تقدم
لنا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المستقيمة الرأى فصول أناجيل المجيئ
الثانى للرب يسوع للدينونة فى الأسبوعين الأخيرين من السنة القبطية . على
إعتبار أن إنتهاء العام القبطى هو رمز وإشارة لنهاية العالم وهذا الدهر ‘
تذكيرا لنا نحن المؤمنين بالرجاء بالمجيئ الثانى ويوم الرب العظيم ‘ الذى
جاء أولا متجسدا فاديا ومخلصا للعالم ‘ ويكون رجائنا أنه سيجيئ ثانية
لدينونة العالم .وقد فصلتها الأناجيل الثلاثة(متى 24‘ مر13 ‘ لو21 )
والملاحظ ان القديس يوحنا لم يكتب عن المجيئ الثانى لأن الله أطال فى عمره
حتى أصعده فى رؤيا للسماء وأراه المجيئ الثانى ودينونة العالم بوقائعها
كما ستحدث فعلا وكتبها لنا كأمر الرب.(سفر الرؤيا)
وهذا نص إيماننا
(( وأيضا يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات)) ‘ وفى القداس الباسيلى
يقول الأب الكاهن للشعب" رسم يوما للمجازاة هذا الذى يظهر فيه ليدين
المسكونة بالعدل ‘ ويعطى كل واحد فواحد كأعماله."وهنا تصرخ الكنيسة "كرحمتك
يارب وليس كخطايانا ." ‘ والرب له المجد قد أخبرنا بذلك (( لا تضطرب
قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى .فى بيت أبى منازل كثيرة . والا فإنى
كنت قد قلت لكم. أنا أمضى لأعد لكم مكانا‘ وإن مضيت واعددت لكم مكانا آتى
ايضا وآخذكم حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا." يو14 .
والله قد
عرفنا كل علامات المجيئ الثانى ويقول لنا "ها انا قد سبق وأخبرتكم ."مت24:
25‘ وأيضا قوله الإلهى" السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول." مت24:
35‘
وأيضا بعد أن عدد علامات الأزمنة الأخيرة الصعبة قال لنا الأهم
وهو " اسهروا إذا لانكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم ." مت 24: 42 ‘
ولذلك وجب على المؤمنين جميعا أن يكون رد فعلهم واحد بالسهر فى حياة توبة
صادقة ‘
ولأن الذى يصبر الى المنتهى فهذا يخلص ‘
ولأنه قد يأتى وقت إنتقالنا من الأرض الى السماء فى أى وقت بعد الآن قبل مجيئه الثانى
ولكننا
نعيش سواء على الأرض أو فى السماء ورجائنا ثابت بهذا المجيئ ‘ ونسهر
ونكون مستعدين لتوقع مجيئة فى أى وقت ‘ونكون مستعدين لمجيئ العريس كالعذارى
الحكيمات ‘فمتى جاء سندخل معه وسيغلق الباب‘ فلن يدركنا هذا اليوم كلص فى
الليل (كالأشرار) لأننا نعيش فى استعداد وسهردائم ‘ ونحفظ ثيابنا البيض لكى
لا نمشى عرايا بالخطايا.
وقول الرب له كل المجد بالنصيحة لنا "
فانظروا الى أنفسكم " لكى لا نكون فى وقت مجيئه أحد الذين وصفهم الكتاب
فى رؤ 6: 15-17" وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل
عبد وكل حر ‘ أخفوا أنفسهم فى المغاير وفى صخور الجبال ‘ وهم يقولون للجبال
والصخور اسقطى علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف لأنه
قد جاء يوم غضبه ومن يستطيع الوقوف. لأنه مخيف هو الوقوع فى يدى الله
الحي."
ولننظر لأنفسنا " لئلا تثقل قلوبكم فى خمر وسكر وهموم الحياة
فيصادفكم ذلك اليوم بغتة."لو21: 34 ‘ و " لأنه حينما يقولون سلام وأمان
حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون." 1تس5: 2
الرب
يرسل رسالة لنا اليوم لنقف وقفة صادقة مع أنفسنا ‘ فقد يأتى وقت ربنا فى
أية لحظة من الزمن ‘ وكقول الرب قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله ."مر1:
15‘
فلنبدأ بمحاسبة أنفسنا اليوم ‘ ونقول مع الإبن الضال الذى رجع
الى نفسه" الأن اقوم وأرجع الى أبى‘ وأقول له أخطأت ياأبتاه الى السماء
وقدامك ولست مستحقا أن أدعى لك إبنا..‘ واليوم أقدم لك سؤال ‘ ومحاسبة ,
دعوة,
أولا: أول سؤال هل أنا ممتلئ بالروح القدس ؟
أفحص نفسك لأن ثمار الروح القدس " محبة ‘ فرح ‘ سلام ‘طول أناة‘ لطف‘ صلاح‘ إيمان‘ وداعة‘ تعفف."غل5: 22 و23
1)
عندما وصل القديس بولس الى أفسس سأل أهلها: "هل نلتم الروح القدس حين
آمنتم؟ قالوا: لا حتى أننا لم نسمع أن هناك روح قدس" (أع 19/ 1-16).
2)
حتى في أيامنا هذه كثير من المسيحيين حتى وإن سمعوا به لا يعرفون من هو
ويعتقدون أنه إلهام وهو الملهم. يعتقدون انه وحي وهو الموحي، يعتقدون أنه
نعمه وهو المنعم... يعتقدون أنه رمز (طير حمام يوم اعتماد المسيح أو ألسنة
من نار يوم العنصرة أو شيء من الأشياء فيما هو شخص حقيقي على غرار الآب
والابن، مساو لهما في الجوهر واله مثلهما ساكن فينا ونحن هيكلا له ).
المؤمنين
كقوله الكريم الروح القدس في حياة المؤمن: لقد وعد السيد المسيح بالروح
القدس وأرسله ليس فقط للتلاميذ بل أيضاً لكل لو11: 13":
فَإِنْ
كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ
عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ،
يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ
4) هدف
الروح القدس في حياة المؤمن هو تجديد حياته كما جاء في المزمور 104 "ترسل
روحك فيخلقون وتجدد وجه الارض". وتجدد وجه الانسان، حياة الإنسان، قلب
الانسان. والتجدد يكون بالانتقال من حال إلى حال:
- من الموت إلى الحياة، من صورة الله المشوه فينا بالخطيئة إلى صورة مجد الله البهية.
- من عبودية الخطيئة إلى حرية الروح: "إذ حيث يكون روح الرب فهناك الحرية" (2 كو 3/ 17).
- من الموت الأبدي إلى القيامة المجيدة وبالتالي من موت الرذائل إلى قيامة الفضائل.
ثانيا:
فى محاسبة أنفسنا قبل بدء العام الجديد ‘ دعونا نلقى قليل من الضوء على
صفات الانسان فى الأيام الأخيرة: حتى نستطيع أن نقيم علاقتنا بالله وحياتنا
الروحية:
كقول معلمنا القديس بولس الرسول فى رسالته لتلميذه تيموثاوس الثانية 3: 1-5"
" ولكن اعلم هذا أنه فى الأيام الأخيرة ستأتى أزمنة صعبة . ولكن الناس يكونون:
1-
محبة النفس: أساس كل الشرور وجذورها ‘حيث تغلق النفس والقلب عن محبة
الله" من يريد أن يتبعنى فلينكر ذاته" وليكون كل عمل أو خدمة هو لمجد
وكرامة الله أولا وأخيرا.
2- محبة المال والطمع: وخطورتها هو الطمع ‘
لأنها كما قال الرسول عبادة أوثان ‘ وان هذا الانسان لا يشعر بالعرفان
بالجميل لأحد ‘ لا يرويه مال العالم فينسى كل ماحوله وما بداخله وما لله
فيه .
3- حب العظمة والكبرياء : إنسان عطشان الى حب الكرامه الباطلة
والمجد الزمنى ‘ وهذه كلها أمور تفقد الانسان سلامه الداخلى ‘ ويعيش وحيدا
بين الناس‘ وليس عجبا ان يكرر الكتاب قوله " الله يقاوم المستكبرين أما
المتواضعين يعطيهم نعمة".
4-التجديف: محبة الذات والطمع والكبرياء
ينحرف ببصيرة الانسان الداخلية عن الله نفسه ‘ فيكون أعمى عن وسائل الخلاص
وطرقها وعن عطايا الله المجانية للبشر ‘ يقاوم روح الله داخله وينكر قوته ‘
يقوده هذا الى التجديف على الله ‘ وهذه خطية "لا تغفر فى هذا الدهر ولا فى
الدهر الآتى" ولا عجب من إنتشار الإلحاد فى العالم اليوم .
5- عدم
طاعة الوالدين : وطبعا الذى لا يعرف طاعة الله ليست فيه طاعة لأحد ولا
لوالديه ‘فالذى يفقد الأبوة الإلهيه لا يحترم أبواه على الأرض.
6-
عدم الشكر أو الجحود : كل الخطايا السابقة تشعر الانسان بفراغ داخلى لا
يستطيع العالم أن يملأه ‘ فالانسان بدون شبع روحى لا يعرف الشكر والحمد
والتسبيح ‘ فيعيش فى حياة جحود تفقد الانسان صوابه.
7- الدنس:
الانسان بدون شبع روحى يعيش حياته نحو إشباع جسده وشهواته الجنسية ‘ فيتدنس
ويتنجس ‘ فاللذه الجسدية تزيده إنخراطا فى تصرفات دنسه بعيدة عن الطهارة
الجسدية وبالتالى القداسة الروحية والتى بدونها لن يعاينون ملكوت الله.
8-
عدم الحنو : أى عدم وجود ود طبيعى بين البشر ‘ وهذه أصبحت سمة من سمات
الانسان فى ذلك الزمان ‘ فاشباع الملذات الذاتية تبعد الانسان عن الود
الطبيعى لغيره من أخوته فى الإنسانيه ‘ وهذه محبة طبيعيه خلقها فينا الله
تنتج عن محبتنا له ‘ فمحبة الله ومحبة الغير وصية واحدة .والذى يحب الله
بصدق لا يعرف بغضة للآخرين.
9- عدم الرضا : وعدم القناعة والتبرم باستمرار ينسى الانسان شكر وحمد الله ‘ فينقض العهد مع الله أولا ثم الانسان أخيه ثانيا.
10- الثلب: ومعناه اتهام الآخرين بالزور ‘ فلا يقف الأمر عن نقض العهد وإنما يتهم غيره زورا.
11-
عدم النزاهة أو عدم العفة: بفقدان الانسان قدرته عل ضبط نفسه ورغباته سواء
باللسان أو الشهوات الجسدية ‘ انسان يعيش فى ملذاته بدون ضابط.
12- الشراسة : الخطية تفقد الأنسان إنسانيته ليحيا شرسا يقاوم الآخرين بلا سبب حقيقى بروح عدوانية .
13-
غير محبين للصلاح: إحتقار كل أمر صالح والإستهانة به‘ ولوى الحقائق ‘
وينظرون الى كل صلاح بتفاهة وعدم إكتراث. ناسيين أن الله خلقنا من أجل
أعمال صالحة.
14- الخيانة: خيانة الانسان للعهد الإلهى والعهد
الطبيعى الذى زرعه الله فى البشر ‘ يجعله يخون الصداقه وحق الجيرة وأى
علاقات بشرية صادقة .
15- الإقتحام: التدخل بالشر فيما لا يعنيهم ‘ اى الرغبة فى اقتحام حياة الآخرين بدون مبرر .
16- التصلف : أى الكبرياء بدون ترو ‘ فالصلافة هى العظمة الغبية.
17-
محبة الذات دون محبة الله : لأن محبة الانسان لإشباع رغباته تقف حائلا
بينه وبين محبة الله ‘ فتجلب عليه سلسلة من الخطايا لا يستطيع مقاوماتها.
18-
وأخيرا الذين لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون لقوتها‘ وهذه أخطر أنواع
الشرور ‘ الذى يتجمل فيه الانسان بشكل التقوى ‘ ولكنه حقيقة يعيش فى
الخطايا ‘ يعيش فى حياة الخداع المظهرى البراق ‘ وأما الداخل مملوء فسادا
ودنس ونجاسة ‘ وهذه هى خطية الرياء التى يصعب على صاحبها التعلم ‘ ولكن
خطورتها هو خداع الآخرين وحجر عثرة للغير.
هذه بعض العلامات وصفات
الانسان فى الأيام الأخيرة ‘ فلا تنظر حواليك وتقول هذا عن فلان وهذه عن
فلانة ‘بل أقول لك قول الرب " فانظروا الى أنفسكم" أولا ‘حتى نكون فى سهر
كامل لهذا اليوم العظيم.
ثالثا وأخيرا سرعة التوبة والإعتراف بالخطايا والتناول من جسد الرب ودمه الذى يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه.
ولإلهنا المجدالدائم . أمين.