طريق الخلاص/ نسيم عبيد عوض

بدأنا فى المقال السابق بعنوان طريق الله أو الطريق الى الله ‘توضيحا لمفهوم الإيمان المسيحى بالله‘ والطريق لملكوته وذكرنا ثلاث عناصر لطريق لله وهى الإيمان والمحبة وطاعة وصية الله ‘ ولأن هذه العناصر ينطوى تحتها تعاليم ومفاهيم لا حصر لها لطريق الله ‘ فاسمحوا لى أن كل ماسأكتبه بعد ذلك حسب مشيئة الله يدخل فى تفاصيل الطريق الى الله ‘ وطريقه يبدأ بالخلاص وينتهى بملكوت الله‘ بمعنى أنه حتى يضع الإنسان أقدامه على طريق الله يبدأ بالإيمان أو الخلاص ولكن بشروط الله نفسه لأنه طريقه إليه.

قبل صعود الرب للسموات مكث مع تلاميذه بعد القيامة 40 يوما ‘كانت بمثابة تعليم مركز لهم عن وصيته بالإيمان والخلاص ‘ وقد تركزت بإختصار فى قول الرب :
1- كما كتبها الوحى الإلهى على فم القديس متى الإنجيلى " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم ان يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. " مت 28: 19 و 20.                                          
2- وكتبها القديس مرقس الرسول " وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا    بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن وأعتمد خلص . ومن لم يؤمن يدن.مر16 : 15 و 16.
3- وأوردها القديس لوقا فى إنجيله هكذا" وقال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ماهو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير. ..وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى ان المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وأنتم شهود لذلك." لو24: 44-48.                                  
4- وإنجيل القديس يوحنا اللاهوتى باصحاحاته الواحد والعشرين هى عبارة تفاصيل الإيمان بالله فيبدأ بالقول" فى البدأ كان الكلمة. والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.يو1: 1 وأضاف"كان النور الحقيقى الذى ينير كل انسان آتيا الى العالم. كان فى العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم. الى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه. "يو1: 9-12. وأيضا" هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد." يو3: 16و 17.

هذا ماعرضه لنا الوحى الإلهى لأقوال الرب يسوع المسيح كرسالة للكرازة به فى الأناجبل الأربعة‘ ثم قاموا رسل السيد طاعة لوصيته  بالكرازة بهذا الإيمان فى العالم الموجود حينها ‘ وشرحوا جميع تعاليم الرب التى أوصاهم أن يحفظوها لجميع المؤمنين به‘ ولم يمضى 30 عاما بعد الصعود إلا وآمنت المسكونة كلها بالرب يسوع المسيح ‘ واستحق المؤمنون باسمه الخلاص وسلكوا فى الحياة على رجاء القيامة فى اليوم الأخير.  

والسؤال الذى يطرح نفسه هو: هل كانت البشرية فى حاجة حقا  لقدوم السيد المسيح؟  والإجابه نعم ولأسباب أولها الفداء والخلاص: كيف؟                            
1- لأن المعصية التى وقع فيها الإنسان الأول آدم وورثنا الخطية والفساد والموت ‘ كانت ضد الله نفسه‘وتعنى العصيان على وصية الله ‘ عدم محبة ومخافة الله ‘ ثورة ضد ملكوته ‘ مقاومة لعمل لاهوته وروحه القدوس‘ وبالتالى عدم الإيمان بالله‘كقول المرتل " لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت.مز50" ‘ فقد أخطأ كل البشر " الجميع زاغوا معا وفسدوا‘ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد." مز14: 3‘ وكقول الكتاب " أجرة الخطية موت ‘وأيضا "هكذا أجتاز الموت الى جميع الناس إذ أخطأ الجميع."رو5: 12.                                                              
 2- وما دامت الخطية موجهة لله أصلا ‘ والله غير محدود تكون إذا الخطية غير محدودة‘ولكى يكفر عنها لابد من كفارة غير محدودة‘ تكفى لمغفرة جميع الخطايا ولجميع الناس ‘ فى جميع الأجيال والى آخر الدهور.                                      
3- لا يوجد غير محدود الا الله وحده‘ ولذلك تحققت النبوات بقول يوحنا المعمدان عن المسيح " هذا هو حمل الله الذى يرفع خطية العالم." يو1: 29 ‘ وكيف سيكون ذلك " والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوء  نعمة وحقا. ومن ملئه نحن جميعا أخذنا. ونعمة فوق نعمة." يو114-16‘ فقد كان لابد من تجسد الله الكلمة (أقنوم الأبن) ويصير ابنا للإنسان حتى يمكن أن ينوب عن الإنسان‘ ويقوم بعمل الكفارة لخطايا العالم كله‘ كقول الكتاب" وهو كفارة لخطايانا .ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا." 1يو2: 2.                                
4- ومهمة خلاص العالم قام بها السيد المسيح ‘ الذى أخذ جسدا حقيقيا (بالروح والجسد )وصار انسانا مثلنا ولكن كقول الكتاب " فيه يحل ملء اللاهوت جسديا." كو2: 9‘ ولو لم يكن هو الله ماكان يصلح كفارة لأن الخطية استمدت عدم محدوديتها  لكون الله غير محدود. وقد قال السيد المسيح أنه" جاء ليخلص ماقد هلك." مت18: 11 و لو9: 10‘ وقال البشير المرسل من الله " يدعى يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم."مت 1: 21‘ وقيل عنه " هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." 4: 42‘ وأيضا " بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم."تى2: 7‘ وكقول الوحى الإلهى " ليس بأحد غيره الخلاص."أع4: 12.                                   

 طريق الخلاص :

أ- الخلاص يتم بالإيمان:  كقول الكتاب " لانك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك ان الله اقامه من الاموات خلصت. لان القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص."رو10:  9 و 10.                                                    
ب- الخلاص بكلمة الله : " ..إذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم الذى فيه ايضا اذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس."أف1: 13 وأيضا " فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسكم." يع1: 21‘ وأيضا " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله."مت4:  4و تث8: 3.                    
ج- الخلاص بالإيمان هبة ونعمة مجانية من الله: " لانكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم . هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر احد. "اف2: 8.          
د- الخلاص مقدم لجميع البشر الذين يقبلون بالإيمان بالله:  " فكيف ننجو نحن ان اهملنا خلاصا هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا . شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب ارادته." عب2: 3 و 4. وختام الأمر " يا اولادى اكتب اليكم هذا لكى لا تخطئوا . وان اخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايا نا فقط بل لخطايا العالم ايضا." 1يو2: 1و2 .

النتيجة الحتمية أن السيد المسيح كلمة الله ‘ جاء للعالم فاديا ‘ ومخلصا ‘ كفارة عن خطايا وآثام وذنوب العالم بأسره ‘ يقدم خلاصا أبديا الى التمام‘ كقول الكتاب" لان هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله. الذى يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون. لانه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس . الانسان يسوع المسيح. الذى بذل نفسه فدية لاجل الجميع الشهادة فى أوقاتها الخاصة." 1تى2: 3-6."  ولذلك طريق الله هو وحده طريق الخلاص ‘ كقول الرب بفمه الطاهر وهو فى طريقه للصلب" وهذه هى الحياة الأبدية ان يعرفوك انت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الى أرسلته. انا مجدتك على الأرض .العمل الذى اعطيتنى لأعمل قد أكملته. والآن مجدنى انت ايها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم." يو17: 3 و 4. إذا الإيمان بالمسيح فيه الخلاص الأبدى كقول الكتاب" آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص انت وأهل بيتك."أع16: 23‘ وأيضا " نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس. "بط1: 9‘ وكقول الرسول عن المؤمنين" أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد ان يعلن فى الزمان الأخير." 1بط1: 5‘ وآيات لا حصر لها كتبت عن طريق الخلاص ‘طريق الله ‘والذى يبدأ بالإيمان بالله  ‘ وكقول القديس يوحنا" وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب فى هذا الكتاب.وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هوالمسيح ابن الله ولكى تكون لكم اذا آمنتم حياة باسمه. يو20:  30. وأيضا" واشياء أخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة.يو21: 25. آمين.      

    وطريق الله الخلاصى المقدم لكل البشرية بدم الفادى الكريم يكون بالميلاد الثانى  لمغفرة الخطايا ولتجديد طبيعتنا وخلقتنا‘ لنكون أولاد الله. وهذا سيكون موضوعنا القادم بمشيئة الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق