سنسمه على الخرطوم/ عبدالله بدر السلطان

لا يمكن تصديق الذين يدعون علم الغيب والقدرة على التنبؤ بأحداث المستقبل وإن طابق كلامهم الواقع أحياناً، وذلك لأن الله تعالى نفى العلم بالغيب عن جميع المخلوقات، كما ذكر هذا الأمر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، كقوله جل شأنه: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) النمل 65. وقوله: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر) الأنعام 59. فهذه الآيات وغيرها تثبت أن علم الغيب من اختصاصه تعالى ولا يمكن الوصول إليه من قبل مخلوقاته إلا على سبيل التبعية التي تكون بتعليم منه لرسله في الأمور التي تهم الرسالة، كما أشار إلى ذلك بقوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً... إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً... ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً) الجن 26- 28.

والآية صريحة بأن الرسل الذين يرتضيهم الله تعالى قد يمكنهم من معرفة بعض المغيبات وبسرية تامة كما هو ظاهر من قوله: "فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً" وهذا يدل على أهمية البلاغ المودع لدى الرسل وما يظهره لهم فهذا على سبيل التبعية كما هو الحال في التوفي الذي هو من اختصاصه تعالى إلا أن هناك بعض الآيات تشير إلى الاستثناء المتحقق في الخارج، فقوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) الزمر 42. يدل على حصر التوفي به تعالى، أما قوله: (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) الأنعام 61. وقوله: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) السجدة 11. فههنا أراد تعالى التبعية التي يكون فيها ملك الموت أو غيره من الملائكة وسائط تعمل بأمره فهم لا يملكون المعرفة اللازمة للتوفي سوى تطبيقهم للأوامر الملقاة إليهم.

وهذا المثال الذي ضربته بآيات التوفي أشبه بعلم الغيب الذي يرتضيه الله تعالى لبعض رسله، كما هو الحال في نقل القدرة إلى بعضهم كما حصل مع عيسى وإبراهيم (عليهما السلام) أما المغيبات التي رويت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فالهدف منها إثبات صحة الرسالة لا غير، وقد صرح النبي في مواقف كثيرة عن الأمور التي ستحدث في المستقبل كما في قوله يأتي زمان على الناس، أو يأتي زمان على أمتي، أو قوله لأم سلمة "أنت على خير" وغيرها من أقواله التي كان لها تحقيق في الخارج كقوله لفاطمة "أنت أول أهل بيتي لحوقاً بي" وقد تحقق ذلك بالفعل.

إضافة إلى ماذكره الرسول من زوال بعض الدول والممالك وكذلك تعيينه لمن يقتل من أكابر قريش في معركة بدر، حتى وصل الأمر إلى تبيينه مواضع قتلهم، فلم يجاوز أحدهم الموضع الذي عين له، وهذا العلم الغيبي لا يمكن أن يظهر للنبي إلا بتعليم من الله تعالى لأن صدق الرسول دليل على صدق الرسالة. فعندما يحدثنا القرآن الكريم عن المغيبات التي ستصبح مشاهدة في يوم ما فهذا يدل على صدق الكتاب وصدق من أنزل عليه، ولذلك نجد الكثير من الآيات القرآنية قد تحدثت عن المستقبل بكل جوانبه سواء المستقبل القريب أو المتوسط أو البعيد، وعند التحقق من وقوع ما أخبر به القرآن الكريم فلا بد من نفي الريب والشك الذي يختلج في نفوس من يريد النيل من كتاب الله تعالى، وخير مثال على ذلك تلك المعركة التي وقعت بين الروم والفرس، والتي انتصر فيها الفرس على الروم كما جاء ذلك في قوله تعالى: (غلبت الروم... في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون... في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون) الروم 2- 4.

وكما قال المفسرون: فقد غلبت فارس الروم وظهروا عليهم على عهد النبي وفرح بذلك كفار قريش، لأن أهل فارس لم يكونوا أهل كتاب وساء ذلك المسلمين وكان بيت المقدس لأهل الروم كالكعبة للمسلمين فدفعتهم فارس عنه، وقوله: "في أدنى الأرض" أي أدنى الأرض من أرض العرب، ولهذا لا يعتد برأي من قال إن العلم الحديث اكتشف أن الأرض التي وقعت فيها المعركة هي أدنى أرض قياساً للكرة الأرضية، وذلك لأن اللام في "الأرض" للعهد وليس للاستغراق. وهذه الآية من الآيات الدالة على أن القرآن الكريم من عند الله تعالى لأن فيه أنباء ما سيكون، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى، لذلك عقب بقوله: "لله الأمر من قبل ومن بعد" ولما ظهر صدق القرآن وغلبت الروم فارس في غضون بضع سنين، دل هذا على صدق الرسالة وصدق من جاء بها لأن المشركين هم الفئة الممتنعة من التصديق، أما أصحاب النبي فهم على يقين من صدق القرآن الكريم، ولذلك عندما ذكر هذا الأمر لأبي بكر فإنه قامرهم بغلبة الروم وفي بعض الروايات إنه قامرهم فقمرهم وكان القمار بإشارة من رسول الله ومن ذهب إلى هذا الرأي قال إن ذلك كان قبل تحريم القمار، لأن تحريم القمار جاء مع تحريم الخمر في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) المائدة 90.

أقول: لا يمكن أن يكون تحريم الخمر والقمار في سورة المائدة وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم ولكن الخمر والقمار حرمت في بداية البعثة وذلك في قوله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي) الأعراف 33. وسورة الأعراف من السور التي نزلت في بداية البعثة، ولا يمكن أن نقول إن النبي لا يعلم أن الخمر والميسر من الإثم، وقد بين القرآن ذلك فيما بعد بقوله تعالى: (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) البقرة 219. وأنت خبير بأن الأعراف حرمت ظاهر الفواحش وباطنها إضافة إلى الإثم الذي من مصاديقه الخمر والقمار فتأمل.

فتبين بما مر أن القرآن الكريم قد مزق حاجز المستقبل وأثبت صدقه لكل من حضر الغلبة التي تحققت للروم، وهذا يدل على صدق كل ما قص القرآن من قصص الأنبياء والأمم السالفة لأن من يمزق حاجز المستقبل أولى به أن يمزق حاجز الماضي على تعبيرنا، وهناك أمثلة كثيرة أخرى ظهر فيها صدق القرآن من بينها ما حدث للمسلمين من نصر في معركة بدر على الرغم من ضعفهم وقلة عددهم وهذا ظاهر من "سين الاستقبال" في قوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) القمر 45. وهذه الآية من ملاحم القرآن العظيمة، ولو لم يتحقق النصر للمسلمين آنذاك لطعن المشركون وغيرهم في صدق الرسالة، وأكثر من هذا فقد بين الله تعالى أن الوليد بن المغيرة سيضرب على أنفه وتكون فيه سمة ظاهرة كما في قوله: (سنسمه على الخرطوم) القلم 16. والآية أظهر ما يكون في تمزيق حجب الغيب وفيها مباحث:

المبحث الأول: سبب نزول الآية كما بينت أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وذلك قبل الحدث المشار إليه فيها. وقد تحقق ذلك بالفعل وضرب الوليد على أنفه وأصبح ذو علامة فارقة وهذا هو المقصود من قوله: "سنسمه على الخرطوم".

المبحث الثاني: في لفظ الخرطوم بدلاً من الأنف استهانة ظاهرة لأنه لا يكون إلا في الفيل والخنزير، فالتعبير بهذا اللفظ يدل على الإذلال وذهب آخرون إلى أن هذا سيحصل في الآخرة.

المبحث الثالث: قال الفراء: وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنه في معنى الوجه، لأن بعض الشيء يعبر به عن الكل، وقال الطبري: نبين أمره تبياناً واضحاً حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم، وقيل: المعنى سنلحق به عاراً حتى يكون كمن وسم على أنفه لأن السمة لا يمحى أثرها، كما قال جرير:

لما وضعت على الفرزدق ميسمي... وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل

وقيل: المعنى سنحده على شرب الخمر والخرطوم يعني الخمر وجمعه خراطيم كما قال الشاعر:

تظل يومك في لهو وفي طرب... وأنت بالليل شراب الخراطيم 

وكل هذا الذي ذكروه وجوهاً لتفسير الآية والصواب ما قدمنا. فإن قيل: عند تشبيه القرآن الكريم بعض الصفات السلبية لدى الناس ببعض صفات الحيوانات ألا يعتبر هذا إهانة للحيوانات؟ أقول: إن الصفات التي تكون في الحيوانات هي صفات مكملة لها وطبيعة فطرية راسخة فيها، أما في الإنسان فقد تكون نقصاً لأن المشبه لا يستلزم الأخذ بمراتب المشبه به، ألم تر إلى الذي يضل الطريق ينادى "بالأعمى" ويعتبر ذلك من النقص أما في حالة ضلال الأعمى الحقيقي للطريق فلا يعتبر ذلك من النقص وهذا يجري في جميع المراحل السلبية التي تستعمل في التشبيه. 

فقوله تعالى: (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) لقمان 19. ليس فيه إهانة للحمير لأن صوتها كمال للمهمة التي خلقت من أجلها، أما ارتفاع صوت الإنسان فذلك يعتبر من النقص ولهذا السبب كان التشبيه، وخير دليل على ذلك قوله تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين) الجمعة 5. ففي هذه الآية الكريمة قد شبه تعالى الذين حملوا التوراة ولم يعملوا بها بالحمار الذي يحمل الكتب وهو لا يدري ما بداخلها وليس من العقل أن نكلف الحمار بتلك المهمة، ولكن النقص في من ضرب لهم المثل، وإلا كيف يصف تعالى الحمير بأنها زينة في قوله: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) النحل 8.      

هل دم شهداء الأقباط سيحرر الوطن؟/ نسيم عبيد عوض

شاء لى الزمن ان أعيش لأرى وأسمع وأشاهد دم الأقباط يسيل على أرض بلدهم مصر بشكل يومى ‘ ففى خلال الخمسين سنة الأخيرة ‘ والشعب القبطى يسطر صفحات جديدة فى كتاب السنكسار - وهو كتاب تاريخ الشهداء الأقباط فى كنيستنا -  ‘ وبصور عديدة للإستشهاد ‘ فهناك المذابح الدموية ‘ وقتل الأقباط فى شوارع مصر كلها وبسحلهم وسبي وتعرية نسائهم ‘ تدمير ممتلكاتهم من بيوت ومحلات وعربات ومشاريع تجارية وحرقها ‘ التهجير القصرى  للأقباط من بيوتهم الى خارج بلادهم ‘ تدمير وتفجير كنائسهم وأديرتهم ‘ الخطف اليومى للبنات الأقباط وإغتصابهم لتغيير ديانتهم بالقهر والتعذيب ‘وغيره الكثير الكثير من السبي والسلب للأقباط ‘ وهذه السنوات الماضية ملثمة بالدم الأحمر الكريم ‘ وتكاد مصر اليوم أن تشابه ماحدث للشعب الأرمنى فى تركيا ‘ والذى يتذكره العالم الآن بعد القضاء على مايقرب 2 مليون أرمنى وطردهم من بلادهم ‘ ولكن الشعب القبطى ولأنه شعب متميز فى إيمانه المسيحى باقى على أرض أجداده حتى اليوم ‘ وسيظل حسب إيماننا حتى المجيئ الثانى للرب يسوع المسيح.

لقد إهتزت مصر والعالم بمذبحة المنيا التى حدثت الجمعة الماضى – 26 مايو 2017- والتى قتل فيها شعب آمن ذاهب الى دير ليعيش يوم روحى ويعود سالما الى كنيسته ‘ وهذا مايحدث دائما للأقباط فى أيام العطلات الأسبوعية ‘ فيخرج عليهم إرهابيون مسلمون جبناء  ‘ وبدم بارد وبكل وحشية يقتلون مايقرب من 30 مسيحى رفضوا تغيير أو إنكار مسيحهم ‘ ويعيش ملايين الأقباط فى مصر وفى كل العالم فى ملابس السواد ‘ والدموع والأسى والغم والغيظ داخل كل بيوتنا منذ ذلك اليوم وحتى الآن ‘ ووقف العالم على هذه المذبحة ولم يقعد حتى الآن ‘ ولكن هل ستتوقف مذابح الأقباط فى مصر؟ ‘ ستستمر طالما إستمرت أيدولجية العقيدة الإسلامية موجودة ‘ وهي أقوى ماتكون فى مصر بالذات ‘ ولعل من أعظم ماكتب فى هذا الموضوع مقال كتبه الأستاذ أحمد صبحى صالح فى صفحة أهل القرآن الجمعة الماضى بعنوان " سيستمر ذبح الأقباط طالما هناك مستفيدين من ذبح الأقباط" والذى ذكر فيه بحصر كامل حوادث قتل الأقباط بشكل دقيق ‘ وماكتبه فى هذا المقال كتبته أنا عنه العديد من المقالات والأبحاث طوال فترة تحريرى لمجلة الأقباط من 1990 الى عام 2003 وقت رئاسة الدكتور شوقى كراس للهيئة القبطية الأمريكية ‘ وكانت هذه المجلة هى المتنفس الوحيد للأقٌباط  فى مصر والعالم كله‘ وبعد ذلك فى مجلات الأقباط المتدحدين ‘ الأقباط الأحرار ‘ والحوار المتمدن وحتى توقفت عن الكتابة فى هذه السياسات عام 2013 وحتى اليوم.

الدولة ومذابح الأقباط:

لقد شاهدت بنفسى بداية تحول قيادة الدولة من شبه السلام الذى كان مابين المسلمين والمسيحيين فى حكم عبد الناصر وبطريركية الأنبا كيرلس السادس ‘ إلى عنصرية الحكم وإضطهاد والتحريض على التمييز والقتل ‘ وعلى يد الرئيس السادات الذى بدأ حكمه بأنه رئيس مسلم لدولة مسلمة ‘ هكذا علانية ‘ ووضع خميرة إضطهاد الأقباط فى نفوس المسلمين والتى إستمرت حتى اليوم ‘وسطر التاريخ الأحداث الآتية:

1- " حادثة الخانكة 1972" والتى كانت بداية النار فى الهشيم ‘ وخرج فيها المسلمين علانية وفى وضح النهار ليحرقوا جمعية الكتاب المقدس بالخانكة  ‘ ولم يفعل الأقباط ردا على ذلك إلا بخروج تجمع كهنة مصر لمسيرة فى شوارع القاهرة من الخانكة الى كاتدرائية العباسية ‘ حيث ينتظرها قداسة البابا شنودة والذى كان يقف وسطنا بجلابية سوداء وعصاه فى يده ‘ وإنتهى اليوم بتجمع شعبى بمشاركة مثقفى  المسلمين فى قاعة الكاتدرائية ‘ وكانت هذا بداية كشف حقيقة أنور السادات تجاه المسيحين ‘ وقد أعلن فى مؤتمر لاهور الإسلامى ‘ بوعده للتجمع "أنه سيحول أقباط مصر الى ماسحي أحذية" ‘ وفى ظل هذا السياسة للرئيس المسلم ‘ أن فك قيود الإخوان المسلمين ‘ والمتطرفين المسلمين ليجولوا قتلا وحرقا لمسيحى مصر‘ وأذكر على سبيل المثال ‘ حرق كنيسة الملاك بأسيوط وتكسير محلات المسيحيين عام 1975‘ قتل الطلبة المسيحيين بالخناجر فى المدينة الجامعية بأسيوط 1978‘ وتكرر ذبح الطلبة المسيحيين فى المدينة الجامعية بالأسكندرية 1980 ‘ وإنتهى حكم السادات بأكبر مذبحة قام هو ووزير الداخليه النبوى إسماعيل بالإشراف عليها بذبح 86 مسيحى بكنيسة مار جرجس بالزاوية الحمراء ‘ وفى بيوت المسيحيين وحرق مئات المنازل والمحلات تحت حماية الأمن المركزى الذى حوط المنطقة بالكامل حتى إنتهت المذبحة‘ وجاءت عاقبة السادات على أيدى هذه الجماعات الإسلامية بقتلة فى وسط القوات المسلحة.

2- سيذكر التاريخ القبطى الحديث أن عصر الرئيس مبارك كان عصر سفك دماء الأقباط ومسيحى مصر ‘ منذ أول يوم فى حكمة – 1981 -  حتى ساهم الأقباط فى رحيلة عن الحكم عام 2011 ‘ وقد إتسم حكم مبارك بعملية تسمى الموازنة بين المتطرفين والسلفيين والإخوان المسلمين ‘ وكان الأقباط هم ضحية هذا التوازن ‘ فكانت المذابح والتدمير والحرق والتهجير فى عصره بشكل وكأنه سحق للأقباط فى بلدهم مصر ‘ وإذا رجعنا الى هذه الأحداث المتميزة سنجد :

أ- لقد كان نصيب بلاد الصعيد – والتى يتمركز فيها غالبية الأقباط والمسيحيين فى مصر – وبشكل منظم وتحت إشراف وزير داخليته العادلى ‘ لسفك دماء الأقباط على كل شوارع بلاد الصعيد ‘ ولم تخلوا بلدة أو قرية واحدة من ذبح الأقباط فى عصر مبارك ‘ ولو رجعنا للتاريخ المسجل سنجد أن محافظة المنيا بالذات – تعداد الأقباط فيها حوالى 3 مليون مسيحى وأكبر تجمع للكنائس فى مصر -  تتعرض لسفك دماء المسيحيين يوميا ‘ وأكبر حرق وتدمير الكنائس على أرض مصر ‘ وأكبر عددا فى خطف البنات والسيدات وأسلمتهم على أيدى السلفيين فيها ‘ وقد إشتهرت المنيا بأن المعين فيها محافظا من المشهورين بتطرفهم الدينى ‘ وبالتالى التغاضى عن مايحدث للأقباط ولكنائسهم ‘ والمحافظة التالية هى أسيوط فى كل بلادها شعبا وكنيسة تتعرض يوميا للإضطهاد العلنى وسفك دماء المسيحيين ‘ ولم تخلوا قرية أو نجع فيها من تغذية ترابها بدماء المسيحيين‘ ثم محافظات بنى سويف وسوهاج وقنا وأسوان وقبلها الجيزة وفى بلاد بحرى الشرقية والغربية وعلى رأسها الأسكندرية التى تتمركز فيها السلفية الوهابية بكل وجوهها المعلنة والخفية. 

ب- مذابح مشهورة للمذابح العلنية للأقباط على سبيل المثال وليس الحصر ‘ مثل مذبحة وقتل 13 مسيحيا فى قرية المنشية باسيوط 1992‘ ذبح 14 مسيحيا فى ديروط – اسيوط فى نفس العام ‘ الهجوم المسلح على دير العذراء بالمحرق وقتل 5 رهبان 1994‘ قتل 13 قبطيا فى بهجورة بمركز نجع حمادى 1997‘ وفى نفس العام مذبحة اخرى فى عزبة داود ‘ مذبحة الكشح الاولى بسوهاج 1998 ‘ والثانية فى اول الألفية الثالثة بقتل 19 قبطيا عام 2000وحرق منازل الأقباط فيها ‘  وانتهى حكم مبارك بمذبحة كنيسة القديسين بالأسكندرية ليلة رأس السنة 2011‘ والتى قتل فيها أكثر من 23 قبطيا ‘ ولم يقبض على القتلة حتى اليوم .

ج- دماء شهداء الأقباط سببا فى ثورة25 يناير 2011: 1- مظاهرة الأقباط فى العمرانية ضد قرار هدم كنيسةالعذراء فيها 2010 وراح ضحيتها شاب عمرة 17 سنة وأصيب العشرات وقبض على 170  قبطيا فى هذه الاحداث ‘2- والمظاهرات القبطية امام محافظة الجيزة ‘والمظاهرات فى روض الفرج طوال ال 24 يوما بعد حادث مذبحة القديسين حتى اسقط حكم مبارك بعد 30 عاما تتشح بدماء ذكية للشعب القبطى ‘ 3- هدم وإحراق كنيسة أطفيح المشهورةعام 2011 ‘ وحرق كنيسة أسوان تحت حماية رجال الأمن ومحافظها.

د- دماء شهداء الأقباط سببا فى ثورة 30 يونية 2013: وكانت مذبحة ماسبيروا فى 9 اكتوبر التى وقعت تحت سيطرةالمجلس العسكرى برئاسة طنطاوى وقيادة قائد الشرطةالعسكرية وقتل فيها  24 واصابة أكثر من 300 بمعرفة القوات المسلحة المصرية وبتحريض تلفزيون الدولة‘ كان السبب الأول لخروج الملايين من الأقباط فى كل أنحاء مصر لمساندة إسقاط حكم الإخوان المسلمين ‘ وتنصيب الرئيس السيسى رئيسا للبلاد ‘ وقد كان إشتراك بطريرك الأقباط فى مجلس إسقاط الحكم ‘ تميزا ‘ وقد كانت نتيجته حرق وتدمير 79 كنيسة ومؤسسة مسيحية فى محافظات المنيا واسيوط والفيوم والجيزة ‘ والمذابح المستمرة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم .

القضاء على الهيئة القبطية الأمريكية :

كانت الهيئة القبطية الأمريكية برئاسة الدكتور شوقى كراس وحتى عام 2003 تاريخ رحيلة للسماء ‘ هى قائدة العمل الوطنى والصوت الوحيد للمطالبة بحقوق الأقباط ‘ ولم يكن أحد غيرها فى مصر والعالم يتكلم عن حقوق الأقباط فى مصر ‘  وكان تعمل معها الهيئات فى كندا وإستراليا والهيئات فى أوروبا ‘ وخمسين هيئة فى الولايات المتحدة الأمريكية ‘ وظلت الدولة والمخابرات المصرية تحاول بشتى الطرق إسقاط الهيئة القبطية الأمريكية ومقرها جيرسى سيتى ‘ بإعتبارها القوة الرئيسية فى الدفاع عن الأقباط ‘ وكان شعارنا فى العمل قول الرب للمعتدى عليه " لماذا تلطمنى ؟" ولم تتمكن من هذا إلا بوفاة الدكتور شوقى كراس ‘ ففى يوم 10 أكتوبر 2003 وجسده مسجى فى الكنيسة إسقطت الهيئة القبطية الأمريكية الى غير رجعة‘ ونجحوا فى إبطال مفعولها ‘ ووجدنا الصراعات تقتل العمل الوطنى ‘ ونجحوا فى إستقطاب أعضاء  الهيئة للمشاركة فى حفل رئيس الإخوان المسلمين فى نيويورك ‘ وإستقبال الدولة لروساء الهيئة وتكريمهم فى مصر ‘ بل أن الهيئة تكرم القنصل المصرى فى نيويورك ‘ وتقوم بالمظاهرات لتدعيم بقاؤه فى منصبه وتقوم فى تجميع الأصوات وترسلها لوزارة الخارجية المصرية ‘ بدلا من الدفاع عن حقوق الأقباط فى مصر ‘ وهكذا ماتت الهيئة القبطية قائدة العمل الوطنى وماتت معها كل الهيئات القبطية فى المهجر‘ والتى أيضا إستقطبتها الدولة ‘ فلم يعد نسمع عنها أى صوت ‘ وإنتهت الهيئة الى عدد لا يتجاوز عدد الأصابع ‘ برئاسة شخص غير مرغوب فيه من الشعب القبطى ‘ وكتبت شهادة وفاة للعمل القبطى خارج مصر ‘ ووقعت الدولة وختمت بالوفاة والسبب هو توقف نبض قلب العمل القبطى.

هل دم شهداء الأقباط سيحرر الوطن ؟

وهذا هو المتوقع ‘ فبعد سقوط شهداء الكنائس فى القاهرة والأسكندية وطنطا ودماء شهداء المنيا ‘ وجدنا الدولة تستشعر الخطر ‘فبسقوط الأقباط ستسقط مصر كلها ‘  ووجدنا الرئيس السيسى يطالب الرئيس الأميركى بالمساعدة فى القضاء على الإرهاب ‘ وتقوم القوات المسلحة بحرب علنية على قوات الإرهاب فى ليبيا ‘ وستشهد الأيام القادمة حرب ضروس على الدول التى تساعد فى نشر الإرهاب الإسلامى فى العالم ‘ وسيكتب التاريخ ماقبل شهداء مصر ومابعده ‘ ونسأل إلهنا ان يكون دماء شهداؤه سببا فى تحرير الوطن والعالم من الإرهاب.

ما السر وراء ارتداء زوجة ترامب ملابس سوداء وغطاء رأس في الفاتيكان؟

بي بي سي ـ 
لفتت ميلانيا ترامب، الأنظار بشدة لدى وصولها إلى الفاتيكان رفقة زوجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرتدية فستانا طويلا أسود اللون يغطي ذراعيها وما تحت الركبة، كما ارتدت غطاء رأس (حجاب) أسود اللون أيضا.
ولم تمر إطلالة ميلانيا وملابسها وشكلها، ولا سيما غطاء رأسها، بدون ملاحظة هؤلاء الذين تجاهلوا السيدة الأولى خلال أولى جولات زوجها الخارجية منذ توليه الرئاسة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وقد كتب جون سوبيل، محرر شؤون أمريكا الشمالية في بي بي سي، على موقع تويتر قائلا: "نقطة صغيرة مثيرة للاهتمام، ميلانيا ترامب ترتدي حجابا أثناء لقاء بابا الفاتيكان (فرانسيس)، لكنها لم تفعل هذا عندما كانت في السعودية".
لكن مراسل بي بي سي في روما ديفيد ويلي، لم يفاجئه ما فعلته السيدة الأولى. فالفاتيكان ينتهج بروتوكولا ومراسم صارمة أثناء لقاء البابا، والبيت الأبيض كان على علم بهذا البروتوكول واتبع هذه المراسم.
ويوضح الموقع الرسمي للفاتيكان بعض القواعد المعمول بها ومنها، ضرورة ارتداء من يلتقي البابا فستانا بسيطا يغطي الأكتاف، خاصة إذا كان اللقاء داخل أروقة الفاتيكان.
وأوضح ويلي أن "الأمر تحول من مانتيلا، وهي طرحة داكنة من الدانتيل ترتدى في إسبانيا، إلى حجاب أسود فقط"، وأضاف "عندما زارت ملكة بريطانيا البابا وهي في سن صغيرة، عام 1980، وضعت غطاء رأس كان يشبه ما ترتديه أميرات أسبانيا".
الملكة
عادة ما يفضل زعماء الدول ومرافقيهم ارتداء الملابس السوداء عند لقاء البابا، لكن هناك استثناء، إذ يسمح للملكة الكاثوليكية بارتداء الملابس البيضاء.
وقد التزم جميع رؤساء أمريكا السابقين بهذه القواعد الصارمة في الفاتيكان، بمن فيهم زوجة الرئيس الأمريكي السابق ميشيل أوباما التي ارتدت حجابا في لقاء البابا بنديكت السادس عشر، عام 2009، وكذلك فعلت لورا بوش وهيلاري كلينتون.
لكن هل هناك من اخترق هذه القاعدة ولم يلتزم بها؟ بالطبع كان هناك من رفضن.
وأثيرت ضجة كبيرة بسبب شيري بلير، زوجة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، عندما قابلت البابا مرتدية ملابس بيضاء، عام 2006، وفي أبريل/ نيسان العام الحالي رفضت كاميلا، زوجة ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، ارتداء الملابس السوداء وظهرت في لباس أصفر شاحبة اللون وبدون غطاء رأس.
وعقب ناطق باسم الفاتيكان في حديث مع صحيفة الديلي تليغراف قائلا إن"الأمور أصبحت أقل حدة خلال الأعوام القليلة الماضية، ولا توجد قواعد صارمة وسريعة".
ورغم هذا التخفيف للقيود، إلا أن ميلانيا ترامب التزمت بشكل كامل بهذا التقليد.
وربما يعود هذا لأنها من الروم الكاثوليك، وهو ما يتضح من طلبها أن يبارك البابا فرانسيس مسبحتها الوردية أثناء الزيارة.
ومن اللافت أيضا أن إيفانكا، ابنة الرئيس ترامب، ليست كاثوليكية وقد تحولت إلى الديانة اليهودية ورفضت أيضا ارتداء الحجاب في السعودية، ومع هذا وضعت غطاء على رأسها في الفاتيكان.
وأبدى مراسل بي بي سي في روما ديفيد ويلي إعجابه بالملابس التي ظهرت بها زوجة الرئيس.
"بالنسبة لما رأيته كانت ملابس ميلانيا رائعة. كانت الملابس أنيقة ومناسبة للحدث تماما".
ولكن ما سر هذا التغير في الفاتيكان مقارنة بما حدث السعودية؟
رسميا لا يُطلب من الشخصيات النسائية الرفيعة اللاتي يزرن المملكة ارتداء الحجاب، لكنه أمر ملزم فقط للنساء السعوديات.
وأكثر من ذلك، لم يتحدث السعوديون مع البيت الأبيض حول ملابس زوجة الرئيس وما يجب أن ترتديه، بينما طلب الفاتيكان أن تضع غطاء الرأس وتلتزم ببروتوكول الملابس، بحسب ما قالته مديرة الاتصال الخاصة بها ستيفاني غريشام لشبكة سي إن إن.

التفاضل بين القرآن وشهر رمضان/ عبدالله بدر اسكندر

الحكمة من إرسال الأنبياء وإنزال الكتب الإلهية تتلخص في هداية الناس إلى الصراط المستقيم، وقد بين سبحانه هذا المعنى في قوله: (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل... من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام) آل عمران 3- 4. فمن هذا الوجه يكون القرآن هدى لجميع الناس، أما التخصيص الذي لحق بالمتقين دون غيرهم في قوله تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) البقرة 2. فهو لأجل الانتفاع الحاصل بسببه وأنت خبير بأن المتقين هم أول من حظي بالهدى وإلا فالهداية بصورتها الواسعة لا تقتصر عليهم، وهذا ما سيظهر في آية البحث المخصصة لشهر رمضان، وكما ترى فقد جانب بعض العلماء الحق في قولهم إن رمضان هو اسم من أسماء الله تعالى ومن هنا كانت النسبة، فقولنا شهر رمضان أي شهر الله، ومن ذهب إلى ذلك قال إن النبي (ص) نهى عن تجريد رمضان من الشهر فلا يصح القول رمضان بل من الضروري الجمع بين اللفظين وذلك لأجل التمييز في النسبة المقدرة لهذا المعنى الإضافي، والحقيقة أن هؤلاء الناس الذين ذهبوا إلى هذا الرأي لا تستقيم دعواهم لأنها بعيدة كل البعد عن الأغراض التي يمكن من خلالها التعرف على المبادئ المقدسة لهذا الشهر دون أن تكون هناك كلفة في تقرير الرابط بين أسماء الحق سبحانه وبين الشهر المبارك، وعند تأمل هذا الطرح نجد أن لأصحابه مجموعة من الأهداف التي انتقلت إليهم عن طريق الإسرائيليات، ولا يخفى بأن الأمر إذا كان انبعاثه عن هذا الطريق فمن الطبيعي أن تبان الأسباب ومن هنا نرى أن أتباع هذا الاعتقاد أصبحوا كالأداة المسيرة في إضفاء الشرعية للمصطلح وتركيباته دون وجه حق، ولو تأملت أكثر لوجدت أن الأسياد الذين كان همهم الحفاظ على ترسيخ المصطلح وجعله اسماً من أسماء الله تعالى لا هم لهم سوى النيل من القرآن الكريم، ولهذا تجد هذا الصنف من الناس يعمل جهده لأجل إيجاد مبرراً للتفريق بين قدسية القرآن الكريم وبين الشهر الفضيل، باعتبار أن الاسم إذا نسب إلى الله تعالى وأصبح من الأسماء الحسنى فبطبيعة الحال سوف توجه الأنظار إلى السبب المباشر في تشريع الصيام دون الملاك المراد من السبب الأرجح الذي يحاولون جاهدين إبعاد الناس عن التعرف عليه والمتمثل بإنزال القرآن الكريم، لأن الله تعالى لم يفرض الصيام في هذا الشهر إلا بسبب هذا الإنزال وأهميته، فشهر رمضان يستمد شرفه وفضله من القرآن الكريم وليس العكس فتأمل.
فإن قيل: ما هو وجه التلازم بين شهر رمضان وبين القرآن الكريم؟ أقول: العلاقة التلازمية بين الشهر الفضيل وبين القرآن الكريم ترد إلى الظهور التام الذي يتوسط في إزالة الحجب عن الكون، وذلك بسبب الآيات الدالة على الربوبية والتي لها دور في إزالة الغطاء الذي يستر الوجود إذا ما كان لها تعاضد مع ما يشير إلى بيانها من خلال الآيات القرآنية، وهذا الأمر يتناسب طردياً مع تشريع الصيام في هذا الشهر وذلك لأن النفس لها علائق لا يمكن إزالتها إلا عن طريق الصيام ومن هنا كانت الملازمة، واعلم أن لو اعتمدنا هذه المقدمة نكون قد ربطنا الإنزال بالصيام دون أن يكون هناك ما يفرق بين الاثنين، إلا أن هذا التوافق قد يكون بعيداً عن الحقائق العلمية والتأريخية إذا ظهر أن القرآن الكريم الذي بين أيدينا لم ينزل في هذا الشهر، ومن أراد إثبات ذلك أخذ برأي الجمهور القاضي بعدم الإنزال الكامل لأن هذا لا يمكن التحقق منه وإنما المراد هو إنزال بعض منه في أول البعثة وبعض القرآن يسمى قرآناً كما أن بعض الكتاب يسمى كتاباً وبهذا يظهر الفرق.
وقد يلاحظ على هذا الاعتقاد أن آيات الدفعة لا تساعد على استقامته، كقوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) القدر 1. وكذا قوله: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) الدخان 3. بالإضافة إلى قوله تعالى في آية البحث: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرأن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة 185. وربما يجيب المعترضون بأن القرآن أنزل في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ثم نزل إلى الأرض نجوماً حسب ما يحتاج إليه الناس كما هو الحال في أسباب النزول، واعلم أن لو كان الأمر كذلك لانتفى الهدى من القرآن الكريم وذلك لعدم اقتضاء الداعي، أي إن وجوده في السماء الدنيا لا يمكن أن يفهم منه اشتماله على الأسباب التي نزل بموجبها قبل أن تحدث، كما في قوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) الأنفال 66. وكذا قوله: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) هود 112. وقوله: (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) التوبة 7. بالإضافة إلى الناسخ والمنسوخ وكذا الآيات النازلة لأسباب آنية وهلم جراً.
وبناءً على ما تقدم يتضح أن هذه الآيات لا يمكن اجتماعها في سماء الدنيا دون أن تكون هناك فائدة ترجى منها، وهناك أمراً أكثر أهمية وهو أن الروايات المعتبرة لدى الفريقين تنص على أن القرآن الكريم قد أنزل في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب وهو يوم بعثة النبي (ص) وأول ما نزل في هذا اليوم قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق 1. ثم أنزل الله تعالى سورة المدثر التي بينها وبين شهر رمضان أكثر من ثلاثين يوماً ثم إن الإنزال الذي يتمسك به القوم لا يتناسب مع الإنزال التدريجي، وقد عرفت من آيتي سورة القدر وسورة الدخان ما يبطل ذلك، وعند البحث في متفرقات القرآن الكريم نجد أن الإشارة ظاهرة إلى إنزال الكتاب دفعة واحدة دون أن يكون هناك لبساً في الأمر، كما هو الحال في آية البحث، وفي حال الجمع بين المتفرقات آنفة الذكر وبين الروايات المعتبرة يظهر أن للقرآن الكريم نزولاً آخر لا يتطابق مع النزول التدريجي أو النزول إلى السماء الدنيا الذي تتنازع فيه الأفكار المتناقضة وتذهب بمعانيه وتبيان جمله كل مذهب، فالإنزال الحقيقي الذي تطمئن إليه النفس هو الإنزال الخالص الذي لا تشوبه الأفعال المادية ولا تختلف فيه الألسن وهذا هو المشار إليه بقوله تعالى: (إنه لقرآن كريم... في كتاب مكنون... لا يمسه إلا المطهرون... تنزيل من رب العالمين) الواقعة 77- 80. 
من هنا نفهم أن آيات سورة الواقعة تشير إلى الإنزال المجمل الذي ألقي في روع النبي (ص) وهذا ما حصل في شهر رمضان، وإن شئت فقل هذا ما أضفى القدسية على شهر رمضان، وذلك بسبب إنزال المعارف الكلية على رسول الله (ص) دفعة واحدة دون الألفاظ التي بين أيدينا والمعرضة للمس من قبل الناس جميعاً، وعند الجمع بين تلك المعارف وبين القرآن الكريم الذي أنزل على شكل نجوم يظهر أنها كانت معلومة للنبي (ص) قبل تفصيلها كما تشير إلى ذلك الآيات الواردة بهذا المعنى، كقوله تعالى: (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) هود 1. وكذا قوله: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) النحل 44. وهذا ظاهر في التعبير المشار إليه بالإنزال الخاص بالنبي (ص) والتنزيل الذي يراد منه عامة الناس، أما من يذهب إلى أن القرآن الكريم قد نزل بصورته الحالية جملة واحدة فهذا الرأي لا يمكن أن نركن إليه وذلك لأن موارد نزول الآيات ترده بسبب الوقائع والحوادث التي لها ارتباط خاص بالزمان والمكان إضافة إلى آيات الأحكام التدريجية كما مر عليك من خلال البحث، وكما ترى فإن هذا الأمر لا يمكن أن يجتمع في زمان واحد، وأهم من هذا تلك الأسئلة التي كانت توجه للنبي (ص) ولا يجيب عنها إلا حين يرفده الوحي، كل هذا يدل على عدم نزول القرآن الكريم بنفس الطريقة التدريجية.
وبهذا يتضح أن الإنزال الإجمالي كان على صفة أخرى بعيدة عن الألفاظ التي يفهمها عامة الناس بواسطة اللغة، ولذلك فإن النبي (ص) كان يسبق الوحي في تقرير ما يلزم تقريره من حلال وحرام وما إلى ذلك، وفي هذا دليل على أنه (ص) كان يطمح بإيصال تلك المعارف إلى الأمة، إلا أن الحق تبارك وتعالى يريد أن تأخذ الأحكام مجراها الطبيعي دون العجلة التي كان النبي (ص) يراها ملزمة للأمة، ولا يتنافى هذا الأمر مع موقفه (ص) ولكن الضعف في القابل وليس في الفاعل، وهذا من الغيب الذي لا يحيط به إلا الله تعالى، ومن هنا فإن الحق سبحانه قد نهى الرسول (ص) عن فتح جميع أسرار القرآن الكريم التي كان يعلمها علماً إجمالياً، ولهذا خاطبه جل شأنه بقوله: (فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً) طه 114.
فإن قيل: لمَ كرر تعالى الهدى في قوله: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة 185. أي آية البحث؟ أقول: هذا ليس تكراراً للهدى وإنما الهدى الأول تعم فائدته جميع الناس، أما الهدى الثاني فهو الذي يرفد العلماء بالبينات من أجل أن يطلعوا على معرفة أسرار القرآن الكريم، وحرف (من) لم يأت للتبعيض وإنما لابتداء الغاية أي إنهم على مساس تام للهدى، وهذا نظير قوله تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون) يس 9. وكان بالإمكان الاستغناء عن (من) ويكون التقدير "وجعلنا بين أيديهم سداً وخلفهم سداً" وبهذه الحالة يستقيم الكلام، إلا أن دخول حرف (من) أفاد ملاصقة السد وقربه المتناهي منهم... فتأمل ذلك بلطف. 

ملاحظة: المقال خاص بشهر رمضان المبارك ولا يدخل ضمن مقالات كتابي... السلطان في تفسير القرآن. 

      

ليكون فرحكم كاملا/ نسيم عبيد عوض

إحتفلت جميع الكنائس القبطية الأرثوذكسية الخميس الماضى بعيدالصعود المجيد ‘ وكقول الكتاب : لوقا 24: 51 " وفيما هو يباركهم إنفرد عنهم وأصعد إلى السماء." ‘ وفى مر16: 19 " ثم أن الرب بعدما كلمهم إرتفع الى السماء وجلس عن يمين الله." ‘ يو 16: 5-7" وأما الآن فانا ماض الى الذى ارسلنى . ولكن لأنى قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم. لكنى أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى لكن إن ذهبت أرسله إليكم." ‘ وفى مت 28: 20 وقبل الصعود قال" وها أنا معكم كل الايام الى إنقضاء الدهر.آمين."
خلال الألفين سنة الماضية أو أكثر لم توجد حقيقة ساطعة مؤكدة وأكثر إثباتا فى التاريخ القديم والحديث من حقيقة قيامة المسيح ‘ ومكث الرب معهم أربعين يوما بعد القيامة وقبل الصعود ‘ ولم تكن هذه الأربعين يوما على الأرض لكى مايثبت حقيقة قيامته ولكن بالأكثر لتعزية تلاميذه‘ ويمسح دموعهم التى ذرفوها بسبب موته الذى تم تحقيقا لكل النبوات ووعد الله بخلاص البشر وفدائها.

التجهيز للصعود

فى إنجيل قداس اليوم يو16: 23-33 ‘ نجد الرب يكلمهم كثرا عن صعوده باسلوب يخفف من حزنهم فيما لو رأوه صاعدا عنهم ‘ وبمعنى آخر يجهزهم لحزن آخر بعد تركهم ‘ وقال لهم بالتحديد فى يو16: 5-7" واما الآن فانا ماض الى الذى ارسلنى وليس احد منكم يسألنى اين تمضى. لكن لأنى قلت لكم هذا ملأ الحزن قلوبكم .لكنى أقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق .لأنه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزى.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم." ‘وايضا فى عدد 20" انتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول الى فرح. وفى 22 " وانتم كذلك عندكم الآن حزن .ولكنى سأراكم ايضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع احد فرحكم منكم." وفى عدد 28 يقول لهم" خرجت من عند الآب وقد أتيت الى العالم وايضا اترك العالم واذهب الى الآب."ولما قالوا له لهذا نؤمن انك من الله خرجت.قال لهم الآن تؤمنون .30و31". لقد سما بعقولهم ورفع من روحانيتهم حتى قال الكتاب " فسجدوا له ورجعوا الى أورشليم بفرح عظيم.لو24: 51.

لاتضطرب قلوبكم

فى إنجيل قداس الأحد الماضى يو14 قال الرب لتلاميذه" لا تضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى .فى بيت أبى منازل كثيرة وإلا فأنى قد قلت لكم انا أمضى وأعد لكم مكانا .وإن مضيت وأعددت لكم مكان آتى أيضا وأخذكم إلي حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا."1-4‘ ولكى يفرحنا الرب بصعوده قال فى انجيل قداس الجمعة الماضى" سلاما أترك لكم ‘سلامى أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا‘ لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب."يو14: 27‘ ولهذا نلاحظ فى القداس الإلهى يكثر الكاهن بقوله" السلام لجميعكم" إشارة الى هذه النعمة التى منحنا الله بموت إبنه الوحيد ليجعل السلام والصلح بيننا وبين الله الآب. 

سلاما أترك لكم

أجمل كلمة تسمعها كلمة السلام ‘ الذى هو من الرب يسوع المسيح نفسه ‘ عطيته هو: لأنه بدون سلام يضحى العالم جحيما ‘ وبغير سلام يصبح البيت عذابا ‘ وبلا سلام يصبح القلب أتونا. لا يستريح قلب الانسان ولو امتلك كل خيرات العالم وملذاتها ‘ بل فقط يستريح فى السلام الممنوح من الله ‘ السلام هو راحة للنفس المثقلة بالأتعاب ‘ وسعادة للقلب الممتلئ هموما ‘ إئتلاف بين النفوس والقلوب. ولذلك: - لقب الرب برئيس أو أمير السلام فى نبوة إشعياء النبى من قبل مولده ب750 عاما " أبا أبديا رئيس السلام"اش9: 6. – وفى ميلاده سبحت الملائكة "المجد لله فى الاعالى وعلى الأرض السلام." - فى الموعظة على الجبل قال " طوبى لصانعى السلام .لانهم ابناء الله يدعون. مت 5: 9. وهاهو قبل صعودة الى حيث كان أولا يوهبنا سلامه لكى نتمتع به بل وننشرة بين الناس فى مكان.

الفرح الكامل

وفى فصل انجيل اليوم (يو16) يطالبنا" اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ..سلام وفرح كامل‘ والرب يقصد بطلباتنا ليست الطلبات المادية العالميه ‘ بل الطلبات التى تمنحنا السلام والفرح الدائم: أ- طلب الرب نفسه.. كما رنم داود" تحيا قلوبكم ياطالبى الرب .طلبت الرب فاستجاب ومن كل مخافى أنقذنى." مز34. ب- نطلب الحكمة كقول سليمان "قلب الفهيم يطلب حكمة."ام 15: 14. ج- نطلب الملكوت.. كقول الرب " اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم.لو12: 31. الروح القدس المعزى هو المصدر الوحيد للفرح فى وسط ضيقات هذا العالم. وقد علمنا الآباء ان طلباتنا وصلواتنا لها مفعول أكيد فى السلام والفرح النفسى والقلبى وأيضا:
1- تحول القلوب اللحمية الى قلوب روحانية.
2- القلوب الفاترة الى قلوب غيورة.
3- القلوب البشرية الى قلوب سماوية.
4- الصلاة هى دعامة الانسان فى واجبات ثلاثة:
أ- صلته بالله
ب- واجبه نحو نفسه.
ج- نحو القريب أو الغير. وكل ماطلبتم من الآب بإسمى يعطيكم. يو16: 23.

الألم فى حياتنا

أن كان الألم قد دخل عالمنا كثمرة من ثمار العصيان على الله‘ لكن الله فى حبه لهذا العالم سمح لإبنه الحبيب أن يتأنس ويتألم كذبيحة حب مقدمة عن كل البشرية‘ هكذا حول الله الألم فى حياتنا من ثمرة للخطية الى علامة حب ‘وصار من حقنا أن نتألم معه لكى نتمجد معه. ندرك مفهوم الوعد الإلهى أنه" يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان." أى5: 18 ‘ وفى تثنية 32: 39 " أنا أميت وأحيي. سحقت وأنى أشفى." ولذلك الرب وهو عالم أن تلاميذه سيعانون من آلام فراقه وعدهم بإرسال الروح القدس المعزى الذى سيهبهم تعزياته الإلهية. لأن النفس تحتاج الى سراج إلهى ..الروح القدس ‘ الذى ينير البيوت المظلمة. نحتاج الى شمس البر الساطعة التى تشرق فى قلوبنا ككوكب الصبح المنير ‘ ويهبنا الإيمان الذى نغلب به العالم الموضوع فى الشرير.

الآب نفسه يحبكم

كما ورد عدد 27 على فم الرب "لأن الآب نفسه يحبكم" لأنكم أحببتمونى وآمنتم إنى من عند الله خرجت." وسر حب الآب للمؤمنين هو ايمانهم العامل بالمحبة (غلا5: 6" لأنه فى المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرله بل الايمان العامل بالمحبة." كقول الرسول بولس" ان كان لى كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئا ."1كو13: 2‘ وبحبنا لإبن الله نتمتع بحب الآب لنا‘ لأن علة حبنا أننا محبوبون من الله ‘ لأنه أحبنا أولا.وكما علمنا القديس بولس" والرجاء لا يخذى لأن محبة الله قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس. رو5: 5 ". وكما علمنا القديس يوحنا ذهبى الفم: بالإيمان العامل بالمحبة : - إذن لنغلب العالم. – لنركض نحو الخلود. – لنتبع الملك المسيح. – لنعد النصب التذكارى للغلبة - لنستخف بملذات العالم . – لنحول نفوسنا الى سماء فنهزم كل العالم..الذى إذ لا تشتهيه تغلبة وإن سخرت به تقهره. 
ليحل السيد المسيح بروحه القدوس فى قلوبنا ليحولنا الى رائحة ذكيه له بين كل الناس. ولإلهنا المجد الدائم. آمين.
**
إستعادة أملاك الدولة

إكتشفت الدولة أخيرا وبعد مرور السنين ‘ أن هناك إعتداء على أراضى الدولة والبناء عليها بدون وجه حق ‘ أو بالمعنى الصحيح إغتصاب أراضى الدولة والبناء عليها ‘ وفى بال هؤلاء الإستفادة من قانون وضع اليد ‘ والمشكلة أننا وكل المصريين نعرف هذه المشكلة من سنوات طويلة ‘ وفى كل أنحاء الدولة بأركانها الأربعة ‘ وان هناك عصابات يحتمون برجال القانون والإدارة فى سرقة هذه الأراضى ‘ وفى الصحراء بالذات يضع الأعراب يدهم على أراضى الدولة ‘ ولا يستطيع أحد مهما كانت قوته أن يشترى أو يبنى على الأرض إلا إذا دفع ملايين الجنيهات لهذه العصابات المحمية بقيادات من الدولة ‘ وكل المصريين يعرفون تماما مايحدث ‘ والذى حدث أن الرئيس السيسى وبالمصادفه البحته ‘ وفى إجتماع ما وقعت فى يده هذه المشكلة ‘وهذا الإعتداء وهذه السرقة الكبرى لأموال الدولة‘ فكان غضبه وطلبه من رجال الدولى والحكومة إستراد أموال وحقوق الدولة.

وما كان من رجال حكومتنا العاقلة أن قامت على الفور بإستخدام اللوادر وبالبلوزرات والرفاعات والمتفجرات ‘ فى هدم المبانى والعقارات والمصانع وتفجير كل ماوقع عليه نظرهم ‘ ولأنهم يعرفون هذه الأماكن جيدا ‘ وكانوا يغضون النظر عنها لأسباب عديدة ‘ فجالوا كالتتار يهدمون  ‘ وللأسف التصرف كان أهوج وخسرت مصر ملايين الجنيهات وقد تكون بلايين ‘ ومصر فى حاجة شديدة لها وعلى ألأخص فى هذة الظروف المالية الصعبة التى تمر بها البلاد ‘ هذه المبانى التى تم هدمها دفعت فيها أموال مصرية على أرض مصرية فأصبحت أموال الدولة ‘ هذه المبانى مهما كانت مخالفة للقوانين وبالبناء على أرض الدولة أصبحت ملك للدولة فكيف يتم هدمها ‘ والحل فى رأيي هو إستعادة مصر لأملاكها وأموالها المسروقة وتضمها لملكيتها بأحدى هذه الحلول:

1- ضم هذه الممتلكات والعقارات لملكية الدولة على الفور ووضع حارس قانونى وإدارة مصرية لإستعادة أموال الدولة من هذه العقارات التى وصلت حجمها الى أبراج عالية تكلفت ملايين الجنيهات.

2- تقدير حجم وثمن هذه الممتلكات بما فيها الأرض المسروقة ‘ وتخيير السارق بدفع قيمتها نقدا للدولة ‘  أو عرضها للمزاد العلنى وبيعها للمصريين وخصوصا للمقيمين فى الخارج.

3- تقديم المغتصبين للمحاكمة الفورية ومعاقبتهم على سرقة أملاك الدولة ‘ وغرامتهم بعدد السنين التى إستولوا عليها ‘ وخصوصا أن هناك فى مصر حاليا ‘  إدارة للمصالحة مع المحكوم عليهم بسبب سرقة أموال الدولة أو التربح بدون وجه حق‘ والدولة حاليا تقدم أى مصرى بسيط للمحاكمة والسجن بسبب سرقة خط كهرباء بدون حق وهكذا ‘ فالقانون موجود.

بالإضافة الى توفير الدولة لأموالا ضخمة تصرفها على أعمال الهدم والإزالة ‘ستحصل الدولة على إستعادة أموالها وممتلكاتها والتى تقدر بالمليارات ‘ والتى تساعد على سد العجز فى ميزانية الدولة بدلا من إهدارها.

وأنا أذكر أنه فى عام 1965 شكل الرئيس عبد الناصر قيادة برئاسة المشير عبد الحكيم عامر لإعادة الأراضى الزراعية المتهرب أصحابها من قانون الإصلاح الزراعى ‘ وأنا كنت واحدا من الذين عينوا فى هذه اللجان ‘ وقد مررنا على كل قرية وبلد وبالبحث إستطاعت الدولة إستعادة الأراضى المتهربة ‘ ويمكن تطبيق هذا الإسلوب فورا ‘ ويصدر قرار جمهورى فورى لتشكيل هذه الإدارات فى كل المحافظات للتنفيذ ‘ مع تشكيل هيئة لإدارة الأملاك المستردة وضمها لميزانية الدولة ‘ وليس بالهدم بل بوضع اليد تسترد الدولة أموالها المسلوبة. 

رمضان كريم ومبارك/ حميد عواد

 إخوتي الأعزّاء وأخواتي العزيزات،

تَلِجون الشهر الفضيل لتخلو بذواتكم، تستكشفونها بصفاء روحي، يسهّل التواصل مع باري الكون الحكيم والرحيم والقدير، تستلهمونه الهداية والبركة لسلوك سبل الفضائل بعفّة ضمير ولممارسة أعمال البِرّ. 
لقد تعوّدنا على التخاطر والتشارك الوجدانيّين مع شركائنا في الوطن والإنسانيّة خلال الأفراح والأتراح والأعياد. وها نحن في هذه المناسبة المباركة نتلاقى روحيّاً لنحلّ سويّة في بوتقة انسجام وتفاعل عامرة بالبركة والنعمة لتبادل التهاني. 
وإذ نتمنّى أن يساهم، هذان السبر والمسح النفسيّان لبواطن الذمّة، في تنقية النوايا وإنهاض الرشد وجلاء الرؤيا لاستدلال سبل الوفاق الداخليّ المُحقّ واستشراف الحلول للنزاعات المأساويّة المستعرة حولنا، نرنو إلى حلول الوئام والسلام رأفة بالمعذّبين وتعويضاً عن حرمانهم من الأمان والإستقرار والإزدهار. 
لا بدّ أن تكبح الإرادات الطيّبة فورات العنف وتُطمئن النفوس القلقة. 
عسى أن يُستجاب دعاؤنا خاصّة أنّ رمضان كريم ومبارك. 
  
Valued friends,
As you embark on an exploratory spiritual journey in the depth of rituals of devotion and fasting during this blessed Month, I would like to wish you all Ramadan Kareem.  
In the Spirit of Ramadan, there is an engagement into introspection and expurgation to attune the human conduct, in harmony with the sublime spiritual and moral values ingrained in our conscience.  
May the virtues of goodwill, compassion, charity, tolerance, resilience, generosity and philanthropy culminate during Ramadan and persist beyond its end.  
May the rainbow of serenity, harmony and peace emerging from this month pervade the spirit of everyone and break the cycle of violence ravaging many regions. 
May the mist of that rainbow dampen our national sphere and dwell over our beloved homeland Lebanon. 
May the tide of goodwill extinguish the flare-up of rage.

Hamid Aouad

 https://twitter.com/AouadHamid/media 
Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.
 http://hamidaouad.blogspot.com/

ميلانيا وإيفانكا بغطاء رأس مع البابا وحكاية "بوتيتزا"

دبي - قناة العربية ـ 
ارتدت ميلانيا ترمب و إيفانكا ترمب، زوجة وابنة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على الترتيب، غطاء للرأس أثناء لقاء بابا الفاتيكان، البابا  فرنسيس، اليوم الأربعاء.
وحسب بروتوكول الفاتيكان، فإن النساء اللاتي يجتمعن بالبابا يجب عليهن ارتداء ملابس محتشمة بأكمام طويلة، على أن يكون الزي طويلا ولونه أسود، فضلا عن غطاء للرأس، بحسب ما قالت المتحدثة باسم السيدة الأميركية الأولى، ستيفاني غريشام، في تصريحات لمواقع أميركية، الأربعاء.
غير أن البابا أبدى قدرا من المرونة فيما يتعلق بتقاليد ملابس النساء خلال السنوات الأخيرة، فلم تعد هناك قواعد صارمة، وفقا لما صرح به متحدث باسم الفاتيكان لصحيفة "تلغراف" البريطانية الشهر الماضي بعد أن قابلت كاميلا، دوقة كورنويل، البابا فرنسيس، مرتدية فستانا بلون زهري وبلا غطاء للرأس.
ومن المواقف الطريفة التي ثارت في المقابلة، عندما سأل البابا فرنسيس، ميلانيا إن كانت تقدم لزوجها الرئيس الأميركي ترمب التحلية السلوفينية الشهيرة "بوتيتزا"، ما أدى إلى التباس لدى وسائل الإعلام الإيطالية التي ظنت أن السؤال يتعلق بشطائر "بيتزا".
وفي حديث مقتضب مع ميلانيا التي رافقت الرئيس الأميركي إلى الفاتيكان، سأل البابا الأرجنتيني: "ماذا تقدمين له من طعام؟  بوتيتزا ؟"
وأكدت السيدة الأميركية الأولى وهي من سلوفينيا من دون تردد هذا الأمر قائلة: "بوتيتزا!"، نقلا عن فرانس برس.
واضطر البيت الأبيض إلى تأكيد فحوى هذا الحديث بعد ساعات على ذلك، إذ إن وسائل الإعلام الإيطالية سارعت إلى نقل هذه الجملة التي همسها البابا إلى ميلانيا ظنا منها أنه قال " بيتزا " إلى أن أصدر خبير فاتيكاني يتقن اللغة السلوفينية، تصحيحا.
وأوضح هذا الأخير أن زوج ابنة شقيقة البابا أرجنتيني من أصل سلوفيني. ويبدو أن البابا يعرف هذه التحلية ويسأل زواره من سلوفينيا عنها على الدوام.
والبوتيتزا حلوى ملفوفة تقدم مع الكريما، وهي تحوي كمية كبيرة من الزبدة و السكر.

بالصور الانبا سوريال اسقف ملبورن يشترى فندقا لتحويله ديرا للراهبات




أبرزت الصحف الاسترالية الصادرة صباح اليوم الاربعاء ٢٤ مايو فى عناوينها عن شراء الكنيسة القبطية لاحد الفنادق الصغيرة فى احد ضواحى مدينة ملبورن بغرض إقامة دير للراهبات .
ومما يذكر ان الفندق الذى يتكون من ١٦ غرفة ومنزلين إضافة الى قاعة مؤتمرات ومطعم وحمام سباحة على مساحة ٧,٢٨ هكتار ما يعادل ١٨ فدان والذى يبعد عن مدينة ملبورن ساعة بالسيارة وايضاً ٤٠ دقيقة عن مطار ملبورن تم عرضه للبيع نهاية ابربل الماضى فيما قام الحبر الجليل نيافة الانبا سوريال اسقف ملبورن بشرائه لتحويله الى دير الملاك ميخائيل للراهبات . 
وفى السياق نفسه على الجانب الاخر وبالتحديد  وفى مدينة سيدنى  
 مازال الحزن يسيطر على اعضاء الجالية القبطية أثر هدم كنيسة العذراء ومارمينا اقدم كنيسة قبطية امتلكتها البطرياكية المرقسية خارج مصر .

هل هذا حلم؟/ نسيم عبيد عوض

(فى ذكرى رحيل إبنى جورج يوم الأحد 24 مايو 2009  )

هل هذا كان حلما
أم خيالا..
أو وجدان!!
أن يتوقف النسر عن الطيران

كيف حلقت يانسرى الى العلاء
فى بهجة شامخا فى بهاء
وفجأة تتطوى أجنحتك لتحملك نسمة الهواء
هل هذا حلما  أم خيالا  أم وجدان؟

كان نسرى طائرا مغردا ويعزف الألحان
وكل الطيور حوله
وله بينها القيادة والسلطان
يعزفون أنشودة الفرح و محبة الخلان
وفجأة يصمت النسر
ولا صوت يسمع له فى الآذان

أهذا كان حلما..؟
أم خيالأ..؟
أم وجدان..!!

كيف يسقط أوراق الشجر فى ربيع الزمان؟
ولماذا أنخلعت جذور الزهر والبلسان؟
واين هو نور النهار
وشعاع الشمس
و ضوء القمر منذ أمس؟

وأين هى طيور السماء
هل أخذتها  يانسرى معك وكل الأضواء؟

هل هذا حلما .. أم خيالا .. أم وجدان ؟

كيف هان عليك ؟
ان تحطم قفصك فى قلبى
وهو مملوءا لك كل الحب

نم خالدا  مطمئنا
فلن يتوقف دمك فى عروقى عن الجريان
ولن تجف ينابيع دموعى عن السريان
فلك كل الحب يانسرى
حتى ولو توقفت عن الطيران

لم يكن هذا حلما  ولا خيالا  ولا وجدان
بل دما ودموعا تسطر لكم هذا البيان
أن نسرى الجميل قد توقف عن الطيران!!

بيان صحافي بمناسبة زيارة الكاردينال ليوناردو ساندري إلى أستراليا



بدعوة من مجلس الأساقفة الشرقيين الكاثوليك في أستراليا ونيوزيلاندا، قام نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري عميد مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان بزيارة راعوية إلى أستراليا ابتداءً من الخامس من أيار وحتى الخامس عشر منه وذلك للقاء المسؤولين والمؤمنين من رعاة وأبناء الكنائس الشرقية الكاثوليكية والإطلاع على أوضاعهم ومشاركتهم في مسيرة شهادتهم لايمانهم بالمسيح يسوع وتشجيعهم على المضي قدماً في هذه المسيرة الإيمانية بثقة وأمانة لأصالتهم الشرقية، ناقلاً إليهم بركة قداسة البابا فرنسيس ودعائه لهم بدوام النمو في ملىء قامة المسيح في الوحدة والمحبة.
أتت زيارة الكاردينال ساندري لمناسبة مرور 100 عام على تأسيس البابا بنديكتوس الخامس عشر لمجمع الكنائس الشرقية في الأول من أيار عام 1917 بموجب البرائة " Dei Providentis". من أهداف هذا المجمع التأكيد على الإعتراف بقيمة وكرامة الكنائس والطقوس الشرقية وإرثها الروحي ووضعها على قدم المساواة مع الطقس اللاتيني وعدم تفضيله عليها. وقد وسّع البابوات على مدى السنين المئة صلاحيات هذا المجمع ودوره. وفي زيارته إلى مكاتب المجمع في 1 حزيران 2007 أكّد البابا بنديكتوس السادس عشر "بأنه لا مستقبل للكنيسة من دون الإعتراف بدور الشهادة الأصيلة لبدايات البشارة بالإنجيل والمتجلية في حياة الكنائس الشرقية وشهادة إيمانها".
استهل الكاردينال ساندري زيارته بقداس إحتفالي ترأسه سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه في كاتدرائية سيدة لبنان في هاريس بارك عاونه فيه مطارنة الكنائس الشرقية الكاثوليكية وكهنة الكاتدرائية بحضور عدد كبير من المؤمنين الذين استقبلوا الكاردينال بحفاوة ونقلوا إلى قداسة البابا فرنسيس من خلاله محبتهم وولاءهم للكرسي الرسولي وإيمان بطرس. وقد عبّر الكاردينال ساندري خلال زيارته عن إعجابه واندهاشه بالحضور الكثيف للمؤمنين والتفافهم حول رعاتهم وبالتقوى المميزة التي أظهروها بالرغم من بعدهم الجغرافي عن أوطانهم الأم. وخلص الكاردينال بأنه لا علو ولا عمق ولا شيء يمكن أن يفصل الإنسان عن أصالته وهويته وتراثه وكنيسته وحبه للمسيح.
وشملت زيارة الكاردينال ساندري، التي رافقه فيها سعادة السفير البابوي في أوستراليا المطران أدولفو تيتو إيانا، الكاتدرائيات والكنائس الكاثوليكية للموارنة والكلدان والملكيين والسريان والأرمن والأقباط والأوكرانيين والسريان المالابار، في سيدني ومالبورن. والتقى أيضاً مجلس الأساقفة اللاتين في خلال اجتماع دورتهم السنوية وصلى على قبر القديسة ماري ماكيلوب في نورث سيدني. ولبى دعوة رئيسة حكومة ولاية نيو ساوث ويلز السيدة غلاديس بيريجيكليان إلى مائدة الغذاء، حيث كانت له معها جولة في مكاتب وأروقة بيت البرلمان.
وفي ختام زيارته، أقام الكاردينال ساندري قداس شكر في مركز إقامته في "بيت مارون"- ستراثفيلد، حضره السفير البابوي مع السادة الأساقفة أنطوان-شربل طربيه راعي الكنيسة المارونية ورئيس مجلس الكنائس الشرقية الكاثوليكية في اوستراليا، والمطران روبير رباط راعي الكنيسة الملكية الكاثوليكية، والمطران جرجس القس موسى الزائر الرسولي على كنيسة السريان، والمونسينيور باسيل صوصانيه راعي كنيسة الأرمن والآباء يوسف يوسف راعي كنيسة الأقباط، ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات. وقد حمّل الجميع نيافة الكاردينال الهدايا التذكارية وعواطف الخضوع والولاء لقداسة البابا فرنسيس مع أفراح وهموم أبناء الكنائس الشرقية الرازحين تحت وطأة الإضطهاد والإرهاب في كل أشكاله بالاضافة الى التهجير والفقر. ووعد الكاردينال ساندري بأن يحمل إلى قداسة البابا ما ائتمن عليه وبأن يسعى مع معاونيه إلى التخفيف من أوجاع المسيحيين الشرقيين ودعمهم بشتى الوسائل المتوفرة لثباتهم في أرضهم وإيمانهم أينما حلّوا.

سورة البقرة: الآية 131/ عبدالله بدر اسكندر

الثبات على الاستقامة لا يتحقق إلا بنبذ الفروقات الدخيلة واللجوء إلى الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وهذا النهج لا يؤتي أكله إلا إذا علم الإنسان أن الاختلاف الكامن في النفس البشرية يجب أن يتم اجتيازه والإبقاء على العلل التي تتطابق مع اتخاذ المقررات العلمية التي تشكل الغاية من الخلق، وأنت خبير بأن تلك العلل لا تنقص من الأعمال الصالحة التي تتعلق مقتضياتها بالكلم الطيب إذا كانت الأولى بمنزلة الحاكم الذي يميز بين الخير والشر والحسن والقبح والنفع والضر وما إلى ذلك، وفي حال اكتمال هذا المعنى يكون الجامع البشري قد استقام على الطريقة الموصلة إلى الحقيقة ومبتعداً عن الشقاق وما يتعلق بفروضه الوهمية. فإن قيل: هل يمكن تطبيق هذه الدعوة وما السبيل إلى ذلك؟ أقول: من الصعب إيجاد ما يصلح للاعتماد في هذا الشأن إلا عند حيازة جميع متطلبات الكمال الذي ناشد به الأنبياء من خلال الدعوة إلى التوحيد بشكلها المطلق، وكما ترى فإن هذا لا يستقر إلا بالإسلام والسلام والاستسلام وهذه الألفاظ تقع جميعها تحت عنوان واحد لا ينفصل عن القيم المثالية التي جاء بها أولئك الأخيار.
ومما تقدم نستنتج أن الكلمة السواء التي نادى بها الرسل لا يفهم منها إلا الاجتماع على أصل التوحيد الذي تتفرع عنه عبادة الله تعالى وعدم الشرك به، وهذا التكليف يلازم جميع الناس بغض النظر عن المسميات التي أطلقوها على الشرائع الفرعية التي دأب عليها بعض منهم، ومن هنا أمر تعالى نبيه أن يبين النقاط المشتركة بين الموحدين وأهل الكتاب، كما في قوله: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران 64. وقد يرد هذا المعنى إلى الكبرى التي خاطب تعالى من خلالها رسله بقوله: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم... وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) المؤمنون 51- 52. واعلم أن الدعوة لهذا الاتحاد تلازم الدين الذي شرعه تعالى في قوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) الشورى 13.
وتأسيساً على ما سبق نستطيع القول إن الدين الذي دعا إليه الأنبياء هو دين الإسلام، وهذا هو الهدف المشترك بين جميع الناس قياساً إلى ارتباطهم بإله واحد لا شريك له، كما ينص على ذلك قوله جل شأنه: (إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) آل عمران 19. وفي هذا المفهوم ما يدل على أن عدم الامتثال لأمر واحد من الأنبياء من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء (ص) هو بمنزلة رفضهم جميعاً، ولذلك بين تعالى أن من كذب واحداً منهم فقد كذبهم جميعاً، وأشار إلى هذا المعنى بقوله: (كذبت قوم نوح المرسلين) الشعراء 105. مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولاً واحداً، وهذا يجري في عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة وغيرهم.
من هنا يظهر أن دين الله تعالى هو الإسلام الذي أرسل به الأنبياء وأنزلت بموجبه الكتب، والذي يفهم من الاصطلاح حين الوضع أنه التسليم المطلق، أما شرعاً فقد يعني الامتثال لأمر الله تعالى وإن اختلفت الطرق المؤدية إليه. فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك فلم اختلف أهل الكتاب في أصل التسمية؟ أقول: اختلافهم لم ينتج عن جهل بأحكام الدين، وإنما يرجع سبب ذلك إلى بغيهم وظلمهم مع وضوح البينات، وهذا ما ذكره تعالى بقوله: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) البقرة 213. وقريب منه قوله تعالى: (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب) الشورى 14. وكذا الآية 17. من سورة الجاثية بفارق يسير في اللفظ، ومنه ما ورد في الآية 19. من سورة آل عمران وقد مرت عليك من خلال البحث. 
وبالإضافة إلى ذلك يجب أن لا نغفل ثناء الله تعالى على طائفة من أهل الكتاب الذين لم يتفرقوا عن الحق المبين، كما هو ظاهر في قوله سبحانه: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) الأعراف 159. وكذا قوله: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) آل عمران 75. وقوله: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون... يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين... وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين) آل عمران 113- 115. وكذلك قوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) السجدة 24. وبهذا نفهم أن الإسلام هو دين الله تعالى الذي دعا إليه جميع الناس، وبين تفاصيله وأحكامه بواسطة الطرق المختلفة التي يوحي بها إلى الأنبياء الذين هم على رأس تلك الدعوة، وسيتضح معنى الإسلام الذي سارع إليه إبراهيم (عليه السلام) حال سماعه نداء ربه، وذلك في المساحة المخصصة لتفسير آية البحث.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) البقرة 131. (إذ) ظرفاً للاصطفاء فكأن الله تعالى لما ذكر الاصطفاء بين سببه في آية البحث، ويصح أن تكون مسبوقة بفعل مقدر أي اذكر قولنا لإبراهيم أسلم... إلخ. فإن قيل: هل كان إبراهيم غير مسلم في وقت من الأوقات ليقال له أسلم؟ أقول: المراد من الخطاب هو الاستقامة والثبات على الإسلام، ولا فرق في ذلك بين النبي وغيره إذا كان المخاطب هو الله تعالى، وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) القتال 19. أي اثبت على علمك أنه لا إله إلا الله، كما خاطب تعالى المؤمنين ودعاهم إلى الثبات على إيمانهم، وذلك في قوله: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل) النساء 136.
ومما تقدم نستشف أن إبراهيم كان حنيفاً مسلماً ولم يكن يهودياً أو نصرانياً، وقد يعضد هذا المعنى بقوله تعالى حكاية عنه: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) الأنعام 79. ومن هنا صدقه تعالى بقوله: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين) النحل 120. وهذا يدل على أن الإسلام الذي كان عليه إبراهيم لا يخرج عن معنى الانقياد التام والتسليم المطلق دون الإسلام المعهود، ومن مصاديق ذلك التسليم هو تصديق الرؤيا التي ذكرها تعالى بقوله: (فبشرناه بغلام حليم... فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين... فلما أسلما وتله للجبين... وناديناه أن يا إبراهيم... قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين) الصافات 101- 105. أما معنى رب العالمين الذي ذكر في قوله: (أسلمت لرب العالمين) من آية البحث. فقد تعرضنا لتفسيره بإطناب في سورة فاتحة الكتاب، ومن أراد ذلك فليراجع.

 من كتابي: السلطان في تفسير القرآن
             

الطريق والحق والحياة/ نسيم عبيد عوض

جوهر رسالة السيد المسيح تقوم على فعلين أساسيين هما :
1- استعلان الآب السماوى لنا‘ من خلال تجسده وبنوته الطبيعية للآب.."من رآنى فقد رأى الآب ..ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه "‘ وأيضا قول الكتاب " الله لم يره أحد قط ..الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر."يو1: 18.

2- حمل الرب يسوع جسدنا البشرى وصعد به للآب وذلك من خلال قوة قيامته كقول الكتاب " لأنه من عند الله خرج والى الله يمضى." يو13: 3‘ وكقول الرسول " دخل مرة واحدة الى الأقداس فوجد فداء أبديا." عب9: 12‘ وإذا قال الكتاب
" وليس بأحد غيره الخلاص .لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص." أع4: 12 . فيكون السيد المسيح هو الطريق والحق والحياة.

" لا تضطرب قلوبكم " وصية قالها السيد المسيح لتلاميذه فى اواخر أيامه على الأرض وقبل الصلب ‘ وعلى الصليب وقد أكمل كل شيئ قال بفمه الطاهر "قد أكمل" ‘ فقد دفع الدين عنا كقول معلمنا بولس الرسول " اذا لا شيئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح."رو8: 1‘ أيضا دفن الموت بموته كقول الكتاب" تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الى غلبة..اين شوكتك ياموت..أين غلبتك ياهاوية ."1كو15: 16‘ وأظهر القيامة بقيامته .." ان كان لنا فى هذه الحياة فقط رجاء فى المسيح فإننا أشقى جميع الناس‘ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين."1كو15: 21 ‘ ليؤكد لنا رجاءنا فيه والقاعدة الإيمانية التى قالها لمرثا" أنا هو القيامة والحياة .من آمن بى ولو مات فيسحيا . وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت الى الأبد. يو11: 25و26.
وعندما قدم لنا نفسه حيا من الأموات:
1- أعطانا ذاته خبزا حيا.. ‘ وأقر هذه الحقيقة الإيمانية لنا" أنا هو الخبز الحي الذى نزل من السماء ‘إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد ."يو6:.51‘ وقبلها قال " فقال لهم يسوع انا هوخبز الحياة .من أقبل الي فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش ابدا."يو6: 34.
2- ودمه الكريم ..حسب قوله للمرأة السامرية" ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد . بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية." يو4: 14‘ وأيضا " من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة ابدية وانا أقيمة فى اليوم الأخير." يو6: 54. 3- أعطانا نور الحياة الجديدة ومنحنا ان نكون نورا للعالم " مادام لكم النور .آمنوا بالنور. لتصيروا أبناء النور."يو12: 36.

وفى فصل البشارة من إنجيل معلمنا يوحنا البشير إصحاح 14 ‘ والذى يقرأ يوم الأحد الخامس من الخمسين المقدسة ‘ يقدم لنا رب المجد ثلاث حقائق إيمانية :
1- العالم يمضى وكل شيئ معه وليس لنا فيه إقامة دائمة.
2- منزلنا الحقيقى فى السماء مع المسيح.
3- بطريق واحد وهو إبن الله.

لاتضطرب قلوبكم

والرب قبل صعوده للسماوات قال لنا "لا تضطرب قلوبكم" والإضطراب معروف فى علم النفس انه حالة فكرية تأتى للإنسان بسبب الخوف من المجهول أو بسبب الحزن الشديد أو الشك الكثير‘ وعكسه تماما الإطمئنان الذى هو السلام وهدوء النفس ‘ والإضطراب الذى يقصده الرب هنا هو الذى يتملك الانسان إذا تخلخلت رباطات الإيمان بالله ‘ وبإبن الله ‘ وهذا هو الذى حدث للقديس بطرس (مت 14: 30-31 )..فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتى الى يسوع . ولكن لما رأى الريح شديدة خاف..وإذ ابتدأ يغرق صرخ قائلا..يارب نجنى.. فقال له الرب بعد أن أمسك بيده ونجاه" ياقليل الايمان لماذا شككت." ‘ فالإيمان بالله هو الثبات فى الحق الذى هو الله ‘ فالذى يؤمن بالله يثبت فيه ولا يتطرق اليه أى شك أو إضطراب لأنه كما قالت نبوة إشعياء " فالله هو صخرة الدهور." اش26: 4.
وعكس ذلك تماما هى خطة الشيطان الدائمة تصيبك بالإضطراب القلبى ليبعدك عن الله وطريقه بوسائل كثيرة: 

خطة الشيطان مع البشر

1- بالشك ..يشكك فى كلمة الله وصلاحيتها.
2- يفحمك بالإحباط ليجعلك تعيش مشاكلك الشخصية بإستمرار فلا تنظر نحو الله.
3- بالتضليل ..يجعل الأشياء المضلة جذابة فى الأعين حتى تشتهيها أكثر من التى تقربك من الله. وفى هذا سأل إرميا النبى قديما: " أبر أنت من أن أخاصمك ‘لكن أكلمك من جهة أحكامك‘ لماذا تنجح طريق الأشرار؟ إطمأن كل الغادرين غدرا." إر12: 1‘ وبعدما عرف أرميا الحقيقة وقالها" عرفت يارب أنه ليس للإنسان طريقه .ليس لإنسان يمشى أن يهدى خطواته."إر10: 23.
4- الهزيمة ..الشيطان يجعل الإنسان يشعر دائما بالفشل حتى لا تفكر أو محاولة التقرب من الله.
5-التأجيل ..يصيبك بالكسل ويضع حياتك كلها فى تأجيل مستمر حتى لا تنجز شيئا أبدا. ولكل هذا يأتى الإضطراب والقلق النفسى.والرب يوصينا " لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب." سلامى أترك لكم . سلامى أعطيكم. ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا." يو14: 27. 

ويقول الرب لنا حتى لا تضطرب قلوبنا " فى بيت أبى منازل كثيرة. والا فانى كنت قد قلت لكم.والمعنى واضح:
1- الله قادر أن يعد مكانا لأى عدد من البشر.
2- فى بيت الله مقرنا الأبدى منازل ومنزلة لكثيرين حسب رحمته.
3- رجاءنا فى رحمة الله لأن الى الأبد رحمته.
4- لأن نجما يمتاز عن النجم فى المجد فقد رتب لنا منازل حسب الأجر السماوى‘ وحسب الجهاد ‘ فهو مثلا يعطى مرتبة عظيمة فى السموات ويطوب " طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين. افرحوا وتهللوا . لأن أجركم عظيم فى السموات ." مت5: 11و12.
وقول الرب " وان مضيت واعددت لكم مكانا آتى ايضا وآخذكم إلي حيث اكون أنا تكونون انتم ايضا."
يو14: 3.

إستعلان لاهوته
 هو هنا يستعلن لاهوته :
1- أنا هو الطريق والحق والحياة.
2- ليس أحد يأتى الى أبى الا بى.
3- لو كنتم عرفتمونى لعرفتم أبى أيضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه.
4- الذى رآنى فقد رأى الآب.
5- الآب الحال في هو يعمل الأعمال. وما أعظم قول الرب " أنا هو الطريق والحق والحياة" وكما فسرها معلمنا بولس الرسول" لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول الى الأقداس بدم يسوع طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب أى جسده." عب10: 19-20 ‘ وطريق المسيح هو طريق الحب كقوله " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." يو3: 16‘ وهو طريق التواضع والطاعة" فهو الذى أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا فى شبه الناس ‘ وأطاع حتى الموت موت الصليب." في2: 7و8‘ وهو الطريق الوحيد الى السماء بتجسده وصلبه وموته وقيامته لنا فيه الفداء ‘ طريقا كراسه لخلاص البشر. وطريقه هو وصاياه المقدسة وكقول معلمنا بطرس الرسول "جعلنا شركاء الطبيعة الإلهية " فى القداسة وروح الحق. وأيضا بنعمته وهبنا الإيمان به وعطيته روحه القدوس‘ فجعلنا هيكلا له وروحه القدوس يسكن فينا. أمين.

عيد النيروز رأس السنة القبطية/ نسيم عبيد عوض

ونحن نحتفل ببدأ السنة القبطية (اليوم الإثنين  11 سبتمبر الموافق 1 توت ) ‘ لا ننسى دم شهداء  الأقباط ‘الذى مازال يسيل على تراب أرض  مصر حتى يومنا ‘لأنه بهذا اللون الأحمر سطر دم شهداء المصريين – الأقباط – تقويم مصر القبطى.
وبدم شهداء الأقباط بدأ التقويم القبطى عام 284 م يوم 29 أغسطس بحساب التقويم اليوليانى‘ وهو الآن   يوافق كل عام يوم 11 سبتمبر ( أو 12  فى السنة الكبيسة) حسب التقويم الغريغورى.

بلون الدم الأحمر هذا اختار الأقباط ان يبدأ تقويمهم ليس من أكثر من ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد بل من يوم إعتلاء  دقلديانوس عرش القيصرية عام 284 م والذى دام حكمه حتى عام 305م , الذى لما رأى إنتشار المسيحية فى مصر أمر أرخيلاوس الوالى على مصر بقتل كل مصرى يرفض عبادة أوثان روما والسجود لها , ولم يعبأ الأقباط بذلك وتمسكوا أكثر بدينهم ومسيحهم, فحضر هو _دقلديانوس – بنفسه لمصر وهدم الكنائس وأساء الى رؤساء وكهنة الكنيسة , وسبى نساء وأطفال الأقباط , وقتل المئات والألوف بالجلد والذبح والحرق والشنق , ودام الأضطهاد 9 سنوات , استشهد فيها 840 ألف نفس(سنكسار 29 هاتور) امتلأت الشوارع بدمائهم, وعرف عصره بعصر الشهداء , وأصبحت كلمة عذاب الشهداء مثلا يحتذى به , وكان الشهداء وهم يعذبون قبل استشهادهم يهتفون فرحين " من أجل المسيح ولأجل المسيح"

وكان آخر من أستشهد من المؤمنين فى ذلك الوقت القديس بطرس الأول البابا السابع عشر من باباوات الأسكندرية إذ قطع رأسه عام 311م , ودعى خاتم الشهداء ( سنكسار 29 هاتور).
ولكن مازال دم المسيحيين يسيل على أرض مصر يوما بعد يوم ‘ يروى إيمانها فتزداد قوة ورسوخا‘ وقد أفاق العالم على ذبح 21 قبطيا مسيحيا على أيدى الدولة الإسلامية التى أعلنها مايسمون أنفسهم دولة الإسلام الصحيح ‘ الذين هم ولاة الوهابية المنتشرة بدعم المملكة السعودية ‘ ففى يوم 30 ديسمبر 2014 وفى مدينة سرت الليبية تم القبض على 7 عمال أقباط مسيحيين إعترفوا بدينهم أنهم مسيحيون‘ وبعد ذلك بأيام فى 3 يناير 2015  تم القاء القبض على 14 قبطى اعترفوا بمسيحيتهم ولم ينكروا مسيحهم ‘ وأجتمع ال21 معا فى سلسلة عذاب لا يطاق من أجل إنكارهم مسيحيتهم ‘ ولكنهم إعتبروا أنفسهم مصلوبون مع مسيحهم ‘ فتشددوا أمام آلات التعذيب وثبتوا على إيمانهم ‘ وفى صباح يوم 15 فبراير 2015 أذاعت هذه الدولة الإسلامية فيديو بشع وهم يذبحون ويقطعون رؤوس الواحد وعشرين مسيحيا ‘ ورأى العالم دمائهم الحمراء تغطى بحر العالم ‘ ورأى العالم كله قوة ثبات هؤلاء المسيحيين ‘ بل وسلامهم ونداءهم لربهم المسيح وهم مقبلون على الذبح ‘ وهكذا وفى القرن الواحد والعشرين قدم الأقباط المسيحيين للمسكونة كلها قوة إيمان المسيحى بإلاهه ‘ وليثبت حقيقة الإيمان المسيحى ‘ وإن الإيمان بالحياة الأبدية ليس كلاما ولكنه فعل وعمل على هذه الأرض ‘ ومازال دماء شهداء الإيمان المسيحى يسيل على الأرض فى كل مكان حتى يوما هذا.

والقديس يوحنا الرائى عندما صعد الى السماء وفى رؤياه وصف لنا مذبح الشهداء قائلا:" ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التى كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض. فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدون أن يقتلوا مثلهم. " رؤ6: 9-11 ومازال الشهداء حتى وقتنا هذا والى المجئ الثانى يواصلون الصعود الى مذبحهم فى عرش الله.

يسمى رأس السنة القبطية بعيد النيروز وهى تسمية أطلقها الفرس عند دخولهم مصر وفى احتفالهم بالتقويم القبطى أسموه النيروز ومعناه اليوم الجديد ( نى روز )
أول توت هو أول يوم فى السنة القبطيةوجاء فى السنكسار عنه انه فى هذا اليوم استحم أيوب الصديق بالماء فبرئ من أوجاعه فصارت عادة مستمرة مع عيد النيروز ان يستحم الناس ليتباركوا بالماء فى رأس السنة القبطية.

التقويم القبطى كالتقويم اليوليانى ( نسبة الى يوليوس قيصر) قائم على اساس السنة 365 يوما , ولكنها فى الواقع 365 يوم و 5 ساعات و 48 دقيقة و46 ثانية فيكون الفرق 11 دقيقة و14 ثانية كل عام وقد بلغت هذه الزيادة حتى القرن العشرين 13 يوما ( وهذا هو الفرق الذى من اجله تعيد الكنائس الأخرى بعيد الميلاد فى 25
ديسمبر ) ولكن مجمع الكنيسة القبطية قرر فى عام 1959م ان تستمر الأعياد القبطية وفقا للتقويم القبطى ومعها كنائس أرثوذكسية كثيرة مثل كنيسة روسيا وغيرها إختارت التقويم القبطى لتعيد أعيادها وفقا له.
والنيروز عيد قومى أحتفل به فى جميع العصور ولم يرتبط بالدين الا فى العصور الحديثة فقد ظل التقويم القبطى معمولا به منذ مئات السنين وكان يوم عطلة رسمية تتعطل فيه اعمال الحكومة فى يوم النيروز .

لما تولى سعيد باشا حكم مصر سنة 1854م جعل تاريخ الأقباط هو التقويم الرسمى للحكومة ولمصر كلها إعتبارا من 7 يولية 1855م وظل معمولا به 20 عاما حتى أحل اسماعيل باشا التقويم الغربى محله من عام 1875م ومن ذلك اليوم سار الاحتفال بالنيروز مقصورا على الأقباط, ولكن مازالت فلاحة مصر تسير حسب التقويم القبطى حتى يومنا هذا.
ونقدم هنا مطلب رسمى للحكومة المصرية ان يكون يوم رأس السنة القبطية عيدا قوميا للمصريين جميعهم تتعطل فيه الأعمال ويكون إحتفالا قوميا وفاء لشعب مصر وتراب مصر المخلوط بدم الشهداء.

فى هذا اليوم نتذكر بكل فخر أننا أحفاد الشعب الذى قدم أكبر عدد من الشهداء فى العالم كله من أجل المسيح ولأجل المسيح , وأقرأو السنكسار لكى يكون فخركم دائما.

وياأحبائى فى كل مكان كل سنة وأنتم طيبين ونصلى دائما لرب المجد طالبين منه " بارك إكليل السنة بصلاحك" وبارك شعبك مصر الذى سطر للعالم بدمه حقيقة وقوة الإيمان المسيحى دون باقى العالم المسيحى‘ وسطر بدمه الغالى الثمين تاريخ وتقويم مصر.وأذكروا معى ماحدث يوم 14 أغسطس 2013 ‘اليوم الذى لم يشهد له مثيل وأثر قريب فى تاريخنا الحديث ‘ يوم قام الإرهاب الإسلامى على كنائس مصر يحرقها ويدمرها على مرأى من العالم المتمدين ‘ والأقباط فى إيمانهم المستقيم لم يردوا على المعتدين ‘ ولعل لسان حالهم يقول مع ربنا يسوع المسيح "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها."
.
وهناك محاولات يبذلها الانبا تواضروس الثانى مع بطاركة العالم لتوحيد تاريخ الأعياد المسيحية وأولها عيد القيامة المجيد ‘ وقد يلحقة عيد الميلاد لاحقا ‘ولابد ان تتوحد الاعياد مهما اختلفت التقاويم ‘ والتقويم  القبطى يمكن توافقه مع التقويم الميلادى حتى تتوحد الاعياد‘ وتتوحد القلوب فى كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. ولإلهنا المجد الدائم .آمين

أبناء النور/ نسيم عبيد عوض

من هو هذا ابن الانسان؟ كان هذا سؤال الجمع للرب يسوع " فقال لهم يسوع النور معكم زمانا قليلا بعد. فسيروا فى النور لئلا يدرككم الظلام. والذى يسير فى الظلام لا يعلم الى أين يذهب."- وبالفعل عندما صلبوه صارت ظلمة على الأرض - كقول الكتاب" وكان نحو الساعة السادسة .فكانت ظلمة على الأرض كلها الى الساعة التاسعة . واظلمت الشمس. "لو23: 44‘ ومن أجل ذلك قال لهم الرب" مادام لكم النور .آمنوا بالنور. لتصيروا ابناء النور." يو12: 36. سيروا فى النور مادام لكم النور ‘ والمعنى واضح ان بداية عمل الله فى الخلقة كان النور‘ "وقال الله ليكن نور فكان نور .ورأى الله النور أنه حسن."تك1: 3و4‘ وهذا هو النور الطبيعى للكون كله ‘ أما النور الحقيقى هو السيد المسيح ‘ لأنه نور لا نهائي‘ غير محدود ‘ هو النور الحقيقى الذى يستعلن طبيعة الله فى قلب الانسان‘ كما قال المرتل" بنورك نرى نورا." مز36: 9 ‘ وعندما نولد ثانية من الماء والروح تنبثق فينا الاستنارة ‘ فهو الذى وهب النور للخليقة الجديدة ‘ ونور الحياة الأبدية للمولدين ثانية أو المعتمدين بأسم الآب والإبن والروح القدس.
وكيف نعرف أو نؤمن أو نرى المسيح كنور؟ لأنه كما قال " بنورك نرى نورا." قال أيضا" من التصق بالرب فهو روح واحد."1كو6: 17‘ ولأن الله الذى قال أن يشرق نور من ظلمة ‘ هو الذى أشرق فى قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله فى وجه يسوع المسيح." 2كو4: 6‘ وهذا الإستعلان هو النور الحقيقى. وأصدق ما قيل عن استعلان الله النور فينا قول النبوة عن المسيح فى إشعياء النبى 9: 1و2" الشعب الجالس فى الظلمة أبصر نورا عظيما. الجالسون فى أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور ." ‘ والرجل المولود أعمى عندما إستنار رأى نور الله ‘لأنه كان يعيش فى ظلمة. 
الإيمان بالنور هو إدراك روحى صافى بوجود المسيح فى حياتنا ‘بالوعى الروحى الذى يقوده الروح القدس الساكن فينا ‘ والنور الإلهى ككيان يحل فى القلب فيملأه فرحا ونعيما وسرورا "ففرح التلاميذ عندما رأوا الرب"‘ وبإستعلان أقوال السيد المسيح ووصاياه وفهمها فهما روحيا عميقا ومؤثرا هو إستعلان فعلا لنوره فى قلب الإنسان. فعندما نتطهر من كل نجاسات العالم هذا هو نور المسيح فينا .

فى الأحد الذى هو الرابع من الخمسين يوما المقدسة‘ ومنها أربعين يوما قضاها رب المجد يسوع مع تلاميذه بعد القيامة ‘ مع قادة كنيسة العهد الجديد ‘ وقبل صعوده للسموات قال لهم " هاأنا معكم كل الأيام والى إنقضاء الدهر." مت28: 20 ‘ ولذلك تصلى الكنيسة يوميا فى القداس الإلهى" كما كان هكذا يكون ‘ من جيل الى جيل ‘والى دهر الدهور. آمين" . والملاحظ أن جميع فصول انجيل قراءات الآحاد المقدسة السبعة فى الخمسين المقدسه جميعها من انجيل القديس يوحنا الإنجيلى ‘ لأنه يقدم للعالم الله الكلمة ‘ "والكلمة صار جسدا وحل بيننا.." يو1: 14‘ وهو الذى يبدأ انجيله " فى البدأ كان الكلمة .والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله. هذا كان فى البدأ عند الله . كل شيئ به كان وبغيرة لم يكن شيئ مما كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس . والنور أضاء فى الظلمة ‘ والظلمة لم تدركه. كان النور الحقيقى الذى ينير كل انسان آتيا الى العالم." يو1: 1-9‘ وهكذا نتتبع انجيل القديس يوحنا البشير:
1- فى الأحد الأول يجيئ الرب بعد القيامة ويقف وسط تلاميذه ‘ ويطلب منهم أن يجسوه حتى يثبت إيمانهم ويطوب الذين آمنو ولم يروا..ويظهر لهم جسده النورانى بعد القيامة..
2- فى الأحد الثانى يعطيهم خبز الحياة النازل من السماء الذى هو جسده ودمه الأقدسين .
3- وفى الأحد الثالث يهبنا عطية الله وهو ماء الحياة ويعلمنا ان الساجدين لله بالروح والحق يسجدون.
واليوم وبفاعلية الجسد والدم الكريمين يكون هو نور العالم . فمن يأكل هذا الخبز فلا يجوع ‘ ومن يشرب من هذا الماء الحي فلا يعطش ‘ وهكذا ينبثق منه نور الحياة. لأن فى المسيح كانت الحياة والحياة كانت نور الناس ‘ والنور أضاء فى الظلمة‘ كما قال الكتاب.

نور  الله فى حياتنا

وعندما نعيش فى إتضاع القلب ونغلب الكبرياء فينا هذا هو فعل النور فى حياتنا ‘ وبغلبتنا للطمع ومحبة المال ونحيا فى قناعة كاملة إعتمادا على ستر الله لنا نكون نور للعالم ‘وأبناء النور يضيئون للناس حوالينا. لذلك فالإيمان بنور المسيح هو تفعيل النور بالظهور الحقيقى لنور الله فى حياتنا‘ لأن الله نور وليس فيه ظلمة البتة كقول الكتاب" ان سلكنا فى النور كما هو فى النور . فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية." 1يو1: 5‘ ويقول المرتل داود" الرب نورى وخلاصى ممن أخاف."مز27: 1 ‘وقال أيضا " سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى"مز119: 105 لأن كلمة الله مضيئة فيها روح وحياة تنير البصيرة ‘ وتنير الطريق فى الحياة مع الله ‘لكى نسلك فى النور ولا نسير فى ظلمة الخطية.

السير فى النور

أو سلوكنا فى النور يعنى ملازمة وإطاعة الوصية المقدسة ‘والتمتع بإنجيل الرب وكلمته كل وقت وفى كل الظروف تسيربنا فى نور طريقة وتلزمنا بالسير المضيئ لحياتنا بعيدا عن الظلمة. ويقول الكتاب فى سفر العدد (11: 1-3)‘ وكان الشعب كأنهم يشتكون شرا فى أذنى الرب وسمع الرب فحمى غضبه ‘ وأشتعلت فيهم نار الرب وأحرقت فى طرف المحلة .. فدعى اسم ذلك الموضع تبعيرة لان نار الرب اشتعلت فيهم. " لأنهم كانوا بعيدين عن مصدر النور الله الساكن فى وسط شعبه ‘ ونسوا أنه كما هو نورهوأيضانارآكلة. 

آمنوا بالنور

الإيمان بالنور معناه التصديق المطلق والثقة فى مواعيد الله كثقة النور أمام الظلمة ‘ وهذه هى الترجمة الحقيقية العملية بإيماننا بالنور " وهذه وصية" فليضيئ نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات." مت5: 16‘ ولذلك الإيمان بالنور ليس كلاما ولكنه حقيقة لأنه هو الرفض الكامل لأعمال الظلمة‘ فإختيار الظلمة هو نتيجة مباشرة للأعمال الشريرة كقول الكتاب"أحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة."يو3: 19 ‘ وأيضا" كل من يعمل السيئات يبغض النور ولا يأتى الى النور لئلا توبخ أعماله." يو3: 20‘ والترجمة الحقيقية لذلك قول الكتاب" من قال أنه فى النور وهو يبغض أخاه فهو الى الآن فى الظلمة." ومن يحب أخاه يثبت فى النور وليس فيه عثرة ." واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكى تظهر اعماله انها بالله معمولة."يو3: 21.وكما ان " الله نور "1يو1: 5‘ ف "الله محبة."1يو4: 16‘ والنور والمحبة طبيعة واحدة فى الذات الإلهية.
لتصيروا أبنار النور.. يقول الكتاب " كان النور الحقيقى الذى ينير كل انسان آتيا الى العالم. الى خاصته جاء وخاصته لم تقبله‘ واما الذين قبلوه أعطاهم سلطانا ان يصيروا أولاد الله ..أى المؤمنون باسمه."يو1: 9-12‘ ويقول أيضا " الحق الحق أقول لكم ان كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله ." يو3: 3‘ وبالمعمودية الميلاد الثانى نولد من فوق ‘ ويستعلن نور الله فينا فنصير أبناء النور ‘ وكقول الرسول" جميعكم بنى النور وبنى النهار ..لسنا من ليل ولا من ظلمة " ويكمل القديس بولس الرسول " لكى تكونوا بلا لوم ..بسطاء أولاد الله بلا عيب فى وسط جيل معوج وملتو..تضيئون بينهم كأنوار فى العالم."

فلستيقظ جميعنا اليوم ..نعود للحب الإلهى الذى فينا ..نشعل نار روحه القدوس الساكن فينا بالصلاة المستديمة وبالتضرع والخشوع وطاعة وصايا الله.. نرجع الى أنفسنا ونتطهر من خطايانا ‘حتى يشع نور السيد المسيح داخلنا وينير بنا للآخرين فى العالم. وليكن فى فكرنا دائما قول الرب" أنا قد جئت نورا للعالم حتى كل من يؤمن بى لا يمكث فى الظلمة." وما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا ابناء النور ."والمجد لله دائما أبديا.أمين.


سورة البقرة: الآية 130/ عبدالله بدر اسكندر

التقييم الصحيح الذي يحدد التفاضل بين الناس يعتمد في الغالب على النسبة التحليلية لما يصدر منهم سواء عن طريق الأقوال بعد تمحيصها والاطمئنان إليها أو عند الاتصاف بمنهجية التطبيق، وهذا الفعل ربما يتفق عليه بعض المؤهلين لعملية التقييم الذين يجدون أنفسهم في منأى عن وسائل الإرباك الفكري كون العملية لا تتجه نحو الوسطية والاعتدال في توضيح المميزات المتخذة من قبل القائمين عليها، وذلك بسبب تفرقها في المصاديق المستخرجة من المفهوم الكلي بصورة تتماثل مع القياس الزائف، وهذا ما يجعل التقدير آخذاً بالترقي تارة وبالتدني تارة أخرى، ومجموع هذا البيان يرجع إلى السمات النفسية والخلقية التي يتمايز بموجبها الناس حسب الطبيعة الفطرية المنفصلة عن المؤثرات الخارجية التي لا تأتلف مع التسليم المطلق الذي يتوقف عليه التفاضل، ومن هنا فقد يتعذر اتخاذ القرار النهائي حسب النظرة البشرية القاصرة. فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك فلا شك أن الباعث سوف يفقد قدرته العملية وبالتالي يكون الميزان الإنساني في معزل عن الترجيح؟ أقول: بإمكاننا تقبل ذلك إذا ابتعدنا عن الترجيح الذي يخضع للمعايير المعهودة لدى جميع الأوساط العلمية، دون التمايز النسبي الذي يستطيع أصحاب التقييم تحديده نظراً للأفعال الظاهرة التي يختص بها من يقع عليه التقييم، أما الأفعال التي لم يكتب لها الظهور فلا جرم أنها ترد إلى العلم اليقيني وهذا لا يتيسر الوصول إليه بالطرق التقليدية، واستناداً لما تقدم يقتضي التسليم بما ورد في متفرقات القرآن الكريم التي أشار تعالى من خلالها إلى الأشخاص الذين اصطفاهم وإلى المقاييس التي تم بموجبها تبيان مستوى التقييم حسب تعبيرنا، ثم بعد ذلك نستطيع فهم حقيقة النفس البشرية المنزهة عن الأفعال غير الحسنة.
 ومن مصاديق هذا المعنى قوله جل شأنه: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) آل عمران 33. والآية جمعت المصطفين المشار إليهم على الرغم من اختلاف الأوقات التي عاشوا فيها وهذا يدل على الصلاح المطلق الذي لا يخلو منه عصر من الأعصار، وكذا لا فرق بين النوع أو الجنس في هذا الشأن، كما هو ظاهر في اصطفاء الملائكة واصطفاء مريم (عليها السلام) وقد بين تعالى هذا الاصطفاء في قوله: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير) الحج 75. وكذا قوله: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) آل عمران 42. وقد ذكرنا في سياق حديثنا أن المعنى الفعلي للاصطفاء قد يصعب على الإنسان الوصول إلى معرفة حقيقته، ولهذا أشار الله تعالى إلى إحدى صور عجز الإنسان عن الإحاطة بنتائج التقييم وذلك في قوله: (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) الزخرف 31. ومن هنا خاطب سبحانه نبيه (ص) مبيناً هذا الموقف بقوله: (أهم يقسمون رحمة ربك) الزخرف 32. 
ومن المصاديق القريبة لهذا المعنى ما ورد في قوله تعالى: (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون) الأنعام 124. وهذا يدل على أن الإنسان لا يراعي الأصلح في الاختيار وإنما يكون ترجيحه عائداً إلى الأهواء والرغبات الخارجة عن الحق، ولا يخفى أن النبوة هي تفضل من الله تعالى لمن كان أهلاً لها، ولا يمكن أن تعطى هذه المنزلة إلا لمن علم الله تعالى بحميد عاقبته، وقد ورد هذا المعنى صراحة بحق إبراهيم وإسحاق ويعقوب وذلك في قوله جل شأنه: (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار... إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار... وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) ص 45- 47. وقريب منه ما ذكره تعالى في خطابه لموسى بقوله: (قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) الأعراف 144. وقد يعزز هذا الاصطفاء بقوله: (واصطنعتك لنفسي) طه 41. وسيمر عليك معنى الاصطفاء الخاص بالنبي إبراهيم (عليه السلام) في المساحة المخصصة لتفسير آية البحث.
تفسير آية البحث:
قوله تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) البقرة 130. بعد أن ذكر تعالى ما جرى لإبراهيم من الكلمات التي ابتلاه بها، وكذا ما كان من رفع قواعد البيت وما تفرع عن ذلك من أمر الحج، عطف سبحانه هذه الآية على تلك المهمات التي ألقاها على عاتقه بنوع من التقريع لأهل الكتاب والمشركين، ولهذا ورد السياق بصورة استفهامية، أي كيف يرغب هؤلاء الناس عن ملة إبراهيم مع رؤيتهم لصفاته الحسنة.
قوله تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) من آية البحث. الملة المشار إليها هي دين الإسلام لا خصوص شريعة كل نبي، وبناءً على هذا التقدير نرى أن المشركين قد أعرضوا عن هذه الملة كونها لا تتناسب مع عبادة الأوثان، وينطبق هذا الإعراض على أهل الكتاب كذلك لعدم التزامهم بمبادئ التوحيد لأنهم لا يقيمون وزناً إلا للتثنية والتثليث، ومن هنا ظهرت لديهم مجموعة من العقائد الفاسدة والأخلاق التي لا تتناسب مع الصفات الحميدة لسيرة إبراهيم (عليه السلام) وهذا ما تشير إليه آية البحث.
أما قوله: (إلا من سفه نفسه) من آية البحث. السفه يقابل الرشد وفي هذا الموضع يظهر أنه يقابل العقل أي لا يعرض عن ملة إبراهيم إلا من لا عقل له، وتأتي السفاهة في القرآن الكريم على وجهين، الأول في الأمور المعنوية والوجه الثاني في الأمور المادية، ويشهد للوجه الأول قوله تعالى: (وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا) الجن 4. وكذا قوله: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) البقرة 13. وقوله: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) البقرة 142. ويشهد للثاني قوله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) النساء 5. وكذلك قوله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الأنعام 140. وهنالك آيات أخرى لكلا الوجهين.
قوله تعالى: (ولقد اصطفيناه في الدنيا) من آية البحث. أي جعلناه صافياً من جميع الأدناس والأدران إضافة إلى اصطفاء الله تعالى له بالرسالة، والخلة والكلمات وتطهير البيت والإمامة، واتخاذ مقامه مصلى والنجاة من الظالم الذي حاجه في ربه والنظر في النجوم، وما إلى ذلك من الخصائص المتفرقة في القرآن الكريم، وسيأتي بيان كل واحدة منها في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى. 
قوله تعالى: (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) من آية البحث. يظهر أن ختام الآية جاء استجابة لدعاء إبراهيم المشار إليه في قوله تعالى: (رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين) الشعراء 83. وهذا الدعاء يتقارب مع دعاء يوسف (عليه السلام) الذي ذكره تعالى في قوله حكاية عنه: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) يوسف 101. وهذا يدل على أن لبعض الصالحين منزلة أرفع من المنزلة التي كان عليها إبراهيم ويوسف، ولهذا أرادا اللحاق بهم.
فإن قيل: إذا كان إبراهيم من أولي العزم كيف يطلب اللحاق بالصالحين؟ أقول: هذا ما أشرنا إليه في معرض حديثنا كون الاصطفاء من الأمور التي لا يختص بها إلا الله وحده، وقد بين تعالى تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض في قوله: (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا) الإسراء 55. وكذا قوله: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) البقرة 253. ولا يخفى أن النبي محمد (ص) هو أول أولئك الذين وصفهم الحق سبحانه بالصالحين، كما هو مبين في قوله: (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) الأعراف 196. وهؤلاء هم الذين أشار إليهم تعالى في الكبرى بقوله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء 105. فتأمل ذلك بلطف.

من كتابي: السلطان في تفسير القرآن