فى العهد القديم وحتى يعطى الله شريعته ووصاياه لشعبه يقول الكتاب " قال الرب لموسى إصعد إلي إلى الجبل وكن هناك فأعطيك لوحي الحجر والشريعة والوصية التى كتبتها لتعليمهم."خر24: 12‘وفى ملء الزمان جاء الرب يسوع المسيح الله الكلمة ‘ ليعطينا شريعته السماوية للعهد الجديد ‘ فيقول الكتاب" ولما رأى الجموع صعد الى الجبل.فلما جلس تقدم إليه تلاميذه.ففتح فاه وعلمهم قائلا‘ وبدأ الموعظة على الجبل بالتطويبات ‘ ثم منحهم هبة أن يكونوا ملح للأرض ونورا للعالم ‘ وأكمل ناموسه بتكميل شريعة العهد القديم ‘ فيقول قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل .ومن قتل يكون مستوجب الحكم أما أنا فاقول لكم ان كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم‘ وهكذا أعطاهم شريعة العهد الجديد ‘وأنهى كلامه بقوله" فكونوا انتم كاملين كما أن اباكم الذى فى السموات هو كامل." مت 5: 48. وقد أوضح الرب عدة مبادئ مهمة فى تفسيرة لشريعة ودستور العهد الجديد عهد النعمة والحق :
1- أنه الكلمة الإلهية فى العهدين" لا تظنوا انى جئت لأنقض الناموس او الأنبياء ‘ ماجئت لانقض بل لاكمل."
2- كلامه ثابت الى الأبد لا ينتقص ولا يزول" الى ان تزول السماءوالأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل."
3- العمل بوصايا الله "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية.واما الآن فليس لهم عذر فى خطيتهم." يو15: 22.
4- أن فى يده الدينونة" لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للأبن." يو5: 22.
وفى الجزء الثانى من الشريعة قدم لنا أركان العبادة التى هي الصدقة والصلاة والصوم ‘ وطالب المؤمنين بان يكون هدفهم فى العبادة " أن أبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية."
كنوز السماء
فى بداية القداس الإلهى يسأل الأب الكاهن الشعب ‘ أين هي قلوبكم ؟ فنصرخ ونرد عليه " هي عند الرب " ‘ وهذا هو الجزء الثانى المكمل للعبادة المسيحية وهو فصل إنجيل الأحد الأول من الصوم الكبير مت 6: 19 – 33
" لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ‘ وحيث ينقب السارقون ويسرقون‘ بل إكنزوا لكم كنوزا فى السماء‘ حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون ‘ لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا."
والحياة التى يرغبها لنا الرب هي الحياة الأفضل فى ظل الإيمان المسيحى الحق ‘ كقوله الكريم" وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل." 10: 10 ‘ والحياة الأفضل هى الحياة الأبدية السماوية ‘ وليس كحياة الناس على الأرض الذين هدفهم إرضاء الأرضيين‘ بل عبادتنا لابد أن تكون سماوية ‘ بمعنى أن مانفعله على الأرض يكون هو أساس حياتنا فى بيتنا السماوى ‘ فما نحن إلا غرباء على الأرض نسعى ونجاهد لكي نكلل فى السماء. ولذلك كانت تعاليم الرب يسوع هدفها واحد "ان لنا بيتا فى السماء
1- " انا أمضى لأعد لكم مكانا .وإن مضيت واعددت لكم مكانا آتى أيضا وأخذكم الي حتى حيث أكون انا تكونون أنتم أيضا."يو14: 2و3 ‘ 2 - وهذا مارد به الرب يسوع للشاب الذى سأله ماذا أعمل لتكون لى الحياة الأبدية؟ قال له يسوع ان اردت أن تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز فى السماء." مت 19: 21‘
3- وهذا ماقاله الرب لتلاميذه عندما جاؤااليه فرحين" حتى الشياطين تخضع لنا باسمك ‘ بل إفرحوا بالحري ان أسماءكم كتبت فى السموات."لو10: 20‘
4- وفى مثال مال الظلم قال الرب" وانا أقول لكم اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى إذا فنيتم يقبلونكم فى المظال الأبدية." لو16: 9‘ فهناك أناس لن يقبلون فى الأبدية لأنهم لم يصنعوا لهم كنوزا فى السماء فى حياتهم على الأرض ‘ وهذه هى كنوز السماء التى هى حيث يكون قلبك فى السماء.البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والتواضع والوداعة‘ وأعمال الرحمة والعطاء والبذل لأخوة الرب كنوز فى السماء ‘ ولذلك تسبحتنا المفضلة فى أيام الصوم
" طوبى للرحمى على المساكين فان الرحمة تحل عليهم والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم"‘ والقديس أغسطينوس يقول" الفقراء ليسوا إلا حمالين ينقلون أمتعتنا من الارض الى السماء.إذا فلتعطوهم مالديكم فانهم يحملونها الى السماء ‘ وتذكروا قول الرب " تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملك المعد لكم...لأنى جعت فأطعمتمونى ...وكل مافعلتم بأحد إخوتى الأصاغر هؤلاء فبى فعلتم." مت25. (قصة بطرس العابد)
دستور الرب لملكوته
بعد أن وجه الرب إهتمامنا بالسماء ‘ وتعليمنا أن كل خدمة وعمل وفكر بل كل حياتنا على الأرض لها هدف واحد فقط هو أن يوصلنا الى بيتنا السماوى ‘ كقول معلمنا بولس الرسول" فلنا فى السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد أبدي." ‘ " فنثق ونسر بالأولى ان نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب." 2كو5: 1و8‘ وفى هذا الفصل من الإنجيل يحدد لنا الرب مواد دستوره للوصول الى ملكوته فى السماء على النحو التالى:
1- سراج الجسد هو العين
بالعين الجسدية نرى النور ‘ وهذا ينير الجسد كله ‘ ولكن بشرط أن تكون العين بسيطة‘ بمعنى ليس فيها ظلمة الشرور ‘ بل تكون مرشدا للجسد كله فى عبادته وسلوكه وأحاسيسه ومشاعره نحو السماويات ‘ ولا تنظر الى الأرض وأمجاده الزمنية الباطله ‘ وهى البصيرة الداخلية والنية الصالحة والقلب المستنير ‘ ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم" كثيرون قد ملأوا سفينتهم بذهب الصدقة والصلاة والصوم وظنوا انها الأعمال الصالحة التى توصلهم الى بر الأمان ‘ ولكن بسبب فساد قلبهم وظلمة بصيرتهم الداخلية يبقون بعيدا عن الميناء وتغرق سفينتهم بكل ما فيها." والقديس أغسطينوس" العين البسيطة بنية القلب الداخلى التى تقود كل تصرفاتنا‘ فيجب ان تكون كل افعالنا نقية ومرصية فى نطر الله إن صنعناها بقلب بسيط‘ هدفنا فيها سماويا‘ وهنا نفهم العين البسيطة أنها النية النقية السليمة ‘ الناظرة للسماويات ‘ فستكون كل أعمالنا صلحة ‘"جسدك كله" ‘ والعين البسيطة أيضا تشير الى روح التمييز أو الحكمة التى تقود أفكارنا وأعمالنا.
2- محبة الله وليس محبة المال
العدو الأول لحياتنا الروحية التى تجاهد للوصول الى بيتنا الأرضى هو محبة المال‘ التى تبعدنا عن محبة الله ‘ وهذا مايعلمه لنا معلمنا بولس الرسول فى رسالته لتلميذه تيموثاوس " لأن محبة المال هى أصل كل الشرور إذا إبتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة ‘ وأما أنت ياإنسان الله فاهرب من هذا وأتبع البرالتقوى الإيمان والمحبة والصبر والوداعة ."1 تيمو6: 10-12. وقد كان آبائنا الأولين إبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب أغنى الناس ولكن محبة هى التى قادتهم الى السماويات.
3- الله يهتم بنا
يعلمنا الرب يسوع أن لا تكون شهوة تعظم المعيشة من أكل وشرب ولباس هى كل مايهمنا ويشغل حياتنا بعيدا عن الله ‘ والله بطبيعته يعتنى بنا حتى لو لم نطلب كقوله الطاهر" لان أباكم السماوى يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها." ‘ فالحياة الأفضل التى يريدها لنا الرب هى فوق كل شيئ ‘ فالطيور لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع لمخازن‘ وأبوكم السماوى يقوتها‘ أبينا السماوى هو يقوتها فهل يتخلى عن الإهتمام بأولاده‘ وحياة النمو والنضوج يعطيها لنا الرب بدون سؤال منه ‘ وأعطى الرب مثلا بلباس سليمان الملك ‘ بل بزنابق الحقل التى تنمو عشوائيا حول الحقول ‘ ومن الطبيعى جدا أن يهتم الله بنا نحن أولاده بكل هذه ‘ كقول المرتل" ألق على الرب همك فهو يعولك.لا يدع الصديق يتزعزع الى الأبد."مز55: 22 ‘والشك فى ذلك هو قلة إيمان( ياقليلى الإيمان) .
4- اطلبوا ملكوت الله وبره
يطالبنا الرب ان يكون دستور حياتنا على الأرض له هدف واحد هو ملكوت الله ‘ أن يملك على حياتنا ويسكننا معه فى ملكوته فى السماء ‘ ونطلب الخيرات السمائيه ‘ نعمل للطعام الذى للحياة الأبدية عيوننا على الحياة الأبدية ‘ وتجهيز بيتنا السمائى بكل الفضائل المسيحية‘ ووعد الله لنا"هذه كلها تزاد لكم "
ونطلب من إلهنا الصالح أن يثبت ويقوى إيماننا ويقودنا فى فترة هذا الصوم المقدس نحو النقاوة والنية والضمير الحسن ‘ ويرفع عنا شهوة مطالب المعيشة ويجعل أعيننا مرفوعة دائما الى السماء‘ ويقودنا فى موكب نصرته للسماويات.ولإلهنا المجد الدائم .أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق