الإستنارة/ نسيم عبيد عوض

" 1وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، 2فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟». 3أَجَابَ يَسُوعُ:«لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَأَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ. 4يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. 5مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».

هذه مقدمة إنجيل معجزة تفتيح عينى المولود أعمى والتى وردت فقط فى انجيل القديس يوحنا الإنجيلى ‘ وتضمنها الإصحاح التاسع بأكمله ‘ وقبل الدخول فى تأمل أحداث ومعانى هذا الحدث ‘ نعود لإصحاح 8 لنرى مقدمة لإصحاح 9‘ فبعد ماحدث للمرأة الممسوكة فى ذات الفعل وقول الرب لها ولا أنا أدينك أذهبى ولا تخطئي أيضا. قال الرب " ثم كلمهم يسوع أيضا قائلا: أنا هو نور العالم .من يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة .بل يكون له نور الحياة.فقالوا له من أنت؟ فقال لهم يسوع أنا من البدأ ما أكلمكم أيضا به." يو8: 12و25‘ وايضا إمتلأت نبوات العهد القديم الكثير عن هذه المعجزة وعن علامات المسيا المنتظر: إشعياء : - 29: 18"ويسمع فى ذلك اليوم الصم اقوال السفر .وتنظر من القتام والظلمة عيون العمى. " – 35: 5" هو يأتى ويخلصكم . حينئذ تنفتح عيون العمى وآذان الصم تتفتح."  - 42: 6."أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم." 7." لتفتح عيون العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين فى الظلمة."  - ومز146: 8 "الرب يفتح أعين العمى."

زمن هذه الآية: وبناء على ماورد بالإصحاحين التاسع والعاشر هو زمن عيد التجديد فى أورشليم ‘أو عيد الأنوار ولمدة 7 أيام الإحتفال تنار كل أنوار الهيكل وكل أورشليم لأنه عيد الأنوار‘ وهو ذكرى تجديد المذبح والهيكل ‘وذكرى إنتصارات المكابيين لمدة 3 سنوات (167-164 ق.م.) فقد طرد يهوذا المكابى السوريين الذين نجسوا مذبح المحرقة وأقاموا صنم بعل(شاميم) فى الهيكل ‘ والمعتبر رجسة الخراب التى وردت فى نبوة دانيال النبى (9: 27) ‘وقد بنى المكابى بعد إنتصاره المذبح من جديد وتم تدشين الهيكل حسب الطقوس ‘ وصار يعيد كل سنة تذكارا لذلك . وكان قد مضى حوالى 3 سنوات على خدمة الرب ‘ والذى كان  خلالها يجول يصنع خيرا كما قال معلمنا بطرس فى أعمال 10: 38. وكان رمزا جميلا وله معانى رائعه ان تنفتح عينى المولود أعمى فيرى هذه الأنوار.

ويقرأ هذا الإنجيل فى ألأحد السادس من الصوم الكبير أو احد التناصير (المعمودية) بكونها إستنارة للبصيرة الداخلية ‘وليلحق بإنجيل الجمعة الماضى حيث قرأ من إنجيل يوحنا 3: 1-13‘ والخاص بالمعمودية التى هى ميلاد من الماء والروح ‘ وأيضا ميلاد من فوق ‘    ويقرأ نفس الفصل فى الأحد الرابع من شهر طوبة بعد عيد الغطاس لإرتباطه أيضا بالعماد ولإمتلاء المعمد بنور الله.

    " وفيما هو مجتاز رأى انسانا أعمى منذ ولادته."

  وهو الذى رأى بدون رأى أحد وبدون أن يسأل الرب احد لشفاء الأعمى ‘ وتحقيقا لنبوات الكتاب:  "أصغيت الى الذين لم يسألوا.وجدت من الذين لم يطلبوننى .قلت ها أنذا لأمة لم تسمى باسمى."اش65: 1‘ وفسرها القديس يوحنا ذهبى الفم " انه هو الذى رأى الأعمى ولم يأت الأعمى إليه." وكذلك القديس أغسطينوس" هذا الأعمى هو الجنس البشرى .لأن هذا الأعمى وجد له موضعا فى الإنسان الأول بالخطية . عدم الإيمان هو العمى ‘والإيمان استنارة ‘ فان كان الشر قد وجد له جذور فينا ‘ فان الإنسان ولد أعمى ذهنيا ويحتاج الى أحد يقوده وينير طريقه." وفى القداس الغريغورى يقول " وهبت النظر للعميان." ‘وفى الكيرلسى" يامن فتح أعين العميان إفتح عيون قلوبنا‘  وفى سفر الخروج يقول الرب لموسى " من صنع للإنسان فما أو من يصنع أخرس أو أصم أو أعمى .أما هو أنا الرب." خر4: 10و11‘ ويقرر أيوب هذه الحقيقة" روح الله صنعنى ونسمة القديرأحيتنى .." أي33: 4.

ان الرب يجتاز فى وسط شعبه دائما وكما يقول الوحى الإلهى " فى كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم بمحبته ورأفته."اش63: 9‘ وكما يقول المرتل" ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم." مز34: 7 ‘ وأيضا" كثيرة هى بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب." مز34: 19.  وقد رد الرب على سؤال التلاميذ من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى حسب إعتقاد اليهود بأن سبب أمراض الإنسان هو خطاياه ‘ وقد تورث هذا من الآباء ‘ ولكن الرب قد أجاب على هذه التساؤلات فى سفر حزقيال النبى عندما قال" الابن لا يحمل من إثم الأب . والأب لا يحمل من إثم الإبن. بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون ‘ ولكن هناك أصول طبيعية ترتبت عليها دخول الخطية فى البشر وبالتالى الأمراض ‘ مثال ذلك أ-فقد الإنسان لوضعه الروحى وعشرته مع الله فأصبح فريسه لكل الشرور. ب- عوامل الزمن. ج- عوامل البحث عن المعيشة وما يستلزمه من تعب وجهد.  د- عوامل كونية (زلازل وسيول وغيرها من ثورات الطبيعة). هه- وهناك أنواع امراض يجرها الإنسان على نفسه وعلى غيره ويتحمل عواقبها مثل أكلات ومشاريب معينة وتعاطى مايضره ‘ وهناك العلاقات الشاذه جنسيا التى تسبب أمراضا وغيرها. 

" أجاب يسوع : لا هذا أخطأ ولا أبواه . لكن لتظهر أعمال الله فيه." مثلما قال تماما فى مرض لعازر وموته" هذا المرض ليس للموت.بل لأجل مجد الله .ليتمجد ابن الله به." يو11: 4‘ والذى يقصده الرب أنه من حكمة الله التى سمحت بولادة هذا الإنسان أعمى ‘ لكى تظهر قوة الله ليستنير جسديا ونفسيا وروحيا ‘ ويكون شفائه سببا فى خلاص كثيرين‘ فحكمة الله التى سمحت بحصول العمى لتكون الرحمة فى شفاءه هى العلة فى ظهور أعمال الله فيه‘ كما يقول القديس أغسطينوس " المسيح هو المخلص وبعمل الرحمة صنع مالم يصنعه فى الرحم".

" مادمت فى العالم فأنا نور العالم."

يتحدث الرب عن كونه فى العالم بالجسد ‘ لأنه هو الذى قال" ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر."مت28: 20‘ وهكذا النبوة" وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم لتفتح عيون العمى .." اش42: 6‘ وعند خروج بنى اسرائيل من مصر كان الرب يسير أمامهم نهارا فى عامود سحاب ليهديهم فى الطريق وليلا فى عامود نار ليضيئ لهم لكى يمشوا نهارا وليلا."خر13: 21 ‘ونحن المؤمنين علاقتنا أقوى بالنور لأنه هو نور حياتنا "من يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة بل تكون له نور الحياة." يو8: 12 ‘ "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس."يو1: 4‘ ونحن عند خروجنا من جرن المعمودية نصير أبناء النور كقول القديس بطرس يوم الخمسين" توبوا وليعتمد كل واحد  منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس." أع2: 28‘ وهو نفسه قول الرب " إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله." يو3: 5‘ وقد أصبحنا ابناء النور بقول الرب " مادام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور." يو12: 36 ‘ وهكذا أصبحنا هيكل لله وروح الله يسكن فينا(1كو3: 16).

تفتيح عينى المولود أعمى بتفل الطين لها سابقة فى حالة الأصم الأعقد ..أخذه من بين الجمع على ناصية ووضع أصابعه فى أذنيه وتفل ولمس لسانه ورفع عينيه نحو السماء وقال إنفثأ أى انفتح وللوقت انفتحت آذانه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيما (مر7: 33‘ وأيضا اعمى بيت صيدا " فأخذ بيد الأعمى وأخرجه الى خارج القرية وتفل فى عينيه ووضع يديه عليه .." مر8: 22‘ ولكن نحن هنا امام عملية خلق عضو ناقص فى جسم الإنسان ‘ الذى جبله الرب على صورته ومثاله واستخدم طين الأرض كما ورد فى تك 2: 7" وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض ونفخ فى أنفه نسمة حياة فصار نفسا حية." وكقول اشعياء النبى" والآن يارب أنت أبونا ونحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك." اش64: 8.فعندما طلى عيني المولود أعمى بالطين خلقت له المقلتين ."

والله هنا يعطينا الدرس : 1- أنه يتمم عمله حسب فكره الإلهى وليس حسب رغبات ووسائل البشر. 2- أن مايشغله هو ان يهب للأعمى البصر بعينيه والبصيرة لقلبه وروحه. 3- لم ينتظر حتى يعبر السبت لكى يعلمنا الا نؤجل عمل الخير للغير. 4- ونحن نتعلم ان نعمته وبركته هو سر القوة. فهنا الإغتسال فى بركة سلوام له معنى بأن الإغتسال بالمياه المقدسة هو المعمودية ‘ والمعمودية فى العهد الجديد بالماء والروح ‘ وهو فعل الميلاد الجديد ‘ واسمها الروحى أو السرائرى هو الإستنارة فالمعمودية هى سر الإستنارة .

عندما سال الفريسيون الرجل الذى كان أعمى عن كيف انفتحت عيناه  قال شيئا واحدا كل ما أعرفه اننى كنت أعمى والآن أبصر ‘ ولكن فعل الإستنارة فيه كانت واضحه فى تعريفه لمخلصه ‘ فقال " إنسان يقال له يسوع (المخلص) ‘ وقال عنه أنه "نبى" عندما سألوه ماذا تقول أنت من حيث فتح عينيك؟ ‘ وقال عنه أيضا " منذ الدهر لم يسمع أن أحد فتح عينى مولود أعمى ‘ لو لم يكن هذا من الله لا يقدر أن يفعل شيئا."  وعندما تقابل وجها لوجه بيسوع المسيح الذى سأله أتؤمن بابن الله .أجاب ذاك وقال من هو ياسيد حتى أؤمن . فقال له يسوع قد رأيته والذى يتكلم معك هو  هو." فقال أؤمن ياسيد وسجد له."

وكما قال الرجل كنت أعمى والآن أبصر ‘ كذلك نحن كنا فى الظلمة وبالإيمان نبصر النور ونستنير بالميلاد الجديد بالماء والروح الذى يعطينا عربون الحياة الأبدية ونهارا أبديا‘ فهل " أخبر بفضل الله الذى دعانى من الظلمة الى نوره العجيب ."كما قال الكتاب ‘ هل أكون إنجيلا مقروءا أمام الناس فيمجدوا أبانا الذى فى السموات‘هل نعيش قول الرب لنا أنتم نور العالم. الله ينعم علينا أن نكون له نورا يشع ورائحة ذكيه شاهدا له. والمجد لإلهنا. أمين.

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين/ عبدالله بدر اسكندر

ربما يجد الإنسان بعض المصاعب في تفسير ظاهرة العبادة المادية التي تتفرع على الأصنام وما يلحق بها، ولكن هذه المصاعب سرعان ما تتلاشى إذا علم أن السبب المباشر لتلك العبادة يرجع إلى تقديس أولئك الناس لأشخاص يحسبون في نظرهم من الأتقياء، ولهذا جعلوا الصور أو المنحوتات التي يعبدونها قائمة مقامهم، ومن هنا كان ترجيحهم لا يخرج عن هذا الاتجاه، ثم بعد ذلك ابتعدت هذه العبادة عن حقيقتها حتى كاد أن يوجّه النظر إلى الأصنام وليس إلى الأشخاص الذين أصبحت قدسيتهم شيئاً من الماضي، ولا يخفى على ذوي البصائر من أن هذا السلوك لم يأت من فراغ وإنما كان مخطط له من قبل الأسياد الذين لا يستقيم لهم البقاء إلا بهذا العمل الذي استند على دراسة موثقة حتى أصبح هناك فارقاً كبيراً بين العبادة التي تأصلت لدى الأتباع وبين الأسياد أنفسهم، وعند المرور بآثار الطغاة في القرآن الكريم نلاحظ أن  فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى من جهة، قد اتخذ لنفسه آلهة من جهة أخرى، ولهذا ترى أن الملأ من قومه قد أشاروا إلى هذة الحقيقة، كما نقل تعالى ذلك حكاية عنهم في قوله: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك) الأعراف 127. وفي هذا دليل على أن لفرعون آلهة، واعلم أن هذا التوجه يجري في كثير من الأقوياء الذين يستضعفون بعض الناس ويجعلونهم عبيداً لهم، وفي نفس الوقت تجدهم يعبدون أصناماً يصنعونها بأيديهم.
فإن قيل: من الملاحظ أن هذه العبادة لم تقتصر على الهالكين في المرحلة التي سبقت الفترة وإنما امتدت عبر مساحات زمنية أخرى فكيف الجمع؟ أقول: السبب الذي يجهله كثير من الناس في اتخاذ هذا النهج يُرد إلى عدم تمكن الإنسان من الحصول على التجرد التام من الماديات، ولهذا أصبح هناك مانعاً يحول بينه وبين الشروط التي فرضها الحق سبحانه، وأنت خبير من أن هذا الأمر يتطلب الابتعاد عن العناوين العريضة التي يخفيها المترفون من أجل إضلال أتباعهم، ولو حدث العكس لذهب عن المترفين سلطانهم، وبالتالي لم يجدوا ما يقوّم اتجاهاتهم الباطلة، ولهذه الأسباب أخذ طابع تأليه البشر يمتد عبر الزمن دون أن يتوقف، ولذلك انتقل اليهود من مرحلة إلى أخرى حتى نسبوا بنوة عزير لله تعالى، ثم لحق بهم النصارى في نفس الاتجاه، ولا يخفى على أصحاب العقول الرشيدة من أن البنوة تقتضي المماثلة، ولهذا وبخهم الحق سبحانه بقوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) التوبة 30.
فإن قيل: هل يشمل هذا الاعتقاد جميع اليهود أو النصارى؟ أقول: هذا الاعتقاد لا ينطبق على جميع اليهود أو النصارى، وإنما هو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، كما في قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً) المائدة 20. والتأريخ يثبت أن الملك لم يتحقق إلا لبعض منهم، وكما هو ظاهر فإن هذا النوع من الاعتقاد يلازم الماديات في جميع حالاتها، وما عبادة العجل إلا واحدة من تلك العبادات، إضافة إلى توسلهم بموسى من أن يجعل لهم إلهاً، وذلك بعد أن أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، وقد نقل القرآن الكريم هذه الواقعة حكاية عنهم، في قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) الأعراف 138. وهذا يدل على أن أولئك الناس ليس لديهم القدرة على بذل الجهد الفكري من أجل الوصول إلى عبادة الحق سبحانه. فإن قيل: ما الفرق بين هذا الاتجاه وبين العبادة الحقيقية المتمثلة بالصلاة، علماً أن الثانية لا تؤدّى إلا إذا كانت علائقها لا تنفك عن الماديات المشاهدة؟ أقول: اعتماد دين الله تعالى على هذا الأمر يتفرع إلى عدة أسباب لا يمكن حصرها في هذا البحث ولكن يمكننا الإشارة إلى جزء منها، وهذا الجزء لا ينفك عن الالتزام المباشر في العبادات المشاهدة لدى مجموعة كبيرة من الناس، ولذلك ترى أن المصاديق الفرعية لا تخرج عن المفهوم العام المرتبط في بيت الله تعالى، وإن لم يكن هو المقصود في أداء الشعائر على جوهرها الروحي، مع ملاحظة أن الله تعالى قد وصفه بأبهى بيان وذلك في قوله: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين) آل عمران 96.
وبناءً على هذا التمهيد يظهر أن تشريع الصلاة اتخذ الجانب المشترك بين الماديات والمعنويات، لأن الخشوع إذا اختص به القلب دون الجوارح فقد يصبح الخالق كالمخلوق، بناءً على تصنيفه ضمن الأمور الدنيوية التي يطمع الإنسان أن يجعلها خاضعة لتفكيره وبالتالي تكون الصلاة التي هي عمود الدين أمراً معنوياً ليس إلا، وفي هذه الحالة قد يفقد الدين أهم مقوماته، ولذلك جعل الله تعالى للصلاة أوقاتاً مفروضة لا يمكن للإنسان أن يتخلف عنها، ومن هنا فقد أمره بأدائها لأجل الإشارة إلى هذا الركن المهم، وكما هو ظاهر فإن هذا العمل لا يدخل في العبثية التي يميل إليها أهل الكتاب الذين يتخذون من الصلاة فرصة للقاء الخالق متى ما رغبوا في ذلك، حتى أخذ هذا اللقاء طابعاً آخر لا يتعدى إلى أكثر من مرة في كل سبعة أيام، إضافة إلى خلو تلك العبادات عن الروح المثالية التي يجب أن يرتبط بها الإنسان مع الخالق جل شأنه، لأن أصل الصلاة مأخوذ من الدعاء عند الوضع، وهذا ما جعل منها علماً على هذه الحركات المتعارف عليها دون الرجوع إلى أصل التسمية.
وعند تأمل متفرقات القرآن الكريم نجد أن لهذا المصطلح مجموعة من المصاديق تتفرع على الأصل الذي لا يخرج عن معنى الدعاء، كما في قوله تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً) الأحزاب 43. وكذا قوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) الأحزاب 56. وقوله: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) التوبة 103. وهنا أتى بالصلاة على بابها، علماً أن هناك موضعاً قد أنزلها تعالى فيه منزلة المكاء والتصدية تهكماً، وذلك في قوله: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) الأنفال 35. وقد أشار تعالى إلى الصلاة عند تفريقها عن المشتركات العرضية بالمعنى المراد منها دون اللفظ، وذلك في قوله: (قل ما يعبأ بكم ربي لو لا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً) الفرقان 77. بمعنى أنكم لا تستأهلون شيئاً من العبء بكم لو لا صلاتكم التي تدخلون بواسطتها إلى الجمع المشار إليه في كثير من المواضع، لأن طبيعة الكائن الحي تكمن في تلاحمه مع أقرانه.
 من هنا نجد أن الأوامر العبادية تسير بهذا الاتجاه، كما في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم... صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فاتحة الكتاب 6- 7. وكذا قوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) المائدة 55. وقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون... الذين هم في صلاتهم خاشعون) المؤمنون 1- 2. وبهذا تظهر النكتة في الخطاب الموجه لبني إسرائيل والذي يأمرهم الله تعالى من خلاله بالاستعانة بالصبر والصلاة، وذلك في قوله: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين... الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) البقرة 45- 46.
فإن قيل: إلامَ يعود الضمير في قوله: (وإنها لكبيرة) البقرة 45. إلى الصبر أم إلى الصلاة؟ أقول: يحتمل أن يعود الضمير إليهما معاً، وبهذا يكون السياق نظير قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها) الجمعة 11. ولم يقل إليهما، وذلك لاشتراك اللهو والتجارة في نفس الغرض المؤدّي إلى إبعاد المؤمنين عن الصلاة، ومنه قوله تعالى: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين) التوبة 62. لأن النتيجة الفعلية لإرضاء الله تعالى والرسول (ص) لها نفس المشتركات. فإن قيل: لمَ لا تثقل الصلاة على الخاشعين؟ أقول: لا تثقل عليهم لأنهم يعلمون علم اليقين أن هذا العمل سيقربهم إلى الله تعالى فضلاً عن ملاقاته والرجوع إليه، ولهذا علل تعالى هذا الأمر بقوله: (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) البقرة 46. أي الذين يوقنون أنهم ملاقوا ربهم، وكما ترى فقد أطلق تعالى الظن وأراد منه اليقين، وهذا نظير قوله: (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة) البقرة 249. وكذا قوله: (وظن أنه الفراق) القيامة 28. وقوله: (إني ظننت أني ملاق حسابيه) الحاقة 20. فإن قيل: كيف السبيل إلى معرفة المراد من الظن في متفرقات القرآن الكريم؟ أقول: يُفهم هذا المعنى من خلال السياق أو بواسطة القرائن العقلية فتأمل.

                من كتابنا: القادم على غير مثال
               

المطران بو جوده يلتقي الكاردينال بربارين في طرابلس


طرابلس ـ الغربة
استقبل راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، في دار المطرانية المارونية في طرابلس، رئيس أساقفة ليون الكاردينال فيليب بربارين، يرافقه امام مسجد ليون الكبير الشيخ كامل قبطان، المونسنيور هاكان تابي، والاب انطوان خليفه، بحضور النائب العام على ابرشية طرابلس المارونية  المونسنيور بطرس جبور. وجرى بحث في شؤون كنسية، وفي الامور المشتركة. 

الرب الشافى/ نسيم عبيد عوض

إنجيل قداس الأحد الخامس من الصوم الكبير المقدس – المسمى بأحد المخلع - من إنجيل معلمنا يوحنا البشير ‘ الإصحاح الخامس(1-18) يبدأهكذا:

"1 وبعد هذا كان عيد لليهود، فصعد يسوع إلى أورشليم

2 وفي أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا لها خمسة أروقة

3 في هذه كان مضطجعا جمهور كثير من مرضى وعمي وعرج وعسم، يتوقعون تحريك الماء

4 لأن ملاكا كان ينزل أحيانا في البركة ويحرك الماء. فمن نزل أولا بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرض اعتراه

5 وكان هناك إنسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة

6 هذا رآه يسوع مضطجعا ، وعلم أن له زمانا كثيرا، فقال له: أتريد أن تبرأ

7 أجابه المريض: يا سيد، ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء. بل بينما أنا آت، ينزل قدامي آخر

8 قال له يسوع: قم. احمل سريرك وامش

9 فحالا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى. "

1

باعتيارها حالة شفاء " لأن من أسماء الله

 YAHWA RAPHA: الرب الشافي (خروج 15: 26) – "أنا يهوه شافيك" في الجسد والروح. في الجسد يحفظ من الأمراض ويشفي منها، وفي الروح بغفران الخطاي"ا.

أعقبها توبة حسب قول الرب " ها أنت قد برأت .فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر."يو5: 14‘ وأساسا لإعلان قوة كلمة الله المحييه والشافيه ‘ والتى بدأت بشفاء ابن خادم الملك (قال له يسوع اذهب ابنك حي فآمن الرجل بالكلمة التى قالها له يسوع وذهب).يو4: 50‘ وهنا بكلمة الله لمريض البركة " قم احمل سريرك وأمش."تمت بمجرد كلمة من السيد المسيح ‘ ولذلك يقال عنه فى القداس الإلهى أقمت الطبيعة بالكلمة ‘ ومنقذ حياتنا من الفساد.).

 ويبدأ هذا الفصل بقصة شفاء مريض بركة حسدا‘ وهى من ضمن معجزات الرب التى إنفرد بها القديس يوحنا فى إنجيله المكتوب مسوقا من الروح القدس فى نهاية القرن الأول الميلادى ‘ وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على الثلاثة الأناجيل الأخرى‘ وشفاء هذا المريض الذى ذهب اليه السيد بنفسه ليشفيه بعد مرور ثمانى وثلاثين عاما على مرضه ‘ أى قبل ميلاد المخلص الشافى. وفى أورشليم وفى عيد الفصح الثانى صعد يسوع ليحتفل معهم بالعيد كوصية لكل بنى إسرائيل ‘ وعند باب الضأن وهو الباب الموجود على سور أورشليم من جهة الشرق وقريبا من الهيكل (نح3: 1) المخصص لدخول الذبائح الى بيت الرب‘ وكانت هناك أيضا بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا – بتسدا – ويعنى اسمها بيت الرحمة بسبب شفاء المرضى بها‘ وتعتبر مصحة علاجية للمرضى ‘ ويلجأ اليها كل مريض لأنه كما قال الإنجيل عنها  "فى هذه كان مضطجعا جمهور كثير من مرضى وعمي وعرج وعسم يتوقعون تحريك الماء. لأن ملاكا كان ينزل أحيانا فى البركة ويحرك الماء ‘ فمن نزل أولا بعد تحريك الماء كان يبرأ من أى مرض اعتراه."(3و4)‘ وقد إختار الرب هذا المريض من ثمانى وثلاثين سنة وذهب اليه وسأله "هل تريد أن تبرأ " وقال له يسوع قم احمل سريرك وامش. فحالا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى."يو5: 5.

يبدأ فصل الإنجيل ب" بعد هذا" لأنه يجول يصنع خيرا  وليعرفنا الكتاب بعد صنع معجزات هذه عددها ‘ فبعد معجزة عرس قانا الجليل بتحويل الماء الى خمر يو2‘ وشفاء ابن خادم الملك بكلمة منه ‘فالله لا يتوقف عن صنع الشفاء للمرضى‘وهو الذى قال عنه الكتاب:

فى مز 12 : 5" من شقاء المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم يقول الرب." ومز 20 " يستجيب لك الرب فى يوم الضيق ...وهو الذى يعرف نفسه بأنه " أنا هو الراعى الصالح .والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف ." يو10: 11‘ وقالت النبوة عنه " روح السيد الرب علي لأن الرب مسحنى لأبشر المساكين ‘أرسلنى لأعصب منكسرى القلوب لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق." أش61: 1‘ونبوة إشعياء" حينئذ تتفتح عيون العمى وآذان الصم تتفتح . حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الخرس لانه قد انفجرت فى البرية مياه وانهار فى القفر."اش35: 5و6‘وهذه من علامات مجيئ المسيا ‘  وهو الذى قال عنه الكتاب أيضا "وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم فى مجامعها. ويكرز ببشارة الملكوت. ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب." مت9: 35. 

فقال له أتريد ان تبرأ ؟ .. وقد سبق ان قالها الرب لأورشليم كلها ولم ترد أن تبرأ" يا أورشليم يا أورشليم ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها .كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا."مت23: 27‘ وقالها للشاب الغنى الذى جاء ليسأله ماذا يفعل ليرث الحياة الأبدية فقال له الرب بع كل مالك ووزعه على الفقراء فيكون لك كنز فى السماء ‘وتعال واتبعنى .فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا .لأنه كان ذا أموال كثيرة." مت19 ولم يرد ان يبرأ‘ فالأنبياء منذ القديم يتطلعون الى هذا اليوم لمجيئ المسيا ‘ ولكن الله يحترم إرادة الإنسان قبل كل شيئ ‘ وهناك البعض الذين لا يريدون أن يبرأوا من الخطية – شفاء المرض شيئ يسير عند الله ‘وهو الذى قال فى شفاء المفلوج " أيما أيسر ان يقال مغفورة لك خطاياك .او ان يقال قم وأمش. لكن لكى تعلموا ان لابن الانسان سلطانا على الارض ان يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج .قم احمل فراشك واذهب الى بيتك."مت 9.

كان عظيما ان يسأل الرب المريض أتريد أن تبرأ ؟ أى هل لازالت لك إرادة الشفاء والحياة الأفضل ‘ لأن إرادة استعادت الحياة بلا خطية هى الإرادة القوية بمعونة الله ‘ لأن برء الجسد متوقف على توبة هذاالإنسان وبراءته من الخطية‘ ولذلك كان القصد الإلهى فى قول الرب واضحا للرجل بعد شفائه عندما قابله فيما بعد" ها أنت قد برأت فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر." . إذا كان الله لا ييأس من خلاص الخاطئ وتوبته ‘ فلا يجب على الإنسان ان لا ييأس من رحمة الله رب الحياة. ويفسر لنا القديس بولس الرسول ان أخطر مشكلة أدبية وأخلاقية وروحية تواجه الإنسان فى الحياة هو إرادة الإنسان فى الصراع بين الخير والشر داخله أى فى صراعه مع الخطية‘فالانسان الطبيعى فى عراكه مع الخير والشر يشعر بوجود ناموسيين داخله ‘ناموس الخطية المسيطرة على الجسد بأعضائه وحواسه ‘ وناموس الخير والصلاح المسيطر على عقله الروحى وضميره الحي ‘وإرادة الإنسان فى الإنجذاب نحو الرب يسوع هى النصرة ‘ لأنه فيه الناموس الثالث الذى هو أعلى وأكثر قوة وسيطرة على التغلب على أمراض البشر الجسدية والروحية ‘ ناموس روح الحياة ‘ فهو يقول أتيت ليكون لكم حياة أفضلأ وأخلص ماقد هلك‘ وهذا ماقاله بولس الرسول" لأن ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت." رو8: 2.

قال له يسوع قم .. صدرت كلمة الحياة – قم – من رب الحياة والرحمة وينبوعها الدائم ‘ مجانا وبلا وسيط ‘ حركت عضلات الرجل الضامرة فدبت فيها الحياة ‘ ووثب واقفا يحمل سريره ويمشى الى بيته ‘ والرجل لم يكن يعرف من المتكلم وشخص الذى بكلمة شفاه‘ ولكن الله الكلمة الذى طبيعته يجول يصنع خيرا ‘ ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب‘ فهو القائل" الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة."يو6: 63 ‘ وأيضا" تأتى ساعةوهى الآن حين يسمع الأموات (الخطاة) صوت ابن الله والسامعون يحيون." يو5: 25.

ها أنت قد برئت. فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر.. عودة الإنسان للخطية بعد شفائه منها ‘ وبعد ميلاده الثانى شيئ لا يريده لنا الله ‘ كقول بولس الرسول" لأن أرضا قد شربت المطر الآتى عليها مرارا كثيرة وأنتجت عشبا صالحا للذين فلحت من أجلهم تنال بركة من الله. ولكن إن أخرجت شوكا وحسكا فهى مرفوضه وقريبة من اللعنة التى نهايتها للحريق." عب6: 7و8‘وأيضا "إن أخطأنا بإختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف." عب10: 26.

الهنا الصالح يعطينا الإرادة القوية أن نعيش فى حياة طاهرة ‘وتوبة صادقة وفى صلاة  وصوم وبأعمال الرحمة‘ ينقى قلوبنا ويقوى عزمنا على التمسك بيد الله القوية الممدودة لنا دائما بالخلاص. ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد أمين.

أول صورة لوصل داعشي باستلام جزية من مسيحي

العربية ـ لندن - كمال قبيسي
بعد قرون من وقف العمل بالجزية، نعود لنرى، ربما لأول مرة في التاريخ، صورة شمسية لوصل باستلام الجزية من مسيحي في العالم الإسلامي، وهي صورة ظهرت يوم الخميس الماضي في موقع "الرقة تذبح بصمت" المتربص بما يفعله التنظيم "الداعشي" من إرهابيات متنوعة في الشمال السوري وسكانه، إلا أن "العربية.نت" تنبهت إليها اليوم السبت فقط، مع أن تاريخها قديم.
دافع الجزية البالغة قيمتها 27 ألفاً و200 ليرة سورية، هو السوري الأرميني سركيس يوركي اراكليان، وكانت قيمة ما دفعه في 8 ديسمبر الماضي، يوم كان الدولار يساوي 200 ليرة بالسوق السوداء و176 بالبنك المركزي، هو 136 دولاراً، طبقاً لما نرى في الوصل "الداعشي" وهو بتاريخ 16 صفر 1436 هجرية، ومستلم قيمته هو "داعشي" اسمه فاروق.
وكان "داعش" فرض في 26 فبراير 2014 سلسلة أحكام على السكان المسيحيين بالرقة، تضمنت 12 قاعدة تهدف إلى ما سماه "حماية المسيحيين" مهدداً من لا يحترمها بأنه سيعامل معاملة الأعداء. أما الجزية فقرر بحسب ما طالعت "العربية.نت" عن سلسلة الأحكام، أن يدفعها الثري بقيمة 13 غراماً من الذهب الخالص (تقريبا 540 دولاراً) والمتوسط نصف هذا المبلغ، في حين يدفع الفقير ربعه، ويبدو أن سركيس الوارد اسمه في الوصل هو من فقراء الرقة.
أما اللافت للنظر في وصل الاستلام فهو أنه مكتوب عشوائيا باليد، وتضمن الاسم الأول فقط لمستلم قيمته، وخلا من المدة الزمنية التي تم دفع الجزية عنها، لشهر أو نصف عام أو عام بالكامل، مع الاعتقاد أنها كانت عن عام كامل، وهجري، لأن شهر صفر هو ثاني الأشهر الهجرية.
ومع هذه الصورة التي قد تكون الأولى لوصل باستلام جزية في العالم الإسلامي، تعود عقارب الساعة قروناً إلى الوراء، لكنه من غير المعروف في أي قرن يجب أن تبدأ وتتوقف، لأن رفع العمل بالجزية في المنطقة العربية غير معروف تاريخه تماماً، علماً أن محمد علي باشا أوقف في 1855 العمل بقانون الجزية في مصر، وسمح للأقباط فيما بعد بالخدمة العسكرية في الجيش.

افغانية مختلة أحرقت نسخة من المصحف فعذبوها واحرقوها

لندن - العربية.نت
عند عتبات مسجد "شاه دو شامشيرا" أو "سيفي الملك" المعروف باسم "الجامع الأصفر" قرب نهر كابل، المجاور للسفارة الأميركية في العاصمة الأفغانية، نالت شابة أمس الخميس ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من الركل والضرب والرفس قبل أن يشعل الغاضبون فيها النار، لأنها أحرقت نسخة من المصحف، مع أنها "تعاني من مرض عقلي منذ 16 سنة" طبقا لما نقلت وكالة "تولو" المحلية عن والديها.
مئات، ممن انتابهم الهيجان، تجمهروا غاضبين حين سمعوا بما فعلت "فرخوندة" البالغ عمرها 32 سنة، وأقبلوا إليها وانهالوا بالضرب والركل، وهي "مكوّمة" تحت أقدامهم على رصيف المكان، بحسب ما يمكن تخيله من فيديو تعرضه "العربية.نت" الآن، وألغاه موقع "يوتيوب" فيما بعد، لما فيه من لقطات مؤلمة للمشاعر، مع أن "فرخوندة" لا تظهر في الفيديو، بل مموهة لحجب منظرها وهي تحت رحمة الغاضبين.

ونقلت الوكالة عن صالح محمد، وهو قائد بالشرطة المحلية في كابل، أن المرأة "قتلت على يد المئات من السكان المحليين والمارة الذين هاجموها بالعصي والحجارة" فيما ذكر شهود أنها لفظت أنفاسها من شدة الضرب القاتل تحت أقدامهم "وبعدها ألقوها إلى جانب النهر وأضرموا فيها النار قبل أن يأتي رجال الإطفاء لإخمادها ونقل الجثمان من المكان على مرأى من القاتلين.
أما المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية، صديق صديقي، فقال إن المسؤولين "غير متأكدين من ملابسات الحادث على وجه التحديد" وإن تحقيقا بدأ للكشف عن ذيول الحادث الذي وصفه بمؤسف، فيما ذكر والدا الفتاة أنها لم تحرق نسخة المصحف عن قصد، والدليل أن الشرطة اعتقلت فيما بعد 4 أشخاص تشتبه أن لهم علاقة ما بالحادث المعتبر الأول من نوعه في أفغانستان، وفق ما ذكره فريد أفضلي، رئيس مكتب الشرطة الجنائية بالمدينة.
إلا أن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت ما يشير إلى أن الحادث ليس الأول من نوعه كما ذكر أفضلي، ففي 2012 تم إحراق مصاحف في "قاعدة باغرام" الأميركية في أفغانستان أيضا، وأثار الحادث موجة غضب وشغب استمرت 5 أيام وتخللتها هجمات ضد الأميركيين، وبسببها قتل نحو 30 شخصا في أرجاء أفغانستان.

الصليب في القلوب وفوق الرؤوس/ لطيف شاكر

منذ نشأة المسيحية استخدم المسيحيون علامة الصليب ... هذه حقيقة يؤكدها جميع العلماء والباحثين ..فعلامة الصليب تراث تقليدى يتغلغل فى حياة المؤمنين بتسليم رسولى
وتعلم الكنيسة أبناءها المؤمنين أن يرسموا علامة الصليب على ذواتهم عند بدء الصلوات وفى ختامها . عند النوم وحال اليقظة . فى دخولهم إلى بيوتهم وخروجهم منها . فى أكلهم وشربهم . عند بدء كل عمل ، وعند ارتداء ثيابهم .. وبالجملة فإن علامة الصليب تتخلل حياتهم اليومية .. لقد صاحبت كل عمل دينى أو دنيوى فى حياة المسيحى من اليقظة فى الصباح حتى رقاد النوم فى الليل..
وحين يرسم المؤمنون الصليب على جباههم ، أو حين يرسمه الكهنة على المؤمنين أو على أوانى الكنيسة يذكرون كل المعانى التى تشتمل عليها الديانة المسيحية
وإعلانا لإيمانهم المسيحى وافتخارا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به تم فداؤنا وخلاصنا وانفصالنا عن الشيطان والعالم ، وانطلاقنا من أسر اجحيم وعبودية إبليس " أما أنا فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به صلب العالم لى وأنا صلبت للعالم " ( غلاطية 6 : 14 ) .

فيذكرون عمل المسيح الفادى وخلاصه العظيم ، وجميع البركات الخلاصية النابعة من الصليب .. ويذكرون أنهم ليسوا بعد لأنفسهم ، بل للذى مات لأجلهم وقام ( 2 كو 5 : 15 ) .. ويذكرون أنهم اشتروا . بدم ثمين ، فعليهم أن يمجدوا الله فى أرواحهم وفى أجسادهم التى هى له ( 1 كو 6 : 20 ) .. وعندما يذكرون تلك المعانى تضطرم فيهم محبة الله ، ويزدادون تعلقا به ورجاء فيه
وليبرهنوا على تبعيتهم للمسيح المصلوب .. فالصليب هو العلامة المميزة للمؤمنين بالمسيح ، المنضمين تحت لوائه ، لأنه علامة مخلصهم.
والكنيسة القبطية  تعيد للصليب المقدس مرتين، الأولى في 17 توت والأخرى في 10 برمهات والعيد الأول هو عيد ظهوره على يد الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين سنة 326م والذي أعد كل شئ لكي تنتقل والدته إلى أورشليم باحثة عن مكان القبر المقدس، وقد بحثت كثيراً عنه وعثرت عليه بمعونة الله بعد أن ضيقت على شيخ يهودي بالتعب والجوع ..

ويذكر المؤرخ الكنسي سقراط (380-450م) أن السبب في اختفاء المكان هو سبب تغطيته بالتراب على شبه هضبة أقيم فوقها هيكل وثني لاله  فينوس , وقد أمرت الملكة بهدمه ورفع الأتربة من فوقه فوجدت ثلاثة صلبان على رمية حجر من مكان القبر المقدس وقد وجدت صليب الرب وعليه العنوان الذي كتبه بيلاطس وللتأكد اختبرته في عمل معجزة عجيبة فبنت كنيسة أسمتها أورشليم الجديدة (سميت بكنيسة القيامة بعد ذلك) ووضعت فيها علامة الصليب.

والجدير بالذكر أن الملكة هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سُمرت بها يد المخلص وأرسلتها إلى ابنها الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي يخوض بها المعارك هذا ما يفسر تقليد الملوك بعد ذلك في وضع قطعة حديد على هيئة مسمار في خوذاتهم وتيجانهم. ومن المعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشبة الصليب إلى كافة كنائس العالم وقتئذ، وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة منه.

وقد ظلت خشبة الصليب موجودة في كنيسة القيامة إلى أن غزا الفرس الأراضي المقدسة واستولى خسرو الثاني ملك الفرس سنة 614م. على التابوت الفضي الذي يحوي الصليب المقدس وعندما مد أحد أمراؤه  يده إلى التابوت الذي كان يسطع منه نور مضت منه نار ساطعة أحرقت أصابعه وأمام دهشته قصوا عليه حقيقة أمره وإنه لا يستطيع أن يمسه إلا المؤمنين وعليه  فقد أُجزل العطاء لشماسين ليحملا هذه القطعة إلى بلاده ثم قتلهما حتي لايفشوا سر مكانه.

والصليب سوف يظهر مرة أخرى فى السماء كالعلم الذى يتقدم أمام الملك (وليس لكسره كما يقولون !!!) .. وحينئذ ينظر إليه الذين طعنوه والذين استهزأوا به . وإذ يعرفونه ( المسيح ) من الصليب يندمون حيث لا زمان للتوبة . أما نحن فنفتخر بالصليب ونعظمه عابدين الرب الذى أتى وصلب عليه

وصليب المسيح هو محور المسيحية وقلبها وعمقها .. حوله يدور كل فكر العهد الجديد ، وفيه يرتكز كل غنى الإنجيل ومجده .. إنه رمز المسيحية وشعارها ومجدها .. هكذا نفهم كلمات القديس بولس الرسول

(1كو18:1)" إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة ، وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله "
إن الصليب يستمد قوته وكرامته من السيد المسيح الذى علق عليه .. وحينما نتحدث عن الصليب فإنما نشير حتما إلى موت المسيح  .. لذا فلا غرابة إن رأينا أسفار العهد الجديد المقدسة تمتلىء بالكلام عن موت المسيح وبالتالى عن الصليب

ان الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى .. ولعل كلمات بولس الرسول لمؤمنى كورنثوس تظهر لنا هذا المعنى .. " فإننى سلمت إليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا . إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب . وأنه دفن وانه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب ( 1 كو 15 : 3 ، 4 ) ..
وبعد ان كان  الصليب رمز قديم لوحشية الإنسان صار بالسيد المسيح  المصلوب عليه تجديدا للخليقة  الجديدة وذا تأثير حضارى واسع  واصبح موضع الحب الالهي للبشرية حيث أظهر الله قمة محبته لنا فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3 : 16)

والمسيحية والصليب أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام كنيسة المسيح  أو شعب المسيح . ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها
لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب وبالصليب .. ولا نقصد بالصليب قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر.
والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالفرح ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالالم  مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ، ويختبر الحياتين الصليب والقيامة ,الحزن والفرح , الالم والمجد.
و الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ما عناه القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .... فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 )
ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة والانتصار . نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 )
كان  وسيظل الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس فى الإيمان المسيحى .
هناك مفاهيم كثيرة يمكن ان تدخل  تحت عنوان" الكنيسة والصليب "هل هو موضوع يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ام هو موضوع الحاضر المعاصر ..ان المعني يشمل الامرين الحاضر والمستقبل علي ضوء الماضي  ..وما نعنيه كيف حملت الكنيسة الصليب ؟ كيف احبته فاحتضنته ..كيف تعاملت معه ؟ وكيف حملته ؟ وكيف تصرفت ازاء الضيقات وكل قوي الشر التي تصدت لها في العالم وكيف علمت ابنائها حمل الصليب بافتخار وعدم انكاره ..وكيف صارت شاهدة للصليب وسط عالم وضع في الشرير .... اننا من اجلك نمات كل النهار ....ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا ( رو37:8) ويقول بطرس الرسول :لانكم لهذادعيتم فان المسيح ايضا تألم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته 1بط21:2
كل عيد صليب  وانتم  في بركة المعلق علي الصليب  من اجلنا .

مَسرحة الأب تابت لرتبة الغسل إذلال وتحقير للمسيحيين

النشرة

علقّت مصادر رفيعة المستوى عبر "النشرة" على اعلان بدأت تتعالى الأصوات للتعليق عليه سلبًا، واعتبرت أن احتفال الأب فادي تابت التكريمي برتبة الغسل يوم خميس الأسرار على مسرح جورج الخامس مع "فناني لبنان" لا يبدو اطلاقا لائقاً بحق المسيحيين وشعائرهم المقدّسة، ورأت فيه اذلالا وتحقيرًا للمسيحيين أنفسهم عبر مَسْرَحَةِ الحدث بهذه الطريقة وهذا الأسلوب لا سيّما أن مسرح جورج الخامس ليس بكنيسة، وأشارت الى أن الاحتفال والاعلان عنه بهذه الطريقة إنما يهدف الى استغلال الذكرى والحدث للإضاءة أكثر فأكثر عن أعمال الأب تابت الفنيّة والترويج لها خصوصًا مع انتهاء الاعلان بأن الرتبة منقولة عبر جميع شاشات التلفزة اللبنانية.
ووجّهت المصادر سؤالاً الى نيابة صربا المارونية وراعي أبرشيتها المطران بولس روحانا لتضع بين يديه ما يجري في أبرشيته واتخاذ الاجراء المناسب لمنع حصول المسرحيّة، مطلقة الصرخة الى الأب فادي تابت بالرجوع الى حضن الكنيسة للاحتفال برتبة الغسل، مختتمة بالقول "هل بامكاننا أن نسأل الأب الفاضل عمّا اذا كان هناك رسم دخول الى المسرح يوم الاحتفال؟"
ولفتت مصادر كنسيّة لـ"النشرة" إلى أنّ هكذا "شطحة فنيّة" غير مقبولة، وكان على الأب تابت أن يترك ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه، بين عمل فنيّ واحتفال ديني، "فالكنيسة التي تواجهها الهجمات التكفيريّة تريد بالتالي شدّ العصب المسيحي روحيا واجتماعيًّا بالتشبّث بأرضهم التي وطأها يسوع المسيح في ظل الظروف التّي تعيشها المنطقة، وفي ظلّ ما يتعرّض له المسيحيون من هجمات تفتّت أوصالهم".
الى ذلك علمت "النشرة" أيضًا أن مذكّرة من احدى الشخصيات ستُرفع الى بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة مار بشارة بطرس الراعي في هذا الاطار وهو كان قد أحيط علمًا بالموضوع.

داعش يدمر المعالم المسيحية لكنيسة شمال العراق










 
بغداد – فرانس برس
نشر تنظيم "داعش"، الاثنين، صوراً تظهر قيامه بنزع صلبان كنائس في محافظة نينوى شمال العراق واستبدالها برايته، وتحطيم صلبان شواهد قبور وتشويه تمثال صغير للسيدة العذراء.
وأظهرت صورة كتب في أسفلها "إزالة مظاهر الشرك"، نزع جرس كنيسة، وبدا في صورة أخرى وهو يهوي من الأعلى.
وأظهرت صور نزع صليب عن باب من الحديد، وآخر عن قبة، واستخدام مطرقة لتشويه صليب أسود اللون منقوش في الحجر. كما بينت الصور، تحطيم جداريات وأيقونات، وصليب يعلو شواهد قبر.
وبدا في صورة تمثال مشوه مرمي على الأرض للسيدة العذراء، وفي صورة أخرى عنصر يقوم برش طلاء أسود على عبارة "يا مريم يا سلطانة السلام امنحي العراق السلام".
ولم يحدد التنظيم الكنائس التي تعرضت للتخريب، أو تاريخ ذلك.
ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في العراق منذ هجوم كاسح شنه في يونيو، 
وكانت مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، أول المناطق التي سقطت في وجه هذا الهجوم.
وسبق للتنظيم أن نشر صوراً تظهر نزع صلبان عن كنائس في مناطق يسيطر عليها في العراق وسوريا المجاورة. كما قام بتحويل بعضها إلى مقرات تابعة له، لاسيما في مدينة الرقة، أبرز معاقله شمال سوريا.

واركعوا مع الراكعين/ عبدالله بدر اسكندر

الابتعاد بالدين عن المسارات الطبيعية للحياة وفصله عنها يجعل منه غرضاً تابعاً لكل من يريد القضاء على أمر التشريع الإلهي، وهذا ما حدث بالفعل في نهاية العصور الوسطى حتى ظل أصحاب الشرائع في جانب مخالف لأولئك الذين أطلقوا على أنفسهم مسمى الأحرار في الأرض، وبهذا أصبحا الطرفان مثاراً للسخرية بسبب عدم قدرتهما على فهم القانون المتخذ سلفاً دون النظر إلى ما يستجد من مصالحهما، وذلك لأن أتباع تلك الديانة التي انفصلت عن واقعها لا يمكنهم الركون إلى التعاليم الإلهية، وإنما صار لديهم مساراً آخر نتيجة اتخاذهم للمواقف الخاطئة دون تأمل أو إحكام، ومما يؤسف له نرى أن بعض الناس في وقتنا الحاضر يريدون استنساخ تلك الحالة وتطبيقها على أتباع القرآن الكريم، وهذا من الجهل الذي لا يمكن أن نعثر له على مثيل، بتعبير آخر يريد هؤلاء فصل الدين عن الحياة بكل مستجداتها ومظاهرها دون أن يعلم أولئك الناس أن الدين هو المقوّم المباشر للحياة بجميع تفرعاتها، أمّا ما حدث لأصحاب الشرائع الأخرى فذلك نتيجة اهمالهم وابتعادهم سلفاً عن دين الله تعالى إضافة إلى تحريف ما في كتبهم والمجيء بدين آخر نسب ظلماً وعدواناً إلى شرع الله وما هو منه.

من هنا يتضح أن عملية فصل هذا الدين عن الحياة وجعله مسألة شخصية بين الإنسان وخالقه، ما هي إلا فرية لا يمكن الوقوف على تفاصيلها إلا بمعالجة العقول المنادية إلى الأخذ بها، لأن الدين هو الحياة والحياة هي الدين، أمّا إذا أردنا اتخاذ منحى آخر فمن الطبيعي أن يصبح قانون الأرض هو السائد، وبالتالي لا يحق لنا إيقاف النتائج المترتبة على هذا الأمر والمتمثلة بالجريمة والفساد والفقر وهلم جراً، وبهذا تصبح الحياة أقرب إلى الجحيم الذي لا يطاق، ومن هنا نجد أن الأركان التي يقوم عليها الدين ما هي إلا مقدمات لنتائج تفوق الشكليات التي نشاهدها بقياسات تتعدى الضعف، ولكن هذا المعنى لا يمكن أن يظهر إلا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وقد بيّن الله تعالى هذا الأمر بقوله: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) الحجر 75. فالصلاة على سبيل المثال أو التقرب إلى الله تعالى بالطاعات الأخرى لا يمكن تحليلها فلسفياً إلا إذا رددنا نسبة ذلك التحليل إلى الغاية الأسمى التي تترتب عليها مقدمات الصور العبادية، ولهذا نلاحظ أن شرع الله تعالى قد بني على هذا النهج. فإن قيل: ما هي النتائج السلبية التي تظهر جرّاء ارتباط الإنسان بخالقه على القياسات التي ينادي بها أولئك الناس الذين أشرت إليهم؟ أقول: لا يمكن الركون إلى الفائدة التي ترجى من الصلاة أو الصيام إذا كان أمرهما بين الإنسان وخالقه، وذلك لأن التأثير المباشر للعبادات لا يمكن أن يسلك الاتجاه المعاكس للروابط والمعاملات بين الناس.

 وبناءً على ما تقدم يمكن القول إن انتشار الربا والعقود الباطلة الأخرى إضافة إلى استشراء الرذيلة والانحلال وما إلى ذلك، كل هذا وأكثر تكون نتائجه آيلة إلى الهاوية والزوال بسبب ابتعاد الناس عن فهم العقيدة على الطريقة التي أرادها الحق سبحانه فضلاً عن تطبيقها بالطرق الوسطى أو المثالية، ولهذا نرى أن الله تعالى قد جعل أسباب الدين تسير جنباً إلى جنب مع المترابطات التي يكون مقتضى نتائجها آخذاً بيد الإنسان إلى بر الأمان في الحياة الدنيا دون ابتعاده عن القيم المنزلة من السماء، وذلك لأجل الحفاظ على القانون الذي يربط السماء بالأرض، ولهذا جعل الحق سبحانه مقومات الدين الشكلية لا تختلف كثيراً عن المبادئ التي تنتهي إلى مرحلة أعمق من المراحل المشاهدة لتلك المقومات، ومن هنا تظهر النكتة في قوله تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سؤاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير) الأعراف 26. وكذا قوله: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) البقرة 177. وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد) المائدة 1. وما هذه الآيات إلا نبذة مختصرة عن المعنى الكلي الذي بينا بعضاَ من مقاصده، وهناك آيات أخرى وأدلة كثيرة تجعل الدين هو الحاكم المباشر في هذه الأرض أمّا ما نشاهده من التطبيقات الأرضية التي لا تعتمد قوانينها على شرع الله تعالى، فهذه سوف تزول بزوال المؤثر المؤقت الذي اعتمدت عليه.

من هنا يظهر أن الخطاب الموجه لبني إسرائيل من أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويركعوا مع الراكعين لا يُراد منه إلا دخولهم في الدين الجديد الذي شُرّع لهم، ونبذ القوانين الأرضية التي سطّرتها أقلامهم في كتبهم المحرفة التي أسبغوا عليها هالة من التقديس، ولهذا قال تعالى موجهاً الكلام إليهم: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) البقرة 43. وفي السياق ما يثبت قاعدة التخلية قبل التحلية. فإن قيل: ما المقصود من هذه القاعدة؟ أقول: المقصود من هذه القاعدة هو التخلي عن الموبقات والآثام وكل ما أمر الشارع بتحريمه، ثم بعد ذلك يتوجه الإنسان إلى الله تعالى بنفس ظاهر فيها التحلي بالصفات الحميدة التي ارتضاها الحق سبحانه، وهذا من الأمثلة الشرعية للقاعدة، أمّا خارج حدود الشرع فلها موارد أخرى، ولذلك فإن القرآن الكريم قد أشار في كثير من مواضعه إلى هذه القاعدة، كما في قوله تعالى: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا... قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً) الكهف 1- 2. والقاعدة تبيّن نفي العوج عن الكتاب ثم إثبات القيمومة له، وكذا في تقديم الإنذار على البشرى فتأمل. ومنها قوله: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) البقرة 256. وبناءً على هذه القاعدة نعلم أن الله تعالى قد أمر اليهود بالتخلي عن أن يكونوا أول كافر به أي بالقرآن الكريم، وأن لا يشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، وكذا لا يلبسوا الحق بالباطل ويكتموا الحق... فهذه الأوامر والنواهي جميعها فيها إشارة إلى التخلية، ثم بعد ذلك جاء دور التحلية، ولهذا أمرهم الله تعالى بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والركوع مع الراكعين.

 فإن قيل: لمَ خاطب الله تعالى اليهود بأن يركعوا مع الراكعين وهل كانت هذه التفاصيل المتعارف عليها في صلاتنا هي نفسها في صلاتهم؟ أقول: اعتمدت الدعوة الموجهة إليهم على هذه التفاصيل نظراً إلى أمرهم بالدخول في الدين الجديد، أما الركوع على حقيقته فقد اختفى أثره من حياتهم، وإن كان داخلاً ضمن التشريعات التي جاء بها الأنبياء، بدليل قوله تعالى: (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا) مريم 58. وأكثر بياناً من ذلك قوله تعالى خطاباً لمريم: (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) آل عمران 43. فإن قيل: يظهر من الآية أن الأمر الموجه لمريم يتضمن دخولها في جمع المصلين، فهل هذا يعني أن المرأة يحق لها أن تصلي مع الجماعة؟ أقول: لا يحق للمرأة أن تصلي مع الجماعة عند كثير من الفرق الإسلامية ما عدى الإمامية، كما يجوز لها عندهم أن تأتم بالمرأة، أمّا إذا أمّت النساء فلا يحق لها التقدم عليهن وإنما يجب عليها الوقوف معهن في نفس المستوى... هذا ما يستفاد من الفقه الإمامي على اختلاف بين الفقهاء، وهناك تفاصيل أكثر محلها الفقه وليس التفسير لذا أعرضنا عنها. فإن قيل: يظهر من الآية الموجهة لمريم تقديم السجود على الركوع وهذا خلاف الأصل؟ أقول: الواو لا يقتضي الترتيب.

قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) البقرة 44. فيه دليل على أن اليهود كانوا يأمرون الناس قبل مجيء الإسلام باتباع النبي (ص) والإشارة بالناس إلى المشركين على سبيل التعريض، وعند ظهور الدين الإسلامي اختلف الأمر عليهم، ولهذا كان توبيخهم من هذا الباب لأنهم كانوا بمنزلة القادة إلى الخير من خلال توجيه الناس الذين لا يحملون القيم الإيمانية، والجملة حالية أي والحال أنكم تتلون الكتاب وسبب التشديد يرجع إلى ما صدر من أفعالهم. فإن قيل: إذا كان الأمر الموجه لليهود بهذا المعنى أي إن الإنسان لا يمكن أن يأمر بالبر إذا كان لا يلتزم بالدين، فهل يمكن أن تجري هذه الآية في جميع الناس؟ أقول: الآية فيها أمر إرشادي إلى توافق حالات الدعاة بين الالتزام في دينهم وبين أمر الناس بالبر، أما إذا فقد الإنسان عنصر الالتزام فلا يحق له أن يتوقف عن دعوة الناس إلى البر، لأن الجهة منفكة... فالأمر في الآية لا يتعدى إلى أكثر من التوبيخ الذي لا يترتب عليه أثر الابتعاد عن النصح والإرشاد... فتأمل. 
                من كتابنا: القادم على غير مثال

                 


الطريق الى السامرة/ نسيم عبيد عوض

لقد وصلنا فى أيام الصوم الكبير الى أحد النصف كما نسميه نحن مسيحى مصر  الأرثوذكس ‘ وهو الأحد الرابع أيضا من الصوم ‘ وفيه يقرأ فى صباح القداس الإلهى فى كنائسنا فصل الإنجيل من الإصحاح الرابع لإنجيل القديس يوحنا الإنجيلى ‘ وهو الفصل المعروف بإنجيل المرأةالسامرية ‘ والذى يقرأ أيضا فى الأحد الثالث من الخمسين المقدسة اشارة الى ماء الحياة الأبدية وعطية الروح القدس ‘وفى عيد حلول الروح القدس أيضا يقرأ فى صلاة السجدة لقول الرب " الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى ان يسجدوا." "يو4: 24. وفى قراءتنا لإنجيل نجد ان الرب قد دبر تدبيرا إلاهيا لخلاص السامرة ‘ وحتى وصلنا لقول الكتاب" فلما جاء اليه السامريون سالوه ان يمكث عندهم فمكث هناك يومين.فآمن به اكثر جدا بسبب ملامه. وقالوا للمرأة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن . لاننا نحن قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم."يو4: 40-42 ‘ وقبل ذلك الإيمان كان الطريق لخلاص السامرة طويلا وصعبا ونقرأ فى انجيل القديس لوقا الإنجيلى  عن موقف السامريين من اليهود وكل من له صله بهم حتى يسوع المسيح  " وارسل أمام وجهه رسلا .فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يعدوا له.فلم يقبلوهم لأن وجهه كان متجها نحو أورشليم . فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب ويوحنا قالا يارب أتريد أن نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا ايضا. فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من أى روح أنتما. لأن ابن الانسان لم يأت ليهلك الناس بل ليخلص. فمضوا الى قرية أخرى."يو4: 52-56. وفى تدبيرات الله الخلاصية بدأ يقرب لليهود بأخوتهم السامريين ‘ لوجود عداء متحكم بينهم وبين السامريين ‘ فهم ليسوا بيهود ‘ وهم لا يؤمنون  من الكتاب المقدس سوى بأسفار موسى الخمسة ‘  يعبدون الأوثان فوق جبل جرزيم منذ فصلهم يربعام عن أورشليم وصنع لهم عجلين ذهبيين وقال لهم هذه آلهتك ياإسرائيل‘  كانوا شعبا نجسا بالنسبة للشعب اليهودى ‘وممنوع التعامل معهم ‘ ويحرم التواجد معهم ‘ حتى عندما أتهم الفريسيون السيد المسيح قالوا له : ألسنا حسنا قلنا أنك سامرى وبك شيطان." وبدأ الرب يدبر التقارب حتى يخلص السامرة من العبادة الوثنية :

1- عندما قام ناموسى ليجربه سأله عن ماذا يفعل حتى يرث الحياة الأبدية ؟ فقال له الرب كيف تقرأ أو ماهى أعظم الوصايا فقال‘تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك .فقال له بالصواب أجبت افعل هذا فتحيا ‘ وإذا أراد الناموسى ان يبرر نفسه سأله من هو قريبى؟ فقدم له الرب يسوع السامرى الصالح الذى فعل خيرا بالجريح المتروك بين الحياة والموت ‘ فبينما ان الكاهن مر به ولم يعطيه أى اهتمام وكذلك لاوى رآه وجاز مقابله ‘ أما السامرى هوالذى أعتنى به فى حب بازل ‘ فجاء السؤال من هو القريب لهذا المجروح ؟ فجاء الرد الذى صنع معه الرحمة ‘ فقال له الرب أذهب انت وافعل هكذا."لو10: 25-36.

2- يذكر لنا القديس لوقا البشير فى إصحاح 17 قصة شفاء الرب يسوع لعشرة رجال مرضى بالبرص ‘ وفيما هم منطلقون طهروا.فواحد منهم لما رأى انه شفى رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له. وكان سامريا. فأجاب يسوع وقال اليس العشرة قد طهروا . فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليعطى مجدا لله غير هذا الغريب الجنس. ثم قال له قم وامض. ايمانك قد خلصك .‘ وعلى الرغم أن الرب سماهالغريب الجنس وهم كانوا كذلك ‘ الا انه على مرأى ومسمع من اليهود عرفوا ان السامرى قد آمن بالمسيح المخلص. وهذه كانت بدايات من تدبير الله للدخول للسامرة حتى آمنت به . ولذلك يتساءل البعض كيف تمت العداوة بين شعب اسرائيل وشعب السامرة ؟

السامرة والسامريين:

انقسم شعب بنى اسرائيل على يد رحبعام بن الملك سليمان الى دولتين واحدة فى الشمال وتشمل 10 أسباط ‘ من السامرة الى الجليل وعاصمتها السامرة وسميت بمملكة اسرائيل ‘ وبقى سبط يهوذا وسبط بنيامين فى أورشليم ‘وعلى يد  يربعام بن نباط ملك اسرائيل الذى أخطأ وجعل بنى اسرائيل وكل الملوك من بعده  يخطئون بعبادتهم للأصنام. وفعلوا الشر فى عينى الرب فغضب عليهم ‘ ويقول الكتاب" حتى نحى الرب اسرائيل من امامه كما تكلم عن يد جميع عبيده الانبياء . فسبى اسرائيل من ارضه الى اشور .."2ملو17: 23. وكان هذا السبى عام 722 ق.م . على يد الملك شلمناصر ملك اشور‘ وأتى ملك  اشور بشعوب من بابل ومن مدن أخرى واسكنهم فى مدن السامرة عوضا عن بنى اسرائيل فامتلكوا السامرة وسكنوا فى مدنها ‘ وبعد مرور 70 سنة على سبى شعب بنى اسرائيل ‘ سمح الرب بعودتهم وأمر كورش ملك فارس بإعادة السبى لأراضيهم ‘ ولكن ساكنى السامرة كانوا خليطامن شعوب الأرض الوثنيين ‘ ومنهم من تزوج من يهود ‘ وبعد ترتيب بناء أورشليم على يد عزرا ونحميا طلبوا ان ينضم لهم من هو يهودى فقط وغير متزوج من أممية والعكس ‘ فبقيت السامرة وحتى اليوم خارج الشعب اليهودى ولا يؤمنون الا بالتوراة فقط دون باقى الكتاب أو وصايا الله وفرائضه ‘ وأعتبرهم اليهود من الأمميين الذين إذا لمسهم أحد يتنجس.

لقاء المرأة السامرية :

وبترتيب الهى دبر الرب ان يمر على السامرة ودخل مدينة اسمها سوخار _ شكيم - ويصنع خلاصا لشعبها ويعيدها الى حظيرة يهوة المخلص ‘ وبالفعل فى نهاية اللقاء آمن شعب السامرة وقالوا للمرأة " أننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن. لاننا قد سمعنا ونعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم." يو4: 43.

 وهناك أنوار وشعاعات ساطعة فى هذا اللقاء دعونا نستمتع ببعض منها لتنير قلوبنا :

قول الرب للمرأة .. اعطينى لأشرب .. ونتذكر ان الرب وهو على خشبة الصليب كما ورد فى يو 19: 28 " وبعد هذا رأى يسوع أن كل شيئ قد كمل فلكى يتم الكتاب قال أنا عطشان."  وفى لقائه بالسامرية وبعد أن فتح الحديث معها – لأن اليهود لم يكونوا يتعاملون مع السامريين ومع أى امرأة عموما – وسألها إعطينى لأشرب ‘ ولأنه يقصد أنه عطشان الى خلاصها وخلاص السامرة والعالم كله ‘ وهوالذى طوب الجياع والعطاش الى بر الله . "طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون" مت 5: 6‘ ويقول لوارثى الملكوت "..لأنى عطشت فسقيتمونى."مت25: 35 ‘ ويقول أيضا "ومن سقى احد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق لكم انه لا يضيع أجره." مت10: 42‘ وأيضا يقول للتلاميذ " طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله." يو4: 34.

قول الرب  ... لو كنت تعلمين عطية الله.. يو4: 10 ‘ والسيد المسيح نفسه هو عطية الله ‘ أى الله الظاهر فى الجسد كقول النبوة " لأنه يولد لنا ولد - ونعطى - إبنا  وتكون الرئاسة على كتفيه..."اش 9: 6 ‘ وأيضا قول الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل(عطية) إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."يو3: 16.

فأعطاك ماء حيا.. الماء الحي هو إشارة الى الروح القدس ‘ونعمة الله للبشر ماء حيا ‘ لطبيعة الماء الذى يطهر الجسد ورمز الروح القدس الذى يطهر النفس من خطاياها‘ ويمنحنا السلام مع الله‘ كقول الرب" كل من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعون أن يقبلوه .لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى ." يو7: 38‘ ويقول بفمه الطاهر " أنا هو الألف والياء .البداية والنهاية .أنا أعطى العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا." رؤ21: 6‘ ويقول الله فى نبوة إرميا النبى" الحائدون عنى فى التراب يكتبون لأنهم تركوا الرب ينبوع المياة الحية.." إر17: 13. فالماء الحي هو ماء النعمة والخلاص ورمز لعمل الروح القدس السرائرى.  ويؤكد الرب " ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا." يو6: 35.

أجاب يسوع وقال لها " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا." ..  والماء الذى لا يروى الإنسان هو ماء العالم الذى نشرب منه ونظل عطشى ومتعطشون للمزيد ..وماء هذا العالم يقع فى 3 صور :  أ- محبة المال.. هو ماء مالح من يشرب منه يزداد عطشا ‘ والمحب لماله تجره قدماه الى كافة الشرور  ‘ وشرور العالم ما أكثرها ‘ وفى استعباد المال للإنسان نقمة شديدة وهو أصل كل الشرور ‘ ولكن فى حسن إستخدام المال كنعمة كبيرة من الله تزداد له العطايا.  ب- محبة العالم .. وهذا أيضا ماء مر  وعلقم  .. فأطماع العالم وملذاته وشهواته يطلب منها الإنسان المزيد ويلهث خلفها ولا يتوقف ‘ وليس فى العالم إلا شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظم المعيشة ‘ والعالم سيمضى وشهوته معه واما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت الى الأبد .   ج- محبة الذات.. المحب لذاته انسان أنانى لنفسه ولإنسانيته وللمجتمع من حوله ‘ يسوده الكبرياء وأطماع الذات التى لا حدود لها ولذا يطلب منا الرب" من أراد أن يتبعنى فلينكر ذاته."

ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية... عندما إنفجر الجنب الطاهر المطعون بالحربة على الصليب فاض علينا ماء ودم ‘ الذى صار لنا طهرا وخلاصا ونعمة وحياة أبدية لكل من يتناول منه ‘ وفى سر التناول يضيف الأب الكاهن الماء الى عصير الكرم الذى هو دم المسيح ‘ لنرتوى من جنبه الحياة الأبدية ‘ والذين إعتمدوا بالماء والروح ‘ إغتسلوا بدمه وتطهروا بمائه ‘ وحصلوا على عربون الحياة الأبدية والرجاء السعيد. والماء الذى يعطيه السيد المسيح هو: 1- الإيمان – نعمة الإيمان – كقول الرب "من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حى تنبع لحياة أبدية ‘ فالإيمان هو ماء الحياة ‘ وهو عطية الله ‘ وبنعمة الإيمان أنتم مخلصون وهذا ليس منكم بل هو عطية الله.

2- المحبة .. المحبة ماء حي يروى النفس العطشانة ‘ ويشبع القلب السقيم ‘ ولأن المحبة هى الله والله محبة ‘ ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه.

3- الرجاء .. الرجاء  بالقيامة ومجيئ الرب يسوع ليحملنا معه للسموات هى ثالث الفضائل ‘ الإيمان والرجاء والمحبة ‘ الرجاء صخرة روحية تتحطم عليها كل ضيقات العالم وشدائده وشرور الحياة ..نترجى قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى.

وبصلوات القديسة المرأة السامرية نسأل الرب يسوع أن يعطينا دائما نعمته وبركته ,ويمنحنا الإستحقاق لتوبة صادقة نحياها حتى ننال  الحياة الأبدية معه الذى هو ينبوع الماء الحي. آمين.  

مقاتل في تنظيم داعش يتحوّل إلى المسيحية بعد رفض الله أن يُدخله من أبواب الجنة

بيتر حداد، لينغا حلب:
تحوّل مقاتل جهادي من تنظيم داعش الإسلامي إلى المسيحية بعدما ترك بين حي وميت قرب الحدود الشرقية لسوريا، حيث تم إنقاذه من قبل مرسلين مسيحيين من المنطقة. تم نجاة الرجل بأعجوبة بعد إصابته بجروح نتيجة  تبادل إطلاق النار بيت تنظيم داعش وقوات الجيش السوري بحسب ما ذكر موقع "التقرير اليومي لاخبار العالم"، وتم إنقاذ الرجل من قبل أفراد من دير القديس دومنيكان ساعات بعد بدء القتال. أراد أفراد الدير أن يدفنوا هذا الرجل بطريقة مسيحية لائقة، وقاموا بحمله لأكثر من 26 كم قبل أن يعود الرجل بمعجزة إلى الحياة، إذ كان قد فقد الحياء جراء جروحه. بينما كان الرجل يعود إلى حواسه،  أخبر الكاهن هيرمان جروشلين عن الرؤى التي شاهدها واختباره للحياة بعد الموت، كان حدثاً جذريا غيّر حياة المقاتل الجهادي البالغ من العمر 32 عاماً، والذي قاد إلى تحوّله للمسيحية  بعد عدة أيام. تابعونا على الفيسبوك: قال للكاهن إنّه إذا مات شهيدا فإن ذلك سيفتح أبواب الجنة، أو أبواب السماء. ولكن بينما بدأ في الصعود تجاه الضوء في السماء، ظهرت له كائنات شيطانية أو الجن كما دعاها، وقادوه إلى  أبواب الجحيم حيث كان عليه أن يعيش مرة أخرى كل الألم الذي جلبه على الآخرين وكل موت تسبب به خلال حياته. حتى أنه وجب عليه أن يعيش قطع رؤوس ضحاياه من خلال عيونهم." وقد قال الكاهن أن هذه الصور ستراوده كل حياته. "ثم تكلم الله معه وقال له إنه فشل بشكل مخيف وهو إنسان، وأنه سيحرم من أبواب السماء إذا اختار أن يموت، ولكن إذا اختار أن يعيش مجدداً ستكون لديه الفرصة أن يتوب عن خطاياه وأن يسير في طريق الله مجددا". فعاد هذا الرجل إلى الحياة بعد لحظات، كما يدّعي، ثمّ تحول إلى المسيحية بعد أيام، وقد أيقن أنه كان مخدوعاً في حياته الدينية وعبادته لله كما قال الكاهن. وقد شفيت جراح الرجل في وقت قصير، واختار أن يعيش في دير الكاهن الكاثوليكي الذي أنقذه من الصحراء، ويتمنّى أن قصّته ستساعد مقاتلين داعش الآخرين أن يغيروا طرقهم ويتحوّلوا إلى الإله الحي والحقيقي، كما قال الكاهن للصحفيين المحليين.

ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً/ عبدالله بدر اسكندر

الطرق المؤدية إلى الكفر وإن اختلفت مصاديقها فهي ترتبط جميعها في الأغراض التي يدعو القرآن الكريم إلى إزالتها ونبذها، والتوجه إلى عبادة الله تعالى بناءً على النهج الذي شرعه والذي يتفرع على الدعوة الخالصة من أي نوع من أنواع الشرك، ولهذا فإن ما يصدر عن اليهود لا يخرج عن كونه كفر مترتب على مبادئ خاطئة، كما يتضح ذلك من متفرقات القرآن الكريم، ولذلك فإن الإشارة إليهم لا تبتعد كثيراً عن هذا المعنى، ومن الدليل على ذلك قوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة) البينة 1. فإن قيل: كيف يصفهم القرآن بالكفر وهم أهل كتاب؟ أقول: مصطلح الكفر الذي أطلق على أهل الكتاب في الآية يرجع إلى عدم تصديقهم بالدعوة النبوية من جهة، وإلى كتمان ما في كتابهم وتحريف بعضه من جهة أخرى، وهذا لا ينطبق على جميع أهل الكتاب، وإنما على بعضهم، وقد يفهم ذلك من التبعيض الوارد في قوله: (من أهل الكتاب) في الآية آنفة الذكر، وقد يؤيد هذا المعنى بقوله تعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) الأعراف 159. وفي الآية ما يثبت أن قوم موسى لم يكونوا جميعهم على طريق الضلال، وإنما فيهم من اهتدى إلى الحق وأرشد إليه، والآية عامة لا تحدد بزمن معين، فعلى هذا السياق يكون الأخذ بعموم اللفظ هو الظاهر. فإن قيل: كيف استطاع هؤلاء من الجمع بين الإيمان بكتابهم وبين الشرك؟ أقول: لا يمكن اجتماع الإيمان المطلق مع الشرك باعتبار تقابلهما، أما إذا كانت هناك نسبة بينهما فليس ثمة ما يمنع من اجتماع أبعاضهما. 

من هنا يظهر الفرق بين الآيات التي تخاطب اليهود وبين الآيات الموجهة للمشركين، وذلك بناءً على ما يقع على عاتق اليهود من ثقل متمثل في دورهم الريادي المأخوذ من الشريعة المنزلة عليهم، أمّا ما يقابل ذلك من غرض الآيات الموجهة للمشركين فهذا لا يتعدى إلى أكثر من تبليغهم برسالة النبي محمد (ص) دون إلزامهم بقضايا الطرح الموثق المتعلق بالتخلية قبل التحلية، كما هو الحال مع أهل الكتاب، ومن هنا نعلم أن القرآن الكريم لا يراعي المواجهة في الأسلوب الثنائي عند تعامله مع المشركين، ولهذا تجد اختلاف التعبير في خطاب اليهود وتوبيخهم على أفعالهم، وتذكيرهم بالنعم التي أنعمها الله تعالى عليهم وكيفية جحودها، إلى آخر ما يثير لديهم العمق في الوصف، ولعل هذا هو السبب في قول الحق سبحانه: (ولا تكونوا أول كافر به) البقرة 41. علماً أن المشركين قد سبقوهم إلى الكفر، ولكن تأثير الشرك لا يقاس إلى جانب تأثير اليهود في  الدعوة سواء آمن بها المشركون أم لم يؤمنوا، وذلك لعدم الاهتمام بأمرهم.

وبناءً على ما تقدم تظهر النكتة في عطف آية البحث على قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) البقرة 40. أي: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي... إلخ، ثم قال: (وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون) البقرة 41. والمقصود هنا هو القرآن الكريم باعتباره يصدق جميع ما في التوراة الأصلية قبل التحريف، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله: (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل) آل عمران 3. وفي هذا دليل على أن الإيمان بالقرآن يقتضي الإيمان بالتوراة والإنجيل وجميع ما أنزل على الأنبياء من قبل، والعكس صحيح أي إن الإيمان بالتوراة والإنجيل إذا كان في منأى عن الإيمان بالقرآن فهذا قد ينقض الإيمان من الأصل، وبهذا نعلم أن دين الله تعالى هو دين واحد لا يقبل التجزئة، ولا تفترق عليه الأمم، لأن الله تعالى أنزل الكتب يصدق بعضها بعضاً وكذا الأنبياء يبشر السابق منهم باللاحق.

 ولهذا فإن البشارة بالنبي محمد (ص) قد ذكرت في جميع الكتب السابقة، وكذا ما كان من نعته وصفاته، وقد أشار الله تعالى إلى هذه الحقيقة بقوله: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) الأعراف 157. وكذا قوله: (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) الصف 6. وقوله: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً) الفتح 29. وأخيراً بيّن تعالى النتيجة بقوله: (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) البقرة 89.

وبناءً على هذا الوصف القاطع لليهود يتضح أنهم من سنخ الكافرين بكتاب الله تعالى فلا يعتد بإيمانهم الجزئي، كما بينا ذلك من خلال البحث، وبهذا يظهر الفرق في تنوع الإعجاز القرآني، فكما ذكر تعالى في قوله: (ذلك الكتاب لا ريب فيه) البقرة 2. وتحدى العرب في مطلع السورة أن يأتوا بمثله، نجد هنا أن الخطاب قد اختلف مع اليهود، وذلك لأن هؤلاء لا يمكنهم الوصول إلى مفاهيم البلاغة القرآنية، وما هو داخل في الملكات العربية من أدوات، ولهذا انتقل بهم السياق إلى إعجاز آخر ناتج عن إظهار القرآن لصفات النبي (ص) التي أرادوا كتمانها، ثم بعد ذلك بيّن الرسالة على أتم وجه كما هو في نهجهم، لأن الشرائع تتفرع جميعها على دين واحد، أمّا ما حصل من جهتهم فهو لا يخرج عن كونه تعنتاً وإنكاراً للحقيقة، كما في قوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا) النمل 14. ومن هنا نجد في سياق آيات البحث بعض الإشارات التي تدعوهم إلى تفهم إعجاز القرآن المعنوي والمرتبط في تذكيرهم بالطرق المؤدية إلى الهداية، كما هو شأن الكتب المنزلة على أنبيائهم، وعلى رأسها التوراة الذي يعد من أهم مصاديق تلك الكتب وإن لم يكن هو الكتاب الوحيد من بينها.

قوله تعالى: (ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً) البقرة 41. أي لا تقايضوا ما في التوراة من آيات الله التي فيها نعت الرسول (ص) مقابل عرضاً يسيراً من الدنيا، والاشتراء لا يراد منه المعنى العرفي في هذا الموضع وإنما يفيد الاستبدال، كما في قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين) لقمان 6. وكذا قوله: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) البقرة 16. وهناك مواضع أخرى تفيد المعنى نفسه... ثم ذيّل تعالى الآية بقوله: (وإياي فاتقون) البقرة 41. وتقديم الضمير يفيد الحصر، كما في قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين) فاتحة الكتاب 5. والترهيب ظاهر في التذييل.

قوله تعالى: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) البقرة 42. الآية تشير إلى قسمين من أقسام الخداع لدى اليهود.

القسم الأول: يتمثل في الجدال بالباطل وإثارة الشبهات التي لها ارتباط وثيق بما يخفى على عامة الناس ولا يمكنهم الوصول إلى تفاصيله، وهذا العمل لا يزال قائماً إلى اليوم، كما هو مبيّن في قوله تعالى: (وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق) غافر 5.

القسم الثاني: يتمثل في إخفاء الحقائق وكتمانها كما هو الحال في كتمان نعت الرسول وصفاته، وقد مر عليك ذلك من خلال البحث، وبهذا يكون القسم الأول فيه نوع من الإشراف على القسم الثاني، ومن هنا كان الترتيب آخذاً بالترقي من الأدنى إلى الأعلى.

 من كتابنا: القادم على غير مثال       

حب المصطفى/ محمد محمد علي جنيدي


قومي وقولي للغرام لقد كفى
يا نفس إن الحب حب المصطفى
القلب إن ذاق المحبة للنبي
يرو رحيق البر ريا للشفا
والحب إن رام الحبيب فذا الذي
فيه رضا المولى ومن نال اكتفى
شوق القلوب بغيرهِ متهالكٌ
إن مال عن حب الحبيب فقد جفا
يا نفس هذا العمر ولى حائرا
ويفيض قلبي بالحنين تلهفا
ذوقي وذوبي واصطلي في حبهِ
نلق الأحبة في ظلال من صفا
إني رأيت الشوق فيه مذلةً
في غير حب الله بات تأسفا
 –  مصر
من ديوان / مواكب الأنوار للنبي المختار
m_mohamed_genedy@yahoo.com

الرجوع الى النفس/ نسيم عبيد عوض

قصة الإبن الضال تعتبر درة أمثال الرب يسوع المسيح فى الكتاب المقدس‘ والذى يوضح فيه محبة الله للخطاة ‘ ومسار الخطية والتوبة ‘وفصل إنجيل الأحد الثالث من الصوم المقدس جاء ضمن الإصحاح الخامس عشر من إنجيل معلمنا لوقا البشير." كان السيد المسيح جالسا يعلم " وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه .فتذمر الفريسيون والكتبة لأنه يقبل خطاة ويأكل معهم‘ وقد أكد لهم "لأنى لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة الى التوبة."مت9: 11 ‘ ومع زكا رئيس العشارين قال" لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ماقد هلك ."مت18: 11‘لأنه هو الذى لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا.

وفى هذا الإصحاح قدم لنا الرب ثلاثة أمثلة تبرهن على:

1- أبوته الحانية لعودة الضال( رآه أبوه فتحنن)  2- شوقه الإلهى نحو الإنسان التائب .   3- بحثه عن كل نفس.   فقدم لنا فى هذا الإصحاح:

الراعى الصالح ..

الذى جال البرية كلها من أجل الضال حتى يجده وإذا وجده يضعه على منكبيه- الصليب - فرحا ‘ وكما يقول الكتاب ويكون الفرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى التوبة.

الكنيسة المجاهدة على الأرض ..

التى يفتش رعاتها باجتهاد عن الدرهم المفقود الذى يحمل صورة المسيح حتى تجده‘ ويكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب.

الأب الحنون..

الله الأب الذى يتحنن ويركض ويعانق ويقبل الخاطئ ويعيد له بنوته.

صورة عظيمة يقدمها الكتاب المقدس عن إهتمام الله بخلاص الخاطئ ..

الفادى يعين...الكنيسة تجاهد ..الآب يتصالح..

الخروف الضال المتعب يرجعه الراعى ..الدرهم المفقود تجده الكنيسة ..الابن الضال يرجع الى طريق الرب.

1- هذا الخروف الذى ضل فى آدم قام فى المسيح..ووضعه أولا على منكبية –عرضتى خشبة الصليب- ..ولسان حالنا يقول وضعت خطاياى على خشبة الصليب فغسلنى من خطاياى." لأنه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع." 1كو15: 22.

2- الدرهم المفقود الذى يحمل صورة الملك المسيح ‘ تقوم الكنيسة التى هى عروس المسيح والحاملة ذات سماته الخاصة تجاه الخاطئين والساقطين والضالين ..تبحث عنهم فى كل مكان حتى تحضرهم وتترفق بهم وتبتهج برجوعهم الى حظيرة المسيح.

3- الابن الضال والذى فيه تحققت المصالحة السمائية وكمثال بتحقق الخلاص لكل خاطئ يتوب.. وفى هذا المثل تأملات عميقة ورسالة سمائية لنا جميعا‘حيث يظهر حب الله للإنسان الخاطئ ‘ وفيه تظهر التوبة وكيف تفرح قلب الله الآب ‘ وكيف يعود الانسان الخاطئ الى نفسه وكأنه فى خطيته قد فقدها ‘فيرجع علاقته بالله ‘وكأن الله يخاطب العشارين والفريسيين ويبين لهم كيف يفرح الله بنجاة انسان من الهلاك ؟ وكقول الكتاب:

" وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيئ وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرفا."  والكورة البعيدة تتمثل فى حياتنا (الأنا) التى هى الأنانية وحب الذات ‘ أو التقوقع حول الذات بعيدا عن السيد المسيح ‘ رحيل بالقلب الى كورة بعيدة عن صاحب النعم ويتكل على ذاته ‘ولسان حاله يقول انا مكتفى ولست فى حاجة لشيئ‘ ومن يتكل على ذاته يفقد عمل الله ‘ ومن ينفصل عن المسيح يستوطن فى هذا العالم ‘ وينفصل عن أهل بيت الله‘ ونحن الذين قال عنا الكتاب" أنتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح." أف2: 13‘ فأخترنا بحريتنا أن نتغرب الى كورة بعيدة.

"وهناك بذر ماله بعيش مسرف" وماله هذا أصلا هو من الله أبينا‘ وهذا مثل لإنسان هذا الزمان وتعامله مع الله:

أ- أعطانا نعمة المحبة لله وللآخرين ..ونبذرها فى محبة العالم وشهوات العالم .

ب- وهبنا العقل والحكمة والتدبير الحسن ونبذرهما فى اللهو وتضييع الوقت فى غرور العالم ومدياته.

ج- أعطانا الله الصحة لنبذرها فى الملذات والمهلكات.

" فلما أنفق كل شيئ حدث جوع ..فابتدأ يحتاج." وهذا نتيجة طبيعية للبعيد عن مصدر الشبع ‘ فعندما تهرب النفس من الله مصدر كل إكتفاء ‘مصدر الشبع وكنز العطايا والخيرات ‘تجد نفسها فى حالة فراغ داخلى وجوع روحى‘ والعالم كله بإغراءاته وشهواته لا تملأ فراغ النفس التى تحمل صورة الله فهو وحده الذى يملئها.

1- كل من يبتعد عن كلمة الله يجد نفسه فى مجاعة. 2- الذى يبعد عن ينبوع الماء الحى يعطش الى الأبد. 3- البعيد عن كنوز الحكمة يصير جاهلا.  4- البعيد عن مصدر الحياة يفقدها ويموت فى خطاياه.

وبينما أولاد الله يسبحون مع المرتل " خير لى الإلتصاق بالرب" يذهب هذا الابن الضال ليلتصق بالشيطان الذى يرسله الى حقول الشر ليرعى خنازيربنجاستها‘وحتى هذا الدنس والنجاسة لم يشبع منها ‘ ووجد نفسه وقد تخلى الجميع عنه ولم يعطه أحد ‘ ولا أحد فى الدنيا يقدر على إشباعه.

" فرجع الى نفسه .." لأنه كان قد فقدها..والرجوع الى النفس هو أساس الإصلاح والصلاح‘ والرجوع للنفس هو إستيقاظ الضمير كقول الرسول " انها ساعة  لنستيقظ  من النوم فان خلاصنا الآن اقرب مما كان حين آمنا." رو13: 11‘ وهذه دعوة لكل من خرج من نفسه التى وهبها الله يعود اليها ويطلب الغفران والتوبة.  واذا كانت الخطية هى تحطيم للنفس بدخولها لكورة بعيدة عن الله فالتوبة هى عودة الإنسان ورجوعه الى طريق الخلاص للنفس.والآب السماوى وحده هو القادر على تجديد هذه النفس  وإشباعها داخليا وخارجيا. يعود الى كورة الآب السماوى ليمارس الحب كعطية إلهية ويوجد بالحق كعضو عامل فى بيت أبيه. يفتح قلبه لله ولملائكة السماء التى تفرح وتبتهج وتسر برجوعه.

كل توبة تسبقها عودة للنفس والإعتراف بخطيتها ثم نوال الحل والغفران كسر كنسى أسسه الرب يوم غسل أرجل تلاميذه وقال لهم " الذى اغتسل ليس له حاجة إلا لغسل رجليه بل هو طاهر كله." يو13: 10. 

" أقوم وأذهب الى أبى وأقول له ياأبى أخطأت الى السماء وقدامك ."  حقا فان كل خطية فى أساسها موجهه لله نفسه‘ لأنها تفقدنى نعمة المصالحة ومحاصرة محبته لنا‘ وفى الرجوع لى النفس رجوع الى الله واهبها‘ وبالتوبة يتحقق خلاص النفس والمتمثل فى :

1- غفران الخطايا " إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم ."1يو1: 9.    2- محو الخطية تماما وعدم ذكر الله لها. كقول الكتاب" إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ‘إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف." اش1: 18.    3- خلاص النفس فى يوم الرب وهو الوعد بالرجاء فى الحياة الأبدية لأن ابن الإنسان قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك.    4- المصالحة مع الله بربنا يسوع المسيح.كقول الكتاب " فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." رو5: 1 الذى صالحنا بدمه الكريم ونقض السياج المتوسط أى العداوة  5- استعادة بنوتنا لله ورد الأعتبار والعودة الى الصورة التى تجددنا بها فى الميلاد الثانى كصورة الله ومثاله. والتى تمثلت بالحلة الأولى التى طلبها الأب ليلبسها إبنه الذى كان مفقودا فوجد والذى كان ميتا بالخطية فعاش ‘ رد الإعتبار وثوب النعمة والمحبة والحكمة والنقاوة "انتم الذين اعتمدتم قد لبستم المسيح"  فهذه الحله الأولى أو الثوب الأبيض قد دفع ثمنه يسوع المسيح وحدة على الصليب كقول الرسول" عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب بل بدم كريم كما هو من حمل بلا عيب ." 1بط1: 18.

وما أحلى الرجوع الى الله بالتوبة الصادقة ‘ وحتى يكون أيام صومنا الكبير بالصلاة أيام قداسة وطهارة ونقاوة قلب ومحبة ‘ولنصلى دائما "اللهم نسألك أن تقبل توبة أولادك الراجعين لك واستجب لصلواتهم ..قلبا نقيا إخلق في يا الله..وروحا مستقيما جدده فى أحشائى.. لا تطرحنى من قدام وجهك ..وروحك القدوس لا تنزعه منى ..إمنحنى بهجة خلاصك."

ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد. أمين.