تقدم لنا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المستقيمة الرأي ‘ فصول أناجيل المجيئ الثانى للرب يسوع المسيح ويوم الدينونة ‘ فى الأسبوعين الأخيرين من السنة القبطية‘ وعلى إعتبار أن إنتهاء العام القبطى رمزا وإشارة إلى نهاية العالم وهذا الدهر ‘تذكيرا لنا نحن المؤمنين بضرورة المجيئ الثانى ويوم الرب العظيم لدينونة العالم.
فهو جاء أولا فاديا ومخلصا للعالم وعلمنا طريق الخلاص
وسيجيئ ثانية لدينونة العالم ‘ وهذا هو نص إيماننا " وأيضا يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات."
وفصل إنجيل اليوم من بشارة معلنا مرقس الرسول 13: 3 – 37 ونفس البشارة وردت فى مت 24وإنجيل معلنا لوقا الإنجيلى 21.
وفى القداس الباسيلى يقول الأب الكاهن: " رسم يوما للمجازاة هذا الذى يظهر فيه ليدين المسكونة بالعدل ‘ ويعطى كل واحد فواحد كأعماله."
وتصرخ الكنيسة " كرحمتك يارب وليس كخطايانا."
لأنه إذا كنت يارب للآثام راصدا فمن يستطيع الوقوف." كما يقول المرتل‘
والرب له كل المجد أخبرنا صراحة فى إنجيل يوحنا إصحاح 14" لا تضطرب قلوبكم ‘ أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى‘ فى بيت أبى منازل كثيرة . وإلا فإنى كنت قد قلت لكم‘ أنا أمضى لأعد لكم مكانا‘ وإن مضيت وإعددت لكم مكانا آتى أيضا وآخذكم حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا."
إن إنتظار الرب وتوقع مجيئه الثانى وصية كتابية وفضيلة روحية يتميز بها المؤمنين الذين الذين تشتعل قلوبهم للقاء الرب ‘ ولذلك حتى منذ القرن الأول الميلادى والمؤمنين يدعون " ماران آثا" تعال يارب – الرب آت -
وكنيستنا المقدسة أسست طقس خدمة نصف الليل والذى يقرأ فيه إنجيل معلمنا متى إصحاح 25‘ الذى يقول فيه الرب " حيئذ يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس .ويقول" ففى نصف الليل صار صراخ هوذا العريس مقبل.." ولذلك شاع تقليد روحى ‘ أن مجيئ الرب يسوع سيكون فى نصف الليل‘ ولذلك نقوم كل نصف لليل للقاء العريس قبل أن يغلق الباب.
فى حياة المؤمن المسيحى تاريخين مهمين:
الأول: فى الخلاص الذى حصلنا عليه فى المجيئ الأول – التجسد الإلهى – إعتبار التبنى فداء أرواحنا كقول الكتاب" متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح ."رو3: 24.
الثانى: إستعدادا لقبول المخلصين فى المجيئ الثانى ‘ على إعتبار إنه فى المجيئ الثانى نحصل على التبنى فداء لأجسادنا ‘كقول الكتاب" نحن الذين لنا باكورة الروح ‘ نحن أنفسنا متوقعين التبنى فداء أجسادنا."رو8: 23.
تقدم التلاميذ وسألوا سيدهم: ماهي علامة مجيئك وإنقضاء الدهر ؟ ويجيب الرب: " ذلك اليوم وتلك الساعة لا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات." مت24: 3‘ وقالها أيضا لتلاميذه " ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه."أع 1: 7.
وقد أعلمنا الرب له كل المجد علامات مجيئة الثانى وقال لنا:
مت 24: 33" متى رأيتم هذا كله فأعلموا أنه قريب على الأبواب."
مت24: 35" السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول."
مت24: 36" وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبى وحده.
والسؤال الآن ماهو رد فعل المؤمنين ‘ أولاد الله من مجيئ الرب الثانى:
لا نعرف ولا يمكن أن نعرف زمن مجيئه ‘ فلا بد أن نعيش فى حياة سهر روحى كامل مستعدين لتوقع يوم مجيئه ‘ حتى متى جاء العريس وقرع الباب نفتح له سواء فى الهزيع الثانى أو الثالث من الليل ‘ كقوله " إسهروا إذا لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم."مت24: 42.
لا يجب أن يدركنا يوم الرب كلص فى الليل كقول الكتاب فى رؤ16: 15 ‘ لأننا فى إستعداد وسهر وحافظين ثوبنا الأبيض لكي لا نمشى عرايا بالخطايا.
حقائق كتابية عن كيفية مجيئ الرب يسوع المسيح الثانى:
1- سيأتى السيد المسيح بشخصه بالجسد الذى صعد به : كقول الرسول" لأن الرب نفسه سوف ينزل من السماء ."1تس4: 46‘ وقول الملاكان للتلاميذ وقت الصعود " أن يسوع هذا الذى إرتفع عنكم إلى السماء سيأتى هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء."أع1: 11.
2- سيأتى على السحاب: " كقول الرب بفمه الكريم " وحيئذ يبصرون إبن الإنسان آتيا فى سحابه بقوة ومجد كثير." لو21: 27. وأيضا فى رؤ 1: 7" هوذا يأتى مع السحاب ..
3- سيكون منظورا لكل إنسان على الأرض (ليس كما يدعى شهود يهوة) " هوذا يأتى مع السحاب وستراه كل عين ‘ والذين طعنوه ‘ وينوح عليه جميع قبائل الأرض."رؤ1: 7.
4- سيأتى بقوة ومجد كثير" ومتى جاء إبن الإنسان فى مجده وجميع الملائكه القديسين معه فحيئذ يجلس على كرسى مجده ...مت25‘ وفى لو21 نفس المعنى بقوة ومجد كثير..
" وفى رؤية حزقيال (حز10: 14) رأى الكاروبيم لكل منهم وجهان الوجه الواحد وجه إنسان والثانى وجه أسد ‘
الإنسان رمزا الى مجيئه الأول ‘ الذى فيه أخلى ذاته وأخذ صورة عبد‘ والذى فيه أطاع حتى الموت موت الصليب ليفدى البشرية ‘
أما فى مجيئه الثانى فهو الأسد الملك الذى سيدين العالم بقوة ومجد كثير ‘ كاملا فى لاهوته.
5- مجيئه بغتة:
أ- شبهه الرب بالبرق" لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب‘ هكذا يكون أيضا مجيئ إبن الإنسان." مت24: 27 ( لذلك مذابحنا فى الشرق وصلواتنا تجاه الشرق)
ب- شبهه بالفخ " أنه كالفخ يأتى على جميع الجالسين على وجه الأرض."لو21: 35.
ج- شبهه كأيام نوح: " وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضا مجيئ إبن الإنسان...لم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع." مت24: 37.
د- شبهه مثل أيام لوط: " كما كان فى أيام لوط ‘ اليوم الذى فيه خرج لوط من سدوم أمطر نارا وكبريتا من السماء فأهلك الجميع ‘ هكذا يكون فى اليوم الذى يظهر فيه إبن الإنسان."لو7: 28-30.
ه-شبهه أيضا بمجيئ اللص فى الليل: " ولكنه سيأتى كلص فى الليل يوم الرب .." 1بط3: 10‘ " ها أنا آتى كلص." رؤ16: 15 ‘ و" لأنه فى ساعة لا تظنون يأتى إبن الإنسان."مت24: 44.
مجيئ الرب يسوع الثانى كما وصفه معلنا بولس الرسول:
1تس4: 16" لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق. الله سوف ينزل من السماء‘ والأموات فى المسيح سيقومون أولا‘ ثم نحن الأحياء الباقيين سنخطف جميعا معهم فى السحب لملاقاة الرب فى الهواء ‘ وهكذا نكون كل حين مع الرب."
السؤال الآن متى سيتم الفرز بين الأبرار والأشرار: -هناك حالتين:
الأولى لو إنتقلنا من هذا العالم قبل المجيئ الثانى (الموت بالجسد) الأموات فى المسيح ‘ فأرواح الأبرار( اولاد الله أى المؤمنين بإسمه‘ الذين إنتقلوا من الموت إلى الحياة ) ستصعد إلى فردوس النعيم ‘(وهذه أماكن إنتظار للمجيئ الثانى (لو16فى مثل الغنى ولعازر)
والذين سيكونون أحياء وقت مجيئه : - الأبرار الذين سيأخذهم الرب إليه عن يمينه وسيصعدون إليه لملاقاته فى الهواء ويقول لهم مع الموتى القائمين من الأموات " تعالوا يامباركى أبى رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم ‘ وأيضا " نعما أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينا فى القليل سأقيمك على الكثير ‘ أدخل إلى فرح سيدك." الذى هو ملكوت السموات أو أورشليم السمائية
والأشرار الذين يموتون بالجسد والروح قبل المجيئ الثانى إلى الجحيم ( الذين لم يريدوا أن يملك عليهم ‘ ورفضوه فاديا ومخلصا‘ ليست لهم معه ومعنا نصيب )وهو مكان إنتظار أيضا حتى المجيئ الثانى والدينونة ‘ وسيقومون من الأموات أيضا ‘فى المجيئ الثانى ومع الأحياء الأشرارإلى جهنم ( بحيرة النار والكبريت) ‘إلى العار والإزدراء الأبدى ‘ حيث الظلمة الخارجية والبكاء وصرير الأسنان." دا12: 3.النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته.مت25: 41
يقول لنا الرب اليوم( فأنظروا إلى نفوسكم.مر13: 9" أى حاسبوا أنفسكم "
لأن إنتقالنا من هذا العالم قد يحدث فى أى لحظة ‘وهو لا يريد لنا كقول الرسول" لأنه حينما يقولون سلام وأمان حيئذ يفاجئهم بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون." 1تس 5: 2 ‘
وكقول الرب فى مثل العذارى" وفيما هن ذاهبات ليبتعن جاء العريس والمستعدات دخلن معه إلى العرس وأغلق الباب."فإسهروا إذا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التى يأتى فيها ابن الإنسان." مت25
ويحذرنا أيضا" لئلا تثقل قلوبكم فى خمر وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغته." لو21: 34
السؤال ماذا نحن فاعلون حتى لا يقال لنا ماقاله للعذارى الجاهلات : الذين سألوه ياسيد إفتح لنا فأجاب الحق أقول لكن إنى ما أعرفكن.
1- نعيش فى جهاد روحى طوال غربتنا على الأرض ‘ والمعنى هنا أن يكون الإنسان سهرانا روحيا على خلاص نفسه وأبديته ‘ وهو أمر خطير ‘ يجب علينا أن نضعه فى أعماق قلوبنا وإهتمامه‘ هو سهر دائم ‘ هوسهر الحياة كلها .
السبب الأول للسهر الروحى هو الإستعداد للأبدية
السبب الثانى هو ان الشيطان ساهرا أيضا يجول كأسد زائر ملتمسا أن يبتلعنا‘ ولذلك قال الرسول محذرا" قاوموه راسخين فى الإيمان."
السبب الثالث أسهروا وصلوا لئلا تدخلوا فى تجربة( مت26: 41)
إذا السهر هو أمر إلهى ‘ وهو يعيننا ونحن ساهرين فندخل فى شركة مع الروح القدس لمسنادتنا.
2- الحياة فى توبة دائمة.. ونصلى دائما" توبى يانفسى مادمتى فى الأرض ساكنة(صلاة نصف الليل)." وكقول الرب " إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون.لو13: 3
3- الحياة فى قداسة: "كونوا قديسين كما أنا قدوس " وقد سأل أهل تسالونيكى القديس بولس الرسول عن إرادة الله ‘ فرد قائلا " إرادة الله قداستكم ‘
والقداسة تشمل الطهارة الجسدية ونقاوة القلب والضمير والحواس:
‘ كقول الرسول" إتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب." عب12: 14‘ وكقوله لتلميذه تيمو" إحفظ نفسك طاهرا." وقداستنا مرتبطة بحلول روح الله القدوس داخلنا لأننا هيكل الله المقدس. " طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله."
4- أن نكون أمناء : والأمانة تكون مع الله أولا وثانيا مع الناس
‘ كقول الرب " كن أمينا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة "
5- الحياة فى بر وصلاح وعمل الرحمة ‘ ولا نكون مثل الذين لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها – حياة رياء ونفاق - ومحبة القريب كنفسك ‘ وخدمة بعضنا البعض هو أقرب دليل على سهرنا الروحى إستعدادا ليوم اللقاء.
إسهروا إذن لأنكم لا تعلمون متى يأتى العريس ويغلق الباب. الله يعيننا على جهادنا الروحى لنكون مستعدين دائما ليوم الرب العظيم.
ولإلهنا المجد الدائم . أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق