القتال في الإسلام/ محمد محمد علي جنيدي

قرأت في مقال ( العروس بالإنتظار يا أهل الدار ) للمفكر الإسلامي الأستاذ / محمد عبد المحسن العلي - الكويت، ( أن الجهاد الأكبر يتحقق بإحياء منهج عقيدة التوحيد في نفوس المسلمين من خلال مجاهدة النفس على شهواتها، والصبر على تحمل أعباء الدعوة إلى الله، وممارسة شرائع المنهج كما ورد بالكتاب وصحيح السنة ممارسة عملية، لدفع ما يلقيه الشيطان خارج أعتاب القلب، وهو ما ينبغي أن يبدأ به كل مسلم أراد السير بحق على هدي النبوة ).  
والحقيقة والمنطق - يقولان بذلك ويؤكدان عليه، أما حمل السلاح في الدعوة إلى الإسلام كرها، فهي الخديعة، والغرض منها هو الدفع بالناس لكراهية هذا الدين الخاتم ليس إلا، وهو الدين الذي أتاح وأباح حرية الاختيار للدخول فيه من عدمه، والله تعالى يقول في محكمه ( فمن شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر ) صدق الله العظيم.
إن القتال في الإسلام هو ( استثناء ) من قاعدته الأم وهي ( المسالمة ) وأصل الدعوة نجدها في قول الله تعالى (  ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) صدق الله العظيم، أو كذلك أراد الله تعالى أن نفهم من رسالة ديننا.
الذي يجب أن يترسخ في أذهان المسلمين عن مفهوم موضوع القتال في الإسلام أن له دوافع وأهداف أخرى غير ما يشيعه المستشرقون والمتربصون به تماما، فهو دينٌ لا يحرض على قتالٍ إلا لرد عدوانٍ ودفعه عن الأمة، وكذلك للدفاع عن المستضعفين والمظلومين، يقول الحق سبحانه ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) صدق الله العظيم الآية 75 سورة النساء، وكذلك لحماية العقيدة من الذين يمنعون بلوغها للناس بحمل السلاح عليهم، أو إحداث فتنة فيها يكون المراد منها ترهيب الناس من الدخول في دين الإسلام للإطاحة به، كما أن للقتال في الإسلام آدابه وأخلاقه، فلا قتال إلا بعد إلقاء الحجة، ولا يجوز إلا على من اعتدى، كما أنه يمنع قتال النساء والشيوخ والأطفال، ولا يخرّب ولا يهدم ولا يدمر ولا يقطع حتى شجرة.
عموما الكلام هنا وإن طال المقال فيه، يبقى دائما من المهم أن نفهم أن رفع السلاح له محاذيرٌ لا حصر لها في الإسلام، ولذلك لا يجوز لمسلم أن يقاتل من تلقاء نفسه اعتمادا على فهمه أو فهم جماعة أو تنظيم ينتمي إليه.
إن الرسالة الإسلامية رسالة قيمة أخلاقية في المقام الأول، فهي تحمي الأرواح ولا تزهقها، وتحفظ الدماء ولا تريقها، وتدافع عن الحرية ولا تصادرها، وإن كانت في حق الإيمان بالله تعالى، وهي تحمي الصدور من ضغائن الدنيا وأطماعها، ولما لا وهي أهون عند الله من جناح بعوضة، لأنه سبحانه غنيٌّ بذاته عن ذوات عباده أجمعين، فإن كان قد أمرنا بعبادته فهو ليحمينا، ويحفظنا بفضلها من براثن أنفسنا وآفات قلوبنا، وبالله التوفيق. 

m_mohamed_genedy@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق