نقرأ من إنجيل قداس أحدنا اليوم المبارك فصل من بشارة القديس مرقس الرسول ‘ الإصحاح 2 والأعداد من 1إلى 12 ‘ وهو الجزء الخاص بشفاء المفلوج ‘ ولكن الإصحاح أيضا مقسم الى أجزاء تعليمية وخلاصية وإيمانية لاهوتية عميقة ‘ وفيها يكشف لنا وجود المقاومين لله فى كل زمان ومكان ‘ويمثلهم هنا الكتبة والفريسيون ‘ الذين كشف لهم الرب يسوع أنه عارف بأفكار قلوبهم :
والرب يقدم لنا اليوم تأملنا فى هذا الفصل من الإنجيل:
- 1- تعليمنا " ان الأيسر عند الله هو شفاء أمراضنا الجسدية مهما كانت ‘ولابد أن نتنبه أن مغفرته لخطايانا هذا يكون الهدف الأهم فى حياتنا" لأن فيه خلاصنا ‘وهو الله الذى ليس غيره فى يده مغفرة خطايانا وخلاصنا ‘ فلماذا لا نهتم بها أكثر من الإهتمام بشفاء الجسد؟. "ولكن لكى تعلموا ان لابن الإنسان سلطانا على الأرض ان يغفر الخطايا .قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك." فقام هذا المشلول كلية ‘ومشى أمامهم حاملا سريره‘وهنا مجد الشعب الله ‘لأنهم لم يروا مثل هذا قط. " ونتعلم أن نعيش حياتنا فى حياة التوبة الدائمة مهما كنا أصحاء " فإن لم تتوبوا فجميعكم أيضا تهلكون.لو13: 3و4‘ وكقوله الكريم " لا يحتاج الأصحاء الى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعوا أبرارا بل خطاة الى التوبة.مر2: 17.
-
- 2- عقيدتنا اللاهوتية أن " الكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا." يو1: 14‘ وبقول رب المجد بفمه الكريم " وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء إبن الإنسان الذى هو فى السماء." يو3: 13‘ ولكن الكتبة والفريسيين لم يؤمنوا بذلك ونظروه إبن الإنسان فقط رغم شهادة الآب له – فى العماد أو الظهور الإلهى ويوم التجلى عندما قال من سمائه هذا هو إبنى – وشهادة الرب عن نفسه بفمه المحيي – أنا والآب واحد ‘ من رآنى فقد رأى الآب - وشهادة يوحنا المعمدان – وأشهد أن هذا هو إبن الله ‘ وهو الحمل حامل خطايا العالم ‘ وشهادة أعماله الشفائية والخلق – مثل إقامة الموتى ‘ وشفاء عيني المولود أعمى وغيرها كثيرا‘ وهاهو الأيوم يعلن لهم " ولكن لكي تعلموا أن لإبن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم وأحمل سريرك وإذهب إلى بيتك."مر2: 10و11. لهؤلاء الذين قالوا " من يغفر الخطايا غير الله ؟"
- 3- الإيمان العامل بالمحبة: يقدم لنا هذا الجزء أشخاص أربعة بعد سماعهم لخطاب الرب وكلمته الحية الفعاله وآمنوا بها‘ " وجاءوا اليه مقدمين مفلوجا يحمله أربعة" وهؤلاء الأربعة كان عندهم هدف واحد أن يضعوا المفلوج أمام الرب فقط ‘ وهم مؤمنين ومتأكدين من شفائه ‘ وبالفعل كشفوا السقف حيث كان وبعدما نقبوه دلوا السرير الذى كان المفلوج مضطجعا عليه . فلما رأى يسوع ايمانهم غفر خطاياه وشفاه من مرضه‘ هؤلاء الاربعة لم نسمع منهم كلمة واحدة بل عملوا فقط ‘ كشفوا السقف فأزالوا كل مايعوقهم من الأقتراب من رب المجد يسوع ‘ وقبل ان يشفيه الرب من خطاياه وشلله قال الكتاب " ولما رأى الرب إيمانهم" وهل إيمان الأربعة يرى؟ ‘ نعم بأفعالهم ويقينهم وثقتهم فى قدرة وإرادة الله ‘ قد رأى الرب إيمانهم وبالطبع إيمان المريض لأنه لم يعترض على مايفعلونه به ‘ ولكن مالابد أن نتأمل فيه ليس إيمانهم فقط بل محبتهم ‘كقول الكتاب " وان كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئا.1كو13: 2" وقد رأى الرب فى هؤلاء الأربعة الإيمان العامل بالمحبة والذى هو الطريق الى الله ‘ فمحبة الغير والجار والقريب وكل البشر طريق وحيد لمحبة الله ‘ ولذلك يقول الكتاب "فلما رأى يسوع إيمانهم" الذى هو ظاهر فى عظم محبتهم للمفلوج ‘ والذين هم بإيمانهم البسيط ومحبتهم كانوا رائحة ذكية للمسيح يقدمون الخاطئ والمرضى لله دائما بكل محبة تعبر عن إيمانهم بكلمة الرب التى خاطبهم بها ‘ ولأنه هو نفسه كلمة الله المحييه. فمهما كان لى كل الإيمان الذى يعطينى القدرة على نقل الجبال ولكن بدون محبة فلن نستطيع أن ننقل قشة واحدة ‘ ولكن بالإيمان اليقينى البسيط وبالثقة الممنوحة للمؤمنين وبالمحبة أستطيع أن أنقل ليس الجبال فقط بل يهش العالم ومادياته جميعها من أمامى. وصادق قول الرسول "اما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة .هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة." 1كو13: 13"
-
4- الله فاحص القلوب والكلي: فهو وحده عارف خفايا الأفكار والقلوب كقول الكتاب " وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون فى قلوبهم . لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف.من يقدر ان يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه انهم يفكرون هكذا فى انفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم."مر2: 7و8‘ فلنحترس ياإخوتى ونؤمن أن إلهنا عارف خفايا الفكر والقلب‘ وماأفظعها خطايا الفكر والقلوب ‘ التى تنجس الجسد وتشوش العقل وتملأ القلب ببغضة وكراهية وحقد وحسد وشهوة ‘ فالخطية تبدأ تنمو فى الفكر وترسلها الى القلب فتتوجها بإحاسيس وشعور فتنخدع النفس بالشهوة فتخرج بإرادة النفس لحيز التنفيذ ‘ وهكذا قال الرب لملاك كنيسة افسس" انا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.."رؤ2: 2‘ ولملاك كنيسة سميرنا " انا أعرف أعمالك وضيقتك وفقرك.."رؤ2: 9‘ وأخبر كل ملائكة الكنائس بانه عارف أعمالهم ويخبرهم بها ‘ وليكن هذا هو إيماننا مثل يوسف العفيف ‘ كان مؤمنا بوجود الله فى داخله وانه يعرف فكره وقلبه فقال كيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله." تك39: 9‘ وكان إيليا التشبى النبى النارى العظيم دائما يردد " حي هو الرب الذى وقفت أمامه." ومع أن هؤلاء الكتبة قد إعترفوا بفمهم رغم اتهامهم له بالتجديف ‘ انه هو الله غافر الخطايا بقولهم ‘ لا يغفر الخطايا إلا الله وحده ‘ فقال لهم الرب لكى تعرفوا هذا قال للمفلوج قم أحمل سريرك وأمشى الى بيتك ‘ فمجد الشعب الله. ولكنهم لقساوة قلوبهم لم يتعلموا الدرس ولا رأوا الرب المسيا المنتظر .
- وحقا كقول الرسول " بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه لانه يجب ان الذى يأتى الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازى الذين يطلبونه."عب11: 6. ولإلهنا المجد الدائم .آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق