العجيبة 26 من عجائب مريم العذراء

عاش في مدينة "لومجاردياس" رجل وامرأته، وكانا فاضلين ومتعبدين للسيدة مريم العذراء، ولكثرة حبهما لها، قررا أن يرسما صورتها، كأيقونة كبيرة، على حائط بيتهما، وكانا يسجدان أمامها كل يوم، ويصليان سلام الملاك جبرائيل، فأرسلت إليهما النعمة والفرح، حتى أن جيرانهما كانوا ينادونهما بأهل السلام والتقوى.
وكان لهذين الوالدين الفاضلين طفل عمره ثلاث سنوات، وكان، رغم صغر سنه، يراقب والديه وهما يسجدان ويصليان أمام الأيقونة، فراح يتشبّه بهما، ويفعل كما يفعلان، فإن ركعا ركع، وإن رسما إشارة الصليب رسمها دون تردد.
ولكثرة سجود والديه أمام الأيقونة، كان يعتقد أن تلك السيدة الجالسة على الكرسي، هي صاحبة المنزل، لذلك كان يخافها كثيراً، ويعمل المستحيل كي يرضيها، مخافة أن تطرده من المنزل.
وذات يوم، وبينما هو يلعب مع رفاقه صبيان الحارة، رماه الشيطان في النهر، بطريقة حسبها رفاقه زلّة قدم، فأسرعوا ليخبروا أمه بالفاجعة. فأسرعت المسكينة الى النهر وهي تبكي وتندب حظها العاثر، وتنادي بأعلى صوتها:
ـ أنقذوا ابني.. لقد وقع في النهر.
خلع بعض الرجال ثيابهم وراحوا يسبحون ويفتشون عنه دون فائدة، فأسرعت الوالدة الى الجهة الثانية من النهر، فرأت ابنها طافياً على سطح الماء، وكأنه جالس على كرسي، فما أن رآها حتى صاح:
ـ لا تخافي يا أماه، صاحبة الأيقونة تحملني.
وعندما وصل الى اليابسة، حضنته أمه، وراحت تقبله، وتشكر أم المخلص، على أنقاذ ابنها من الغرق.
وكم كانت دهشة الحاضرين عظيمة عندما راح الطفل يخبرهم كيف حملته السيدة العذراء بين يديها لحظة سقوطه في النهر، وكيف كانت تهمس في أذنه:
ـ لا تخف يا بني.. أنا جارتك التي تتعبّد لها.
ـ إذا كنت صاحبة المنزل الذي نسكن فيه، أرجو أن لا تطردينا منه، فأبي فقير وأمي تحبك كثيراً.
ـ لا لن أطردك من منزلك، فمنزلك هو قلبي. أنظر ها هي أمك على ضفّة النهر تنتظر وصولك اليها سالماً. قل لها بأني أحبها أيضاً.
كان الناس يستمعون اليه، ويتعجبون من فصاحة طفل لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، وأدركوا للحال أن االسيدة مريم العذراء، قد أظهرت لهم إحدى عجائبها، فصاحوا بصوت واحد:
ـ ممجدة أنت يا أم الخالق.
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق