بلغاريا تحظر النقاب في الأماكن العامة

بي بي سي ـ
حظر البرلمان البلغاري على النساء ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه.
وكان الحزب اليميني، الجبهة الوطنية، المشارك في الائتلاف الحكومي هو من طرح مشروع القانون على البرلمان من أجل اعتماده.
ويتعلق القانون بالنقاب الذي تكون فيه العينان مكشوفتين، وكذلك بالبرقع الذي يغطي الوجه بالكامل كما هو الشأن في بعض مناطق أفغانسان وباكستان.
ولا يعتبر الحجاب لباسا تقليديا للمرأة المسلمة البلغارية. وسكل المسلمون البلغار نحو 10 في المئة من سكان البلد البالغ عددهم 7 ملايين شخص.
ويذكر أن النقاب لا ترتديه سوى عشرين امرأة تقريبا ينتمين إلى أقلية الروما التي تعيش في مدينة بازارديجك التي تقع جنوبي بلغاريا.
وكانت فرنسا وبلجيكا حظرتا ارتداء النقاب في الأماكن العامة وفرضت غرامة على المخالفات للقانون.
وفتحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الجدل عندما أيدت آنذاك حظر فرنسا لارتداء النقاب في الأماكن العامة.
واستندت المحكمة الى أن النقاب يخفي الوجه ويحول دون التماسك الاجتماعي.
وكان شيخ الجامع الأزهر في مصر، الراحل محمد سيد طنطاوي، أصدر في عام 2009 قرارا بمنع الطالبات في جامعة الأزهر من ارتداء النقاب في قاعات الدراسة ومساكن الطالبات.
واستشهد الشيخ الطنطاوي بآيات من القرآن لبيان ان النقاب ليس فرضا إسلاميا ولكنه تقليد اجتماعي.
وقد أعلنت جامعة الازهر في القاهرة منع ارتداء النقاب في الحصص الدراسية المخصصة للنساء فقط وكذلك في مقار السكن الجامعية التابعة لهذه المؤسسة التعليمية الاسلامية.

المطران بو جوده يتراس قداس عيد مار روحانا في بنشعي


زغرتا. الغربة ـ
لمناسبة عيد مار روحانا، اقيم قداس في بلدة بنشعي في قضاء زغرتا، تراسه راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، بمشاركة المعاون البطريركي المطران جوزاف نفاع، والمونسنيور يوسف نضيره، والكهنة مرسال يوسف خادم الرعية، انطوان بو نعمه، وعزت الطحش.
حضر القداس رؤساء بلديات بنشعي جوزاف رعيش، سبعل الدكتور حبيب طربيه، ومجدليا جومانه بنعيني، الوزير السابق ابراهيم الضاهر، رئيس التفتيش المركزي جورج عواد، العميد الدكتور ريمون فرحات، الشيخ نجيب خطار، الشيخ روي عيسى الخوري، رئيس مؤسسة البطير اسطفان الدويهي الشيخ بطرس الدويهي، الشيخ وديع رفول، الى عدد من مختاري المنطقة وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بة جوده عظة قال فيها:" نحتفل اليوم بعيد القديس كيرياكوس المعروف عندنا بإسم القديس روحانا وهي الكلمة التي تعني الروحاني، أي الذي جعل من حياته كلّها عبادة للرب وتكريماً له، نظراً لما تميّز به من حب لله وإرادة للإتّحاد به ولحياته التأمّليّة وشغفه بالأعمال الروحيّة. عاش القديس روحانا في القرن الخامس وتربّى على يد والدين فاضلين زرعا في قلبه حب الله وربّياه التربية الصالحة التي ساهم فيها معهم خاله الذي كان أُسقفاً لمدينة قورنتوس التي ولد فيها. كان يطالع باستمرار الكتب المقدّسة والكتب الروحيّة ويميل إلى حياة التأمّل والصلاة في الوحدة".
اضاف:" زار الأماكن المقدّسة وترهّب في دير القديس جيراسيموس الذي كان يصطحبه ليعيش معه في البريّة أيام الصوم الكبير ويمارس أعمال الإماتة والتقشّف وخدمة الآخرين وبصورة خاصة المرضى والزائرين والمسافرين. وعندما إنتشرت إحدى البدع التي هدّدت وحدة الإيمان المسيحي وعرّضته للخطر قاومها بشدّة وعمل على إرشاد الرهبان وتبيين الأضاليل التي كانت تنشرها هذه البدعة وتشجيعهم على التمسّك بالإيمان الصحيح. عاش القديس روحانا في عصر كان قد إنتهى فيه عصر الإضطهادات التي قام بها الأباطرة الرومان والحكّام ضد أبناء الكنيسة فقتلوهم وقطعوا أوصالهم إلى درجة عرفت فيها القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الكنيسة بعض الرسل والشهداء، إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين وإهتدى إلى الإيمان المسيحي بفضل أُمّه الملكة هيلانه، وقد أصدر ما سمّي بقرار ميلانو الذي حرّر الكنيسة من الإضطهاد وسمح ببناء الكنائس فأصبحت الإمبراطوريّة الرومانيّة تدريجياً، ومن بعده مع الإمبراطور تيودوزيوس إمبراطوريّة مسيحيّة".
وتابع:" لكنّ الناحية السلبيّة لهذا القرار بدأت تبرز تدريجياً بأشكال مختلفة إذ إنتشرت البدع والخلافات اللآهوتيّة حول شخص المسيح وحول كونه إبن الله حقيقة وكونه في الوقت عينه إلهاً وإنساناً وغيرها من التساؤلات ومن ناحية ثانية فقد عاد الكثيرون ممّن اتّبعوا الدين المسيحي عملاً بمبدأ دين الناس على دين ملوكهم إلى عاداتهم وتقاليدهم الوثنيّة، فإنتشرت اللآمبالاة والفتور الروحي عند الكثيرين ممّا إستدعى القيام بردّة فعل مهمّة لمعالجة هذه الأمور.  الكثيرون ممّن لم يقبلوا بالعودة إلى هذه الممارسات قاموا بردّة فعل إيجابيّة معتبرين أنّه، ولو إنتهى عصر الإضطهاد الدموي فإنّ المحافظة على المبادئ والقيم الأخلاقيّة والإيمانيّة تتطلّب فعل إماتة وتقشّف عملاً بقول السيّد المسيح الذي يقول: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني. وتلك هي الروحانيّة التي دعانا بموجبها المسيح أن نقتدي به".
واردف:" وهكذا ولدت ونشأت الحياة الرهبانيّة النسكيّة والتوحّديّة مع القديس أنطونيوس الكبير في صحراء مصر وإنتشرت تدريجياً في فلسطين وسوريا ولبنان وإنطاكية وقورش وغيرها من مناطق الإمبراطوريّة الرومانيّة في الشرق. إلى هذه المدرسة إنتسب القديس روحانا دون شكّ بعد أن زار الأماكن المقدّسة وتعرّف إلى القديس جيراسيموس، فذهب إلى المناسك يتأمّل ويصوم ويصلّي وظلّ مواظباً على ذلك طوال تسع وثلاثين سنة. وبعد وفاة جيراسيموس سنة475، أراد روحانا التوغّل في البريّة مع تلميذه يوحنا وأخذ يتنقّل من قفر إلى قفر مبالغاً في حياته النسكيّة، فمنحه الله نعمة صنع العجائب والمعجزات، فذاع صيته وإنتشرت قداسته فتقاطرت الناس إليه طالبةً الشفاء من أمراضها ومستشفعة إياه".
وتابع يقول:" كثيرون اليوم، أيّها الأحبّاء، وخاصة من العقلانيّين والفلاسفة والمفكّرين الماديّين أو الملحدين، يضعون موضع الشكّ أهميّة الحياة الرهبانيّة والنسكيّة، ويتساءلون عمّا هي أهميّة ما يقوم به النسّاك والمتوحّدين في خدمة المجتمع ويدعونهم إلى الإنخراط في حياة العالم ليساهموا في بنائه وتطوّره، في هذا المجتمع الإستهلاكي الذي يسعى إلى تأمين كل ضروريّات الحياة للإنسان المعاصر بصورة وافية ليستطيع أن يؤمّن لنفسه ولعائلته الحياة اللآئقة والكريمة، وهم يعتبرون على غرار أحد المفكّرين المعاصرين، أوغست كونت، أنّ في المجتمع فئتين من الناس: المنتجين وغير المنتجين، ويضعون النسّاك والمتوحّدين في خانة غير المنتجين، وبالطبع من بينهم قدّيسنا الذي نحتفل بعيده اليوم، وغيره من النسّاك والرهبان والمتوحّدين، كالقدّيس مارون والقديس سمعان العامودي وغيرهم الكثيرون، وفي أيامنا هذه القديس شربل مخلوف...بكل بساطة نقول لهؤلاء: من كان يعرف عنايا لولا شربل ومن كان يعرف كفيفان لولا نعمة الله وإسطفان نعمه وغيرهم... وكلّنا يعرف كيف أنّ تكريم شربل اليوم أصبح تكريماً عالمياً في الكثير من البلدان اليوم.
وختم :" ان المساهمة في حياة المجتمع، أيّها الأحبّاء، تتم على مستويين: المستوى الماديّ الذي يعود الفضل فيه للأبحاث الدراسة والإختراعات والإكتشافات التي يصحّ فيها ما قاله لله لأبوينا الأوّلين آدم وحواء عندما خلقهما وقال لهما: إنميا وأكثرا وإملأا الأرض وسيطرا عليها. وعلى المستوى الروحي الذي يدعو الإنسان إلى البقاء على علاقة روحيّة بالرب بالصلاة والتأمّل وخدمة الآخرين والإهتمام بهم ومساعدتهم على المحافظة على العلاقة الصالحة والطيّبة مع الله. إلى هذه المدرسة الأخيرة إنتمى روحانا الذي تميّز بحبّه لله وعبادته وتمجيده وقد عُرف خاصة بصوته الجميل إذ إنّه لُقّب بروحانا المرنّم، يُنشد بإستمرار الأناشيد الروحيّة والمزامير إلى درجة صحّ فيها قول المثل: من رنّم فقد صلّى مرّتين".

المدارس في بلنسية باسبانيا تلغي حظر ارتداء الحجاب

بي بي سي ـ
تراجعت السلطات المحلية في مدينة بلنسية الإسبانية عن قرارها السابق القاضي بحظر ارتداء الحجاب في المدارس.

وسُمح للطالبة تقوى رجب بالعودة إلى المدرسة بعد أسبوع من حرمانها من الحضور لرفضها خلع الحجاب.

وقالت السلطات المحلية في مدينة بلنسية، يوم الاثنين، إن الطالبة تقوى رجب، البالغة من العمر 22 عاما، سيُسمح لها بارتداء الحجاب داخل الصف في مدرستها بنليور الثانوية، حيث تدرس السياحة في فصول مسائية.

وكانت المدرسة قد قالت لتقوى إنها لا يمكنها حضور المحاضرات لعدم التزامها بقواعد الزي المعمول بها في المدرسة منذ عام 2009 والتي تحظر على الطلاب ارتداء أي غطاء للرأس.

وكانت السلطات المحلية قد قضت في بادئ الأمر أن للمدرسة الحق في وضع قواعدها الداخلية، وأنه لا يمكن لإدارة التعليم في بلنسية التدخل في الأمر.

ونقلت بعض المصادر أن ثمة اقتراح آخر كان مطروحا وهو أن تنتقل الطالبة إلى مدرسة أخرى قريبة تقدم نفس البرنامج الدراسي، لكنها تسمح بارتداء غطاء الرأس.

لكن تقوى رفضت ذلك الاقتراح ولجأت إلى المنظمة الخيرية المناهضة للعنصرية "اس أو اس راسيسمو"، التي رفعت الأمر إلى هيئة تحكيم وإلى السلطات الإقليمية في بلنسية.

ويوم الاثنين، أعلنت الحكومة الإقليمية، التي يشكلها تحالف الاشتراكيين اليساري وحزب كومبرومس، من بلنسية، أنها "تضمن الحق في التعليم" للطالبة التي ولدت من أبوين مغربيين مهاجرين إلى إسبانيا.

وقالت إدارة التعليم في بلنسية إنها توصلت إلى قرارها بناء على محادثات "مع العديد من الجهات الإدارية والاجتماعية."

كما أعلنت السلطات أنها ستضع مجموعة من القواعد فيما يتعلق بالزي المناسب في المدارس في الإقليم.

ومن غير المعتاد أن تتخذ السلطات المحلية قرارا في مثل تلك الحالات.

وكانت مدرسة في مدريد قد حظرت، منذ عدة سنوات، دخول طالبة مسلمة لنفس السبب، ورفضت السلطات المحلية اتخاذ موقف معين في تلك المسألة، التي أحيلت إلى المحكمة العليا في مدريد، والتي قضت لصالح المدرسة.

إسهروا إذا../ نسيم عبيد عوض

تقدم لنا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المستقيمة الرأى فصول أناجيل المجيئ الثانى للرب يسوع للدينونة فى الأسبوعين الأخيرين من السنة القبطية . على إعتبار أن إنتهاء العام القبطى هو رمز وإشارة لنهاية العالم وهذا الدهر ‘ تذكيرا لنا نحن المؤمنين بالرجاء بالمجيئ الثانى  ويوم الرب العظيم ‘ الذى جاء أولا متجسدا فاديا ومخلصا للعالم ‘ ويكون رجائنا أنه سيجيئ ثانية لدينونة العالم .وقد فصلتها الأناجيل الثلاثة(متى 24‘ مر13 ‘ لو21 ) والملاحظ ان القديس يوحنا لم يكتب عن المجيئ الثانى لأن الله أطال فى عمره حتى أصعده فى رؤيا للسماء وأراه المجيئ  الثانى ودينونة العالم بوقائعها كما ستحدث فعلا وكتبها لنا كأمر الرب.(سفر الرؤيا)

وهذا نص إيماننا (( وأيضا يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات)) ‘ وفى القداس الباسيلى يقول الأب الكاهن للشعب" رسم يوما للمجازاة هذا الذى يظهر فيه ليدين المسكونة بالعدل ‘ ويعطى كل واحد فواحد كأعماله."وهنا تصرخ الكنيسة "كرحمتك يارب وليس كخطايانا ." ‘ والرب له المجد قد أخبرنا بذلك (( لا تضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى .فى بيت أبى منازل كثيرة . والا فإنى كنت قد قلت لكم. أنا أمضى لأعد لكم مكانا‘ وإن مضيت واعددت لكم مكانا آتى ايضا وآخذكم حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا." يو14 .

والله قد عرفنا كل علامات المجيئ الثانى ويقول لنا "ها انا قد سبق وأخبرتكم ."مت24: 25‘ وأيضا قوله الإلهى" السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول." مت24: 35‘

وأيضا بعد أن عدد علامات الأزمنة الأخيرة الصعبة قال لنا الأهم وهو " اسهروا إذا لانكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم ." مت 24: 42 ‘ ولذلك وجب على المؤمنين جميعا أن يكون رد فعلهم واحد بالسهر فى حياة توبة صادقة ‘

ولأن الذى يصبر الى المنتهى فهذا يخلص ‘

ولأنه قد يأتى وقت إنتقالنا من الأرض الى السماء فى أى وقت بعد الآن قبل مجيئه الثانى

ولكننا نعيش سواء على الأرض أو فى السماء  ورجائنا ثابت بهذا المجيئ ‘ ونسهر ونكون مستعدين لتوقع مجيئة فى أى وقت ‘ونكون مستعدين لمجيئ العريس كالعذارى الحكيمات ‘فمتى جاء سندخل معه وسيغلق الباب‘ فلن يدركنا هذا اليوم كلص فى الليل (كالأشرار) لأننا نعيش فى استعداد وسهردائم ‘ ونحفظ ثيابنا البيض لكى لا نمشى عرايا بالخطايا.

وقول الرب له كل المجد بالنصيحة لنا " فانظروا الى أنفسكم " لكى لا نكون فى وقت مجيئه  أحد الذين وصفهم الكتاب فى  رؤ 6: 15-17" وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر ‘ أخفوا أنفسهم فى المغاير وفى صخور الجبال ‘ وهم يقولون للجبال والصخور اسقطى علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف لأنه قد جاء يوم غضبه ومن يستطيع الوقوف. لأنه مخيف هو الوقوع فى يدى الله الحي."

ولننظر لأنفسنا " لئلا تثقل قلوبكم فى خمر وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة."لو21: 34 ‘ و " لأنه حينما يقولون سلام وأمان حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون." 1تس5: 2

الرب يرسل رسالة لنا اليوم لنقف وقفة صادقة مع أنفسنا ‘ فقد يأتى وقت ربنا فى أية لحظة من الزمن ‘ وكقول الرب قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله ."مر1: 15‘

فلنبدأ بمحاسبة أنفسنا اليوم ‘ ونقول مع الإبن الضال الذى رجع الى نفسه" الأن اقوم وأرجع الى أبى‘ وأقول له أخطأت ياأبتاه الى السماء وقدامك ولست مستحقا أن أدعى لك إبنا..‘  واليوم أقدم لك سؤال ‘ ومحاسبة , دعوة,

أولا: أول سؤال هل أنا ممتلئ بالروح القدس ؟

أفحص نفسك لأن ثمار الروح القدس " محبة ‘ فرح ‘ سلام ‘طول أناة‘ لطف‘ صلاح‘ إيمان‘ وداعة‘ تعفف."غل5: 22 و23


1) عندما وصل القديس بولس الى أفسس سأل أهلها: "هل نلتم الروح القدس حين آمنتم؟ قالوا: لا حتى أننا لم نسمع أن هناك روح قدس" (أع 19/ 1-16).

2) حتى في أيامنا هذه كثير من المسيحيين حتى وإن سمعوا به لا يعرفون من هو ويعتقدون أنه إلهام وهو الملهم. يعتقدون انه وحي وهو الموحي، يعتقدون أنه نعمه وهو المنعم... يعتقدون أنه رمز (طير حمام يوم اعتماد المسيح أو ألسنة من نار يوم العنصرة أو شيء من الأشياء فيما هو شخص حقيقي على غرار الآب والابن، مساو لهما في الجوهر واله مثلهما ساكن فينا ونحن هيكلا له ).

المؤمنين كقوله الكريم  الروح القدس في حياة المؤمن: لقد وعد السيد المسيح بالروح القدس وأرسله ليس فقط للتلاميذ بل أيضاً لكل  لو11: 13":

فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ 

4) هدف الروح القدس في حياة المؤمن هو تجديد حياته كما جاء في المزمور 104 "ترسل روحك فيخلقون وتجدد وجه الارض". وتجدد وجه الانسان، حياة الإنسان، قلب الانسان. والتجدد يكون بالانتقال من حال إلى حال:
- من الموت إلى الحياة، من صورة الله المشوه فينا بالخطيئة إلى صورة مجد الله البهية.
- من عبودية الخطيئة إلى حرية الروح: "إذ حيث يكون روح الرب فهناك الحرية" (2 كو 3/ 17).
- من الموت الأبدي إلى القيامة المجيدة وبالتالي من موت الرذائل إلى قيامة الفضائل.

ثانيا: فى محاسبة أنفسنا قبل بدء العام الجديد ‘ دعونا نلقى قليل من الضوء على صفات الانسان فى الأيام الأخيرة: حتى نستطيع أن نقيم علاقتنا بالله وحياتنا الروحية:

كقول معلمنا القديس بولس الرسول فى رسالته لتلميذه تيموثاوس الثانية 3: 1-5"

" ولكن اعلم هذا أنه فى الأيام الأخيرة ستأتى أزمنة صعبة . ولكن الناس يكونون:

1- محبة النفس: أساس كل الشرور وجذورها ‘حيث تغلق النفس والقلب عن محبة الله"  من يريد أن يتبعنى فلينكر ذاته" وليكون كل عمل أو خدمة هو لمجد وكرامة الله أولا وأخيرا.

2- محبة المال والطمع: وخطورتها هو الطمع ‘ لأنها كما قال الرسول عبادة أوثان ‘ وان هذا الانسان لا يشعر بالعرفان بالجميل لأحد ‘ لا يرويه مال العالم فينسى كل ماحوله وما بداخله وما لله فيه .

3- حب العظمة والكبرياء : إنسان عطشان الى حب الكرامه الباطلة والمجد الزمنى ‘ وهذه كلها أمور تفقد الانسان سلامه الداخلى ‘ ويعيش وحيدا بين الناس‘ وليس عجبا ان يكرر الكتاب قوله " الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعين يعطيهم نعمة".

4-التجديف: محبة الذات والطمع والكبرياء ينحرف ببصيرة الانسان الداخلية عن الله نفسه ‘ فيكون أعمى عن وسائل الخلاص وطرقها وعن عطايا الله المجانية للبشر ‘ يقاوم روح الله داخله وينكر قوته ‘ يقوده هذا الى التجديف على الله ‘ وهذه خطية "لا تغفر فى هذا الدهر ولا فى الدهر الآتى" ولا عجب من إنتشار الإلحاد فى العالم اليوم .

5- عدم طاعة الوالدين : وطبعا الذى لا يعرف طاعة الله ليست فيه طاعة لأحد ولا لوالديه ‘فالذى يفقد الأبوة الإلهيه لا يحترم أبواه على الأرض.

6- عدم الشكر أو الجحود : كل الخطايا السابقة تشعر الانسان بفراغ داخلى لا يستطيع العالم أن يملأه ‘ فالانسان بدون شبع روحى لا يعرف الشكر والحمد والتسبيح ‘ فيعيش فى حياة جحود تفقد الانسان صوابه.

7- الدنس: الانسان بدون شبع روحى يعيش حياته نحو إشباع جسده وشهواته الجنسية ‘ فيتدنس ويتنجس ‘ فاللذه الجسدية تزيده إنخراطا فى تصرفات دنسه بعيدة عن الطهارة الجسدية وبالتالى القداسة الروحية والتى بدونها لن يعاينون ملكوت الله.

8- عدم الحنو : أى عدم وجود ود طبيعى بين البشر ‘ وهذه أصبحت سمة من سمات الانسان فى ذلك الزمان ‘ فاشباع الملذات الذاتية تبعد الانسان عن الود الطبيعى لغيره من أخوته فى الإنسانيه ‘ وهذه محبة طبيعيه خلقها فينا الله تنتج عن محبتنا له ‘ فمحبة الله ومحبة الغير وصية واحدة .والذى يحب الله بصدق لا يعرف بغضة للآخرين.

9- عدم الرضا : وعدم القناعة والتبرم باستمرار ينسى الانسان شكر وحمد الله ‘ فينقض العهد مع الله أولا ثم الانسان أخيه ثانيا.

10- الثلب: ومعناه اتهام الآخرين بالزور ‘ فلا يقف الأمر عن نقض العهد وإنما يتهم غيره زورا.

11- عدم النزاهة أو عدم العفة: بفقدان الانسان قدرته عل ضبط نفسه ورغباته سواء باللسان أو الشهوات الجسدية ‘ انسان يعيش فى ملذاته بدون ضابط.

12- الشراسة : الخطية تفقد الأنسان إنسانيته ليحيا شرسا يقاوم الآخرين بلا سبب حقيقى بروح عدوانية .

13- غير محبين للصلاح: إحتقار كل أمر صالح والإستهانة  به‘ ولوى الحقائق ‘ وينظرون الى كل صلاح بتفاهة وعدم إكتراث. ناسيين أن الله خلقنا من أجل أعمال صالحة.

14- الخيانة: خيانة الانسان للعهد الإلهى والعهد الطبيعى الذى زرعه الله فى البشر ‘ يجعله يخون الصداقه وحق الجيرة وأى علاقات بشرية صادقة .

15- الإقتحام: التدخل بالشر فيما لا يعنيهم ‘ اى  الرغبة فى اقتحام حياة الآخرين بدون مبرر .

16- التصلف : أى الكبرياء بدون ترو ‘ فالصلافة هى العظمة الغبية.

17- محبة الذات دون محبة الله : لأن محبة الانسان لإشباع رغباته تقف حائلا بينه وبين محبة الله ‘ فتجلب عليه سلسلة من الخطايا لا يستطيع مقاوماتها.

18- وأخيرا الذين لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون لقوتها‘ وهذه أخطر أنواع الشرور ‘ الذى يتجمل فيه الانسان بشكل التقوى ‘ ولكنه حقيقة يعيش فى الخطايا ‘ يعيش فى حياة الخداع المظهرى البراق ‘ وأما الداخل مملوء فسادا ودنس ونجاسة ‘ وهذه هى خطية الرياء التى يصعب على صاحبها التعلم ‘ ولكن خطورتها هو خداع الآخرين وحجر عثرة للغير.

هذه بعض العلامات وصفات الانسان فى الأيام الأخيرة ‘ فلا تنظر حواليك وتقول هذا عن فلان وهذه عن فلانة ‘بل أقول لك قول الرب " فانظروا الى أنفسكم" أولا ‘حتى نكون فى سهر كامل لهذا اليوم العظيم.

ثالثا وأخيرا سرعة التوبة والإعتراف بالخطايا والتناول من جسد الرب ودمه الذى يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه.

 ولإلهنا المجدالدائم . أمين.

سورة البقرة: الآية 112/ عبدالله بدر اسكندر

اللسان الذي يطلق له العنان قد يكون عبئاً على المتكلم إن لم يقدر على إرجاع الشواهد النقلية إلى المصادر المخصصة لتبيان العلل الفقهية المستنبطة من كتاب الله تعالى، ولذلك نرى أن أصحاب التفكير السطحي لا يحصلون على المبرر الكامل الذي يمكنهم من وضع الأسس الكلامية في مكانها المناسب، وأنت خبير بأن هذا الفعل سوف يجلب الويل تلو الويل لمن اعتمد على إظهاره بالطرق الخارجة عن المراد الإلهي الذي يناشد به القرآن الكريم، وكذا ما تطرقت إليه السنة النبوية، أو ما نادى به الصلحاء، وخلافاً لهذا الاتجاه لا نجد للدعوات الباطلة ما يؤيدها، علماً أن هذه الدعوات لا تهدف إلى تنزيه دين الله بقدر ما تهدف إلى تشويه الدين وإن كان الثمن بخساً، وإذا أردنا أن نحاكي هذا الأمر الجلل فمن الضروري أن نذكر ما يتطرق إليه الدعاة من البوح الجائر الذي يهتك حرمات الدين من خلال الوسائل الحديثة، أو ما يؤلف ويكتب في جميع المراحل التي يعيشها الإنسان، وعند التعرف على خلاصة هذا الأمر نكون قد التقينا وجهاً لوجه مع أولئك العلماء الذين يبذلون ما بوسعهم من أجل إسقاط التكاليف الشرعية عن جم غفير من الناس الذين لم يصل إليهم التبليغ حسب زعمهم، ولا يخفى على أولي النهى بأن هذا الادعاء الباطل لا ينسجم مع المعطيات الحقيقية التي نزل بها القرآن الكريم، إذن كيف نجعل لهذا الأمر طريقاً وسطاً بين الإنسان الموحد الذي مات على فعل قليل من المحرمات، وبين الإنسان غير الموحد الذي لا يهتدي سبيلاً إلى الابتعاد عن الموبقات إذا علمنا أن الأول لن يغفر له، فيما تكون المغفرة من نصيب الثاني... تلك إذاً قسمة ضيزى. من هنا يجب أن نسأل هؤلاء الناس عن الدليل الذي استندوا إليه في تبرئة الملحدين لا سيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه وسائل الإعلام وأصبح الناس كلهم ينهلون من منهل واحد، هذا إذا أردنا أن نكون في منأى عن الاعتبارات غير الصائبة.
وبناءً على هذه المقدمة يمكن أن نلجأ إلى الحلول الشاملة التي وردت في القرآن الكريم لنعلم مدى ضعف تلك الآراء المنادية بإلغاء العدالة، سواء أكانت عبثية أو مبنية على أسس خاطئة لا تحكمها إلا العواطف الهدامة، وكما ترى فإن القياسات الفعلية الناتجة عن تلك العواطف لا ترقى إلى التطلعات القريبة من الروح القرآنية، واستناداً إلى هذا المفهوم يمكن أن نربط بين ما ورد في القرآن الكريم، وبين ما يدعو إليه أولئك العلماء لنرَ الفرق بين الاتجاهين، ثم بعد ذلك نصل إلى معرفة الحقائق العلمية المشار إليها في كتاب الله تعالى والداعية إلى عدم مغفرة ذنب المشرك إذا مات عليه، كما في قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً) النساء 48. وكرر هذا اللفظ مع فارق يسير في الآية 117. من نفس السورة. وكذا قوله: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) المائدة 72. وقد يستثنى من هذا البيان بعض الناس الذين لم تقم عليهم الحجة وذلك بسبب ما ألم بهم من ضعف الحال، وقد أشار سبحانه إلى هؤلاء بقوله: (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) النساء 98. فهذه الآية وإن كانت واردة ضمن سياق أحكام الهجرة إلا أن العبرة بعموم اللفظ.
واختصاراً لهذا النهج نستطيع أن نضع حداً للنداءات الباطلة وذلك بواسطة التمييز الشامل المراد من الفحوى الناتجة عن طريق الجمع بين الآيات التي تبين أن الأعمال الحسنة المتصدرة لعناوين غير الموحدين لا يمكن أن تقبل وإن كانت سليمة في نفسها، وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى بقوله: (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) الأعراف 147. وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) الفرقان 23.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة 112. (بلى) إيجاب لما بعد النفي، وقد وردت في أكثر من عشرين موضعاً في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) البقرة 260. أي بلى آمنت ولكن ليزداد قلبي إيماناً... وقد بينا في هذا الكتاب معنى زيادة الإيمان... ومن أراد ذلك فليراجع الآية الثالثة من سورة البقرة.
وفي هذا الشأن يقول الفخر الرازي: إن: (بلى) في هذا الموضع تدل على عدة وجوه منها:
أولاً: إثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة.
ثانياً: إنه تعالى لما نفى أن يكون لهم برهان أثبت أن لمن أسلم وجهه لله برهاناً.
ثالثاً: كأنه قيل لهم، أنتم على ما أنتم عليه لا تفوزون بالجنة، بلى إن غيرتم طريقتكم وأسلمتم وجهكم لله وأحسنتم فلكم الجنة، فيكون ذلك ترغيباً لهم في الإسلام وبياناً لمفارقة حالهم لحال من يدخل الجنة، لكي يقلعوا عما هم عليه ويعدلوا إلى هذه الطريقة.
ويضيف الرازي: أما معنى: (من أسلم وجهه لله) فهو إسلام النفس لطاعة الله، وإنما خص الوجه بالذكر لوجوه:
أولها: لأنه أشرف الأعضاء من حيث إنه معدن الحواس والفكر والتخيل، فإذا تواضع الأشرف كان غيره أولى.
وثانيها: أن الوجه قد يكنى به عن النفس، قال الله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) القصص 88. وقال: (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) الليل 20.
وثالثها: أن أعظم العبادات السجدة وهي إنما تحصل بالوجه فلا جرم خص الوجه بالذكر، ولهذا قال زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت... له الأرض تحمل صخراً ثقالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت... له المزن تحمل عذباً زلالاً
فيكون المرء واهباً نفسه لهذا الأمر بإذلالها، وذكر الوجه وأراد به نفس الشيء، وذلك لا يكون إلا بالانقياد والخضوع وإذلال النفس في طاعته وتجنب معاصيه، ومعنى: (لله) أي خالصاً لله لا يشوبه شرك، فلا يكون عابداً مع الله غيره، أو معلقاً رجاءه بغيره، وفي ذلك دلالة على أن المرء لا ينتفع بعمله إلا إذا فعله على وجه العبادة في الإخلاص والقربة.
أما قوله تعالى: (وهو محسن) أي: لا بد وأن يكون تواضعه لله بفعل حسن لا بفعل قبيح، فإن بعض الناس يتواضعون لله بأفعال قبيحة، وموضع قوله: (وهو محسن) موضع حال كقولك: جاء فلان وهو راكب، أي جاء فلان راكباً، ثم بين أن من جمع بين هذين فله أجره عند ربه، يعني به الثواب العظيم، ثم مع هذا النعيم لا يلحقه خوف ولا حزن، فأما الخوف فلا يكون إلا من المستقبل، وأما الحزن فقد يكون من الواقع والماضي كما قد يكون من المستقبل، فنبه تعالى بالأمرين على نهاية السعادة. انتهى بتصرف يسير منا. ومن أراد المزيد فليراجع التفسير الكبير المسمى مفاتيح الغيب للفخر الرازي.
فإن قيل: ألا يدل قوله تعالى: (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) الأنعام 19. على أن بعض الناس لم يصل إليهم التبليغ؟ أقول: في الآية دليل لا يقبل الشك على أن القرآن الكريم حجة على جميع أهل الأرض، وذلك بسبب أن طرق التبليغ لم تنقطع من لدن نزوله إلى يوم القيامة، فتأمل هذا الدليل إن شئت.

من كتابنا: السلطان في تفسير القرآن 

المطران جورج بو جوده يحتفل بعيد الصليب في الموقع الرمز



لمناسبة عيد ارتفاع الصليب، تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، صلاة عيد ارتفاع الصليب، في الموقع الرمز الذي شيده المحسن الزغرتاوي الشيخ سركيس يمين، في المكان الذي يعرف بكوع الصليب عند مدخل بلدة ايطو في قضاء زغرتا، وعلى الطريق الرئيس الذي يربط زغرتا بأهدن. عاون المطران بو جوده في القداس خادم رعية بلدة ايطو الخوري عزت الطحش، والخوري طوني بو نعمه.
حضر القداس الشيخ سركيس يمين وعائلته، وحشد من المؤمنين من بلدة ايطو والجوار.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" نرفع اليوم هذه الصلاة في عيد ارتفاع الصليب، مع الشيخ سركيس يمين وعائلته، ومع المؤمنين جميعا، تكريما للصليب المقدس في عيد ارتفاعه وتمجيده، وكما سمعانا في الرسالة ان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، اما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله". وهي حقيقة اساسية لان الصليب في الاساس كان علامة للذل والهوان، علامة للاحتقار لكل شخص يرفع عليه، خاصة المجرمين الكبار، الذين كانوا يرفعون على هضبة، حتى يراهم كل المارة ويبصقون عليهم ويلعنوهم".
اضاف بو جوده:" يسوع عومل معاملة المجرمين، رفع على الصليب، وكما نقرأ في الانجيل عن معاملتهم له بالذل والاحتقار، ولكنه انتصر على الصليب وعلى الموت، هي الاتي من اجل خلاصنا، ومصالحتنا مع الله، انتصر على الموت عربونا عن انتصارنا، وهذا التناقض الذي يحدثنا عنه مار بولس، في رسالته الى اهل قرنثيا يؤكد على هذه الحقيقة، "عند الهالكين جهالة، وعندنا هو علامة الفخر والانتصار".
وختم بو جوده:" اننا اليوم نكرم الصليب، ولكن في مرات كثيرة لا نحترم قدسية الصليب، فالصليب هو علامة المجد والانتصار والتفاني والموت في سبيل القيامة" ان حبة الحنطة اذا لم تقع في التراب وتمت تبقى مفردة ولا تعطي ثمار" من هنا علينا العمل بتجرد وعدم التباهي وعدم السعي الى المظاهر الخارجية، والعيش بتواضع ومحبة، ونعرف كيف نتخطى كل ما من شانه ان يبعدنا علن المسيح".
بعد الصلاة بارك المطران بو جوده هريسة العيد، التي تشارك فيها جميع الحاضرين في مناسبة ارتفاع الصليب.

تقويمنا بدم الشهداء/ نسيم عبيد عوض

ونحن نحتفل ببدأ السنة القبطية اليوم الأحد  11 سيتمبر الموافق 1 توت سنة 1733 ش ‘ لا ننسى دم شهداء  الأقباط ‘الذى مازال يسيل على تراب أرض  مصر حتى يومنا ‘لأنه بهذا اللون الأحمر سطر دم شهداء المصريين – الأقباط – تقويم مصر القبطى.

وبدم شهداء الأقباط بدأ التقويم القبطى عام 284 م يوم 29 أغسطس بحساب التقويم اليوليانى‘ وهو الآن   يوافق كل عام يوم 11 سبتمبر ( أو 12  فى السنة الكبيسة) حسب التقويم الغريغورى.

بلون الدم الأحمر هذا اختار الأقباط ان يبدأ تقويمهم ليس من أكثر من ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد بل من يوم إعتلاء  دقلديانوس عرش القيصرية عام 284 م والذى دام حكمه حتى عام 305م , الذى لما رأى إنتشار المسيحية فى مصر أمر أرخيلاوس الوالى على مصر بقتل كل مصرى يرفض عبادة أوثان روما والسجود لها , ولم يعبأ الأقباط بذلك وتمسكوا أكثر بدينهم ومسيحهم, فحضر هو _دقلديانوس – بنفسه لمصر وهدم الكنائس وأساء الى رؤساء وكهنة الكنيسة , وسبى نساء وأطفال الأقباط , وقتل المئات والألوف بالجلد والذبح والحرق والشنق , ودام الأضطهاد 9 سنوات , استشهد فيها 840 ألف نفس(سنكسار 29 هاتور) امتلأت الشوارع بدمائهم, وعرف عصره بعصر الشهداء , وأصبحت كلمة عذاب الشهداء مثلا يحتذى به , وكان الشهداء وهم يعذبون قبل استشهادهم يهتفون فرحين " من أجل المسيح ولأجل المسيح"
وكان آخر من أستشهد من المؤمنين فى ذلك الوقت القديس بطرس الأول البابا السابع عشر من باباوات الأسكندرية إذ قطع رأسه عام 311م , ودعى خاتم الشهداء ( سنكسار 29 هاتور).

ولكن مازال دم المسيحيين يسيل على أرض مصر يوما بعد يوم ‘ يروى إيمانها فتزداد قوة ورسوخا‘ وقد أفاق العالم على ذبح 21 قبطيا مسيحيا على أيدى الدولة الإسلامية التى أعلنها مايسمون أنفسهم دولة الإسلام الصحيح ‘ الذين هم ولاة الوهابية المنتشرة بدعم المملكة السعودية ‘ ففى يوم 30 ديسمبر 2014 وفى مدينة سرت الليبية تم القبض على 7 عمال أقباط مسيحيين إعترفوا بدينهم أنهم مسيحيون‘ وبعد ذلك بأيام فى 3 يناير 2015  تم القاء القبض على 14 قبطى اعترفوا بمسيحيتهم ولم ينكروا مسيحهم ‘ وأجتمع ال21 معا فى سلسلة عذاب لا يطاق من أجل إنكارهم مسيحيتهم ‘ ولكنهم إعتبروا أنفسهم مصلوبون مع مسيحهم ‘ فتشددوا أمام آلات التعذيب وثبتوا على إيمانهم ‘ وفى صباح يوم 15 فبراير 2015 أذاعت هذه الدولة الإسلامية فيديو بشع وهم يذبحون ويقطعون رؤوس الواحد وعشرين مسيحيا ‘ ورأى العالم دمائهم الحمراء تغطى بحر العالم ‘ ورأى العالم كله قوة ثبات هؤلاء المسيحيين ‘ بل وسلامهم ونداءهم لربهم المسيح وهم مقبلون على الذبح ‘ وهكذا وفى القرن الواحد والعشرين قدم الأقباط المسيحيين للمسكونة كلها قوة إيمان المسيحى بإلاهه ‘ وليثبت حقيقة الإيمان المسيحى ‘ وإن الإيمان بالحياة الأبدية ليس كلاما ولكنه فعل وعمل على هذه الأرض ‘ ومازال دماء شهداء الإيمان المسيحى يسيل على الأرض فى كل مكان حتى يوما هذا.

 والقديس يوحنا الرائى عندما صعد الى السماء وفى رؤياه وصف لنا مذبح الشهداء قائلا:" ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التى كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض. فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدون أن يقتلوا مثلهم. " رؤ6: 9-11 ومازال الشهداء حتى وقتنا هذا والى المجئ الثانى يواصلون الصعود الى مذبحهم فى عرش الله.

يسمى رأس السنة القبطية بعيد النيروز وهى تسمية أطلقها الفرس عند دخولهم مصر وفى احتفالهم بالتقويم القبطى أسموه النيروز ومعناه اليوم الجديد ( نى روز )

أول توت هو أول يوم فى السنة القبطيةوجاء فى السنكسار عنه انه فى هذا اليوم استحم أيوب الصديق بالماء فبرئ من أوجاعه فصارت عادة مستمرة مع عيد النيروز ان يستحم الناس ليتباركوا بالماء فى رأس السنة القبطية.

التقويم القبطى كالتقويم اليوليانى ( نسبة الى يوليوس قيصر) قائم على اساس السنة 365 يوما , ولكنها فى الواقع 365 يوم و 5 ساعات و 48 دقيقة و46 ثانية فيكون الفرق 11 دقيقة و14 ثانية كل عام وقد بلغت هذه الزيادة حتى القرن العشرين 13 يوما ( وهذا هو الفرق الذى من اجله تعيد الكنائس الأخرى بعيد الميلاد فى 25

ديسمبر ) ولكن مجمع الكنيسة القبطية قرر فى عام 1959م ان تستمر الأعياد القبطية وفقا للتقويم القبطى ومعها كنائس أرثوذكسية كثيرة مثل كنيسة روسيا وغيرها إختارت التقويم القبطى لتعيد أعيادها وفقا له.

والنيروز عيد قومى أحتفل به فى جميع العصور ولم يرتبط بالدين الا فى العصور الحديثة فقد ظل التقويم القبطى معمولا به منذ مئات السنين وكان يوم عطلة رسمية تتعطل فيه اعمال الحكومة فى يوم النيروز .

لما تولى سعيد باشا حكم مصر سنة 1854م جعل تاريخ الأقباط هو التقويم الرسمى للحكومة ولمصر كلها إعتبارا من 7 يولية 1855م وظل معمولا به 20 عاما حتى أحل اسماعيل باشا التقويم الغربى محله من عام 1875م ومن ذلك اليوم سار الاحتفال بالنيروز مقصورا على الأقباط, ولكن مازالت فلاحة مصر تسير حسب التقويم القبطى حتى يومنا هذا.

ونقدم هنا مطلب رسمى للحكومة المصرية ان يكون يوم رأس السنة القبطية عيدا قوميا للمصريين جميعهم تتعطل فيه الأعمال ويكون إحتفالا قوميا وفاء لشعب مصر وتراب مصر المخلوط بدم الشهداء.

فى هذا اليوم نتذكر بكل فخر أننا أحفاد الشعب الذى قدم أكبر عدد من الشهداء فى العالم كله من أجل المسيح ولأجل المسيح , وأقرأو السنكسار لكى يكون فخركم دائما.

وياأحبائى فى كل مكان كل سنة وأنتم طيبين ونصلى دائما لرب المجد طالبين منه " بارك إكليل السنة بصلاحك" وبارك شعبك مصر الذى سطر للعالم بدمه حقيقة وقوة الإيمان المسيحى دون باقى العالم المسيحى‘ وسطر بدمه الغالى الثمين تاريخ وتقويم مصر.وأذكروا معى ماحدث يوم 14 أغسطس 2013 ‘اليوم الذى لم يشهد له مثيل وأثر قريب فى تاريخنا الحديث ‘ يوم قام الإرهاب الإسلامى على كنائس مصر يحرقها ويدمرها على مرأى من العالم المتمدين ‘ والأقباط فى إيمانهم المستقيم لم يردوا على المعتدين ‘ ولعل لسان حالهم يقول مع ربنا يسوع المسيح "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها."

وهناك محاولات يبذلها الانبا تواضروس الثانى مع بطاركة العالم لتوحيد تاريخ الأعياد المسيحية وأولها عيد القيامة المجيد ‘ وقد يلحقة عيد الميلاد لاحقا ‘ولابد ان تتوحد الاعياد مهما اختلفت التقاويم ‘ والتقويم  القبطى يمكن توافقه مع التقويم الميلادى حتى تتوحد الاعياد‘ وتتوحد القلوب فى كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. ولإلهنا المجد الدائم .آمين   
زغرتا ـ الغربة
لمناسبة عيد سيدة المراحم، تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداسا احتفاليا في مزار سيدة ام المراحم في بلدة مزياره في قضاء زغرتا، عاونه فيه خادم المزار الخوري جان صعب، ولفيف من كهنة الابرشية، فيما حضره حشد واسع من ابناء البلدة ومن كل لبنان.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:" أنطلقُ في تأمّلي بهذه المناسبة من نشيد العذراء مريم في بيت زكريا وأليصابات، وبعد أن طوّبتها أليصابات وقالت لها:" من أين لي هذا أن تأتي إليّ أُمّ ربّي".  فبكلّ تواضع وقبول بما قاله لها الملاك قالت مريم:"أنا أمةُ الرب، فليكن لي بحسب قولك، وبمثل هذا التواضع قالت:"تُعظّم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلّصي، لأنّه نظر إلى تواضع أمته. فإنّ رحمته من جيل إلى جيل للذين يتّقونه، لأنّه كشف عن شدّة ساعده فشتّت المتكبّرين بأفكار قلوبهم وحطّ الأقوياء عن العروش ورفع المتواضعين. أشبع الجياع من الخيرات والأغنياء صرفهم فارغين، عضد إسرائيل عبده ذاكراً رحمته كما قال لآبائنا منذ القديم".
اضاف :"يقول قداسة البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى يوبيل الرحمة أنّ الفكر يتّجه إلى مريم أُم الرحمة، ليرافقنا نظرها العطوف في هذه السنة كي نتمكّن من إعادة إكتشاف فرح حنان الله، لأنّه ما من أحد كمريم قد عرف عمق سرّ الله الذي صار إنساناً، ولأنّ كلّ شيء في حياة مريم قد طُبِعَ بحضور الرحمة التي صارت بشراً. وإنّ العذراء، إذ اختيرت لتكون أُمّاً لإبن الله المتجسّد قد حفظت في قلبها الرحمة الإلهيّة بتناغم كامل مع إبنها يسوع، الذي هو وجه رحمة الآب. ونشيد التسبيح عند عتبة بيت أليصابات قد كُرِّس للرحمة الإلهيّة التي تمتدّ من جيل إلى جيل(لو1/50). وإنّنا نحن أيضاً كنّا حاضرين في تلك الكلمات النبويّة للعذراء مريم، وسيكون ذلك عزاء وعضداً لنا في هذه السنة المقدّسة خاصة عندما نعبر الباب المقدّس لإختبار ثمار الرحمة الإلهيّة".
وتابع:" عندما كان يسوع يتألّم في جسده على الصليب ويتحمّل اللقاء المأساوي بين خطيئة العالم والرحمة الإلهيّة إستطاع أن يرى عند أقدام الصليب أُمّه وصديقه المؤاسي يوحنا الحبيب، فقال لأمّه هوذا إبنك وقال ليوحنا هي ذي أُمّك، وهي عبارة تعلن سر رسالته الخلاصيّة، وتؤكّد أنّنا كنّا نحن أيضاً حاضرين في تلك الكلمات النبويّة، لأنّ مريم عند الصليب كانت شاهدة، مع يوحنا الحبيب على كلمات المغفرة الخارجة من شفتي يسوع، المغفرة الأسمى لمن صلبه والتي تُظهر لنا إلى أي مدى تستطيع رحمة الله أن تصل. فإنّ مريم تشهد على أنّ رحمة إبن الله لا تعرف حدوداً وهي تبلغ الجميع دون إستثناء أحد. أمّا علامات الرحمة في حياة مريم فنكتشفها من خلال قراءتنا بتأمّل للمقاطع التي تتكلّم عنها في الإنجيل في حياة يسوع العلنيّة، إذ تظهر لنا على أنّها الصديقة الساهرة دوماً كي لا ينقص الخمر في حياتنا. وهي التي طعن قلبها بحربة، كما قال لها سمعان الشيخ عندما قدّمت إبنها للرب في الهيكل، وهي التي تفهم كل هموم الإنسان. وبصفتها أُمّا للجميع، فإنّ مريم هي علامة رجاء للشعوب التي تعاني آلام المخاض إلى أن تولد العدالة وهي تشارك في تاريخ كل شعب تقبّل الإنجيل فأصبحت جزءاً من هويّته التاريخيّة".
وقال:" تكريم الكنيسة المميّز للعذراء مريم يدخل في هذا الإطار ولذلك ندرك كيف أنّ مريم في المعابد المريميّة في مختلف بلدان العالم تؤلّب وتجمع حولها أبناءً يسيرون بجهد كبير حجّاجاً ليروها، فهناك يجدون قوّة الله كي يتحمّلوا أوجاعهم ومتاعب الحياة. إنّنا مع مريم مدعوّون في هذه السنة اليوبيليّة المقدّسة كي نكون على مثالها رحماء تجاه جميع إخوتنا البشر، إن على الصعيد المادي أو على الصعيد الروحي، فنوقظ ضميرنا الذي ينزلق غالباً إلى السبات في وجه مأساة الفقراء وبالغوص أكثر في قلب الإنجيل حيث الفقراء هم المفضّلون لدى الرحمة الإلهيّة. وهم أسيادنا ومعلّمونا كما يقول القديس منصور دي بول. وهم الذين رفعهم الله وأشبعهم من الخيرات بينما حطّ المقتدرين عن الكراسي وصرف الأغنياء فارغين كما قالت العذراء. وأنّ عظات يسوع وتعاليمه تقدّم لنا أعمال الرحمة هذه كي نفهم إذا كنّا نعيش على غرار تلاميذه. فأعمال الرحمة الجسديّة التي يدعونا المسيح للقيام بها هي إطعام الجائعين وإسقاء العطشانين، وكساء العراة، وإستقبال الغرباء، والإعتناء بالمرضى وزيارة المسجونين ودفن الموتى، والإهتمام بما يحتاجه الآخرون، على مثال ما قامت به مريم في عرس قانا الجليل، عندما قالت لإبنها ليس عندهم خمر. فغيّر ساعته التي لم تأتي بعد، وحوّل الماء إلى خمر، لإخراج العروسين من المأزق الذي وُجدا فيه".
وختم:" أمّا أعمال الرحمة الروحيّة فهي في نصح الشاكين وتعليم الجهّال وتحذير الخطأة وتعزية المحزونين ومغفرة الإساءة وتحمّل الأشخاص المزعجين والصلاة من أجل الأحياء والأموات. مريم العذراء سمعت وعاشت تعاليم إبنها في كل ما يتعلّق بكل هذه الأمور، ولذلك إستحقّت منه الطوبى الحقيقيّة جواباً على تهنئة إحدى النساء لها لأنّها حملته في بطنها وغذّته بلبنها، فقال: بل الطوبى لها لأنّها سمعت كلام الله وعملت به.
في هذه السنة اليوبيليّة فلنقتدِ، أيّها الأحبّاء، بمريم ولنكتشف وجه الرحمة الإلهيّة في مدرستها ولنقل معها: تُعظّم نفسي الرب ولتبتهج روحي بالله مخلّصي".
وكان سبق القداس الاحتفالي ريسيتال ديني احيته جوقة سانتا ماريا بقيادة الاستاذ توفيق بركات، واكثر من خمسة وعشرين عازفا ومرنما، انشدوا على مدى ساعة ونصف تراتيل دينية، واغاني وصلوات مجدت مريم، وتضرعت لها. وفي الختام انطلقت المفرقعات النارية كما في كل عام التي اضاءت سماء المنطقة بالوانها البراقة، وتناول الجميع من هريسة العيد.

تسبحة مريم/ نسيم عبيد عوض

فور تصديق القديسة مريم على أقوال الملاك " هوذا أنا أمة الرب .فليكن لى كقولك ..يقول الكتاب " فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا."لو1: 39 ‘ أية أيام هذه .؟.أيام مجيدة ‘أيام عظيمة فى تاريخ البشرية كلها ‘ حيث بهذه البشارة يبدأ الله فى تحقيق نبواته عن الخلاص المرتقب للنفس البشرية‘وهاهو رئيس الملائكة يرسل من الله ببشارتين عظيمتين الأولى بميلاد يوحنا المعمدان ‘ الملاك الذى يهيئ للرب طريقا أمامه ‘تحقيقا لنبوة إشعياء40: 3" صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب .قوموا فى القفر سبيلا لإلهنا." والثانية البشارة بميلاد المخلص ‘ وجاءت البشارتين بصورة مختلفة عن الأخرى ‘ البشارة الأولى حدثت فى الهيكل وعن يمين مذبح البخور ووسط جموع شعب بنى إسرائيل ‘ وللكاهن زكريا الواقف يخدم مذبح الله ‘ أما بشارة المخلص جائت الى مدينة الناصرة المجهولة ‘ حتى أنه لم يسمع عنها قبل ميلاد المسيح ‘ لا هيكل ولامذبح بل بيت بسيط يملكه يوسف النجار ولعذراء بسيطة‘ وهذا هو العجب فى التدبير الإلهى ‘ فقبوله بالميلاد على هذه الصورة من الإتضاع والبساطة والتخفى لأسباب أهمها ان يخفى عن الشيطان أمر ولادته حتى يتم الخلاص ويسحق رأس الحية على الصليب تحقيقا لوعده الإلهى. وقد يكون الإختيار الإلهى للعذراء مريم ان فيها بفضائلها وصفاتها ‘ من تواضع وسكوت وطاعة وإيمان بقول الرب ‘كان ذلك مساعدا فى عدم اكتشاف الشيطان أمر الميلاد الإعجازى حتى تم الصلب والخلاص‘ وهذا يوضح عظمة القديسة مريم وإستحقاقها قول اليصابات بعد أمتلائها من الروح القدس "مباركة أنت فى النساء"‘ حتى أنها كتمت الأمر الذى وصفه معلمنا بولس الرسول رو16: 25"السر الذى كان مكتوما فى ألأزمنة الأزلية ولكن ظهر الآن وأعلم به جميع الأمم." وقول القديس بطرس أع 3" الحكمة المكتومة التى سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا ‘ والتى لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد." . هذه القديسة الطاهرة البتول حفظت السر فى قلبها ‘ وتحققت مشيئة الله فى إختيارها ((وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها ."لو2: 19. وأيضا استحقت التطويب للتى آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ." ياللعجب ..جاء السماوى وحل فى أحشائها بقوة الروح القدس ‘ المولود غير المخلوق ‘ القدوس ‘ لينفذ العدل الإلهى فى خلاص البشر‘ وهى تقوم بسرعة الى الجبال لتخدم نسيبتها اليصابات .
فصل إنجيل الأحد الثالث من شهر كيهك من بشارة معلمنا لوقا البشير الإصحاح الأول (الأعداد من 39-56)هو الجزء الثالث منه والذى يبدأ هكذا:
"فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعة الى الجبال إلى مدينة يهوذا . ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات . فلما سمعت اليصابات سلاك مريم إرتكض الجنين فى بطنها . وامتلأت اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك."
وأول تأمل نراه فى رد فعل القديسة مريم لبشارة الملاك ‘الذى يبشرها أنها ستحبل وتلد ابنا وتسميه يسوع ولما سألته كيف يكون هذا وهى بتول قال لها .الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله. فقالت مريم هوذا انا أمة الرب .ليكن لى كقولك . ولكن الملفت انها اهتمت بقول الملاك بان نسيبتها اليصابات حبلى بابن فى شيخوختها ‘ حتى كان رد فعلها فورا ‘ وقامت مريم بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا حيث نسيبتها حبلى ‘ فوجب خدمتها فى حبلها ‘ وهاهى القديسة مريم بعد ان أعطتنا المثل فى الإيمان والتسليم بكلام الله ‘ والطاعة والتواضع تعطينا مثال الخادمة ‘ حتى انها ولمدة ثلاثة شهور تخدم اليصابات ‘ اليس ذلك رسالة للبشرية كيف تخدم بعضها البعض ‘ فلم تهتم العذراء بالسفر من الجليل فى الشمال الى اليهودية فى الجنوب ‘ لم تفكر سوى انها ستقوم وتذهب لتخدم اليصابات ‘ الفتاة الصغيرة تخترق الجبال لتخدم نسيبتها فى شيخوختها.

 تسبحة مريم

عندما صرخت اليصابات بقوة الروح القدس "مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك .فمن أين لى هذا ان تأتى ام ربى الي. ..فطوبى للتى آمنت أن يتم ماقيل لها من قبل الرب." وكان رد فعل القديسة مريم بكل إيمانها وتواضعها ‘ أن وقفت لتسبح الله ‘ قابلت هذه النعم الجزيلة بالحمد والتسبيح ‘ ولنتأمل معا فى تسبحتها :

1- فقالت مريم تعظم نفسي الرب ..
هكذا انطلق لسان العذراء بتسبيح الله وتعظمه ‘ فتحول قبولها لكلمة الله الى مستوى التسبيح الملائكى‘ وهذه هى العبادة لله ‘ التسبيح والحمد بنعمة الله المعطاة لنا وإعلان أسراره بفرح وسرور.
2- وتبتهج روحى بالله مخلصى ..
وهذا القول يحمل مفهوما لاهوتيا هاما ‘ فالقديسة مريم مع كل سموها وفضائلها فهى كسائر البشر فى حاجة الى خلاص الله وتبتهج به فى كل حياتها بهذا الخلاص ‘ والخلاص الممنوح لمن يؤمن هو خلاص من الخطية الأصلية الموروثة من سقطة آدم ‘ والخلاص من الموت ‘ والفداء من عبودية إبليس ‘ وميلادنا الجديد من الماءوالروح لنصبح أولاد الله وورثة مع إبنه الوحيد. 
3- لأنه نظر الى اتضاع أمته..
لقد أدركت هذه الصبية الصغيرة سر تمتعها بالنعمة الإلهية ‘ فلم تقل أنه نظر الى صلواتها ‘ الى أصوامها وسهرها وحكمتها وتعبدها ‘ بل الى إتضاع أمته ‘ لتعلن لنا ان هذا هو طريق الحياة مع الحب مع ربنا يسوع المسيح ‘ بالإتضاع ننطلق به الى مراحم الله وغني رحمته.
4- فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى ..
لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس . ورحمته الى جيل الأجيال للذين يتقونه.:
لقد أدركت القديسة مريم عظمة العطية التى نالتها ‘ لأن واهب العطايا نفسه تحمله فى أحشائها ‘ لذا قالت بالنبوة "أن جميع المؤمنين عبر كل الأجيال يطوبونها من أجل نعمة الله لها . وهذا ماقرره الرب عنها بقوله   " لأن من يصنع مشيئة الله هو أخى وأختى وأمى "مر3: 35. وأيضا قوله" طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه." لو11: 28
5- صنع قوة بذراعة . شتت المستكبري بفكر قلوبهم..
هنا يتضح تماما أن العذراء عارفة ومتفهمة بالكتب والنبوات لأنها قالت ذراع الرب ‘ لأن ذكر الكتاب فى نبواته عن التجسد رمز له بذراع الرب ‘ فتقول النبوة" استيقظى استيقظى البسى قوة ياذراع الرب " إش51: 9‘ وأيضا " قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص الهنا."اش52: 10 وأيضا تعلمت من الكتاب المقدس كيف شتت الرب المستكبرين بفكر قلوبهم ‘ وكيف اسقطهم إبليس وأغواهم بالتكبر فسقطوا فى الحضيض.
6- أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتواضعين ..
لقد غرق جنود ابليس وحكماء الأغريق وكتبة اليهود وفريسيهم فى بحر الكبرياء والغرور والعظمة والخيلاء الكاذبة ‘ فأذلهم الرب ‘ ورفع عليهم قوما إتضعت قلوبهم وخلصت ضمائرهم ‘ وقد منحهم السلطان أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ‘ ولعل فى شخصية هيرودس الملك المتكبر المثل وكيف أنزله الله عن كرسيه ‘وكذلك شاول الملك وفى نفس الوقت رفع داود المتواضع من رعى الغنم الى ملك إسرائيل‘ الى أعلى الكراسى.
7- أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ..
كان البشر فى جوع شديد لله ولكنهم أعوزهم مجد الله وفسدوا ‘ ووقع اليهود فى الغرور حتى قادهم الى هاوية الشموخ ‘ لقد هجروا ينبوع الماء الحي والخبز النازل من السماء‘ أما الذين آمنوا به أشبعهم خيرات واستحقوا التطويب" طوبى للجياع والعطاش الى البر.لأنهم يشبعون."مت5: 6.
8- عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة..
لم يعضد اسرائيل حسب الجسد الذين إمتلئوا كبرياء وسلفا على الأيمان بمواعيد الله ‘ وبالمسيا المنتظر الذى جاء لخلاصهم ‘ بل إسرائيل بالروح وهم الذين قبلوه وآمنوا به أعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله.
9- كما كلم آباءنا ..لابراهيم ونسله الى الأبد..
وهم الذين تنبأ عنهم الرب حسب وعده لابراهيم "ويتبارك فى نسلك جميع قبائل الأرض" وهكذا مجدت السيدة العذراء الله على قدرته ‘ على قداسته ‘ على رحمته ‘ على امانته وعدله فى تنفيذ وعودة .

ليعطينا الرب اليوم بشفاعة القديسة مريم القلب النقى والروح الحارة لإستقبال كلمة الله المتجسد ‘ ويعطينا الأذن السامعة لكلمة الله الحية ‘لتعلمنا الطاعة الكاملة لوصاياه ‘ والحضور الدائم لكلمته فى قلوبنا وضمائرنا ‘لنكون رائحة ذكية لربنا يسوع المسيح.أمين.

المتقدم أمام وجه الرب/ نسيم عبيد عوض



شهر كيهك من الشهور القبطية المحببة لكنيستنا وشعبها القبطى ‘ فهو الشهر المخصص للسهر والتسابيح لإستقبال الله الكلمة ‘ وهو شهر صوم الميلاد ‘
ويتميز شهر كيهك بقراءة الإصحاح الأول من بشارة الإنجيل حسب ماكتبه القديس لوقا البشير على مدار أربعة آحاد ‘ وفى الأحد الأول يقرأ فصل الإنجيل (1-25)‘ وهذا الفصل مخصص للبشارة بولادة يوحنا المعمدان على إعتبار أنه الملاك المرسل من الله ‘ ليتقدم أمام وجه الرب ليعد له طرقه ‘ ويعد له شعبا مستعدا بالتوبة ‘ والتأهيل لإستقبال المسيا المنتظر من شعب بنى إسرائيل.
وقد قدم القديس لوقا هذا الإصحاح بمقدمة فى غاية الإبداع الأدبى ‘ فيقول "اذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة فى الأمور المتيقنة عندنا .كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدأ معاينين وخداما للكلمة .وإلى آخر العدد 4.والمعنى إذا كان كثيرون قد حاولوا كتابة أناجيل بدون إرشاد الروح القدس ‘ بعكس البشيرين متى ومرقس ‘ لم يقوموا بالتأليف إنما بعد أن إمتلئوا بالروح القدس وتحت إرشاده ومسوقون به كتبوا لنا بشارتهم (لم يكن القديس يوحنا قد كتب بشارته بعد) ولذلك القديس لوقا يخبرنا بان هذه البشارات هى القانونية. هؤلاء التلاميذ كانوا معاينين وخداما للكلمة أى شهود عيان ومكرزين بكلمة الله . وهذه الأمور بعد تفحيصها وإستقصائها من أفواه أصحابها ‘ صارت هذه الأمور متيقنة عندنا أى أكيدة .

القديس لوقا الإنجيلى
لقد عرف عن  القديس لوقا أنه أصلا يعمل طبيبا ‘ وكان فنانا يرسم لوحات ومن لغته التى يكتب بها تدل على مدى ثقافته وإطلاعه ‘  وقد آمن على يد القديس بولس الرسول ‘ وصحبه فى أغلب رحلاته التبشيرية ‘ وكتب لنا إنجيله ‘ وكذا سفر أعمال الرسل ‘وهنا يعرفنا القصة التى يحكيها للعزيز ثاؤفيلس  بكل يقين وتأكيد وبثقة الإيمان والعقل الحكيم ‘ وهذا حال المؤمن ‘ فالإيمان القويم هو إيمان يقوم على الفهم الروحى والإدراك والتمييز بين الحق والباطل ‘ وكل هذا الإستعدادات  ومسوقين بروح الله القدوس تستحق ان يقال عنها كلمة الله القدوس. لأن ماسجله القديس لوقا البشير وبإرشاد الروح القدس قبله خلال التسليم والتقليد المعمول به فى كنيسة الله ‘وهو الوديعة المعاشة فى حياة الكنيسة بالروح القدس ‘ تتسلمها الأجيال خلال التسليم الشفوى أولا ثم الكتابة وخلال العبادة والسلوك تثبت كلمة الله فى داخلنا. 
وكلمة معاينين لا تعنى مجرد الرؤية الحسية ‘ ولكن المعاينة الروحية النى يستعلنها الله له ‘ أو الإدراك الروحى الملتحم بالعمل ولذلك قال "خداما للكلمة" ومع ان إنجيل يوحنا كتبه القديس الإنجيلى فى نهاية القرن الأول الميلادى ‘ وهناك فرق حوالى 30 عاما بين البشارتين ‘ إلا ان القديس لوقا فى إنجيله يتفق مع ماكتبه القديس يوحنا عندما كتب" الذى كان من البدأ . الذى سمعناه .الذى رأيناه بعيوننا. الذى شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة .فان الحياة أظهرت لنا."1يو1: 1و2. وأيضا " والكلمة صار جسدا وحل بيننا .ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا." يو1: 14.
وجه القديس بشارته للعزيز ثاؤفيلس ومعناها (محب الله ) ورغم إختلاف الأراء فى شخصية ثاؤفيلس والتى ذكرها أيضا موجها له سفر أعمال الرسل‘ إلا انه يوجهها لكل محب لله: فإذا كنت محبا لله فهذه البشارة مكتوبة لك‘ وإن كانت مكتوبة لأجلك فأقبلها وديعة واحتفظ بها فى أعماق نفسك ‘ حسب أمر الرب لهم فى مت 28: 20 " وعلموهم ان يحفظوا جميع ما أوصيتكم به."‘ وكقول الرسول لتلميذه تيموثاوس "احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا."2تيمو1: 14 .وكل من هو ثاؤفيلس " المحب لله " يتمتع بالقوة والإيمان الصادق لأن مصدر قوته وقدرته هو كلمة الله.

البشارة لزكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان
كان ظهور رئيس الملائكة غبريال لزكريا بداية فتح أبواب السماء على الساكنين على الأرض‘وصفحة جديدة يفتحها الله فى علاه للبدء فى تحقيق تدبيراته الإلهية بتحقيق الخلاص للبشرية ‘ وبعد النبوات الكثيرة والمتكررة من موسى الى ملاخى النبى عن الخلاص ‘ إلا ان السماء قد صمتت حوالى 300 سنة بعد نبوة ملاخى النبى وحتى هذه البشارة. ودعونا كمدخل ان نقدم بعض الأسماء المذكورة: - هيرودس المذكور هنا هو هيرودس ملك اليهودية ‘الإبن الثانى لأنتيباس ‘وهو أدومى الأصل (من أحفاد عيسو) أى ليس يهوديا ‘ وهو الذى أمر بقتل أطفال بيت لحم. – توقفت النبوات كما سلف لتدهور وإنحطاط الحياة الأخلاقية وتركهم عبادة الله وفساد أحوالهم الدينية ‘ وفى جو كله فاسدا إجتماعيا وسياسيا ودينيا ‘إلا انه كان هناك زكريا واليصابات الذين قال عنهم الكتاب " بارين أمام الله"‘ وزكريا اسم معناه الله يذكر‘واليصابات معناه الله يقسم أو يمين الله ‘ ويوحنا المختار اسمه من الله معناه الله حنان أو حنان الله.
كان كلاهما بارين أمام الله ‘ سالكين فى جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم. وقول الكتاب بارين أمام الله له معنى عميق ‘ وخصوصا فى زمن قال عنه بولس الرسول " كما هو مكتوب انه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم .ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد."رو3: 10-12. وأيضا أنهم بارين أمام الله وليس أمام الناس ‘ فليس كل الابرارامام الناس أبرارا امام الله ‘ لأن هناك من يدعوهم الله (لك اسما انك حى وانت ميت ) رؤ3‘ ولكنهم بارين امام الله كقول الرب لصموئيل النبى " لأنه ليس كما ينظر الانسان .لأن الإنسان ينظر الى العينين وأما الرب فانه ينظر الى القلب." "1صمو16: 7
‘ فالمجازاة الحقيقية ان نكون بارين امام الله. وكقول الرسول أيضا " الذى مدحه ليس من الناس بل من الله." رو2: 29‘ وبلا لوم بالفعل والعمل فى جميع وصايا الرب وأحكامه ‘ فالبر الحقيقى الخفى مرتبط بطاعة الوصية وقبول أحكام الله ‘ ولأن زكريا كان كاهنا ‘ فإن بره قائم على عمل المسيح الذبيحى الخلاصى من خلال ممارسته الكهنوت وتقديمة الذبائح الحيوانية الرمز لذبيحة المسيح ‘ وقطعا كان زكريا يقدم عن نفسه ذبيحة عن خطاياه.
فظهر له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور: 
النبوة بميلاد يوحنا جائت داخل الهيكل وأمام مذبح البخور ‘ ويسمى بالمذبح الذهبى وهو فى القدس‘ وأمام الحجاب حيث تابوت عهد الله‘ ومذبح البخور هو رمز لشفاعة السيد المسيح الكفارية ‘ وعلى يمينه مائدة خبز الوجوه ويساره المنارة الذهبية ‘ ولأن ظهورات الله لملائكته تتوقف على ارادة الله ورغبته فى رؤيته ‘ فالله حاضر معنا كل حين (انا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر) ‘ ولكننا لا نراهم ‘ ويفسر العلامة أوريجانوس ذلك" ظهر الرب لإبراهيم ولأنبياء آخرين حسب نعمة الله ‘ فنعمة الله هى التى وهبت لإبراهيم رؤيتة ." ‘وظهور ملاك الرب عن يمين مذبح البخور أى بين المذبح الذهبى (الصلاة) ومائدة خبز الوجوه (سر الأفخارستيا ) ‘ تعنى ان من يريد اللقاء مع القوات السمائية عليه أن يبسط يده بالصلاة كذبيحة حية مقدسة ‘ وان يدخل الى مائدة الرب يلتقى برب السمائيين ويحمله داخله .


يوحنا المعمدان


يقول الملاك الواقف أمام عرش الله وجاء ليبشر بميلاد يوحنا يخبر زكريا برسالة سماويه
" لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا "‘ وهو اسم لم يسمى به أحد قبل المعمدان ‘ ولكن الملاك يقدم لنا شخصية يوحنا:
1- أنه سيكون سر فرح لكثيرين : "ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته" لقد أرسل الله يوحنا لينادى بالتوبه ومهيئا طريقا للرب فى قلوب الكثيرين فيفرح السمائيين كما يفرح الأرضيون ‘ فغاية الله ان يردنا بالتوبه لفرحنا الأبدى .
2- لأنه يكون عظيما أمام الرب: يوحنا لم يولد بعد بل لم يحبل به بعد ‘ ولكن الملاك يدعوه "عظيما امام الرب" ‘ لأن عظمة يوحنا لن تكون بسبب قدرته الجسديه بل الروحية (روح إيليا ) ‘ صوت صارخ فى البرية صارعا لكل الملذات الجسدية ‘ وسمو روحه وقوتها السمائيه ‘ لقد كان صغيرا فى الأمور العالمية ولكنه عظيما فى الروحيات.
3- ومن بطن أمه يمتلئ بالروح القدس: كنذير للرب لم يكن لملذات العالم وبهجتها موضعا فى قلبه أو جسده ‘ لأنه خمرا ومسكرا لا يشرب وهذا جانب سلبى أما الجانب الإيجابى فى حياته أنه من بطن أمه يمتلئ بالروح القدس ‘ ومن ينال الروح القدس يبلغ قمة الفضائل ومن يمتلك روح النعمة لا يفتقر لشئ.
4- ويرد كثيرون من بنى إسرائيل الى الرب إلههم: وذلك بتمهيد الطريق أمام الرب بالتوبة لقبول المسيا المخلص الحقيقى ‘ ويقدم شخص ابن الله للمجتمع اليهودى فيقول لهم "هذا هو حمل الله الذى سيرفع خطية العالم" " وأنا قد رأيت وشهدت ان هذا هو ابن الله"
وقال لهم أيضا" ان الذى أرسلنى لأعمد بالماء قال لى الذى ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس."
5- ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته: هو الملاك المرسل من الله ليتقدم أمام وجه الرب ‘ وكقول العلامة أوريجانوس " لم يقل نفس إيليا بل قال بروح إيليا وقوته ‘ الروح والقوة الذى سكن فى إيليا سكن فى يوحنا ‘ وهذا هو المعنى المقصود ‘ وقد تشابه مع إيليا فى عيشته فى البرية وفى لبسه وأكله ‘ تشابه مع إيليا الذى كان يصرخ فى وجه آخاب الملك ‘ وهو يصرخ فى وجه هيرودس ويقول له " لا يحل لك زوجة أخاك" شجاعا قويا ‘ لا يهاب قول الحق حتى لو دفع رأسه ثمنا .
هذه رسالة بشارة سمائية مقدمة للوعد الإلهى بالخلاص ‘ وبتجسد الله الكلمة ذبيحة الله للفداء والخلاص لكل البشرية ‘ كانت اليصابات تحمل فى أحشائها الذى وصفه الرب " وأعظم من نبى ‘ وأعظم مواليد النساء" هذا هو يوحنا السابق والصابغ (المعمدان) الذى وصفته النبوة 750 عاما قبل ميلاده أش39: 3و5 " صوت صارخ فى البرية .أعدوا طريق الرب .قوموا فى القفر سبيلا لالهنا. فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر معا لان فم الرب تكلم."

ورسالة الله لنا اليوم واضحة ‘ فما ورد فى البشارة بميلاد يوحنا صالح لكل نفس بشرية ترغب فى الحياة الأبدية ‘ التى نطلبها للجميع .آمين.


سورة البقرة: الآية 111/ عبدالله بدر اسكندر

الدليل التام الذي يقوم عليه العلم المشاهد لا يخضع للتبريرات وذلك بسبب تجسد الأعمال بأعيانها درءاً للشبهات الناتجة جراء الأفعال التي تستند عليها في حال جمعها مع الحقائق العملية وبالتالي يكون الجامع الأمثل لإثبات الحق متفرعاً على جميع الأسس الحيادية التي يتم من خلالها تبيانه بالطرق السليمة، وهذا ما غفل عنه كثير من الناس الذين سعوا في إبطال دين الله تعالى من بعد ما استجيب له، وقد أشار سبحانه إلى هذا الوجه بقوله: (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد) الشورى 16. ومن هنا نرى أن الحق سبحانه قد فرع على الكبرى مجموعة من الأمثلة، أهمها ما وقع بين إبراهيم والذي حاجه في ربه وكيف أراد الأخير أن يثبت قدرته على الإحياء والإماتة ما جعل إبراهيم (عليه السلام) ينقل المحاجة إلى قضية أخرى لا تقل أهمية عن القضية الأولى، كما في قوله تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) البقرة 258.
وبناءً على المثال السابق نكون قد وقفنا وجهاً لوجه أمام أمثلة كثيرة تبطل جميع الادعاءات التي يريد بعض الناس إثباتها ابتداءً من مرحلة التبليغ وانتهاءً بالمرحلة الأخيرة الخاصة بعرض الأعمال على الإنسان يوم القيامة ما يجعل النفس الإنسانية تجادل عن نفسها قبل تجسد الأعمال، وقد بين الحق سبحانه هذه الحقيقة بقوله: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) النحل 111. ثم بعد ذلك يصل الإنسان إلى مرحلة ظهور الأعمال وتجسدها أمامه، وبهذا القدر تظهر النكتة في قوله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة... ولو ألقى معاذيره) القيامة 14- 15.
من هنا نعلم أن المنهج الشامل الذي اتبعه القرآن الكريم في تبيان الحجج لا يجانب إعطاء العقل دوره في الاستدلال على إثبات الحقائق اللازمة سواء عن طريق طرح الأفكار والدعوة إلى الرد عليها، أو إظهار الأدلة القاطعة التي تجعل الطرف الآخر غير قادر على إيجاد الوسائل المناسبة لإثبات نهجه الباطل الذي يريد أن يدحض به الحق، وعند دراسة هذا الأمر نستطيع الوصول إلى معرفة الفرق الشاسع بين ما ورد في القرآن الكريم من الأحكام االخاصة بهذه الأمة، وبين الأحكام التي سارت عليها الأمم السابقة إذا ما علمنا أن الأخيرة لا تميل إلى الالتزام الكامل بالدليل الحرفي، وبهذا يمكن القول إن ما يستحدث لديهم من المسائل التفصيلية لا يخرج عن الطرق التقليدية، وأنت خبير بأن هذه الطرق لا تظهر الحقائق كما هي في كثير من الأحيان، وإن شئت فقل إنها لا تثبت أمام المتغيرات الإيجابية التي يدعو إليها المجددون عبر الأعصار، وإن كان لا يخفى على المتلقي بأن الطرق التقليدية لا يمكن أن تفي بالغرض إذا كانت بعيدة عن إيضاح الأدلة التي تساعد في فهم الوقائع التأريخية لكل شريعة من الشرائع.
واستناداً إلى ما تقدم نفهم أن التجديد الذي أتى به القرآن الكريم كان يرمز إلى نفي التقليد غير المبرر من جهة، وإظهار الحجج اللازمة في تبيان المتشابهات من جهة أخرى، وهذا هو النهج المميز الذي سار عليه القرآن الكريم في إثبات البراهين التي تدلل على قدرة الله تعالى وما يتفرع عليها من العلم والإرادة، أو في تبيان الأحكام التشريعية وما يترتب عليها من المسائل التفصيلية، ولذلك نجد أن الحق سبحانه قد ذكر هذه الأدلة في كثير من الآيات، كقوله: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) المؤمنون 91. وكذا قوله تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) الأنبياء 24. وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) يوسف 108. وبصيرة في هذا الموضع تتضمن معنى الحجة الواضحة وتجمع بصائر، كما في قوله جل شانه: (قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً) الإسراء 102.
تفسير آية البحث: 
قوله تعالى: (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة 111. الادعاء المشار إليه في الآية لا يخرج عن كونه أمنية في نفوس اليهود والنصارى فكان كل طرف يكفر الطرف الآخر والحقيقة أن الكلام ههنا أنزل منزلة اللف، لأن اليهود لا تقول في النصارى إنهم يدخلون الجنة والعكس صحيح، فكان من الضروري تفصيل الكلام أي أن اليهود هم الذين قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، وكذا النصارى قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، وهذا نظير قوله تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) البقرة 135.
وفي هذا الشأن يقول الالوسي في روح المعاني: الضمير لأهل الكتاب لا لكثير منهم كما يتبادر من العطف، والمراد بهم اليهود والنصارى جميعاً، وكأن أصل الكلام قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، فلف بين المقولين وجعلا مقولاً واحداً اختصاراً وثقة بفهم السامع، أن ليس المقصد أن كل واحد من الفريقين يقول هذا القول المردد، وللعلم بتضليل كل واحد منهما صاحبه، بل المقصد تقسيم القول المذكور بالنسبة إليهم، فكلمة (أو) كما في "مغني اللبيب" للتفصيل والتقسيم لا للترديد فلا غبار، وهود جمع هائد كعوذ جمع عائذ وقيل مصدر يستوي فيه الواحد وغيره وقيل إنه مخفف يهود بحذف الياء وهو ضعيف، وعلى القول بالجمعية يكون اسم (كان) عائداً على (من) باعتبار لفظها، وجمع الخبر باعتبار معناها، وهو كثير في الكلام خلافاً لمن منعه، ومنه قول الشاعر:
وأيقظ من كان منكم نياماً
وقرأ أبي (يهودياً ونصرانياً) فحمل الخبر والاسم على اللفظ (تلك أمانيهم) الأماني جمع أمنية وهي ما يتمنى، كالأضحوكة والأعجوبة، والجملة معترضة بين قولهم ذلك وطلب الدليل على صحة دعواهم، و (تلك) إشارة إلى (لن يدخل الجنة).. إلخ. انتهى موضع الحاجة من كلامه ومن أراد المزيد فليراجع تفسير روح المعاني.
فإن قيل: قولهم: (لن يدخل الجنة) من آية البحث. لا يمثل إلا أمنية واحدة فلمَ أنزل منزلة الجمع في قوله: (تلك أمانيهم) من سياق البحث؟ أقول: ذكر الزمخشري في الكشاف: أن الأماني المذكورة هي أمنيتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم، وأمنيتهم أن يردوهم كفاراً، وأمنيتهم أن لا يدخل الجنة غيرهم. انتهى. وما ذهب إليه لا يتقارب مع السياق وذلك لبعده عن آية البحث، والصواب أن يأتي بمحذوف يكون تقديره راجعاً إلى اجتماع الباطل في نفوس كل من الفريقين ما يجعله أقرب إلى الخروج على شكل أماني، ومفهوم الآية يساعد على ذلك.
فإن قيل: كيف يجتمع قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض) المائدة 51. مع آية البحث التي تشير إلى أن كل طائفة منهم تكفر الأخرى؟ أقول: الجهة منفكة بين الآيتين، وذلك لأن آية سورة المائدة تذكر موالاة بعضهم لبعض في مواجهة المؤمنين، أما آية البحث فقد مر عليك تفسيرها.. فتأمل ذلك بلطف.
من كتابنا: السلطان في تفسير القرآن