالت لأبنها " يابنى لماذا فعلت بنا هكذا ‘وهوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين ‘ وأيضا كلمات قليلة فى عرس قانا الجليل كما سبق ذكره.

هذه هى شخصية القديسة العذراء مريم مرتقب الأجيال وأم المخلص ‘ وهذا كل ماقاله عنها الكتاب المقدس وعن مدة 33 عاما وهى أم الرب على الأرض.ويذكر لنا الكتاب قيل عنها بوحى الروح القدس أمام العظائم والآيات والعجائب التى كان يفعلها إبنها" وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها. لو2: 19و51‘ وحتى بعد أن أظهر يسوع نفسه للعالم ‘ وبدأ الكرازة إختفت مريم من الصورة ولم يعد نسمع عنها ‘ وأبت ان يعلو صوتها أو مكانتها أو حتى افتخارها بإبنها الذى سيخلص العالم . هل لأنها تعلمت الدرس الذى سقطت فيه أمنا حواء عندما غلبها إبليس وتسايرت معه فى الحديث فأوقعها فى خطية المعصية والتعدى فأسقطت البشرية فى الخطية والموت‘ والإجابة نعم لأنها فى تسبحتها أوضحت أنها تعرف إلاهها الذى نظر الى إتضاع أمته ‘ الذى صنع بي عظائم واسمه قدوس‘ وأنه ينعم برحمته على الذين يتقونه ‘ شتت المستكبرين بفكر قلوبهم ورفع المتضعين . والمعنى الوحيد هو أن القديسة مريم كانت تعلم الكتاب وتحفظ النبوات وكل أقوال الرب.

أن القديسة العظيمة مريم كانت تعيش فى حياة روحية سامية ‘ وجهادها الروحى ينبع من داخل عقل مفكر هادئ وقلب بشرى لا يشغله هموم العالم ومظاهره الخارجية ‘ وبناء على قدر بنيانها الداخلى عقليا وقلبيا بكلمة الله أعطتنا الطريق لمثال سلوكها فى الحياة ‘فكلمة الله هو الأصل فى الحياة الروحية والذى تعطى ثمرتها فى حينه فتنال نعمة وبركة الله.

ورغم فضائلها العديدة مثل الإيمان ثمرة الروح القدس ‘ خضوعها وطاعتها لكلمة الله ‘ التواضع الذى يفوق الوصف وهى تعلم أنها أم النور‘ خدمتها لأهل بيتها وثلاثة شهور تخدم قريبتها اليصابات ‘ الهدوء والسلام الداخلى ‘ حياتها فى النور الإلهى وضبطها للسان حالها فكانت تعتبر صامته أمام أحداث لن تتكرر على الأرض مرة أخرى ‘ وفضائل حياتها لا ينسينا البعد الداخلى فى حياتها الروحيه ‘ وهذا هو درس قويم ومهم لنا جميعا إذا كانت أعيننا على الحياة الأبدية.

ولعل تسبحتها " تبتهج روحى بالله مخلصى" يوضح ان خلاصها كان له بعد روحى كبير  ‘ وهو مايدعونا لنكون على مثالها فى إيماننا المسيحى: بالإيمان المسيحى نولد ميلادا ثانية من جديد من فوق ومن الماء والروح القدس (يو3) فنصير خليقة جديدة فى المسيح يسوع‘كقول الكتاب" إذا كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة ‘الأشياء العتيقة قد مضت .هوذا الكل قد صار جديدا."2كو5: 17‘ ومن هذا الإيمان الحي الذى يولد فى القلب ينشأ فينا حياة جديدةفى المسيح يسوع بالروح القدس‘ (روح أبيكم هو المتكلم فيكم.مت10: 20‘ "ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم.أف3: 17‘ " فهذه الحياة الجديدة والشركة مع الثالوث القدوس عاشتها القديسة مريم  روح وحياة ‘ فأصبحت مثلا ودرسا لنا أن الحياة الدائمة مع كلمة الله حياة معاشه ‘ تثمر فينا عبادة وتقوى حقيقية بدون رياء ‘أركانها (الإيمان والرجاء والمحبة)بالصوم والصلاة وكل وسائط النعمة التى تقدمها الكنيسة لأبنائها‘والمحبة والعطاء  البازل‘ وضبط النفس أمام شرور العالم وغرور ابليس ‘ إخضاع شهوات الجسد لروح طاهرة نقية ‘ نعيشها فى حياة توبة حقيقية مستمرة الى نهاية الأيام‘ وكما كانت القديسة مريم طوال حياتها ‘ يريدنا الله ان نتغير داخليا وقلبيا لنعيش حياة روحية حقيقية ‘كما آمنت أمنا العذراء" رحمته الى جيل الأجيال للذين يتقونه."أمين.

داعش.. هل يخطّط لهدم الكعبة وإعادة كتابة القرآن؟

النهار ـ إبرهيم اليوسف

هل يمكن تصوّر مكّة المكرمة من دون كعبة، وربما غداً، تصوّرها حتى من دون ضريح الرسول؟ هذا ما انتبهت إليه المملكة العربية السعودية، حينما دعا العاهل السعودي قبل أيام إلى مؤتمر دولي فعلي لمواجهة الإرهاب. السؤال ينسحب على المدينة المنورة، بل وعلى منى والمزدلفة، ومقامات الصحابة والخلفاء الراشدين، بعدما نُسبت إلى "داعش" تصريحات بإعادة كتابة القرآن الكريم، حذفاً وإضافة، ليكون هناك "قرآن" معدَّل، يحقق نبوءة هذا التنظيم، ويجعل صاحبه "رسولاً" يهدي الأمم الضالة إلى الصراط والخير والصلاح! فهل بغير هذا، يرتقي تنظيم "داعش" فيصبح "ديناً"؟ وهل بغير هذا، يرتقي أبو بكر البغدادي، بدرجة الاستسهال نفسها التي ارتقى خلالها من صفة "مجرم" سجين، إلى صفة "خليفة المؤمنين"، فيصبح "نبياً"؟!

من أول دواعي الاستعانة بهذا القرآن المعدل للعام 2014، تطهير القرآن من عبارة "نصارى"، وتالياً تطهير "دولة الخلافة" من غير المسلمين، وفي مقدمهم المسيحيون المطلوبون لتنفيذ حكم الإعدام، جسدياً، أو معنوياً، باقتلاع آخر جذورهم من المنطقة. هذا لا بدّ أن يكون أيضاً شأن الكرد، وغيرهم من غير العرب، وغير المسلمين، على رغم أن صفة "المسلم" نفسها لا تمنح صاحبها "بطاقة أمان على حياته"، ما لم يحمل جواز سفر دولة "داعش".
في واقع الحال والحقيقة، راحت صورة تنظيم "داعش" تنكشف تدريجاً خلال الأسابيع الأخيرة، بعد خروجه من حدود ولاية الرقة، واستيلائه على أموال هائلة وأسلحة متطورة جداً، واحتلاله الموصل في مسرحية مكشوفة أمام العالم. تبيّن الرسائل التي نشرها محافظ الموصل أثيل النجيفي مدى تورط رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، ووزير الداخلية جواد البولاني، في هذه المسرحية، بعدما صارت لدى أعضاء التنظيم خريطتهم، وجوازات سفرهم، بل وولاياتهم التي يغيّرون أسماءها.
قبل سنتين من الذكرى المئة لتوقيع اتفاق سايكس - بيكو في العام 1916، بتنا نجد أن هذا الاتفاق يواجه شكلاً دراماتيكياً من سقوطه، أمام أعين أحفاد راسميه، والمستفيدين من استمراريته. لقد صنع هذا الاتفاق في الحقيقة أوطاناً تموقعت على الخرائط وفي الذاكرات، لم تكن موجودة من قبل، وضيّع في المقابل أوطاناً أخرى، كان لها حضورها.
لم يعد يُنظَر إلى "داعش"، باعتباره التنظيم الغامض، إلى درجة اللغز، إذ راح يفلش أوراقه شيئاً فشيئاً، بعدما أحرز ألوف الأفاقين، من جوّابي الآفاق، النصر على بلد كالعراق له جيش عمره عشرات السنين، خاض معارك دامية كثيرة، وهو مسلح بأحدث أنواع العتاد، الذي صار في جزء منه، في أيدي مرتزقة هذا التنظيم، المستجلبين، من وراء البحار. هؤلاء الذين صاروا حاضنتهم في المكان، قدموا لهم نساءهم بسخاء، وصاروا أدلتهم السياحيين، نتيجة غواية المال، ولا سيما أن هؤلاء جميعاً من بطانة النظام البعثي، في شطريه الشرقي والغربي في آن واحد.

القناع الأسود
لقد ارتكب "داعش" الفظائع والأهوال، من خلال اعتماده ثنائية النحر والنكح، ضمن متوالية ما بعد وحشية. ما إن يصل إلى مكان ما، حتى يجهز على كل مظاهر التاريخ العريق، أو الحضارة؛ يستهدفهما، ليقضي بذلك على الذاكرة الجمالية، عبر القناع الأسود الذي يخفي وراءه ليس فقط ملامح وجه المنتمي إليه، وإنما أهدافه، وخططه، ورؤاه؛ هذه التي باتت تظهر أنه لم يأت من فراغ البتة. إن ما سرّبه الموظف السابق في الوكالة الأميركية للأمن الوطني، إدوارد سنودن، عبر موقع "ذي إنترسيبت"، عن استقطاب الأكثر تطرفاً، باسم الدين الإسلامي، ضمن خطة "عش الدبابير"، في رعاية بريطانية - أميركية - إسرائيلية، من أجل حماية أمن إسرائيل، ليس وهماً. لقد تم إخضاع "أمير المؤمنين" أبي بكر البغدادي بموجب هذه الخطة، لدورة مكثفة، استغرقت عاماً، في قضايا اللاهوت والخطابة.
إن كل متابعة لفظائع ممارسات "داعش" في عدد من محطاته التي وطئها، سواء أكان ذلك في الرقة، أم في الموصل، أم في سنجار، تبيّن أن ما كنا نتوهمه، من أن الذين يقفون وراء هؤلاء المتعطشين للدماء هم محض جهلة فحسب، بات كلاماً لا يصمد أمام معطيات الواقع. فهؤلاء الذين يشرفون على بيع النفط دولياً ومحلياً، ويتعاملون مع وسائل التقانة المتطورة جداً، باتوا يتمايزون عن أرومتهم اللادنية (نسبة إلى بن لادن) التي كانت تلوذ بالجبال الوعرة، وفي مخابئ مهجورة، يصعب التكهن بها، أو تحديدها، والوصول إليها، فتنفّذ عملياتها الإرهابية، على طريقة العصابة السيارة، وبوساطة التقانة، والريموت كونترول. فنحن هنا أمام نويات عسكرية، ميدانية، لها مواقعها الطوبوغرافية، بما يشكل تحدياً سافراً للرباط الإنساني العالمي الذي كان يحافظ على حدّه الأدنى بين الأسرة الدولية التي بات أقطابها متورطين، كما يبدو، في لعبة خطيرة، تنكشف يوماً وراء آخر. وهي لعبة أكبر مما هو مرئي منها حتى الآن. أجل.
كل استقراء لسلوك "داعش"، عبر بعض ممارساته التي تتم أمام أعين العالم، مجسدةً بثقافة "قطع الرؤوس" كترجمة لعبارة "وترهبون به" القرآنية، يدل على هشاشة العقل المترجم، لخطط التنظيم، على رغم توسله بالإسلام، وتسلحه بأصول ثقافته. وما الإعلان في الرقة عن ضرورة قطع الكهرباء فيها خلال شهر رمضان لتستوي حال المسلم في الألفية الثالثة بحال المسلم في زمان الصحابة الغابر، وهو يواجه الظمأ، من دون أدوات التكييف أو التبريد، حرصاً على صون صيام الأول من الفساد، إلا رسالة ممن علّموا هؤلاء الجهلة على حقيقة غبائهم، وتسطحهم. بيد أن فيها شفرة زوالهم القريب، بعد أن يحققوا ما هو منوط بهم، وما هو مطلوب ممن ينفذ خطط "عش الدبابير"، الفكرة التي هي ليست بجديدة أصلاً.
لم يعد مكتب مدينة الباب في سوريا، لتسجيل الأرامل، وغير المتزوجات، هو الوحيد المعلن عنه، بل إن الأمر تكرر عملياً في مدينة الموصل، ولا سيما بعد قدوم إحدى السيدات الخليجيات التي راحت ترعى الفكرة، كما بيّنتها وسائل الإعلام في نهاية شهر تموز الماضي، التي هي امتداد للفتوى المنسوبة إلى الشيخ محمد العريفي في العام 2013، باعتبارها قد نشرت على صفحته الـ"فايسبوكية" (نفاها لاحقاً)، وإن راح أئمة كثيرون يفنّدون فحواها، وإن كان شريط الفيديو المنشور على الـ"يوتيوب" يبيّن زواج سبعة وثلاثين عنصراً من التنظيم، بشكل جماعي.
لم يعد أمراً مخفياً الحديث عن شروط فرض الحجاب، وإخفاء المفاتن، بحسب ما جاء في بيان تفصيلي، يمنع على المسلمات وغير المسلمات انتعال "الكعب العالي"، ويدعو إلى فرض "السوتيان" الذي سمّي داعشياً "الدرع المغطي لمفاتن المرأة، لحماية الصدر". الأغرب من ذلك كله، أنه بات يطبَّق على "المانيكانات" أيضاً، بل وعلى البقر. وقد نشر بعض نشطاء الـ"فايسبوك" صورة لأحد الموصليين مع "مانيكان" سيدة مقطوع الرأس، ما يدلّ على أننا فعلاً أمام ردة خرافية على المنجز الحضاري الذي توصلنا إليه، ونحن في القرن الحادي والعشرين تماماً.
إن ما يقوم به شذاذ "داعش" من سلوك تكفيري لا يصمد أمام رؤية المرجع الفكري لهؤلاء. فمن يحرّم استخدام الكهرباء ليرتقي صيام المسلمين إلى مستوى صيام الصحابة، يستخدم أسلحة الكفرة المتطورة التي يحارب بها أعداء الله. بل إن قادة هؤلاء يقيمون في أفضل الفنادق المجهزة بوسائل الراحة ما بعد الحداثية، ويستخدمون الآليات المتطورة كسيارات "الهامر" الأميركية الذي ينتقلون بواسطتها بين مدن هذه الولاية أو تلك. خطبة المدعوّ أبي بكر البغدادي، في أقدم جوامع الموصل، كانت في صالة مكيفة، مضاءة بالكهرباء، وأمامه الماء المثلج. وكان قد تناول وجبتين من "الكباب" أو "الشاورمة" اللتين لم يتناولهما الصحابة، موارياً في جيب "جبته" هاتف "الثريا" الدولي، بعدما وضعه "على حالة الصمت". وهو استخدم مكبّر الصوت الذي لم يستخدمه الرسول محمد بن عبدالله. وفي هذا ما يدل على خروجه عن الدين الإسلامي، ومخالفته الشرع، وكفره. ناهيك بأن إعلام الرسول لم يكن يعتمد "تويتر" ولا التلفزيون أو الموقع الإلكتروني أو الجريدة. لقد بلغ الأمر بهؤلاء الظلاميين التكفيريين، أن التقوا في دير الزور خلال الأسبوع الماضي إعلاميي المدينة، وأطلعوهم على قائمة الممنوعات، وفي مقدمها عدم نشر أي معلومة لوسائل الإعلام، من دون رقابتهم، بل شددوا على منع مصطلح "داعش" وإدراج صفة "دولتهم" المزعومة، كي تترسخ في الأذهان والعقول، وتصبح واقعاً. وفي هذا ما يفضي إلى أننا أمام "مشروع" استراتيجي حسب أحلامهم، من دون أن يعلموا أنهم ليسوا إلا بيادق تكتيكية، لا يتجاوز مصائرها ما حدث لمعلمهم الروحي الأول أسامة بن لادن الذي رميت أشلاؤه في قعر المحيط، لئلا يبقى له ذكر. وهذا ما يفعلونه مع نوستالجيا الذاكرة التاريخية، عبر نسف مقامات الأولياء والمشايخ وحتى الأنبياء.
اللجوء إلى التجنيد الإجباري الذي أعلن عنه في الموصل، يأتي كوسيلة لتهجير أبناء المكان، والاستعانة بمن يقع في شباكهم من الضحايا كوقود لحربهم المسعورة على إنسان المكان، وحضارته. ظهر ذلك جلياً بعد محاولتهم "التمدد"، وفق اللغة العسكرية، صوب زمار، لاحتلال بعض حقول البترول هناك، ودخول منطقة سنجار التي يقطنها نحو ربع مليون إيزيدي سلموا من الاثنين والسبعين فرماناً (يشير التاريخ الإيزيدي إلى اثنتين وسبعين مجزرة ضد الإيزيديين لإدخالهم في الإسلام عنوة)، وكان الفرمان الثالث والسبعون هو تهجيرهم إلى أوروبا، ومحاولة التشويش على تاريخهم. وهو أشهر تلك الفرمانات، أي المجازر، الفرمان الذي قام به الفريق العثماني ضدهم. وتفيد الأنباء أنه تم خلال الأيام الماضية غزو منطقتهم الجبلية، وتدمير معابدهم، ومزاراتهم، ومن بينها مقام السيدة زينب، وكل من مرقدي "ئامادين" و"لامريين"، بعدما قتلوا سبعة وستين إيزيدياً كردياً، رفضوا أن يسلموا بحد السيف، واستعادوا سبي نحو خمسمئة امرأة كردية إيزيدية، قبل أن تحاصرهم قوات البيشمركة؛ في الوقت الذي يتواصل فيه صمت حكومة بغداد، وقائد قواتها المسلحة نوري المالكي. وقال أحد الفارين من جماعة "داعش" عبر الـ"يوتيوب": الكردي لا يهاب صرخة "الله أكبر" التي نطلقها، ونرعب بها أعداءنا، بل كلما سمعها ازداد قوة، وكأنه يقول "الله أكبر" إلى جانبنا!

