معا على الطريق/ نسيم عبيد عوض

كلمة الله لنا فى هذا الصباح المبارك – الأحد الثالث من شهر هاتور –  فصل من إنجيل القديس مار لوقا الإنجيلى ‘ الأعداد من 25 الى 35 ‘ ويبدأ هكذا:

25- وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم. 26- ان كان أحد يأتى الى ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وأخوته واخواته حتى نفسه أيضا فلا يقدر أن يكون لى تلميذا.27- ومن لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا. 35- من له أذنان للسمع فليسمع.

استحقاق طريق الله:

ليس المقصود بكلمة يبغض هنا المعنى الحرفى لها ‘ لأنه لا يعقل ان واضع شريعة المحبة  (تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك) يطالبنا ببغض الأهل والأقارب ‘ الله الذى قال " وصية جديدة أنا أعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم أنا تحبون انتم أيضا بعضكم بعصا." يو13: 34‘ والذى يطالبنا بمحبة الأعداء " احبوا أعداءكم باركوا لاعينكم." مت5: 44 ‘ ولكنه يفسرها فى انجيل مت 10: 37" من أحب أبا او اما اكثر منى فلا يستحقنى. ومن أحب ابنا او ابنة اكثر منى فلا يستحقنى."والمعنى لقول الرب أن محبة الله تفوق كل شيئ ولها الأولوية فى حياة الإنسان وكل القلب والفكر والنفس والقدرة لمحبة الله‘ ومن محبة الله تشع محبتنا للآخرين وتكون على نفس المستوى مع محبتنا لأنفسنا ‘ وعدم محبتنا للآخرين تفصلنا عن محبة الله لأنه هو بالطبيعة المحبة ‘ ولهذا يحذرنا من انه قد يكون أعداء الإنسان أهل بيته أى غير المؤمنين ‘ الذين قد يخرجون الإنسان عن خط الإيمان المسيحى ‘ وهذا مانصت عليه الشريعة فى العهد القديم " إذا أغواك سرا أخوك ابن أمك أو ابنك او ابنتك أو امرأتك أو صاحبك الذى مثل نفسك قائلا نذهب ونعبد آلهة أخرى ..فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره . بل قتلا تقتله. ..ترجمه بالحجارة حتى يموت." تث13: 6-10. والرب يسوع المسيح هنا يعنى " ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس." أع 5: 29.

انكار الذات:

قول الرب هنا " حتى نفسه أيضا " أو بغضة النفس ليس لها إلا معنى واحد هو إنكار الذات ‘ وهى شرط من شروط تبعيتنا للرب يسوع‘ فهو الذى قال " من وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلى يجدها." مت10: 39 ‘ ويفسرها لنا الرب بفمه الكريم" من يحب نفسه يهلكها ومن يبغض نفسه فى هذا العالم يحفظها الى حياة أبدية ." يو12: 25. ان الإنسان الذى يمتع نفسه وذاته بلذات العالم وشهواته ومدياته وأمجادة يهلك نفسه بعيدا عن المسيح ‘ والذى يمنع نفسه عن الإنغماس فى متع العالم وشهوات الجسد ومدياته ويعيش بالقناعة وبتسبيح وحمد الله على عطاياه يحفظ نفسه لحياة أبدية‘ والذى يسعى وراء ماديات الأرض وعاش فى غرور الغنى  أضاع وحرم نفسه من الحياة السمائية الأبدية. ولذلك يعرفنا الكتاب المقدس على شهداء الإيمان المسيحى بأنهم" وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت."رؤ12: 11‘ الذين استهانوا بحياتهم وبكل الآلام وحتى الموت فبدم شهادتهم للمسيح غلبوا الشيطان وكل قوات العدو.

كيف أكون تلميذا للمسيح ؟:

  والأجابة على السؤال فى قول الرب" من لا يحمل صليبة ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا." لو13: 27"‘ وكيف يكون ذلك ؟ هذا هو طلب الرب منا اليوم:

1- نتغلب على أهواء العالم وشهواته "لأن كل مافى العالم شهوة الجسد وشهوة العيون ‘ وتعظم المعيشة‘ليس من الآب بل من العالم." 1يو2: 16. ولماذا" لأن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات." غل5: 24".

 2- تحمل المشقات والعار كل يوم من أجل المسيح: إذ انه" بضيقات كثيرة ينيغى أن ندخل ملكوت الله ."أع14: 22 ‘ وأيضا " أن جميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون.2تيمو 3: 12. متمثلين بالرب يسوع المسيح كقول الكتاب" ناظرين الى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزى فجلس فى يمين عرش الله. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذة لئلا تكلوا وتخوروا فى أنفسكم." عب12: 2و3.

حياة المؤمن المسيحى:

حياة المؤمن المسيحى هى حمل الصليب :والتى تشكل كل سلوكنا المسيحى على الأرض:

   1- حياة الطاعة والإتضاع: التى تضعنى فى حياة شركة مع السيد المسيح متمثلا به الذى" وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب.لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه إسما فوق كل إسم." في2: 8و9.

2- حياة الإحتمال والصبر: فأكبر صليب نحمله هو صليب المعاملات مع الآخرين ‘ فنكون معهم فى إحتمال شديد كقول الكتاب" بكل تواضع ووداعة وبطول أناة  محتملين بعضكم بعض فى المحبة." أف4: 2 ‘ وأيضا نحيا فى صبر كقول المرتل" لأنى اليك يارب صبرت أنت تستجيب يارب.مز38: 15‘ وأيضا قول الكتاب" بصبركم إقتنوا أنفسكم."لو21: 19‘ ومجازاة الصبر" ولكن الذى يصبر الى المنتهى فهذا يخلص." مت10: 22‘ وأيضا" عالمين أن إمتحان إيمانكم ينشئ صبرا.وأما الصبر فليكن له عمل تام لكى تكونوا نامين وكاملين غير ناقصين فى شيئ." يع1: 3‘ نحتاج حياة الصبر " لأنكم تحتاجون الى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد." عب10: 36.

3- كخدام لله: " فى كل شيئ نظهر أنفسنا كخدام الله فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات ..."2كو6: 4 ‘ لأن الله يطلب الخدمة كقوله" أن كان أحد يخدمنى فليتبعنى. وحيث أكون انا هناك ايضا يكون خادمى وان كان  احد يخدمنى يكرمه الآب."يو12: 26‘ ويطالبنا الله كخدام " من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. كما ان ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين." مت20: 26و28.  

4- الجهاد الروحى: فحمل الصليب لابد أن يكون بفرح ‘بقبول ورضى تامين ‘ بشكر‘  كقول الرسول القديس بولس" مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في.فما أحياة الآن فى الجسد فإنما أحياه فى الإيمان.إيمان ابن الله الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى." غل2: 2وأيضا " وأما من جهتى فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا للعالم."غل6: 14.

من يحمل الصليب يحمل عظمته:

1- عظيم فى محبته وتضحيته" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.:يو3: 16.

2- عظيم فى الصفح والغفران: : باأبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون." لو23: 34.

3- عظيم فى سلطانه وقوته: "أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة أما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله ." 1كو1: 18. ولا ننسى أن علامة ابن الإنسان فى مجيئه الثانى هو الصليب ‘ وفى يوم الدينونة من له الصليب فقد انتقل من الموت الى الحياة الأبدية.

من له أذنان للسمع فليسمع:

الله يوجه كلامه الى نفوسنا وليس لآذاننا الجسدية ‘ لبصيرتنا الروحية وليس لحواس الجسد ‘ فمن كانت نفسه تواقة لسماع كلمة وتعاليم الرب ويعمل بها هو الذى توجه الية الكلمة الإلهية‘ وتخترق قلبه وتسكن فى داخله . ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد . أمين.. 

خرج الزارع ليزرع/ نسيم عبيد عوض

تكررت هذه الجملة "خرج الزارع ليزرع "فى أناجيل الكتاب المقدس ‘ فى مت 13‘ ومر 4 ‘لو8‘ ولهذا التكرار وبإرشاد روح الله القدوس ‘ إختارت كنيستنا شهر هاتور ليقرأ فيه أحدين متتاليين نفس الفصل من الأناجيل ‘ لتواكب المثل مع بذر بذور القمح فى هذا الشهر ‘ وخصوصا فى أراضى الشرق ‘ ولعل الرب قد نظر زارعا يبذر البذار ليزرع حقله ‘ فلفت نظر الجموع حواليه ليكون المثل مع التطبيق العملى سهلا للفهم ليوصل رسالته الروحية لقلوب الشغوفيين بتعاليمه ووصاياه. وهذا هو المعروف فى عالمنا الحديث بوسائل الإيضاح .

وكان الرب له المجد يستخدم أسلوبا جديدا فى التعليم وهو الأمثال القصصية ‘ وكان يستخدم التشبيهات مثل "أنتم نور العالم"‘ أنتم ملح الأرض" ‘ زمرنا لكم فلم ترقصوا" ‘ نحنا لكم فلم تلطموا "‘ وقد فسر الرب هذا فقال لتلاميذه المؤمنين به ‘ "قدأعطى لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات أما لأولئك فلم يعط. من أجل هذا أكلمهم بأمثال"مت13: 11-13.ولا عجب أن يحتوى إصحاح 13 من انجيل متى البشير  على 7 أمثال عن ملكوت السموات ‘ وأولهم مثل الزارع الذى خرج ليزرع.

ومعلمنا متى البشير يستخدم هنا كلمة الخروج مرتين أولهما " وفى ذلك اليوم خرج يسوع من البيت وجلس عند البحر فكلمهم كثيرا بأمثال ‘ وثانيهما ‘ قائلا هوذا قد خرج الزارع ليزرع. لقد كان الخروج دائما فى فكر الرب يسوع ‘ ولعل خروج شعب إسرائيل من مصر أرض العبودية الى أرض كنعان أول رمز للخروج من عبودية إبليس وعتقنا من سطوة الشيطان. وهاهو فى ملء الزمان يخرج من بيته السماوى لينزل لنا على الأرض ليخرجنا بالحقيقة من الظلمة الى النور‘ الى حرية مجد أولاد الله " فإن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا "يو8: 36‘ وعندئذ" وتعرفون الحق والحق يحرركم."يو8: 32.

ونلاحظ أيضا أن لقاء الرب مع الجموع كان دائما فى أحضان الطبيعة ‘ ففى القائه شريعة العهد الجديد عهد النعمة كان على الجبل (مت إصحاحات 5‘6‘7) كما سبق وأعطى موسى الوصايا العشر على جبل حوريب‘ وهو هنا يجلس على البحر ليعطيهم درسا عن ملكوت السموات ‘ ليعطينا ايضا المثل لنتأمل فى الطبيعة التى خلقها لنا لننعم بها ونشهد بعمل الله ونشكره عليها كما قال المرتل " السموات تحدث بمجد الله . والفلك يخبر بعمل يديه.مز19"

وفى هذا المثل يحدد طرفين: الزارع والزرع ‘ أو الباذر والبذار ‘ أى الله الكلمة ‘ وكلمة ملكوته ‘ كذلك التربه حددها بأربعة أنواع :

الطريق ..أو المدق البعيد عن التربة الحقيقية‘فإذا وقعت عليها البذور جائت الطيور وألتقطتها مثل لإبليس. تربة حجرية.. فمظهرها تربة تصلح للزرع ولكنها تخفى صخرا فى عمقها ‘وإذا وقعت عليها لبذور تجف وتموت لأنه ليس عمق أرض فتحرقها الشمس .

تربة نمت فيها الأشواك والأعشاب .. البذره تجد صعوبة فى النمو لأن الشوك يخنقها ‘ وهذا الشوك كثيرا فى حياتنا ‘ هموم العالم واللهس وراء الغنى وجمع الثروة.

التربة الجيدة.. وهى التى تنتج لصاحبها ثمرا بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين. والله يريدنا أن نكون أرض مسرة له " ويطوبكم كل الأمم لأنكم تكونون أرض مسرة."ملا3: 12‘ " مولدين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى .بكلمة الله الحية الباقية الى الابد."1بط1: 23.

ورسالة الله لنا من هذا المثل : أولا مسئولية سامعى كلمةالله ‘كلمة الحياة ‘ لأنه ليس كل من يسمع يعمل بما سمع " ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات ." مت7: 21‘ فالمطلوب منا الفهم والتفكير فى ما نسمع والعمل به ‘ لأن الله يقول لنا "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة." وقد علمنا الرب أن كل من يسمع كلامى ويعمل به أريكم من يشبه . يشبه انسانا حكيما بنى بيته على الصخر ‘فلما هبت الرياح ونزلت الأمطار وجائت الأنهار وصدمت ذلك البيت فلم يسقط لأنه مؤسسا على الصخر .وأما من يسمع كلامى ولا يعمل به فأشبهه برجل جاهل بنى بيته على الرمل..."

ثانيا: أن كل أنواع التربة سواء الحجرية أو المملوءة أشواكا وعشبا لها مايسمى بإستصلاح الأراضى ‘ كذلك التربة الجيدة إذا أهملتها تبور ‘فكما ان التربة تستصلح بالمواد الغذائية والمياه ‘كذلك القلوب اللحمية تحتاج لوسائط النعمة والروح القدس. الذى يعلمنا ويفهمنا ويرشدنا لكل شيئ.

ثالثا: واجبنا نحو كلمة  الله: يقول المرتل " خبأت كلامك فى قلبى لكى لا أخطأ اليك."مز119: 11‘ وأيضا يقول " كلامك أحلى من العسل وقطر الشهد."مز19: 10‘ ويعلمنا الرسول القديس بولس" كلمة الله حية وفعاله وأمضى من كل سيف ذى حدين..."عب4: 12‘ ويقول لتلميذه تيموثاوس : " وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص.2تي 3: 15. والمعنى هنا – الكلمة تحفظ من الوقوع فى الخطية ‘ لأنها سراج ينير وسلاح حاد ضد قوات العدو‘ وكلمته حلوة كقطر الشهد فى دسامتها الروحية ‘ وهى التى تعطى حكمة وحياة وتخلص النفوس. وفى التجربة على الجبل نرى كيف غلب المخلص إبليس ‘ بكلمة الله

رابعا: فى الدينونة سنسأل عن ثمار كلمة الله ‘ ولذلك هناك أمرا مهما فى علاقتنا بالله ‘الإيمان وأعمال الإيمان ‘ أو الإيمان العامل بالمحبة ."لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله .ليس من أعمال كيلا يفتخر احد. لاننا نحن مخلوقين فى المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله واعدها لكى نسلك فيها.أف2: 8-10.

فإذا كانت تربة قلبك طريق أو مدق أو صخر حجري فلا تقلق فهناك محراث خشبى مرسل من الله مأخوذ من شجرة مثمرة‘ ليحرث قساوة القلوب ويعدها للإثمار والحصاد وهذا هو عمل خشبة الصليب والذى عليه انسال دم الفادى ليطهر ويغسل كل خطايانا.

وإذا كانت الأشواك تلتف حولك فلا تيأس فأن الله جمع كل الشوك ووضعه إكليل على رأسه وهو فى طريق الصليب والآلام وأنزف لنا دمه لفدائنا وخلاصنا. ولذلك يشبهنا المرتل بالشجرة المغروسة عند مجارى المياه ‘التى تعطى ثمارها فى أوانه وأوراقها لا يذبل .وكل مايصنعه ينجح.مز1. وعندما جاء يوحنا المعمدان ليهيئ الطريق أمام وجه الرب‘ قال لليهود " اصنعوا أثمارا تليق بالتوبة ..وهوذا الفأس قد وضع على أصل الشجر. فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى فى النار."مت3: 8-10.

فلنصلى جميعا لله ان ينعم علينا بالإيمان العامل بالمحبة ‘ وان يجعلنا نورا للعالم ‘ حتى إذا مايضيئ نوركم قدام الناس يروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات ‘ ونرفع قلوبنا ونصلى له" أعدها للزرع والحصاد " الذى له المجد الدائم . أمين.

القتال في الإسلام/ محمد محمد علي جنيدي

قرأت في مقال ( العروس بالإنتظار يا أهل الدار ) للمفكر الإسلامي الأستاذ / محمد عبد المحسن العلي - الكويت، ( أن الجهاد الأكبر يتحقق بإحياء منهج عقيدة التوحيد في نفوس المسلمين من خلال مجاهدة النفس على شهواتها، والصبر على تحمل أعباء الدعوة إلى الله، وممارسة شرائع المنهج كما ورد بالكتاب وصحيح السنة ممارسة عملية، لدفع ما يلقيه الشيطان خارج أعتاب القلب، وهو ما ينبغي أن يبدأ به كل مسلم أراد السير بحق على هدي النبوة ).  
والحقيقة والمنطق - يقولان بذلك ويؤكدان عليه، أما حمل السلاح في الدعوة إلى الإسلام كرها، فهي الخديعة، والغرض منها هو الدفع بالناس لكراهية هذا الدين الخاتم ليس إلا، وهو الدين الذي أتاح وأباح حرية الاختيار للدخول فيه من عدمه، والله تعالى يقول في محكمه ( فمن شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر ) صدق الله العظيم.
إن القتال في الإسلام هو ( استثناء ) من قاعدته الأم وهي ( المسالمة ) وأصل الدعوة نجدها في قول الله تعالى (  ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) صدق الله العظيم، أو كذلك أراد الله تعالى أن نفهم من رسالة ديننا.
الذي يجب أن يترسخ في أذهان المسلمين عن مفهوم موضوع القتال في الإسلام أن له دوافع وأهداف أخرى غير ما يشيعه المستشرقون والمتربصون به تماما، فهو دينٌ لا يحرض على قتالٍ إلا لرد عدوانٍ ودفعه عن الأمة، وكذلك للدفاع عن المستضعفين والمظلومين، يقول الحق سبحانه ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) صدق الله العظيم الآية 75 سورة النساء، وكذلك لحماية العقيدة من الذين يمنعون بلوغها للناس بحمل السلاح عليهم، أو إحداث فتنة فيها يكون المراد منها ترهيب الناس من الدخول في دين الإسلام للإطاحة به، كما أن للقتال في الإسلام آدابه وأخلاقه، فلا قتال إلا بعد إلقاء الحجة، ولا يجوز إلا على من اعتدى، كما أنه يمنع قتال النساء والشيوخ والأطفال، ولا يخرّب ولا يهدم ولا يدمر ولا يقطع حتى شجرة.
عموما الكلام هنا وإن طال المقال فيه، يبقى دائما من المهم أن نفهم أن رفع السلاح له محاذيرٌ لا حصر لها في الإسلام، ولذلك لا يجوز لمسلم أن يقاتل من تلقاء نفسه اعتمادا على فهمه أو فهم جماعة أو تنظيم ينتمي إليه.
إن الرسالة الإسلامية رسالة قيمة أخلاقية في المقام الأول، فهي تحمي الأرواح ولا تزهقها، وتحفظ الدماء ولا تريقها، وتدافع عن الحرية ولا تصادرها، وإن كانت في حق الإيمان بالله تعالى، وهي تحمي الصدور من ضغائن الدنيا وأطماعها، ولما لا وهي أهون عند الله من جناح بعوضة، لأنه سبحانه غنيٌّ بذاته عن ذوات عباده أجمعين، فإن كان قد أمرنا بعبادته فهو ليحمينا، ويحفظنا بفضلها من براثن أنفسنا وآفات قلوبنا، وبالله التوفيق. 

m_mohamed_genedy@yahoo.com

الكنيسة الإنجيلية الإنجليزية تقر رسميا خططا لتنصيب أساقفة نساء

بي بي سي
تبنت الكنيسة الإنجيلية الإنجليزية قانونا يمكن من خلاله تعيين أساقفة نساء لأول مرة في الكنيسة بحلول العام المقبل.
ومُرّر هذا التعديل عن طريق التصويت برفع الأيدي الذي أجري في المجمع الكنسي العام.
وكان أول تنصيب لأساقفة نساء قد حدث عام 1994، بيد أنه لم يكن بإمكانهن القيام بالمهام العليا في الكنيسة حتى الوقت الحالي.
وقال كبير أساقفة كانتربيري جاستن ويلبي إن هذه الخطوة تعني بدء "طريق جديد للكيان الكنسي".
ولا تزال هناك انقسامات بين الأنجليكانيين ممن يشعرون بأن هذه الخطوة متماشية مع عقيدتهم والتقليديين ممن يخالفونهم الرأي.
وأجرى المجمع الكنسي تصويتا لدعم خطط تنصيب أساقفة سيدات في يوليو/ تموز.
طريق جديد
وفي عام 2012، فشلت خطوة أخرى كانت تدعو للسماح بتنصيب السيدات كأساقفة بستة أصوات في عملية التصويت التي شارك فيها أعضاء من المجمع الكنسي، وهو الكيان التشريعي للكنيسة الإنجيلية.
وكان التصويت الأخير الذي أجري الاثنين في اجتماع بالمجمع الكنسي في ويستمينستر بالعاصمة البريطانية لندن بمثابة الخطوة الأخيرة لإقرار هذا التشريع، وذلك بعد تمريره من البرلمان البريطاني في أكتوبر/ تشرين الأول.
ويعني هذا التعديل في القانون إضافة جملة إلى القانون الكنسي رقم 33 تنص على أنه "يمكن تنصيب الرجل أو المرأة بمنصب الأسقف".
وقال الأسقف ويلبي: "اليوم يمكننا أن نسلك طريقا جديدة في الكيان الكنسي ونمضي للأمام."
واعتبرت كارولين وايت مراسلة بي بي سي للشؤون الدينية ذلك يمثل "مرحلة تاريخية وهامة"، بالرغم من أنه يعتبر مرحلة رمزية في هذه العملية طويلة الأمد".
وأضافت وايت "كانت الطلبات التي تقدمت بها سيدات قد أخذت في الاعتبار بالفعل في أسقفيات ساوثويل ونوتينغهام، وذلك بالرغم من أنه لن يكون هناك إعلان عن تنصيب أي من تلك المناصب قبل يناير/ كانون الثاني عام 2015."
كما سيجري تنصيب أساقفة جدد أيضا في أسقفيات غلاوسيستر وأكسفورد ونيوكاسل.
كما لقيت هذه الخطوة أيضا ترحيبا من المناصرين لفكرة التغيير، ممن يرونها خطوة نحو توسيع مشاركة المرأة في الكنيسة.

الميلاد الثانى/ نسيم عبيد عوض

لكى نضع أقدامنا على طريق الله لابد من الإيمان أولا ‘ كما يقول الكتاب " واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اى المؤمنون باسمه." يو1: 12‘ وأيضا " لانكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من اعمال كيلا يفتخر احد. " اف3: 8 ‘ وبطبيعة الإيمان المسيحى لابد من ترجمة هذا الإيمان الى أعمال صالحة فالإيمان بدون أعمال ميت كقول معلمنا يعقوب الرسول يع2: 20‘ وهو السلوك المسيحى للمؤمن فى الحياة ( الإيمان العامل بالمحبة). وسلطان الله الذى أعطاه للمؤمنين به حتى يصيروا أولاد الله أو بتفسير القديس بولس الرسول" اذ سبق فعيننا للتبنى بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته." اف1: 5. بالميلاد الثانى ‘ وهذا غير الميلاد الجسدى الأول ‘وقد حدده الرب يسوع لنيقيديموس " اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله." يو3: 3‘ ولم يفهم نقيديموس  معنى الميلاد من فوق كما نطقها الرب الذى قال عنه " نعلم انك قد اتيت من الله" يو3: 2‘ فظن انه يدخل بطن أمه ثانية ‘ ولكن سرعان ما أوضحها له الرب بقوله" الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله." يو3: 5‘ واكمل الرب تفسيرة " المولود من الجسد جسد هو ( الميلاد البشرى) والمولود من الروح هو روح ( هذا هو الميلاد الثانى)"يو3: 6.

وعندما نضع أقدامنا على طريق الله بالإيمان نبدأ فى طاعة وصايا الله الخلاصية كقوله:

1-  " كل من آمن وأعتمد خلص . ومن لم يؤمن يدن."مر16: 16.                  
 2 - " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس."مت28: 19.                                                      3- " كما احب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لاجلها.لكى يقدسها مطهرا اياها بغسل الماء بالكلمة. لكى يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة ‘ لا  دنس فيها ولا غضن ‘ أو اى شيئ من متل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب." أف5: 25-28.              
4-" لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم يسوع وبروح الهنا."1كو6: 11‘ ولاحظ هنا أهمية الميلاد من الماء والروح (غسلنا بدمة من خطايانا ‘ قدسنا أى كرسنا وجعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه‘ تبررنا باسم يسوع المسيح ونلنا التبنى ‘ وبروح الهنا أى أصبحنا هيكلا لروحه القدوس) .

الميلاد الثانى هو ميلاد المؤمن من الروح القدس الذى يجدد طبيعتنا ‘ويجعلنا خليقة جديدة كما ارادها الله فى البداية عندما خلق الانسان – على صورة الله ومثاله – بمعنى  ان سر المعمودية هو هبة الروح القدس للإنسان ‘فان الماء والروح فى سر المعمودية يلده ثانية ويقدسة وينقيه ‘ ومسحة الميرون تمنحه ثباتا وتهبه حلول الروح القدس‘ وكقول الكتاب هذه المسحة ثابتة فيكم ولا يستطيع أن ينتزعها منكم ‘ وسميت أيضا بختم الله الآب. وبالعماد من الماء والروح مع مسحة التثبيت ‘ نكون قد  نلنا ثمار الصليب وموت ابن الإنسان ‘ فبدمه الكريم يتحقق الفداء والخلاص للمؤمنين من البشر‘ لأنه بموته انتصر الرب لنا على الشيطان واعطانا سلطانا على الحيات والعقارب  وقوات العدو وكل الآيات تتبع المؤمنين ‘ ونكون ساكنين تحت ستر العلى ‘ وانتصر على الصليب على الموت لحسابنا " اين شوكتك ياموت أين غلبتك ياهاوية " وللمولدين ثانية ليس عليهم الموت الثانى الذى هو العذاب الأبدى وبحيرة النار المتقده ‘ وانتصر الرب لنا على الخطية " كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لان زرعه يثبت فيه ولا يستطيع ان يخطئ لانه مولود من الله."1يو3: 9 ‘ وماذا يحدث لو أخطأنا " وان أخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار.وهو كفارة لخطايانا.ليس لخطايانا فقط بل لخطايا العالم ايضا." 1يو2: 1و2.  "فان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم." 1يو1: 9.

وقد أوضح لنا القديس بطرس الرسول أهمية  الميلاد الثانى وثماره " مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذى حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ فى السموات لأجلكم .انتم الذين بقوة الله محروسين بايمان لخلاص مستعد ان يعلن فى الزمان الأخير."1بط1: 3-5.

هذا هو وعد الله لكل من يؤمن به" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."يو3: 16‘ وأيضا " الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد."يو3: 18 ‘ وكقول الله لمرثا أخت لعازر" ألم أقل لك ان آمنت ترين مجد الله. " يو11: 40 وقبلها قال لها" من آمن بى ولو مات فسيحيا . وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد." يو11: 25 و 26. وعلمها لنا القديس بولس الرسول " اذا لا شيئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع السالكين ليس  حسب  الجسد بل حسب الروح." رو8: 1.

ولابد ان نفرق بين معمودية يوحنا التى تمت بالماء لأنها معمودية التوبة من الخطايا والإستعداد للخلاص‘وبين  معمودية السيد المسيح حسب قول يوحنا" انا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذى يأتى بعدى ( أى المسيح) سيعمدكم بالروح القدس ونار ." مت 3: 11‘ لأن معمودية الماء والروح التى هى معمودية المسيح فلها قوة غفران الخطايا لأنها تمنح بالماء والروح القدس. وعن المعمدية يعلمنا القديس بولس الرسول" وبه أيضا – المسيح – ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح ‘ مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذى أقامه من الأموات."كو 2: 11و12‘فليست المعمودية كما يظن البعض انها إشهارالإيمان ‘ ولكنها ميلادا روحيا جديدا ‘ كما إعتادت كنيستنا منذ القديم أن تمنح الأطفال  سر المعمودية وسر الميرون وسر الافخارستيا (الشكر) فلو كانت هذه الاسرار فقط لاشهار الإيمان وليست نعما فعالة لحياة الانسان لما كان لها ضرورة للأطفال ‘ وكقول القديس يوحنا ذهبى الفم فى تفسير انجيل متى " هكذا فى المعمودية أيضا فبالشيء الحسى تحصل منحة الماء ‘ أما المتمم فعقلى أعنى الولادة والتجديد."

ومفعول سر المعمودية ومسحة الميرون ليست لإنماء الإيمان فقط بل منح وهبة النعمة ‘ فيها يتطهر الانسان ويولد ثانية ويتجدد وتغفر خطاياه ‘ وبها يقبل الروح القدس ‘ وبها يتحد فى المسيح ويثبت فيه ويحيا الى الأبد . وقد ثبتها فينا  ولنا القديس بولس الرسول كختم روح الله القدوس : 1- " الذى فيه أيضا اذ آمنتم ختمتم بروح الموعد المقدس.اف1: 13.  
2- " ولكن الذى يثبتنا معكم فى المسيح وقد مسحنا هو الله الذى ختمنا أيضا وأعطى عربون الروح فى قلوبنا." 2كو1: 21 و 22.    
3- " لا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء." اف4: 30. وكقول القديس كيرلس الاورشليمى:" ان الروح القدس فى المعمودية يسم النفس ويمنح ختما ترتجف منه الشياطين خوفا. ختما سماويا والهيا."

ولسر المعمودية الأولوية فى كل الأسرارالسبعةالمقدسة ‘لأنه بمثابة باب يدخل منه المؤمن الى طريق المسيح وملكوت النعمة تنفيذا لقول الرب " ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله." يو3: 5‘ ولذلك هو أول سر يمنح للمؤمن قبل أى سر آخر ‘ ومن لايقبله ليس له الحق فى باقى الأسرار.

وفى سر المعمودية عين الرب لميلادنا الثانى الماء حسب قول القديس حبيب جرجس فى كتابه العظيم " اسرار الكنيسة السبعة  لأن:                                  1- لأن الماء يغسل الأقذار.والمعمودية تنقى من جميع خطايانا.                        
2- الماء يجدد وينعش الجسم. والمعمودية تحيى خواص النفس.                        
3- لأن الماء قوام الحياة. والمعمودية تمنح الخلاص.                                    
4- لأن المعمودية مثال موت المسيح ودفنه ‘ولابد أن نماثله فى دفنه‘ ولا سبيل لذلك الا بالدفن فى الماء فى جرن المعمودية ‘ كقول الرسول" اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت. حتى كما أقيم المسيح من الاموات بمجد الآب. هكذا نسلك أيضا فى جدة الحياة‘ لانه ان كنا قد صرنامتحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته." رو6: 4 و 5. "  ومبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى (الميلاد الثانى) – المعمودية والتوبة - .هؤلاء ليس للموت الثانى –النار الأبدى - سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه الف سنة. "    رؤ20: 6. آمين .

طريق الخلاص/ نسيم عبيد عوض

بدأنا فى المقال السابق بعنوان طريق الله أو الطريق الى الله ‘توضيحا لمفهوم الإيمان المسيحى بالله‘ والطريق لملكوته وذكرنا ثلاث عناصر لطريق لله وهى الإيمان والمحبة وطاعة وصية الله ‘ ولأن هذه العناصر ينطوى تحتها تعاليم ومفاهيم لا حصر لها لطريق الله ‘ فاسمحوا لى أن كل ماسأكتبه بعد ذلك حسب مشيئة الله يدخل فى تفاصيل الطريق الى الله ‘ وطريقه يبدأ بالخلاص وينتهى بملكوت الله‘ بمعنى أنه حتى يضع الإنسان أقدامه على طريق الله يبدأ بالإيمان أو الخلاص ولكن بشروط الله نفسه لأنه طريقه إليه.

قبل صعود الرب للسموات مكث مع تلاميذه بعد القيامة 40 يوما ‘كانت بمثابة تعليم مركز لهم عن وصيته بالإيمان والخلاص ‘ وقد تركزت بإختصار فى قول الرب :
1- كما كتبها الوحى الإلهى على فم القديس متى الإنجيلى " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم ان يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. " مت 28: 19 و 20.                                          
2- وكتبها القديس مرقس الرسول " وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا    بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن وأعتمد خلص . ومن لم يؤمن يدن.مر16 : 15 و 16.
3- وأوردها القديس لوقا فى إنجيله هكذا" وقال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ماهو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير. ..وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى ان المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وأنتم شهود لذلك." لو24: 44-48.                                  
4- وإنجيل القديس يوحنا اللاهوتى باصحاحاته الواحد والعشرين هى عبارة تفاصيل الإيمان بالله فيبدأ بالقول" فى البدأ كان الكلمة. والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.يو1: 1 وأضاف"كان النور الحقيقى الذى ينير كل انسان آتيا الى العالم. كان فى العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم. الى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه. "يو1: 9-12. وأيضا" هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد." يو3: 16و 17.

هذا ماعرضه لنا الوحى الإلهى لأقوال الرب يسوع المسيح كرسالة للكرازة به فى الأناجبل الأربعة‘ ثم قاموا رسل السيد طاعة لوصيته  بالكرازة بهذا الإيمان فى العالم الموجود حينها ‘ وشرحوا جميع تعاليم الرب التى أوصاهم أن يحفظوها لجميع المؤمنين به‘ ولم يمضى 30 عاما بعد الصعود إلا وآمنت المسكونة كلها بالرب يسوع المسيح ‘ واستحق المؤمنون باسمه الخلاص وسلكوا فى الحياة على رجاء القيامة فى اليوم الأخير.  

والسؤال الذى يطرح نفسه هو: هل كانت البشرية فى حاجة حقا  لقدوم السيد المسيح؟  والإجابه نعم ولأسباب أولها الفداء والخلاص: كيف؟                            
1- لأن المعصية التى وقع فيها الإنسان الأول آدم وورثنا الخطية والفساد والموت ‘ كانت ضد الله نفسه‘وتعنى العصيان على وصية الله ‘ عدم محبة ومخافة الله ‘ ثورة ضد ملكوته ‘ مقاومة لعمل لاهوته وروحه القدوس‘ وبالتالى عدم الإيمان بالله‘كقول المرتل " لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت.مز50" ‘ فقد أخطأ كل البشر " الجميع زاغوا معا وفسدوا‘ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد." مز14: 3‘ وكقول الكتاب " أجرة الخطية موت ‘وأيضا "هكذا أجتاز الموت الى جميع الناس إذ أخطأ الجميع."رو5: 12.                                                              
 2- وما دامت الخطية موجهة لله أصلا ‘ والله غير محدود تكون إذا الخطية غير محدودة‘ولكى يكفر عنها لابد من كفارة غير محدودة‘ تكفى لمغفرة جميع الخطايا ولجميع الناس ‘ فى جميع الأجيال والى آخر الدهور.                                      
3- لا يوجد غير محدود الا الله وحده‘ ولذلك تحققت النبوات بقول يوحنا المعمدان عن المسيح " هذا هو حمل الله الذى يرفع خطية العالم." يو1: 29 ‘ وكيف سيكون ذلك " والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوء  نعمة وحقا. ومن ملئه نحن جميعا أخذنا. ونعمة فوق نعمة." يو114-16‘ فقد كان لابد من تجسد الله الكلمة (أقنوم الأبن) ويصير ابنا للإنسان حتى يمكن أن ينوب عن الإنسان‘ ويقوم بعمل الكفارة لخطايا العالم كله‘ كقول الكتاب" وهو كفارة لخطايانا .ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا." 1يو2: 2.                                
4- ومهمة خلاص العالم قام بها السيد المسيح ‘ الذى أخذ جسدا حقيقيا (بالروح والجسد )وصار انسانا مثلنا ولكن كقول الكتاب " فيه يحل ملء اللاهوت جسديا." كو2: 9‘ ولو لم يكن هو الله ماكان يصلح كفارة لأن الخطية استمدت عدم محدوديتها  لكون الله غير محدود. وقد قال السيد المسيح أنه" جاء ليخلص ماقد هلك." مت18: 11 و لو9: 10‘ وقال البشير المرسل من الله " يدعى يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم."مت 1: 21‘ وقيل عنه " هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." 4: 42‘ وأيضا " بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم."تى2: 7‘ وكقول الوحى الإلهى " ليس بأحد غيره الخلاص."أع4: 12.                                   

 طريق الخلاص :

أ- الخلاص يتم بالإيمان:  كقول الكتاب " لانك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك ان الله اقامه من الاموات خلصت. لان القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص."رو10:  9 و 10.                                                    
ب- الخلاص بكلمة الله : " ..إذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم الذى فيه ايضا اذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس."أف1: 13 وأيضا " فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسكم." يع1: 21‘ وأيضا " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله."مت4:  4و تث8: 3.                    
ج- الخلاص بالإيمان هبة ونعمة مجانية من الله: " لانكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم . هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر احد. "اف2: 8.          
د- الخلاص مقدم لجميع البشر الذين يقبلون بالإيمان بالله:  " فكيف ننجو نحن ان اهملنا خلاصا هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا . شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب ارادته." عب2: 3 و 4. وختام الأمر " يا اولادى اكتب اليكم هذا لكى لا تخطئوا . وان اخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايا نا فقط بل لخطايا العالم ايضا." 1يو2: 1و2 .

النتيجة الحتمية أن السيد المسيح كلمة الله ‘ جاء للعالم فاديا ‘ ومخلصا ‘ كفارة عن خطايا وآثام وذنوب العالم بأسره ‘ يقدم خلاصا أبديا الى التمام‘ كقول الكتاب" لان هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله. الذى يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. لانه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس . الانسان يسوع المسيح. الذى بذل نفسه فدية لاجل الجميع الشهادة فى أوقاتها الخاصة." 1تى2: 3-6."  ولذلك طريق الله هو وحده طريق الخلاص ‘ كقول الرب بفمه الطاهر وهو فى طريقه للصلب" وهذه هى الحياة الأبدية ان يعرفوك انت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الى أرسلته. انا مجدتك على الأرض .العمل الذى اعطيتنى لأعمل قد أكملته. والآن مجدنى انت ايها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم." يو17: 3 و 4. إذا الإيمان بالمسيح فيه الخلاص الأبدى كقول الكتاب" آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص انت وأهل بيتك."أع16: 23‘ وأيضا " نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس. "بط1: 9‘ وكقول الرسول عن المؤمنين" أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد ان يعلن فى الزمان الأخير." 1بط1: 5‘ وآيات لا حصر لها كتبت عن طريق الخلاص ‘طريق الله ‘والذى يبدأ بالإيمان بالله  ‘ وكقول القديس يوحنا" وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب فى هذا الكتاب.وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هوالمسيح ابن الله ولكى تكون لكم اذا آمنتم حياة باسمه. يو20:  30. وأيضا" واشياء أخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة.يو21: 25. آمين.      

    وطريق الله الخلاصى المقدم لكل البشرية بدم الفادى الكريم يكون بالميلاد الثانى  لمغفرة الخطايا ولتجديد طبيعتنا وخلقتنا‘ لنكون أولاد الله. وهذا سيكون موضوعنا القادم بمشيئة الله.

مفتي الجمهورية دعا المسيحيين للتمسك بأرضهم: الإعتداء عليكم إعتداء علينا جميعا

النشرة
أعرب مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان عن امله لأن "اتمكن من العمل مع الكرسي البابوي من اجل تعزيز العلاقات الاسلامية المسيحية،  في ضوء المبادئ البناءة التي اكد عليها المجمع الفاتيكاني الثاني وذلك في ضوء الاسس التي حددها مجمع الاساقفة في السنودس حول لبنان".
وأوضح دريان في كلمة له خلال مؤتمر "العائلة وتحديات العصر في الشرق الأوسط" الذي عقد في الربوة أنه "امامنا مسؤوليات للعمل معا في مواجهة التطرف والارهاب والظلم والاستبداد، ونحن اما ظاهرة سلبية مدمرة لا تستهدف المسيحيين وحدهم لكنها تستهدف المسلمين والمسيحيين معا، وذلك من خلال استهدافها الانسان بحقوقه المقدسة"، مؤكدا ان "هذه الظاهرة الطارئة على مجتمعنا لا تطعن العلاقات الاسلامية المسيحية فحسب، بل تطعن صميم الاسلام التي ترتكب باسمه جرائمها ضد الانسانية".
وأشار دريان الى ان "في اساس عقيدتنا الدينية ثقافة العيش المشترك الاسلامي المسيحي، هذه المبادئ التي تؤكد الفهم الصحيح للدين، وتتضمن قبول الاخر المختلف دينيا والعيش معه واحترام خياراته الايمانية وخصوصية شعائره التوحيدية لله".
ولفت الى اننا "عشنا مئات السنين معا مختلفين دينيا، وعرفنا ايام سعادة ورخاء وايام بؤس وشقاء الا اننا صنعنا مع المسيحيين حضارة واحدة وثقافة واحدة، وهدف حوارنا اليومي هو تنمية ثقافة تقبل الآخر واحترام الاختلاف والعيش معه بثقة ومحبة، ونحن لا نسعى الى تخطئة الاخر انما نتطلع الى البحث عن الحقيقة في وجهة نظره المختلفة".

نموذج الإمام الحسين/ محمد محمد علي جنيدي

 لم أقرأ ولن أقرأ عن نموذجٍ يقاتل الإستعلاء وقهر الإرادة الإنسانية في الدنيا جميعها كنموذج الإمام الحسين، ولا أشك بأنه فخرٌ لكل مسلم عبر التاريخ أن يكون الإمام الحسين عبدا لله قد اعتنق الإسلام دينا.
إن القرآة المنصفة للتاريخ بفهمٍ راق بعيدا عن المغالاة والتصغير أو التحيز دون اعتدال تجعلك على مستوى فهم تناول هذا الحدث التاريخي العظيم فهما يليق به، ويتضح ذلك عندما تعرف أن خيارات عدم خروج الإمام الحسين لمحطته الأخيرة بالدنيا ( كربلاء ) كان متاحا له، وقد كان متاحا له أيضا أن يخرج بجيشٍ جرار لتحقيق فكرته وتلبية لنداءات المسلمين مستبعدا لأهل بيت النبوة مخافة الإطاحة بهم كما حدث بالفعل!، بل الأعظم من ذلك وبعد أن أحاطوا به في كربلاء، رفض أن يتقبل عرض العودة بأهله وأصدقائه سالما مقابل إعلانه بقبول يزيد بن معاوية أميرا للمؤمنين، وهذا العرض الأخير كان يمكن أن يتحايل عليه ويتأهب من بعده للخروج مرة أخرى بجيش يحقق فكرة إحترام المواثيق وحرية المسلمين في اختيار أميرهم، لكنه لم يرض لنفسه أن يكون سياسيا في هذا المشهد التاريخي الكبير يقبل أن يطعن الناس في ذمته أو ينحاز له من ينحاز
باختصار الإمام الحسين اختار ما لا يمكن أن يختاره أحد من الناس.
فقد يضحي الإنسان النبيل من أجل ترسيخ فكرة احترام القيم بماله ونفسه، ولكن أن يقدم من أجل هذه القيم مع نفسه أبناءه جميعا شبابا وأطفالا وإخوانه وجميع أهل بيته رجالا ونساء وصفوة أصدقائه بإرادتهم وطواعية منهم بعد أن عرض عليهم العودة ليلا لأن لا حاجة لقاتيله بهم فهم يريدون شخص الحسين فقط وإذلال إرادته وقبوله يزيدا أميرا للمؤمنين ليس أكثر!.    
إن خوف الإمام الحسين على جماعة المسلمين وانحرافهم عن قيم إسلامهم ومبادئه كان أكبر بكثير في منطقه وفهمه من حياته وحياة جميع أبنائه وإخوانه والدنيا وما فيها. 
هذا هو الجديد الذي لم يحدث من قبل وجود الإمام الحسين بالدنيا ولم يحدث بعده حتى كتابة هذه الحروف ولن يحدث أبدا، فقد تتفق معه وقد تختلف - ولكنك - لا يمكن في كل حال أن تفعل ما فعله، ولكنني بالمثابرة بحثا وجدت منطقا مقبولا لنموذج التضحية الفريد الذي قدمه الإمام الحسين عندما أقرأ في صحيح البخاري المقولة الشهيرة لسيدنا رسول الله ( ص ): حسين مني وأنا من حسين – هنا فقط – عرفت لماذا قدم الأمام الحسين هذه الملحمة المتفردة في كل شيء، ويمكنك أن تقرأ هذا التلاحم الفكري بينه وبين رسول الله ( ص ) عندما تتابع في السيرة النبوية لابن هشام مقولة النبي ( ص ): ( يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه )، إذا هي عظمة النفس الإنسانية عندما تكون في أعلاها، وهل كان الإمام الحسين إلا بضعا من هذا النبي الخالد خلود الزمن ( ص ).
وأخيرا أقول بأنني شاهدت فيديو يقول فيه إمام الحرم المكي أستاذنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: أن بيعة يزيد شرعية والحسين غير مصيب باعتباره قد خرج عن هذه البيعة الشرعية في رأيه.
وأنا لست شيئا في علم الشيخ وأُجله وأحترمه، ولكنني أطرح عليه سؤالا إذا ما كان خروج الإمام الحسين غير شرعي، وأنه قد أخطأ خطأً ترتب عليه إزهاق روحه المباركة وأرواح صفوة أصدقائه وأبنائه أطفالا وشبابا وكذلك أهل بيت النبوة ألا يمكننا القول وفقا لهذا الحكم أن الإمام الحسين بكل تأكيد سيبعث متهما بين يدي الله بعمل غير شرعي انبثق عنه جريمة قتل جماعي في مشهدٍ غير مسبوق، وكيف يستقيم هذا فيمن قال رسولنا الكريم عنه وعن أخيه ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) صدق رسولنا الكريم ( ص ).
اللهم ارض عن شهيد الإسلام أمامنا الحسين وابعثنا في حضرته بين أكتاف المبعوث رحمة للعالمين.

m_mohamed_genedy@yahoo.com

ألا بذكر الله/ محمد محمد علي جنيدي

الذكر الحقيقي هو ما فاض من القلب فانشغلت به جوارح العبد ولسانه، وإذا كان الذكر هو ما وقر في قلب الإنسان من استحضار دائم لعظمة بارئه ومولاه الله جل جلاله، فإنه في صورته المثلى لا يسمح لعوالق الدنيا أن تصيب روحه وبصيرته، وقد يكون في وصية سيدنا سلمان الفارسي لسيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهما تفسيرا عمليا لذلك حيث يقول له ( يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت وعند يدك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت ).
والحقيقية أن الإعراض عن ذكر الله، يذهب بخيري الدنيا والإخرة ولا يحصد المعرض عن ذكر ربه مهما بدا عليه من سلطانٍ وصحةٍ ورفاهيةٍ غير ضيقٍ في أفق النفس وخوفٍ وحسرةٍ يصاب بهما دائما في قلبه، وإلا فكيف يستقيم لنا فهم الآيه الكريمة في قوله تعالى: ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) صدق الله العظيم. الآية 124  سورة طه.
وعلى خلاف ذلك أذا أعرضت الدنيا عن ذاكر ربه وأصابه العطب وبدا عليه المرض واجتاحته الشدة وشظف العيش وضيق الحياة، فهو آمن في سربه مع الذاكرين ويستبدل في نفسه الآه بقوله يا الله، فيجود ربه عليه برحابةٍ في أفقه، وباطمئنانٍ في قلبه، ورضا بقضائه، ولا عجب أن تستقيم حياته مهما كان حالها لأن الله تعالى بشره بذلك في قوله: ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) صدق الله العظيم. ( سورةالرعد الآية 28)
أخلصُ أن الذكر  بمفهومه الحقيقي هو البلسم الشافي لهموم النفس مهما بلغت، وأحزانها مهما عظمت، وهو أكبر العبادات على الإطلاق، فالمستحضر دائما لعظمة خالقه لا يقتل ولا يجور ولا يكذب ولا يخون، ولا تعرف الموبقات له طريقا وهو ذاكر، كما أنه لا يقبل لخضوع لغير الله، ويتقبل الموت في عزة عن الحياة في ذلة ومهانة.   
يقول الحق سبحانه: ( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) صدق الله العظيم، الآية (45) سورة العنكبوت.
اللهم يا أنيس الذاكرين اجعلنا ممن أنسوا بذكرك واستغفروا لذنوبهم .. اللهم آمين

m_mohamed_genedy@yahoo.com

طريق الله/ نسيم عبيد عوض

قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه فى لقائه معهم قبل الصليب مباشرة " تعلمون حيث انا أذهب وتعلمون " الطريق". قال له توما يا سيد لسنا نعلم اين تذهب فكيف نقدر ان نعرف الطريق. قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة.ليس احد يأتى الى الآب الا بى. لو كنتم قد عرفتمونى لعرفتم ابى أيضا.ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه." يو14: 4- 7" ‘ويمكن القول بان إجابة الرب يسوع على سؤال توما فيها الإجابة الكاملة لسؤاله ‘ ولكن لا نتعجل ونقول نعم ‘ فقد جاء فيلبس بعد كلام الرب مباشرة وسأله " ياسيد أرنا الآب وكفانا." وبالفعل فالشغل الشاغل للبشرية كلها ‘ وكل حكمائها وفلاسفتها ومتصوفوها ‘ كل همهم معرفة طريق الله أو الطريق الى الله ‘ ولمدة القرن الأول الميلادى ظل العالم يلقب المؤمنون المسيحيين بشيعة "الطريق"‘ كما ورد فى سفر أعمال الرسل " ففى بحث شاول الطرسوسى عن المؤمنين المسيحيين ليقودهم للهلاك قال عنهم الكتاب" اناسا من الطريق"اع9: 2‘ وأيضا فى  16: 25" كان هذا خبيرافى طريق الرب ..." وفى 19 : 23" وحدث فى ذلك الوقت شغب ليس بقليل بسبب هذا الطريق."  وقالها بولس الرسول عندما كان  يقدم نفسه" واضطهدت هذا "الطريق "حتى الموت .."أع 22: 4‘ وظل هذا اسمهم حتى دعى التلاميذ مسيحيين فى انطاكية أولا.أع11: 26.

ولا يجب أن يفهم بان الطريق يخص  المسيحيين فقط ‘ ولكنه هدف كل البشرية الوحيد للسماء ‘ وللباحثين عن ملكوت الله ‘ عن خلاص النفس فى اليوم الأخير ‘ وللجميع المشاركين فى السباق الأبدى نحو جعالة السماء . وللتأمل فى طريق الله يحتاج الأمر الى كتب وكتب ‘ لأن طريقه هو الكتاب المقدس كله ‘ هو كل رسائل الأنبياء والرسل والمبشرين وحتى نهاية الأيام لأن الهدف هو خلاص النفوس ‘ ووضعها على طريق الله حتى تصعد الى الله فى سماه لترث الحياة الأبدية التى وعد بها المؤمنين به. فما أكتبه ليس إلا نقطة مياة من بحر عميق:

طريق الله                                                                                  هو الحياة معه ‘ فعندما خلق الله آدم وحواء ليكونا أول البشرية التى ستعيش معه للأبد ‘علمهم وصيته كقول الكتاب " واخذ الرب الإله آدم ووضعه فى جنة عدن ليعملها ويحفظها. واوصى الرب الإله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلا. وأما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لانك يوم تأكل منها موتا تموت."تك2: 15-17‘ وعصى آدم وصية الرب الإله فنال عقوبته الموت الروحى ‘ وعندما فسد البشر على الأرض وزاغوا يقول الكتاب " ورأى الرب ان شر الانسان قد كثر فى الأرض. وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم. فحزن الرب انه عمل الانسان فى الارض وتأسف فى قلبه .فقال الرب امحو عن وجه الارض الانسان الذى خلقته."تك6: 5-7‘ فأغرق الرب الارض ومن عليها بطوفان المياه ولم ينجو ويتوب من البشر إلا نوح وزوجته وأولاده الثلاثة وزوجاتهم ‘ ولكن الله كان قد قرر" فقال الرب لا يدين روحى فى الانسان الى الأبد ."تك6: 3‘ ومن هنا ورث البشر أولا الموت ثانيا الخطية وثالثا الفساد الجسدى.  وبدأالله مع شعب بنى إسرائيل الذين أخرجهم من أرض مصر ‘ من أرض العبودية الى أرض وعدهم بأنها تفيض لبنا وعسلا وهى أرض كنعان أرض الموعد والمرموز بها للسكنى مع الله فى السماء‘ وأوصاهم أيضا وهم على مشارف الدخول اليها بوصاياه" انظر. قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر.بما انى اوصيك اليوم ان تحب الرب الهك وتسلك فى طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه واحكامه لكى تحيا وتنمو ويباركك الرب الهك فى الارض التى انت داخل اليها لكى تمتلكها.فان انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لآلهة اخرى وعبدتها. فانى انبئك اليوم انكم اليوم انكم لا محالة تهلكون.لا تطيل الايام على الأرض التى انت عابر الأردن لكى تدخلها وتمتلكها. أشهد عليكم اليوم السماء والأرض .قد جعلت قدامك الحياة والموت.البركة واللعنة فأختر الحياة لكي تحيا انت ونسلك. اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأن هو حياتك..."تث 30: 15-20. ولآلاف السنين ضل البشر طريق الله ‘ ووجدوا لأنفسهم طريقا لآلهة من خشب ونحاس وفضة وذهب ‘وعبدوا النجوم والكواكب  ‘ ووصلت البشرية الى اقصى درجات الإنحلال الأخلاقى والدينى ‘ حتى جاء ملء الزمان كقول الكتاب" ولكن لماجاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس.ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى"غل4:4. وقبل ان ندخل الى تفاصيل العهد الجديد عهد النعمة والحق ‘ نتدارس لماذا ضل البشرالطريق الى الله قبل مجيئ المخلص المسيا المنتظر الذى أنار الطريق لكى نسلك فيها ‘ونجدها لأسباب عديدة وهى نفسها الطريق الى الله :

1- الإيمان بالله : والإيمان هوالثقة بما يرجى والإيمان بأمور لا ترى عب11: 1 ‘ وقبل آدم كلام ابليس ولم يؤمن بكلام الله ‘ وصدق كلام الحية للمرأة لن تموتا .بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.:تك3: 5‘ ولما لم يؤمنا بكلام الله سقطوا وسقطت البشرية كلها معهم‘ ولهذا قال الرب لمرثا " إن آمنت ترين مجد الله."يو11: 40‘ ولأن طريق الله هو الحياة مع الله ‘ ولأنه" هو الطريق والحق والحياة وأيضا هو القيامة والحياة قال " من آمن بى ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد."فآمنت مرثا وقالت" انا قد آمنت انك انت المسيح ابن الله الآتى الى العالم."يو11: 25-27.  والإيمان بالله له سبيل معين من الله كقوله لنيقيديموس" الحق الحق أقول لك ان كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله." والعمل لهذا " ان كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. يو3:3و5 (المعمودية ) وهذا هو الميلاد الثانى الذى يجعلنا خليقة جديدة وذوى طبيعة جديدة ‘وكوصيته للتلاميذ"  من آمن وأعتمد خلص .ومن لم يؤمن يدن. مر16: 16.

2- محبة الله : ولأن الإيمان بالله هو الإيمان العامل بالمحبة ‘ أى الإيمان النابع من محبة الله ‘فتكون أول وصايا الإيمان بالله هو" تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك."لو10: 27‘ " لأن الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه."1يو4: 16‘ و" كل من يؤمن ان يسوع هو المسيح فقد ولد من الله . فان هذه هى محبة الله ان نحفظ وصاياه ." 1يو5: 1-3.

3- طاعة وصايا الله : لأن الله نور فعدم طاعته يقذف بنا الى الظلمة ‘ولا خلطة بين النور والظلمة ‘ ولأن الله نور وليس فيه ظلمة البتة.ان قلنا ان لنا شركة معه وسلكنا فى الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق."1يو1: 5و6 ‘ فمعصية الله وعدم طاعته تحرمنا من الشركة معه وتعمينا الخطية عن رؤية نوره وتدخلنا بنا فى ظلمة ابليس‘ فكما ان معصية الله تسحب من تحت أقدامنا الطريق ‘ فطاعة وصاياه تثبتنا على طريق الله‘ وحفظ وصايا الله التى نطيعها هى ضرورة لترسخ بأقدامنا فى طريق الله " وبهذا نعرف اننا قد عرفناه ان حفظنا وصاياه. من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحق فيه.واما من حفظ كلمته فحقا فى هذا قد تكملت محبة الله . بهذا نعرف اننا فيه."1يو2: 3-5. ووصية الطاعة لها تقديس بالروح كقول القديس بطرس الرسول فى رسالته الأولى 1: 2 " تقديس الروح للطاعة."  

والإيمان بالله ومحبته وطاعة وصاياه من نعم الله علينا ومن هباته ‘ " لأنكم بالنعمة انتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. لأننا نحن عمله مخلوقون فى المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها."أف2: 8-10 . أمين .

ولكن كيف نستمر ونسلك فينار لنا الطريق فى طاعة الحق ونثبت فى طريقه ‘ هذا ماسنتحدث عنه فى مقال لاحق إذا شاء الرب وعشنا.