سورة البقرة: الآية 125/ عبدالله بدر اسكندر

عدم رؤية الأشياء بصورتها المتكاملة في هذه النشأة يرجع إلى التكوين الجزئي الذي استقرت عليه إذا علمنا أن الظهور الفعلي لهذه المسلمة لا يمكن أن يصل إلى ذروته النهائية، وهذا ما يشهد به الفرق بين النشأة الأولى وما يقابلها من النشأة الأخرى التي يرد فيها كل شيء إلى نسبته، وقد يتضح هذا المعنى من خلال الآيات التي تبين النوعية المثالية لجميع ما هو مشاهد في الآخرة أو يعلم بالضرورة، كمعرفة الله تعالى التي تتجلى يومئذ دون الرؤية البصرية التي تنسب إليه زوراً وبهتاناً، ولا يخفى أن هذا الأمر يعد من أعظم الأمور التي بينها سبحانه في كتابه المجيد، كما في قوله: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) ق 22. والآية تبين مدى تقطع الأسباب في هذه النشأة ورجوعها في الآخرة إلى الحق سبحانه أي بعد انقضاء أمدها وتعلق الإنسان بها علماً أن وجودها لا يتقارب مع الظهور النهائي لفاعليتها المرئية، ولهذا تكون النشأة الآخرة كاشفة لأصلها وإن شئت فقل مرجعة إياها إلى مسببها الأول الذي نشأت منه، ومن هنا ظهرت نتائجها النهائية للإنسان في يوم البعث وما وراء ذلك اليوم كون الأمر لم يقتصر على علم الإنسان وإنما يرجع إلى مسبب الأسباب مع تجرد الأول عن هذا الملاك، وهذا ما بينه تعالى بقوله: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله) الانفطار 19. وكذا قوله: (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) غافر 16.
من هنا نعلم أن هناك حقيقة أخرى تكمن في تكامل الأشياء في هذه النشأة إلا أن الغفلة الإنسانية قد حالت بينها وبين الوصول إلى معرفتها، وهذا ما يفهم من معنى الغطاء إذا علمنا أن المصطلح لا يتطابق إلا مع الأشياء الظاهرة بالفعل، ومنطوق الآية يشهد بهذا الوصف إذا أضيف إلى المفهوم المحض المستخلص من السياق، وقد يؤيد هذا المعنى بقوله تعالى: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون) السجدة 12. وفي الآية ما يدل على ظهور الملكات على وجهها دون لبس أو شك، ويمكن أن يرد هذا المفهوم إلى قوله تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون... لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون 99- 100. وفي المنطوق ما يدل على أن الحقائق بدأت تظهر للإنسان عند مقاربة الموت وقبل الدخول الفعلي إلى عالم البرزخ، وقد يعضد هذا المعنى بقوله سبحانه: (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) الأنعام 27. وبهذا تظهر النكتة في الآية اللاحقة أي في قوله تعالى: (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) الأنعام 28.
وتأسيساً على ما تقدم نعلم أن جميع الأشياء سوف تظهر على حقيقتها التي لم يصل الإنسان إلى اكتشافها نظراً إلى ما ران على قلبه من الآثام إذا ما استثنينا الأوحدي من الناس، ومن الشواهد على ما نحن فيه قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) الأعراف 172. وعند تأمل هذا التفصيل نعلم أن الإنسان لا يزال قاصراً عن الوصول إلى معرفة الظهور الكلي للأشياء ابتداء من يوم ولادته وحتى خروجه من هذه الدنيا، ولهذا نسبه تعالى إلى عدم الإدراك وذلك في قوله: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل 78. ولما يبلغ الإنسان مبلغاً من العلم نلاحظ أن الحق سبحانه يوجهه إلى قصور آخر يظهر من خلاله عدم علمه بحقيقة الأشياء، كما في قوله جل شأنه: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) الروم 7.
وعند تأمل هذا الوجه نفهم أن الإنسان لم يصل إلى التكامل المطلق في هذه النشأة ما يجعلنا على يقين بأن وجوده في هذه الأرض لم يكن على حقيقته التي هي عند الله تعالى، ومن هنا كان نسيانه يرجع إلى عدم تحقق العلم لديه بالأصول الثابتة وذلك نسبة إلى تراكم الأحداث التي تظهر أمامه في هذه النشأة، أما ما يقاس إلى دوره في التكليف بناء على العهد الذي تقدم ذكره فهذا من المحال إذا رجعنا إلى الهيئة التكوينية التي نشأ بواسطتها، ومن هنا يمكن ملاحظة الفرق بين التكليف المطلق وبين الحجج التي بينها سبحانه في آية الذر آنفة الذكر، هذا من جهة التكوين البدائي دون جهة الإنزال التي ذكرها تعالى بقوله: (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر 21. ومن بين تلك الأشياء تظهر حقيقة النسب الإلهية التي أودعها سبحانه في هذه الأرض وتعبدنا بها، علماً أن ما ينزل من الخزائن إلى الأرض ما هو إلا أحد الأجزاء التي ادخرها تعالى عنده ثم جعل إنزالها متفرعاً عن موجودات أعظم وأقدس، وهذا ما بينه بقوله: (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) النحل 96. ومن أجل الأشياء تجسيداً لهذا الإنزال هو بيت الله تعالى الذي يمتد أصله إلى البيت المعمور، وسيمر عليك تفصيل هذا المعنى في تفسير آية البحث:
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) البقرة 125. ذكرنا في بحثنا أن جميع الأشياء في هذا العالم ما هي إلا أمثلة لأشياء أجل وأقدس منها بل هي الفرع المقابل للأصل الذي تتنزل منه، وقد دلت الآية 21. من سورة الحجر آنفة الذكر على ذلك، وبناء على هذا يتحصل أن كل ما نشاهده في عالم المادة لا يخرج عن كونه علامة ظاهرة على وجود الخالق سبحانه الذي يتجلى لخلقه بخلقه ولهذا قيل إن لكل جزء من أجزاء الكعبة وأركانها أصلاً ثابتاً عند الله تعالى، وقد بينا ذلك في الآية 96. من سورة النحل التي أوردناها في بحثنا والتي فيها دلالة على بقاء الأشياء عند الله تعالى ونفادها عما سواه، ومن هنا تترتب على جلالة الأشياء المقدسة هذه الأهمية التي نشاهدها في هذا العالم، وما بيت الله الحرام إلا أحد هذه المقدسات المتجسدة في عالم المادة، ولهذا السبب جعله سبحانه مثابة للناس وأمناً، ولأجل هذا تكون العلاقة بين البيتين أي البيت المعمور وبيت الله تعالى الذي في الأرض كالعلاقة بين الأصل والفرع، ولذلك بوأ الله تعالى لإبراهيم مكان البيت وعرفه إياه وفي هذا دلالة على أن الموضع المشار إليه لم يكن تعيينه وليد اللحظة، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) الحج 26. والآية تثبت أصل البيت ومكانه المقرر قبل البناء المادي.
(وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً) من آية البحث. (وإذ) ظرفية أي اذكروا وقت جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً، وبهذا يكون التقدير مشتملاً على كثير من المعاني المحذوفة والتي يستدل عليها بلفظة (وإذ) ومنها فرض الحج وفعل ما هو مقرر من المناسك، ثم عطف تعالى على هذا الجعل اتخاذ مقام إبراهيم للصلاة كما في قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) من آية البحث.
والبيت يعني المرجع الذي يجتمع فيه أهله، والمصطلح يعطي هذا المعنى بجميع أبعاده وصولاً إلى بيت الشعر الذي تجتمع فيه الحروف والكلمات، وإذا أطلق في القرآن الكريم فلا يراد منه إلا بيت الله، وهناك إضافات أخرى يفهم معناها بواسطة الدلالة الإلزامية، كالإضافة إلى ياء المتكلم أو إلى أوصاف أخرى كالحرام والمحرم والعتيق، كما في قوله تعالى: (ولا آمين البيت الحرام) المائدة 2. وكذا قوله: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم) إبراهيم 37. وقوله سبحانه: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) الحج 29.
أما معنى مثابة أي مرجع والمراد ههنا الرجوع المتكرر إلى البيت وثاب أي رجع، ويستعمل المصطلح في الخير والشر، ومن الأول ما ذكر في آية البحث ومن الثاني قوله تعالى: (هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) المطففين 36. أوردت اسم السورة على الحكاية، ومنه قوله تعالى: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل) المائدة 60. والباقي ظاهر.

من كتابي: السلطان في تفسير القرآن
          

بيان صحافي صادر عن مجلس أساقفة وممثلي الكنائس الرسولية الشرقية في أستراليا ونيوزيلاندا

عقد مجلس الأساقفة والكهنة رؤساء وممثلي الكنائس الشرقية في أستراليا ونيوزيلاندا اجتماعاً استثنائياً في 28 آذار 2017 بضيافة الكنيسة السريانية الكاثوليكية في مركزها في Burwood ، ناقشوا في خلاله مواضيع كنسية مختلفة، كان من أبرزها:

أولاً: إقرارُ مسوّدة النظام الداخلي للمجلس، والمباشرة في تسجيله كهيئة رسمية لدى الدوائر الحكومية. وتضمن صياغة أهدافه وآلية عمله وأبعاد رسالته المسكونية والراعوية والإجتماعية بهدف نشر بشارة الإنجيل بروح الوحدة والسلام فيما بين أبناء الكنائس جميعاً، عملاً بوصية الرب يسوع: " ليكون الجميع واحداً، كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا، ليؤمن العالم أنك أرسلتني" (يو 17/21).
ويُعتبر إقرار هذا النظام الداخلي للمجلس بمثابة إنجاز قانوني مؤسساتي نوعي، أولاً لجهة الإعتراف به من قبل المؤسسات الحكومية والرسمية كجسم قانوني ومعنوي مستقل، وثانياً لجهة قدرته على التحرك والتطور باتجاه تحقيق المشاريع الراعوية والإجتماعية الآيلة إلى خدمة أفضل لحاجات المؤمنين، خصوصاً في بلدان الشرق الاوسط وأفريقيا، والدفاع عن إيمانهم ووجودهم وقيَمهم الإنجيلية.

ثانياً: وَضعُ البرنامج النهائي للزيارة التي سيقوم بها وفدٌ من أعضاء المجلس إلى قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وذلك بين 29 أيار و 6 حزيران 2017، كخطوة أخوية تضامنية مع قداسته وجميع ابناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنائس الأخرى والشعب المصري عموماً في مواجهة أمواج الإضطهاد والعنصرية والإرهاب بكل أشكاله الدينية والعرقية والإجتماعية، وخصوصاً مع استمرار سلسلة أعمال العنف والقتل والتفجير والتهجير التي يتعرض لها المسيحيون في مصر ومنطقة الشرق الأوسط والعالم.
وناقش المجلس مع نيافة الأنبا دانييل، أسقف كنيسة الاقباط الأرثوذكس في ولاية نيو ساوث ويلز وملحقاتها، برنامجَ الزيارة الراعوية التي سيقوم بها قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني إلى سيدني من 30 آب إلى 5 أيلول، وإلى ملبورن من 6 إلى 13 أيلول 2017.

ثالثاً: من ناحية أخرى، أثنى المجلس على المبادرة السنوية التي تقوم بها الكنيسة المارونية في أبرشية أستراليا لمناسبة عيد بشارة العذراء مريم بالحبل الإلهي. فقد أقيم احتفالٌ في الرابع والعشرين من هذا الشهر في الجامعة الأسترالية الكاثوليكية (ACU) ضم ممثلين من مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية وسفراء دول المملكة العربية السعودية وقطر وفلسطين ولبنان. وتضمن اللقاء تجاويد قرآنية وترانيم مسيحية وكلمات لمحاضرين مسيحيين ومسلمين أكدت على أهمية لقاء عيد البشارة السنوي، تحت رعاية العذراء مريم القديسة، من أجل التواصل والصلاة للوحدة والسلام في العالم، وخصوصاً في منطقة الشرق الاوسط وأفريقيا.
رابعاً: تمنى المجلس النجاح للقاء الشبيبة حول موضوع السلام بعنوان (1 in Christ)، والذي سيقام يوم السبت في الأول من شهر نيسان 2017 في قاعة كنيسة القديس يوحنا الحبيب للروم الملكيين الكاثوليك (غرين إيكر). كما أثنى المجلس على هذا اللقاء وعلى كل لقاء يشجع الشباب على العمل من أجل الخير العام.
خامساً وأخيراً: وضع المجلس الترتيبات النهائية لإحتفال عيد الشعانين يوم الأحد في التاسع من شهر نيسان المقبل في باحة كنيسة مار شربل في PUNCHBOWL والذي سيضم جميع المسؤولين الروحيين والمؤمنين من مختلف الكنائس كشهادة حية عن رغبة الكنائس جميعها في أن تكون، على تنوّعها، واحدةً في جسد يسوع السري الممجّد. ودعا المجلس جميع المؤمنين للمشاركة في هذا الإحتفال.

"لقاء الأديان" في استراليا يجمع الأخوة والأصدقاء في عيد البشارة



برعاية المطران طربيه وحضور لافت للمرجعيات اللبنانية والعربية الروحية والسياسية المسيحية والاسلامية

برعاية صاحب السيادة المطران انطوان شربل طربيه، راعي أبرشية استراليا المارونية، وبالتعاون مع المرجعيات الروحية  الاسلامية والمسيحية المحليّة، نظمّت MaroniteCare مع المركز الماروني للدراسات احتفالاً دينياً تحت عنوان "لقاء الأديان" للاحتفال بعيد البشارة تكريما لمريم العذراء والصلاة من أجل السلام وذلك يوم الجمعة ٢٤ آذار ٢٠١٧ في الجامعة الاسترالية الكاثوليكية، ستراثفيلد. وقد حضر اللقاء صاحب السيادة المطران انطوان شربل طربيه، سيادة المتروبوليت بولس صليبا، متروبوليت الروم الانطاكيون الارثوذكس، سيادة المطران أميل شمعون نونا، راعي أبرشية اوستراليا ونيوزيلندا للكلدان الكاثوليك، سيادة المطران مار أنبا دانيال، مطران أوستراليا للأقباط الارثوذكس، الدكتور ابراهيم أبو محمد، مفتي اوستراليا، ممثل مفتي الجمهورية  اللبنانية سماحة الشيخ مالك زيدان، إمام مسجد الرحمان في أوبرن سماحة الشيخ يوسف نبها،  ممثل مشيخة العقل فضيلة الشيخ ملحم عساف، ومدير معهد الفيصل، سماحة الشيخ شفيق خان. كما وحضر الاحتفال: الدكتور جيف لي، النائب عن منطقة باراماتا ممثلاً رئيسة الولاية غلاديس برجكليان ووزير التعددية الثقافية، النائب لوك فولي، رئيس المعارضة في نيو ساوث وايلز، النائب الفدرالي عن منطقة ريد غريغ لوندي، النائب عن لاكمبا جهاد ديب، والنائب عن كانتربيري سوفي كوتسيس، وعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل السيد محمد مراد. كما وتميّز الاحتفال بحضورٍ لافت للسلك الدبلوماسي اذ تضمن الحضور: سعادة سفير المملكة العربية السعودية، الاستاذ نبيل محمد الصالح،  وسعادة سفير دولة قطر، الاستاذ ناصر بن حمد آل خليفة، سعادة سفير دولة فلسطين، الاستاذ عزت عبد الهادي، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في كانبيرا، السيد جيسكار الخوري، قنصل لبنان في سيدني السيد جورج بيطار غانم، عميدة مركز ستراثفيلد في الجامعة الاسترالية الكاثوليكية البروفسور ماريا نيكولسون، منسق مركز العلاقات المسيحية الاسلامية في مؤسسة كولومبن الدكتور الأب باتريك مكينرني، حشد من الآباء الكهنة والرهبان والراهبات، ممثلون عن المؤسسات والجمعيات المسيحية والاسلامية وكافة الأحزاب السياسية  اللبنانية في أستراليا. وقد تكلم في المناسبة البروفسور ماريا نيكولسون باسم الجامعة الكاثوليكية المضيفة، والمطران طربيه مرحباً بالحضور، وتلاه دعاء للمناسبة من قبل الشيخ مالك زيدان والشيخ يوسف نبها والشيخ ملحم عساف، وشارك بصلاة خاصة لعيد البشارة كل من المتربوليت بولس صليبا والمطران اميل شمعون نونا. ثم تكلم ممثل المعارضة في ولاية نيو ساوس ويلس النائب لوك فولي تلاه كلمة للنائب جيف لي ممثلا رئيسة حكومة الولاية النائب غلاديس برجكليان، ووزير التعددية الثقافية.  شدد الخطباء على أهمية عيد البشارة كعيد جامع بين الديانتين المسيحية والاسلام. وقد تخلل الاحتفال تجويد آيات من القرآن الكريم تلاها الشيخ خالد زريقة بالاضافة الى تراتيل للسيدة العذراء رنمتها الآنسة تيا بطرس ورافقها على الكمنجة الشاب دومينيك قزي. وقد عرّف المناسبة السيدة جيزيل ضومط والدكنور عماد برّو. واختتم الاحتفال بإضاءة الشموع أمام شخص العذراء مريم على نية السلام في الشرق الاوسط والعالم، وتم بعد ذلك أخذ الصور التذكارية، قبل الانتقال الى الباحة الخارجية حيث دعي الجميع الى كوكتيل أعد خصيصا  للمناسبة. 

وهنا النص الكامل لكلمة  صاحب السيادة المطران أنطوان-شربل طربيه في المناسبة:

أحبائي وإخوتي في الإيمانِ المسيحي والإسلامي، والأصدقاء الأستراليينَ جميعاً،
يسعدُني أن تُتاحَ لي الفرصةُ لارحّبَ بكم، في اللقاءِ الرابعِ المسيحيِّ الإسلامي، بمناسبةِ عيدِ بشارةِ الملاك جبرائيل للسيدة مريم، والدةِ يسوعَ المسيح، الذي نَتعبَّدُ له نحنُ المسيحيينَ كابنِ الله، ومخلِصنا، ويعتبرُه المسلمونَ نبيّاً عظيماً.
أشكركُم جميعاً، خصوصاً إخوتَنا المسلمين، لإظهارِ الاهتمامِ والمشاركةِ بهذه المناسبةِ السنويّة. إنّ حضورَكم، عاماً بعدَ عام، يُظهرُ التزامَكم بتأسيسِ تقليدٍ من الاحترامِ المتبادَلِ والتسامُح.  وإنّ ما نفعلُهُ والطريقةَ التي نتفاعلُ بها اليوم، يؤسّسُسانِ للمستقبَل، وللأجيالِ القادمة، لكي تَتْبعَ خُطانا.
وهذا الحافزُ الرائعُ لكي نَحتفِلَ سويّاً كمسلمينَ ومسيحيّينَ بعيدِ بشارةِ سيّدتِنا العذراء، أبصرَ النورَ في لبنانَ عامَ ألفين وثمانية، وتحوّل في عامِ ألفينِ وعشرة، إلى عيدٍ رسْميّ، يُعبّرُ عن الإرادةِ، والرغبةِ لدى العديدِ من الناس، من دياناتٍ مُختلفة، لكي يَعيشوا حياةً مشترَكةً مفعَمةً بالسلامِ والتناغُم. وهذه السنةُ الرابعةُ التي نجتمعُ فيها معاً لمناسبةِ هذا العيدِ في سيدني.
في العصورِ الماضية، كان السؤالُ المُلحُّ، الذي أُطْلِقُ عليه تسميَةَ "المُعضلة الكبرى"، البحثَ الفلسفيَّ عن الغرَضِ من الوجود. من أين جئتُ؟ لماذا نحنُ هنا؟ ما الذي أنا هنا لأفعلَه؟ هل لديّ إرادةٌ حُرّةٌ، أم إنّ كلَّ شيءٍ في الحياةِ يقرِّرُه القدَر؟
غيرَ أنّ هذه الأسئلةَ، على أنّها ما تزالُ مهمّة، أصبحت اهتمامًا ثانويّاً بالنسبةِ إلينا في مجتمعِ اليوم. ففي العالَمِ المُعاصر، أصبحت المُعضلةُ الكبرى: كيف نستطيعُ أن نعيشَ معاً بشكلٍ أفضل؟ كيف يُمكِنُ أن يتَقبّلَ أحدُنا الآخرَ كما نَحنُ الآن؟
إنَّ الأسئلةَ الأبديّةَ لن تتلاشى أبداً، ولكنْ في العالَمِ المُعاصِر، إذا لم نتمكّنْ من العيشِ معاً، فسنُدمِّرُ بعضُنا بَعضاً، ولن ينجوَ أحدٌ من المأساة، كما لن يبقى شيءٌ للبشريّة.  ولن يتقدّمَ أيُّ سَعيٍ أو أيُّ دِينٍ إلى الأمام.
لماذا يبدو أنّ هناك صعوبةً متزايدةً، وبشكلٍ مُطَّرِد، في فَهم حُقوقِ الاختلافِ بينَنا؟ فمِن جِهةٍ، تَظهَرُ القِوى التي تدعُو إلى السلامِ والتسامُحِ أقوى صوتاً، وأفضلَ تنظيماً من أيّ وقتٍ مضى. ومِن جهةٍ ثانية، يَظهَرُ أنّ المجتمعَ المتسامِحَ لديه أعداء، أناسٌ يريدونَ خَنْقَه في مَهدِه. وهذا نَراهُ في ارتفاعِ منسوبِ عدَمِ التسامُح، والتطرّفِ والتعصّبِ الدينيِّ مع طبيعةٍ عُنفيّة. ونرى ذلك في صُعودِ تنظيمِ داعش، ورفضِه لفكرةِ التعايش السلمي بين البشر.
مناسباتٌ كهذه، هي دليلٌ على النيّةِ الصادقة، لنعيشَ سويّاً في انسجام.
ولعلّهُ من حُسنِ الحظِّ أن نحتفلَ في الأسبوعِ ذاتِه، بيومِ التناغُمِ، الذي احتفلتْ به أستراليا يومَ الثلاثاء، الحادي والعشرينَ من آذارَ الجاري. وبينما نحنُ نجتمعُ في هذه الأمسية، ونتشاركُ في الثِّمارِ الطيّبةِ لتعدُّدِ الدياناتِ والثقافات، فنحنُ نجدُ أنّ تلك الثقافاتِ الأخرى غَنيّةٌ، ومُثْقَلةٌ بالعطايا لمجتمعِنا. وإنّ تَنوُّعَ خلفيّاتِنا يُغْني عالمَنا كُلَّه، ويُعزِّزُ تقديرَنا للتسامُحِ الدينيِّ والمُجتمعي.
مناسبتُنا في هذه الأمسية، أعْني بها احتفالَنا بعيدِ البِشارة، هي فُرصةٌ لنا لكي نَنظُرَ حوْلَنا، بصُحبةِ الأستراليينَ الآخرينَ، ونتَفهّمَ أنّنا، بالعَملِ سَويّاً وباحترامِ اختلافِنا فقط، يُمكنُنا بناءُ مجتمعٍ أفضل.  
أيُها الأصدقاءُ الأعزّاء، إنّ بشارةَ القديسةِ مريم، هي أكثرُ من عيد، إنها رسالة. رسالةُ تناغُم تُعلِنُ أنّ جوهرَ الرسالاتِ الدينيّة، هو قيادةُ العالَمِ والانسان إلى الحوارِ، والتعاوُنِ، وقَبولِ الآخَر. والصلاةُ جنْباً إلى جَنْبٍ في هذا العيدِ تَعكُسُ مسؤوليّتَنا المشترَكةَ للمساعدةِ في بناءِ مجتمعٍ أكثرَ احتراماً، وعَطاءً، وانسجاماً، وسلاماً. 
مرّةً ثانيةً أشكرُكم على تلبيتِكم لهذه الدعوة، وأشكر حضور السادة السفراء العرب من كانبيرا والاستاذ محمد مراد من لبنان، ممثلاً دولة رئيس الحكومة اللبنانية الشيخ سعد الدين الحريري. كما أعبّرُ عن تقديري لمفوضية التعددية الثقافية في نيو ساوث ويلز ، على دعمِها الماليِّ لهذه المناسبة، وأشكرُ أيضاً الجامعةَ الكاثوليكيةَ الأسترالية، لاستضافتِها هذا اللقاءَ للسنةِ الثانيةِ على التوالي، ولَجنةَ العَلاقات (الحوار) بين الأديانِ التي خطّطتْ ووفّرت لهذا الاجتماعِ  أسبابَ النجاحِ.

أتريد ان تبرأ؟/ نسيم عبيد عوض

“وكان هناك إنسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة
 هذا رآه يسوع مضطجعا ، وعلم أن له زمانا كثيرا، فقال له: أتريد أن تبرأ
 أجابه المريض: يا سيد، ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء. بل بينما أنا آت، ينزل قدامي آخر
 قال له يسوع: قم. احمل سريرك وامش
 فحالا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى. "
ويبدأ هذا الفصل ( من انجيل يوحنا البشير الإصحاح الخامس ) بقصة شفاء مريض بركة حسدا‘ وهى من ضمن معجزات الرب التى إنفرد بها القديس يوحنا فى إنجيله المكتوب مسوقا من الروح القدس فى نهاية القرن الأول الميلادى ‘ وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على الثلاثة الأناجيل الأخرى‘ وشفاء هذا المريض الذى ذهب اليه السيد بنفسه ليشفيه بعد مرور ثمانى وثلاثين عاما على مرضه ‘ أى قبل ميلاد المخلص الشافى. وفى أورشليم وفى عيد الفصح الثانى صعد يسوع ليحتفل معهم بالعيد كوصية لكل بنى إسرائيل ‘ وعند باب الضأن وهو الباب الموجود على سور أورشليم من جهة الشرق وقريبا من الهيكل (نح3: 1) المخصص لدخول الذبائح الى بيت الرب‘ وكانت هناك أيضا بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا – بتسدا – ويعنى اسمها بيت الرحمة بسبب شفاء المرضى بها‘ وتعتبر مصحة علاجية للمرضى ‘ ويلجأ اليها كل مريض لأنه كما قال الإنجيل عنها  "فى هذه كان مضطجعا جمهور كثير من مرضى وعمي وعرج وعسم يتوقعون تحريك الماء. لأن ملاكا كان ينزل أحيانا فى البركة ويحرك الماء ‘ فمن نزل أولا بعد تحريك الماء كان يبرأ من أى مرض اعتراه."(3و4)‘ وقد إختار الرب هذا المريض من ثمانى وثلاثين سنة وذهب اليه وسأله "هل تريد أن تبرأ " وقال له يسوع قم احمل سريرك وامش. فحالا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى."يو5: 5.

1
وما حدث مع هذا المريض وباعتبارها حالة شفاء " لأن من أسماء الله أنه

YAHWA RAPHAالرب الشافي (خروج 15: 26) – "أنا يهوه شافيك" في الجسد والروح. في الجسد يحفظ من الأمراض ويشفي منها، وفي الروح بغفران الخطايا"

 أعقبها توبة حسب قول الرب " ها أنت قد برأت .فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر."يو5: 14‘ وأساسا لإعلان قوة كلمة الله المحييه والشافيه ‘ والتى بدأت بشفاء ابن خادم الملك (قال له يسوع اذهب ابنك حي فآمن الرجل بالكلمة التى قالها له يسوع وذهب).يو4: 50‘ وهنا بكلمة الله لمريض البركة " قم احمل سريرك وأمش."تمت بمجرد كلمة من السيد المسيح ‘ ولذلك يقال عنه فى القداس الإلهى أقمت الطبيعة بالكلمة ‘ ومنقذ حياتنا من الفساد.).

بعد هذا

يبدأ فصل الإنجيل ب" بعد هذا" لأنه يجول يصنع خيرا  وليعرفنا الكتاب بعد صنع معجزات هذه عددها ‘ فبعد معجزة عرس قانا الجليل بتحويل الماء الى خمر يو2‘ وشفاء ابن خادم الملك بكلمة منه ‘فالله لا يتوقف عن صنع الشفاء للمرضى‘وهو الذى قال عنه الكتاب:

فى مز 12 : 5" من شقاء المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم يقول الرب." ومز 20 " يستجيب لك الرب فى يوم الضيق ...وهو الذى يعرف نفسه بأنه " أنا هو الراعى الصالح .والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف ." يو10: 11‘ وقالت النبوة عنه " روح السيد الرب علي لأن الرب مسحنى لأبشر المساكين ‘أرسلنى لأعصب منكسرى القلوب لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق." أش61: 1‘ونبوة إشعياء" حينئذ تتفتح عيون العمى وآذان الصم تتفتح . حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الخرس لانه قد انفجرت فى البرية مياه وانهار فى القفر."اش35: 5و6‘وهذه من علامات مجيئ المسيا ‘  وهو الذى قال عنه الكتاب أيضا "وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم فى مجامعها. ويكرز ببشارة الملكوت. ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب." مت9: 35. 

أتريد أن تبرأ؟

فقال له أتريد ان تبرأ ؟ .. وقد سبق ان قالها الرب لأورشليم كلها ولم ترد أن تبرأ" يا أورشليم يا أورشليم ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها .كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا."مت23: 27‘ وقالها للشاب الغنى الذى جاء ليسأله ماذا يفعل ليرث الحياة الأبدية فقال له الرب بع كل مالك ووزعه على الفقراء فيكون لك كنز فى السماء ‘وتعال واتبعنى .فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا .لأنه كان ذا أموال كثيرة." مت19 ولم يرد ان يبرأ‘ فالأنبياء منذ القديم يتطلعون الى هذا اليوم لمجيئ المسيا ‘ ولكن الله يحترم إرادة الإنسان قبل كل شيئ ‘ وهناك البعض الذين لا يريدون أن يبرأوا من الخطية – شفاء المرض شيئ يسير عند الله ‘وهو الذى قال فى شفاء المفلوج " أيما أيسر ان يقال مغفورة لك خطاياك .او ان يقال قم وأمش. لكن لكى تعلموا ان لابن الانسان سلطانا على الارض ان يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج .قم احمل فراشك واذهب الى بيتك."مت 9.

إرادة الشفاء والحياة الأفضل

كان عظيما ان يسأل الرب المريض أتريد أن تبرأ ؟ أى هل لازالت لك إرادة الشفاء والحياة الأفضل ‘ لأن إرادة استعادت الحياة بلا خطية هى الإرادة القوية بمعونة الله ‘ لأن برء الجسد متوقف على توبة هذاالإنسان وبراءته من الخطية‘ ولذلك كان القصد الإلهى فى قول الرب واضحا للرجل بعد شفائه عندما قابله فيما بعد" ها أنت قد برأت فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر." . إذا كان الله لا ييأس من خلاص الخاطئ وتوبته ‘ فلا يجب على الإنسان ان لا ييأس من رحمة الله رب الحياة. ويفسر لنا القديس بولس الرسول ان أخطر مشكلة أدبية وأخلاقية وروحية تواجه الإنسان فى الحياة هو إرادة الإنسان فى الصراع بين الخير والشر داخله أى فى صراعه مع الخطية‘فالانسان الطبيعى فى عراكه مع الخير والشر يشعر بوجود ناموسيين داخله ‘ناموس الخطية المسيطرة على الجسد بأعضائه وحواسه ‘ وناموس الخير والصلاح المسيطر على عقله الروحى وضميره الحي ‘وإرادة الإنسان فى الإنجذاب نحو الرب يسوع هى النصرة ‘ لأنه فيه الناموس الثالث الذى هو أعلى وأكثر قوة وسيطرة على التغلب على أمراض البشر الجسدية والروحية ‘ ناموس روح الحياة ‘ فهو يقول أتيت ليكون لكم حياة أفضلأ وأخلص ماقد هلك‘ وهذا ماقاله بولس الرسول" لأن ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت." رو8: 2.

قم ..احمل سريرك وأمش

قال له يسوع قم .. صدرت كلمة الحياة – قم – من رب الحياة والرحمة وينبوعها الدائم ‘ مجانا وبلا وسيط ‘ حركت عضلات الرجل الضامرة فدبت فيها الحياة ‘ ووثب واقفا يحمل سريره ويمشى الى بيته ‘ والرجل لم يكن يعرف من المتكلم وشخص الذى بكلمة شفاه‘ ولكن الله الكلمة الذى طبيعته يجول يصنع خيرا ‘ ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب‘ فهو القائل" الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة."يو6: 63 ‘ وأيضا" تأتى ساعةوهى الآن حين يسمع الأموات (الخطاة) صوت ابن الله والسامعون يحيون." يو5: 25. فلابد من القيامة على الأرض (بالتوبة) قبل القيامة فى السموات.

حياة التوبة

ها أنت قد برئت. فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر.. عودة الإنسان للخطية بعد شفائه منها ‘ وبعد ميلاده الثانى شيئ لا يريده لنا الله ‘ كقول بولس الرسول" لأن أرضا قد شربت المطر الآتى عليها مرارا كثيرة وأنتجت عشبا صالحا للذين فلحت من أجلهم تنال بركة من الله. ولكن إن أخرجت شوكا وحسكا فهى مرفوضه وقريبة من اللعنة التى نهايتها للحريق." عب6: 7و8‘وأيضا "إن أخطأنا بإختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف." عب10: 26. ولكن إلهنا الرحيم فاتح أحضانه لأولاده فى كل وفى أي لحظة ومع كل نسمة حياة ‘ فاتح أحضانه للتوبة وهو مانح الغفران حتى لا يحرمنا من الفردوس الذى وعد به المؤمنين.

الهنا الصالح يعطينا الإرادة القوية أن نعيش فى حياة طاهرة ‘وتوبة صادقة فى صوم ينقى قلوبنا ويقوى عزمنا على التمسك بيد الله القوية الممدودة لنا دائما بالخلاص. ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد أمين.


فتح موقع قبر المسيح في القدس أمام الزوار

المصدر: "أ ف ب"

أعيد اليوم فتح موقع قبر المسيح في كنيسة القيامة في القدس أمام الزوار بعد تسعة أشهر من أعمال الترميم.
وبدأت اعمال الترميم في كنيسة القيامة في القدس الشرقية المحتلة في أواخر ايار الماضي. وقام خبراء يونانيون باعادة بناء الضريح الذي استند لعقود على بنية معدنية بعد زلزال في اوائل القرن العشرين.
وشارك رجال دين من مختلف الطوائف المسيحية في هذه المراسم التي تجري حول الضريح الذي استعاد لونه الاصفر القاتم الاصلي.
ويتألف القبر من بناء صغير اعيد بناؤه بالرخام بعيد حريق نشب قبل نحو قرنين.
ويستند منذ عشرات السنوات الى بنية معدنية تجمع قطع الرخام. الا ان حجارة الرخام بدأت تتفكك ربما بسبب الاحوال الجوية في السابق وحاليا بسبب التدفق اليومي لالاف الحجاج والسياح.
وقامت السلطات الاسرائيلية عام 2015 باغلاق الموقع بسبب مخاوف مماثلة.
وتكفلت الكنيسة الارثوذكسية والكنيسة الارمنية ورهبان الفرنسيسكان بتغطية تكاليف عملية الترميم اضافة الى مساهمات من القطاعين العام والخاص، وبلغت تكاليف عملية الترميم 3,7 مليون دولار اميركي.
وأكدت المسؤولة عن عملية الترميم انتونيا موربولو "في السابق كان الضريح اسود اللون". وأضافت "هذا اللون الحقيقي للضريح، لون الامل".
وخلافا لبقية اجزاء الكنيسة التي تم ترميمها بين الستينات والتسعينات من القرن الماضي، تم اهمال الضريح.
وشرحت موربولو ان الفريق قام بتفكيك وتنظيف وترميم كافة اجزاء الضريح تقريبا، بما في ذلك الاعمدة والقباب العليا والداخلية.
وتم تثبيت نافذة للسماح للحجاج برؤية الحجر المتبقي من كهف الدفن القديم للمرة الاولى.
بعد الترميم، لم تعد هناك حاجة الى قفص الحماية الذي وضعه البريطانيون في الكنيسة قبل 70 عاما.
واكدت ماربولو "تم معالجة تشوهات الضريح المقدس وتم ضمان السلامة الهيكلية".
من جانبه، أكد كاهن الكنيسة الارمنية في كنيسة القيامة صموئيل اغونيان ان الضريح يبدو "كمبنى جديد تماما" بعد عملية الترميم التي شاركت كنيسته في تمويلها.
وتضمنت أعمال الترميم أيضا فتح قبر المسيح عبر ازاحة بلاطة الرخام التي تغطي القبر للمرة الاولى منذ العام 1810 على اقل تقدير، عندما جرت اعمال ترميم اثر نشوب حريق في المكان.
وتم ازالة الواح الرخام للسماح بتعزيز الغرفة.
وعثر المرممون على لوحة رخامية تعود الى عهد الحروب الصليبية ما يشير الى ان القبر لم يفتح منذ 700 عام، بحسب ماربولو.
وتحتها، عثر المرممون ايضا على لوحة اخرى تعود الى عهد الامبراطور قسطنطين الذي بدأ بتحويل الامبراطورية الرومانية الى المسيحية في القرن الرابع الميلادي.
وتقول ماربولو "عندما فتحنا اللوحات، تبينت لنا مختلف مراحل التاريخ من عهد القسطنطينية الى البيزنطية الى الصليبيين الى عصر النهضة".
وهناك خلاف حول ما اذا كان هذا القبر هو بالفعل موقع دفن السيد المسيح.
ويعتقد بعض المسيحيين ان المسيح دفن في حديقة القبر خارج اسوار البلدة القديمة في القدس، الا ان ماربولو اشارت ان ما عثر عليه يدعم نظرية دفنه في كنيسة القيامة.
وردا على سؤال ان كانت هذه اللوحات الرخامية تدعم نظرية دفن المسيح في كنيسة القيامة، أجابت ان الامر "ليس موضع نقاش".
وتابعت "الامر متعلق بالكشف عن قبر حي ويؤثر على جميع من يعمل هنا وعلى كل العالم".
وهناك خطط أخرى لتجديد أجزاء أخرى من كنيسة القيامة بحسب الكاهن اغونيان.
وقال اغونيان ان هناك خططا "مؤقتة" لاصلاح قبو القبر بالاضافة الى "كل بلاط الكنيسة".
وتقدر الكنائس الثلاث التي تشارك في ادارة الموقع ان هذه الاعمال بحاجة الى قرابة 6 مليون دولار اميركي.
ولطالما أدت الخلافات بين الكنائس الى تأجيل اعمال الترميم في كنيسة القيامة.
وبحسب التقليد المسيحي فان جثمان المسيح وضع في مكان محفور في الصخر بعد صلبه على ايدي الرومان في العام 30 او 33م. ويؤمن المسيحيون بحسب الانجيل ان المسيح قام من الموت، وان نسوة قدمن لدهن جثمانه بالزيت بعد ثلاثة ايام على دفنه ولم يجدنه.

الوعظة نجلا قصاب تُرسَم قسيسة... زوجة قس وأمّ، ورسالتها تثقيف المرأة


المصدر: "النهار"
هالة حمصي

انها المرأة الثانية التي يوافق السينودس الانجيلي الوطني في سورية ولبنان على رسامتها قسيسة. الواعظة نجلا قصاب هي القسيسة الثانية التي تُرسَم خلال شهر في لبنان والشرق. ساعة من العمر. الجمعة 24 آذار 2017، تُتوِّج 25 عاما من الخدمة في الكنيسة في احتفال ديني دعا اليه السينودس(1)، ويؤمل في "ان يكون مسكونيا". "الله خلق المرأة على صورته ومثاله، وليست أنقص من اي رجل. المسيح أحبّها الى درجة انه مستعد ليستخدمها كما يستخدم الرجل"، تقول لـ"النهار".

القسيسة الجديدة أمّ، وايضا زوجة قسّ، القس جوزيف قصاب، الامين العام للسينودس، بما يجعلهما ثنائيا فريدا للغاية في لبنان والشرق. "قس وقسيسة" جمعهما الحب من ثلاثة عقود، واثمر 3 اولاد، بنتان وصبي، "هم سعداء"، على قولها، بان يكون والداهم قسيسين. مشرقة بابتسامتها، واثقة، متحمسة. الواعظة نجلا تستعد لرسامتها كإستمرار للرسالة التي بدأتها من اعوام طويلة في السينودس والكنيسة، "وهي ان اشارك في بناء الملكوت على كل المستويات، وتحديدا في التعليم الكنسي".

العام 1990، عادت الى لبنان بشهادة في اللاهوت من الخارج، ثم منحها السينودس إجازة واعظة العام 1993، للمرة الأولى في السينودس. "ومن هنا، بدأنا رحلة تثقيف المرأة في الكنيسة عن الدور الذي يريده الله لها. الهدف استخدام طاقاتها في بناء الكنيسة وملكوت الله. نؤمن بانها تكمّل الرجل بمواهبها وحضورها وآرائها ولمستها الانسانية".

نجلا الرحّالة
هكذا بدأت الرحلة، "رحلة تغيير النظرة الى المرأة في الكنيسة"، بتعابيرها. ولا احد يستطيع ان يقنعها "بان الله يحب الرجل اكثر من المرأة". الواعظة المسؤولة عن دائرة التربية المسيحية في السينودس تستمر في رسالتها كقسيسة، مع اقتناع بان "الله يستخدمني في التعليم في الكنيسة وممارسة الاسرار وبناء جماعة الايمان والعمل مع المرأة".

في اليقين ايضا، "المرأة القسيسة تستطيع ان تصل الى المرأة اكثر من الرجل، لانها تعرف جيدا حاجاتها وآلامها وصراعاتها. لذلك هناك انتقاص في الا تكون هناك امرأة قسيسة". وتتساءل: "من اجمل من المرأة كي تتكلم على محبة الله والدخول في جماعة الايمان وحمل طفل وتعميده؟ المرأة أمّ".

ان تُعَمِّد؟ مستعدة لذلك بسرور كبير. وتنتظر ان يُطلَب منها، بعد رسامتها، تعميد اوّل ولد. كذلك، تتوق الى تلك الساعة التي تحتفل فيها بالاسرار، للمرة الاولى كقسيسة. احدى الكنائس في صيدا كانت السباقة الى دعوتها الى ان تقيم لديها احتفالها الاول بالاسرار، بعد رسامتها فورا.

من اكثر من عقدين، تستعد نجلا لهذه الاوقات الغالية. درست اللاهوت مع زوجها القس جوزيف، "وخدمنا ونخدم معا"... مع حرص على "التروي في التثقيف حول دور المرأة في الكنيسة"، على قولها. من نتائج هذا التروي "قبول تلقائي... ما نقوم به يدخل في صلب لاهوتنا وحياتنا الكنسية، في صلب قبول المرأة في جماعة الايمان".

"لا شيء يمنع"
في اللاهوت الانجيلي المُصلَح، "لا شيء يمنع من رسامة المرأة"، يؤكد الامين العام للسينودس القس جوزيف قصاب. "لدى هذا اللاهوت نظرة الى قراءة الكتاب المقدس لا تقوم على الحرفية. نحن لا نؤمن بالوحي الميكانيكي، بل بأنَّ من كتبوا الكتاب المقدس اشخاصٌ مُساقون بالروح القدس، لكنهم كانوا ايضا ابناء بيئتهم ومجتمعهم. لذلك، عندما نقرأ الكتاب المقدس، نحاول ان نجعله آنيا، اي ان نفهم ماذا كان يعني آنذاك، وماذا يعني الآن. لا نقرأه لمجرد ان نقرأ، او نطبق ما نقرأه من دون تفسيره لاهوتاً وتاريخاً".

الموقف من المرأة في المسيحية مبنيٌّ، في رأيه، على "كيفية قراءة الكتاب المقدس". ويقول: "اذا كُتِب فَلْتَصْمُتْ، فثمة من يقولون ايضا فَلْتَصْمُت. لماذا قيل ذلك؟ وفي اي ظرف كُتب؟ لا يهمهم... في موضوع المرأة، نعرف ان هذه النصوص كانت لها ظروفها. بالنسبة الينا، نقطة الانطلاق هي الخلق. "فخلق اللهُ الانسانَ على صورته ومثاله، ذكرا وانثى خلقهما". صورة الله اذاً في الخلق مطبوعة في الذكر والانثى. وكان هذا قبل السقوط. كل امانينا ان نرجع الى حالة ما قبل السقوط. جاء المسيح كي يعيدنا الى تلك الحالة. فكيف نعود الى حالة ما قبل السقوط بعد موته وقيامته من أجلنا؟ هذا هو المنطلق الكتابي الذي ننطلق منه كأنجيليين مُصلَحين".

ردًا على المنطق القائل بان المسيح لم يختر نساء بين تلاميذه، وبالتالي كهنوت المرأة غير جائز، يفسر قصاب ان "عدد 12- وهو عدد تلاميذ يسوع- رمزي، ويدل على الاسباط الـ12 لاسرائيل. ويريد المسيح بذلك ان يقول هذه هي اسرائيل الجديدة، هذه هي الكنيسة".

ترتيب خاص
يؤمن الانجيليون، لا سيما المُصلَحون، بكهنوت جميع المؤمنين، احد مبادىء الاصلاح الاساسية. "ليس لدينا كهنوت خاص، اي ان يُرسَم شخص كاهنا، ويصبح برسامته اعلى مرتبة روحية من المؤمنين. عندنا كهنوت جميع المؤمنين. ونستمده كمؤمنين من كهنوت المسيح، الكاهن الاعظم الذي اعطى الجميع كهنوته"، يشرح قصاب.

وبموجب ذلك، تأتي رسامة القساوسة والقسيسات كـ"ترتيب كنسي خاص". "الرعاية وممارسة الاسرار ترتيب في كنائسنا يقوم على ان القسيس المعلّم يجب ان يتعلم"، وان يلبي متقضيات عدة اولا. "بعد تخرّج الطالب (او الطالبة) من كلية اللاهوت للشرق الادنى التابعة للسينودس، يعينه السينودس للخدمة في مكان ما. وغالبا ما يتم تعيين الذكور في كنائس، حيث يبدأون الخدمة. بعد سنة من الخدمة، يحق له التقدم بطلب لنيل اجازة وعظ، اي ان يكون مجازاً في خدمة الكلمة. فيخضع لامتحان في الوعظ. واذا نجح فيه، يمنحه السينودس اجازة وعظ قانونية. وبالتالي يدخل في تصنيف فئة الرعاة، كالقساوسة، لكن لا يحق له ان يخدم سريّ المعمودية والافخارستيا. وبعد 3 سنوات في الخدمة، يجب ان يُطلَب للرسامة لخدمة السرّين، إما من السينودس، إما من الرعية كما حصل في رسامة القسيسة رولا سليمان لكنيسة طرابلس. وبناء على هذا الطلب، يخضع مجددا لامتحان. وبعد النجاح فيه، يقرر السينودس رسامته قسا".

هذه الاجراءات المطبّقة على الرجل هي نفسها المطبقة ايضا على المرأة. هذه المسيرة التعليمية والخدماتية خاضتها الواعظة نجلا قصاب، وعلى غرارها القسيسة رلى سليمان التي رُسِمت في 26 شباط 2017.

قرار السينودس برسامتيهما "كان تلقائياً وسلساً"، بتعبير قصاب. "قال السينودس في قراره: تقرر رسامة المرأة في السينودس اسوة بالرجل". في تلك الجسلة التاريخية، وافق السينودس "في اقتراع سري" على هذا القرار، باجماع 23 صوتا مقابل اعتراض صوت واحد. المجلس الاداري للسينودس نصفه علمانيين، والنصف الآخر قساوسة. وقد يكون المعترض قسيسا او علمانيا. واذا كان قصاب يقرأ في هذا الاعتراض "حرية رأي"، فانه يرى في الاجماع الواسع "ثمرة عقودٍ من نشر الوعي المنظَّم حول دور المرأة في الكنيسة".

 3 قسيسات في القرن الماضي
بعد القرار، بدأت الاسماء تتوالى. سليمان الاولى، "وقد حققت فتحًا في هذا المجال، لاننا كنا ننتظر ان تقوم كنيسة أولاً بطلب رسامة قسيسة لخدمتها. وعندما طلبتها كنيستها في طرابلس، كانت فرحتنا كبيرة"، على قوله. ونجلا قصاب هي الثانية. وبهما، "بدأ مشوارنا مع النساء القسيسات. ونحتاج الى مزيد من الوعي. ونأمل في ان تطلب كنائس اخرى قسيسات".

قسيستان سنة 2017، واخريات تتحضرن مستقبلا. وفقا للسينودس، "هناك واعظة اخرى، وخادمة دين تخرجت اخيرا من كلية اللاهوت، وبدأت مسيرتها في الخدمة. وبعد سنة، تحصل على شهادة الوعظ". قبل سليمان وقصاب، وقبل ان يكون هناك سينودس في شكله الحالي(2)، كانت هناك ايضا قسيسات، ولكن من عقود طويلة، في عشرينيات القرن العشرين.

في ذاكرة رئيس مجمع "كنيسة الله" الانجيلية في سورية ولبنان راعي "كنيسة الله" في الاشرفية القس جوي ملوح، 3 اسماء. "اديل الجريديني كانت اول قسيسة تُرسَم في كنيسة الله في الاشرفية العام 1921. ثم رسمت اثنتان اخريان العام 1923، زهية اسود واسمى الجريديني". في ذلك الوقت، اتمّ الرسامة راع مرسل، الى جانب الراعي المحلي للكنيسة. "تلك الرسامات مذكورة في سجلات الكنيسة مع اسماء القسيسات وتاريخ رسامتهن".

"كنيسة الله" اسسها القس دانيال وارنر في اوهايو في الولايات المتحدة العام 1880، "وتعود جذورها الى الميثودستية ومؤسسات جون وسلي"، يفيد ملوح. في لبنان، "تأسست العام 1912 على يد امرأة مرسلة الآنسة لافلن"، ولديها حاليا 10 كنائس موزعة بين بيروت والمتن والبقاع.

من البداية، "فهمت انه يمكن رسامة النساء قسيسات"، يقول. لكن بعد القسيسات الثلاث في لبنان، لم تُرسَم اخريات "لان رجالا محليين توفروا في ذلك الوقت. حتى القسيسات المرسومات اعطين دورا اكبر للرجال، لكون المجتمع ذكوريا اكثر. كذلك، كان للحرب تأثير في تلك المرحلة". ويؤكد "اننا لا نزال على موقفنا. نؤيد رسامة النساء قسيسات، لكونها في صلب مفهومنا. ونتمنى رسامة قسيسات مستقبلا".



"لا نريد ان نتوقف"
ما اختبرته "كنيسة الله" قبل 94 عاما يحييه اليوم السينودس الانجيلي الوطني في سوريا ولبنان بقرار واضح. الباب امام القسيسات فُتِح من لبنان، مع الثقة بان "العلاقة ببقية الكنائس، لا سيما تلك التي لا تعترف بكهنوت النساء، لن تتأثر، وسيبقى بيننا بالتأكيد احترام ومودة"، يقول قصاب.

ماذا لو لم ترحب تلك الكنائس بالقسيستين؟ يجيب: "نتفهم ذلك. نعيش في الشرق ونعرف اجواءه. لكن لا نريد ان نتوقف. استغرب الا يكون في الكنائس التي ترفع شأن العذراء القديسة مريم دور اكبر للمرأة فيها. الملكوت يحتاج الى فعلة. واذا بقينا "محشورين" في تلك الزاوية، فما نخشاه هو ان نكون نضحّي بشيء ثمين للغاية، الا وهو حق يسوع المسيح في كنيسته، لقاء مسائل قد تكون ثانوية".


"لا احد يسرق منا خدمتنا"
الاعتراض لا يخيف الواعظة نجلا. مرات، عبّر لها بعض الرجال في كنيستها عن رفضهم لدورها. لكنها لم تدخل صراعا معهم، "وقررتُ ان اقوم بما يطلبه مني الله". بعد 20 عاما، تغيّرت الامور، على ما تلاحظ، و"علينا ان نستمر في القيام بخدمتنا بامانة واخلاص، ولا نتلهى بالصراع. وفي الوقت نفسه، لا نساوم على كلمة الله وفهمنا لها".

ماذا تقول للمستائين من رسامتها؟ تجيب: "لا احد يسرق منا خدمتنا في الكنيسة. دعوتنا هي الخدمة، وهي ملك الله". وتؤكد انها تتفهم موقف بقية الكنائس، اذا لم يكن مرحبا بها كقسيسة. "تدربت على عدم الانشغال في الصراع، بل على رفع المسيح في حياتي وخدمتي وحضوري... نحترم سائر الكنائس وخصوصيتها. في كل دور جديد، اتوقع الرفض. لكن لدي ايضا دعم كنيستي، رجالاً ونساء، والقساوسة".

وتبقى كلمتها للنساء: "المرأة في صلب الخدمة. حان الوقت لتنطلق وتمجد الله على المواهب التي اعطاها اياها، وتخدمه بكل امانة. لها دور كبير في البيت والمجتمع والكنيسة. واجمل ما يمكن ان تقوم به في حياتها هو ان تخدم الله من دون حدود. المرأة اساس في الكنيسة".

(1)السينودس الانجيلي الوطني في سورية ولبنان دعا الى رسامة الواعظة نجلا قصاب قسيسة في احتفال يقام الساعة 5,00 ب.ظ الجمعة 24 آذار الجاري في الكنيسة الانجيلية المشيخية في الرابية.

(2)العام 1920، أُعيد تنظيم عمل الكنائس الإنجيلية في سورية ولبنان لتشكل سينودساً واحداً هو السينودس الإنجيلي الوطني. العام 1959، تسلَّم كامل المسؤوليات والخدمات التعليمية والطبية والكرازية من الإرساليات المشيخية الأميركية.

 hala.homsi@annahar.com.lb

سورة البقرة: الآية 124/ عبدالله بدر اسكندر

التعريف الغامض للمصطلح قد يؤدي إلى فقدان التوازن المثالي للسان المبين، وهذا من الأمور التي تثير الغرابة لدى العارفين بهذا المقام إذا ما علمنا يقيناً أن النهج الجزافي المتبع عنوة في هذا العصر لا يزال يلقي بظلاله على المفاهيم التطبيقية من أجل أن يباعد بينها وبين الأسس الموضوعة لها، بمعنى أن اجتياز البنى اللغوية يجعل القول السديد يأخذ بالانحدار إلى الدركات السفلى وبالتالي يتلاشى بريقه شيئاً فشيئاً وههنا تكون النهاية قد كتبت بأيدي من كان يظن أنه المخلص الفعلي للملكات اللسانية، وتعليلاً لذلك نرى أن كثيراً من المصطلحات قد صدفت عن رسم الصور البيانية التي تعمل على تغطية الألفاظ المقررة للمعاني، ومن الأمثلة على ما نحن بصدده مصطلح الإمامة الذي أشكل على جم غفير من العاملين في مقامات العلوم الشرعية، كون المصطلح يرمز للتبعية المكملة للنبوة، ولذلك ذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى أن الإمامة هي الزعامة أي الرئاسة العامة وما يتفرع منها على خلافة الأمة سواء تم ذلك بالإجماع أو عن طريق آخر، وأنت خبير بأن الطريق الآخر الذي التزموه لم يكن مستنداً إلى نص يثبت دلالته الشرعية، وبطبيعة الحال فإن الذين ذهبوا إلى هذا الاتجاه لا يهمهم الارتقاء بالزعامة بقدر ما كان مرادهم هو التخلص من التقارب الحاصل بين المنزلتين.
وبناء على ما ذكرنا يكون هذا المنحى هو أقصر الطرق التي تؤدي إلى الحلول الصحيحة حسب اعتقاد الأعلام الذين أشرنا إليهم، وعند الرجوع إلى متفرقات القرآن الكريم الخاصة بالإمامة نلاحظ أنها فعلاً تعني الزعامة ولكن ليست الزعامة السياسية وإنما الزعامة الدينية، وإن كانت بعض مصاديق الكبرى لا تخرج عن هذا المعنى عند التطبيق الملازم للأسوة الحسنة التي لا تتخلف في سلوكياتها المستمدة أمرها من أمر الله تعالى، وعند الأخذ بهذا الوجه نصل إلى معرفة الحقائق التي تتجسد معطياتها في التطابق التام بين الأصل والتبع، بمعنى أن الإمام يكون بمنزلة الوسيط بين الحق سبحانه وبين المأموم، وهذه المكانة لا تتأتى لجميع الصلحاء من الناس وإنما تكون مصاديقها متمثلة في أولئك الذين نالتهم مرتبة الأمر الإلهي، وقد يعزز هذا المعنى بمجموعة من الآيات كقوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) السجدة 24. وكذا قوله: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) الأنبياء 73.
وتأسيساً على ما قدمنا يظهر أن الإمامة بمفهومها العام تتضمن معنى الزعامة الروحية المؤيدة بالرسالة الإلهية وإن شئت فقل الزعامة المكملة للتأييد الروحي الذي أرسل به الأنبياء، وبهذه النتيجة تكون الكبرى قد استقلت بمعنى الطريق الموصل إلى النهاية دون انقطاع مهما اختلفت المناسبات كون الزعامة البشرية لا تخرج عن الأمر الإلهي كما قدمنا وكما أشارت إلى ذلك الآيات التي ذكرناها بهذا الصدد، ومن هنا تظهر النكتة في قوله تعالى: (وإنهما لبإمام مبين) الحجر 79. أي إن آثار قرى قوم لوط والأيكة لبإمام مبين أي طريق واضح وقاصد لا ينقطع سبيله سواء في المشاهدة المادية أو الاعتبار المعنوي، ونظراً لهذا التجانس نلاحظ أن المصطلح لا يزال يعطي نفس المعنى في جميع السياقات التي ورد فيها وإن اختلفت المصاديق كما في قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة) هود 17. ولا يخفى أن الكتاب يصل بأتباعه إلى السبيل المقصود.
 فإن قيل: ما وجه الجمع بين ما تقدم وبين قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) القصص 41. وقريب من هذا المعنى ما ورد في الآية 12. من سورة التوبة؟ أقول: المصطلح يعطي نفس المعنى الذي يشير إلى الطريق القاصد، كون المراد من الاقتداء هو الوصول إلى النتيجة على الرغم من اختلاف السبل، ولذلك عبر القرآن الكريم بالإمام بناء على اتحاد النتائج دون التفريق بين المفهوم العام وما يتفرع عنه من مصاديق ولهذا تم الحفاظ على الأصل المراد من المسمى، ويشهد لما نحن فيه قوله تعالى: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) يس 12. أي الإمام الذي أحصى سبحانه فيه علم كل شيء، وبهذا تظهر النكتة في قوله جل شأنه: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) الإسراء 71. وسيتضح المعنى المراد من الإمامة التي جعلها الله تعالى لإبراهيم (عليه السلام) في المساحة المخصصة لتفسير آية البحث.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة 124. هذا هو الموضع الأول في القرآن الكريم الذي يذكر فيه إبراهيم، والشروع ههنا بذكره فيه تمهيد لبيان التشريع الأهم في حياة المسلمين، سواء ما سيتضح من أمر القبلة أو بناء البيت أو ما يختص ببعض الفقرات الأساسية في مسيرة إبراهيم الخاصة وهذه جميعها لا تخلو من غايات جامعة للمسلمين وأهل الكتاب على حد سواء، ولا يخفى أن المهمة التي كلف بها إبراهيم لا تعطى جزافاً إلا لمن أتم الشروط واجتاز الاختبار كما سيمر عليك، هذا من جهة ومن جهة أخرى نلاحظ أن لذكر إبراهيم في هذا الموضع أسباباً أخرى من بينها العطف البياني على ما تطرق إليه الحق سبحانه من القصص المثيرة التي تحدثت عن بني إسرائيل، من أجل أن يكون في ذكره ما يدفعهم إلى الاقتداء به ونبذ العداء المرافق لنفوسهم المريضة، وبهذا يكون الادعاء الذي ناشدوا به المسلمين قد أخذ مجراه المناسب لتحقيق غاياته إن كان في قلوبهم ما يرمز للصدق الذي يجأرون به في كل مرة، أما بخلاف هذا الاتجاه فإن السرد قد يأخذ منحى آخر لا يخرج عن معنى التوبيخ أو التعريض، بتعبير آخر كأن الحق يقول لهم إن كانت لكم روابط نسبية بإبراهيم فما هو المانع الذي يحول دون تفعيل تلك الروابط، ولا يخفى أن لهذا التعريض مساحة كبيرة في كتاب الله تعالى كون الوصف المثالي لإبراهيم لا يتطابق مع الأغراض الباطلة التي كان اليهود يروجون لها.
قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) من آية البحث. الابتلاء هو الاختبار الذي أشار إليه تعالى من خلال المراحل التي اجتازها إبراهيم بنجاح والآية لم تشر إلى معنى الكلمات التي ابتلي بها إبراهيم، ولكن المواضع الأخرى في القرآن الكريم تبين أن هذه الكلمات لا تخرج عن المهام الملقاة على عاتقه والتي تعرض بسببها لأقسى أنواع العذاب النفسي، ومن بين تلك المهام:
أولاً: الإلقاء في النار التي أنجاه تعالى منها بأن جعلها عليه برداً وسلاماً.
ثانياً: تحطيم الأصنام التي كانت عبادتها سائدة في عصره.
ثالثاً: إسكان ذريته بواد غير ذي زرع.
رابعاً: استعداده التام لذبح ابنه إسماعيل.
والقضية الرابعة من أكثر المهام وضوحاً، كون البلاء ورد في تفصيلها بصورة لا تقبل اللبس وذلك في قوله تعالى: (فبشرناه بغلام حليم... فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) الصافات 101- 102. وقبل ختام الموقف قال سبحانه: (إن هذا لهو البلاء المبين) الصافات 106. وفي هذا التفسير ما يحقق المراد دون الخوض في الآراء التي لم نجد ما يبرر صحتها.
ثم بعد ذلك أشارت الآية إلى المقام الرفيع الذي ناله إبراهيم (عليه السلام) بسبب إتمام الكلمات التي ابتلي بها وهو مقام الإمامة، كما في قوله تعالى: (إني جاعلك للناس إماماً) من آية البحث. والمراد من الإمامة ههنا (الولاية الدينية) وليست الولاية السياسية، كما بينا ذلك من خلال حديثنا قبل الشروع في تفسير آية البحث، ولهذا أراد إبراهيم أن تمتد تلك الإمامة في ذريته، إلا أنه خلص إلى إجابة الحق سبحانه بأن هذا المقام الرفيع لا يتأتى لجميع الذرية بل يعطى لمن كان لديه الاستعداد كما حصل لإبراهيم نفسه، كون الظلم يرافق الذرية سواء في أول حياتهم أو في آخرها أو في أي فترة منها، ولا يستثنى من هؤلاء أو أولئك إلا من رحم الله، ولذلك ختم سبحانه المقام بقوله: (قال لا ينال عهدي الظالمين) من آية البحث. حيث أنزل العهد منزلة الفاعل فتأمل ذلك بلطف. 
  
من كتابي: السلطان في تفسير القرآن
            

وفى يوم إنتقالك وحدت مصر/ نسيم عبيد عوض

فارقت عالمنا الأرضى ‘ فبكت عليك مصر كلها ‘ إنتقلت الى السماء وتركت شعلات الحب فى قلوب المصريين جميعا ‘ من كل فم وفى كل عين وفى القلب والفكر حزن عميق على رقادك ‘ وحتى فى ذلك توحدت مصر ألما على فراقك ‘ وحبا لأتعابك ‘يوم 17 مارس يوم سيذكره التاريخ ‘ أنه اليوم الذى بكى شعب مصر بطريرك الأقباط ‘ فى هذا اليوم سالت الدموع أنهار فى شوارع مصر ‘ التى كانت تستقبل أقدام المتجهين الى إجتماعك الإسبوعى‘وقفت مصر على أقدامها ولم تقعد لما أتاها خبر فراقك ‘ جاءت إلينا التعازى من كل مكان على الأرض ‘ فحتى فى رحيلك رفعت رأس مصر عاليا ‘ الكل يتسابق فى توصيل كلمة الى قلوب مصر للتعزية . كنت الأب للمصريين جميعا ‘ وحتى العرب أعطوك لقب بطريرك العرب ‘ ومن الشمال والجنوب يرسلون المشاركة بالكلمة الحزينة على حزن بلدك مصر ‘ هذا الوطن الذى عشقته فأحبك الوطن كله ‘ هذا البلد الذى صمدت طول حياتك تناصره وتقويه ‘إنتكست أعلامه لفراقك ‘ تجمع الوطن هذا اليوم لأول مرة بعد فترات الشقاق ‘ إجتمعوا اليوم فقط على كلمة سواء ‘ أنهم جميعا أفتقدوا وجودك فى وسط بلدك المحبوب.
أبينا القديس شنودة الثالث درست التاريخ فأحبك التاريخ ‘ تعلمت حكمة المصريين ‘ فأعطيت الوطن تعاليم الحكماء ‘ أشعرت أبيات محبة الله ‘ فأحبك شعراء الأرض ‘ كنت رسولا للسلام ‘ فعاشت مصر فى يومك مشاعر السلام ‘ بكيت على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ‘ فبكت عليك كل الإنسانية ‘ كان شعب مصر ينعم فى قلبك بكل الحب ‘ وهاهوالوطن يتفاخر بحبك له ‘ دوما كنت توحد ولا تفرق ‘ فتوحدت كلمة مصر فى يومك ‘ كنت المعلم القدير لرسالة الله على الأرض‘ فوصلت للأرض رسالتك ‘ أنشأت الكنائس على أرض البسيطة كلها ‘ وهاهم فى الأرض يذرفونك الدموع ‘ كنت شعاعا مضيئا من نور المسيح ‘ فوصل النور لقلوب كل من عرفك ‘ كنت ملح الأرض لطعام القلوب ‘ فتذوق الجميع حلاوة كلمة الله من فمك. رفعت شأن المصريين فى كل بقاع الأرض ‘وهاهى الأرض تأتى لترفع شأننا ‘ من حبك أحبك الجميع ‘ ومن علمك أنرت عقول الجاهلين ‘ فى حياتك إختلف البعض معك ‘ واليوم إتفق الجميع على حبك ‘ أشعت فى حياتك الحب والسلام وهاهو الجميع بيد واحدةوقلب واحد فى حب وسلام .
كنت فى حياتك تعزينا واليوم نتقبل فيك التعازى ‘ كنت التلميذ الأمين لرب الوجود ‘ فمنحك حب الموجود ‘ تمسكت بتعاليم سيدك ‘ فوهبك العلم والمعرفة وحكمة العقلاء ‘ أنار الرب فى قلبك كوكب الصبح المنير ‘ فكنت أنت شعلة الضياء للكثيرين ‘ كنت رمزا للمسيح ‘فأحب الكثيرين المسيح ‘ بمعرفتك كنت الشاهد الأمين لسيدك المسيح ‘ فأوصلت حب المسيح للجميع ‘ تقبلت الإساءة من بعض الناس ‘ بل وكنت تصلى من أجلهم ‘ وهاهم يتسابقون لتقديم الإعتذار ‘ غفرت للذين قالوا أشياء فيك كاذبة ‘ وأنا رأيتهم اليوم يتسابقون فى مدحك ‘ حتى ياسيدنا فى يوم إنتقالك غلفت مصر بمشاعر الحب والوئام ‘ وهاهم الأقباط وهم منكسون الرأس حزنا ‘ رفعت فى يومك رؤسهم عاليا ‘ وفى لحظة فراقك وحدت شمل شعبك .
وفى السماء تهليل بك ‘ لأنك كنت على الأرض تتهلل بهم ‘ شاركتهم التعزية والرأفة ‘ وهاهم فى الفردوس يفتحون الأحضان للقائك ‘ كانوا على الأرض يسعون بسماع وعظاتك ‘ وهم اليوم يفرحون بوجودك ‘ كنت العبد الأمين لسيدك فى كل القليل الذى أعطاك على الأرض‘ وهاهو يقيمك على الكثير ‘ وتسمع القول الجميل والجميع يرحب بك ‘ إدخل الى فرح سيدك ‘ علمتنا الكثير عن الآباء والأنبياء والقديسين ‘ وهم اليوم يلتفون حولك فى إشتياق ‘ شعرك على الأرض كان بهجة لقلوبنا ‘ وفى السماء سيكون تسابيح المدح والعرفان ‘ بتراتيل ومزامير وحولك أبو العزف الملك داود وإبنه سليمان .
كنت على الأرض تعزى قلوبنا ‘ وأنت اليوم مع الذين علي فراقهم عزيتنا ‘ هم هنيئون بك ومعك ‘ ونحن هنا نعزى أنفسنا . أنت ياسيدى لك كل الحب والإمتنان لجهادك الحسن ‘ وتعليمك الذى إستمر معى أكثر من خمسين عاما ‘ وإذا بقى فى العمر بقية ‘ فأنت مسطر فى القلوب وحتى نلتقى أذكرنا فى صواتك . وهاهى أجراس الكنائس ترن فى القلوب أبينا الحبيب يدخل السماء ‘ والكل يعرفون من وهب حياته للسماء وإله السماء ‘ فالآن لك الراحة فى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد فى نور القديسين ‘ وداعا أبينا المحب والمحبوب ولنا لقاء.إبنك وتلميذك

الرجوع الى النفس/ نسيم عبيد عوض

الكتاب المقدس كله يعرفنا كيف كان ومازال الله يعمل من أجل خلاصنا ‘ وبعد تحقيق الفداء والخلاص بصليب إبنه الوحيد ‘كقول الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية."يو3: 16‘ وكقول الرسول" الذى انقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا الى ملكوت ابن محبته."كو1: 13‘ وبالإيمان والمعمودية من الماء والروح ‘ نولد ميلادا ثانيا لنكون بطبيعة وخليقة جديدة ‘ ولكن ونحن مستوطنين فى هذا الجسد ‘ الذى هو مصدر جاذبية للضعفات البشرية والخطايا ‘ فإن الله لا يتركنا ‘ بل هو دائما يبحث عنا ‘ ويظل يعمل بروحه القدوس حتى يعود الضال ويرجع الى أحضانه ‘ لأن طبيعته أنه لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا ‘ فهو دائما يبحث عن الضال.

وقصة الإبن الضال تعتبر درة أمثال الرب يسوع المسيح فى الكتاب المقدس‘ والذى يوضح فيه محبة الله لأولاده  الخطاة ‘ ومسار الخطية والتوبة ‘وفصل إنجيل الأحد الثالث من الصوم المقدس جاء ضمن الإصحاح الخامس عشر من إنجيل معلمنا لوقا البشير." كان السيد المسيح جالسا يعلم " وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه .فتذمر الفريسيون والكتبة لأنه يقبل خطاة ويأكل معهم‘ وقد أكد لهم "لأنى لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة الى التوبة."مت9: 11 ‘ ومع زكا رئيس العشارين قال" لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ماقد هلك ."مت18: 11‘لأنه هو الذى لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا. وفى هذا الإصحاح قدم لنا الرب ثلاثة أمثلة تبرهن على:

1- أبوته الحانية لعودة الضال( رآه أبوه فتحنن)

  2- شوقه الإلهى نحو الإنسان التائب .   3- بحثه عن كل نفس ضالة.

البحث عن الضال

   والله دائم البحث عن الضال فى جميع أحواله وفى هذا الإصحاح يقدم لنا صورا عديدة للبحث عن الضال:

الراعى الصالح ..الذى جال البرية كلها من أجل الضال حتى يجده وإذا وجده يضعه على منكبيه-رمزا  للصليب - فرحا ‘ وكما يقول الكتاب ويكون الفرح فى السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى التوبة.

الكنيسة المجاهدة على الأرض .. التى يفتش رعاتها باجتهاد عن الدرهم المفقود الذى يحمل صورة المسيح حتى تجده‘ ويكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب.

الأب الحنون.. الله الأب الذى يتحنن ويركض ويعانق ويقبل الخاطئ ويعيد له بنوته. صورة عظيمة يقدمها الكتاب المقدس عن إهتمام الله بخلاص الخاطئ ..

الفادى يعين...الكنيسة تجاهد ..الآب يتصالح..                                                                                                          الخروف الضال المتعب يرجعه الراعى ..الدرهم المفقود تجده الكنيسة ..الابن الضال يرجع الى طريق الرب.

أمثلة البحث عن الضال

1- هذا الخروف الذى ضل فى آدم قام فى المسيح..ووضعه أولا على منكبية –عرضتى خشبة الصليب- ..ولسان حالنا يقول وضعت خطاياى على خشبة الصليب فغسلنى من خطاياى." لأنه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع." 1كو15: 22.

2- الدرهم المفقود الذى يحمل صورة الملك المسيح ‘ تقوم الكنيسة التى هى عروس المسيح والحاملة ذات سماته الخاصة تجاه الخاطئين والساقطين والضالين ..تبحث عنهم فى كل مكان حتى تحضرهم وتترفق بهم وتبتهج برجوعهم الى حظيرة المسيح.

3- الابن الضال والذى فيه تحققت المصالحة السمائية وكمثال بتحقق الخلاص لكل خاطئ يتوب.. وفى هذا المثل تأملات عميقة ورسالة سمائية لنا جميعا: " وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيئ وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرفا."  والكورة البعيدة تتمثل فى حياتنا (الأنا) التى هى الأنانية وحب الذات ‘ أو التقوقع حول الذات بعيدا عن السيد المسيح ‘ رحيل بالقلب الى كورة بعيدة عن صاحب النعم ويتكل على ذاته ‘ولسان حاله يقول انا مكتفى ولست فى حاجة لشيئ‘ ومن يتكل على ذاته يفقد عمل الله ‘ ومن ينفصل عن المسيح يستوطن فى هذا العالم ‘ وينفصل عن أهل بيت الله‘ ونحن الذين قال عنا الكتاب" أنتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح." أف2: 13‘ فأخترنا بحريتنا أن نتغرب الى كورة بعيدة. "وهناك بذر ماله بعيش مسرف" وماله هذا أصلا هو من الله أبينا.

إنسان هذا الزمان وتعامله مع الله

أ- أعطانا نعمة المحبة لله والآخرين ..ونبذرها فى محبة العالم وشهوات العالم .

ب- وهبنا العقل والحكمة والتدبير الحسن ونبذرهما فى اللهو وتضييع الوقت فى غرور العالم ومدياته.

ج- أعطانا الله الصحة لنبذرها فى الملذات والمهلكات. " فلما أنفق كل شيئ حدث جوع ..فابتدأ يحتاج." وهذا نتيجة طبيعية للبعيد عن مصدر الشبع ‘ فعندما تهرب النفس من الله مصدر كل إكتفاء ‘مصدر الشبع وكنز العطايا والخيرات ‘تجد نفسها فى حالة فراغ داخلى وجوع روحى‘ والعالم كله بإغراءاته وشهواته لا تملأ فراغ النفس التى تحمل صورة الله فهو وحده الذى يملئها.

0- كل من يبتعد عن كلمة الله يجد نفسه فى مجاعة. 0- الذى يبعد عن ينبوع الماء الحى يعطش الى الأبد. 0- البعيد عن كنوز الحكمة يصير جاهلا.  0- البعيد عن مصدر الحياة يفقدها ويموت فى خطاياه. وبينما أولاد الله يسبحون مع المرتل " خير لى الإلتصاق بالرب" يذهب هذا الابن الضال ليلتصق بالشيطان الذى يرسله الى حقول الشر ليرعى خنازيربنجاستها‘وحتى هذا الدنس والنجاسة لم يشبع منها ‘ ووجد نفسه وقد تخلى الجميع عنه ولم يعطه أحد ‘ ولا أحد فى الدنيا يقدر على إشباعه.

" فرجع الى نفسه .."

الانسان بخطاياه يفقد نفسه ‘ ويبعد عن الله واهب النفس ‘ولأنه كان قد فقدها..كان لابد من الرجوع اليها‘والنفس هى أساس الإصلاح والصلاح‘ والرجوع للنفس هو إستيقاظ الضمير كقول الرسول " انها ساعة  لنستيقظ  من النوم فان خلاصنا الآن اقرب مما كان حين آمنا." رو13: 11‘ وهذه دعوة لكل من خرج من نفسه التى وهبها الله يعود اليها ويطلب الغفران والتوبة.  واذا كانت الخطية هى تحطيم للنفس بدخولها لكورة بعيدة عن الله فالتوبة هى عودة الإنسان ورجوعه الى طريق الخلاص للنفس.والآب السماوى وحده هو القادر على تجديد هذه النفس  وإشباعها داخليا وخارجيا. يعود الى كورة الآب السماوى ليمارس الحب كعطية إلهية ‘ويوجد بالحق كعضو عامل فى بيت أبيه. يفتح قلبه لله ولملائكة السماء التى تفرح وتبتهج وتسر برجوعه.

كل توبة تسبقها عودة للنفس والإعتراف بخطيتها ثم نوال الحل والغفران كسر كنسى أسسه الرب يوم غسل أرجل تلاميذه وقال لهم " الذى اغتسل ليس له حاجة إلا لغسل رجليه بل هو طاهر كله." يو13: 10.  " أقوم وأذهب الى أبى وأقول له ياأبى أخطأت الى السماء وقدامك ."  حقا فان كل خطية فى أساسها موجهه لله نفسه‘ لأنها تفقدنى نعمة المصالحة ومحاصرة محبته لنا‘ وفى الرجوع لى النفس رجوع الى الله واهبها.

بالتوبة يتحقق خلاص النفس

والمتمثل فى : 1- غفران الخطايا " إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم ."1يو1: 9.   

2- محو الخطية تماما وعدم ذكر الله لها. كقول الكتاب" إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ‘إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف." اش1: 18‘وقوله الكريم " خطاياكم لا أعود أذكرها ".

   3- خلاص النفس فى يوم الرب وهو الوعد بالرجاء فى الحياة الأبدية لأن ابن الإنسان قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك. 

   4- المصالحة مع الله بربنا يسوع المسيح.كقول الكتاب " فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." رو5: 1 الذى صالحنا بدمه الكريم ونقض السياج المتوسط أى العداوة.

  5- استعادة بنوتنا لله ورد الأعتبار والعودة الى الصورة التى تجددنا بها فى الميلاد الثانى كصورة الله ومثاله. والتى تمثلت بالحلة الأولى التى طلبها الأب ليلبسها إبنه الذى كان مفقودا فوجد والذى كان ميتا بالخطية فعاش ‘ رد الإعتبار وثوب النعمة والمحبة والحكمة والنقاوة "انتم الذين اعتمدتم قد لبستم المسيح"  فهذه الحله الأولى أو الثوب الأبيض قد دفع ثمنه يسوع المسيح وحدة على الصليب كقول الرسول" عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب بل بدم كريم كما هو من حمل بلا عيب ." 1بط1: 18.

اللهم نسألك أن تقبل توبة أولادك الراجعين لك واستجب لصلواتهم ..ولسان حالهم يصلى إليك " قلبا نقيا إخلق في يا الله..وروحا مستقيما جدده فى أحشائى.. لا تطرحنا من قدام وجهك ..وروحك القدوس لا تنزعه منى ..إمنحنى بهجة خلاصك." ولإلهنا المجد الدائم الى الأبد. أمين..

خرج الزارع ليزرع/ نسيم عبيد عوض

تكررت هذه الجملة "خرج الزارع ليزرع "فى أناجيل الكتاب المقدس ‘ فى مت 13‘ ومر 4 ‘لو8‘ ولهذا التكرار وبإرشاد روح الله القدوس ‘ إختارت كنيستنا شهر هاتور ليقرأ في أحدين متتاليين نفس الفصل من الأناجيل ‘ لتواكب المثل مع بذر بذور القمح فى هذا الشهر ‘ وخصوصا فى أراضى الشرق ‘ ولعل الرب قد نظر زارعا يبذر البذار ليزرع حقله ‘ فلفت نظر الجموع حواليه ليكون المثل مع التطبيق العملى سهلا للفهم ليوصل رسالته الروحية لقلوب الشغوفيين بتعاليمه ووصاياه. وهذا هو المعروف فى عالمنا الحديث بوسائل الإيضاح .

الأمثال

وكان الرب له المجد يستخدم أسلوبا جديدا فى التعليم وهو الأمثال القصصية ‘ وكان يستخدم التشبيهات مثل "أنتم نور العالم"‘ أنتم ملح الأرض" ‘ زمرنا لكم فلم ترقصوا" ‘ نحنا لكم فلم تلطموا "‘ وقد فسر الرب هذا فقال لتلاميذه المؤمنين به ‘ "قدأعطى لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السموات أما لأولئك فلم يعط. من أجل هذا أكلمهم بأمثال"مت13: 11-13.ولا عجب أن يحتوى إصحاح 13 من انجيل متى البشير  على 7 أمثال عن ملكوت السموات ‘ وأولهم مثل الزارع الذى خرج ليزرع.

الخروج

ومعلمنا متى البشير يستخدم هنا كلمة الخروج مرتين أولهما " وفى ذلك اليوم خرج يسوع من البيت وجلس عند البحر فكلمهم كثيرا بأمثال ‘ وثانيهما ‘ قائلا هوذا قد خرج الزارع ليزرع. لقد كان الخروج دائما فى فكر الرب يسوع ‘ ولعل خروج شعب إسرائيل من مصر أرض العبودية الى أرض كنعان أول رمز للخروج من عبودية إبليس وعتقنا من سطوة الشيطان. وهاهو فى ملء الزمان يخرج من بيته السماوى لينزل لنا على الأرض ليخرجنا بالحقيقة من الظلمة الى النور‘ الى حرية مجد أولاد الله " فإن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا "يو8: 36‘ وعندئذ" وتعرفون الحق والحق يحرركم."يو8: 32.

ونلاحظ أيضا أن لقاء الرب مع الجموع كان دائما فى أحضان الطبيعة ‘ ففى القائه شريعة العهد الجديد عهد النعمة كان على الجبل (مت إصحاحات 5‘6‘7) كما سبق وأعطى موسى الوصايا العشر على جبل حوريب‘ وهو هنا يجلس على البحر ليعطيهم درسا عن ملكوت السموات ‘ ليعطينا ايضا المثل لنتأمل فى الطبيعة التى خلقها لنا لننعم بها ونشهد بعمل الله ونشكره عليها كما قال المرتل " السموات تحدث بمجد الله . والفلك يخبر بعمل يديه.مز19"

وفى هذا المثل يحدد طرفين: الزارع والزرع ‘ أو الباذر والبذار ‘ أى الله الكلمة ‘ وكلمة ملكوته ‘ كذلك التربه حددها بأربعة أنواع :

الطريق ..

أو المدق البعيد عن التربة الحقيقية‘فإذا وقعت عليها البذور جائت الطيور وألتقطتها مثل لإبليس. تربة حجرية.. فمظهرها تربة تصلح للزرع ولكنها تخفى صخرا فى عمقها ‘وإذا وقعت عليها    البذور تجف وتموت لأنه ليس لها عمق أرض فتحرقها الشمس .

تربة نمت فيها الأشواك والأعشاب .. البذره تجد صعوبة فى النمو لأن الشوك يخنقها ‘ وهذا الشوك كثيرا فى حياتنا ‘ هموم العالم واللهس وراء الغنى وجمع الثروة.

التربة الجيدة..

وهى التى تنتج لصاحبها ثمرا بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين. والله يريدنا أن نكون أرض مسرة له " ويطوبكم كل الأمم لأنكم تكونون أرض مسرة."ملا3: 12‘ " مولدين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى .بكلمة الله الحية الباقية الى الابد."1بط1: 23.

ورسالة الله لنا من هذا المثل :

أولا: مسئولية سامعى كلمة الله 

لأنه ليس كل من يسمع يعمل بما سمع " ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات ." مت7: 21‘ فالمطلوب منا الفهم والتفكير فى ما نسمع والعمل به ‘ لأن الله يقول لنا "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة." وقد علمنا الرب أن كل من يسمع كلامى ويعمل به أريكم من يشبه . يشبه انسانا حكيما بنى بيته على الصخر ‘فلما هبت الرياح ونزلت الأمطار وجائت الأنهار وصدمت ذلك البيت فلم يسقط لأنه مؤسسا على الصخر .وأما من يسمع كلامى ولا يعمل به فأشبهه برجل جاهل بنى بيته على الرمل..."

ثانيا: كل أنواع التربة

سواء الحجرية أو المملوءة أشواكا وعشبا لها مايسمى بإستصلاح الأراضى ‘ كذلك التربة الجيدة إذا أهملتها تبور ‘فكما ان التربة تستصلح بالمواد الغذائية والمياه ‘كذلك القلوب اللحمية تحتاج لوسائط النعمة والروح القدس. الذى يعلمنا ويفهمنا ويرشدنا لكل شيئ.

ثالثا: واجبنا نحو كلمة  الله

يقول المرتل " خبأت كلامك فى قلبى لكى لا أخطأ اليك."مز119: 11‘ وأيضا يقول " كلامك أحلى من العسل وقطر الشهد."مز19: 10‘ ويعلمنا الرسول القديس بولس" كلمة الله حية وفعاله وأمضى من كل سيف ذى حدين..."عب4: 12‘ ويقول لتلميذه تيموثاوس : " وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص.2تي 3: 15. والمعنى هنا – الكلمة تحفظ من الوقوع فى الخطية ‘ لأنها سراج ينير وسلاح حاد ضد قوات العدو‘ وكلمته حلوة كقطر الشهد فى دسامتها الروحية ‘ وهى التى تعطى حكمة وحياة وتخلص النفوس. وفى التجربة على الجبل نرى كيف غلب المخلص إبليس ‘ بكلمة الله

رابعا: فى الدينونة سنسأل عن ثمار كلمة الله

ولذلك هناك أمرا مهما فى علاقتنا بالله ‘الإيمان وأعمال الإيمان ‘ أو الإيمان العامل بالمحبة ."لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله .ليس من أعمال كيلا يفتخر احد. لاننا نحن مخلوقين فى المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله واعدها لكى نسلك فيها.أف2: 8-10.

فإذا كانت تربة قلبك طريق أو مدق أو صخر حجري فلا تقلق فهناك محراث خشبى مرسل من الله مأخوذ من شجرة مثمرة‘ ليحرث قساوة القلوب ويعدها للإثمار والحصاد وهذا هو عمل خشبة الصليب والذى عليه انسال دم الفادى ليطهر ويغسل كل خطايانا.

وإذا كانت الأشواك تلتف حولك فلا تيأس فأن الله جمع كل الشوك ووضعه إكليل على رأسه وهو فى طريق الصليب والآلام وسفك  لنا دمه لفدائنا وخلاصنا. ولذلك يشبهنا المرتل بالشجرة المغروسة عند مجارى المياه ‘التى تعطى ثمارها فى أوانه وأوراقها لا يذبل .وكل مايصنعه ينجح.مز1. وعندما جاء يوحنا المعمدان ليهيئ الطريق أمام وجه الرب‘ قال لليهود " اصنعوا أثمارا تليق بالتوبة ..وهوذا الفأس قد وضع على أصل الشجر. فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى فى النار."مت3: 8-10.

فلنصلى جميعا لله ان ينعم علينا بالإيمان العامل بالمحبة ‘ وان يجعلنا نورا للعالم ‘ حتى إذا مايضيئ نوركم قدام الناس يروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات ‘ ونرفع قلوبنا ونصلى له" أعدها للزرع والحصاد " الذى له المجد الدائم . أمين.


ولا تدخلنا فى تجربة/ نسيم عبيد عوض

عندما علمنا الرب كيف نصلى الى أبانا الذى فى السموات‘ قال أن نصلى "ولا تدخلنا فى تجربة..لكن نجنا من الشرير." مت6: 13‘ وهو يعلم ولأننا ساكنين فى هذا الجسد الذى يمثل نقطة الضعف فى النفس البشرية ‘ معرضين للتجارب من قوات العدو ‘وأيضا هو الذى قال " فى العالم سيكون لكم ضيق .ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم.يو16: 33" ‘ وهو هنا يعلمنا انه لابد من الضيقات والتجارب ولكنه غلب هذه بنفسه ولحسابنا نحن الضعفاء ‘ ليعطينا المثل كيف تقع التجربة وكيف نتغلب عليها‘ ولذا لا نتعجب ان تعلمنا الكنيسة فى الأحد الثانى من الصوم الكبير فصل إنجيل تجربة الرب على الجبل من إبليس‘ وموضوع التجربة ورد فى الأناجيل الثلاثة متى 4: 1-11 ‘مرقس 1: 12و13 ‘ ولوقا 4: 1-13‘ وهو فى الترتيب الإلهى يأتى بعد معمودية الرب على أيدى يوحنا المعمدان كقول الكتاب" حيئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه . ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتى الي. فاجاب يسوع وقال له اسمح الآن .لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر.حيىنئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. واذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. وصوت من السموات قائلا هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت." مت 3: 13-17. ثم يأتى بعد ذلك مباشرة فى الترتيب الإلهى الصعود الى البرية من الروح ليجرب من إبليس ‘ وهو موضوح حديثنا اليوم‘ ولكن أحب أن أعود الى انجيل الأسبوع الأول من الصوم "مت6: 19-33" حيث الله يطالبنا ويسألنا أين هو كنز قلوبكم؟ أهو على الأرض أم فى السماء ويعلمنا ..لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض .. بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء حيث منزلا السماوى المعد لكل مؤمن منا‘ وحيث يكون كنزك يكون قلبك ..اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم.

التجربة فى البرية

ثم ننتقل للأحد الثانى من الصوم لنذهب مع الرب يسوع فى تجربته فى البريه من إبليس " ثم أصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من إبليس ." مت4:1‘بعد العماد مباشرة( مع ملاحظة ان الرب يسوع لم يكن محتاجا للعماد) ولكنه يكمل كل بر ‘ ليكون المثال والمثال والقدوة. فالروح الذى نزل عليه فى نهر الأردن مثل حمامة هو الروح الذى يصعده الى البرية ليجرب من إبليس ‘ ويجرب كإبن الإنسان حيث أخذ له جسدنا البشرى ‘ أى ان هذه التجربة خاضها بكونه بشر مثلنا حتى تكون لحسابنا ‘ لأنه وهو الله وهو خالق إبليس لا يدخل معه فى تجربة ولابد أن يكون ذلك مفهوما ‘ وهو فى جسدنا البشرى دخل فى التجربة مع إبليس وإنتصر عليه ‘ حتى يكون مثال لنا فى أى تجربة‘ والسيد المسيح بوصفه البشرى يكون مجرب مثلنا فى كل شيئ ماخلا الخطية(عب4: 15) لأنه وهو الله يسود على التجربة كسيادته على الموت والخطية ‘وهكذا دخل التجربة وساد عليها ليكسر شوكة الشيطان وليكسر قوة الخطية كقول الكتاب" ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا ‘ بل مجرب فى كل شيئ مثلنا بلا خطية." عب4: 15.
"فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة ." ولنذكر أن موسى النبى العظيم كليم الله صام على الجبل مع الله اربعين نهارا واربعين ليلة لم يأكل خبزا ولم يشرب ماء كقول الكتاب ‘ فاستحق ان يكتب له الله على لوحين حجريين كلمات العهد والوصايا العشر."خر34: 25. وإيليا النبى أيضا صام اربعين نهارا واربعين ليلة حتى يستحق ان يتقابل مع الله على جبل حوريب (1مل19: 8). موسى كمشرع للناموس وإيليا سائرا فى الطريق الى الله ليأخده الى السماء فى مركبة نارية ‘ والسيد المسيح بعد الصوم والتجربة وضع لنا كمال شريعته على الجبل المعروفة بالموعظة على الجبل.وقال بفمه الطاهر" لا تظنوا انى جئت لأنقض الناموس او الأنبياء. ماجئت لانقض بل أكمل.فانى الحق اقول لكم الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل."مت5: 17و18.

بكلمة الله

فتقدم اليه المجرب وقال له : ان كنت أنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا." والشيطان هنا لا ينكر على يسوع بنوته لله بل يتحدى ويشكك فى أن يثبت له ذلك ‘ فى وقت لا يشاء الله أن يظهر ذاته الإلهية. وهذا أسلوب الشيطان مع بنى البشر فلكى يوقعهم فى براصنه وشباكه يستخدم التشكيك والمشورة الخبيثة التى تحمل لصاحبها فخ الخطية لكبرياء او عصيان او نسيان الله ‘ يشكك فى محبة الله وقدرته ووعوده ‘ وهو فى نفس الوقت هو المجرب وهو المشتكى علينا أمام الله وفى سفر الرؤيا "فقد طرح المشتكى على اخوتنا الذى كان يشتكى عليهم أمام الهنا نهارا وليلا." رؤ12: 10 .
كانت رسالة السيد المسيح فى منهج خلاص البشرية ‘أن يدخل التجربة نائبا عن كل البشر ليكسر سلاح الشيطان وسطوته ‘ ويوقف حركته تمهيدا لعزله عن الخليقة الجديدة ‘ فبالخلاص والفداء نزع عنا الرب يسوع سلطان الشيطان وأعطانا السلطان حتى ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو ‘ والذى ينخدع ويقع فى فخه هو بإرادته ‘ فالشيطان ليس له سلطان على أبناء الله المولودين من الماء والروح ولا ندخل فى تجربه معه إلا إذا إنخدعنا بالشهوة وحبائل إبليس وهو الذى يقول للرب يسوع "إن كنت أنت ابن الله "‘ وهو يعلم انه القادر عن تحويل الحجارة الى خبز وسيسمعها من فم يوحنا المعمدان : ان الله قادر ان يجعل من هذه الحجارة ليس خبزا بل أولادا لإبراهيم .

المكتوب

والرب يسوع المسيح فى هذه التجارب مع إبليس جميعها يستخدم كلمة الله المكتوبة فى سفر التثنية ويرد دائما (مكتوب) 1- فى تجربة الخبز قال الرب" مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ."تث8: 3و4 .2- وفى ثان التجارب قال له الرب يسوع" مكتوب لا تجرب الرب إلهك."تث6: 16 . 3- وفى النصرة الأخيرة للرب يسوع على الشيطان قال له"مكتوب للرب الهك تسجد وإياه وحده تعبد."تث6: 13.
ونحن فى عهد النعمة والحق نؤمن أن غلبة الرب يسوع على الصليب كانت لحساب المؤمنين فهو الذى غلب الشيطان والخطية وكسر شوكة الموت ‘ أعطانا السلطان لغلبة الشيطان والطريق لنهزم قوات الشر كقول معلمنا بولس الرسول" وأنتم إذ كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا التى سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذى يعمل الآن فى أبناء المعصية."أف2: 1و‘ وكقول الكتاب " العالم كله قد وضع فى الشرير."1يو5: 1و2 ولذلك يطمئنا الرب فى صلاته الوداعية " لست أسأل ان تأخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير ."يو17: 15.
وفى مقابل سيطرة الشيطان على عالم الشر ورؤساء الشر على الأرض ‘ يدير الرب عالم المؤمنين بالحب والحكمة والنعمة بأولاده فى كل صلاح وتقوى ومخافة الله لخير الإنسان ‘ لذلك يدعونا ملح الأرض ونور العالم ‘ نعيش فى قناعة بلا طمع فى مغريات عالم الشر هذا ‘ بل نشكر ونسبح الله فى كل حين. 
فإذا كان كل مافى العالم شباك إبليس للإيقاع بالبشر تحت أنيابة هى شهوة الجسد وشهوة العالم وتعظم المعيشة ‘لكن بسلطان الرب الذى منحنا إياه بنعمته وصيرنا أولاده لنا النصرة الكبيرة على كل هذه الفخاخ ولا نقع فيها. ولنا القدرة بمعونة الرب أن نقول للشيطان عند إقترابه منا " إذهب عنى ياشيطان." ولنصلى لإلهنا كل حين وفى وقت الصوم المقدس نزداد تعمقا فى كلمة الله التى تسندنا فى غلبة قوات الشر التى تحوم حولنا فى كل وقت. ولا ننسى وعد الرب " هل تنسى الأم رضيعها فلا ترحم ابن بطنها .حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك. هوذا على كفى نقشتك وأسوارك أمامى دائما."اش49: 15و16. ولإلهنا كل المجد أمين.