قداس في بلدة مزرعة التفاح لمناسبة عيدالقديسة مروا


زغرتا ـ  الغربة
لمناسبة عيد القديسة مورا، دشن رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، كنيسة في بلدة مزرعة التفاح في قضاء زغرتا على اسم القديسة مورا، بعدما اعيد ترميمها من قبل الاهالي. وعاونه في القداس خادم الرعية الخوري مرسال نسطه، والخوري انطون بو نعمه، ولفيف من كهنة الابرشية، وحضر القداس حشد من ابناء الرعية المقيمين والمغتربين. 
بعدالانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" الإيمان المسيحي ليس قوانين وشرائع ميّتة ينفّذها الإنسان ويعتقد أنّه بواسطتها ينال الخلاص. الإيمان المسيحي هو حياة والمسيح لم يعطِ شرائع وقوانين بل إختصرها كلها بشريعة واحدة هي شريعة المحبة حين قال: "أحبب الرّب إلهك من كل قلبك ومن كل ذهنك وقوّتك، وأحبب قريبك كنفسك. هذه هي الشريعة والأنبياء، وهذا ما جعل أحد القديسين الكبار، والذي كان قبل إهتدائه من الخطأة الكبار، وهو القديس أوغسطينوس يقول: "أحبب وإصنع ما تشاء".
اضاف:" إننا نحتفل اليوم بعيد القديسة مورا الشهيدة التي جاهدت وكافحت للتحرّر من عبوديّة الخطيئة كي تشارك أبناء الله في حرّيتهم. وتقول سيرة حياتها أنها كانت زوجة أحد الشمامسة، عاشت في صحراء مصر في عصر الإضطهادات الأوّل، في القرن الثالث، وكان المسيحيّون يومها يتعرّضون للإضطهادات والمضايقات والتهديد بالموت إن هم بقوا محافظين على إيمانهم، ولذلك كان الحكّام والولاة يعرضون عليهم الإغراءات الكثيرة كي يتخلّوا عن إيمانهم وينكروا المسيح. وقد تعرّضت مورا لمثل هذه الإغراءات من قِبَل الوالي وكادت تقع في حباله حين تحلّت وتزيّنت ولبست الثياب الفاخرة وكانت تستعدّ للذهاب إلى لقائه حين علم زوجها بالأمر فتحاور معها وأقنعها بأنّ الذين يحيون بالجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله أما الذين يحيون بالروح فينزعون إلى الحياة والسلام. فعادت مورا وفهمت أنّ الأمانة لله هي وحدها التي تعطيها الخلاص والفرح والسعادة، فبقيت ثابتة في إيمانها وقبلت أن تستشهد وتموت ولا تنكر إيمانها وتتخلّى عن المسيح. وهكذا كان إذ قُتِلَت لأنها بقيت صامدة في إيمانها، ثابتة في حبها للمسيح.
وتابع:" الموت في سبيل المسيح، أيها الأحباء، ليس إنتحاراً ولا كرهاً بالحياة، بل إنّه على العكس علامة عن المحبّة التي لا حدود لها. فقد جعل منه المسيح علامة عن الحب اللآمحدود حين قال: "ليس من حبّ أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه". فهكذا أحبّنا المسيح إذ مات من أجلنا على الصليب، وهكذا يريدنا أن نحبّه ونحب إخوتنا ونحب الكنيسة فنقبل بالموت إذا إقتضى الأمر، في سبيل المحافظة على إيماننا. وإنّ عصر الشهادة والإستشهاد لم ينتهِ بعد، ولن ينتهي، لأنّ العداوة للمسيح وللإيمان المسيحي ما زالت موجودة عند الكثيرين، وبصورة خاصة في أيامنا المعاصرة. ففي الكثير من البلدان ما زال المسيحيّون يستشهدون ويُقتلون كما هو حاصل في العراق اليوم، وكما يحصل من وقت لآخر في مصر، وأندونيسيا والباكستان والهند وغيرها من البلدان".
وختم:" إنّ وجودنا في لبنان وفي هذا الشرق، أيها الأحباء، هو وجود شهادة للمسيح. فنحن لسنا لآجئين ولا أهل ذمّة ولا فئة ثانية من المواطنين. إنّنا، مع إخوتنا المسلمين نكوّن أساس هذه البلاد وعلينا أن نحافظ على هذا الوجود وعلى هذا العيش المشترك الذي ميّزنا منذ أكثر من ألف وستمائة سنة. مما جعل من بلادنا ليس مجرّد وطن، كما قال السعيد الذكر البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني، رسالة للشرق والغرب، وللعالم أجمع. وقد أراد بكلامه هذا أن يجعل من بلادنا مثالاً وقدوة للكثير من البلدان التي يتواجد فيها المنتمون إلى ديانات مختلفة، والذين غالباً ما يتعادون ويتحاربون، بينما عرفنا نحن، بالرغم من بعض الحقبات السلبيّة من التاريخ، أن نحافظ على هذا العيش المشترك وننمّيه. فلنأخذ من القديسين والشهداء الذين سبقونا، ومن آبائنا وأجدادنا الذين بنوا هذه البلاد على أُسس التفاهم والحوار أمثلة لنا وشفعاء، فننمّي هذا العيش المشترك في جو من الإلفة والحوار، فيعود لبنان كما كان عبر الأجيال موئلاً لكل مضطهد ومظلوم ويصحّ ما قيل عنه بعد الأحداث الأليمة التي حصلت في القرن التاسع عشر وأحداث1860 والتي تخطّاها من سبقونا:" هنيئاً لمن له مرقد عنزة في لبنان".

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق