خبز الحياة/ نسيم عبيد عوض

الخمسين المقدسة هى الخمسين يوما التالية لقيامة الرب من بين الأموات ‘ نحتفل فيها بالقيامة ‘المسيح قام بالحقيقة قام ‘ وفى فرح والحان البهجة والسرور للقيامة‘ وبدلا من قراءة السنكسار أو كتاب حياة القديسين والشهداء ‘ نخرج حاملين الصليب بعلامة القيامة ‘ ومعه أيقونة القيامة ونغنى (( أيها الصفوف السمائيين رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح ‘ وإبتهجوا معنا اليوم فرحين بقيامة السيد المسيح))‘ وفى عيد الفصح اليهودى الذى إنتهى يوم خميس العهد لأنه كان رمزا للمرموز به وهو السيد المسيح ‘ كانوا يعيدون 7 أيام ويأكلون فطيرا بدون خمير ‘ وفصحنا فى العهد الجديد هو المسيح الذى ذبح لأجلنا ‘ الذى بدمه فدانا من الموت ‘ وأيضا فى الخمسين المقدسة على مثال بلا خمير ‘ فليس هناك صوم ولا مطانيات طوال الخمسين يوما ‘ وحتى حلول الروح القدس وإحتفالنا بعيد العنصرة. الأربعين يوما الأولى من الخمسين المقدسة كان المسيح وسط تلاميذة ورسله كقول الرسول "الذين أراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله.أع1: 3.

ونلاحظ أنه خلال الخمسين المقدسة يقرأ إنجيل يوحنا كثيرا وكذلك رسائله ‘ الأول يقدم لنا لاهوت المسيح "الله الظاهر فى الجسد" ورسائله تقدم سلوك المؤمن المسيحى المؤمن بوصاياه ‘ فتقدم المحبة ‘ والنور ‘ والحياة ‘ أن نكون فى شركة مع السيد المسيح.
ونحن اليوم فى الأحد الثانى من الخمسين المقدسة يقرأ علينا من إنجيل يوحنا الإصحاح السادس :
من إنجيل العشية " فقال لهم أنا هو لا تخافوا."يو6: 20
من إنجيل باكر " فقال لهم يسوع الحق الحق اقول لكم ليس موسى اعطاكم الخبز النازل من السماء بل ابى يعطيكم الخبز الحقيقى من السماء. لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب الحياة للعالم."يو6: 32و33.
وفى إنجيل القداس: " أنا هو خبز الحياة النازل من السماء .من يقبل إلي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا."يو6: 35.
وقراءة هذا الإصحاح بعد القيامة له طعم ومعنى ومغزى روحى مهم جدا ‘ فنلاحظ الربط بين القراءات السابقة المتضمنة :

1 – انا هو خبز الحياة.

2- النازل من السماء.

3- واهب الحياة للعالم.


النازل من السماء


عندما قال الرب لليهود " "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له ياسيد أعطنا فى كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع انا هو خبز الحياة .."يو6: 33-35‘ فكان اليهود يتذمرون عليه لقوله " أنا هو الخبز النازل من السماء."وقالوا كيف يقول انه النازل من السماء ‘ أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بابيه وأمه‘ فكيف يقول هذا أنى نزلت من السماء." فكانوا يتذمرون عليه ‘وهنا نتذكر المرأة السامرية التى كانت عارفة بالمسيا " انا أعلم ان مسيا الذى يقال له المسيح يأتى. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيئ."يو4: 25‘ عندما قال لها الرب" لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبت انت منه فاعطاك ماء حيا. لكن من يشرب من الماء الذى أعطيه انا فلن يعطش الى الأبد. بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية.قالت المرأة ياسيد أعطنى هذا الماء لكي لا اعطش ولا آتى الى هنا لأستقى. يو4: 14و15‘ ومن أجل إيمانها أظهر لها الرب ذاته " قال لها يسوع انا الذى يكلمك هو."يو4: 26‘ وإظهار نفسه كانت نادرة مثل ماقال للمولود أعمى ‘ وعلى الفور المرأة السامرية آمنت بقوله ‘ وتركت جرتها وذهبت للسامريين تخبرهم بلقائها مع المسيا الحقيقى . الله كان يريد أن يفهمهم ان المن النازل من السماء كان طعاما جسديا ‘ وكل من أكله ماتوا فى البرية ‘ أما هو خبز الحياة النازل من السماء يعطى حياة أبدية لكل من يأكل منه ‘ والخبز الذى انا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم .اليهود قد نسوا خروف الفصح الذى ذبحوه فى أرض مصر من أجل فداء الأبكار ‘ ذبحوا الخروف وأكلوه ورشوا الدم على الأبواب ‘ فعبر الملاك المهلك ‘ وفداهم من الموت "خر12" ‘كان هذا هو الرمز الفصح اليهودى ‘ وهذا هو المرموز إليه أمام أعينهم ولكنهم أغلظت قلوبهم فلم يعرفوا.

قوة القيامة

فى خميس العهد قال لهم الرب يسوع حسب نص الإنجيل"وفيما هم يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر واعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى. واخذ الكأس وشكر واعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لان هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا."مت26: 26-28‘ وهو اليوم فى النص الموجود أمامنا يقول لهم :

1- انا هو خبز الحياة من يقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش الى ابدا.

2- لان هذه مشيئةالذى ارسلنى ان كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة ابدية وانا أقيمه فى اليوم الأخير.

3- انا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء .ان أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد. ونلاحظ هنا قول الرب ثلاثة مرات " وانا أقيمه فى اليوم الأخير " وهذا هو ماتحقق بالقيامة ‘ وقد أوضحها لنا بشكل قاطع معلمنا القديس بولس الرسول فى رسالته الأولى لأهل كورنثوس إصحاح 15‘ وهو النص الذى يقرأ بالكامل ليلة عيد القيامة‘ فيقول معلمنا القديس بولس لأهل كورنثوس " وان لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم .انتم بعد فى خطاياكم. اذا الذين رقدوا فى المسيح ايضا هلكوا. 1كو15: 17و18‘ فالقيامة قبول من الله الآب لذبيحة الإبن لفداء وخلاص العالم ‘ وفى المعمودية بعد الإيمان بالمسيح فاديا ومخلصا ‘ نموت مع المسيح فداء لنا وغسيل خطايانا ‘ ونقوم مع المسيح لنحي فى رتبتنا الأولى –على صورة الله ومثاله- ويفتح أمامنا الفردوس ‘ وكان قبول الله للذبيحة فى العهد القديم يتم بنزول نار من السماء تأكل الذبيحة ‘ وتستمر هذه النار مشتعلة دائما ‘ علامة قبول الله لفداء الشعب ‘ وقيامة الرب يسوع من الأموات علامة قبول الله على الفداء والخلاص والمصالحة ‘ والمسيح قدم حياته ذبيحة وبها (غلب الخطية ‘ غلب الفساد ‘ وغلب الموت)‘ والقيامة رسالة السماء على قبول الذبيحة‘ وأيضا منحنا الحياة الأبدية التى حرمنا منها بسقوط آدم وطرده من الجنة ‘ كقول الكتاب " الذى أسلم (مات) لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا.رو 4: 25" ‘ فالصليب كان ضرورة وقوة القيامة تثبيت لكل الوعود السمائية‘ كقول الكتاب " مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى (المعمودية والتوبة) .هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح .."رؤ20: 6 ‘الموت الثانى لغير المؤمنين للهلاك الأبدى ‘ كل ذلك بقوة القيامة ‘ لأن المسيح هو كما قال لمرثا أخت لعاذر " انا هو القيامة والحياة .من آمن بى ولو مات فسيحيا.وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد."يو11: 25و26.

خبز الحياة

قال الرب يسوع لليهود" انا هو خبز الحياة . انا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء .ان اكل احد من هذاالخبز يحيا الى الأبد.والخبز الذى انا أعطى هو جسدى الذى ابذله من أجل حياة العالم."يو6: 48و51‘ وفى خميس العهد ليلة العشاء السرى قال لتلاميذه " خذوا كلوا هذا هو جسدى ‘ اشربوا هذا هو دمى ."مت26"‘ وعندما يقول الرب " الحق الحق أقول لكم ان لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم ."يو6: 53 ‘ فهو يتكلم عن سر التناول المقدس (خبز الحياة) ‘وهذا التناول من جسد الرب ودمه السر المقدس يمنحنا نعمة إلهنا علينا والتى تتمثل فى :

1- يهبنا حياة :

ولأنه جسد الحياة فمن يتناول منه كقول الرب " من يأكلنى يحيا بى."يو6: 57‘ حياة أبدية لمن يتناول منه ‘ وهو شجرة الحياة التى فى فردوس الله ‘ وبالتناول يوعدنا الله" من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله."رؤ2: 7"‘ وفى القداس الإلهى يقول الكاهن قبل المناولة وحياة أبدية لمن يتناول منه.

2- يهبنا الغلبة على الخطية :

عندما رأى أشعياء النبى السيد المسيح جالسا فى الهيكل وحوله السرافيم صرخ قائلا‘ ويل لى انى هلكت لانى انسان نجس الشفتين وانا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عينى قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بلمقط من على المذبح ومس بها فمى وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك."اش 6: 5-7‘ وجسد الرب ودمه يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه كقول الرب " لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا.مت ـ26: 28.

3- يهبنا الغلبة على الموت :

إشترط الرب الإله على شعب بنى إسرائيل لكى يفدى أبكارهم من الموت أى يذبحوا خروف الفصح ويأكلوه ويرشوا دمة على الأبواب حتى يعبر الملاك المهلك عندما يرى الدم ‘ وكان هذا هو الرمز الذى يتحقق الآن فى التناول من جسد الحياة ‘ لأن فصحنا هو المسيح الذى ذبح لأجلنا‘ مات ليدوس الموت ‘ و يهبنا حياة أبدية لمن يتناول منه ‘ وكقول الكتاب" الآن قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين . فانه اذ الموت بانسان بانسان ايضا قيامة الاموات. لانه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع. فقد إبتلع الموت الى غلبة .أين شوكتك ياموت .اين غلبتك ياهاوية."1كو15.

4- يهبنا ثباتا فى المسيح:

حسب قول الكتاب" من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت في وانا فيه."يو6: 56‘ وأيضا " أنا الكرمة وأنتم الأغصان.الذى يثبت في وانا فيه هذا يأتى بثمر كثير. لأنكم بدونى لا تقدرون ان تفعلوا شيئا."يو15: 5.

كيف نتمتع بالقيامة:

1- بأن نستمر فى الصوم الروحى ‘ والبعد عن الخطايا والعادات السيئة التى تخلصنا منها فى فترة الصوم الكبير‘ مستمرين كرائحة ذكية للمسيح فيرى الناس أعمالكم فيمجدوا أباكم الذى فى السموات.

2- ننعش الروح داخلنا بالتأمل والحفظ والدراسة لكلمة الله فى الكتاب المقدس ‘ حتى نكون فى تدريب كامل لضميرنا من أجل الصلاح والبر‘ كقول الرسول" لذلك انا أيضا أدرب نفسى ليكون لى دائما ضمير بلا عثرة من نحوالله والناس."أع 24: 16.

3- مصلين فى كل حين ‘ ولأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه فمهما سألنا ننال منه كل شيئ .
فلنفرح بالقيامة المجيدة وبالخمسين المقدسة نعيش ونجاهد بالروح حتى نثبت فيه وهو فينا الى الأبد. آمين.

تواضروس وفرنسيس يترأسان صلاة مسكونية لكل الطوائف في الكنيسة البطرسية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- 
ترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية، وبابا الفاتيكان البابا فرنسيس، مساء الجمعة، مراسم الصلاة المسكونية، بمشاركة رؤساء الطوائف المسيحية، في الكنيسة البطرسية، التي استهدفها تفجير في ديسمبر الماضي، أسفر عن مقتل نحو 30 شخصا.

واستقبل البابا تواضروس، بابا الأقباط الأرثوذكس، في مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية، البابا فرنسيس، بابا الكاثوليك، الذي يزور مصر في زيارة هي الأولى من نوعها منذ زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في عام 2000.

وقبل أن ينتقلا من مقر الكاتدرائية المرقسية إلى الكنيسة البطرسية المجاورة لها، وقع البابا تواضروس والبابا فرنسيس، بيانا مشتركا لدعم وحدة الكنيستين وترابطهما، مؤكدين في كلمات لهما على قوة العلاقات بينهما وسعيهما للعمل على تعزيزها.

وقال البابا تواضروس للبابا فرنسيس: "مرحبا بك في مصر ملجأ العائلة المقدسة، التي باركت الأرض والشعب، ونرحب بقداستكم في كنيستنا الأرثوذكسية منارة اللاهوت في التاريخ ومهد الرهبنة". وأضاف: "زيارتكم دليل على المحبة والسلام، وأهلا بكم في أرض مصرنا الحبيبة التي تدفع كل لحظة ضريبة الدم من الشهداء، ومرحبا بقداستكم بابا السلام في أرض السلام"، وفقا لما نقله التلفزيون المصري.

من جانبه، قال البابا فرنسيس إن استقبال البابا تواضروس له في مصر هو "استقبال الأخ". وأضاف بابا الفاتيكان أن "التواصل بين الكنيستين يجب أن يستمر وذلك لصالح المسيحيين حول العالم وكذلك جميع شعوب الأرض". وتابع بالقول: "لا يمكن النظر إلى المستقبل إذا اتخذ كل طرف طريقا منفصلا، ويجب علينا جميعا أن نتحد على شيء واحد".

النواب الألمان يدعمون حظرا جزئيا لارتداء النقاب

بي بي سي ـ
أقر مجلس النواب في ألمانيا مشروع قانون يفرض حظرا جزئيا على ارتداء النقاب.
وسيمنع مشروع القانون، بعد التصديق عليه في الغرفة الثانية بالبرلمان، الموظفات الحكوميات والجنديات والقضاة من ارتداء النقاب في مكان عملهن.
وطالبت أحزاب اليمين المتطرف بفرض حظر شامل لارتداء النقاب في الأماكن العامة.
واستقبلت ألمانيا، في الفترة الأخيرة، أكثر من مليون مهاجر ولاجئ، الكثير منهم مسلمون من الشرق الأوسط. وتعرضت لهجمات نفذها إسلاميون متشددون، من بينها حادث الشاحنة، التي اقتحمت سوقا في برلين، وأسفر عن مقتل 12 شخصا.
وقال وزير الداخلية، توماس دي ميزيير، إن مشروع القانون دليل على مدى تسامح ألمانيا مع الثقافات الأخرى.
وتريد التيارات اليمينية من ألمانيا أن تقتدي بفرنسا، التي تمنع ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة، منذ 2011.
وكانت المستشارة، أنغيلا ميركل، دعت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى منع تغطية المرأة لوجهها في أي مكان، وفقا للقانون، قائلة إنه لباس غير لائق في بلادها.
وفي فبراير/ شباط، أعلنت ولاية بارفاريا خطة لمنع ارتداء النقاب في أماكن العمل الحكومية، والمدارس والجامعات وأثناء قيادة السيارة.
ويرى المنتقدون للقانون أن الحظر سيكون له تأثير محدود عمليا، في ولاية ليس فيها إلا عدد قليل من المسلمين.
ولم تفرض ألمانيا حظرا شاملا للنقاب لأن ذلك سيكون مخالفا لدستور البلاد.
وتزايد في الأعوام الأخيرة عدد الدول الأوروبية التي تمنع ارتداء النقاب، إذ حظرته فرنسا والنمسا وبلجيكا وتركيا في بعض الأماكن العامة.
وتسعى هولندا إلى سن قانون يمنع ارتداء النقاب، بينما يجري العمل بالحظر في دول أخرى منها الدنمارك وروسيا وإسبانيا وسويسرا.

بعد هجمات ضد الأقباط.. ماذا تحمل زيارة بابا الفاتيكان لمصر؟

فرانس 24 - نص شيماء عزت ـ

بعد أقل من عام على استقباله شيخ الأزهر في الفاتيكان، يقوم البابا فرنسيس -بابا الفاتيكان- بزيارة لمصر بلد الأزهر الجمعة. زيارة كانت مقررة مسبقا وأعلن عنها منذ 18 مارس/آذار الماضي إلا أنها أصبحت تحمل الكثير من الرمزية بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت الأقباط في مصر.

يصل بابا الفاتيكان فرنسيس الجمعة إلى مصر في زيارة تستغرق يومين، هي الأولى منذ توليه رئاسة الفاتيكان، يلتقي خلالها بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبشيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الإسكندرية بطريرك الكنيسة المرقسية البابا تواضروس الثاني بالإضافة إلى القيادات الدينية الكاثوليكية. الزيارة أعلن عنها في 18 مارس/آذار الماضي وتأتي "استجابة لدعوة من الرئيس المصري وشيخ الأزهر وأساقفة الكنيسة الكاثوليكية والبابا تواضروس الثاني" كما جاء في بيان للفاتيكان.

رمزية الزيارة

تأتي الزيارة أيضا ردا لزيارة شيخ الأزهر للفاتيكان في مايو/أيار من العام الماضي واستكمالا للحوار بين الأديان والتقارب بين المؤسستين الدينيتين، إلا أنها أصبحت تحمل رمزية خاصة بعد الهجمات الدامية التي استهدفت كنيستين مصريتين في 9 أبريل/نيسان الماضي وأسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.

البابا فرنسيس آثر القيام بالزيارة في وقتها دون تأجيل رغم الحالة الأمنية المتوترة في مصر لتوصيل عدة رسائل هامة أولها تأكيد التضامن مع الأقباط المصريين، وثانيا لتأكيد أن الإرهاب لن ينال من الحوار والتقارب بين الأديان وثالثا لدعم القيادة السياسية المصرية في حربها على "التطرف".

أوضاع الكاثوليك المصريين والحوار المسكوني بين الكنائس

يعد لقاء البابا فرنسيس مع "أبنائه" من الطائفة الكاثوليكية أحد الأهداف الرئيسية للزيارة للوقوف على أوضاعهم عن قرب، فيقول الأنبا عمانوئيل عياد المنسق العام للجنة المشرفة على زيارة البابا لمصر "تلك الزيارة رعوية باعتباره رأس الكنيسة الكاثوليكية لتفقد الكنيسة الكاثوليكية بمصر وتشجيعها على ما تقوم به من دور فعال في خدمة المجتمع والأشخاص والبلد لنموها".

يمثل الكاثوليك نسبة ضئيلة من مسيحيي مصر الذين يدين أغلبهم بالمذهب الأرثوذكسي التابع لبابا الإسكندرية تواضروس الثاني. رغم ذلك، للطائفة الكاثوليكية في مصر مساهمات عديدة في الحياة الثقافية والاجتماعية كأنشطة "الكاريتاس"، ويملكون أكثر من 120 مدرسة حسب ما صرح البطريرك إبراهيم إسحاق بطريك الأقباط الكاثوليك في مصر لجريدة الأهرام المصرية في حديث عام 2014.

وكان أساقفة كاثوليك مصريون قد قاموا بزيارة للفاتيكانفي فبراير/شباط الماضي عرضوا خلالها على البابا فرنسيس بعض المصاعب التي يواجهونها في مصر مثل العقبات أمام بناء وتجديد الكنائس و"صعود تيار إسلامي متشدد" في البلاد ، بالإضافة إلى الحركات "الجهادية" التي تنشط في شبه جزيرة سيناء وما نجم عن ذلك من "اضطهاد" للمسيحيين وصل إلى حد الترحيل من مدينة العريش شمال سيناء في فبراير/شباط الماضي.

الحوار المسكوني بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية المصرية يمثل محورا آخر هاما لتلك الزيارة التاريخية. فأقباط مصر الأرثوذكس يمثلون شريحة هامة من المجتمع المصري تقدر بنحو 10 ملايين شخص. ويأمل البابا فرنسيس في إقامة حوار مسكوني مع البابا تواضروس الثاني لتحقيق التقارب بين الكنيستين، بعد سنوات من التوتر خيمت على العلاقات بينهما تحت رئاسة بطريرك الأرثوذكس السابق البابا شنودة الذي كان يرفض السماح بالزواج بين أبناء الطائفتين. ومنذ تسلم البابا تواضروس الثاني رأس الكنيسة القبطية، عكف على العمل على تحسين العلاقة مع الكاثوليك المصريين التي يأمل البابا فرنسيس في تعميقها خلال زيارته غدا.

الحوار مع الأزهر ورسالة مصالحة مع العالم الإسلامي

ما لا شك فيه هو أن الحوار المسيحي الإسلامي سيكون الطاغي –على الأقل إعلاميا- على تلك الزيارة التاريخية. ففي وقت يشهد فيه العالم تحديات وصراعات عدة يبقى الحوار بين الأديان الأمل في تهدئة الأجواء والعودة إلى التسامح والتعايش السلمي بين الطوائف الدينية المختلفة.

منذ ترأسه للكنيسة الكاثوليكية، عمل بابا الفاتيكان فرنسيس على إزالة "التوتر" مع "العالم الإسلامي"، خاصة بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها البابا السابق بنديكتوس السادس عشر ودعا فيها المسلمين لنبذ "الجهاد" واعتبر أن الإسلام دين لا يقبل أي نقاش عقلي، وأخذت تلك التصريحات على أنها مسيئة للإسلام ما أثار موجة استنكار واسعة في صفوف المسلمين. أما بعد انتخابه على رأس الفاتيكان في مارس/آذار عام 2013 أكد البابا فرنسيس من جهته "احترام الفاتيكان للإسلام والمسلمين".

وبعد زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان العام الماضي، بدأ الحوار بين المؤسستين الدينيتين وأخذ منحى أكثر جدية من خلال تنظيم ورشات عمل ومؤتمرات مشتركة كان آخرها ورشة عمل مشتركة استضافتها القاهرة في 22 فبراير/شباط الماضي وتمركزت حول مكافحة التطرف الديني.

وأكد بيان لمشيخة الأزهر استقبال الشيخ أحمد الطيب للبابا فرنسيس خلال زيارته غدا في المشيخة "للحديث حول الحوار بين الأديان والعمل على توطيد قيم التسامح للوصول إلى السلام العالمي". 

وقبيل وصوله للقاهرة، بعث البابا فرنسيس برسالة إلى الشعب المصري، أكد فيها أن زيارته "هي بمثابة عناق وتعزية لجميع مسيحيي الشرق الأوسط ورسالة صداقة وتقدير لجميع سكان المنطقة ورسالة أخوة ومصالحة بين جميع أبناء إبراهيم وبصفة خاصة مع العالم الإسلامي". وختم البابا رسالته بالإشارة إلى أن العالم في حاجة إلى صانعي السلام ولأشخاص شجعان يعرفون كيف يستخلصون الدروس من الماضي ليبنوا مستقبلا يعود فيه السلام والمحبة.

شيماء عزت

سورة البقرة: الآية 128/ عبدالله بدر اسكندر

الوصف الدلالي الذي يسند إليه معنى الرجوع إلى الله تعالى لا يخرج عن نوع المعرفة به جل شأنه ويكون العامل في هذا الاتجاه متفرعاً على الأعمال الملازمة لدرجات الإنسان وما يقابها من دركاته، كون الارتباط المسبق بالدركات وقياسها إلى الدرجات الطارئة وإن شئت فقل المستحدثة لا يستقيم إلا بإقرار من المكلف نفسه، وهذا يقتضي الامتثال منه طوعاً بعد دراسة وفهم الخصائص التشريعية التي ألزمه الشارع بالسير على هداها، وإن كان لا يملك من العلم بتلك الخصائص إلا القدر اليسير الذي يؤهله للدخول في زمرة المؤمنين والخروج من الجانب الآخر المتمثل بأصحاب المعاصي، هذا إذا علمنا بعدم تطبيقه للمصاديق المتفرعة عن المعارف الحقة التي تصعب على الخلّص من المؤمنين، وتعليلاً لهذا البيان نستطيع القول إن الإنسان التائب يمكن أن يحصل على المعارف الجزئية الملازمة لرجوعه إلى طريق الحق وإن كانت بوجه، ثم بعد ذلك تفتح أمامه السبل الأخرى التي يظن أن أبوابها ستظل موصدة بسبب ما سلف من أعماله، من هنا وقياساً إلى متفرقات القرآن الكريم نرى أن توبة الإنسان المذنب تقع بين توبتين لله تعالى، فإن رجع إلى رشده وندم على فعله وأظهر الطاعة والانقياد لأمر الله سبحانه فبلا أدنى ريب سوف ينظر إليه تعالى بعين اللطف ويلهمه التوبة الصحيحة، ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية من التوبة وهي مرحلة القبول، وقد أشار سبحانه للمرحلة الأولى بقوله: (ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) التوبة 118. فيما بين الثانية بقوله: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) البقرة 37. وقد مر عليك تفسير هذه الآية وبيان معنى الكلمات وتوبة آدم في كتابنا هذا فمن أراد المزيد فليراجع.
وبناءً على ما قدمنا يظهر أن التوبة الأولى إذا اتجهت نحو العبد فهي بلا شك تخلق فيه روح الإنابة إلى الله والرجوع إليه، ولا يمكن أن يوفق إلى هذا المسلك إلا بالتزام هذا القيد وكذلك لا يوفق إلى هذا الاتجاه إلا إذا وجد العزم في نفسه، وندم على ما كان منه ثم عقد الميثاق مع الله تعالى بإلزام نفسه على عدم العودة إلى اقتراف الذنوب، وههنا تجرى عليه المسببات الرئيسة المشاركة في إظهار القسم الأول من توبة الله تعالى عليه ثم تأتي المرحلة الثانية المثبتة للقبول، واعلم أن هذا الفعل لا يدخل ضمن التسيير غير المبرر وإنما يراعي فيه التخيير حتى يكمل المكلف توجهه إلى الحق سبحانه ثم بعد ذلك يعمل على تفعيل ذلك التوجه، وبهذا القدر نفهم أن هذا الاتجاه هو أسلم الاتجاهات الداعية إلى خلق الصفات الفطرية وإعادتها إلى دين الله الذي ارتضاه لعباده بعيداً عن الإفراط والتفريط، لا كما نقل عن أمر الكنيسة حيث كانت كما قيل تتجر ببيع أوراق المغفرة وكان الأولياء منهم يغفرون ذنوب العاصين، وهذا من الجهل بل الخداع الذي لا حدود له، وكما ترى فإن أصحاب تلك الديانات لا يزالون إلى اليوم يؤمنون بهذه الأساطير التي رسخت في عقولهم منذ فترات زمنية ليست بالقصيرة، وهذا الفعل يكاد يتقارب مع إيمانهم بظهور المخلص الذي يحمل عنهم إصرهم وذنوبهم ولذلك يحق لهم أن يفعلوا ما يروق لهم كون النهاية مؤمنة لهم والجنة التي وعد المتقون لا تكون إلا ملكاً لهم وهلم جراً.
والمتأمل في مسيرة الإنسان يرى مدى ضعفه وحاجته إلى الله تعالى الذي هو غني عن العالمين، ولأجل هذا الضعف فقد شرع سبحانه التوبة لعباده لكي لا يفقد الإنسان الأمل في الرجوع إلى الله من ناحية، ومن ناحية ثانية يجعل الموازين تتطابق مع ما يحدث في الأرض، بتعبير آخر ماذا لو فقد الإنسان الأمل في الرجوع إلى الله تعالى أي كيف سيكون حال الدنيا وكيف تتخلص البشرية من شر هذا الإنسان الذي علم أن لا قبول لتوبته.
وتأسيساً على ما سبق نرى أن الحق سبحانه قد جعل حدوداً للتوبة خارجة عن إطار العبثية، فمن جهة نلاحظ أن الأبواب مفتوحة أمام عباده على مصارعها، ومن جهة أخرى نرى أن الأبواب لا تفتح للذين وجدوا أنفسهم في منأى عن الإيمان، ويشهد للمعنى الأول قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) الزمر 53. ويشهد للثاني قوله: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) النساء 137.
فإن قيل: إذا علمنا أن هذا الأمر يجري في الإنسان غير المعصوم فماذا عن الأنبياء الذين تطرق الله تعالى إلى ذكر توبتهم ما يدل على أن الذنب جائز عليهم؟ أقول: مصطلح التوبة لا يستعمل في الرجوع عن الذنب في جميع الحالات، وإنما يراد منه طلب العناية الإلهية وتوفيق الإنسان إليها سواء صدر منه الذنب أم لم يصدر، وسوف نعرض لهذا الموضوع في حديثنا عن طلب إبراهيم وإسماعيل للتوبة في تفسير آية البحث، كون التوبة من قبل المعصوم الذي لا يجوز عليه الذنب لا تنسجم مع المصداق الظاهر للمفهوم الكلي المتعارف لدى الناس، وهنا لا بد من الإشارة إلى دقيقة مهمة وهي إذا كانت التوبة من الله تعالى إلى العبد تحاكي لطفه وعنايته به كما قدمنا فمن باب أولى أن يكون الأنبياء هم أول من يستحق هذا اللطف وبالتالي لا يمكن نسبة الذنب إليهم.
فإن قيل: ربما نسلم بصحة ما قلت ولكن القرآن صرح بنسبة الذنب إلى النبي كما في قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا... ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) الفتح 1- 2. فكيف الجمع؟ أقول: مغفرة الذنب في هذا الموضع لا تدل على صدوره فعلياً من النبي (ص) وإنما يرجع الأمر في ذلك إلى الحوادث التأريخية التي وصم النبي بسببها بأنه عدو الإنسانية والعياذ بالله، حتى ظل هذا الوصم يلاحقه لفترات طويلة، إلى أن جاء اليوم الموعود الذي تم فيه صلح الحديبية، وههنا علم المشركون بصدقه وقوة شخصه إزاء الأزمات والمواقف التي تمر به، حيث كانت أفكارهم تميل إلى الطابع المعاكس لهذا الوجه، ولكن ما إن تم النصر الساحق للنبي وأصحابه حتى اختلفت تلك الأفكار وأصبح ذنب النبي مغفوراً عندهم، دون الذنب الذي يخالف التكليف، وهذا ما يفهم من الإشارة إلى غفران الذنب المتأخر كذلك، فتأمل هذا المعنى.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) البقرة 128. الآية تشير إلى دعاء إبراهيم وإسماعيل بأن يجعلهما الله تعالى مخلصين في العمل والاعتقاد وهذا المعنى لا يحصل إلا بتوفيق الله تعالى، أما سؤالهما الإسلام للذرية فهو لأجل إبقاء هذه المنزلة ثابتة فيهم، ولفظ الذرية يطلق على نسل الإنسان والجن على حد سواء، وقد أشار تعالى إلى المصداق الثاني بقوله: (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء) الكهف 50. أما مصطلح الأمة فيطلق على الجماعة التي ترتبط بقصد واحد سواء أكانت من فئة العقلاء أم لم تكن، ويشهد للفئة الثانية قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) الأنعام 38. وقد يطلق هذا اللفظ على الواحد إذا كان بمنزلة الأمة، كما في قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين) النحل 120. 
قوله تعالى: (وأرنا مناسكنا) من آية البحث. النسك العبادة والمنسك الموضع الخاص بها، وقد بين سبحانه هذا المعنى بقوله: (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) الحج 67. إلا أن الاستعمال الشائع للمناسك أصبح علماً على أفعال الحج، كما في قوله تعالى: (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم) البقرة 200. وتتفرع عن هذا المفهوم مجموعة من المصاديق، كما في الهدي المذكور بقوله سبحانه: (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) البقرة 196. وكذا قوله: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الأنعام 162.
قوله تعالى: (وتب علينا) من آية البحث. يظهر فيه معنى الدعاء والطلب دون الإشارة إلى صدور الذنب كما بينا من خلال البحث، وههنا معنى آخر لا يقل أهمية عن المعنى السابق وهو طلب التوبة لذريتهما ومن يلحق بهما، ثم ختم تعالى المقام بقوله: (إنك أنت التواب الرحيم) والتواب صيغة مبالغة تفيد الكم والنوع أي يغفر جميع الذنوب كماً وأكبرها نوعاً، والرحيم على وزن فعيل وفيه كذلك نوع مبالغة تدل على دوام الرحمة، وقد بينا الفرق بين الرحمن والرحيم في تفسير سورة الفاتحة ومن أراد معرفة ذلك فليراجع.

 من كتابي: السلطان في تفسير القرآن
              

استنكار الھجـوم على الأزھـر وتأیید لموقف ھیئة كبار العلماء

یعلن سماحة الأستاذ الدكتور إبراھیم أبو محمد المفتي العام للقارة الأسترالیة إدانتھ للحملة المفضوحة التي تتعرض لھا أعرق مؤسسة في مصر وھي مؤسسة الأزھر من خلال ظاھرة التطاول الإعلامي على ثوابت الإسلام والتشكیك في مصادره ومحاولات النیل من حصونھ، وفي مقدمتھا الأزھر ومناھجه الدراسیة، وشیخه ورموز علمائه.
• ویؤكد سماحة المفتي تأییده لبیان ھیئة كبار العلماء بأن مناھج الأزھر ومجالس شیوخھ ھي التي فتحت عیون علماء العالم الإسلامي على فھم كتاب الله وسنة رسولھ المصطفى صلى الله علیھ وسلم، وعن طریق مناھجھ وشیوخھ أدرك العالم قیمة منھج الإسلام رسالة ورسولا، وعلى متون تلك المناھج تعرفت أبناء الدنیا على تاریخ أمتنا وحضارتھا ورجالھا وأبطالھا ومن صنعوا لھا المجد.
• ومن علوم الأزھر أخذت المعاییر الحقیقیة التي یقیس الناس بھا نبض الحیاة، ویعرفون بھا مقیاس الصواب والخطأ، لیس فقط على مستوى السلوك الفردي، وإنما معیار الصواب والخطأ الحضاري والثقافي للأمم والشعوب والمجتمعات الإنسانیة.
• والأزھر منذ نشأتھ یمثل الفكر الإسلامي الأصیل، وھو قبلة المسلمین العلمیة، والأزھر بعلمائھ وشیوخھ ھو المأمون على دین الله عقیدة ولغة وثقافة، ولا یمكن لجھة أو ھیئة في أي مكان في العالم تستھدف التأصیل العلمي وتبحث عن صحة الروایة وسلامة التوثیق إلا ویكون لھا علاقة وثیقة بالأزھر الشریف جامعا وجامعة. 
• وظل الأزھر لما یزید عن ألف عام ھو الحارس الأمین والمأمون على سلامة وصحة فكر الإسلام الصحیح، وعلى نظافة وجدان المسلمین وعقولھم في كل بقاع الأرض من طوفان الغلو والتطرف والتعصب الأعمى والتأویل الفاسد، والإرھاب المجنون. فكیف یسمح لفئة إعلامیة ضالة وجاھلة أن تنتھك حرماتھ وتتھمھ بالمسؤولیة عن الإرھاب الذي یحاربھ الأزھر.
• لقد ظن البعض ـ إثما وخطیئة ـ أن الأزھر الآن أصابھ الكبر ولھ ذریة ضعفاء، فإذا بالأزھر - رغم كل عوامل التجریف والاختراق- لا یزال عفیا وعصیا وقادرا في الحق على قول " لا ". فھل یا تري تلك ھي مشكلة الأزھر وشیخھ الطیب؟
• نؤكد في ھذا البیان أن الھجوم علي الأزھر والتطاول على شیخھ – والتعریض بدوره ومنھجھ وعلمائھ ورموزه، إنما ھي محاولة لتقزیم مصر وحرمانھا من الحضور الحي والتأثیر في المحیط الإقلیمي والدولي، وإسقاط وتفریط لیس للأمن القومي المصري فقط، وإنما ھو إسقاط وتفریط لأمن الأمة ثقافة وحضارة وتاریخا ِّم - في خذلان- ُ َسل ورجالا ومؤسسات .وھذا في حد ذاتھ یشكل عارا وطنیا وقومیا وھزیمة ثقافیة وحضاریة تاشد حصون عقیدتنا وثقافتنا لعدو یخطط لاختراق أجھزة المناعة الثقافیة ویسعي لتجریدنا دوما مما تبقى لأمتنا من كل وسائل التحصین التي سقطت، ولم یتبق منھا على الأرض وفي قلوب الناس وعقولھم غیر الأزھر.
• فلصالح من تھدمون الحصون؟ وكیف یسمح لإعلام الغوایة والفتنة أن یمارس دور الخیانة بالدعوة إلى ھدم الحصون؟ ومن ھو ھذا الذي یدفع للطبال والزمار في تلك الحملة المشؤومة؟
• وبرغم كل المحاولات الفاشلة، سیبقى الأزھر الشریف ھو المصدر والمرجعیة، وبیت الخبرة الكبیر الذي یحصن الجمیع بعطایاه الفكریة، ضد العنف والإرھاب، ویقیم للثقافة والفكر والمعرفة میزان العدالة والاستقامة.
• حفظ الله مصر ممن یمكرون بھا، وحفظ لمصر أزھرھا بشیوخھ وعلمائھ لیظلوا حصنا واقیا وسدا منیعا وسندا علمیا وثقافیا لمصر وللعالم الإسلامي من كل موجات الوضاعة الثقافیة المترعة بالمعصیة وفقدان المناعة. 
 أ.د إبراھیم أبو محمد
 المفتي العام للقارة الأسترالیة 

معايدة حميد عوّاد بثلاث لغات

Christ est ressuscité! En vérité, il est ressuscité! 

Jésus a accompli le Dessein divin de Rédemption de l'humanité.

Il a exécuté le Sacrifice Ultime et a marqué Son Émergence de la mort par une Résurrection Miraculeuse impressionnante. 

Cet Événement est le pilier de la Foi Chrétienne. 

Cet Act Auguste est une source d'inspiration qui infuse l'espérance, l'amour, le réconfort, l'Exultation, la tenacité, et la bravoure. 

Que la Fête de Pâques projette ses faisceaux illuminants sur vous, pour dissiper tout nuage de morosité, et immerge vos célébrations pascales dans une ambiance de joie et de bénédictions partout où vous vous rassemblez, Chers Ami(e)s.


المسيح قام، حقّاً قام! 

تسابق شمسُ الإيمان، بالبزوغ والسطوع في الوجدان، شمسَ الطبيعة فَجْرَ ذكرى عيد الفصح. 

جَلَلُ هذا الحدث المهيب والجوهري والمحوري علامة راسخة في الإيمان المسيحي تطبع في النفوس سرّ الفداء وتنفح قوّة الإنتصار على الموت.

نستمدّ من "العيد الكبير"، مُولِّد الأمل الكامن فينا والدائم الفيض، طاقة لتذليل المصاعب وطيباً لبلسمة الأحزان وترياقاً لإبراء المعتلّين وإلهاماً لِوُلوج السبل الفضلى ومَعيناً يسكب البهجة في القلوب. 

أرجو أن تبدّد أنوار العيد غمامةَ كلّ غَمٍّ لتشيْع الأفراح والبركات في مجالسكم، أعزّائي، وتتيح للجميع إحتفالات ميمونة وسعيدة بفصح مجيد.

CHRIST IS RISEN! RISEN INDEED!

Jesus fulfilled the Divine Design for Redemption of Humanity. 

He performed the ultimate sacrifice and marked His Emergence from death through an Awesome miraculous Resurrection.

This Event is the pillar of the Christian Faith.

This August Act is a source of inspiration that infuses hope, love, comfort, Exultation, tenacity, and bravery.

May the feast of Easter radiate its illuminating beams upon you, to dissipate any cloud of gloom, and immerse your Easter celebrations in an ambiance of joy and blessings wherever you congregate, Dear Friends.



 https://twitter.com/AouadHamid/media 
Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.
 http://hamidaouad.blogspot.com/

الشهداء وفرح القيامة/ نسيم عبيد عوض

رغم حزننا العميق الذى شمل كل مسيحى على وجه الأرض ‘ وغطى إحتفلاتنا بأسبوع الآلام كل كنائسنا من الشلالات جنوبا الى الأسكندرية شمالا ‘  بسفك الدماء الذكية الطاهرة فى يوم فرح بدخول الرب ملكا لأورشليم ‘ فى أحد الشعانين ‘ فى كنيسة مار مرقس بالأسكندرية ‘وكنيسة مار جرجس بطنطا والجميع يسبحون " أوصانا فى الأعالى أوصانا لإبن داود" مبارك الآتى بإسم الرب ‘ فإذا طعنة غادرة من شيطان لعين ‘يفجر نفسه ويقتل أرواح المؤمنين داخل بيت الرب‘ وهنا إختلطت مشاعر الحزن على إنتقال الشهداء وفرح الشعانين والقيامة ‘ ولكن لفرح القيامة أهمية خاصة لهؤلاء الشهداء ‘ بقيامة الرب تحقق وعده الإلهى" من آمن بى ولو مات فسيحيا‘ وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد ."يو11: 25و26‘ وبقيامة الرب من الأموات فتح لهؤلاء الشهداءالمذبح المخصص لهم فى السموات‘ وصعدوا بأكاليل منيرة شهادة لكلمة الله ‘ يرتدون الثياب البيضاء التى منحها لهم الرب فى مذبح الشهداء فى السماء.

فرح قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات ‘ لا يعادله أية أفراح لا فى السماء ولا على الأرض ‘ لأنه بدون قيامته لا ما كان هناك خلاص ‘ ولا تجددت خليقة الإنسان وتغيرت طبيعته ليعود على صورة الله ومثاله ‘ ولا تحرر البشر من عبودية إبليس ‘ لأن الرب بموته داس الموت وغلب الشيطان وغلب الخطية ‘ وبالقيامة تحرر المؤمنين به من الفساد الذى ورثوه جرار خطية معصية آدم وحواء. ولعل التلاميذ والرسل أول الفرحين عندما تحققت قيامته ‘ لأنهم كانوا يعيشون فى خوف ورعب من اليهود ‘حتى أنهم هربوا جميعا ولم يحضروا صلبه ماعدا يوحنا الحبيب‘ ونحن كل عام نحتفل بقيامة الرب من الأموات بعد قبره ثلاثة أيام ‘ ونفرح ونتهلل لأنه أعطانا الرجاء بقيامتنا فى الحياة الأبدية .
والرب قبل صلبه وموته أخبر الرسل والتلاميذ عدة مرات بخبر موته وتعذيبه وصلبه وقيامته ‘ حتى أنه أخبر كل القيادات الدينية فى الهيكل أمام كل الشعب بقوله عندما سألوه عن أية آية يريهم " اجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفى ثلاثة أيام اقيمه. فقال اليهود فى ستة وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت فى ثلاثة أيام تقيمه. واما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه انه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذى قاله يسوع."يو2: 18-22.

ولأن السيد المسيح كان يعلم بأن خلاص وفداء البشر لن يحدث بدون آلام وموت وقيامة من الأموات‘ وقد أفهم تلاميذه عدة مرات بذلك ‘ فى إنجيل لوقا 9: 22" إنه ينبغى ان ابن الإنسان يتألم كثيراويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفى اليوم الثالث يقوم." وأيضا لوقا 9: 44" ضعوا انتم هذا الكلام فى آذانكم أن ابن الإنسان سوف يسلم الى أيدى الناس ." وأيضا قال لهم بتفاصيل ماسيحدث له " وأخذ الإثني عشر وقال لهم‘هانحن صاعدون الى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان.لأنه يسلم إلى الأمم ويستهزء به ويشتم ويتفل عليه . ويجلدونه ويقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم."لو18: 31-33‘ وقوله هذا هو نص ماورد فى نبوات إشعياء النبى العديدة وأهمها ماورد بالإصحاح المشهور 53 الذى يتكلم عنه وكأنه كان يسير مع المسيح فى طريق آلامة ويقف تحت صليبه " محتقر ومخذول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به. لكن أحزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا.وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لأجل اثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا ‘ كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامته امام جازيها فلم يفتح فاه."إش 53: 3-7.

وحقيقة قيامة الرب من الأموات ورد فى الأناجيل الأربعة :

ففى إنجيل متى البشير" 

1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.
2 وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ.
3 وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ.
4 فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ.
5 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ : «لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ.
6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ.
7 وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُماَ" مت28: 1-7. 

وأكمل القديس مرقس البشير

" وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ" مر16: 9.

وكتبها القديس لوقا كذلك" 

1 ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ.
2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ،
3 فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ.
4 وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ.
5 وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟
6 لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ
7 قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ" لو24".»

وأما القديس يوحنا الحبيب فكتب يقول "

19 وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
20 وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ.
. يو20 . 21 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». 8 فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ،.

وحسب وصية الرب للتلاميذ بالكرازة لجميع الأمم يقول القديس بولس الرسول"

3 فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،
4 وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ،
5 وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ.
6 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا.
"7 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ.
"1كو15"-;-وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. 

فلتفرح الأرض لأنه قام وأقامنا معه ووهبنا الحياة الأبدية بعد أن نقلنا من الظلمة الى ملكوت ابن محبته‘ ولتتهلل السموات وملائكتها فقد أكمل الرب كل التدابير اللاهوتيه لخلاص البشر ‘ وليبتهج كل المؤمنين باسمه ونعيش "كما سلك ذاك نسلك نحن أيضا فى جدة الحياة.

ولن تكفى صفحات كتب كثيرة لتفسير أهمية القيامة من الأموات ‘ ويكفينا فرحا وبهجة بعيد القيامة المجيد ‘ ولكل مسيحى العالم أهنئهم بعيد قيامة ربنا الذى أقامنا معه وأجلسنا فى السموات ‘ تهنئة لشعبنا مصر القبطى الذى قدم فى إحتفالات  القيامة هؤلاء الشهداء الذين غسلواثيابهم وبيضوها فى دم الخروف ‘ من أجل ذلك فهم فى مذبح الشهداء ‘برعاية الرب يسوع الذى يرعاهم ويقتادهم الى ينابيع ماء حية ويمسح الله كل دمعة من عيونهم‘ وبالتأكيد هم يشاركونا أفراح القيامة . وكل سنة وأنتم جميعا طيبين.

الاب سركيس محتفلا برتبة الغسل: لتكن هذه المناسبة محطة لتجديد أواصر المحبة

النشرة ـ 
إحتفل خادم كاتدرائية سيدة لبنان في سيدني، الخوري طوني سركيس، برتبة الغسل، وشاركت الأحزاب المسيحيّة اللبنانيّة الستّة في الرتبة حيث مثّل دور الرسل الإثني عشر في العشاء السري، مندوبون عن الأحزاب المسيحيّة في أستراليا، وهي القوات اللبنانية،التيار الوطني الحر،الكتائب،المردة،الاحرار وحركة الاستقلال.
وغسل سركيس الأرجل، ثمّ ألقى عظة تطرّق فيها إلى معنى الشهادة الحقيقيّة، مؤكّداً أنّ "الأحزاب اللبنانيّة كافّة قدّمت شهداء على مذبح الوطن للحفاظ على عيش مسيحيّتنا بكرامة"، منوّهاً إلى أنّ "الرب يسوع المسيح هو الشهيد الأوّل في الكنيسة"، مشدّداً على "الوحدة في هذه المرحلة الصعبة الّتي يمرّ بها مسيحيّو الشرق ولبنان، خصوصاً الأقباط في مصر".
ولفت إلى أنّ "قصّة الغسل لم تبدأ في العشاء السري وتنتهي فيه، بل بدأت قبل ذلك بكثير، وهي مستمرّة إلى أبد الدهور. بدأت منذ الخلق، عندما غسلنا الله بجبلته ونفخ فينا روحه. وتكرّر فعل الغسل منذ تلك اللّحظة، وأكثر ما يرمز إلى الغسل في حياتنا المسيحيّة، هي الشهادة. والشهيد الأكبر هو ربنا يسوع المسيح الّذي غسل كنيسته بدمه المسفوك على الصليب لتولد نقيّة طاهرة، إبنة للآب وعروساً له، وشهيد الوطن يغسل أرض بلاده بدمه، لتزهر حريّة وكرامة وسلاماً".
وأشار إلى أنّ "الأمثولة اليوم، ذات مغزيين. المغزى الأوّل، المحبة، أي أن نحبّ بعضنا بعضاً كما أحبّنا ربنا يسوع، مهما اختلفت آراؤنا وتطلّعاتنا وأفكارنا وأعلامنا وألواننا عن بعضها البعض. بالمحبة تصبح هذه الإختلافات غنى وزهوراً من كلّ الألوان والأشكال والطّيوب تزين حياتنا المسيحية. بهذا الحبّ نصبح مسيحيّين عن حقّ وجدارة"، كاشفاً أنّ "المغزى الثاني، الخدمة والجهوزية الدائمة للخدمة وأن نتسابق على خدمة بعضنا البعض كإخوة حقيقيّين للمسيح، لأنّ الهدف لمسيرتنا في هذه الدنيا هو بلوغ الملكوت. وطننا الحقيقي في السماء، مع ربنا يسوع".
ونوّه إلى أنّه "لا يمكنني أن أبلغ السماء إذا مشيت صوبها لوحدي، من دون الإكتراث إلى الآخر الّذي ألتقي به كلّ يوم، مهما تباينت الأفكار والآراء بيني وبينه. فالّذي يجمعنا أكبر بكثير من أيّ اختلاف أو خلاف، حتّى هو أكبر من الأرزة الّتي نحبّها جميعاً وإن رسمها كلّ حزب من أحزابنا بطريقة مختلفة. ما يجمعنا هو الصليب، ما يجمعنا هو ربنا يسوع بنفسه"، معرباً عن تمنّيه "أن يكون غسل الأرجل، محطّة لتجديد أواصر المحبّة بين بعضنا البعض، أفراداً وجماعةً، محازبين وأحزاباً، مؤمنين ورعية، وليكن أيضاً مناسبة لإحياء روح الخدمة في حياة كلّ منا، لكي نلبس المسيح فنعكس صورته في كلّ مكان".

أمن بلدنا يا ريس/ نسيم عبيد عوض

أننى أتوجه للرئيس السيسى برسالة عاجلة ‘ ولعلها تقع تحت يديك فتدرسها بكل إهتمام ‘ لأن المطلب شعبى وهو الحماية الأمنية لشعب مصر ‘ ولأنك رئيس هذا البلد الكبير المتناهى الأطراف بنجوع وقرى ومراكز ومحافظات ‘ يتعدى سكانه ال90 مليون مواطن ‘ شعب كبير بتاريخ عريق يحتاج الى عودة الإستقرار والأمن لكى يخرج الفلاح ليغرس أرضه ‘ والصانع يعود يحرك محركات مصنعه ‘ وتعود مصر الى صفوف الدول المنتجة .

مصر ياسيادة الريس لن يحفظ امنها وزارة الداخلية فقط ‘ و لنواجه الحقيقة ‘ بلدنا بأرضها الواسعة ‘وعلى محور تضاريسها الواسعة فقد حماها الله بطبيعة جغرافية لها تميز فى حماية جغرافية‘ البحر المتوسط شمالا‘ الشلالات جنوبا ‘البحر الأحمر شرقا والصحراء الغربية غربا ‘ بلدنا كبير ياريس وشعب كبير العدد يحتاج الى سيطرة كاملة على ربوعه ‘ ولكن لخصوصية مايحدث على الأرض الواقع الآن ‘ وبالنسبة للأعمال الإرهابية التى تحدث يوميا ‘ فمصر لها أيضا طبيعة بالنسبة للأرهاب ‘ فمصر هى المصدرة للإرهاب فى العالم كلة ‘ وبدون تفاصيل ‘ وإذا إنتصر العالم كله على الإرهاب ‘ ودول الغرب تتضامن سويا لمكافحة أتباع داعش والقاعدة فى أوربا ‘وتبقى مصر تحتاج الى مجهود أقوى من كل الدول وستظل تحتاج الى نوعية خاصة فى مكافحة الإرهاب فى مصر.

ولإن مصر تتميز بوجود ملايين من شعبها أتباع جماعة الإخوان المسلمين ‘ وملايين أخرى يتبعون السلفية الدينية المتطرفة ‘ فالأمر يحتاج الى خاصية لحماية أمن البلد العظيم مصر ‘ والعالم كله يركز أنظاره على بلدنا مصر ‘ أود أن أحدد ان إلقاء عبء أمن الوطن على وزارة الداخلية فى هذه الظروف أمرا صعب تحقيقة ‘ وكذلك قواتنا المسلحة لها واجب حماية حدود البلد وهو عبء يكون فوق الطاقة إذا أخرجناه عن واجبة العسكرى الأساسى  فى حماية الوطن من العدو الخارجى ‘ فلنا رجاء من سيادتكم بدراسة ماأقترحة:

1- إنشاء وزارة أمن وطنى تكون مهمتها تطهير مصر من الإرهاب وتعقبه فى أركان مصر ‘  وعلى نمط الوزارة التى أنشأها جورج بوش بعد حادث 9/11

Home Land Security

وهذه وزارة لا علاقة لها بداخلية البوليس ‘ ولكنها إدارة تقع سيطرتها على كل مايمس أمن الوطن ‘ وحماية حدودة ‘ ويكون لديها قاعدة معلومات واسعة عن كل المتطرفين والخارجين عن صفوف الوطن بالعمل على هدم منشأته والى آخرة ‘ تكون لها مكاتب فى كل بقعة أرض مصرية ‘ لها موظفيها بخاصية معينة ‘ بتداريب عسكرية خاصة ومخابراتية للتصدى لأعداء الوطن ‘ التفاصيل كثيرة ويمكن أستجلاب خبرة الدول الكبرى فى مكافحة الإرهاب. 
 2- إنشاء الحرس الوطنى الذى كان معمولا به فى الخمسينات ‘ونشرة الرئيس عبد الناصر فى كل بلاد أيام العدوان الثلاثى على  مصر‘ وهو نفسه المعمول به فى كل أنحاء أميركا والمعروف أيضا بالحرس الوطنى

National Guard

وهى قوات عسكرية تكون تحت الطلب فى كل مصر ‘ ويستخدمها المحافظون للسيطرة وللحفاظ على الأمن ‘ وفى الكوارث الطبيعية وخلافة.

وأكرر مرة أخرى سينتهى الإرهاب فى العالم قبل أن ينتهى فى مصر ‘ لوجود الملايين من المنتمين لجماعة  الإخوان المسلمين وكذلك ملايين السلفيين والمتطرفين.

هذا إقتراح مأخوذ من خبرة العالم فى حماية أمن أهلها وتراب بلدها ‘ وكل ماأتمناه أن يعطى بعين الإعتبار لمسايرة العالم ومشاركته فى القضاء على ألإرهاب والتطرف الدينى. 



رسالة صاحب السّيادة المطران أنطوان-شربل طربيه بمناسبة عيد الفصح 2017

ونحن شهودٌ على قيامتِه

أحبائي، أبناء وبنات أبرشيتنا المارونية،

1. "لقد قام ... ونحن شهودٌ على ذلك (اعمال2/32؛10/38-40). مسيرةُ عيدِ الفصحِ تنطلقُ من ظلمة ِالقبرِ الى انوارِ القيامة، ومن الامِ الصليبِ واحزانِ الموتِ الى فرحٍ وعظـَمةِ الانتصارِ على الالمِ والموتِ وبُنيانِ الرجاءِ بالحياةِ الابدية. هذا السّرُ العظيمُ النابعُ من حدَثِ  "الفصحِ" التاريخي،  الشاهدُ على موتِ الربِّ يسوعَ وقيامتِه، يَعْبُر ازمنةَ التاريخِ كلَّها ويصلُ الى انسانِ اليوم، لان كلَّ واحدٍ منا كان حاضرأ في فكرِ المسيحِ الربِّ وقلبِه، يومَ صلبِه ويومَ قيامتِه. وهكذا اصبح كلُّ انسانٍ مدعوّاً ان يؤمنَ بقيامةِ المسيحِ من بين الامواتِ  ويُعلِنَ السرَّ الفصحيَّ، سرَّ عبورِ الانسانِ بنعمةِ الربِّ من الموتِ الى الحياة.

2. قيامةُ الربِّ يسوعَ من بين الأمواتِ هي حقيقةٌ ساطعةٌ مثلُ الشمس، والشهودُ عليها في الإنجيلِ أعْطـَوْا براهينَ كثيرةً ومتلازمةً مع بعضِها البعضِ ومتكاملةً بشكلٍ لا يَقبلُ الجدل. واولُ شاهدٍ على الموتِ والقيامةِ هو الربُّ يسوعُ نفسُه الذي تنبأَ عدةَ مراتٍ عن ذلك. والانجيليُّ متّى على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ يَذكرُ في أنجيلِه وفي ستّةِ مواضعَ مُختلفةٍ احاديثَ للربِّ يسوعَ عن موتِه وقيامتِه: 38/12 – 21/16 – 9/17 – 22-23/17 – 19/20 – 31-32/26

3. وقبلَ التكلمِ عن الشُّهود على قيامةِ المسيحِ علينا ان نتوقفَ عند الشهاداتِ على موتِه:
أ‌. اولُ شهادةٍ على موتِ يسوعَ على الصليبِ كانت من قائدِ المئةِ الذي كان مسؤولاً عن عمليةِ الصلب (متّى 27/45-65; مر 15/33-41و45).
ب‌. والشهادةُ الثانيةُ، تؤكدُ دفنَ يسوعَ من قِبلِ يوسفَ الرامي الذي طلبَ استلامَ جثةِ يسوعَ، وتمَّ انزالُها عن الصليب،  وقد لُفّ جسدُ يسوعَ بكتانٍّ ووُضع في قبرٍ جديد، ثم أُغلقَ القبرُ بوضعِ صخرٍ كبيرٍ على بابِه بأمرٍ من هيرودوسَ الملكِ، بالاضافةِ الى حراسةٍ مشدَّدة.

4. أما الشهاداتُ من الكتابِ المقدسِ على قيامةِ المسيحِ من بين الامواتِ فهي كثيرة:

أ‌. الشهادةُ الاولى هي القبرُ الفارغُ واعلانُ الملاكِ للنسوةِ قائلا : "لماذا تبحثونَ عن الحيِّ بينَ الاموات؟  انه ليس هنا لقد قام." ودعا الملاكُ النساءَ لنقلِ هذا الخبرِ السارِّ والبُشرى العظيمةِ الى الرُّسل (متى 28/6 ؛ لوقا 24/6).
ب‌. الشهادةُ الثانيةُ على قيامةِ المسيحِ تأتي من التلميذين بطرسَ ويوحنا لأنهما وبعدَ  سماعِ الخبرِ اتـَيا مُسرعـَيْنِ الى  المكانِ الذي دُفن فيه يسوع، فوجدا  القبرَ فارغاً واللفائفَ والمِنْديلَ موضوعةً على الارض، فآمنا بانه قامَ حقاً قام   (يو20/3-8).
ت‌. اما الشهادةُ الثالثةُ فكانت من حُرّاسِ القبرِ الذين ارتعدُوا عند الزلزلةِ ودحرجةِ الحجرِ وجلوسِ ملاكِ الربِّ عليه. وكان منظرُه كالبرقِ وثوبُه ابيضَ كالتلج، ثم اخبروا الأحبارَ والشيوخَ، فرشـَوْهُم بالمالِ الكثيرِ وقالوا لهم: "أَشيعوا انّ تلاميذَه جاؤوا ليلاً فسرقوه ونحنُ نيام." (متى28/2-4،11-15)، لكنَّ السؤالَ يبقى كيف انّ الحرّاسَ رأَوْا تلاميذَه يسرقونَه وهم نيام؟ 
ث‌. والشهادةُ الاخيرةُ على قيامةِ الربِ يسوعَ تتجلى في ظهوراتِه المتعددةِ بعد القيامةِ: اولاً لمريمَ المَجدلية (يوحنا 20/11-18) ثم لبطرسَ (لو24/34) ثم لتلميذَيْ عمّاوسَ اللذَينِ رافقَهما في الطريقِ وتراءى لهما عند كسرِ الخُبز (لوقا 24/13-35)؛ وبالتالي الظهوراتُ المتعددة ُللرسلِ حتى يقوّيَ ويُثبتَ ايمانَهم. ويبقى ظهورُ الربِّ يسوعَ لتوما الرسولِ الذي لم يكن مع الرسلِ في الظهوراتِ السابقة، والبراهينُ الحسيّةُ والواضحةُ التي اعطاها، اجملُ واقوى شهادةٍ عن القيامة. ونحن اليومَ نجدّدُ ايمانَنا بموتِ المسيحِ وقيامته، رغمَ المحاولاتِ الكثيرةِ لتهميشِ هذه الحقيقةِ وتشويهِها في عالمِ اليوم، ونصرخُ صرخةَ ايمانٍ مع توما الرسولِ قائلين : ربّي والهي.

أيها الأحبّاءُ،
5. الحياةُ المسيحيةُ مبنيةٌ على الايمانِ بالربِّ يسوعَ وعلى الشهادةِ الدائمةِ لقيامتِه من بينِ الاموات، هذه الحقيقةُ التي عاشتها كنيستُنا المارونيةُ وشهِدتْ لها من جـِيلٍ الى جيل، وقدّمتْ شهداءَ من اجل الدفاعِ عنّها، تدعونا اليومَ لنُجدّدَ ايمانـَنا فيها. من هذا المنطلقِ أَعلنَ غبطةُ ابينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكليُّ الطوبى، مع السينودوسِ الماروني، تكريس َالسنةِ الممتدةِ من عيدِ مار مارون 9 شباط 2017 حتى عيدِ مار يوحنا مارون 2 اذار 2018 واعلانَها سنةَ "الشهادةِ والشهداء"، نسبةً لمرورِ ألفٍ وخمسِمئةِ سنةٍ على استشهاد ثلاثِمئةٍ وخمسينَ راهباً من رُهبانِ ديرِ مار مارون سنة 517.

6. وحتى نكونَ شهوداً على قيامة ِالربِ يسوعَ في مجتمعِ اليوم، علينا ان نتجدَّدَ روحياً، من خلالِ ممارسةِ سرِّ التوبةِ والمشاركةِ بالقداسِ، وتناوُلِ جسدِ يسوعَ ودمِه كلّ يومِ أحد، أو حتى كلَّ يومٍ إذا كان ذلك ممكناً. هكذا نجدّدُ ونقوي إيمانَنا بالمسيحِ القائمِ من الموتِ في حياتِنا وكنيستِنا طالبينَ شَفاعةَ القديسين. وحتى تُعطيَ كنيستُنا شهادةً مسيحيةً افضلَ وأوسعَ هنا في اوستراليا، أصبح من الضروريِّ ان نلتقيَ ونفكرَ معاً، ونضعَ الخِططَ الروحيةَ والراعوية َوالرسولية. ومن الواجبِ ايضا طرحُ المشكلاتِ الاجتماعيةِ والتحدياتِ التي تواجهُنا، خصوصاً لجهةِ نقلِ الايمان، ايمان ِالآباء ِوالاجدادِ للأجيالِ القادمة.

7. فمن مُنطلقِ تحسينِ عيشِنا للشهادةِ المسيحيةِ وتحصينِ العائلةِ والزواج، اطلقنا من ثلاثِ سنواتٍ الدعوة َالى عقدِ مجْمعٍ ابرشيٍّ في أوستراليا.  والخبرُ السارُّ اليومَ هو ان المجمْعَ سيَعقدُ جمعيتـَه العموميةَ الأولى من الرابعِ والعشرين  إلى السادسِ والعشرينَ من تشرينَ الثاني 2017 في سدني، وسيشاركُ فيها مندوبونَ عن الرعايا والمؤسساتِ المارونيةِ والكنسية ِ من مختلفِ انحاءِ الوطنِ الاوسترالي. 

8. ختاماً، ومع القديسِ اغوسطينوس، نرددُ ونقول:
"قيامةُ المسيحِ هي جوهرُ ايمانِنا المسيحي. وأن ْيكونَ المسيحُ قد مات، فهذا موضوعُ ايمانِ الكثيرين، حتى الوثنينَ واعداءِ الكنيسةِ يؤمنون بذلك. اما ان يكونَ المسيحُ قام من بين الاموات، فهذا هو جوهرُ الايمان ِالمسيحي." وهكذا نفهمُ من كلام ِ القديسِ اغوسطينوس أنّ كلَّ مَن لا يؤمنُ بقيامةِ المسيح ِلا يمكنُ ان يكون مسيحياً حقيقياً. فيسوعُ المسيحُ القائمُ من القبرِ والمنتصرُ على الشرِّ والخطية ِوالموتِ هو حاضرٌ بشكلٍ دائمٍ في العالمِ، حاضرٌ بروحِه القدوس، وبكلامِه الحي، وحاضرٌ بشكلٍ فريدٍ جداً في جسدِه ودمِه في الافخارستيا. وكلَّ مرةٍ نحتفلُ بالقداسِ الالهي، نستذكرُ فعلياً وحقيقةً، وبالوقتِ الحاضرِ، حقيقةَ آلامِ وموتِ الربِّ وقيامتِه،  وحضورِه الحيِّ والدائم ِمعنا. إنه قريبٌ من كلِّ شخصٍ منا أكثرَ من قربِنا لذواتِنا، لأن يسوعَ المسيحَ هو نفسُه، أمسِ واليومَ والى الابد، على رجاءِ انتظارِ تجلّي مجدِه النهائي في المجيءِ الثاني. 

9. وكلُّنا اليومَ في هذا العيدِ المباركِ نلتقي ونقولُ بصوتٍ واحدٍ وبايمانٍ واحد: "تعالَ، ايها الربُّ يسوع!" (رؤيا 22/20). تعالَ واختم ْعلى قلوبـِنا بختمِ قيامتِك المجيدة، وقوِّ إيمانـَنا  فنُخبّرَ عنك ونشهدَ لك ونُعلنَ حقيقةَ قيامتِك بجُرأة ونقول:
المسيحُ قام حقاً قام... ونحنُ شهودٌ على ذلك


+المطران أنطوان-شربل طربيه
راعي أبرشية أوستراليا المارونية
عيد القيامة المجيدة، 16 نيسان 2017

إفعل هذا فتحيا/ نسيم عبيد عوض

يتضمن فصل الإنجيل لمعلنا لوقا البشير 10: 21 – 28 ‘ سؤال على لسان ناموسى قام يجرب الرب يسوع المسيح سائلا: " يامعلم ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية." فقال له " ماهو مكتوب فى الناموس. كيف تقرأ؟" فأجاب : تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك " ‘ فقال له : "بالصواب أجبت .إفعل هذا فتحيا". لأن محبة الله من كل القلب والنفس والقدرة وكل الفكر هى الحياة الأبدية على الأرض‘ لأنها الحياة فى الله.

الحياة هى الله ‘ كقوله الكريم " أنا هو الطريق والحق والحياة." يو 14: 6‘ وأيضا " أنا هو القيامة والحياة."يو11: 25‘ وقول الكتاب عن الله الكلمة" فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس." يو1‘ ولأنه مصدر الحياة  فبعد أن جبل الله الإنسان من تراب نفخ فى أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية ‘وقد خلقنا الله لنعيش معه فى حياة أبدية خالدة لا تعرف الموت ‘لأن الموت دخل الى العالم بحسد إبليس فأسقط آدم فى خطية التعدى فحكم عليه بالموت وعلى كل نسله.

ولذلك أصبح سؤال البشرية الأبدى كيف أرث الحياة الأبدية ؟ أو ماذا أعمل حتى أرث الحياة الأبدية ؟ وأيضا من إنجيل معلمنا مرقس الرسول10:  17-31 "وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله ايها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟". ويتصف صاحب السؤال بأنه شاب مت19: 20 ‘ذو أموال كثيرة ورئيس فى مجمع اليهود لو18: 18‘ مستقيما يحفظ الوصايا ‘جاءه راكدا يبحث عن مايوصله للحياة الأبدية ‘ أنسان على خلق وأدب لسجوده إجلالا وإحتراما للمعلم الصالح‘ أيضا متواضعا لسجوده أمام جموع الشعب. ولكن مهما كانت صفات هذا الشاب ‘فسؤاله يهم البشرية كلها ‘ ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ وهذا سؤال يختلف من مؤمن العهد الجديد عن مؤمن الناموس الموسوى مثل هذا الشاب ‘ كقول الكتاب " لأن الناموس بموسى أعطى . أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا.يو1: 17‘ فأن المؤمنين بالمسيح يسوع ولدوا ولادة جديدة بخلقة جديدة بالماء والروح ‘ وأعطاهم الله سلطانا أن يصيروا أولاد الله.وبالتالى وارثين للحياة الأبدية ‘ فكيف تكون الإجابة على السؤال اليوم ‘ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟

مامعنى الحياة الأبدية؟

1- كلمة الحياة فى الإنجيل عامة وفى العهد الجديد خاصة هى الحياة غير القابلة للموت (لأن الموت عقوبتة الخطية ‘فأجرة الخطية هى موت أما هبة الله حياة أبدية.

2- الحياة فى الله والتى يمنحها الله بروحه القدوس هى وحدها تسمى الحياة ‘ وهى تختلف عن الحياة الجسدية التى مآلها الموت ‘ أما الحياة فى الله فهى الحياة الحقيقية أو الحياة الأبدية.

3- الحياة الأبدية أو الحياة الحقيقية هى الحياة التى نكتسبها الآن لحساب مابعد الموت‘ كوصف القديس الرسول بولس أنها تقترن بالحاضر والمستقبل ‘ فيقول لتلميذه تيموثاوس (1تيم4: 8 ) ولكن التقوى نافعة لكل شيئ إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة.."فالحياة فى الكتاب المقدس هى الحياة الأبدية . ويقول الكتاب المقدس " لأنه كما ان الآب له الحياة فى ذاته . كذلك أعطى الأبن أيضا أن تكون له حياة فى ذاته."يو5: 26 ‘ أى ان له سلطان الله فى هبة الحياة الأبدية .ولذلك يقول الرب يسوع " من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية .ولا يأتى (فى المستقبل)الى دينونة . بل (الآن ) قد أنتقل من الموت الى الحياة." يو5: 24‘والمعنى هنا أن الحياة الأبدية تخلصت نهائيا من الموت فأصبحت بالنسبة لنا (خلاصا).

4- المولود الجديد يرث الحياة الأبدية فى عالمه الحاضر على أساس الرجاء الحى الذى نعيشة بالإيمان.كقول الكتاب" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى برحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حى بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل فى السموات لأجلكم.1بط1: 3و4.

5- روح الله القدوس هو الذى يقوم الآن بإعطاء الحياة فى الله كقول الرسول بولس"لأن الحرف يقتل لكن الروح يحيي.."2كو3: 6.

6- كلمة الله التى بها تهب رياح النعمة التى هى رائحة المسيح التى فى الكلمة لتحيي من يسمعها ويؤمن بها.كقول الكتاب " متمسكين بكلمة الحياة . في2: 16‘ ومن فم رب المجد " الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة."يو6: 63‘ ويقول الملاك للرسل " إذهبوا قفوا وكلموا الشعب فى الهيكل بجميع كلام هذه الحياة.أع5: 20

7- الحياة الأبدية هى أسم استخدمه السيد المسيح للتعبير عن ذاته ونفسه" أنا هو القيامة والحياة." يو11: 25.وهو يمنح الحياة للذين يلتصقون به ويتبعونه من كل قلوبهم ‘ ولأنه له الحياة فى ذاته  فهو يحيي من يشاء مثل الآب‘ فيقول" خرافى تسمع صوتى وأنا أعرفها فتتبعنى.وأنا أعطيها حياة أبدية .ولن تهلك الى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى.."الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية ولا يأتى الى دينونة بل قد إنتقل من الموت الى الحياة.. ولهذا يقول عن نفسه أنه "هو الحياة" كقوة ألهيه فعاله ومحييه " فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور أضاء فى الظلمة والظلمة لم تدركه."يو1: 4و5.

وفى حياة غربتنا على الأرض ونحن ورثة الملكوت ‘ أعطانا الله الوسائل التى إستودعها سر الحياة لكى نقر بها ونحيى:

1- سر المعمودية "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ."يو3: 5

2- فى سر الشكر (بكسر الخبز وشرب الكأس بعد البركة -الأفخارستيا-"أنا هو الخبز الذى نزل من السماء .إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد.يو6: 51.

3- كلمة الله "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة.يو6: 63‘ لأن كلمة الله فى كتابة المقدس وهى وحيه الإلهى : - هو قانون الحياة الحاضرة.مز19: 7‘ ناموس الرب يرد النفوس‘ هى إعلان الحياة العتيدة ‘ هى إعلان عن ذات الله وعن قصده الإلهى نحو البشر‘ الذى شمل الماضى والحاضر والمستقبل‘ كقول الكتاب" الذى خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية.وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل."1تيمو1: 9و10.

الحياة الأبدية هى المقابل الإيجابى لغفران الخطايا والتوبة الصادقة لأن مقابل الخطية موت.‘ كقول الكتاب" لأن ناموس روح الحياة يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت ."رو8: 10‘ فالحياة الأبدية تنمو وتزدهر فينا بقدر مايقع علينا من ضيق وتجارب قاسية وإضطهادات " فإنى أحسب أن آلام الزمن الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا." رو8: 18 ‘ لأن لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح." في1: 21. وهذا مايؤكده القديس يوحنا أن حياتنا الأبدية هى فى المسيح" وهذه هى الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هى فى إبنه .ومن له الأبن فله الحية .ومن ليس له إبن الله فليست له حياة." 1يو5: 11و12.

ولكى نظل وارثين ومحتفظين بالحياة الأبدية لآبد أن نستمر متحدين مع الله ‘كقول الرسول " لا أحيا ما أنا بل المسيح يحيا في." كقول الرب فى صلاته الختامية فى يوحنا 17" ليكون الجميع واحدا ‘كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك.ليكونوا هم أيضا واحدا فينا."يو17: 21 ‘لأن هذه الوحدة  هى التى تسوقنا للحياة الأبدية. وتتحقق الوحدة مع الله بعنصرين أساسيين هما:

أولا : معرفة الله كقول الرب " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته" .يو17: 3‘ والحياة الأبدية التى نعرفها على الأرض هى حياة معاشة وإختبار يومى ‘ولذلك يجب أن ننفصل عن الحياة الأرضيى بمفهومها المادى والتى نهايتها الموت‘ ونتعايش مع ورث الحياة الأبدية التى لا يوجد فيها موت. فالحياة الأرضية بكل متغيراتها – فرح ينقلب الى حزن وسلام ينتقل الى قلق وإضطراب ‘ حب يصير كراهية وبغضة ‘ أمل ورجاء الى يأس وقنوط. أما الحياة الأبدية فى معرفة الله فكل صفاتها وأحوالها دائمة وغير قابلة للتغيير للضد ‘ بل هى دائما الى الأفضل.

ثانيا: بالإيمان .. وهو الإيمان التصديقى بالروح –بدون برهان- "تؤمنوا بى" " فى ذلك اليوم تعلمون انى أنا فى أبى وأنتم في وأنا فيكم." يو14: 20‘"  والذى يحبنى يحبه أبى وأنا أحبه وأظهر له ذاتى. " 

وللإجابة على سؤال  البشر نسألكم جميعا هل ورثنا الحياة الأبدية ونعيشها على الأرض قبل أن نصعد للسموات؟ وكل شخص له أن يجيب على السؤال لنفسه بكل صدق حتى يختبر حياته‘ ويعضدها حتى لا يهلكها .الرب مع جميعكم ويرشدكم إلى طريق الحياة الأبدية. 

علامات نهاية العالم/ نسيم عبيد عوض

فى الأسبوع الثانى على التوالى تقدم الكنيسة الأرثوذكسية قراءات قداس الأحد عن يوم الدينونة أو المجيئ الثانى للرب يسوع ‘وفصل إنجيل اليوم من إنجيل معلمنا متى البشير إصحاح 24 ‘ وهو الإصحاح المشهور عن نهاية أورشليم وهدم هيكل الرب فيها عام 70 ميلادية كما تنبأ يسوع المسيح وقال لهم هوذا بيتكم يترك لكم خرابا‘ على أيدى الرومان والذى تشتت فيه اليهود على أنحاء الأرض‘ وأيضا حدثهم الرب عن نهاية العالم ويوم الدينونة وعلامات مجيئه الثانى ‘ وعلامات نهاية العالم كما ذكرها الرب تتلخص فيما يلى:

1- ضيق عظيم لم يكن مثله منذ إبتداء العالم إلى الآن ولن يكون.ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد . ولكن من أجل المختارين تقصر تلك الأيام.

2- سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا.

3-تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع.وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان فى السماء.

وهذه هى العلامات الحسية والمادية التى لا يجهلها أحد ‘ ولكن القديس بولس الرسول كلمنا عن الأزمنة الصعبة فى الأيام الأخيرة ‘ وعن طبيعة البشر فى تلك الأيام قبل النهاية ‘ وقد أوردها الرسول فى رسالته لتلميذه تيموثاوس الثانية 3: 1-5 ‘ عن علامات الأزمنة الصعبة الأخيرة.

1 "  وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ،

 لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ،3 

بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ،

 خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، 

." لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ.

وقد لاحظ القديس يوحنا ذهبي الفم أن كل هذه الخطايا تنتج الخطية التالية لها‘ مثلا محبة المال تنتج عن محبة الإنسان لذاته ‘ ومحبة المال ينبع عنها  محبة العظمة والكبرياء ‘ وهذه تنتج التجديف وهكذا.

ودعونا نتأمل فى هذه التحول فى طبيعة بشر الأيام الأخيرة:

- حب الذات: أساس كل الشرور وجذورها‘ حيث تغلق النفس والقلب عن محبة الله ‘ ضد وصية الرب " من أراد أن يتبعنى فلينكر ذاته."

- محبة المال : أو الطمع‘ وأخطرها هو أن الطماع لا يشعر بالعرفان بالجميل لأحد ‘ ولا يرويه مال العالم كله ‘ وضد وصية الرب" إحترزوا من الطمع."

- حب العظمة والكبرياء: إنسان عطشان إلى حب الكرامة الباطلة والمجد الزمنى‘ وهذه كلها أمور تفقد الإنسان سلامه الداخلى ‘ ونصيحة لهؤلاء " الله يقاوم المستكبرين."

- التجديف: محبة الذات والطمع والكبرياء ينحرف ببصيرة الإنسان الداخلية عن الله نفسه‘ فيكون أعمى عن وسائل الخلاص وعطايا الرب المجانية ‘ فيجدف عليه ‘ ولا عجب من ظاهرة الإلحاد المنتشرة اليوم فى كل أنحاء العالم.

- عدم طاعة الوالدين: الذى لا يعرف طاعة الله ‘ ليست فيه طاعة والديه ‘ فالذى يفقد الأبوة الإلهية السماوية ‘  لا يحترم أبواه على الأرض .

- عدم الشكر: أو الجحود..كل الخطايا السابقة تشعر الإنسان بفراغ داخلى لا يستطيع العالم أن يملأه‘ فالإنسان بدون شبع روحى لا يعرف الشكر والحمد والتسبيح ‘ وحياة الجحود تفقد الإنسان صوابه وتجعله حائرا فى هذه الحياة.

- الدنس: الإنسان بدون شبع روحى يكون كل همه إشباع جسده وشهواته فيتدنس ‘ ويتنجس بما يخرجه من فمه ‘ فالسرور الجسدى تغرق النفس فى تصرفات دنسه وبقلب بعيد عن الطهارة والنقاوة فيخرج كل الشرور ويتدنس الإنسان من فضلات قلبة.

- عدم الحنو: أى عدم وجود ود طبيعى بين البشر ‘ وهذه أصبحت سمة من سمات البشر ذلك الزمان ‘ فإشباع الملذات الذاتية تبعد الإنسان عن الود الطبيعى لغيره ولأخيه الإنسان.

- عدم الرضا: أي نقض العهد مع الله ثم مع الناس.

- الثلب: أي إتهام الآخرين بالزور فلا يقف الأمر عند نقض العهد وإنما يتهم غيره بدون حق

- عدم النزاهة : أو إعدام العفة التى تفقد الإنسان قدرته على ضبط نفسه ورغباته ‘ سواء من جهة اللسان كنار آكلة ‘ أو الشهوات الجسدية ويعيش فى ملذاته بدون ضابط.

- الشراسة: الخطية تفقد الإنسان إنسانيته فيحيا شرسا‘ يقاوم الآخرين بلا سبب حقيقى ويملأه روح العدوان.

- غير محبين للصلاح: مخالفين للناموس الطبيعى الذى خلقه الله فينا ‘ وإحتقار كل عمل صالح  والإستهانة بها ‘ وإعتبار كل عمل صالح أنه تفاهة .

- الخيانة: خيانة الإنسان للعهد الإلهى والعهد الطبيعى ‘ وإنتشار خيانة الصداقة وحق الجيرة ‘ وكل علاقات بشرية تتسمم بالخيانة وعدم الأمان فى حياة الإنسان فيعيش وحيدا.

- الإقتحام: التدخل الشرير فيما لا يعنيهم.

- التصلف: أي الكبرياء بدون ترو ‘ أو العظمة الغبية.

- محبة الملذات دون محبة الله‘ لأن محبة الإنسان فقط موجهه لإشباع رغباته وهذه تقف حائلا أمام محبة الله ووصاياه.

- أخيرا الذين لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها: وهذ أخطر أنواع الشرور‘ فالإنسان يحمل المظهر المخادع البراق‘ وفقط أمام الناس ‘ رياء ونفاق فى علاقته بالله ‘ فهو أمام الناس له صورة التقوى‘ وأما الداخل مملوء فساد ودنس ونجاسة‘ وخطية الرياء يصعب على صاحبها التعليم ‘ يخدع نفسه أولا ثم يخدع الآخرين ‘ يرى فى نفسه أنه الأفضل ‘ فلا يقبل النصح والإرشاد ‘ ثم يمضى فى طريق الهلاك.

لنتذكر اليوم قول الرب" إسهروا إذا لأنكم لا تعلمون متى يأتى ربكم "..أقول للجميع إسهروا على حياتكم الروحية ‘ فلتكون لنا وقفة مع النفس ‘ ونتذكر أن لا نكون ضمن حاملى الخطايا السابقة‘ بل فليضيئ نوركم قدام الناس فيروا أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات.


أحد الشعانين/ نسيم عبيد عوض

جاءت النبوة عن هذا اليوم على فم زكرياالنبى 400 سنة قبل الميلاد قائلة" إبتهجى جدا ياإبنة صهيون.إهتفى يابنت أورشليم .هوذا ملكك ياأتى إليك هو عادل ومنصور وديع راكب على حمار وعلى جحش ابن آتان " زك9: 9" 
وتحتفل اليوم كنيستنا القبطية الأرثوذكسية والكنائس المسيحية على وجة الأرض كلها بأحد الشعانين , والشعانين كلمة عبرية معناها يارب خلص , ومنها أخذت كلمة أوصانا باليونانية ومعناه"خلصنا"
وأحد الشعانين هو العيد الرابع من الأعياد السيدية الكبرى فى كنيستنا( عيد البشارة-الميلاد – الظهور الإلهى- الشعانين- القيامة- الصعود- العنصرة أو عيد الروح القدس) 
ودخول السيد المسيح لأورشليم اليوم حسب المشيئة والترتيب الإلهى هو نقطة تحول ويوم عظيم فى تاريخ البشرية , إنتظرته لأجيال وزمانا طويلا لذلك صرخت الجموع ( وكان تعدادهم فى أورشليم حسب قول المؤرخين ما يقرب من 3 مليون نسمة) فى إستقبال رب المجد:
- أوصانا لابن داود .. مبارك الآتى باسم الرب.. أوصانا فى الأعالى (مت21) 
- مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب ..أوصانا فى الأعالى(مر11)
- مبارك الملك الآتى باسم الرب .. سلام فى السماء.. ومجد فى الأعالى.(لو19)
- أوصانا .. مبارك الآتى باسم الرب ملك إسرائيل.(يو12)
وحقا قال المرتل بروح النبوة فى مزمور 118: " هذا هو اليوم الذى صنعه الرب . نبتهج ونفرح فيه. آه يارب خلص. آه يارب انقذ. مبارك الآتى باسم الرب- وقبلها يقول – من قبل الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا." 

+ حقا هذا هو اليوم الذى صنعه الرب منذ قراره الإلهى ووعده الخلاصى " نسل المرأة يسحق رأس الحية. تك 3:15" ومن حبه العجيب للإنسان وبعد السقوط فى خطية التعدى يشفق على آدم وحواء ويذبح لهم ذبيحة ويصنع لهم أقمصة من جلد والبسهما.. ليستر بها خزى عريهم وخطيتهم.تك:3: 20"
+ هذا هو اليوم الذى صنعه الرب يوم كلم نوح وبنيه قائلا" ها أنا مقيم ميثاقى معكم ومع نسلكم من بعدكم " تك9: 8" والميثاق هو ان لا يهلك الأرض والأنسان.
+ وهو اليوم الذى صنعه الرب يوم أن قال لأبراهيم " يتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض.تك22: 18"
+ كان هذا اليوم الذى صنعه الرب يوم يقول يعقوب أبى الآباء بروح النبوة لإبنه يهوذا" لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع الشعوب. رابطا بالكرمة جحشه وبالجفنة ابن أتانه . غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه. لخلاصك إنتظرت يارب. " تك49: 10-11" 

هذا هو اليوم الذى صنعه الرب :

يوم كلم الرب موسى وهرون فى أرض مصر قائلا: كلما جماعة إسرائيل قائلين فى العاشر من هذا الشهر يأخذون لهم كل واحد شاة بحسب بيوت الآباء شاة للبيت . تكون لكم شاة صحيحة ذكرا ابن سنة. ويكون عندكم تحت الحفظ الى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر. ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل فى العشية. ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا فى البيوت التى يأكلونه فيها. ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها. فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة الهلاك."خر 12"

وكما يقول معلمنا بولس الرسول" هكذا نحن أيضا لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت أركان العالم. ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من إمرأة مولودا تحت الناموس . ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى."
غل4: 3و4"
وفى إنجيل قداس اليوم "يو12" ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا (أى 9نيسان) وفى الغد 10 نيسان دخل يسوع أرشليم من باب الضأن. 
هكذا دخل الحمل الذى يرفع خطية العالم .. دخل أروشليم ليكون تحت الحفظ لحين الذبح على الصليب بين العشائين . كان خروف الفصح محفوظا ليوم 14 نيسان وهو الموعد المحدد لإتمام الخلاص والفداء للبشرية كلها. 
وبروح النبوة على فم النبى زكريا ( 300 سنة قبل الميلاد) " إبتهجى جدا ياإبنة صهيون وإهتفى يابنت أورشليم . هوذا ملكك يأتى إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتان.زك9: 9"

والعجيب أن الرب يدخل أرشليم بإحتفال الملوك ولن يخرج منها إلا وهو مذبوحا على الصليب ليتحقق الترتيب الإلهى:
"وأنا إن إرتفعت عن الأرض اجذب الى الجميع.يو12: 32" " وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الإنسان . لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." يو3: 14و15"
" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. " يو3: 16"
ودخول الرب اليوم أورشليم محاطا بموكب ملوكى ممجدا أراد أن يرفع عن ملكوته الحجاب الذى أخفاه فى حياته , وأن يعلن أنه المسيح الملك الروحى الذى يجئ لخاصته (اليهود) 
_ ملكا على مستوى روحانى لا مادى _ على مستوى سماوى لا أرضى. – على طراز أبدى لا زمنى.

وفى هذا اليوم يكون قد أكمل الرب يسوع كل أعمال النبوات _ قبل الصليب- فى حياته على الأرض , ويمكث مع التلاميذ فترة حفظ الخروف ويعطيهم التعليمات والوصايا( إنجيل يوحنا ألإصحاحات من 13إلى 16 ) ثم بعد ذلك يقول للآب " العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته."يو17: 4" – الكلام الذى أعطيتنى قد أعطيتهم وهم قبلوا. " وعلموا يقينا إنى خرجت من عندك وآمنوا أنك أنت أرسلتنى.يو17: 8" 
وفى حياة الله الظاهر فى الجسد على الأرض أظهر للعالم أنه كاملا فى لاهوته وكاملا فى ناسوته كإيماننا الأقدس أن لا هوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. 

أولا: أعطانا من قدراته اللاهوتية:
1- بالمعجزات والآيات التى صنعها وقد رتبها القديس يوحنا اللاهوتى ( بعض منها) فى 7 آيات: 
1- معجزة تحويل الماء إلى خمر (يو2) وكقول الكتاب " هذه بداءة الآيات فعلها يسوع فى قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه. "11"
2- شفاء ابن خادم الملك ( بالكلمه) قال له يسوع إذهب ابنك حى . فآمن الرجل بالكلمة التى قالها يسوع .. وهو فى الأصل قال لرب المجد "قل كلمة" (يو4)
3- شفاء مشلول بركة حسدا (يو5) بعد 38 سنة أى قبل ميلاد الرب بالجسد.. قال له يسوع أتريد أن تبرأ.. قم إحمل سريرك وأمش."
4- إشباع الجموع من خمسة خبزات وسمكتين (يو6) ليذكرهم بالمن الذى أعطاه لبنى إسرائيل لمدة أربعين سنة فى البرية, ويقول لهم ليس موس أعطاكم الخبز من السماء بل أبى يعطيكم الخبز الحقيقى من السماء."
5- السير على الماء وإنتهار الرياح والأمواج (يو6) ويقول لتلاميذه " أنا هو لا تخافوا. 
6- شفاء المولود أعمى (يو9) أو خلق عينين للمولود أعمى.. ويقول أيضا" لا هذا أخطأ ولا أبواه . لكن لتظهر أعمال الله فيه. 3" 
7- إقامة لعازر من الموت (يو11) بعد أن أنتن ويقول لنا " من آمن بى ولو مات فسيحيا.25 ( ومن قبل أقام إبنة يايرس وابن أرملة نايين من الاموات)

2-أظهر للعالم إسمه : " كقوله للآب (يو17) " أنا أظهرت إسمك للناس الذين أعطيتنى من العالم :
1- أنا هو خبز الحياة" (يو6) إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد.
2-أنا هو نور العالم.(يو8) من يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة.
3- أنا هو الباب (يو10) إن دخل بى أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى.
4- أنا هو الراعى الصالح (يو10) والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف.
5- أنا هو القيامة والحياة (يو11) وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت إلى الأبد. 26"
6- أنا هو الطريق والحق والحياة.(يو14) ليس أحد يأتى إلى ألآب إلا بى6"
7- أنا هو الكرمة الحقيقية وأبى الكرام )يو15) وأنتم الأغصان. 
( فلما قال لهم انى .. أنا هو .."بالعبرية يهوه اسم الله " رجعوا وسقطوا على الأرض." يو12: 6" ) 

ثانيا: عاش الرب بكمال ناسوته ومر بجميع المشاعر والأحاسيس الإنسانية ماعدا الخطية:
1- تعب.. كقول الكتاب فى يو4 " فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر. 6. تعب الذى يقول عنه الكتاب " الذى لا يعيا" 
2- عطش.. (يو4) فقال لها يسوع أعطينى لأشرب .. وعلى الصليب يقول أنا عطشان .. عطش الذى هو ينبوع الحياة .." بل الماء الذى اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية" 14"
3- جاع.. (مر11) وفى الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع فنظر شجرة تين من بعيد .. جاع الذى يقول عنه الكتاب يفتح كفية فيشبع كل حى من رضاه .
4- غضب (مر3) فنظر حوله إليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم .. وهو الذى يعلمنا ان نكون ودعاء " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب. 
5- تهلل.. ( لو10) وفى تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والارض .. 21" 
6- حزن.. (مت 26) فقال لهم : نفسى حزينة حتى الموت" 38"
7- أحب .. " وقالوا عن لعازر أنظروا كيف كان يحبه (يو11).. وعن التلميذ الآخر الذى كان يسوع يحبه(يو20)
8- بكى.. وبكى يسوع.(يو11) " وفيما هو يقترب نظر الى المدينة وبكى عليها.(لو19) 

هذا هو الذى يدخل أرشليم اليوم راكبا على جحش وتقابله الجموع بزعف النخيل وأغصان الزيتون مهللين فرحين بملك إسرائيل .. ثم بعد أيام قليلة يصرخون لبيلاطس أصلبه أصلبه.. دمه علينا وعلى أولادنا.. وكما يقول الكتاب " الذى لم يشفق على إبنه بل بذله من أجلنا أجمعين . كيف لا يهبنا أيضا معه كل شئ." رو8: 32" 
هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح ولنبتهج فيه. الحجر الذى رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية . 
وكل سنة وأنتم جميعا طيبين لنحتفل مرة أخرى بأحد السعف.
ولإلهنا المجد الدائم. أمين.

سورة البقرة: الآية 126/ عبدالله بدر اسكندر

يرتبط الكدح في الحياة الدنيا بمجموعة من الطرق منها ما يكون أقرب إلى الهدى ومنها ما يلازم العكس وهنالك طرق أخرى تتشعب في الاتجاهات بحيث تصبح مجانبة لكل من الطريقين الرئيسين، وبالتالي يبتعد أصحاب هذه الطرق عن جميع الغايات المقررة في السلوك المماثل للطرق الأولى، وبتعبير آخر نستطيع القول إن حياتهم ستكون في منأى عن الإبداع، وبهذا القدر يفقد هؤلاء الشرعية الأرضية كون الإنسان الذي سار في هذا النهج لم يحصل على مقتضيات السعادة الدنيوية فضلاً عن السعادة الأبدية التي هي مبتغى كل ذي عقل، وبهذا يطمئن إلى ما هو فيه من العيش ثم يلجأ إلى الاستقلال الذي يغنيه عن اتباع الحق سواء علم به أم لم يعلم، وبذلك يكون مصداقاً لقوله تعالى: ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) الأعراف 179.
من هنا يظهر الفرق بين الإنسان الذي يسعى لطلب العاجلة والإنسان الذي يريد العاجلة كذلك إلا أن سعيه لم يكن على سبيل الاستقلال وإنما يأخذ بالأسباب المؤدية إلى طريق الله تعالى، وبهذا يكون الذم قد وقع على الأول حتى لو كان من الذين وهبهم الله تعالى جميع ما يدعون في هذه الدنيا، علماً أن هذا الصنف من الناس لا يعتمد على الأسباب وإن كانت بين يديه، وذلك كون الحكمة الإلهية تقتضي أن تكون هناك مسوغات آنية قابلة للتجزئة التي تستند على الإرادة المحضة دون العطاء الجزافي الذي يتغير نظراً للاعتبارات التي تسير بموجبها القواعد الأساسية للبناء المادي، وإن كان مبتغى الإنسان بل ومبلغه من العلم هو الوصول إلى النتائج المرادة له بغض النظر عن اقتران الغايات بمسبباتها، وقد بين تعالى الغاية التي يطمح إليها هذا الصنف من الناس بقوله عز من قائل: (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا... ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى) النجم 29- 30.
وكما ترى فإن الآية قد بينت للمخاطب علة الإعراض عن هؤلاء وذلك بسبب وقوعهم في الضلال والوقوف عند هذا الحد دون البحث عما هو أرقى من هذا المبلغ الذي لا يريدون الخروج منه، وبهذا تكون الدنيا هي أقصى غاياتهم علماً أنهم لا يملكون الاستقلال المطلق الذي يمكنهم من الحصول على كل شيء كون الإرادة الإلهية هي التي تتحكم في البسط والتقدير حسب المنافع التي يعلمها الله تعالى والتي ذكرها بقوله: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير) الشورى 27. والمعنى ظاهر في منطوق الآية أي لو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض، بما في كلمة البغي من مصاديق متفرعة عن أنواع الفساد، ولهذا السبب قيد تعالى الرزق بالمشيئة الإلهية التي فرعها على المنافع العامة، وقد أشار سبحانه إلى العلة من ذلك في قوله: (كلا إن الإنسان ليطغى... أن رآه استغنى) العلق 6- 7.
فإن قيل: وماذا عن الناس الذين يتمتعون بشتى أنواع الرزق إلا أن أعمالهم لا تنسجم مع المصلحة التي بينتها؟ أقول: للسنن الإلهية سنن أخرى حاكمة عليها إذا علمنا أن هذا الفعل لا يتطابق مع العبثية كون العامل فيه يرد إلى الابتلاء والاختبار لأجل أن تتم الحجة على الناس من خلال ما يسبغ عليهم سبحانه من النعم الظاهرة، وقد ذكر تعالى إحدى هذه السنن بقوله: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) التغابن 15. وبالإضافة إلى هذه السنة هناك سنة أخرى وهي سنة الاستدراج التي تحيق بصنف من الناس، دون أن يشعروا بالنتائج الخافية عليهم جراء ما يملكون من أموال، وقد أشار تعالى إلى هؤلاء بقوله: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) التوبة 55. وكما ترى فإن الأموال لا ترافقهم إلا لأجل مسمى وذلك نظراً إلى سوء اختيارهم ومن هنا وجه تعالى المخاطب إلى عدم مد عينيه إلى ما متع به هؤلاء من النعم، كما في قوله: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) طه 131. وقريب منه الحجر 88. وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد... متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) آل عمران 196- 197.
وتأسيساً على ما تقدم نعلم أن الإرادة الإلهية قد تحول بين الإنسان وبين الحصول على النعم التي يسعى إليها وإن وجدت تلك النعم بطريق أو بآخر فإن مصيرها إلى الهلاك المتفرع عن الاستدراج، وهذا ما يستشف من التقييد الظاهر في قوله تعالى: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا) الإسراء 18. ثم قابل سبحانه هذا الصنف من الناس بأولئك الذين شكر سعيهم وذلك في قوله: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) الإسراء 19. فالآية الأولى قيدها تعالى بقوله: (لمن نريد) أما الثانية فقيدها بقوله: (وهو مؤمن) فتأمل الفرق.
من ذلك نفهم أن نعم الله تعالى لا تقتصر على المؤمن بل تمتد لتشمل الكافر إلا أن ما يتمتع به الأخير لا يعد إلا من المتاع القليل قياساً إلى ما يتمتع به المؤمن في الآخرة، وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله: (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا) النساء 77. وكذا قوله: (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) التوبة 38. وفي الآيتين ما يدل على أن النعم التي أسبغها الله تعالى على الكافر لا قيمة لها وذلك لقصر المدة التي يتمتع بها، ولولا انتشار الكفر وميل ضعيفي الإيمان إليه لوهب الله تعالى للكافر جميع أنواع النعم التي تفيض عن حاجته، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بقوله: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون... ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون... وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين) الزخرف 33- 35. ومن هنا يجب ملاحظة الفرق بين الفريقين حيث إن انتفاع المؤمن بنعم الدنيا لا يقتصر على الاستقلال فيها وإنما يمتد ليتصل بنعيم الآخرة، أما تمتع الكافر فلا يخرج عن حدود الحياة الدنيا إذا علمنا أن الله تعالى سوف يضطره إلى عذاب النار.
وبناء على هذا الوجه نرى كيف أراد إبراهيم (عليه السلام) اقتصار الرزق على المؤمنين من أهل مكة إلا أن الله تعالى أجابه بما هو أعم من ذلك، أي إن عدل الله تعالى سوف يشمل المؤمن والكافر مع بعض التقييد الذي سنبينه في تفسير آية البحث.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) البقرة 126. يظهر من سياق الآية أن إبراهيم خص بدعائه المؤمنين ولكن الله تعالى أجابه بأن رزقه يشمل المؤمن والكافر إلا أن رزق الكافر مقيد بالمدة التي يعيشها في الأرض ولذا وصفه سبحانه بالمتاع القليل، والدليل على اقتصار إبراهيم في دعائه على المؤمنين يرجع إلى أمرين:
الأول: يتعلق بالعلم المسبق الذي يدل عليه قوله تعالى: (قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة 124. والإمامة من مصاديق الرزق المعنوي، ولهذا كان دعاؤه لا يتعدى إلى غير المؤمنين.
الثاني: لا يليق به الدعاء للكافر بأن يوسع الله سبحانه عليه بالرزق، بعد أن تبرأ من عمه عند علمه بكفره وقد بين تعالى هذا الوجه بقوله: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) التوبة 114.
فإن قيل: ما وجه الجمع بين قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) إبراهيم 35. الذي ورد فيه البلد بصيغة المعرفة وبين آية البحث التي نكر تعالى فيها البلد؟ أقول: الدعاء الوارد في آية البحث كان قبل السكن أما في آية سورة إبراهيم فكان بعد السكن، فتأمل ذلك بلطف.  

من كتابي: السلطان في تفسير القرآن