إعادة كتابة القرآن؟
هاكم ما قاله أبو التراب المقدسي حرفياً: "يذهب الناس إلى مكة من أجل التمسح بالأحجار، وليس من أجل الله، والله إن فتحنها سنهدم الكعبة التي تعبد". ونُسب إليه القول أيضاً: "قريباً بإذن الله بقيادة شيخنا البغدادي سنقتل عبّاد الحجارة ونهدم الكعبة لأنها أصبحت تُعبَد من دون الله"!
لعل أخطر ما في الأمر، هو ما نشره عدد من وكالات الأنباء العراقية والعربية والتركية والعالمية" منها "العرب اليوم" وقناة آفاق العراق" حول خطة "داعش" لإعادة كتابة القرآن، بالانطلاق من فكرة أن النص المتداول الآن محرّف، ومكتوب بيد المندسّين، المدنّسين، من رجال الدين، وأن هناك آيات قد تضاف. بل إن إعادة الكتابة ستطاول سورة "الكافرون"، وآيات التطهير، لأنها تخدم "النصارى"، وهم المسيحيون الذين يستهدفهم هذا التنظيم. هذا برهان على أن هؤلاء الإرهابيين باتوا يميطون اللثام عن "المشروع" الذي ينطلقون منه، وفي هذا ما يخيب كل من حاول استقراء لوحة "داعش"، وزعم التمكن من معرفة خططه كاملة، لأن هناك وراء الأكمة ما وراءها. ويبدو أن وراء القناع الداعشي، أقنعة دولية، لا بد من أن تظهر هي الأخرى، وقد يكون كل ما هو مسرب، ومتداول من ضمن الأجندة الإعلامية لمخطط أكبر، الذي يعد "داعش" مجرد بيادق موقوتة منفذة له، وما نقوم به من محاولات تشريحه، ليس إلا عبارة عن مقاربات أولى، فحسب.
المؤكد، أن "داعش" هو الذي يحرّف النص القرآني، وذلك لأنه في الأصل تنظيم منحرف، لا يمكن أن يعوّل عليه، في تحقيق ما هو مستقيم، ويفيد الناس. لقد جاءت جريمة قطع يدي طفل سوري، قبل أيام فقط، وهو في الثامنة من عمره، لتدل على أن كتاب "داعش"، هو "الجريمة" وأن دينه هو "الجريمة" وأن سلوكه إجرامي بامتياز، لأن كل ما يقوم به تقشعر منه الأبدان وتشمئز النفوس. فهو ينطلق من ثقافة بهتانية مريبة، خطيرة، تعيد دورة التاريخ إلى وحشيتها، عبر استهداف الجمال، وتأليه القبح.

"عاشت إسرائيل"!
أثارت التغريدة عن غزة، التي أطلقها بعض أمراء "داعش" عبر "تويتر" حول أولويات هذا التنظيم الإرهابي، الكثير من ردود الفعل، ولا سيما أنها تناولت قضية إشكالية خطيرة. نصّت التغريدة على ما يأتي: "نحن الآن نركز جهودنا على مقاتلة المنافقين العرب والمسلمين، وهم أشد خطراً من الكفار الأصليين". راحت التغريدة ذاتها تفلسف سبب عدم مواجهة إسرائيل، من خلال ما جاء فيها: "الجواب الأكبر في القرآن الكريم، حين يتكلم الله تعالى عن العدو القريب وهم المنافقون في أغلب آيات القرآن الكريم لأنهم أشد خطراً من الكافرين الأصليين"، والجواب عند أبي بكر الصديق حين قدّم قتال "المرتدين على فتح القدس التي فتحها بعده عمر بن الخطاب"، و"الجواب عند صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي حين قاتلا الشيعة في مصر والشام قبل القدس وقد خاضا أكثر من 50 معركة قبل أن يصل صلاح الدين إلى القدس، وقد قيل لصلاح الدين الأيوبي: تقاتل الشيعة الرافضة، الدولة العبيدية في مصر، وتترك الروم الصليبيين يحتلون القدس، فأجاب: لا أقاتل الصليبيين وظهري مكشوف للشيعة"، وتابعت التغريدة: "لن تتحرر القدس حتى نتخلص من هؤلاء الأصنام".
لا تزال وسائل الإعلام مقصّرة حقاً تجاه هذا المسخ الذي باتت دبابيره توزع طنينها، في دائرة تتوسع مع الأيام. وإذا كانت قطعان هؤلاء تسقط، وهي تحمل هويات عابرة للقارات، فلأن لا أحد يعنى بحيوات أصحابها، فهم قبضوا ثمن أرواحهم مرتين، مرة عبر القطع النقدي، وبـ"العملة الصعبة"، ومرة أخرى عبر حوريات الدنيا والآخرة. بيد أن المروّع في الأمر أن سنوات الحرب العالمية الأربع 1914-1918 التي نعيش الآن مناسبة مرور قرن على انطلاقتها، والتي تُستنسَخ أجواؤها، في منطقة الشرق الأوسط، باتت حقيقة، يشهد عليها الخراب المحيق في عدد من عناوين دائرة الحرب المفتوحة، بل وتشهد عليها أنهار الدم الجارية ضمن هذا المشهد. وإذا كانت أوروبا قد استطاعت أن تتجاوز جروحها العميقة التي منيت بها، بعد سنوات أليمة، فإن طبيعة هذا الفضاء الجديد للحرب الشرق أوسطية، مختلفة تماماً. لمن الممكن أن تنتقل عدوى لهيبها إلى أوروبا نفسها.
تأسيساً على ما سبق، فإن استئصال جذور "داعش" هو مهمة الأحرار في العالم، كله، لأن هذا التنظيم العالمي الأحلام، والمطامح، من شأنه أن يزلق بمليارات البشرية إلى حرب كونية كبرى كارثية، ما دامت أدوات ذلك باتت في أيديه، ما يدعو اللاعبين الكبار في العمارة الكونية إلى أن يعيدوا النظر في مسألة سكوتهم عما يدور، واتخاذ التدابير لتجفيف منابع تسليحه وتمويله. يجب عدم تأخير لحظة التدخل اللازم، قطعاً لدابر الفكر الظلامي الذي بات ينتشر ويتوسع، كما كرة الثلج، مع توسع مسرح الدمار والخراب. وإن كل تلكؤ من هؤلاء المعنيين إنما يهدد أمنهم، حتى في غرف نومهم، لأن من يستفيد تكتيكياً من الإرهاب، يغدو ضحيته استراتيجياً.

شَرٌعَاً -- إِنتَهَى زَمن الجِهَاد بالسِلاح وَمَن يُفَجِر نَفسَهُ لَيِسَ بِشَهِيد/ الشيخ د مصطفى راشد

ورد إلى موقعنا على الإنترنت  سؤال الأخت ليلى من تونس تقول: -  أن أخيها هو العائل الوحيد لها ولأمها وأختها  ويريد أخيها أن يتركهم ويذهب للجهاد فى سبيل الله حيث تم إقناعه من بعض الدعاة والمشايخ بأن الجهاد ومحاربة الأعداء ونيل الشهادة  فرض إسلامى على كل مسلم – والسائلة تخشى على أُمُها المريضة  من صدمة ترك أخيها لهم  أو حدوث مكروه له  ، وتسأل قائلة هل فعلاً  ، فرض على كل مسلم أن يذهب للجهاد ومحاربة الأعداء ؟ --- وللإجابة على هذا السؤال  نقول :-  
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد 
الجهاد لغةً وإصطلاحاً: -  مأخوذ من الْجَهْد أو الْجُهْد ، وهو بذل الوسع، والعمل ببذل الطاقة   تنفيذاً لوصايا  الشارع الإلهى فى إعمار الكون    
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تقسيم أنواع الجِهَاد إلى تسعة  ومنهم من قال سبعة ومنهم من قال أربعة – والرأى عندنا أن أنواع الجِهَاد ثلاثةً هى : - 
1 – جِهاَد النفس والشيطان 
2 – الجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وضد من تمتلىء قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر   
3 – الجهاد الخاص بالرسول وصحابتة  لنشر الدعوة 
أولا :- جهاد النفس والشيطان ، وهو الجهاد الذى يجب أن يبدأ به الإنسان ،لأن جهاد النفس هو الحَصَانَةَ الأولى للإنسان  من الوقوع فى الخطأ ، وحماية لإيمانه من الجنوح والسقوط  ، فمن يُجاهد نَفسه والأفكار الشيطانية ، لا يكذب، ولا يسرق، ولا يخون ،ولا ينافق، ولا يكره ، ولا يستخدم َ العنف ، ولا يقتل ، ويمتلىء قلبه بالمحبة ويسعى للسلام ، وهذا النوع من الجهاد فرض عين على كل إنسان  منذ البلوغ حتى الممات  لقوله تعالى (اتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون  ) سورة البقرة 44 )
وقولة تعالى (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يُقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هُم ينصرون ) سورة البقرة آية 48 ) وقوله تعالى (واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) البقرة آية 281 وقولة تعالى  (وما كان لنبي ان يَغل ومن يغلُل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون  ) سورة آل عمران آية 161 )   وقوله تعالى (يا ايها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون  ) المائدة آية 105 ) وقوله تعالى (ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون  ) الأنعام  آية 164 وغيرهم عشرات الآيات 
ايضا علينا أن نُجاهد الأفكار الشيطانية ، التى تدعو للحروب والقتال والكراهية ونبذ الآخر  لقوله تعالى (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ) البقرة آية 208 )   وقوله تعالى (وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا  ) الإسراء آية 53 ) وغيرها العديد من الآيات  
ثانياً : -  الجهاد ضد الظالمين والفاسدين والمعتدين وضد من تمتلىء قلوبهم بالكراهية والتطرف والإرهاب لبنى البشر   ، وهذا النوع من الجهاد  هو ايضا فرض عين على كل إنسان  من البلوغ حتى الوفاة  وقد أكدت عليه العديد من الآيات ومنها : - قوله تعالى ( فلا عدوان إلا على الظالمين ) البقرة آية 193 ) وقوله فى سورة الأنعام 21 ( ومن أظلم ممن أفترى على الله كذباً أو كذب بأياته انه  لا يفلح الظالمون ) وكذا قوله عن الفاسدين ( الذين ينقضون عهد الله من ميثاقه  ويقطعون ما أمر به الله أن يوصل  ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون  ) البقرة آية 27 ) وقوله ( ولا تعثوا فى الأرض  مفسدين )البقرة آية 60 ) وقوله ( واذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل  والله لا يحب الفساد ) البقرة 205 ) وقوله ( من قتل نفساً بغير نفس  أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) المائدة 32 ) وقوله ( وياقوم أوفوا المكيال والميزان  بالقسط  ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثو ا فى الأرض  مفسدين ) هود آية 85 ) وقوله ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة آية 190 وكذا آل عمران 112 ،159 والمائدة آية 2 ، 62 ، 87  وغيرهم الكثير من الآيات التى تدعو للجهاد ضد الظالمينَ والفاسدينَ والمعتدينَ وكل من تَمتلىء قلوبهم بالكراهية والإرهاب لبنى البشر 
ثالثاً : -  الجهاد الخاص بالرسول وصحابتة  لنشر الدعوة ، وهذا النوع من الجهاد   خاص بزمن الرسول وصحابته ،  وأُبُيح فيه إستخدام السلاح  لنشر الدعوة وحسب ظروف العصر ، ولا يجوز لإنسان أن يقوم مقام الرسول لتطبيق هذا النوع من الجهاد  ، لأن احداً لا يملك وكالةً عن الله، ولأن الدعوة تمت وإنتشرت ، لذا جائت الآيات الخاصة بهذا النوع من الجهاد بالسلاح  تخاطب الرسول وصحابته فقط  مثل  سورة التوبة آيات 12،  72 ، 88 وسورة الفرقان آية 52 وسورة التحريم آية 9  
الخلاصة : - من كل ماسبق نستخلص أن الجهاد المفروض حاليا هو الجهاد باللسان  وجهاد النفس والسعى لإعمار الأرض ونشر السلام ، لأن زمن الجهاد بالسلاح قد إنتهى بغياب الموَكَل فيه ولأن الدعوة تمت وإنتشرت ، والجهاد المفروض حاليا ًهو الجهاد الأكبر، كما قال الرسول (ص) لصحابته عندما رجع من إحدى الغزوات ، فقد قال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والسعى للخيرات ، وهو مايعنى أن الجهاد بالسلاح ، شرعاً  قد إنتهى زمنه ، وأن من يسعى لذلك هو إنسان معتدى يَموت موتةً جاهليةً  ، لأن الإنسان مُطالب بالدفاع عن نفسه لحظة الهجوم عليه ، إما السعى والسفر للجهاد فهو نوع من الإعتداء ، من يفعله أثم ، وايضا من يفجر نفسه فى الغير ، فهو لايعتد ولايرقى لمصاف الشهداء الذين ماتوا لحظة دفاع ، ولم يكونوا مُعتدين ، وقد يسأل سائل  إذاً كيفَ نحرر فلسطين من يد الإحتلال ، أقول لهم : - إفعلوا كما فعلَ غاندى ونيلسون مانديلا ،  فقد حررا بلادهم  بالتظاهر السلمى  وكسبا تعاطف العالم ، لأن الله مع المُسَالمينَ وضد المعتدين ،لذلك أخفقنا نحنُ فى قضية فلسطين أكثر من 70 عاماً لأننا سلكنا الطريق الخاطىء الذى يُغضب السماء .
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه 
الشيخ د مصطفى راشد  عالم أزهرى مصرى  وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة 
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى 
ورئيس منظمة الضمير  العالمى لحقوق الإنسان
E -  rashed_orbit@yahoo.com    
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699   

شفاعتك يا ست يا عدرا/ نسيم عبيد عوض

يصوم المسيحيين فى أنحاء الأرض – ماعدا مسيحى الغرب – فى هذه الأيام مايسمى بصوم العذراء مريم , وهناك كنائس بدأت الصوم من أول أغسطس ولمدة 15 يوما , وكنيستنا القبطية الأرثوذكسية ووفقا للتقويم القبطى تبدأ صومها من أول شهر مسرى والموافق يوم 7 أغسطس والى 16 مسرى الوافق 21 أغسطس. وهذا الصوم من أعجب أصوام الكنائس المسيحية , فهو صوم فرضه الشعب وصامه قبل أن تقرره الكنائس , وكان صوم العذراء مريم فى مصر معروفا بصوم العذارى , إقتداء بطهارة وبتنسك وبتولية العذراء مريم , ثم عرفه رهبان الأديرة فصاموه.  وقبل القرن الثالث عشر الميلادى لم يكن فى كتب الكنيسة أى ذكر لصوم العذراء ,  وعندما وضعته الكنيسة فى أصوامها جعلته فى الطبقة الرابعة للأصوام ,أى بعد الأصوام الكنائسية ذات الصلة اللاهوتية .

وكما ذكر ابونا متى المسكين فى كتابه "صوم العذراء القديسة مريم" , أنه لم ينتهى القرن الثالث عشر حتى أصبح لصوم العذراء وعيدها مكانة كبيرة فى حياة الشعب عامة , لا كسند للطهارة والتبتل فقط , بل كمعيار عام للتنسك والزهد الشديد وفرصة محببة للتوبة وتجديد الحياة ووفاء النذور‘ ينتظره الشعب بكافة مستوياته بترقب وإشتياق ‘ جاعلين من العذراء مريم الشفيع المؤتمن لجنس البشرية ولنوال القوة والنعمة من الله للسلوك فى هذه الحياة.

ورغم إعتبار الكنائس لصوم العذراء انه صوما بسيطا يسمح فيه بأكل السمك‘ إلا أن الملاحظ أن الشعب لا يحتاج الى توجيه من قيادات الكنائس فى هذا الصوم ‘ وتكون مدة الصوم هذا من أروع الصور الروحانية فى الكنيسة ‘ ويتبارى فيه الشعب بالصوم الإنقطاعى والبعض يصومه 21 يوما ‘ بالماء والملح فى أسبوعه الأول ‘ وهناك من يصومه كصوم من الدرجة الأولى كالصوم الكبير (بدون سمك) ‘  ويتشبه فيه الناس بالرهبان فى التقشف والإنقطاع عن الطعام بحب شديد , وتقام النهضات الروحية الكنسية تمجيدا للعذراء مريم .

وفى إجتماعه الأسبوعى الماضى بالشعب أعلن قداسة البابا تواضروس الثانى بطريرك الكنيسة الأورذكسية أن نصلى ونخصص الصلاة أثناء صيام العذراء مريم لطلب شفاعتها من الشعب المسيحى فى العالم كله ‘ وبالأخص المسيحيين فى سوريا والعراق والشرق ‘ حيث نعيش هذه الأيام فى مذابح للمسيحيين وبإستشهاد المئات منهم على اسم المسيح ‘ وحيث نعود الى عصر الإستشهاد وبأفظع الصور وحشية حيث يخير المسيحى بتغيير دينة أو قتلة ‘ وأغلبهم تركو بيوتهم وأملاكهم ورحلوا عن بلادهم وطين أرضهم ليربحوا المسيح ‘ وتدمر الكنائس والأديرة . وأمام حرب ابليس العاتية التى تصفى مسيحى الشرق من أراضيهم ‘ هؤلاء البربر تركهم المجتمع الدولى لسياف هذا الزمان وبربر العصر يجزون رؤؤسهم ‘ الآلام تتصاعد والدموع تنسال من عيوننا ‘ ولكن رجاءنا لا ولن يخيب فى إلهنا ‘ والسنكسار مازال مفتوحا ‘ وكما قال الرب لشهدائه تحت مذبحهم فى عرش النعمة ‘" نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التى كانت عندهم . وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض .فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم ان يستريحوا زمانا يسيرا ايضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم واخوتهم ايضا العتيدون ان يقتلوا مثلهم."رؤ6: 9-11.

وصيامنا للرب بمناسبة عيد الست العدرا هو من أحلى الأصوام لشعب المسيح ‘ وكما قلت لكم أحيانا يفوق الصوم الكبير ‘ففى اسلوب الصوم والتقشف والتسابيح المرنمة للسيدة العذراء وأنا أحب أن أناديها " بالست العدرا" يرتفع الى السماء صلاة خاصة للرب يسوع بقبول شفاعة العدرا عن شعبه المسيحى ‘ فلنسألها :" شفاعتك ياعدرا"

وطلب شفاعة العذراء مريم فى مسيحى الشرق مستحق القبول من الرب يسوع فهاهو زنارها الذى ألقته على توما الرسول لتعرفه بصعودها للسماء ‘ هذا الزنار محتفظ به فى كنيسة السيدة العذراء ببلدة حمص فى سوريا حتى يومنا هذا ‘ وهذه البلدة عانت كثيرا من إضطهادات ومذابح ضد مسيحييها حتى يومنا أيضا هذا ‘ فهذا الشعب الذى يحتفظ بزنارك يطلب شفاعتك عند إبنك مخلص العالم.

صوم العذراء مرتبط بعيدها ‘ وللعذراء 6 أعياد فى الكنيسة القبطية وهم :

1- ميلادها فى أول بشنس.2 - ذكرى دخولها الهيكل فى 3 كيهك. 3- عيد نياحتها فى 21 طوبة. 4- عيد ظهور وصعود جسدها فى 16 مسرى ويختتم به صوم العذراء . 5- تذكار بناء أول كنيسة بأسمها فى فيلبى وأتريب فى 21 بؤونة. 6- عيد ظهورها فى كنيسة الزيتون فى 2 أبريل .

ومن الحقائق الإيمانية فى عقيدتنا الأرثوذكسية :

1- أن القديسة العذراء مريم ليست موضع عبادة فى الكنيسة ولكنها موضع تكريم وتطويب كقولها النبوى ( فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى. لو1: 48. 2- أن الصوم صوم العذراء مريم ,ليس صوما للسيدة العذراء ولكنه صوما لله العلى القدير ليقبل شفاعة أمه العذراء من أجل المعونة والشفاء لجميع البشر المتشفعين بها ‘ فهى تقدم شفاعتها لغير المسيحيين أيضا‘ وهناك كثير منهم من يصوم للسيدة العذراء مثلنا تماما ‘ بل ان مكانتها فى القرآن الكريم يفوق الوصف ‘ ويكفى أنه مخصص لها سورة بأسمها(سورة مريم).

3- لا تعتقد الكنيسة الأرثوذكسية أن القديسة مريم ولدت بطبيعة مقدسة ‘ بل تقدست السيدة العذراء مريم  بعمل الروح القدس كقول الملاك " الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك.لو1: 35‘ أى بعد إختيارها وليس قبل ذلك.

4- لا تؤمن الكنيسة فى عقيدتنا الأرثوذكسية  إطلاقا أن السيدة العذراء كانت شريكة فى الفداء والخلاص الذى تم بدم الفادى وحده على خشبة الصليب.

وما نقدمه لأمنا وسيدتنا كلنا هو تكريمها وتعظيمها وتطويبها وتبريكها ‘ نسألها الشفاعة من أجلنا ‘ وهذا ما تسأله الكنيسة فى تسبحتها اليومية.

وبالتأمل فى حياة القديسة مريم نلتقط منها بعض النقاط القليلة فقط ‘ لأن المجال لا يتسع هنا ‘ فقد كانت هذه الشابه الصغيرة ذوال12 عاما ‘ مثلا فى محبتها لله الذى يملء قلبها ونفسها وحياتها ‘ وقدتمثل ذلك فى تسليمها لإرادة ومشيئة الله بقولها للملاك " هوذا أنا أمة الرب .ليكن لى كقولك " رغم ان ماقاله الملاك لها يفوق كل التصور للعقل البشرى:

1- السيدة العذراء مريم كانت أعظم من أمنا حواء التى إنخدعت بحيلة وكلام ابليس ‘ وأسقطت البشرية كلها معها فى الخطية والموت. السيدة العذراء لم يستطيع الشيطان أن يقترب منها  طوال تجسد ابن الله على الأرض‘ ولم يكشف سرها حتى تم الصلب لفداء البشر‘ وسحق الشيطان كوعد الله لخلاص الإنسان من عبودية العدو. وأمام كل الظواهر اللاهوتية التى كانت تترائ لها كقول الكتاب " وأما  مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها."

2- كانت أعظم من أمنا  سارة التى جاءها الرب وباركها وقال لإبراهيم أعطيك منها إبنا ‘ ولكن سارة ضحكت فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعم وسيدى قد شاخ ‘ متناسية ان الذى قال لا يستحيل عليه أمر وهو القادر على كل شيئ .

3- كانت أعظم من موسى النبى العظيم  كليم الله ‘ فبعد أن دعاه الله من العليقة وعضده بثلاث آيات حتى يستخدمها فى خروج بنى إسرائيل من مصر ‘ يقول للرب: "استمع أيها السيد لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ولا حين كلمت عبدك."بل أنا ثقيل الفم واللسان .أرسل بيد من ترسل ."خر3"

ولكن الفتاه الصغيرة المحبة لله والخاضعة لإرادته قالت للملاك على الفور "ليكن لى كقولك" ومنها هذا أول درس نتعلمه منها فى محبة الله ‘ الخضوع لإرادته ومشيئته ‘فإن هذه محبة الله ان نحفظ وصاياه.

4- ويطول التأمل حتى نقول انها كانت أعظم من الملائكة والأنبياء ‘ لذلك فجميع الأجيال تطوبها.

شفاعة القديسة العذراء مريم :

كباقى القديسين والشهداء جميعا وكل الذين أرضوا الرب ‘حيث أن طلبة البار تقتدر فى فعلها‘ تتشفع فينا السيدة العذراء بدالتها  أمام السيد المسيح .  والشفاعة فى عقيدتنا الإرثوذكسية سليمة وصحيحة ‘ لأنها ترفعنا الى مستوى الشفيع ‘ فتوجدنا فى حضرة المسيح ‘ كما يقر الآباء ‘ على اساس إختفاء الوسيط ‘ فحينما تشفع فينا العذراء(ليست شفاعة كفارية فهذه للمسيح وحده) من أجل معونتنا أو شفائنا أو قبول الرب لتوبتنا ‘ تدخلنا فى مجال دالتها وعلاقتها بالسيد المسيح. الشفاعة كما يقول الآباء القديسين هى وصال بالنعمة ‘ فالعذراء تهبنا كل أمكانياتها الموهوبة لها لنتقدم بها الى السيد المسيح.

والله يطلب ويقر بهذه الشفاعة ‘ فمثلا طلب من أبيمالك (تك20) الذى أخذ سارة أمرأة ابراهيم ‘" فالآن رد امرأة الرجل فإنه نبى فيصلى من أجلك فتحيا." فصلى إبراهيم الى الله فشفى الله ابيمالك وأمرأته وجواريه فولدن. قبول شفاعة العذراء فى عرس قنا الجليل لأنهم ليسوا لديهم خمر. شفاعة موسى  المتعددة فى شعب بنى إسرائيل وقبول الله لها. والكتاب لا يخلوا من قبول الله لشفاعة القديسين ‘ والتى رآها يوحنا الرائى فى سفر الرؤيا وقال عن البخور الصاعدة فى عرش الله أنها صلوات القديسين.

العذراء مريم هى مثلنا الأول فى كيفية الدخول فى علاقة حية مع الله ‘ بالطهارة والنقاوة "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله." ‘ بالوداعة والتواضع ‘ بالبساطة ‘ الصلاة الدائمة ‘ القلب والضمير النقى الخاليين من أي ذرة نجاسة وهنا تتحقق الشفاعة ‘ لأن  الشفاعة تتطلب حضورا شخصيا للعذراء التى   تتراءى بطهاتها من أجلنا أمام عرش المسيح .

مباركة هى  العذراء مريم وطوبى لمن يطوبها ‘ ونسألها كما نطلب منها فى لحن البركة" إشفعى فينا ياسيدتنا كلنا السيدة مريم والدة الإله أم يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا ."

كل سنة وشعب مصر طيب وليعبر بنا إلهنا هذه الأيام الصعبة لبر الأمان والسلام ‘ بصومنا وصلواتنا نطلب شفاعة القديسة العذراء مريم من أجل أولاد الله فى كل مكان يقعون تحت سيف الشيطان فى الشرق ليتركوا إيمانهم المستقيم . شفاعتك ياأمى العدرا.