المطران بو جوده:" كان بابه مشرعا امام جميع من قصده ـ
نظمت ابرشية طرابلس المارونية احتفالا تكريميا للخوراسقف بطرس جبور، لمناسبة مرور ستين سنة على خدمته الكهنوتية، في قاعة كنيسة مار مارون في طرابلس، بحضور الاستاذ ايليا عبيد ممثلا النائب جان عبيد، راعي الابرشية المطران جورج بو جوده، مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، متروبوليت طرابلس والشمال للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر ممثلا بالارشمندريت الياس بستاني، عدد من مختاري قضاء زغرتا، النقيب راحيل دويهي، قائد الدرك السابق العميد سركيس تادروس، العميد المتفاعد ابراهيم جبور، رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طوني لطوف، نقيب محرري الصحافة الياس عون ممثلا بمستشاره في الشمال الاستاذ جوزاف محفوض، اهل وانسباء الخوراسقف المكرم، الى لفيف من الكهنة والرهبان والراهبات، ورؤساء اديرة، وحشد تربوي، ثقافي، ووجوه اجتماعية طرابلسية، وحشد من ابناء بلدة ارده غي فضاء زغرتا ومدعوين.
بداية النشيد الوطني اللبناني تلا النائب الاسقفي المونسنيور الياس جرجس نص البركة التي ارسلها البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الى المكرم جبور وفيها:" يسعدني ان ارافقك بالصلاة والتهنئة مع كل الذين يشاركون في هذا الاحتفال من اقارب ومؤمنين وكهنة ورهبان وراهبات وعلى راسهم جميعا سيادة راعي الابرشية معك نشكر الله على هذه السنوات الكهنوتية الستين، وعلى ما افاض عليك من نعم، وبواسطتك على النفوس التي لا تحصى، في رعية ارده، التي تخدمها منذ ثماني وخمسين سنة، وسواها من الرعايا التي شملتها خدمتك بشكل مياشر وغير مباشر، كنائب عام، ومرشد الحركة الرسولية المريمية، وتنشئة الشبيبة وارشادها في المخيمات الرسولية، واحياء الرياضات الروحية والتعليم المسيحي".
من ثم عرف بالحفل الاستاذ بولس بطرس الذي قال في كلمته:" حسبك ان اسمك واعمالك على كل شفّة ولسان في هذه الأبرشية وخارجها. أما عن طرابلس وأهل طرابلس فالحديث يطول، وكم أصغيتُ مستمتعاً وأنت تخبرني، مسترسلا في الحديث، عنها وعن أهلها، منذ ايام الجامعة وحتى اليوم، وما وجود أهل السماحة والفضيلة وهذه الوجوه الطيبة الاّ تأكيد على التقدير الذي تحظى به من طرابلس واهلها ومنا جميعا".
من ثم تحدث خادم رعية ارده زغرتا الخوري فادي جبور فقال:" عرفته منذ نعومة أظافري، الخال والمربي والعراب والأب الذي يُسدي النصائح ويوجّه بحكمة انطلاقًا من مسيرة عايش فيها أهمّ أحداث ومحطات مفصلية على صعيد الوطن والكنيسة. الوطن لبنان الذي لا يكفُّ عن طلب الصلاة من أجل سلامه وإزدهاره وعزتّه، والكنيسة التي يفرح ويهتّم بالعناية وبتنمية الدعوات فيها، وما وفرة الدعوات في رعيتنا خاصة في التكرّس الرهباني سوى خير دليل على ذلك".
ثم تحدث النائب العام على ابرشية طرابلس المارونية الخوراسقف انطوان مخائيل فقال:" لقد جمع الخوري بطرس في شخصيّته حكمة المربّي، وحزم المعلّم، ولطف المرافق، ولين الأب، وحنان الأم. فلا زلنا نسمع صدى صوته الجهوريّ، وهو يلقي، بشغف وحبّ، دروس اللغة السريانيّة على طلاّب إكليريكيّة مار أنطون البادواني في كرم سدّة، باعثًا فيهم الرغبة القويّة في تعلّم هذه اللغة وألحانها الطقسيّة، حفاظًا على تراث الآباء والأجداد. وما زالت إرشاداته وتوجهياته للإكليريكيّين، الذين أصبح معظمهم كهنة، تشكّل مرجعًا وذخرًا لهم في حياتهم ورسالتهم الراعويّة. إلى ذلك، يعرف عن المونسنيور جبّور إتقانه لعظاته وخطبه في القداديس وسائر المناسبات الدينيّة، إذ إنّ فيها العلم اللاهوتيّ العميق، والخبرة الراعويّة والإنسانيّة الطويلة، والروحانيّة العميقة. في نفس الخوري بطرس جبّور، تقيم طيبة مسيحيّة مميّزة، وشفافيّة لافتة، تجعل منه شخصًا لطيف المعشر، سهل التواصل، جاهزًا دومًا للخدمة والعطاء، وعاملاً بجهد على حلّ جميع الخلافات، حتّى في أصعب الظروف".
وقال خادم رعية مار مارون المونسنيور نبيه معوض في كلمته:" خدم رعية مار مارون حتى إنتهاء مهمته كنائب عام لأبرشية طرابلس المارونية، فاتخذها مجالاً رسولياً خاصاً، وسخّر لخدمتها طاقاته الجسدية والروحية، معطياً بلا حساب ، وقد قيل عنه أنه أخذ من شفيعه مار بطرس، فاتقدت منه الروح وسخا العطاء، لذا كان يأتي يومياً من دار المطرانية إلى الرعية ماشياً، رغم شدة الصقيع والمطر شتاءً، والحر صيفاً، كي يحتفل بالذبيحة الإلهية، وبوادر الفرح والشوق على وجهه. وكان أبناء الرعية يبادلونه الابتسامة والتحية في بداية كل قداس وبعده. حقاً لقد كان كاهن الرب الأمين، وخادم الرعية الوفي ومثال العطاء السخي. فقد جعل للقداس الإلهي نكهةً ورونقاً، وأدخل للصلاة بهجة. من هنا كان أبناء الرعية ينتظرون بلهفة قدومه إلى الكنيسة لملاقاة الرب يسوع، الذي طالما جذبهم إليه من خلال صلاته المفرحة وعطاءاته الروحية العميقة وتفاعله الحي في كل مناسبة روحية".
وتحدث بعده الدكتور عكر جبور باسم عائلة المكرم فقال:" خلال خدمته الراعوية تصدّى لبعض العادات والتقاليد الزائفة والمربكة في بعض المناسبات ، وبخاصة في المناسبات الحزينة وما كان يجري في الأيام التي تلي مراسم الدفن ، مما لا يتّسع ذكره الآن ، فعمل بلباقته وحنكته على تغييرها بما يتناسب مع المفهوم الروحي ، لتنطلق هذه التغييرات في الرعية وفي الرعايا المجاورة ومن ثمّ في الأبرشية والتي أصبحت سارية على صعيد الوطن . هذا غيض من فيض مما أستطيع ذكره في هذه المناسبة ، فعذراً يا عمي الحبيب إن كنت قد أخجلت تواضعك ، فأنت ركن العائلة ونحن بحاجة الى بركتك ورضاك طول الأيام . الشكر الجزيل لسيادة راعينا الحبيب ، ولأصحاب السيادة ، ولسماحة المفتي ، ولكل الآباء الأجلاّء والأخوة والأهل والأصحاب ، وللّذين عملوا ونظّموا وتعبوا لإنجاح هذا الاحتفال ، ولكل الذين شرّفونا بحضورهم ومحبتهم ".
ثم كانت كلمة النائب الاسقفي الخاص الخوري يوحنا مارون حنا الذي اشار فيها الى :" المونسنيور جبور او "مطران الظل" كما كان يحلو لنا ان نسميه، كان الحارس الدائم والامين على المطرانية التي لم يفارقها الا لضرورات العمل، كان حاضرا دائما لتلبية اي امر يطلب منه خاصة اذا كان هذا الامر يتعلق بامور الناس وحاجاتهم. لم يقصده احد، الا ووجده حاضرا يساعد في تامين ما يطلب منه او يعمل على تامينه بالطريقة التي تعود ان يعمل بها، بصمت ومن دون ان يدري احد بما يفعل. كان صبورا وهادئا يعمل بصمت وبشغف، يعطي من قلبه وعقله وروحه، حتى اضحى مكتبه يضيق بالزوار الذين يقصدونه. لم يكن للمونسنيور جبور وقت للعمل "فطالما انا موجود انا جاهز لاي خدمة" هذا ما كان يردده دائما امام مسامع الجميع من هنا كان مكتبه دائما يعج الزوار ان كان في الفترة الصباحية او في فترة ما بعد الظهر حيث لا دوام اداريا في المطرانية المارونية في طرابلس".
من ثم تحدث المفتي الشعار فاشار في كلمته الى:" ان القيم كلمة لها مضمونها ولها بعد انساني ومجتمعي يهدف الى ضبط وربط حركة الانسان والمجتمع، ويرسم الى حد بعيد دقة العلاقة مع الاخر، حتى المشاعر والعاطفة والحب. والانسان بدون هذه القيم حيوان تحكمه الغرائز والمصالح والشهوات. هذا الانسان لا يتمكن من القيام بدوره وتحقيق رسالته في الحياة بدون هذه القيم. والعيش المشترك واحد من هذه القيم التي كثر الحديث عنها في هذه الايام بعد ما اصاب بلادنا من حروب ودمار ولو عرف الناس قيمة دينهم والمحبة والرحمة والسماحة لما كانت تلك الحروب وذاك العنف".
اضاف:" العيش المشترك قدرنا وخيارنا وواحد من غايات ديننا وشريعتنا. فالخطاب لأهل الكتاب اعتراف بهم والدعوو الى كلمة سواء تحديد القاسم المشترك بيننا وبينهم لحسن التعامل مع بعضنا والعيش معا. سنشارك بعضنا في الافراح والمساواة في المصائب. واجتماعنا اليوم ترجمة عملية وواقعية لهذه المفاهيم ولهذه الثقافة التي تمثل قيمة الحضارة والانسانية. فالمحتفى به المونسينيور جبور يتمتع بالقيم التي ذكرت وهو أمضى عمره بالعطاء والتضحية وخدمة الاخر".
ثم كانت كلمة المحتفى به الخوراسقف جبور الذي قال:" يا أبناء طرابلس الحبيبة ويا أبناء رعية مار مارون ، لن أنسى الأيام الجميلة التي أمضيتها بينكم : عليكم أن تبقوا على ايمانكم ، وأن تعطوا المثل الصالح لعيالكم في المحبة والتعايش ، هكذا كانت أبرشيتنا وهكذا ستبقى ، فشكراً لكم من القلب على محبتكم ، وإن غبتم عن ناظرَيَّ ستبقون دائماً في قلبي وذاكرتي وضميري ما دمتُ حيّاً ".
اضاف:" أنتم يا سيادة راعي الأبرشية ، فإنكم بهذا التكريم تضعون على كاهلي حملاً ثقيلاً ، لأن التكريم حق وواجب لسيادتكم ، فقد عرفناكم ورافقناكم منذ زمن طويل رسولاً ومبشّراً ، وعايشناكم مطراناً نشيطاً ومحباً وغيوراً على الأبرشية وأبنائها ، ورجل تنظيم وعمران ، خاصة حين نرى ما تمَّ إنجازه في عهدكم من بناء المطرانية في عكار ، ومشروع البادواني في كفرزينا ، ومشروع الميتم في كفرفو ، وإعادة ترميم الأكليريكية في كرمسدة لتصبح معلَما روحياً وعلمياً وحضارياً مهماً . أطال الله بعمركم ، فوجودكم على رأس الأبرشية خير وبركة لنا جميعاً .
اخيرا كانت كلمة راعي الابرشية المطران جورج بو جوده قال فيها:" بعدما إختارني مجمع أساقفة كنيستنا المارونيّة، برئاسة الرجل الوطني والكنسي المميّز البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير مطراناً على طرابلس، وبعد إنتخاب المونسنيور يوسف سويف مطراناً على قبرص، طلبتُ من الخوري بطرس أن يكون نائبي العام، فلبّى الطلب شاكراً وواعداً بتقديم أيّة خدمة للكنيسة. فبقي بابه مفتوحاً أمام الجميع حتى الذين كانوا يزعجونه بطلباتهم، وبحضورهم الذي لا ينتهي، آخذين من وقته الثمين، وعندما كنتُ أطلبُ منه أن يرتاح قليلاً ويحدّد وقت الزيارات، يجيبني: لا يمكنني أن أتركهم ينتظرون لأنّهم بحاجة إلى هذه الخدمة كأبناء للكنيسة.
أحبّ الخورأسقف جبور كنيسة مار مارون فكرّس قدّاسه اليومي فيها، وجمع المشاركين فيه وإلتقاهم في صبحيّات روحيّة حول فنجان قهوة يتداول فيها أطراف الحديث فيطلعونه على أخبار الرعيّة وقد أصبح مرشدهم يستشيرونه في أوضاعهم العائليّة طالبين منه إرشاداته وتوصياته، وصار في الوقت عينه مرشداً لأقليم كاريتاس طرابلس ولجمعيّة مار منصور، يحضر إجتماعاتهم الدوريّة ويعطيهم الثقافة الروحيّة والإجتماعيّة للإهتمام بالفقراء والمعوزين كي يعتبروهم الأعضاء المتألّمة في جسد المسيح، على ما كان يقول القديس منصور دي بول".
اضاف:" كلمتي الأخيرة في المونسنيور جبور هي كلمة محبّة وتقدير وشكر على كل ما قام به خلال هذه السنوات الستّين من خدمته الكهنوتيّة بالتعاون معي ومع أسلافي الأساقفة الذين تعاقبوا على خدمة أبرشيّة طرابلس من عهد المطران أنطون عبد إلى عهد المطران أنطون جبير وصديقه المطران جبرائيل طوبيا والمطران يوحنا فؤاد الحاج. وإنّي بهذه المناسبة السعيدة مرور ستين سنة على سيامته الكهنوتيّة أتمنّى له العمر الطويل مردّداً قول الليتورجيّة قائلا: "لسنين عديدة يا سيّد".
من ثم سلم المطران بو جوده الخوراسقف جبور رسالة البركة التي ارسلها له البطريرك الراعي في مناسبة تكريمه، ومن ثم درعا تكريمية باسم الابرشية لعطاءاته وتضحياته في سبيل الكنيسة والمجتمع وابرشية طرابلس المارونية. ووزع كتب يتضمن كلمات عن الخوراسقف جبور لاشخاص عايشوه وعملوا معه طيلة خدمته الكهنوتية. وفي الختام اقيم حفل كوكتيل.