قداس عيد الفصح في كنيسة مار مارون في طرابلس


الغربة ـ طرابلس
تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده قداس عيد الفصح في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه فيه المونسنيور انطوام مخايل، خادم الرعية المونسيور نبيه معوض، والخوري جوزيف فرح، في حضور العميد فواز متري ممثلا وزير العدل اللواء اشرف ريفي  وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها :"يسرّني أن أتقدّم منكم بأطيب التمنيات بمناسبة هذا العيد المجيد، عيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات وأن أنطلق معكم في تأمّلي بهذه الكلمات من بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنثية التي هي شهادة حياة وفيها تحذير وتنبيه للذين آمنوا وتبعوا المسيح كي لا ينسوه ويعودوا إلى حياتهم الماضية. إنّها شهادة حياة لأنّ بولس الرسول يعطيهم فيها خبرته التي عاشها بنفسه، وهو لا يكتفي بإعطائهم تعاليم إستمدّها من غيره، ولا هي مجرّد نظريات فكريّة وفلسفيّة وإيديولوجيّة كتلك التي يعطيها الفلاسفة والمفكرون وتأتي غالباً عصارة تفكير ونتيجة لتأملاتهم الشخصيّة. بولس الرسول يتكلّم عن حدث واقعي إختبره هو بنفسه، لأنّه، بعد أن كان عدوّاً لدوداً للمسيح، تزعّم المجموعة التي قتلت أحد المؤمنين به، الشمّاس إستفانوس، رجماً بالحجارة، أخذ أمراً من الرؤساء والمسؤولين بملاحقة المؤمنين بإسم يسوع حتى أقاصي الأرض. وبينما هو في طريقه من أورشليم إلى دمشق، إذ به يفاجأ بنور عظيم أعمى باصريه وبصوتٍ من السماء يقول له: يا شاول لماذا تضطهدني، فسأله شاول من أنت يا سيّد، فأجاب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده... لكن صعبٌ عليك أن ترفس المهماز".

اضاف بو جوده :" شاول بولس لم يعرف المسيح بالجسد أي أثناء حياته العلنيّة، بل إلتقاه بعد موته وقيامته من بين الأموات. ولذلك فإنّ إيمانه يستند على حدث واقعي. رآه وسمعه وتعرّف عليه بصورة مختلفة وهو يقول أنّ المسيح قد إستولى عليه لكي يجعل منه رسولاً مميّزاً ويرسله بين الأُمم والشعوب ليُبشّر بإسمه، ولذلك لُقّب برسول الأُمم. هذا هو الحدث الذي نحتفل به اليوم، أيها الأحباء، فالمسيح بموته وقيامته أعاد إلينا الحياة التي فقدناها يوم قرّرنا أن نستغني عن الله ونرفضه ونبني حياتنا بدونه. فشوّهنا صورته فينا دون أن نصل إلى مبتغانا كما وعدنا بذلك الشيطان، بل إكتشفنا عرينا ومحدوديتنا وحكمنا على نفسنا بالموت، وذكّرنا بذلك الرب عندما قال لنا أنّنا من التراب أُخذنا وإلى التراب نعود. يقول النبي حزقيال في الفصل السابع والثلاثين من نبوءته "إنّ روح الرب أخذني ووضعني في وسط السهل وهو ممتلئ عظاماً وأمرّني عليها من حولها، فإذا هي كثيرة جداً على وجه السهل، وإذا بها يابسة جداً. فقال لي: يا إبن الإنسان، أتُرى تحيا هذه العظام؟ فقلتُ: أيها السيّد الرب، أنت تعلم. فقال لي: تنبّأ على هذه العظام، وقل لها: أيتها العظام اليابسة، إسمعي كلمة الرب... فتنبّأتُ كما أُمرت، وإذا بإرتعاش، فتقاربت العظام كل عظم إلى عظمه ونظرت فإذا بالعصب واللحم قد نشأ عليها وبُسط الجلد عليها ولم يكن فيها روح. فقال لي تنبّأ للروح وقل هلم أيها الروح، فتنبّأتُ فدخل فيهم الروح، فعاشوا وقاموا (حزقيال: 37/1-11). ويقول القديس يوحنا في إنجيله أنّ يسوع، عندما أبلغوه أنّ صديقه لعازر قد مات، قال أنّه رقد، ثمّ قال إنّه مات، ويسرّني ذلك، من أجلكم، كي تؤمنوا. وعندما وصل إلى بيت عنيا، ذهب إلى القبر وصاح بأعلى صوته: يا لعازر، هلمّ فاخرج، فخرج الميت ملفوف الوجه مشدود اليدين والرجلين بالعصائب. فقال لهم يسوع، حلّوه ودعوه يذهب".

وتابع بو جوده يقول :" وإستناداً إلى هذا الحدث قال يسوع ما قاله لمرتا أخت لعازر: أنا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا. إقامة يسوع للموتى كما حصل مع لعازر ومع إبن أرملة نائين ومع إبنة قائد المئة هي البرهان الساطع على أُلوهيّة يسوع التي ستتجلّى بالواقع عندما سيقوم هو بنفسه من بين الأموات. على هذا الحدث يستند إيماننا نحن المسيحيّن، أيها الأحباء، وخارجاً عن هذا الحدث لا إيمان مسيحي. وإنّنا إذا وضعنا رجاءنا وإيماننا على أمور الأرض صرنا أشقى الناس أجمعين كما يقول القديس بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنثية، فإن كان المسيح لم يقم فتبشيرنا باطل وإيمانكم أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق