العجيبة 27 من عجائب مريم العذراء


بينما كان أحد الأثرياء الوثنيين يتنقل في أرجاء مدينة روما بغية التجارة، قبض عليه اللصوص، وعروّه من ثيابه، كي يتقاسموا كل ما يحمله من مال وثياب وبضائع. ولكي لا يهرب كبّلوه بالأغلال، بعد أن رموه في سجن معتم نتن.
ومن كثرة خوفه، راح يبكي وينتحب كالاطفال الصغار، ويطلب من اللصوص أن يقتلوه كي يخلصوه من عذابه.
ولما لم يستجب لطلبه أحد، راح يفكّر بالناس الذين التقاهم في سفره وترحاله، وكيف أن الكثيرين منهم قد مدحوا أمامه السيدة العذراء، لكثرة عجائبها ورحمتها على المعذبين في الأرض.
وبدون وعي منه، ركع على ركبتيه، وراح يصلي بصوت عالٍ:
ـ أيتها السيدة أم الرحمة، يا ملكة السموات والارض، ارحميني أنا الوثني الشقي، وانعمي علي بعجيبة واحدة من عجائبك الكثيرة، فلقد أخبرني أبناء المسيح كم أنت رحومة وشفوقة ومحبة لبني البشر. 
أرجوك يا أمي أن تفكي أسري، وأن تعيدي لي حريتي، لكي أؤمن بك وبابنك الإله يسوع، وأخبر العالم أجمع عن أفضالك علي، وإن كنت لا أستحقّها أنا الوثني الضال.
وما أن أنهى صلاته، حتى غالبه النعاس، فأبصر في منامه ملكة رائعة الجمال، نور وجهها أبهى من نور الشمس، وحولها من كل جانب رهط من الملائكة، الذين فكّوا قيوده، بناء على طلبها، ولشدة فرحه استيقظ ليجد أن حلمه أصبح حقيقةً، فتطلع في عيني العذراء وقال:
ـ من أنت؟ ما اسمك؟
فأجابته أم يسوع:
ـ أنا التي استنجدت بها، ولقد فككت قيودك، فقبل أن تخلص نفسك من اللصوص، انقذها من نار جهنم، وآمن بمن صلب من أجلك.
وبينما هي تتكلّم، حمله الملائكة فوق هوة عميقة، كريهة الرائحة، مليئة بالنفوس الخاطئة. ولشدة خوفه سقط على الارض، فقالت له العذراء:
ـ هؤلاء هم الكفّار الذين لم يؤمنوا بتجسّد ابني يسوع المسيح.
ثم، حملوه الى مكان جميل جداً، تفوح منه رائحة العطر، وتلفه الأزهار من كل جانب، وتعيش فيه نفوس تصلي دون ملل، فقالت له العذراء:
ـ هؤلاء هم الذين أنقذهم ابني الحبيب بدمه الطاهر، فاختر لنفسك أحد المكانين حتى أرميك فيه.
فاختار، دون أدنى تردد، المكان الثاني، عندئذ صعدت الى السماء، ليجد نفسه خارج منزله، وللحين آمن بيسوع المسيح، وقبل سر المعمودية، ودخل الرهبنة، بعد أن وزّع ثروته على الفقراء.
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق