كيف ننتصر على الشيطان/ نسيم عبيد عوض

تعيش البشرية اليوم فى عالم مضطرب ووسط شر يحيط بنا من كل زاوية  ‘يمر العالم بتجارب مميتة وخانقة تشهدها المذابح والحرق والتدمير ‘ والحروب والضيقات ‘ حتى يأس البعض من إيجاد مخرج لحياة فيها سلام وهدوء وإطمئنان ‘واليوم فى الأحد الرابع من شهر بشنس يقدم لنا الكتاب المقدس موضوع التجربة من فصل إنجيل لوقا الإنجيلى 4: 1 -13 والذى يقرأ أيضا فى الأحد الثانى من الصوم الكبير وهو نفس ماورد فى الأناجيل متى 4: 1-11 ‘مرقس 1: 12و13 ‘ وهو فى الترتيب الإلهى يأتى بعد معمودية الرب على أيدى يوحنا المعمدان كقول الكتاب" حيئذ جاء يسوع من الجليل الى الاردن الى يوحنا ليعتمد منه . ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتى الي. فاجاب يسوع وقال له اسمح الآن .لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر.حيىنئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. واذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه. وصوت من السموات قائلا هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت." مت 3: 13-17. ثم يأتى بعد ذلك مباشرة فى الترتيب الإلهى الصعود الى البرية من الروح ليجرب من إبليس ‘ وهو موضوح حديثنا اليوم‘ ولكن أحب أن أعود الى انجيل الأسبوع الأول من الصوم "مت6: 19-33" حيث الله يطالبنا ويسألنا أين هو كنز قلوبكم؟ أهو على الأرض أم فى السماء ويعلمنا ..لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض .. بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء حيث منزلا السماوى المعد لكل مؤمن منا‘ وحيث يكون كنزك يكون قلبك ..اطلبوا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم.
ثم ننتقل مع الرب يسوع فى تجربته فى البريه من إبليس " ثم أصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من إبليس ." مت4:1‘بعد العماد مباشرة( مع ملاحظة ان الرب يسوع لم يكن محتاجا للعماد) ولكنه يكمل كل بر ‘ ليكون المثل والمثال والقدوة. فالروح الذى نزل عليه فى نهر الأردن مثل حمامة هو الروح الذى أصعده الى البرية ليجرب من إبليس ‘ ويجرب كإبن الإنسان حيث أخذ له جسدنا البشرى ‘ أى ان هذه التجربة خاضها بكونه بشر مثلنا حتى تكون لحسابنا ‘ لأنه وهو الله وهو خالق إبليس لا يدخل معه فى تجربة ولابد أن يكون ذلك مفهوما ‘ وهو فى جسدنا البشرى دخل فى التجربة مع إبليس وإنتصر عليه ‘ حتى يكون مثال لنا فى أى تجربة‘لكي يعلمنا كيف ننتصرعلى الشيطان فى جهادنا الروحى‘  والسيد المسيح بوصفه البشرى يكون مجرب مثلنا فى كل شيئ ماخلا الخطية(عب4: 15) لأنه وهو الله يسود على التجربة كسيادته على الموت والخطية ‘وهكذا دخل التجربة وساد عليها ليكسر شوكة الشيطان وليكسر قوة الخطية كقول الكتاب" ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا ‘ بل مجرب فى كل شيئ مثلنا بلا خطية." عب4: 15.
"فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة ." ولنذكر أن موسى النبى العظيم كليم الله صام على الجبل مع الله اربعين نهارا واربعين ليلة لم يأكل خبزا ولم يشرب ماء كقول الكتاب ‘ فاستحق ان يكتب له الله على لوحين حجريين كلمات العهد والوصايا العشر."خر34: 25. وإيليا النبى أيضا صام اربعين نهارا واربعين ليلة حتى يستحق ان يتقابل مع الله على جبل حوريب (1مل19: 8). موسى كمشرع للناموس وإيليا سائرا فى الطريق الى الله ليأخده الى السماء فى مركبة نارية ‘ والسيد المسيح بعد الصوم والتجربة وضع لنا  كمال شريعته على الجبل المعروفة بالموعظة على الجبل.وقال بفمه الطاهر" لا تظنوا انى جئت لأنقض الناموس او الأنبياء. ماجئت لانقض بل أكمل.فانى الحق اقول لكم الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل."مت5: 17و18
المجرب
فتقدم اليه المجرب وقال له : ان كنت أنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا." والشيطان هنا لا ينكر على يسوع بنوته لله بل يتحدى ويشكك فى أن يثبت له ذلك ‘ فى وقت لا يشاء الله أن يظهر ذاته الإلهية. وهذا أسلوب الشيطان مع بنى البشر فلكى يوقعهم فى براصنه وشباكه يستخدم التشكيك والمشورة الخبيثة التى تحمل لصاحبها فخ الخطية لكبرياء او عصيان او نسيان الله ‘ يشكك فى محبة الله وقدرته ووعوده ‘ وهو فى نفس الوقت هو المجرب وهو المشتكى علينا أمام الله وفى سفر الرؤيا "فقد طرح المشتكى على اخوتنا الذى كان يشتكى عليهم أمام الهنا نهارا وليلا." رؤ12: 10 .
كانت رسالة السيد المسيح فى منهج خلاص البشرية ‘أن يدخل التجربة نائبا عن كل البشر ليكسر سلاح الشيطان وسطوته ‘ ويوقف حركته تمهيدا لعزله عن الخليقة الجديدة ‘ فبالخلاص والفداء نزع عنا الرب يسوع سلطان الشيطان وأعطانا السلطان حتى ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو ‘ والذى ينخدع ويقع فى فخه هو بإرادته ‘ فالشيطان ليس له سلطان على أبناء الله  المولودين من الماء والروح  ولا ندخل فى تجربه معه إلا إذا إنخدعنا بالشهوة وحبائل إبليس وهو الذى يقول للرب يسوع "إن كنت أنت ابن الله "‘ وهو يعلم انه القادر عن تحويل الحجارة الى خبز وسيسمعها من فم يوحنا المعمدان : ان الله قادر ان يجعل من هذه الحجارة ليس خبزا بل أولادا لإبراهيم .
كلمة الله تغلب الشيطان
والرب يسوع المسيح فى هذه التجارب مع إبليس جميعها يستخدم كلمة الله المكتوبة فى سفر التثنية  ويرد دائما (مكتوب) 1- فى تجربة الخبز قال الرب" مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ."تث8: 3و4 .2- وفى ثان التجارب قال له الرب يسوع" مكتوب لا تجرب الرب إلهك."تث6: 16 . 3- وفى النصرة الأخيرة للرب يسوع على الشيطان قال له"مكتوب للرب الهك تسجد وإياه وحده تعبد."تث6: 13.
ونحن فى عهد النعمة والحق نؤمن أن غلبة الرب يسوع على الصليب كانت لحساب المؤمنين فهو الذى غلب الشيطان والخطية وكسر شوكة الموت ‘ أعطانا السلطان لغلبة الشيطان والطريق لنهزم قوات الشر كقول معلمنا بولس الرسول" وأنتم إذ كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا التى سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذى يعمل الآن فى أبناء المعصية."أف2: 1و‘ وكقول الكتاب " العالم كله قد وضع فى الشرير."1يو5: 1و2 ولذلك يطمئنا الرب فى صلاته الوداعية " لست أسأل ان تأخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير ."يو17: 15.
وفى مقابل سيطرة الشيطان على عالم الشر ورؤساء الشر على الأرض ‘ يدير الرب عالم المؤمنين بالحب والحكمة والنعمة بأولاده فى كل صلاح وتقوى ومخافة الله لخير الإنسان ‘ لذلك يدعونا ملح الأرض ونور العالم ‘ نعيش فى قناعة بلا طمع فى مغريات عالم الشر هذا ‘ بل نشكر ونسبح الله فى كل حين.
فإذا كان كل مافى العالم شباك إبليس للإيقاع بالبشر تحت أنيابة هى شهوة الجسد وشهوة العالم وتعظم المعيشة ‘لكن بسلطان الرب الذى منحنا إياه بنعمته وصيرنا أولاده لنا النصرة الكبيرة على كل هذه الفخاخ ولا نقع فيها. ولنا القدرة بمعونة الرب أن نقول للشيطان عند إقترابه منا " إذهب عنى ياشيطان." ولنصلى لإلهنا كل حين للرب ألهنا " لا تدخلنا فى تجربة"ولنزداد تعمقا فى كلمة الله التى تسندنا فى غلبة قوات الشر التى تحوم حولنا فى كل وقت. ولا ننسى وعد الرب " هل تنسى الأم رضيعها فلا ترحم ابن بطنها .حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك. هوذا على كفى نقشتك وأسوارك أماى دائما."اش49: 15و16.   ولإلهنا كل المجد أمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق