وفى يوم إنتقالك وحدت مصر/ نسيم عبيد عوض

فارقت عالمنا الأرضى ‘ فبكت عليك مصر كلها ‘ إنتقلت الى السماء وتركت شعلات الحب فى قلوب المصريين جميعا ‘ من كل فم وفى كل عين وفى القلب والفكر حزن عميق على رقادك ‘ وحتى فى ذلك توحدت مصر ألما على فراقك ‘ وحبا لأتعابك ‘يوم 17 مارس يوم سيذكره التاريخ ‘ أنه اليوم الذى بكى شعب مصر بطريرك الأقباط ‘ فى هذا اليوم سالت الدموع أنهار فى شوارع مصر ‘ التى كانت تستقبل أقدام المتجهين الى إجتماعك الإسبوعى‘وقفت مصر على أقدامها ولم تقعد لما أتاها خبر فراقك ‘ جاءت إلينا التعازى من كل مكان على الأرض ‘ فحتى فى رحيلك رفعت رأس مصر عاليا ‘ الكل يتسابق فى توصيل كلمة الى قلوب مصر للتعزية . كنت الأب للمصريين جميعا ‘ وحتى العرب أعطوك لقب بطريرك العرب ‘ ومن الشمال والجنوب يرسلون المشاركة بالكلمة الحزينة على حزن بلدك مصر ‘ هذا الوطن الذى عشقته فأحبك الوطن كله ‘ هذا البلد الذى صمدت طول حياتك تناصره وتقويه ‘إنتكست أعلامه لفراقك ‘ تجمع الوطن هذا اليوم لأول مرة بعد فترات الشقاق ‘ إجتمعوا اليوم فقط على كلمة سواء ‘ أنهم جميعا أفتقدوا وجودك فى وسط بلدك المحبوب.
أبينا القديس شنودة الثالث درست التاريخ فأحبك التاريخ ‘ تعلمت حكمة المصريين ‘ فأعطيت الوطن تعاليم الحكماء ‘ أشعرت أبيات محبة الله ‘ فأحبك شعراء الأرض ‘ كنت رسولا للسلام ‘ فعاشت مصر فى يومك مشاعر السلام ‘ بكيت على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ‘ فبكت عليك كل الإنسانية ‘ كان شعب مصر ينعم فى قلبك بكل الحب ‘ وهاهوالوطن يتفاخر بحبك له ‘ دوما كنت توحد ولا تفرق ‘ فتوحدت كلمة مصر فى يومك ‘ كنت المعلم القدير لرسالة الله على الأرض‘ فوصلت للأرض رسالتك ‘ أنشأت الكنائس على أرض البسيطة كلها ‘ وهاهم فى الأرض يذرفونك الدموع ‘ كنت شعاعا مضيئا من نور المسيح ‘ فوصل النور لقلوب كل من عرفك ‘ كنت ملح الأرض لطعام القلوب ‘ فتذوق الجميع حلاوة كلمة الله من فمك. رفعت شأن المصريين فى كل بقاع الأرض ‘وهاهى الأرض تأتى لترفع شأننا ‘ من حبك أحبك الجميع ‘ ومن علمك أنرت عقول الجاهلين ‘ فى حياتك إختلف البعض معك ‘ واليوم إتفق الجميع على حبك ‘ أشعت فى حياتك الحب والسلام وهاهو الجميع بيد واحدةوقلب واحد فى حب وسلام .
كنت فى حياتك تعزينا واليوم نتقبل فيك التعازى ‘ كنت التلميذ الأمين لرب الوجود ‘ فمنحك حب الموجود ‘ تمسكت بتعاليم سيدك ‘ فوهبك العلم والمعرفة وحكمة العقلاء ‘ أنار الرب فى قلبك كوكب الصبح المنير ‘ فكنت أنت شعلة الضياء للكثيرين ‘ كنت رمزا للمسيح ‘فأحب الكثيرين المسيح ‘ بمعرفتك كنت الشاهد الأمين لسيدك المسيح ‘ فأوصلت حب المسيح للجميع ‘ تقبلت الإساءة من بعض الناس ‘ بل وكنت تصلى من أجلهم ‘ وهاهم يتسابقون لتقديم الإعتذار ‘ غفرت للذين قالوا أشياء فيك كاذبة ‘ وأنا رأيتهم اليوم يتسابقون فى مدحك ‘ حتى ياسيدنا فى يوم إنتقالك غلفت مصر بمشاعر الحب والوئام ‘ وهاهم الأقباط وهم منكسون الرأس حزنا ‘ رفعت فى يومك رؤسهم عاليا ‘ وفى لحظة فراقك وحدت شمل شعبك .
وفى السماء تهليل بك ‘ لأنك كنت على الأرض تتهلل بهم ‘ شاركتهم التعزية والرأفة ‘ وهاهم فى الفردوس يفتحون الأحضان للقائك ‘ كانوا على الأرض يسعون بسماع وعظاتك ‘ وهم اليوم يفرحون بوجودك ‘ كنت العبد الأمين لسيدك فى كل القليل الذى أعطاك على الأرض‘ وهاهو يقيمك على الكثير ‘ وتسمع القول الجميل والجميع يرحب بك ‘ إدخل الى فرح سيدك ‘ علمتنا الكثير عن الآباء والأنبياء والقديسين ‘ وهم اليوم يلتفون حولك فى إشتياق ‘ شعرك على الأرض كان بهجة لقلوبنا ‘ وفى السماء سيكون تسابيح المدح والعرفان ‘ بتراتيل ومزامير وحولك أبو العزف الملك داود وإبنه سليمان .
كنت على الأرض تعزى قلوبنا ‘ وأنت اليوم مع الذين علي فراقهم عزيتنا ‘ هم هنيئون بك ومعك ‘ ونحن هنا نعزى أنفسنا . أنت ياسيدى لك كل الحب والإمتنان لجهادك الحسن ‘ وتعليمك الذى إستمر معى أكثر من خمسين عاما ‘ وإذا بقى فى العمر بقية ‘ فأنت مسطر فى القلوب وحتى نلتقى أذكرنا فى صواتك . وهاهى أجراس الكنائس ترن فى القلوب أبينا الحبيب يدخل السماء ‘ والكل يعرفون من وهب حياته للسماء وإله السماء ‘ فالآن لك الراحة فى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد فى نور القديسين ‘ وداعا أبينا المحب والمحبوب ولنا لقاء.إبنك وتلميذك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق