مفكر مسيحي معروف يصبح نائب رئيس حزب الإخوان المسلمين في مصر

 «المصري اليوم»
يرتبط الدكتور رفيق حبيب، المفكر المسيحى المعروف، بعلاقة قديمة مع جماعة الإخوان المسلمين، وليست وليدة اختياره نائباً لرئيس حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، ولم يكن اختياره لهذا المنصب الحزبى مفاجئاً للمراقبين، لأن حبيب باحث مرموق فى تيار الإسلام السياسى منذ زمن طويل.

وينتمى حبيب إلى الطائفة الإنجيلية «البروتستانت»، وليس الكنيسة الأرثوذكسية كما يعتقد البعض، ورغم ذلك فإن قبوله منصب نائب رئيس حزب الإخوان، لقى استهجان ورفض معظم الطوائف المسيحية فى مصر، حسب قوله، مشيراً فى حواره مع «المصرى اليوم» إلى أن فلسفة قبوله المنصب هى محاولة لطمأنة المسيحيين من تيار الإسلام السياسى المعتدل الذى تمثله جماعة الإخوان، لافتاً إلى أن المسيحيين لديهم مخاوف غير حقيقية من الجماعة ستثبت الأيام المقبلة عدم صحتها، بعد أن أصبحت الجماعة جزءا وواقعاً رسمياً من الحياة السياسية فى مصر، وإلى نص الحوار:

■ كيف جاءت فكرة اختيارك نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة؟

- الفكرة جاءت من مجموعة المؤسسين، عندما بدأ التفكير فى اختيار كوادر للحزب فى المرة الأولى فقط، من رئيس الحزب، والنائب، والأمين العام، فأثيرت القضية فى اختيار نائب ثان يكون من خارج الإخوان من المؤسسين الآخرين، وهذه القضية لم تثر إلا بعد انضمامى كعضو مؤسس، فكان قرار اختيارى نائباً لرئيس الحزب.

■ ألا ترى أن اختيارك ثم موافقتك على تولى منصب قيادى فى حزب ينتمى إلى جماعة إسلامية وأنت مسيحى الديانة شكل مفاجأة، فعلى أى أساس كانت الموافقة؟

- موافقتى على تولى منصب نائب رئيس الحزب، جاءت بناء على عدة أشياء، أولها هى أن البرامج السياسية القائمة على المرجعية الحضارية الإسلامية هى الأكثر تعبيراً عن المجتمع، لأنها القائمة على هوية المجتمع المصرى سواء مسلمين أو مسيحيين، والبرامج التى تعبر عن هذا الجانب الحضارى، وتلتزم بالمرجعية بما فيها القيم والمبادئ الموجودة فى المجتمع- تمثل تجربة مهمة، وهى العمل السياسى من خلال الخصوصية الحضارية، وهذه التجربة يمكن أن تبنى دولة تعبر عن المجتمع وعلاقته الجديدة مع الدولة، والدولة التى كانت قائمة فى ظل النظام السابق هى بحكم الدستور دولة إسلامية، وبحكم الممارسة علمانية، وبالحكم الفعلى هى علمانية مستبدة، لأن النخبة الحاكمة كانت تحكم حكما علمانيا مستبدا، وبالتالى هناك تجربة مهمة غابت عنا طوال ٦ عقود ماضية، وهى بناء نظام سياسى يضع فى اعتباره طبيعة المجتمع وخصائصه الفنية والثقافية والحضارية، الشىء الثانى أنه عندما تقوم الجماعة مثل الإخوان بتأسيس حزب سياسى لها، فهو مسألة مهمة فى ظل إقرار الجميع بأن الحزب يجب أن يكون مستقلا عن الجماعة، والسبب الثالث أن مصر مقبلة على تحديات كثيرة ومرحلة انتقالية ووضع دستور جديد، والسبب الأهم هو وجود فجوة حقيقية بين الجماعة المسيحية والتيار الإسلامى.

■ كيف، وما طبيعة هذه الفجوة؟

- أولا الجماعة المسيحية لديها تصورات وهواجس تجاه التيار الإسلامى، أولها أنها تراه وكأنه كيان واحد، وتتصور أن نموذج تنظيم القاعدة هو المعبر عنه، وعندما تسأل أى مسيحى: لماذا تخشى التيار الإسلامى؟ يبدأ فى طرح مخاوفه ويتحدث عن أكثر فرق التيار الإسلامى تطرفا، وهى أساساً فرق ليست لها شعبية، وطبيعة المجتمع المصرى لا تتكيف مع حالة التطرف، الأمر الثانى أن الجماعة المسيحية ترى صورة لجماعة الإخوان المسلمين مختلفة تماماً عن حقيقة وواقع الجماعة، وبحكم بحثى ودراستى عن الإخوان أدركت وجود فجوة هائلة بينها وبين الجماعة المسيحية، وربما عندما يعلم المسيحى بحقيقة الواقع يقبله أو يرفضه، لكن الأهم أن يعرفه أولا.

■ لكن جماعة الإخوان المسلمين معروف أنها تقف فى معسكر الاعتدال والوسطية، فلماذا الخوف منها ووضعها فى سلة واحدة مع الجماعات المتطرفة؟

- الإخوان جماعة مركزية فى التيار الإسلامى الوسطى المعتدل الذى يعتبر تياراً أساسياً فى المجتمع، وفى ظل وجود مشكلة بين الجماعة المسيحية والإخوان، فالمجتمع المصرى أمام مشكلة حقيقية لأن بينهما خصومة، وبالتالى لا يمكن أن نصل إلى أى وحدة وطنية، وكل هذه الأسباب جعلتنى أرى أن وجودى فى مشروع ينتمى إلى التيار الإسلامى الوسطى المعتدل، مثل حزب الحرية والعدالة مسألة مهمة، ويمكن أن يكون قرارى بقبولى منصب نائب رئيس الحزب، رغم ما فيه من مشكلات والرفض الهائل من المسيحيين للقرار، فإننى أعتبر أن قرارى بمثابة جسر بين مكونات المجتمع الذى لن يعيش فى سلام إلا بتحسن العلاقة بينهما.

■ لكن هل معنى ذلك أن الجماعة المسيحية تؤيد الحزب سياسياً؟

- لا، هذا لا يعنى أن المسيحيين يؤيدون حزب الحرية والعدالة سياسياً، لكن وجودى ضمن المجموعة القيادية للحزب يتيح لى المشاركة فى التفكير والتخطيط له، وأعرض وجهة نظرى أمام المشكلات التى قد يواجهها المشروع الإسلامى، وطبيعة الحركات الإسلامية، ولدىّ تصور أمام أوضاع المسيحيين فى مصر، وهذا ليس معناه التأييد السياسى لكن معناه القبول بالتعايش الواحد لأن التأييد السياسى شىء آخر.

■ ما أبرز المشاكل التى واجهتك بعد قبولك منصب نائب رئيس الحزب؟

- هذه المشاكل ظهرت عقب سؤالى من أحد الصحفيين، حول إمكانية الانضمام للحزب، فقلت إننى مدعو للاشتراك وأفكر فى هذا الأمر، فبدأت حملة الهجوم علىّ من الجماعة المسيحية.

■ وما أسباب هذا الهجوم فى رأيك؟

- هناك سببان، الأول هو أنهم يرون أن «الإخوان» عندما تؤسس حزبا سياسيا فهو سينتقص من حقوقهم ومكانتهم فى مصر ويجعلهم مواطنين درجة ثانية، وأنا بحكم علاقتى بـ«الإخوان» أعلم أن هذا التصور من الجماعة المسيحية خطأ، والسبب الثانى أنه بمجرد الحديث حول الحضارة الإسلامية فهذا التعبير فيه شىء من العقيدة، فهم يرون أن المسيحى لا يمكن أن يكون جزءا من الحضارة الإسلامية، بمعنى لا يمكن أن تكون مسيحياً ومنتميا للحضارة الإسلامية، وهذه المقولة هى مستحدثة على مسيحيى مصر الذين لم يعرفوها من قبل، وهى نتاج العقود الماضية، لأن قبل ثورة ٢٣ يوليو، كانت هناك مقولة مكرم عبيد الشهيرة «أنا مسيحى دينا ومسلم حضارة»، وهذا التعبير لا يستطيع أحد أن يقوله الآن،

وبالتالى الجماعة المسيحية رأت أنه يمكن للمسيحى أن ينتمى للهوية المصرية، رغم أن الحضارة الإسلامية ليست قضية عقيدة، ولذلك فإن انتماء المسلم للإسلام باعتباره دينا وحضارة، يقابله انتماء المسيحى للمسيحية كدين والحضارة الإسلامية كحضارة، وهذا النموذج موجود عند العلماء المسيحيين الذى أسهموا فى بناء الحضارة الإسلامية، وبارز بعمق شديد فى لبنان، ورجل الدين المسيحى فى لبنان وسوريا يتكلم عن الحضارة الإسلامية بمنتهى الحرية، والكل يفهمه، لكن هناك مشكلة حدثت فى مصر أظن أنها طارئة، لأنه إذا كان أغلب المسلمين فى مصر يرون أنهم ينتمون للحضارة الإسلامية، والمسيحيون يرون أنهم لا ينتمون لها، فنحن أمام ازدواجية حضارية، ولا أعتقد أن المجتمع المصرى لديه ازدواجية.

■ هل واجهتك مشاكل أخرى بسبب قبولك هذا المنصب؟

- الجزء الأكبر من الاعتراضات كان عند دخولى الحزب كعضو مؤسس، لكنها قلت عقب اختيارى من ضمن قيادات الحزب، لأن بعض المسيحيين رأوا أنه إذا كانت هناك جدية من الحزب لاختيار مسيحيين فى المستوى القيادى، فهذا أمر إيجابى.

■ هل تحدثت مع مسيحيين من طوائف أخرى مثل الأرثوذكسية أو الكاثوليكية فى قبول المنصب؟

- المسيحيون الذى تحدثت معهم من طوائف مختلفة، وبالتالى سمعت آراءهم جميعا وليس هناك فروق بينهم، وكلهم فى الخوف واحد، وأنا اندهشت عندما وجدت أن القصص التى تحكى عن مخاوف المسيحيين من التيار الإسلامى واحدة، وبعضها منتج غير مباشر لوسائل الإعلام، مثل «إذا قتل مسلم مسيحياً لا يعاقب، لكن يعاقب المسلم إذا قتل مسلما، والمسيحى إذا قتل مسيحياً»، وتجد من يقول لك إن هذه هى الشريعة الإسلامية، وهو غير صحيح وقد يكون قد قال ذلك فريق متطرف من التيار الإسلامى، لكن باقى التيارات والجماعات لم تقل به، والشريعة الإسلامية أيضا، لكن أن يتفق المسيحيون مع هذه المعلومة فهذا أمر مذهل، وتقترب الجماعة المسيحية من هذه الأقوال وتتعامل معها كأنها حقيقة مؤكدة، وهذا أمر يعنى أننا أمام مشوار طويل جدا، وإن كنت أرى أن المجتمع المصرى بعد ٥ سنوات سيكون مجتمعا آخر.

■ هل ترى أن مخاوف الأقباط زادت بعد الثورة من التيار الإسلامى؟

- كان لدى الأقباط خوف دائم من التيار الإسلامى، وكانت لديهم قناعة بأن وجود النظام السابق يحول دون استطاعة التيار الإسلامى أن يفعل شيئاً، لكن سقط النظام فأصبح التيار الإسلامى جزءا من الواقع، ويمكن أن يشكل أحزابا ويصل إلى الحكم، وواجه المسيحيون هذه الحقيقة، وتندهش أن الانطباع فى أول أيام الثورة كان إيجابياً، والمقولة السائدة لدى المسيحيين أننا لا نخشى من أحد، ولا إخوان ولا سلفيين.

■ لكن المسيحيين عبروا عن مخاوفهم صراحة من صعود التيار الإسلامى؟

- كان التعامل بعد الثورة إيجابياً إلى أن حدث نوع من الحشد فى التعديلات الدستورية. فالمسيحيون تم حشدهم فى اتجاه رفض التعديلات، وتحمسوا لأن يكونوا كتلة تصويتية مؤثرة، لكن نتيجة التعديلات بالموافقة أصابتهم بإحباط، فأعادتهم إلى الوراء، ثم وقعت حادثة أطفيح، وبعدها حادثة إمبابة ليعودوا إلى الوراء أكثر، لكن التقدم الذى يجب ألا ننساه هو أن التقدم إلى الأمام حدث ويمكن أن يتكرر مرة أخرى.

■ كيف يمكن أن يتكرر التقدم مرة أخرى وتدرك الجماعة المسيحية أن التيار الإسلامى، خاصة المعتدل، ليس خطراً عليها كما تعتقد؟

- يمكن تكراره بشروط، منها الحرية السياسية، والاحتكام للصناديق الانتخابية، وخروج المسيحيين إلى الشارع سواء كمتظاهرين أو مشاركين فى أحزاب سياسية، وإعادة تموضع الكنيسة فى علاقتها الإدارية مع الدولة وبعدها عن المجال السياسى، كل هذه الأشياء مع بداية الاستقرار وتوافر الأمن، هو بداية العملية السياسية، وهنا ستحدث المواجهة والمقابلة والاختلاف، ويمكن أن يتبنى حزب رأياً، وحزب آخر رأياً مختلفاً، ونبدأ حواراً على قوانين يمكن أن تصدر، وتجعل هذه الشروط من المسيحى «فاعل» كما كان قبل ثورة ٢٣ يوليو، وهذا النموذج رأيناه من قبل، وعندما يعود إلى الفاعلية ستقل مخاوفه.

■ هل ترى أن فاعلية الجماعة المسيحية فى العمل السياسى وبداية نشاط حزب الحرية والعدالة ستؤدى إلى تقليل المخاوف لدى الأقباط؟

- يجب أن نلاحظ أنه لأول مرة نجد المسيحيين يتكلمون عن الإخوان والسلفيين، ويسألون عن الفرق بينهما، وقبل ثورة ٢٥ يناير ما كان أحد يعرف الفرق إلا أقل من ١%، لكن الآن مجرد طرح السؤال يعنى أنه يريد أن يعرف.

■ ما أهم التحديات التى ترى أنها تقف أمام نجاح حزب الحرية والعدالة؟

- الحزب أمامه تحديات كبيرة، منها أن يعرف كيف يتحرك وتكون العلاقة مع الجماعة هى علاقة الرؤية المشتركة، واستقلال مالى وإدارى كامل، وأن يستطيع أن يقدم حلولا لمشكلات فى المجتمع، وأن يقدم برنامجا سياسياً متميزاً من عنصرين، الأول يتفق مع الجميع والثانى يميزه عن غيره، وأن يتفاعل بشكل إيجابى مع الأحزاب الإسلامية الأخرى، وهذا وارد بالتأكيد، لأن التفاعل سيؤدى إلى ترشيد المشروع الإسلامى ككل، والبعض يندهش من العلاقة بين الإخوان والسلفيين، لكن كليهما يعتمد على الشريعة الإسلامية، رغم الاختلاف بينهما، كما أتوقع أن يكون الحزب من الأحزاب الكبرى، باعتبار أن مصر بعد سنوات ستكون بها أحزاب كبرى، ومتوسطة، وصغيرة، وكل حزب سيكون له دور، لأن فى كل الديمقراطيات حتى الحزب الصغير يستطيع أن يقوم بدور، والأحزاب الكبرى ستكون عليها مسؤولية كبيرة فى المحافظة على تقدم وتطور المجتمع، وأنا أتصور أن الأسس، التى يقوم عليها حزب الحرية والعدالة تضمن له النجاح.

■ ما صلاحياتك داخل الحزب كنائب للرئيس؟

- اللائحة الأساسية للحزب جعلت لرئيس الحزب نائباً أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويوزع الملفات المهمة عليهم، وعندما يكون الحزب قانونياً ستحدث هذه الخطوة، ووجود نائب للشؤون السياسية وآخر للعلاقات الخارجية كان موجودا فى إحدى المسودات، لكن تم الاتفاق على أن تلغى، وتوزع الاختصاصات من رئيس الحزب على نوابه، ويعرض هذا على المكتب التنفيذى، ويجوز أن يكون أكثر من نائب واللائحة حددت أن يكونوا من ٣ إلى ٤ بحد أقصى، ونحن كمجموعة قيادات الحزب لم نجلس لمناقشة قضية الاختصاصات حتى الآن.

■ فى تقديرك ما آليات الفصل بين الجماعة والحزب؟

تمت مناقشة العلاقة بين الجماعة والحزب، لأن هذا الموضوع مهم، وتم تحديده على ٣ مستويات، الأول: أن الرؤية السياسية مشتركة وأن برنامج الحزب عبر عنها، والثانى: أن الحزب مستقل كاملاً مالياً وإدارياً عن الجماعة، والثالث: أن العلاقة تنسيقية بين حزب سياسى وجماعة دعوية تمثل القاعدة المنظمة له والداعم التصويتى له، ويتم التنسيق بينهما من خلال لجنة تنسيقية، مثلما ستكون هناك لجان للتنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وكل هذه الأمور سوف تطرح فى النهاية على مؤسسة الحزب، وهى صاحبة القرار النهائى.

■ ما دور الجماعة تحديدا بعد تأسيس الحزب وهل ستتجه فعلا إلى العمل الدعوى وتترك السياسة للحزب؟

- الحزب أصبح مكلفاً بالدور السياسى، وهو التنافس فى الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، وسوف يظل دور الجماعة، كهيئة إسلامية جامعة، تعمل فى المجال الدعوى والسياسى العام، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان وقضايا الوطن الكبرى، وستكون النقابات والنشاط الطلابى تحت مسؤولية الجماعة، لأن النشاط النقابى والطلابى جزء من النشاط المجتمعى، وبالتالى هو يخص الجماعة أكثر من الحزب، وسيكون للجماعة النشاط الخيرى والاهتمام بالأنشطة الثقافية والإعلامية التى تعبر عن رؤيتها، وبالتالى نستطيع أن نقول إن نشاط الجماعة لن يتغير عدا المشاركة فى الانتخابات التى هى مسؤولية الحزب.

■ الجماعة أكدت أكثر من مرة أنها لن ترشح أحداً فى انتخابات الرئاسة المقبلة. كيف ترى أزمة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادى بالجماعة، الذى أعلن نيته الترشح؟

- القضية لها عدة جوانب، منها أن الجماعة أعلنت فى ١٠ فبراير الماضى، وقبل سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، أنها لن تخوض انتخابات للرئاسة، وألزمت نفسها بذلك أمام المجتمع المصرى والدولى بأن الرئيس القادم لن يكون من الإخوان، وعندما بدأ أبوالفتوح يفكر وضع الجماعة فى حرج، لأنه ليس وجهاً عادياً، كما أنه لم يعلن ترشحه مستقلا، لكنه مازال على أفكار الجماعة، وهذا الأمر فى رؤية المجتمع إخلال بوعد الجماعة، وهى أمام هذا الحرج لن تستطيع إجبار أبوالفتوح على موقف، لذلك فهى تتشدد، وخوفها من أن يقال إنها مناورة دفعها إلى الإعلان عن عزمها اتخاذ إجراءات تنظيمية وإدارية ضد من يخالف قرارها.

■ هل ترى أنها أزمة داخل الجماعة؟

- بالتأكيد أزمة، لأن أبوالفتوح وضع الجماعة فى حرج، وهناك شباب من الإخوان سيدعمونه، والجماعة تسعى لاتخاذ قرار تجاههم، ولن تستطيع أن تغير رأيها، كما تقدر أن الظرفين الإقليمى والدولى لا يسمحان بترشحها فى انتخابات الرئاسة، كما أنه ليس من سمات المرحلة الانتقالية التى يجب أن تتضافر فيها كل الجهود.

■ وكيف ستتعامل الجماعة مع أبوالفتوح؟

- ليس أمامها إلا الالتزام التنظيمى، وأبوالفتوح نفسه قال إذا ترشحت فسوف أستقيل من الجماعة، لأن هذا سيؤدى إلى أن الجماعة ستمنع أعضاءها من المشاركة فى حملته وتدعيمه، وتعطى تعليمات واضحة لقواعدها بعدم تأييده، لكن الأمر غير واضح الآن: هل حزب الحرية والعدالة سيدعم مرشحاً معينا، وفى هذه الحالة ستدعم الجماعة بقواعدها المرشح الذى سيدعمه الحزب، وبالتالى ستكون الجماعة مع مرشح آخر غير أبوالفتوح، وحتى الآن الصورة غير مكتملة ولا نعرف القائمة النهائية، خاصة أننى لا أتصور أن يترشح أبو الفتوح ود. محمد سليم العوا فى الوقت نفسه، وهناك العديد من الأسماء المطروحة، ولا نعرف من سيحصل على الشروط المطلوبة للترشح. كل هذه الاعتبارات تجعلنا لا نعرف كيف ستتصرف الجماعة، والمشكلة أن المأزق الذى وضعت فيه الجماعة أنها لا تضطر أن تكون فى موقف ضد أحد منها، وهذا أمر كان ينبغى تجنبه والقرار هنا فى يد أبوالفتوح، وقرار الجماعة بعدم ترشيح أحد فيه مصلحة لمصر على المستوين الإقليمى والدولى.

■ هل هناك أى حوارات بين مكتب الإرشاد وأبوالفتوح فى هذا الشأن؟

- هناك حوارات لحل الأزمة، وهناك بالفعل رسائل رسمية بين مكتب الإرشاد وأبو الفتوح، وبين الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة وأبو الفتوح، لكن حتى الآن لم تحدث تفاهمات.

■ المرشد العام كلف نائبه المهندس خيرت الشاطر، بتطوير الجماعة، فمتى تظهر اللوائح الجديدة الداخلية المعدة عن هذا التطوير؟

- الجماعة تواجه أمرين، الأول: تغيير اللائحة الداخلية لها، لتناسب المناخ الجديد، عن طريق إعطاء أدوار لمجلس شورى الجماعة العام بحيث يستطيع أن يجتمع، ومراجعة نشاط الأقسام النوعية، ويجب أن نتذكر أن أكثر درجة حصار للجماعة التى تعرضت لها كان خلال السنوات الخمس الماضية، والثانى: تكييف وضع الجماعة قانوناً، وأعتقد أن الحل هو تغيير القانون الحالى للجمعيات الأهلية ووقتها ستتحول الجماعة إلى جمعية أهلية، وأنا أرى أنه يجب أن يشمل القانون الجديد بابا للتنظيمات الشعبية.

■ وإلى أين وصل المهندس خيرت الشاطر فى مهمته؟

- مازال فى مرحلة جمع الاقتراحات، والحوار بكل الطرق حولها، وهناك مجموعة تصنف هذه الاقتراحات، لأنها أصبحت هائلة، وبعد ذلك تتجه الجماعة إلى وضع صياغة، وأعتقد أنها أمامها شهور.

■ وهل ستعلن اللائحة الداخلية الجديدة للجماعة؟

- أعتقد أنها ستعلن لأن اللائحة التى تعمل بها الجماعة حالياً منشورة على موقعها الإلكترونى.

■ هل كان لك دور فى إقناع المسيحيين المؤسسين المنضمين لحزب الحرية والعدالة؟

- أنا شخصياً لا أعرفهم ولم أساهم فى إقناعهم، وهم ليس بينهم شخصيات معروفة إعلامياً، وتمت دعوتهم من خلال الإخوان الذين جمعوا توكيلات من المسيحيين.

■ هل هناك اتصالات بدأت بين الجماعة، وأمريكا، والدول الأوروبية، أم أنها لا تزال ترفض هذا المبدأ؟

- أعتقد أن الدول الغربية مازالت تدرس كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية ومنها الإخوان بعد أن وصلت العلاقة بينهم إلى قطيعة، منذ أيام الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش، لدرجة أن معظم الدول الغربية كانت ترفض أن يتم أى حوار رسمى مع الإخوان إلا من خلال النواب البرلمانيين، واللقاءات التى تحدث عابرة ومعظمها تشارك فيها قوى سياسية أخرى.

■ لكن، هناك من يرى أن الحوار والتواصل قادمان لا محالة؟

- بالتأكيد الحوار قادم، لأن الدول الغربية اقتنعت بأن التيار الإسلامى واقع لا مفر منه، وإن كانت لا تتمنى أن يصل إلى الحكم، وهى حتى الآن لم تضع استراتيجية للتعامل معه، وفى تقديرى أنها مازالت فى مرحلة الارتباك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق