علي عواضة ـ النهار ـ
في ظاهرة تعد غريبة على المجتمع اللبناني، إلا انها تعطي درساً وعبرة في التسامح وانتصار الحب على العادات والتقاليد، تزوج الشاب بطرس كتورة "المسيحي" من الشابة مروى فواز "المسلمة" في زواج كنسي في كنيسة تبنين الجنوبية بحضور الأهل والأصدقاء.
لاقت الصور المتداولة اعجاباً واعتراضاً في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بين مرحب لانتصار ارادة العروسين، ومعترض على ارتداء شابة للحجاب داخل كنيسة وتكللها بموافقة مطران البلدة.
قصة العروسين بدأت قبل سبع سنوات بعلاقة حب متبادلة تككلت بالأمس بزواج ديني في القرية.
حالة الاستغراب رفضها خال العريس ومختار القرية عبدو حداد، حيث اكد في اتصال مع "النهار" ان "العروس نالت موافقة مرجعها الديني والعريس نال موافقة مطرانية صور للروم الكاثوليك، وقد عقد قرانهما لدى شيخ من الطائفة الشيعية قبل ايام من زواجهما داخل الكنيسة لارضاء أهل الطرفين، إلا انهما سيسافران الى قبرص للزواج مدنياً بغية تثبيت زواجهما في الدوائر الرسمية اللبنانية".
وعلى عكس الاعتراضات على زواج محجبة داخل الكنيسية اكد حداد، الى ان الامر طبيعي جداً بخاصة ان الموافقة الدينية اتت من الطرفين ولا امتعاض او مخالفة للشرائع الدينية، "فنحن نؤمن برب واحد" والاهم ان تكون هناك علاقة حب قوية بينهما ليؤسسا عائلة مبنية على التسامح لا على الكره، مشدداً على ان زواج مروى وبطرس لم يكن الأول من نوعه في القرية ولن يكون الأخير، متمنياً من المعترضين ان يهتموا بأمورهم وليبحثوا في عيوبهم، فالزواج قد نال موافقة الاهل والمراجع الدينية ولو كان فيه اي مخالفة للتعاليم لما وافق اي مرجع ديني".
في حين اكد اصدقاء العروس لـ"النهار" بأن المشكلة كانت في بادىء الأمر من قبل اقارب العروس، لكنهم سرعان ما اقتنعوا بأنه طالما ليست هناك اي مخالفة للتعاليم الدينية فليس هناك اي مشكلة، بينما تحل كافة الأمور الشائكة بين العروسين".
وتحدث الأب بسيليوس نصر لـ"النهار" عن تكليلهما معتبراً ان "هدفنا الجمع وليس التفرقة،وما قمت به من تزويج محجبة داخل كنيسة لا يتعارض مع التعاليم الدينية، بمعزل عن أني لا اعلم عما يتداول من زواجهما الاسلامي". والاكيد، حسب نصر، ان "ما يزوجه الله لا يفرقه انسان". وقال "ليس هدفنا ان نبني جامعاً أو كنيسة بل بناء مجتمع قائم على المحبة".
وغوصاً بالفتوى التي استند عليها السيد علي أمين لاباحة زواج مسلمة من مسيحي، وهي الفتوى التي جرى الاستناد اليها في حالة مروى وبطرس، فان الامين يرى الفتاوى "نتائج لحركة الإجــتــهــاد وليست نــصــوصــاً دينية بالمعنى التشريعي والمقدس، وفهم النص الديني ليس من المقدسات التي لا يجوز تجاوزها. من هنا، يمكن للفقيه النظر في هذه المسألة مجدداً رغم تداول المنع بين الفقهاﺀ فيناقش في هذا الإجماع المدعى وأنه مختص بحالة الرفض لمعتقد المرأة المسلمة وعدم احترامه لها". واذا ما عدنا الى مفهوم زواج المسلم من الكتابية، فانه قائم على اساس إحترام معتقد الزوجة لأن المسلم "لا يكون مسلماً إلا إذا آمن بعيسى المسيح والنبي موسى وسائر الأنبياﺀ، وقد جاﺀ في القرآن الكريم ما ينفي صفة الرفض للإسلام كدين سماوي عن أهل الكتاب".
هذا الاجتهاد يضاف الى ثابتة مساواة المرأة والرجل التي يقول بها القرآن، فيصبحان مصدرا "لمقتضيات أصول البحث العلمي في عملية استنباط الحكم الشرعي وقد رأينا أن بعض الفقهاﺀ يستند في المنع من الزواج المختلط إلى آية المنع عن التزاوج مع المشركين ويفتي في نفس الوقت بجواز زواج الرجل المسلم من المرأة الكتابية وفي هذا تناقض واضح وخروج عن النهج المألوف في عملية الاستنباط للأحكام الشرعية وهذا الاستدلال الضعيف يدلنا على أن الإجماع الُمدﱠعى يستند إلى وجهٍ ضعيف ومايستندإلى الضعيف يكون ضعيفاً ولا أقل من الإحتمال فيبطل حينئذٍ الإســتــدلال ويؤخذ بالمقدار الذي يكشف عنه الإجماع على سبيل الجزم واليقين وهي صورة عدم الإحترام المتبادل بين الطرفين على مستوى العقائد والأديان السماوية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق